أحدث الأخبار مع #زكرياالحسني


جريدة الرؤية
منذ 18 ساعات
- منوعات
- جريدة الرؤية
السيدة خالصة.. حين تمشي الحكمة على الأرض ثم تصعد إلى السماء
زكريا الحسني في محطات الحياة، تمرُّ علينا وجوه كثيرة، نُصادفها في الزمان والمكان، فتترك فينا أثرا ثم ترحل. لكنّ بعض الوجوه لا تكتفي بالمرور أو ترك الأثر؛ بل تتجاوزهما إلى السكون في القلب، بحيث تُقيم فيه برصيدها العالي من الرزانة، ومن الطيبة، وبالنور الخاص الذي يشعُّ من النفوس النبيلة.. هكذا كانت السيدة خالصة بنت نصر بن يعرب البوسعيدي- رحمها الله- والدة السيدة الجليلة حرم جلالة السلطان المُعظم- أبقاها الله. لم تكن فقط خالتي، ولا مجرد جارةٍ عشتُ بالقرب منها في طفولتي؛ بل كانت حضورًا هادئًا في حياتنا، كأنَّها ظلٌ أمّ ثانية أطول من الثانية المعتادة، تمشي بيننا ببصيرة، تتحدث بفمٍ من القلب. أتذكرها جيدًا، كما لو أنَّ الزمن عاد بي إلى ذلك الحيّ؛ حيث كانت البيوت مُتقاربة، والقلوب أكثر قربًا. كنت صغيرًا، أطرق بابها حاملًا ما أوصتني به أمي، وأجد عندها دائمًا الوجه المُشرق، والابتسامة الهادئة، وكأنَّ الدنيا مهما تعقدت، تتوقف عند عتبتها لتتنفس بعض الطمأنينة. كانت امرأةً بسيطة في مظهرها، عظيمة في جوهرها. لم تكن كثيرة الكلام، ولكن متى تكلّمت، سكنت القلوب؛ لأنَّها كانت تتحدث بحكمة من جرّب، وصبرُ من رأى، ورِضا من فهم سرّ الحياة. كانت تعرف كيف تواسي دون أن تفرض، وكيف تُرشد دون أن تُحرج، وكيف تفيض بالأمومة حتى على من لم تلدهم. وما من لحظة مرّت بها إلّا وكانت راسخة، ثابتة، كجبلٍ وديعٍ يحتضن من حوله بالظل والسكينة. لم تكن تهتزّ في المِحن، ولا تتبدل في الأزمات؛ بل كانت مصدر اتزانٍ وهدوء، تستمده من إيمان عميق، ورضا داخلي لا يتزعزع. جُمعتْ في شخصها صفات الأمّ الحنون، والمرأة القوية، والإنسانة التي تقابل الجميع بابتسامة، دون أن تنقص هيبةً، أو تتخلى عن وقار. لم تكن يومًا تبحث عن الأضواء، لكنها كانت الضوء الذي يهتدي به من حولها دون أن يشعر. ولا نبالغ إن قلنا إنّ البيت الذي سكنته، لم يكن مجرد جدران وسقف؛ بل كان موئلًا للطمأنينة، ملتقى للمُحبين، ومرسى لكل من أرهقته الحياة. كانت قد صنعت فيه كهفاً للحنان، وللبركة، يمنح الأثر الذي لا يُمحى. وإن كان يُعرف الإنسان من أثره، فإنَّ خالتي "خالصة" تركت فيمن عرفوها بصمةً لا تُنسى، وذاكرةً لا يشوبها النسيان. وكانت ثمرة حياتها، السيدة الجليلة "عهد"، الشاهدة على هذا المجد الصامت، وعلى تلك التربية العميقة التي لا تنبت إلا من قلبٍ صادق، ويدٍ خفيّة تصنع العظمة دون أن تتحدث عنها. واليوم.. وقد عادت روحها إلى بارئها، لا أملكُ سوى أن أرفع يديّ بالدعاء: اللهم، يا من خلقت الطُهر وأودعته في بعض الناس، اغمر روحها بنور رحمتك، وارفع مقامها عندك، واجعل قبرها روضةً من رياض الجنة، فمن كانت بهذا النقاء، لا يليق بها إلا جوارك، يا واسع الرحمة، يا أرحم الراحمين.


ساحة التحرير
٠٥-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
رمز النضال الخالد!زكريا الحسني
رمز النضال الخالد! زكريا الحسني الأجواء مفعمة برياح الصمود الذي انقلب إلى نصر، صمود المقاومين والمناضلين في غزة ولبنان واليمن والعراق، رغم كل الدماء وكل الجراح وكل التضحيات من حصار وجوع وبرد وفقدان الناصر. والتاريخ يحتفي بكثير من تلك القصص والملاحم التي ما زالت أحداثها شاهدة على تلك الحقبة الزمنية التي أبدلها النضال في سبيل الحق إلى صفحات تحكي عبرا ودروسًا وقِيمًا تعكس عظمة روح النضال والصمود. هذه القصص والملاحم ليست مجرد أحداث ماضية؛ بل هي مشاعل تنير دروب الأجيال القادمة وتحفزهم على التعلم من تجارب الأبطال. ليس التاريخ مجرد سارد فحسب لأحداث مضت، بل هو مرآة تعكس البطولات لتظل نابضة بالحياة، تستلهم منها قلوب الباحثين عن الحق والعدل أرقى الأمثلة. أحد القصص البطولية في ظل خذلان الناصر، والإباء الفريد لأجل البقاء على موقف رفض الذل هي تلك التي سطرتها 'كربلاء' لأبي الشهداء الحسين بن علي سبط رسول الله عليه الصلاة والسلام، الذي خاض معركة تمثلت شكلًا من صراع الحق مع الباطل، وليس بغريب على سبط رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذي تربّى في بيت الوحي والرسالة أن يضرب تلك الأمثلة الراقية في الثبات على الموقف، فها هو نداؤه يمزق صمت التواريخ: 'لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر لكم إقرار العبيد'، ونداء آخر تردد صداه طيلة السنين: 'ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين السلة أو الذلة وهيهات منا الذلة'، هذه النداءات تتناغم مع نداء جده عليه الصلاة والسلام عندما هتف يقول: 'والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه'. في نيف وسبعين رجلًا من أهل بيته وأنصاره وقف في مواجهة جيش يتألف من حوالي 30 ألف مقاتل، ليقاتل ببسالة قلَّ لها نظير، وضحَّى لأجل المبدأ حتى برضيعه، لذا أضحى إلهامًا ونبراسًا ورمزًا للشرفاء والأحرار في كل أرجاء المعمورة. في الثالث من شعبان أنجبته سيدة النساء فاطمة الزهراء بنت محمد عليه الصلاة والسلام، الذي تلقاه بيديه وضمه إلى صدره بسرور ممزوج بدموع عينيه، ولكن ولادته التي تلقتها الخلود بين يديها كانت في العاشر من محرم، حيث سطر ملحمة من الدماء الزكية، فكانت تلك بمثابة ولادة ثانية له، ولكن هذه المرة في مهد الخلود. ما أجمل ما نضده الشاعر الكبير بولس سلامة في هذه الملحمة الخالدة، إنه يقول: كربلاء!! ستصبحين محجًّا // وتصيرين كالهواءِ انتشارا ذكركِ المفجع الأليم سيغدو // في البرايا مثلَ الضّياءِ اشتهارا فيكون الهدى لمن رام هديًا // وفخارًا لمن يرومُ الفخارا كُلّما يُذكر الحسينُ شهيدًا // موكبُ الدّهر يُنبت الأحرارا فيجيءُ الأحرار في الكون بعدي // حيثما سرْتُ يلثمون الغبارا وينادون دولةَ الظّلم حيدي // قد نقلنا عن الحسين الشِّعارا و'غزة' أعادت إحياء ذكرى كربلاء في الساحة من جديد بصمودها أمام قوى الطغيان لمواصلة نهج الإباء الذي سطره رمز الفداء الحسين، فما أشبه الأمس باليوم، فالتاريخ قد لا يعيد نفسه ولكن السيناريوات لمواجهات الحق بالباطل تُعاد بصور مختلفة لذا قال يحيى السنوار: 'فلتكن غزة كربلاء العصر'، وقبل أيام هتف البطل الفلسطيني المُحرر من سجون الصهاينة حمدي محمد شحادة يقول: 'لن تتحكم بزماني لن تخضعني // ثوريٌ نهجي والخط حُسيني' حقًا صدق من قال: 'كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء'. إنها قصص سيظل التاريخ يرويها، لأنها ليست مجرد أحداث قديمة، بل هي إشارات ترشدنا نحو الطريق الصحيح وتجعلنا نواصل نضالنا من أجل الحق والعدل مهما كانت التحديات. 2025-02-05 The post رمز النضال الخالد!زكريا الحسني first appeared on ساحة التحرير.