logo
#

أحدث الأخبار مع #روو

بايرو يوقظ الجدل حول الـ "إسلاموفوبيا" داخل السلطة الفرنسية
بايرو يوقظ الجدل حول الـ "إسلاموفوبيا" داخل السلطة الفرنسية

Independent عربية

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • Independent عربية

بايرو يوقظ الجدل حول الـ "إسلاموفوبيا" داخل السلطة الفرنسية

في سابقة لافتة، فجّر رئيس الحكومة الفرنسية فرانسوا بايرو جدلاً حاداً داخل المشهد السياسي حين تحدث علناً عن تصاعد مظاهر الـ "إسلاموفوبيا" في البلاد، مستخدماً مصطلحاً لطالما تحاشته النخبة السياسية الفرنسية. وقوبل تصريح بايرو، الذي وصف الظاهرة بالمقلقة، برفض صريح من بعض وزرائه الذين أنكروا وجود جو معاد للمسلمين أو شككوا في دقة التوصيف، وهذا الانقسام داخل السلطة التنفيذية لا يعكس مجرد خلاف في المصطلحات بل يكشف عن أزمة أعمق في خطاب الدولة تجاه مسلميها، وعن توتر مستمر بين مبادئ العلمانية ومقتضيات العدالة الاجتماعية والتعددية الثقافية. وفي هذا الخصوص يتهم "اليسار الفرنسي" ممثلاً في نواب "الجبهة الشعبية الجديدة"، وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو بتبني مواقف معادية للمسلمين في البلاد، ويشددون على أنه يتبنى خطاباً تحريضياً يستهدف المسلمين والمهاجرين على السواء، مما يفاقم التوترات الاجتماعية ويعزز مشاعر العداء. العلمانية والـ "إسلاموفوبيا" يعتبر هذا المصطلح في بعض الأوقات عرضة للتحريف أو التفسير الانتقائي، إذ يظل الحديث عن الـ "إسلاموفوبيا" موضوعاً حساساً تتداخل فيه كثير من الأبعاد السياسية والاجتماعية والدينية، مما يثير الجدل ويضع مناقشة قضايا العداء ضد المسلمين في موقع صعب ومعقد. وتتزايد هذه الظواهر على خلفية تعقيدات المجتمع الفرنسي، حيث يمكن لأي خطاب يدور حول الإسلام والمسلمين أن يتحول إلى أرضية خصبة للاتهامات المتبادلة، فهناك من يعتقد أن الحديث عن الـ "إسلاموفوبيا" يعزز الانقسامات الاجتماعية ويشجع على نمو التشدد، سواء في صفوف المسلمين أو في الأوساط المعادية للإسلام، وهذا التوتر يمكن أن يؤدي إلى انحراف النقاش نحو مسارات أكثر تعقيداً، إذ يُخلط بين النقد البناء والمراجعة الجادة لمواقف المجتمع، وبين استخدام المصطلح للتغطية على ممارسات سياسية مشكوك فيها. ومع مرور الوقت أصبح المصطلح ذاته جزءاً من النقاشات الحادة في فرنسا، بخاصة بعد الهجمات الإرهابية التي هزت البلاد خلال الأعوام الأخيرة، وفي بعض الأوساط ينظر إلى الحديث عن الـ "إسلاموفوبيا" على أنه تسليط الضوء على مظاهر العدائية الممنهجة تجاه المسلمين أو الإسلام في المجتمع الفرنسي. ومن جهة أخرى فهناك من يراه أداة يستخدمها بعضهم للضغط السياسي أو خلق مساحات من التعاطف مع تيارات دينية أو سياسية بعينها، مثل جماعة "الإخوان المسلمين" أو الحركات الإسلامية المتطرفة، وفي حوار مع رئيس تحرير موقع "لوفيغارو" فنسان روو، أوضح أن مصطلح الـ "إسلاموفوبيا" يستخدم من أطراف متطرفة أو من بعض الأشخاص الذين لا يوظفون العلمانية، بل يستغلون مكافحة العنصرية لأغراض سياسية، فمنذ الثمانينيات بدأوا يستعملون مصطلح "فوبيا" إضافة إلى عدد من المصطلحات الأخرى، لا بهدف تغذية النقاش أو وصف واقع معين، بل بغرض تشويه صورة خصومهم والتقليل من شأنهم. كما يشير روو إلى أن مصطلح الـ "إسلاموفوبيا" يستخدم من قبل بعض الأحزاب السياسية، ومن فئة من "اليسار" كأداة لتوظيف قضية مكافحة العنصرية بما يخدم أجنداتهم الأيديولوجية الخاصة، ويرى أن العلمانية أصبحت تستخدم ضمن هذا السياق، إذ تقدم كأداة لمحاربة التمييز والعنصرية، وهي قيمة أساس يتشبث بها قطاع واسع من الفرنسيين، بمن فيهم جزء كبير من اليسار والرأي العام، وهذا التمسك تعزز منذ تسعينيات القرن الماضي كرد فعل على رفض بعض النشطاء الإسلاميين مبادئ الدولة العلمانية. ​​​​​​​ويعتبر روو أن قوة مفهوم العلمانية تبرز بخاصة في السياقات التي تشهد انغلاقاً جماعياً أو طائفياً، إذ يرفض التقليد الجمهوري الفرنسي هذا الانغلاق من خلال التشبث بمبدأ العلمانية. وبالنسبة إلى روو فإن العلمانية قيمة عليا غير قابلة للمساومة، ومع ذلك يثير هذا التوجه نقاشاً دائماً في فرنسا، إذ يرى بعضهم أن هذه العلمانية أصبحت متشددة وأحياناً تعكس ثقافة مهيمنة تتجاهل أو تقصي الإرث الديني والثقافي لمجتمعات أخرى، ولا سيما المسلمين. دوافع سياسية أعمق وعندما يتناول بعضهم قضية الـ "إسلاموفوبيا" في فرنسا فغالباً ما يرتبط هذا الحديث بالصراعات السياسية، ففي إطار الاستقطاب السياسي الذي يعصف بالبلاد ينظر إلى تلك النقاشات على أنها جزء من معركة أكبر حول الهوية الوطنية والعلاقات بين الأديان، وفي بعض الأحيان يُتهم من يتحدث عنها بأنه يروج لأجندات دينية سياسية لا تلتزم بالعلمانية الفرنسية، بينما يرى بعضهم أن الحديث عنها قد يخلق صورة سلبية عن المجتمع الفرنسي نفسه، ويعزز مشاعر العداء تجاه الهوية الفرنسية. ومن جهة أخرى فهناك من يرى أن هذا النقاش يعد أمراً ضرورياً لمواجهة التحديات الحقيقية التي يواجهها المسلمون في فرنسا، فالـ "إسلاموفوبيا" من هذا المنظور ليست مجرد قضية نظرية بل هي ظاهرة واقعية تتجسد في الهجمات الجسدية والتمييز الاجتماعي والمواقف السلبية المستمرة ضد المسلمين، وبالتالي يصبح النقاش حولها ضرورياً لتحفيز المجتمع على معالجة قضايا التهميش والاستبعاد الذي قد يواجهه بعض المواطنين بسبب انتمائهم الديني أو الثقافي. وحول سؤال لماذا يرفض بعض المسؤولين الفرنسيين استخدام مصطلح الـ "إسلاموفوبيا"؟ وهل هو خلاف لغوي أم أن خلفه دوافع سياسية أعمق؟ يرى القيادي في "حزب الخضر" ونائب عمدة مدينة بانيو في ضواحي باريس، فريد حسني، أن هذا الرفض لا يمكن فصله عن إنكار ممنهج لتحولات ديموغرافية واجتماعية تعيشها فرنسا، وفي مقدمها صعود الإسلام كدين ثان في البلاد، وهو واقع تؤكده الدراسات والمعطيات الإحصائية الرسمية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويعتبر حسني أن هذا الإنكار يعكس حالاً من الارتباك والانقسام داخل الحكومة الفرنسية نفسها، مشيراً إلى غياب الانسجام بين أعضائها ولا سيما في المواقف المتعلقة بالخطاب حول الـ "إسلاموفوبيا"، ويضرب مثالاً بوزير الداخلية الحالي برونو روتايو الذي يعارض استخدام مصطلح الـ "إسلاموفوبيا"، في مقابل تيار آخر داخل الحكومة لا يرى مانعاً من تبنيه بل يعتبره توصيفاً دقيقاً لنوع من العنصرية التي يجب التصدي لها. ويضيف حسني أن هذا التباين ليس بريئاً بل يرتبط بحسابات سياسية ضيقة، بخاصة في ما يتعلق بطموحات وزير الداخلية داخل حزبه، إذ يعتقد أن تشديد خطابه حول الـ "إسلاموفوبيا" يمكن أن يُكسبه تعاطف جزء من اليمين المتطرف استعداداً لأي استحقاق رئاسي محتمل. ويحذر حسني من أن هذا الخطاب يسهم في تعميق الانقسامات داخل المجتمع الفرنسي بدلاً من أن يعزز التماسك الوطني، مشدداً على أن توظيف الإسلام كأداة للصراع السياسي يعد انزلاقاً خطراً. ويختم نائب عمدة مدينة بانيو بتأكيد ضرورة أن تنسجم مواقف الحكومة الفرنسية مع الدعوات الدولية، ولا سيما تلك الصادرة عن الأمم المتحدة والتي أقرت الـ 15 من مارس (آذار) كل عام يوماً عالمياً لمناهضة الـ "إسلاموفوبيا"، داعياً باريس إلى الدخول الجدي في هذا المسار الحقوقي العالمي. توازن دقيق ويتطلب النقاش حول الـ "إسلاموفوبيا" في فرنسا توازناً دقيقاً بين حرية التعبير عن الرأي والمسؤولية في تجنب نشر الخطابات التي قد تُستغل لتحقيق أهداف سياسية أو دينية معينة، فقد يكون الحديث عن الـ "إسلاموفوبيا" محط جدل لكنه في الوقت ذاته يفتح المجال للبحث عن حلول جذرية لآثار العداء ضد المسلمين، ولهذا يجب أن يتسم النقاش بالتعقل والبحث الموضوعي بدلاً من تحويله إلى أداة للتشويش أو تحقيق مكاسب سياسية أو دينية، فمعالجة الـ "إسلاموفوبيا" ليست فقط مسألة سياسية أو دينية، بل هي جزء من بناء مجتمع فرنسي قادر على التعامل مع تنوعه الثقافي والديني بطريقة عادلة ومتوازنة، ويجب أن يكون الهدف بناء جسر من الحوار والتفاهم بين مختلف الأطياف الاجتماعية والسياسية بعيداً من التعصب أو التحريض على العنف. وفي النهاية لا يمكن أن ينظر إلى الـ "إسلاموفوبيا" في فرنسا بصورة أحادية، بل يجب أن يعترف الجميع بوجود تحديات حقيقية تتطلب معالجة دقيقة وواقعية، كما أن من المهم أن يستمر النقاش حول هذه القضية ولكن بعيداً من الاختزالات أو التفسير الأحادي للمواقف.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store