logo

رمز النضال الخالد!زكريا الحسني

ساحة التحرير٠٥-٠٢-٢٠٢٥

رمز النضال الخالد!
زكريا الحسني
الأجواء مفعمة برياح الصمود الذي انقلب إلى نصر، صمود المقاومين والمناضلين في غزة ولبنان واليمن والعراق، رغم كل الدماء وكل الجراح وكل التضحيات من حصار وجوع وبرد وفقدان الناصر. والتاريخ يحتفي بكثير من تلك القصص والملاحم التي ما زالت أحداثها شاهدة على تلك الحقبة الزمنية التي أبدلها النضال في سبيل الحق إلى صفحات تحكي عبرا ودروسًا وقِيمًا تعكس عظمة روح النضال والصمود.
هذه القصص والملاحم ليست مجرد أحداث ماضية؛ بل هي مشاعل تنير دروب الأجيال القادمة وتحفزهم على التعلم من تجارب الأبطال. ليس التاريخ مجرد سارد فحسب لأحداث مضت، بل هو مرآة تعكس البطولات لتظل نابضة بالحياة، تستلهم منها قلوب الباحثين عن الحق والعدل أرقى الأمثلة.
أحد القصص البطولية في ظل خذلان الناصر، والإباء الفريد لأجل البقاء على موقف رفض الذل هي تلك التي سطرتها 'كربلاء' لأبي الشهداء الحسين بن علي سبط رسول الله عليه الصلاة والسلام، الذي خاض معركة تمثلت شكلًا من صراع الحق مع الباطل، وليس بغريب على سبط رسول الله عليه الصلاة والسلام، والذي تربّى في بيت الوحي والرسالة أن يضرب تلك الأمثلة الراقية في الثبات على الموقف، فها هو نداؤه يمزق صمت التواريخ: 'لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر لكم إقرار العبيد'، ونداء آخر تردد صداه طيلة السنين: 'ألا وإن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين السلة أو الذلة وهيهات منا الذلة'، هذه النداءات تتناغم مع نداء جده عليه الصلاة والسلام عندما هتف يقول: 'والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه'.
في نيف وسبعين رجلًا من أهل بيته وأنصاره وقف في مواجهة جيش يتألف من حوالي 30 ألف مقاتل، ليقاتل ببسالة قلَّ لها نظير، وضحَّى لأجل المبدأ حتى برضيعه، لذا أضحى إلهامًا ونبراسًا ورمزًا للشرفاء والأحرار في كل أرجاء المعمورة.
في الثالث من شعبان أنجبته سيدة النساء فاطمة الزهراء بنت محمد عليه الصلاة والسلام، الذي تلقاه بيديه وضمه إلى صدره بسرور ممزوج بدموع عينيه، ولكن ولادته التي تلقتها الخلود بين يديها كانت في العاشر من محرم، حيث سطر ملحمة من الدماء الزكية، فكانت تلك بمثابة ولادة ثانية له، ولكن هذه المرة في مهد الخلود.
ما أجمل ما نضده الشاعر الكبير بولس سلامة في هذه الملحمة الخالدة، إنه يقول:
كربلاء!! ستصبحين محجًّا // وتصيرين كالهواءِ انتشارا
ذكركِ المفجع الأليم سيغدو // في البرايا مثلَ الضّياءِ اشتهارا
فيكون الهدى لمن رام هديًا // وفخارًا لمن يرومُ الفخارا
كُلّما يُذكر الحسينُ شهيدًا // موكبُ الدّهر يُنبت الأحرارا
فيجيءُ الأحرار في الكون بعدي // حيثما سرْتُ يلثمون الغبارا
وينادون دولةَ الظّلم حيدي // قد نقلنا عن الحسين الشِّعارا
و'غزة' أعادت إحياء ذكرى كربلاء في الساحة من جديد بصمودها أمام قوى الطغيان لمواصلة نهج الإباء الذي سطره رمز الفداء الحسين، فما أشبه الأمس باليوم، فالتاريخ قد لا يعيد نفسه ولكن السيناريوات لمواجهات الحق بالباطل تُعاد بصور مختلفة لذا قال يحيى السنوار: 'فلتكن غزة كربلاء العصر'، وقبل أيام هتف البطل الفلسطيني المُحرر من سجون الصهاينة حمدي محمد شحادة يقول:
'لن تتحكم بزماني لن تخضعني // ثوريٌ نهجي والخط حُسيني'
حقًا صدق من قال: 'كل أرض كربلاء، وكل يوم عاشوراء'.
إنها قصص سيظل التاريخ يرويها، لأنها ليست مجرد أحداث قديمة، بل هي إشارات ترشدنا نحو الطريق الصحيح وتجعلنا نواصل نضالنا من أجل الحق والعدل مهما كانت التحديات.
‎2025-‎02-‎05
The post رمز النضال الخالد!زكريا الحسني first appeared on ساحة التحرير.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ستحرر فلسطين بمنطق المقاومة كما في خرمشهر
ستحرر فلسطين بمنطق المقاومة كما في خرمشهر

اذاعة طهران العربية

timeمنذ 9 ساعات

  • اذاعة طهران العربية

ستحرر فلسطين بمنطق المقاومة كما في خرمشهر

إن قول الإمام الخميني بأن الله هو من حرّر خرّمشهر يعني أنه إن جاهدتم فإن القدرة الإلهية ستساندكم. لن يُهزم جيش تكون ذخيرته وسنده القدرة الإلهية. ستُحرّر فلسطين أيضا بهذا المنطق. لن يظل أي شعب مستضعفا بهذا المنطق. ~ الإمام الخامنئي في مراسم تخريج دفعة من الطلبة الجامعيين الضباط في جامعة الإمام الحسين (عليه السلام) 2016/05/23.

الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن السنين الخداعة عشية الظهور الشريف… أغنام تثور على الرعاة نصرة لأنياب الذئاب وأضراس الضباع
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن السنين الخداعة عشية الظهور الشريف… أغنام تثور على الرعاة نصرة لأنياب الذئاب وأضراس الضباع

وكالة أنباء براثا

timeمنذ 18 ساعات

  • وكالة أنباء براثا

الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن السنين الخداعة عشية الظهور الشريف… أغنام تثور على الرعاة نصرة لأنياب الذئاب وأضراس الضباع

التعليقات علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ... الموضوع : محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ... الموضوع : مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !! ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ... الموضوع : المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!! م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!

مستقبل حزب الله
مستقبل حزب الله

موقع كتابات

timeمنذ 19 ساعات

  • موقع كتابات

مستقبل حزب الله

في قلب العاصفة اللبنانية، ومع تصاعد رياح التحولات الإقليمية، يقف حزب الله أمام مفترق طرق تاريخي. لم تعد المسألة متعلقةً فقط بخطاب المقاومة، بل باتت مسألة بقاءٍ، وهويةٍ، وشرعيةٍ داخل بيتٍ يتصدّع من الداخل وتحيط به الشكوك من الخارج. في سبتمبر 2024، سقطت قامة الحزب الكبرى، حسن نصر الله، ثم تبعه اغتيال هاشم صفي الدين، الرجل الذي وُصف بالظلّ الثقيل لخليفة الأمين العام. ومع هذا الغياب القيادي المفاجئ، تفجّرت الخلافات، وبرزت الانقسامات التي كانت تختبئ طويلاً خلف خطاب الوحدة والانضباط. تَشظّى الحزب إلى جناحين متصارعين: الجناح الأول تمثّله شخصيات متجذّرة في العقل العسكري والأمني للحزب، وعلى رأسها 'الشبح' طلال حميّة، رجل الظلّ الذي قاد 'الوحدة 910' المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني. هذا الجناح يتمسّك بصلب العلاقة مع إيران، يرى في طهران ليست فقط الداعمة، بل المرجعية، والمصدر العقائدي والمالي والاستراتيجي. الجناح الثاني يقوده الشيخ نعيم قاسم، الرجل الذي ارتدى عباءة القيادة بعد نصر الله، لكنه لم يرث كاريزماه ولا صلابته. قاسم يدفع نحو براغماتيةٍ سياسية، ينادي بتقليص التورط الإقليمي، ويدعو لتقاربٍ محسوبٍ مع بعض الدول العربية، علّه يخفف عزلة الحزب ويُنعش بيئته المنهكة. بين هذين الجناحين، يقف وفيق صفا، رجل العلاقات المعقّدة، الذي يعرف كيف يدير الأمن والسياسة في آن. يحاول أن يوازن بين التوجهين، لكنه لا يملك بعدُ قوة الحسم. أما البيئة الحاضنة، فلم تعد كما كانت. فالدخان المتصاعد من حرب 2024 لم يُخمده وعدٌ بالمقاومة. الضاحية الجنوبية، صور، النبطية، والهرمل بدأت تُعبّر عن ضجرها. النسبة المتدنية في الانتخابات، الاحتجاجات التي خرجت من داخل المعاقل، والتذمّر من الخدمات والفساد… كلها رسائل واضحة: الصمت لم يعد ولاءً، والتذمّر لم يعد خيانةً. فأيّ مستقبلٍ ينتظر حزب الله؟ هل يعود إلى الداخل اللبناني، حزباً سياسياً له جمهور، ومكانٌ في البرلمان لا في الجبهات؟ أم يُعيد الاصطفاف مع محوره الإقليمي، ويُغلق أذنيه عن أصوات أهله؟ هل تتغلب لغة البندقية، أم لغة البراغماتية؟ وهل الحزب الذي اعتاد القيادة من فوق، قادرٌ على قبول صوتٍ من القاعدة؟ الجواب، كما هو الحال في لبنان، ليس قراراً استراتيجياً فقط… بل معركةُ بقاءٍ.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store