logo
#

أحدث الأخبار مع #زيجمونتباومان

الثقافة الرقمية: كيف تعيد شبكات التواصل تشكيل هوياتنا؟
الثقافة الرقمية: كيف تعيد شبكات التواصل تشكيل هوياتنا؟

الجزيرة

time١٤-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الجزيرة

الثقافة الرقمية: كيف تعيد شبكات التواصل تشكيل هوياتنا؟

قبل عقود، كان صوت الشاعر العربي يتردد في المجالس، ينقل الهوية عبر قصائد تحكي عن الصحراء والأمجاد، واليوم تغير المشهد.. في يناير 2019، نشرت الناشطة السودانية شاهد خضر صورة على إنستغرام لشاب يرفع علم السودان وسط احتجاجات الخرطوم، معلنة: "لن أصمت حتى يسمع العالم صوتنا"!. منشوراتها، التي ألهمت الشباب تحت "#السودان_ينتفض"، حصدت 3 ملايين مشاهدة، وفقًا لـ "UNESCO 2025". وفي الرياض، تحدت إيمي روكو الصور النمطية بفيديو على تيك توك قائلة: "أنا لست مجرد حجاب، أنا صوت"، لتجذب 4 ملايين متابع… من المجلس التقليدي إلى الشاشة الرقمية، أصبحت شبكات التواصل فضاءً جديدًا لصناعة الهوية. تقرير "We Are Social 2025" يكشف أن 78% من العرب يستخدمون الشبكات يوميًّا، و60% يعبرون عن هويتهم عبر تيك توك وإنستغرام، مقارنة بـ 28% في 2019. وفي مصر، قفز مستخدمو فيسبوك إلى 28 مليونًا، حسب "DataReportal 2025". فكيف تعيد الشبكات تشكيل هوياتنا؟ وما الذي تكشفه البيانات الكبيرة؟ نستكشف الثقافة الرقمية عبر أمثلة حية وتحليل بيانات، لنفهم هذا التحول. أصبحت الهويات "سائلة" -كما يقول زيجمونت باومان- أي متغيرة مثل الماء، تتشكل حسب اللحظة؛ فالشاب الذي يغرد عن فريقه الرياضي اليوم قد يدافع غدًا عن قضية دينية على إنستغرام الثقافة الرقمية.. مفهوم جديد الثقافة الرقمية ليست مجرد منشورات عابرة، بل بيئة حية نصنعها عبر الشبكات، من خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تقترح المحتوى، إلى عوالم افتراضية كـ"ميتافيرس"، وحتى ألعاب مثل "فورتنايت"، التي صارت تضم 5 ملايين لاعب عربي بحلول 2025 وفقًا لـ"Epic Games Stats". هي عاداتنا وقيمنا الجديدة على الإنترنت، حيث يصبح كل شخص صانعًا لثقافته. عالما الاتصال لانس بينيت وألكسندرا سيجربيرج يسميان هذا بـ"الفعل التواصلي"، أي إن كل منشور أو تعليق يساهم في بناء هويتنا. فمثلًا، عندما ينشر شاب كويتي صورة لعلم بلاده في "#كويتنا_الغالية"، فهو لا يشارك صورة فقط، بل يعبر عن انتمائه. في العالم العربي، أصبحت الشبكات بديلًا للمدارس والإعلام التقليدي… دراسة جامعة الشارقة 2024 وجدت أن 68% من الشباب يعتمدون عليها لتشكيل آرائهم، مقابل 22% من التعليم الرسمي. أصبحت الهويات "سائلة" -كما يقول زيجمونت باومان- أي متغيرة مثل الماء، تتشكل حسب اللحظة؛ فالشاب الذي يغرد عن فريقه الرياضي اليوم قد يدافع غدًا عن قضية دينية على إنستغرام. الـ"ميمز" عبر الشبكات تضيف لمسة خاصة: ميم "يا جماعة الخلاصة" في مصر 2022، حصد 2 مليون مشاركة بصورة شاب يلخص نقاشًا ساخرًا، وفقًا لـ "Digital Arabs Report 2023″، معبرًا عن هوية شبابية تجمع بين الإحباط والفكاهة. هذا التحول يمتد من السياسة إلى الفن، لكنه يعكس تناقضاتنا أيضًا. من الواقع إلى الشبكة.. أمثلة عربية في الجزائر، أشعل الغضب في أغسطس 2024 هاشتاغ "#كفى_فساد"، بعد فضائح مالية هزت الحكومة عقب سنوات من الإصلاحات المتعثرة، بـ 3 ملايين تغريدة -وفقًا لـ"Echorouk"- عزز ميم "الجزائري لما يشوف الفساد" (شخص يصرخ) هوية مقاومة بـ 2 مليون مشاهدة، معبرًا عن استياء شعبي. في الكويت، هاشتاغ "#كويتنا_الغالية"، خلال احتفالات اليوم الوطني بمناسبة الذكرى الـ64 للاستقلال، عكس هوية وطنية بـ4 ملايين مشاهدة على تيك توك، حسب "Kuwait Times"… ميم "الكويتي لما يشوف العلم" (شخص يبكي فرحًا) يبرز الجماعية. على نطاق عالمي، أطلق "#إغاثة_السودان" في يناير 2025، بعد تفاقم الأزمة الإنسانية الناتجة عن الصراع المستمر منذ 2019 بين الجيش والدعم السريع، موجة تضامن بـ 4 ملايين مشاركة. وفقًا لـ"Kuwait Times"، ميم "الكويتي لما يتبرع" (شخص يحمل مساعدات) عكس هوية إنسانية عابرة للحدود. وفي قطر، عبر الفرح في "#إكسبو_الدوحة أكتوبر 2024″، بعد استضافة معرض عالمي ناجح عزز الهوية الوطنية عالمية بـ 4 ملايين مشاهدة على إنستغرام، حسب "Qatar News". و في السودان، بدأت ثورة 2019، التي أطاحت بحكم عمر البشير بعد 30 عامًا من القمع، باحتجاجات على ارتفاع الأسعار. في ديسمبر 2018، غذّت منشورات فيسبوك الانقسامات القبلية، لكن هاشتاغ "#تسقط_بس" جمع 5.3 ملايين تغريدة، مشكلاً هوية شبابية وطنية.. الشبكات مرآة ومختبر للهويات، لكن البيانات تكشف المزيد. البيانات الكبيرة تكشف الثقافة البيانات الكبيرة عدسة دقيقة تعكس ثقافتنا الرقمية، والخوارزميات هي التي تجعلها كذلك. "تحليل المشاعر" -مثلًا- يعتمد على برامج كـ "LIWC" لفرز النصوص: عندما يكتب مغرد "ظلم" أو "فساد"، تحدد الخوارزمية غضبًا بسيطًا، وتقنية التعلم الآلي تحلل السياق. في "#كفى_فساد"، وجد "Echorouk Analytics" أن 68% من التغريدات عكست غضبًا بعد فضائح 2024، التي كشفت اختلاسات حكومية، بينما أظهرت دراسة "New Media Academy 2021" لـ"#مقاطعة_المنتجات_الفرنسية"، التي اندلعت في أكتوبر 2020 ردًّا على تصريحات ماكرون المثيرة للجدل حول الإسلام، أن 65% من التغريدات عكست غضبًا دينيًّا، و20% منها أظهرت نقدًا سياسيًّا، و15% دعوات اقتصادية. ألعاب كـ "فورتنايت" تستخدم خوارزميات التوصية: إذا شاهد لاعب مصري ميمًا عن "النيل لينا"، تقترح اللعبة محتوى وطنيًّا، معززة هويته المحلية، لكنها قد تحد من تعرضه لثقافات أخرى إذا ركزت على تفضيلاته فقط، كما يوضح "Epic Games Stats 2025". مواقع "تحليل الشبكات الاجتماعية"، بأدوات كـ"Gephi"، في "#إغاثة_السودان"، كشف أن 15% من المستخدمين قادوا 70% من التفاعل الإنساني، لكن البيانات قد تميل للنشطاء الأكثر حضورًا. هذه التقنيات تشكل هوياتنا عبر تفضيل المحتوى العاطفي أو الشخصي، لكنها قد تعزز الانقسامات إذا أهملت التنوع. هناك تحديات في الشبكات قد تشمل الخصوصية؛ فـ 45% يخشون التسريب والتضليل، كما في "DataReportal 2025". بالرغم من كل التناقضات فإن الفرص واعدة: "مكتبة الشارقة الرقمية" رقمنت 20 ألف مخطوطة، "أرشيف الثورة التونسية" وثق انتفاضة 2011، و"مشروع التراث الموسيقي الأردني" حفظ أغاني البدو.. البيانات مرآة وأداة، لكن دقتها تعتمد على شموليتها. التناقضات ستظل جزءًا من الفضاء الرقمي، لكن مشاريع مثل "ذاكرة الأمة" في الجزائر و"مكتبة الشارقة الرقمية" تثبت أن البيانات يمكن أن تكون أداة لحفظ التراث، لا مجرد سلعة تُستغل من أصوات الشعراء في المجالس إلى نقرات الشاشات، تحولت هوياتنا من خطابٍ ثابت إلى كيانٍ سائل يعيد تشكيل نفسه مع كل منشور. البيانات الكبيرة تكشف لنا هذا التحول المُذهل: من غضب جزائري ضد الفساد إلى فخر كويتي بالهوية، ومن تضامن عالمي مع السودان إلى فرح قطري بإكسبو الدوحة. لكن السؤال يبقى قائمًا: أنصنع هوياتنا أم تَصنعنا الخوارزميات؟ الإجابة ليست حتمية، بل خيارًا جماعيًّا؛ فـ"الهيئة السعودية للأخلاقيات الرقمية" (2023) تمنحنا نموذجًا عمليًّا: بإلزام المنصات بتحييد 40% من المحتوى الطائفي، يمكننا توجيه الخوارزميات لتعزيز الوحدة بدل الانقسام. على الصعيد التكنولوجي، ليست المنصات العالمية حتمًا لازمًا؛ فـ"منصة تكوين" السعودية -التي اجتذبت 10 ملايين مستخدم- تثبت أن الخوارزميات العربية قادرة على تسليط الضوء على المحتوى البنّاء، مثل قصص النجاح التراثية. وفي الأردن، يُظهر "مشروع هويتي الرقمية" كيف يمكن للمناهج التعليمية أن تخلق جيلًا واعيًا بخطورة الشائعات، قادرًا على تمييز الـ"ميمز" الساخر من المُضلل. لا ينتهي الأمر عند السياسات والتقنيات، بل يمتد إلى الفنون والمبادرات المجتمعية؛ فمسابقة "فنّي هويتي" في الكويت حوّلت الميمز من أداة سخرية إلى جسرٍ للفخر العربي تحت هاشتاغ "#أنا_عربي_وأفتخر"، بينما حوّلت "حملة شير بوعي" في المغرب المؤثرين من ناشرين للفوضى إلى سفراء للوعي الرقمي. صحيحٌ أن التناقضات ستظل جزءًا من الفضاء الرقمي، لكن مشاريع مثل "ذاكرة الأمة" في الجزائر و"مكتبة الشارقة الرقمية" تثبت أن البيانات يمكن أن تكون أداة لحفظ التراث، لا مجرد سلعة تُستغل. هنا، يصبح الفضاء الرقمي مختبرًا نعيد فيه اكتشاف هويتنا: لا بقَصْرها على الماضي، ولا بِذوبانها في العولمة، بل بصياغة نموذجٍ عربي يحوّل التناقضات إلى تنوع، والانقسامات إلى حوار. الشبكات ليست عدوًّا ولا حليفًا، بل مرآةً نرى فيها أفضل ما لدينا والأسوأ فيه. السؤال ليس: ماذا تفعل بنا الشبكات؟ بل: كيف نريد أن نكون في عصرها؟ الإجابة تبدأ بخطوة: أن نُمسك بزمام المرآة قبل أن تكسرنا انعكاساتها.

علاقات الجيب العلوي.. الحب السائل في زمن استهلاك اللذة
علاقات الجيب العلوي.. الحب السائل في زمن استهلاك اللذة

الشروق

time١٧-٠٢-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الشروق

علاقات الجيب العلوي.. الحب السائل في زمن استهلاك اللذة

إن اختراع الفالنتاين هو أكبر دليل على أن الناس يمارسون الكراهية طيلة أيام السنة. ويخصصون يوما واحدا للحب. هكذا استنكر أحد الأدباء القدامى احتفال الناس بعيد الحب. لكن، ماذا لو أطال الله عمره وعاش لعصرنا وأدرك أنه حتى في 14 فيفري من كل عام لم يعد الناس يمارسون الحب. بعد أن تم تشويه وتغيير طبيعة المشاعر بين الجنسين. لتتحول إلى ما يسمى علاقات الجيب العلوي؟ الحب السائل أصدر عالم الاجتماع البولندي، زيجمونت باومان، سنة 2003 كتابه 'الحب السائل'، الذي أكد فيه أن الحداثة أدت إلى تغير معايير المشاعر بين الناس عموما، وبين الجنسين خصوصا، حيث ساهم التطور الصناعي والتكنولوجي في تشويه مفهوم الحب لدى البشر، فأصبحت العلاقات البشرية هشة وسريعة، ما دفعه إلى تسميتها بعلاقات الجيب العلوي. وهذا، لسهولة التخلي عنها وتركها. تماما، كما تلقي ورقة أو أي شيء يوضع في جيب القميص العلوي، حيث يسهل إخراجه والتخلص منه حينما لا يلبي رغباتنا، أو كمنتج تم استهلاكه، فيمكن رميه بلا أدنى حسرة عليه. فعلاقات الجيب العلوي، هي علاقات عابرة خالية من العاطفة أو الحب. يدخلها المرء بوعي كامل وعقل يقظ حريص على عدم الانجراف مع تيارات الحب الصادق، الذي أضحى حبا سائلا وهشّا. فالإنسان، في عصرنا الحديث، لم يعد يبحث عن العلاقات طويلة الأمد، لأنها تتطلب جهدا ووقتا، وإنما صار يبحث عن علاقات سريعة خفيفة تُعفيه من أي أعباء أو التزامات أو مسؤوليات نحو الآخر. وهي قائمة على النزعة أو المنفعة المادية واللذة، وتهدف إلى الاستهلاك اللحظي، ما يجعل إنهاءها يسيرا وسريعا، كما أنها تتعارض مع مفهوم الحب والرعاية، لكونها أقرب إلى الرغبة. يؤكد زيجمونت باومان أن الثقافة الرأسمالية تُعزز الرغبة وتقضي على الحب. وشتان ما بين ذلك وتلك. فالحب يعني الرعاية والتوق إلى تقديم الحماية والإطعام والإيواء والمداعبة والملاطفة والتدليل، وفيه نزعة تملكية. بينما، الرغبة فيها نزعة استهلاكية. أي أن تأخذ ما تشتهيه من المنتج ثم تلقي به في سلة النفايات. وكذلك، صارت حال العلاقات في عصرنا الحديث. أي تحكمها الرغبة واللذة السريعة والمريحة. لقد ربط باومان ما بين علاقات الجيب العلوي وبين مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يرى بأن اندماجنا مع هذا الواقع الافتراضي تسبب في انقلاب الحقيقة بين العالمين. فصار العالم الافتراضي هو الحقيقي. بينما صار العالم الواقعي تابعا له، ما انعكس حتى على علاقاتنا العاطفية. فأصبح يسهل نسجها بمجرد 'لايك' أو طلب صداقة ثم استهلاكها عبر الرسائل الإلكترونية والمحادثات المختلفة في المنصات الرقمية. وبالتالي، يسهل كذلك التخلي عنها، بالضغط على خيار الحظر أو الحذف أو غلق نافذة الدردشة. فوسائل التواصل الاجتماعي حولت العلاقات بين الجنسين إلى علاقات مؤقتة وغير مبنية على الالتزام والاستمرار. فأي طعم تبقى لعيد الحب، إذا كان الناس قد فقدوا القدرة على الحب؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store