أحدث الأخبار مع #ريبرتوار


الشرق الأوسط
١٤-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- الشرق الأوسط
رائعة كركلا «ألف ليلة وليلة» مجدداً في بيروت
كان يُفترض أن تُعرض مسرحية «ألف ليلة وليلة» للكبير عبد الحليم كركلا بدءاً من شهر يوليو (تموز) الماضي في العاصمة اللبنانية بيروت، بيد أن ظروف الحرب شاءت غير ذلك؛ تأجل الافتتاح الرسمي إلى أجلٍ غير مسمى، لكن التدريبات عادت، حتى قبل وقف الحرب، برغبة من المايسترو عبد الحليم كركلا. وها هي الفرقة تستعد لإطلاق عروض جديدة بدءاً من 11 أبريل (نيسان) الحالي على مسرح «الإيفوار»، لواحدة من أجمل وأمتع روائع كركلا. كركلا يبهر بمشهديات من قوس قزح (مسرح كركلا) مسرحية «ألف ليلة وليلة» هي بحق من جواهر ريبرتوار «فرقة كركلا». وقد عُرضت لأول مرة عام 2002، في قلعة بعلبك، خلال المهرجانات الدولية، ولقيت إعجاباً كبيراً، وجالت طوال الـ20 سنة الفائتة على مسارح عالمية عدة. عودة هذا العمل الساحر إلى بيروت فرصة جديدة لقطف المتع البصرية والسَّمعيَّة. عشرات الراقصين إلى جانب كبار الفنانين على رأسهم هدى حداد وجوزيف عازار (مسرح كركلا) وعلى «مسرح الإيفوار» الذي شيَّده كركلا لفرقته في حرش تابت في بيروت ليكون مقراً ومدرسة لفنون الرقص، سيتألَّق الراقصون بأزيائهم الأخَّاذة وهم يُعيدون على المسرح إحياء تلك القصة الشهيرة التي أصبحت عالمية، بأبعادها التراثية العربية وامتداداتها في التراثين الهندي والفارسي، وهو ما نراه حاضراً في الموسيقى والأزياء والخطوات الراقصة. ألهمت قصة «شهرزاد» و«شهريار» عبد الحليم كركلا كما ألهمت مبدعين كُثراً حول العالم، وأثَّرت بشكل كبير في الأدب العالمي والثقافة الشعبية، بعناصرها الغنية؛ من الحكواتي إلى جمهور الشارع وقصص السندباد وشهرزاد وعلاء الدين، التي أغنت أخيلة الشعوب ومبدعيهم. عمل يُخاطب الحواس كلها بالموسيقى واللون والحركة (مسرح كركلا) في «ألف ليلة وليلة» يكشِف مسرح كركلا النِّقاب عن سحر الشرق ليحيي حكايات الزمن الغابر، بأزياء تعكس سيمفونية من الألوان تتلألأ بلغة أجساد الراقصين على موسيقى «شهرزاد» لريمسكي كورساكوف، وموسيقى الـ«بوليرو» لموريس رافيل، حيث تتزاوج الآلات الغربية مع روعة الآلات الشرقية. فيما الموسيقى التراثية والحوار والإشراف العام لعبد الحليم كركلا. أما الكوريغرافيا فمن تصميم أليسار كركلا، والإخراج المسرحي لإيفان كركلا. قصة استلهمها كركلا كما فناني العالم من أخيلة «ألف ليلة وليلة»... (مسرح كركلا) يشترك في هذا العمل، إلى جانب راقصي مسرح كركلا، كبار نجوم المسرح والغناء، حيث تحضر غناءً وتمثيلاً هدى حداد، إلى جانب جوزيف عازار، والقدير غابريال يمّين، وسيمون عبيد، وكذلك ليا بوشعيا، مع الإطلالة المنتظرة دائماً على مسرح كركلا لعميد الفولكلور اللبناني عمر كركلا. كذلك يشارك في العمل فرنسوا رحمة، وجورج خوند، وأديب أبو حيدر. علماً أن مسرح كركلا يتعاون مع أهم الفنانين والتقنيين العالميين من رواد الفنون المسرحية والأوبرالية. وقد تجاوز عمر مسرح كركلا نصف قرن قدم خلالها مسرحياته الخلابة على خشبات أكبر المسارح ودور الأوبرا العالمية. بعد أن جابت مسارح العالم تعود «ألف ليلة وليلة» إلى الوطن (مسرح كركلا) عرضت فرقة كركلا أعمالها على مسرح «سادلرزويلز»، و«English National Opera House – الكوليزيوم»، و«مسرح بيكوك» في لندن، ومسرح «كينيدي سنتر» في واشنطن، ومسرح «كارنغي هول» في نيويورك، ومهرجان «سبولتو»، ومهرجان «وولف تراب» في الولايات المتحدة الأميركية، ودار أوبرا بكين (NCPA)، ومسرح «الشانزليزيه»، و«قصر المؤتمرات»، ومسرح «الأولمبيا» في باريس، و«مسرح أوساكا الوطني» في اليابان، و«دار أوبرا ريو دي جانيرو»، و«دار أوبرا فرانكفورت». وبطبيعة الحال أدت الفرقة عروضها في غالبية الدول العربية. تُقدم عروض «ألف ليلة وليلة» بإطلالتها الجديدة، تمام الساعة الثامنة مساء أيام الخميس والجمعة والسبت، بدءاً من يوم الجمعة 10 أبريل (نيسان) 2025.


جريدة الصباح
١١-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- جريدة الصباح
الداودية تطلق 'اللي ما جال'
أطلقت الفنانة الشعبية زينة الداودية عملها الغنائي الجديد بعنوان 'اللي ما جال' على قناتها الرسمية على 'يوتوب». وكانت من بين الأغاني، التي أطلقتها الداودية 'امبراطورة'، و'كي دايرة»، التي تعتبر إهداء منها إلى كل الأمهات، خاصة الذين يعيشون بعيدا ومن بينهم أبناء الجالية المغربية المقيمة بالمهجر. ويعد ريبرتوار


LE12
٣١-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- LE12
إسلام مغربي.. الإسلام يهدف بمعتنقيه للحياة الجامعة بين قوة الروح والمادة (الحلقة 30)
حفلت نصوص الإسلام وتعاليمه بالدعوة إلى مواجهة الحياة والاهتمام بها على دعائم مهذبة مشروعة وحث على الاستمتاع بها إجابة لداعي الفطرة والطبيعة التي لا بد أن تسير سيرها المتزن. وكان اهتمامه بها مدعاة لتأسيس الحياة نفسها. تقديم عبد الرزاق المراكشي : عُرف المغرب، منذ عهود، بإسلامه المعتدل، الذي يمتح من ينابيع قيَم التسامح والتكافل والتعاون التي طبعت الإنسان المغربي الأصيل، قائما على ركائزَ متينة تقوم على السجيّة المغربية، التي يسير وفقها كلّ أمر في الحياة بـ'النية '… اختارت لكم ' وقفات مع ثلّة من الأقلام المغربية التي أغنت ريبرتوار الكتابات التي تناولت موضوع الإسلام المعتدل الذي انتهجته المملكة منذ القدم، والذي أثبت توالي الأيام وما تشهده الساحة السياسية الدولية أنّ هذا الإسلام 'على الطريقة المغربية' لم يكن بالضّرورة قائما على 'الصّدفة (النيّة) بل تحكمه أعراف وقوانين وتشريعات واضحة المرجعيات والخلفيات وواعية تمامَ الوعي بأنّ الإسلام دين عسر 'يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ' وبأن 'الإسلام دينُ يُسر وليس دين عُسر' وأنْ 'ما شادّ أحدَكم الدين إلا وغلبه '.. ونشير إلى أن هذه المقالات منشورة في الموقع الإلكتروني لمجلة 'دعوة الحق'. حفلت نصوص الإسلام وتعاليمه بالدعوة إلى مواجهة الحياة والاهتمام بها على دعائم مهذبة مشروعة وحث على الاستمتاع بها إجابة لداعي الفطرة والطبيعة التي لا بد أن تسير سيرها المتزن. وكان اهتمامه بها مدعاة لتأسيس الحياة نفسها. فقد أباح الإسلام التمنع بالعمليات والتجمّل بوسائل الزينة في حدود القصد والاعتدال، وحارب الرهبانية والتبتل والانصراف عن متع الحياة الطيبة، فالإسلام في اهتمامه بالحياة يقف بها موقفا وسطا يدعو إليه وينفر من الجنوح إلى أحد الطرفين اللذين يكتنفان هذا الحد الوسط . فقد دعا الإسلام إلى الروحية المهدية ونهى عن طرفيها التبتل والتكالب على المادة . ولا تغسل في شـيء من الأمر واقتصـد كـلا طرفي قصـد الأمـور ذميـــم فالتبتل وما إليه من رهبانية وانصرف عن الحياة هو في الحقيقة موقف عداء وبغض للحياة. فقد اتجه بعض الناس إلى تنمية روحه فقط، مائلا إلى التبتل والعبادة والتحذير من الدنيا وتنفير الناس من موارد الخير فيها، ودعا إلى الصوم الدائم والزهد في متع الجسد، كأنما يريد أن يسجن الناس في كهف مظلم حتى يفارقوا الحياة. هذه الرهبانية نهى عنها الإسلام في قوله تعالى من سورة الحديد 'ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله، فما رعوها حق رعايتها '. ففي هذه الرهبانية والعزوف عن الدنيا تعطيل قوى التفكير والإدارة والعمل في الإنسان وترك قوى الكون وأسراره ومنافعه مهملة معطلة سخرها الله للإنسان : ' قل من حرم زينة الله التي اخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة'، كما جاء في سورة الأعراف، وقال تعالى في سورة النحل: 'والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون '. وروى من أنس بن مالك إنه قال : جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي، فلما أخبروا كأنهم تقالّوها -أي عدوها قليلة- فقالوا: وأين صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال ثلاث: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا. فجاء إليهم رسول الله فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أمَا والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني '. والتكالب على المادة والتغالي في حب الحياة هو الطرف الآخر الذي نهى عنه الإسلام كذلك، فقد أُشرب كثير من الناس حب المال إلى درجة العبادة والتاليه، وصرفوا قواهم إلى الحصول عليه بأي طريق ولو كان غير مشروع حبا في الطغيان والتفاخر والتكاثر، فأغرقوا في المادية العمياء حتى صاروا عبيد لها. يقول الكتاب: 'ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون '. وقد ضرب الله تعالى لذلك الأمثال -ومن ذلك ما قصه في شأن صاحب الجنتين اللتين افتخر بهما عما صاحبه وكانت عاقبته قول جلت قدرته: 'وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها '. ومنه قصة قارون ونهايته: 'فخسفنا به وبداره الأرض، فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله، وما كان من المنتصرين '. وهكذا يكون التكالب على الحياة شرا ينهى عنه الدين، لأنه تسلط فردي ومغالاة في حب الدنيا ولا يلبث أن ينتهي بالكوارث: 'من كان يريد الحياة وزينتها نُوفّ عليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحيط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون '. فالإسلام يحارب الروحية البحت لأنها انصراف عن الحياة ويحارب المادية البحت لأنها عبادة للحياة وفناء فيها، ويدعو إلى المادية المهذبة القائمة على التوازن بين حاجات الجسم وحاجات الروح، فإن السعادة الحق في استكمال حظَّي الجسم والروح معا، ولكن في الحد الوسط يقول الله سبحانه: 'ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين '. وقد تعددت أساليب القرآن في الدعوة إلى الحياة بقوة والسيطرة عليها، وبالنظر في خلق السماوات والأرض والتأمل في أسرار الكون وقوى المادة، وإن الله سخّر هذا العالم للإنسان ودعاه إلى استنباط الثروة من مكانه. يقول الله تعالى في سورة النحل : ' والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تربعون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين هو الذي أنزل من السماء ماء لكم فيه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات، إن في ذلك للآية لقوم يتفكرون وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون، وما ذرا لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون وهو الذي سخّر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسوها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون '. فالحياة موضوع جوهري من موضوعات القرآن الأساسية التي اهتمّ فيها بالحياة ومواردها ومصادر الثروة فيها، فقد تناولت هذه الآيات الكريمة بعض تلك الموارد المهمة على أنها من نعم الله على العباد تدعوهم إلى الإيمان بقدرته وعجيب صنعه والاعتراف بوحدانيته . بدأت الآيات بذكر الأنعام الحاملة في مدلولها -الإبل والبقر والغنم إذ هي خيار المال- ورأس الثروة، ومنبع البركة والنساء، واستخدم في الحديث عنها أسلوب الخطاب للتوجه مباشرة إلى المخاطَبين- فبيّن سبحانه أنه خلق لكم هذه الأنواع من الماشية تتخذون جلودها وأوبارها وشعرها وأصوافها ملابس تدفئكم وتدفع عنكم عادية البرد وقسوة الطبيعة، وتجنون ثمارا طيبة من نسلها ولبنها وعظمها وروثها، وتعتمدون عليها في حرث الأرض والحصول على الحب والثمار، وتأكلون لحومها الشهية التي تبني الأجسام، وتقرّ عيونكم بمنظرها الجميل، فتجد فيها النفوس راحة ومتعة واطمئنانا وتذوقا للجمال حين تختال أمامكم في مشيها غادية ورائحة تطلب المرعى أو تسعى إلى ورود الماء. كما أن منها ركائب لحملكم وتحمل أثقالكم في السلم وتركضون عليها في الكر والفر وقت الحرب، وهي الإبل، وخلق لكم دوابّ للحمل والركوب واتخاذ مظاهر الزينة والسلطان، وهي الخيل والبغال والحمير، إنها عدّتكم في الأسفار وسلاحكم المندفع في مواقع القتال، ومتعة كبرى لنفوسكم في حلبة السباق، ويخلق لكم وراء ذلك ما لا تعلمون من وسائل الحمل والركوب والقتال، كالسيارات والطائرات والبواخر والقطارات . يقول سبحانه في سورة يس: 'وخلقنا لهم من مثله ما يركبون'، فتأمل دقة التعبير بالمثلية في الآية. تلك هي دلائل قدرته. ومن تفضيله عليكم أن تكفل ببيان أقوم الطرق للهداية على يد أنبيائه ورسله حتى لا تحيدوا عن الطريق المستقيم ومنكم من هو جائر ومائل عنها . ومن موارد الحياة لكم -أنزل الماء من السحاب المكون بقوانين ثابتة، فجرى أنهارا ووديانا على ظاهر الأرض، أو امتصته ثم تفجر منها عيونا تفيض بالماء العذب 'وأنزلنا من السما ماء يقدر فأسكناه في الأرض'، فتشربون وتسقون دوابكم وتروون زروعكم وتركبون الفلك في الأنهار الجارية، إن في ذلك تنبيها لكم لكي تعملوا الفكر وتدفقوا النظر في عظمة الله . ومن الموارد لكم الأفلاك وحركاتها وما ينشأ عنها من الليل والنهار، ودوران الفصول والأعوام لترتيب مصالحكم وتنظيم معاشكم، إن في عالم الكواكب وتسخير الطبيعة لدعوة إلى العقل أن يسترسل وراءها ويبحث في طواعرها ومكنوناتها . أما عالم الأرض وما نخرجه بطونها وأعماقها من حيوان ونبات ومعادن متباينة الألوان والإشكال فذلك مبسوط أمامكم مستقر بين أيديكم يدل في جلاء على قدرة البديع ويدعوكم إلى الإسماع بالحياة التي خلقت لكم . وسخّر لكم البحار وعالمها العجيب وما لمحيطاتها من قوة جبارة وهيبة آسرة، إذ هي من أعجب ملك الله في الأرض، منها تستخرجون السمك الطري الطازج وتلتقطون اللؤلؤ والمرجان وما إليهما من الجواهر النادرة، وفيها لكم زينة وحلية ومنافع، وتجري بكم فيها السفن الضخمة، وهي البواخر، عابرة المحيطات تطوف بكم في عالم البحار، فتكتشفون الآفاق وجوانب الأرض، ويصبح العالم في قبضة أيديكم في التجارة والرحلة والحروب، ولتبتغوا وراء ذلك من فضله منافع أخرى كثيرة، كقوى الماء في استنباط الكهرباء وتجفيف الملح، وإقامة الحضارات المختلفة على شواطئ البحار. ولعلكم بهذه الموارد الحافلة تتوجهون بالشكر إلى الله على ما أنعم وتفضّل، منصرفين في الظرف نفسها عن التبتل والرهبنة اللذين يأباهما الشرع وتنفر من مساوئهما الطبيعة البشرية المخلوقة لنحيى حياة عملية قوامها القوة والمتعة في حدود 'لقد كان لكم في رسول أسوة حسنة'.


LE12
٣٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- LE12
إسلام مغربي.. ما حرية الأديان؟ ومن أين جاءت؟ (الحلقة 29)
لقد أكثر الناس الكلام في حرية العقائد والأديان، فلم يوفق الكثير منهم على إصابة الهدف، بل جلهم ضلوا وأضلوا، واشتطوا في النجعة وأبعدوا، وذلك حينما فهموا أن الحري الأديان معناها الفوضى وأن كل واحد يمكن أن يكون له دين وعقيدة تختلف، بل تصادم عقيدة شعبه وقبيلته وعائلته، ولو كانت تلك العقيدة ضربا في الهوس، نوعا من الجنون، أو إحداث بلبلة في الرأي العام وتهجّم على عقائد الأمة وتحطيم لدينا وعقيدتها. تقديم عبد الرزاق المراكشي : عُرف المغرب، منذ عهود، بإسلامه المعتدل، الذي يمتح من ينابيع قيَم التسامح والتكافل والتعاون التي طبعت الإنسان المغربي الأصيل، قائما على ركائزَ متينة تقوم على السجيّة المغربية، التي يسير وفقها كلّ أمر في الحياة بـ'النية '… اختارت لكم ' وقفات مع ثلّة من الأقلام المغربية التي أغنت ريبرتوار الكتابات التي تناولت موضوع الإسلام المعتدل الذي انتهجته المملكة منذ القدم، والذي أثبت توالي الأيام وما تشهده الساحة السياسية الدولية أنّ هذا الإسلام 'على الطريقة المغربية' لم يكن بالضّرورة قائما على 'الصّدفة (النيّة) بل تحكمه أعراف وقوانين وتشريعات واضحة المرجعيات والخلفيات وواعية تمامَ الوعي بأنّ الإسلام دين عسر 'يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ' وبأن 'الإسلام دينُ يُسر وليس دين عُسر' وأنْ 'ما شادّ أحدَكم الدين إلا وغلبه'.. ونشير إلى أن هذه المقالات منشورة في الموقع الإلكتروني لمجلة 'دعوة الحق ' . لقد أكثر الناس الكلام في حرية العقائد والأديان، فلم يوفق الكثير منهم على إصابة الهدف، بل جلهم ضلوا وأضلوا، واشتطوا في النجعة وأبعدوا، وذلك حينما فهموا أن الحري الأديان معناها الفوضى وأن كل واحد يمكن أن يكون له دين وعقيدة تختلف، بل تصادم عقيدة شعبه وقبيلته وعائلته، ولو كانت تلك العقيدة ضربا في الهوس، نوعا من الجنون، أو إحداث بلبلة في الرأي العام وتهجّم على عقائد الأمة وتحطيم لدينا وعقيدتها. وإذا زجر أو أدب من يقومون بذلك الفساد العريض أو حكم عليهم بنص القانون الحق، ثارت الثائرة وكثر الضجيج، وأعول المعولون، ورأينا الذين لا يؤمنون بالله والنبيين ولا بيوم الحساب يتمسكون بكل جدل ويبحثون عن كل شبهة لمقاومة الحق وتغطية الشمس بالشبكة، فنراهم يلوذون بحقوق الإنسان وبقانون منظمة الأمم، ويهددون تارة بأن المغرب قد خالف روح العصر وخرج في ما ذهب إليه من عقاب المرتدين عن عرف العالم المتمدن ورجع بأحكامه القهقرى، إلى غير ذلك من التضليل والتهريج الذي لا يجدي فتيلا ولا يغني من الحق شيئا . ونريد أن نعلن لهؤلاء بكل صراحة أننا معشر المغاربة -شعبا وحكومة- آمنا بالله ورسوله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وآمنا بالقرآن والسنة المحمدية، وإنهما الدستور الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولسنا نرضى لأنفسنا قانونا أو نظاما غيرهما، وإيماننا بذلك أقوى من الصلب والفولاذ وأثقل من أن تهزه أراجيف المبطلين وأضاليل المضلين والمشعوذين . ونحن حينما نومن بقرآننا وسنّة نبينا وبجميع ما في الإسلام من نظم وتعاليمَ قيّمة، نظنّ أننا فوق القوانين الوضعية الحالية وفوق المدنيات العصرية الحديثة الناقصة، كما نؤمن بأنفسنا وأننا كنا متمدنين ولا نزال متمدنين، بل إن المدنية منا بدأت وإلينا تعود، ونحن معلموها الناس، ويجب أن نكون فيها متبوعين لا تابعين، كما يجب أن ندعو العالم إلى ما عندنا لأنه في حاجة إليه، ولأن ما عندنا أفضل من مدنيته وأنفع. فإذا كانت مدنيات الأمم التي تتقدم بها إلى أسواق العالم عقيقا براقا يجتذب الأنظار، فإن مدنيتنا الإسلامية أمام ذلك العقيق لؤلؤ ومرجان وجواهرُ نفيسة، لأننا بنيناها على تعاليم سماوية وبنوها على تجارب أرضية. ويتبين ذلك في كل نظم الحياة ونظرياتها، ومنها حرية الأديان، التي رفعنا بها الصوت قبل أن يكون للغرب الأوروبي وجود في الأرض.. وحينما كان يتخبط في ظلمات قرونه الوسطى كنا نعلن للناس حرية الأديان وحرية التفكير وحرية العمل، وكفانا بالقرآن دليلا، إذ يقول 'لا أكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيّ'، وقال تعالى مخاطبا نبيه 'أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين'، أي ليس لك أن تكرههم على الإيمان. وقال تعالى 'لست عليهم بمسيطر'. وقال تعالى 'وما أنت عليهم بجبار'.. وخالف يهود المدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وكذبوه وعاندوه علنا فلم يحاربهم، بل أقرهم على دينهم وعادتهم، وأكثر من ذلك حسن معاملته للمنافقين الذين كانوا يحاربون رسالته في الخفاء ويضمرون له العداوة ويتربصون به وبالمسلمين الدوائر، وهو يعلم منهم ذلك حقّ العلم وقادر على عقابهم، ولكنه أهملهم ومنحهم الحرية الكاملة، ولما كان بعض الصحابة يستأذنه في قتل بعضهم ممن كان يظهر عليهم النفاق والكفر، كان عليه السلام يمنع قتلهم . وذكر أحمد أمين في كتابه 'ضحى الإسلام': 'يقول الأستاذ متز إن مما يميز المملكة الإسلامية عن أوروبا النصرانية في القرون الوسطى أن الأولى يسكنها عدد كبير من معتنقي الأديان الأخرى غير الإسلام، وليست كذلك الثانية، وأن الكنائس والبيَع ظلت في المملكة الإسلامية كأنها خارجة عن سلطان الحكومة، وكأنها لا تكون جزاء من المملكة، معتمدة في ذلك على العهود وما أكتسبهم من حقوق، وقضت الضرورة أن يعيش اليهود والنصارى بجانب المسلمين، فساعد ذلك في خلق جو من التسامح لا تعرفه أوروبا في القرون الوسطى. كان اليهودي والنصراني أو النصراني حرا أن يدين بدينه، ولكنه إن أسلم ثم ارتدّ عوقب بالقتل. وفي المملكة البيزنطية كان عقاب من أسلم القتل '. هذا قليل من كثير من أدلة حرية الأديان وتاريخها، وإننا نحن الذين وضعنا أسسها وأثبتنا قواعدها، وجميع الناس عالة علينا، إلا أن الحرية الدينية الحقّة ليست كما فهمه كثير من جهَلة العصر الذين ظنوا أن حرية الأديان معناها الفوضى في الدين والزندقة والإلحاد والتلاعب بالعقائد والمقدسات، وكل ناعق نعق يجب أن نحترمه ونهتمّ لهرائه، أو أن نسمح للحمقى والسفهاء بأن يتخذوا الدين هزؤا ولعبا، فيدخلون فيه ويخرجون ويبدلون ويغيرون حسب ما تمليه عليهم أهواؤهم الضالة وتفسّخهم الخلقي، حاشا وكلا، لم يكن ذلك من حرية الأديان يوما من الأيام ولا كان ذلك مفهوم هذه الحرية عند من له إثارة من علم أو بصيرة دينية، وإنما حرية الأديان التي بناها الإسلام وأقرّها وجعلها من سياساته الراسية هي: احترام أصحاب الأديان الأخرى غير الإسلام بأن تعطاهم حقوقهم كاملة، سواء أكانوا مواطنين أو زوارا أو لاجئين أو كيفما كانوا. ومن حقوقهم ألا يُضطهَدوا لكونهم غير مسلمين، وألا يكرهوا على الدخول في الإسلام، وأن يعاملوا معاملة تتفق وكرامة البشرية، وأن يمارسوا عقائدهم ودياناتهم بكل حرية، دون أن يتدخل أحد في دينهم كما كان ولا يزال واقعا لمجاورتنا من النصارى واليهود والهنود وغيرهم من أهل النحل الذين يقيمون في بلادنا، فهم يمارسون عقائدهم وشعائرهم كأنهم في أوطانهم الأصلية، وهذه هي حرية الأديان التي جرى عليها المسلمون، وأقرها الإسلام منذ القدم . أما أن يكون الدين الإسلامي وشرائعه عرضه لهدم الهدامين وسخرية للساخرين والسفهاء من المنافقين والإباحيين، فلا، ثم لا، ثم لا.. ولأن ذلك لا يمتّ لحرية الأديان بأية صلة وحرية الأديان براء منه، لأنه إنما يمثل الفساد والفوضى والتلاعب بمقدسات الأمة وشعائرها وطعنا للفضيلة في صميم فؤادها ونشرا للرذيلة وتحطيما للأخلاق. ولهذا اقتضت الحكمة صيانة العقائد والنظم الإلهية من تلك الفوضى وعبث المفسدين وعبيد الأهواء والشهوات، فاتخذ عقوبات صارمة لمن يتجرأ على الله ويحاول نشر الفساد بين خلقه ونقض عهده وخيانة وعده وميثاقه بعد أن أعطاه طبعا مختارا، فجعل جزاء المرتدّ القتل، كما في حديث ابن عباس، قال: قال رسول الله (ص) من بدّل دينه فاقتلوه -رواه الجماعة إلا مسلم، وهذا هو الذي يمكن أن يضع حدا للعبث بالدين، وتلاعب أصحاب الأهواء والشهوات، 'ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تملوا ميلا عظيما '. دين العجائز تجــاوزت حـد الأكثريــن إلى العلــى وسافــرت واستبقيتهــم فـي المراكـــز وخضــت بحـارا ليس بــدرك قعرهــا وألقــيت نفســي فـي فسيــح المفــاوز ولججـت في الأفكــار ثم تراجـــع اخــ تيــاري، إلى استحسـان ديــن العجائــز


LE12
٢٩-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- LE12
إسلام مغربي.. كلمة حول الدعوة والإرشاد (الحلقة 28)
من طبيعة الحركة المشلولة أنها لا تملك القدرة على أن تبحث عن أسباب الفشل لأنها اصطلحت معه من أول وهلة، وتستمر في خداع وتضليل نفسها بأنها تسعى إلى هدف ويسلمها عنادها الأرعن إلى هوة الهزيمة المردية. تقديم عبد الرزاق المراكشي: عُرف المغرب، منذ عهود، بإسلامه المعتدل، الذي يمتح من ينابيع قيَم التسامح والتكافل والتعاون التي طبعت الإنسان المغربي الأصيل، قائما على ركائزَ متينة تقوم على السجيّة المغربية، التي يسير وفقها كلّ أمر في الحياة بـ'النية '… اختارت لكم ' وقفات مع ثلّة من الأقلام المغربية التي أغنت ريبرتوار الكتابات التي تناولت موضوع الإسلام المعتدل الذي انتهجته المملكة منذ القدم، والذي أثبت توالي الأيام وما تشهده الساحة السياسية الدولية أنّ هذا الإسلام 'على الطريقة المغربية' لم يكن بالضّرورة قائما على 'الصّدفة (النيّة) بل تحكمه أعراف وقوانين وتشريعات واضحة المرجعيات والخلفيات وواعية تمامَ الوعي بأنّ الإسلام دين عسر 'يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ' وبأن 'الإسلام دينُ يُسر وليس دين عُسر' وأنْ 'ما شادّ أحدَكم الدين إلا وغلبه '.. ونشير إلى أن هذه المقالات منشورة في الموقع الإلكتروني لمجلة 'دعوة الحق '. سبق أن كتبت على صفحات هذه المجلة الغراء مقالا تناولت فيه طبيعة الحركة وفلسفتها محللا إياها إلى ثلاثة أنواع: حية، وميتة، ومشلولة . من طبيعة الحركة المشلولة أنها لا تملك القدرة على أن تبحث عن أسباب الفشل لأنها اصطلحت معه من أول وهلة، وتستمر في خداع وتضليل نفسها بأنها تسعى إلى هدف ويسلمها عنادها الأرعن إلى هوة الهزيمة المردية، ولهذا فخطورة هذا النوع من الحركة أن لها وجودا وحيّزا، ولكنها لا تنطوي على حاسة معرفة الأخطاء التي ترتكبها ومدى علاقتها هي نفسها بالوسائل المستخدمة للوصول إلى الغاية، والتحقق من سلامة تلك الغاية وتمحيص إمكانيات نجاحها . ومن سمات هذه الحركة أيضا أنها تسرع إلى 'قول' الغاية دون أن تفكر في الوسائل الطبيعية المؤدية إليها، ولهذا تظل دائرة في الفراغ الواسع، وتصبح الغاية منعزلة عن كل نشاط ومجردة عن الواقع، تعيش في عالم الخيال . وهذه الحركة تسود الشعوب التي لا تعرف طريقتها، فتكثر فيها الحركة المشلولة، وتمر السنون دون الوصول على نتائج ايجابية، مع تبذير في الأموال والمجهودات وإنهاك للقوى، ما يؤدي إلى إشاعة اليأس والملل اللذين ينشأ عنهما الانطواء والاستهتار والتمرد . والوعظ والإرشاد، كما يدل اللفظ على معناه، رسالة خطيرة تطلع بمَهمّة تثقيفية في مختلف المجالات الاجتماعية، وتقصد تقويمَ الأخلاق والأجواء النفسية والروحية وإصلاح العادات والتقاليد وتوثيق عرى العلاقات الفردية والاجتماعية وتوجيه الطاقات المؤمنة نحو الإنتاج والتقدم ومناقشة الأفكار الطارئة على الفكرة الإسلامية ومحاربة كل ما يمس العقيدة والسلوك الإسلامي . وتملك حركة الوعظ والإرشاد وسائل مهمة لأداء رسالتها، وأهمها المسجد والإذاعة، كما أن لها ظروفا مساعدة، كالاستعدادات الروحية للاستماع والعمل، وأن الكلمة في المسجد لتفعل أضعافا مضاعفا مما تفعله في الشارع . وإن من واجبنا في المغرب الجديد تحويل هذه الحركة من 'وظيفة' إلى رسالة، ومن طبيعة الرسالة أن تكون لها أهداف سامية محددة ومدروسة، ويجب أن ترتبط بوسائل فعّالة تمليها الدراسة الدقيقة والبحث الجدي . إن حركة التبشير المسيحي تسير على أسس من العلم والدراسة، فكل مشكلة يوليها المبشرون عناية فائقة جبارة من الدرس والتمحيص ويدرسون المناطق المُستهدَفة لتبشيرهم دراسة اجتماعية ونفسية وجغرافية وتاريخية واقتصادية وسياسية وثقافية، وعلى ضوء هذه الدراسة يبتكرون الوسائل الفعالة في إنجاح دعوتهم وتبليغها إلى النفوس ويعقدون المؤتمرات في نهاية كل مرحلة لدراسة النتائج التي حصلوا عليها ولمعرفة الأخطار واقتراح الحلول. والمطلع على نشاط المبشرين وما يكتبون يدرك مدى قيمة هذه الحركة التي تقاوم الإسلام، ويعرف الاستعداد الهائل الذي اتخذته للقضاء على ما أبقته عصور الانحطاط من الإسلام في العالم. ولقد أتيح لي أن أشاهد بنفسي النشاط التبشيري في البلاد العربية: إنه مزعج وجبار ويبعث الصديق والعدو على الإعجاب والتقدير لتلك المجهودات: فالجامعة الأمريكية ببيروت قد أدت رسالة 'جليلة' لفائدة التبشير والاستعمار -وما زالت تؤدي هذه الرسالة- زيادة على ما قامت به الجامعة اليسوعية والمدارس التبشيرية الأخرى، والأب زويمر ولامانس وتومسون وغيرهم مشهرون في هذا الميدان. كما أن الحركة الاستشراقية ساهمت بنصيب وافر في تدعيم الحركة التبشيرية ومدها بالقوة والحيوية . وقد يدفع الغرور بعضها إلى القول إن التبشير قد فشل، ولكن نظرة سريعة إلى الدول الإفريقية وإلى مكانة المسحيين السود فيها كافية للإقناع بأن الفاشلين هو نحن، وبأن المعلومات التي نلتقطها من حين إلى آخر من الذين يزورون إفريقيا السوداء لتبعتنا على الانزعاج والحسرة، وبأن ما نشاهده من اضطرابات اجتماعية وسياسية وفكرية في البلاد العربية والإسلامية ليست سوى نتيجة للمجهودات الجبارة التي يقوم بها المبشرون منذ نصف قرن أو أزيد في تلك البلاد . فهل رجال الوعظ والإرشاد عند ما أدركوا فداحة المسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذا العالم الجديد أعدّوا العدة لمواجهة الظواهر الجديدة التي تهدد تراثنا الروحي والديني. وقد أفلحت بالفعل وأوجدت لنا نخبة مؤمنة برسالة الحضارة الغربية التي 'ستطهر' مجتمعنا من رواسبه القديمة التي تختلف عن 'الدين '… إن نظرة عامة إلى حالة الوعظ والإرشاد عندنا تخبرنا بالخبر اليقين بأننا نسعى إلى غير غاية ونتحرك لغير فائدة ونستهدف السراب، ولنأخذ على ذلك مثالا من المسجد : كنا أيام الاستعمار نشكو من الخطباء والخطبة، وكان يقال لنا إن الاستعمار هو المسؤول، إنه يخاف من ذوي الألسن الفصيحة ومن الخطب الرائعة، ولذلك فإنه يفرض على المصلين من يشجعهم على النوم ويغمض عليهم المعنى ويبتعد بهم عن الاهتمام بمشاكلهم الحيوية، وكنا نصدق ذلك… واليوم لا نريد أن يكون الخطباء صورة للمنظر القديم وخطبا كالجثث لا روح فيها.. لأنها لم تكتب أو تلق استجابة لحاجة ماسة، إنها تكتب أو تنقل لتلقى فقط قياما بوظيفة 'الإمام' التقليدية دون دراسة للوسط الذي ستلقى فيه الخطبة والظروف المحيطة به، والأحداث التي يهتم بها المجتمع، والمشاكل الجديدة التي تشغل فكر الشباب واهتمامهم، ما ينتج عنه عدم تحديد في الوسائل والإطار الذي يمكن أن يساعده في التأثير. وهكذا يبتعد بالخطبة عن اهتمام المصلحين لأنها بعيدة عن مشاكلهم الحيوية. وقد لا يملك البعض منها إلا كلمات يظهر فيها التكلف المحجوج والصنعة الحريرية، تُقرَأ بلهجة هي أبعد عن قواعد الخطابة وأبرأ مما تتطلبه خطبة تستهدف إصلاح المجتمع . إن تحسين أسلوب الدعوة والإرشاد يجب أن يقترن بتشجيع الشباب والنساء على غشيان المساجد، إقبالهم وتجاوبهم مع الخطبة، وإن مسؤولية الوعظ والإرشاد خطيرة جدا، خصوصا في هذا العصر الذي تسوده أفكار تحمل قيما خاصة ونظرات فلسفية للحياة، وهي تمتاز بخصوبتها وقوتها ونفوذها وقدرتها على استهواء الشباب لأنها تخاطب نفوسهم الثائرة وتستجيب لكثير من آمالهم وخيالاتهم. وقد تزود أصحابها بطرق رائعة وأساليب ماكرة لأنهم يعتمدون على العلم والفن لا على الصدف والزمن، لذلك نرى بعض المذاهب تنتشر في العالم انتشار النار في الهشيم، وبالأخص في أوساط الشباب . ونحن اليوم في مفترق الطرق: إما أن تكون لنا القدرة على بعث مقومات دينينا في النفوس ومعالم حضارتنا في الحياة ونتسلح بكل ما يحقق لنا هذه الغاية، وإما أن نظل كما نحن: كميات سلبية تتجاذبها القوى الغريبة عنها دون أن يكون لها ما يفرض وجودها كأمة لها رسالة . إن العدد الذي يحارب الإسلام يتمثل في أمم ومذاهب وطوائف وأديان، وهو يتحصن -على تعداده- بأسلحة فكرية فتاكة وله من القدرة والمرونة والتقنية ما يضمن له أن يبلغ شأوا بعيدا في تزييف عقائدنا وتاريخينا وتلوين نظرتنا وحضارتنا وشلّ أفكارنا وحيويتنا. ولكن أخطر من العدو الانهيار الداخلي في القيادة الفكرية والروحية، لهذا فإن تطهير القيادة من الأدعياء والمنتقمين، ثم معرفة ما للعدو من قدرة وإمكانيات وتحديد مكامن ضعفنا التي تتسرب منها الأفكار الهدامة لكياننا لَهي الخطوة الأولى التي يجب أن نرتكز على أساسها وننطلق في أضوائها وتحت إرشادها . إن أي كيان يضطلع بمَهمّة الدفاع عن الإسلام والترغيب في تعاليمه، دون أن تكون لديه الحيوية والقدرة على تحقيق لتلك الأهداف، ومع ذلك يستمر في الحركة والعمل الدائب، يندرج تحت ما نسميه 'الحركة المشلولة' التي تعطي النتائج الهزيلة مع بذل أقصى جهد وتبذير كثير من الإمكانيات والطاقات . إن الدعوة إلى الإسلام في القرن العشرين بجب أن تصطبغ بصبغة هذا القرن وتستعمل وسائله الفعّالة، لذلك نود أن يكون للمغرب جهاز للوعظ والإرشاد له قيمته في المغرب وإفريقيا السوداء، التي تتغلغل فيها الدعوات التبشيرية المختلفة، والتي يبلغ عدد المبشرين فيها نحو ربع مليون، حسب ما أوردته إحدى المجلات التبشيرية . ونرى أنه يجب أن تتوفر في هذا الجهاز الشروط الكفيلة بتحقيق الأهداف الإسلامية، ونحن هنا نقدم بعض الشروط : 1 – أن يكون القائمون على شؤون هذا الجهاز مؤمنين حق الإيمان برسالة الإسلام وعلماء أفذاذا في الفكرة الإسلامية، ولهم اطلاع واسع على الثقافات العالمية والتيارات الفكرية المختلفة؛ 2 – أن يدرس هؤلاء الوسط المغربي دراسة شاملة لنواحي الحياة المغربية حتى يحددوا المشاكل الاجتماعية والأزمات الفكرية والنفسية.. وعلى ضوء ذلك يبتدعون العلاج والوسائل؛ 3 – أن يكون المرشد في هذا المجال مختصّا له ثقافة وإيمان ومقدرة تجعله أهلا للقيام بهذه المهمة؛ 4 – أن يكون لهذا الجهاز مؤتمر على مستوى إقليمي كل ثلاثة أشهر وعلى مستوى عامّ من كل سنة تناقش فيه النتائج والوسائل والأفكار ونقط الضعف في الحركة ويرسم السياسة العامة للدعوة والإرشاد. كما يجب أن يكون لديه مفتش دقيق ومخلص على المرشدين والوعاظ؛ 5 – أن يؤسس معهد خاص للوعاظ والدعاة ويختار لهم أساتذة على أسس الكفاءة، وتكون لهذا المعهد مجلة تبحث في شؤون الدعوة الإسلامية وتبثّ أفكارها بواسطتها وتصدرها باللغات العربية والفرنسية الانجليزية وتوزع في أنحاء إفريقيا. كما يجب أن يكون المعهد مجهزا بكل الوسائل التي تحقق إخراج الداعية الماهر، المؤمن الصالح والمبشر المقتدر ومن أهم هذه الوسائل : أ- حيوية المواد الدراسية، كعلم النفس وعلم الاجتماع والفلسفة والمذاهب الفكرية ودراسة الأديان والحضارات العالمية والخطابة والتصوف، والعادات والتقاليد لمكان الدعوة والجغرافية والتاريخ؛ ب- اللغات الأجنبية الحية واللغات الإفريقية؛ ج- أساتذة مقتدرون ومؤمنون؛ د- زيادة على العلوم الإسلامية من تفسير وحديث وفقه… إلخ.؛ هـ- إحاطة الطالب بجو ديني وتربيته على أسس الشعور بمسؤولية الدعوة، ليضمن لنا ذلك إيجاد الداعية المخلص لا الموظف المرتزق . ويجب علينا أن نشجع إخواننا الأفارقة على الانخراط في هذا المعهد وتزويدهم بجميع وسائل الدعوة ليرجعوا إلى بلدهم يخدمونه من الداخل . وبعد، ألم يحن للمغرب أن يسلك سبيل ماضيه المشرق وأن يشرع في تأدية رسالته الحضارية في الداخل وفي إفريقيا ليثبت له وجودا كامة لها رسالة حضارية في هذا العالم، الذي أصبحت السيادة فيه للفكرة والأمكنة المحفوظة بها هذه النسخ؟! واقترحت اللجنة أن يراعى في اختيار الكتب التي تحقق أن تكون الأولية فيها المخطوطات التي لم يسبق نشرها أو نشرت غير محققة، ثم الكتب التي نشرت محققة في نطاق محدود أو يتعذر تداولها في العالم العربي لقيود مالية أو نحوها، ثم الكتب التي نفدت طبعاتها. وعند توافر كتب متعددة في موضوع واحد تكون الأولية للكتب الأصلية في الفن أو الجامعة فيه. ويستوفي البحث عن جميع الأصول المخطوطة والمطبوعة إن كانت تمثل أصلا للكتاب المزمع نشره . هذه هي أهم مشروعات صون التراث وإحيائه، فما مدى النجاح الذي حققته أو ينتظر منها أن تحققه؟ الواقع أنه بالرغم من الجهود الضخمة التي يبذلها معهد المخطوطات في النطاق العربي الواسع والمجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون في نطاقه المحلي الضيق، فإنني أخشى ألا تكون النتائج مرضية على الوجه المطلوب. فعدم تنسيق العمل بين معهد المخطوطات والهيئات العلمية الموجودة في البلاد العربية تنسيقا يوحد الخطة ويوفر الجهد، وعدم إشراك البلاد العربية إشراكا فعالا في الأعمال العلمية. وعدم توفر الروح العلمي اللازم لهذه الأعمال.. كل هذه العيوب تجعل المشروع -أي مشروع- كيفما كانت ضخامة الجهود التي تبذل لتحقيقه، عاجزا عن حمل عبء حماية التراث العربي وإحيائه على مستوى عربي كبير. فالأسف شديد أن النزاعات المحلية والأهواء الخاصة لا تزال مسيطرة على العقول. وحتى لا يًظَنَّ بي ميل من هذا النوع أرى أن أوضح كلامي بمثالين ملموسين : الأول أن الكتب التي اقترح مشروع المكتبة العربية تحقيقها -وتعد بالعشرات- أسندت جميعها إلى عدد مُحدّد من المحققين المصريين بالرغم من أن جزءا منها يهمّ بلادا عربية أخرى قد يتوفر من الكفاءات ما لا يتوفر لغيرها؛ الثاني أني حين اطلعت على مشروع المكتبة العربية ووجدت ضمن قوائمه رحلة العبدري المغربية اتصلت بالمسؤولين وأطلعتهم على اهتمامي بهذه الرحلة التي أنوي تقديمها أطروحة تكميلية لدكتوراة الدولة الفرنسية، فاقتنعوا بضرورة إسناد تحقيقها إلي ليس بصفتي مهتما بها فحسب، وإنما بصفتي مغربيا كذلك. ولكني فوجئت بعد ذلك حين أخبرني مسؤول كبير بأن اللجنة المختصة لا توافق على نشر هذه الرحلة لما فيها من نقذ لاذع لمصر وللمصريين . وإذن فلا سبيل إلى حماية التراث وإحيائه غير قيام كل دولة عربية بوضع تخطيط خاص لمعرفة تراثها المكتبي وصيانته وتحقيقه ونشره، ثم إجراء تنسيق على نطاق عربي واسع للتعرف على ما في كل قطر من مخطوطات وتبادل النسخ المصورة منها وتوحيد قواعد التحقيق أو التقريب بينها على الأقل . ونظرا إلى ما هي عليه حالة التراث في كل أركان الوطن العربي، ونظرا إلى ما تتطلب حمايته في كل أركان الوطن العربي، ونظرا إلى ما يتطلب حمايته من تخطيط وتنظيم، فإني أرى أن تمر العلمية بالمراحل الآتية : أولا: إنشاء هيئة علمية عليا لحماية التراث وإحيائه تكون مَهمّتها الإشراف والتنظيم؛ ثانيا: تكوين لجنة فنية متفرعة من هذه الهيئة لوضع قواعد تحقيق المخطوطات؛ ثالثا: إنشاء معهد أو شعبة دراسية في كلية الآداب للتخصص في فن تنظيم المكتبات وصيانة المخطوطات؛ رابعا: حصر المخطوطات، وتحتاج إلى بحث في كتب الفهارس والبرامج وغيرها من المؤلفات التي تعني بذكر الكتب والتعريف بها؛ خامسا: جمعها، وينبغي أن يكون شاملا مستقصيا لكل المخطوطات، لا فرق بين التافه منها والمهم. ويقتضي بادئ ذي بدء أن تمنع الدولة خروج أي مخطوط وأن يعلن أصحاب المكتبات الخاصة ما لديهم من مخطوطات يكون للدولة حق تصويرها واقتناء النادر منها مقابل تعويض يرضي أصحابها؛ سادسا: فهرستا وتنظيمها؛ سابعا: تحقيقها على أسس من الدرس والبحث لاستخلاص المعاني الكامنة التي تربط قديمها بالحديث؛ ثامنا: نشرها، وهي مرحلة ختامية تقتضي أن تعنى الدولة بنشر الكتب المتعلقة بها على أن تكلف هيئة التنسيق -وليكن معهد المخطوطات- بنشر المعاجم والكتب الضخمة التي تحتاج إلى وسائل وإمكانيات كبيرة .