logo
#

أحدث الأخبار مع #زيزيإسطفان

في بيروت نسب هزيلة وحماسة مفقودة
في بيروت نسب هزيلة وحماسة مفقودة

صوت لبنان

timeمنذ 3 أيام

  • سياسة
  • صوت لبنان

في بيروت نسب هزيلة وحماسة مفقودة

كتبت زيزي إسطفان في 'نداء الوطن': لم تكن الانتخابات البلدية في بيروت على قدر التوقعات أو الآمال، فالفرصة التي قدمت إلى أهل بيروت لتغيير واقع العاصمة وبلسمة جراحها بعد كل ما مرت به من مآسٍ وإهمال، لم يتلقفها «البيارتة» بحماس ولم تحظ بالاحتضان المطلوب. بقيت البرودة سيدة الأجواء وبدا النهار الانتخابي الطويل رغم كل محاولات التجييش التي سبقته، وكأنه سخرة مفروضة على البعض، فيما فضّل آخرون عدم الالتفات إلى الاستحقاق وكأنه لا يعنيهم. منذ الصباح الباكر بدا واضحاً أن بيروت بمختلف مناطقها وأحيائها لا تعيش أجواء معركة انتخابية حامية كما هي الحال في مدينة زحلة أو بعض البلدات والقرى في البقاع. لا تجييش وتحشيد يذكر للماكينات الانتخابية وللمناصرين، وحدها «جمعية المشاريع» كانت سيدة الساحة منذ الصباح، حيث غزا متطوعوها بقمصانهم الصفراء مداخل كل مراكز الاقتراع في كل الأحياء، فيما بدا صارخاً صباحاً غياب الماكينات الأخرى في مناطق مثل المدور، دار المريسة، مينا الحصن والمصطيبة. وكانت خيم مناصري الأحزاب خارج مراكز الاقتراع في هذه المناطق شبه فارغة مع تسجيل حضور لحزب الطاشناق في المدور والمرفأ وحزب «الحوار» في المناطق ذات الأغلبية السنية. ست لوائح كانت تتنافس في بيروت أبرزها كما بات معروفاً لائحة، «بيروت بتجمعنا» وهي ائتلاف واسع للأحزاب المتناقضة، الهدف منه وفق ما ردده المسؤولون عن هذه الأحزاب، تأمين المناصفة في البلدية بين المسلمين والمسيحيين. فجمعت اللائحة «القوات اللبنانية» و «الكتائب» و «الطاشناق» و»جمعية المشاريع» و «حزب الله» و «حزب الحوار» برئاسة النائب فؤاد مخزومي. اللائحة الثانية التي كان يتوقع لها أن تحظى بحضور قوي في بيروت لائحة « بيروت مدينتي»، بدت هذه المرة أقل حضوراً، أقله على صعيد المندوبين والمناصرين المتواجدين في الخيم، حيث لوحظ أحد المناصرين صباحاً وهو يطلب المزيد من المتطوعين ويناشدهم النزول إلى الأرض فيما صار حضورهم أكثر كثافة في ساعات الظهر. لائحة «بيروت بتحبك» برئاسة العميد المتقاعد محمود الجمل ودعم النائب نبيل بدر و «الجماعة الإسلامية» كان لها حضور على الأرض وبين المندوبين وانتشرت خيم «الجماعة الإسلامية» أمام أكثر من مركز اقتراع، وبدا لافتاً تنظيمهم ونشاطهم. لائحة « ولاد البلد» برئاسة رولا العجوز العضو السابق في بلدية بيروت لم يكن لمناصريها حضور يذكر على الأرض بحيث شكلت الغائب الأكبر وربما كان حضورها محصوراً في بعض الأحياء البيروتية. تبقى هناك لائحتان غير مكتملتين «ممفد» و «بيروت عاصمتنا». طوال اليوم الانتخابي الطويل، لم تشهد بيروت تزايداً كبيراً في عدد المقترعين وبقي الهدوء سيد العملية الانتخابية التي خلت تماماً من الإشكاليات الأمنية. وبدت بعض الأقلام لا سيما تلك الخاصة بالأقليات شبه فارغة. ففي مركز اقتراع المدرسة المعنية في زقاق البلاط المخصصة للأقليات في بيروت ونعني بهم الدروز والموارنة والأرمن الكاثوليك والسريان الكاثوليك بلغ عدد المقترعين حتى الساعة الثانية من بعد ظهر أمس 28 مقترعاً من أصل 555 ناخباً. كذلك بدا لافتاً عدم وجود أعداد كبيرة من المندوبين رغم وجود ست لوائح متنافسة، وعزا البعض ذلك إلى غياب المنافسة والحماوة و إلى غياب المال الانتخابي. وقد لوحظ غياب الأموال عن بعض اللوائح من خلال عدم وجود مناصرين لها على الأرض مع ما يتطلبه ذلك من كلفة، وعدم حصول المناصرين في حال تواجدوا على وجبة الغداء أو حتى الماء والمرطبات. وكان لافتاً تواجد خيمة لـ «حزب الله» أمام معظم مراكز الاقتراع التي زرناها رغم كون لائحة «بيروت بتجمعنا» لا تضم إلا مرشحاً واحداً لـ «الحزب» هو المهندس عماد الفقيه. ويقال وفق بعض الشهود، إنه في بعض الخيم التابعة لـ «حزب الله» كان المتواجدون فيها يعطون إرشاداتهم للناخبين ويطلبون سراً تشطيب بعض الأسماء والأخبار ذاتها سرت حول «جمعية المشاريع» التي أوعزت لمناصريها تشطيب بعض أسماء المرشحين التابعين للنائب مخزومي . تقنياً لم تختلف انتخابات بيروت عن انتخابات جبل لبنان ولبنان الشمالي بالنسبة إلى الفوضى الإدارية، وعدم احترام معايير كثيرة، أولها احترام حق كبار السن والمعوقين حركياً في الوصول إلى أقلام الاقتراع. حيث لوحظ مثلاً وجود الأقلام في الطابقين الرابع والخامس من إحدى المدارس مع عدم وجود مصعد، كما لوحظ تخبط بعض الناخبين في إيجاد أقلام الاقتراع الخاصة بهم بعد تلقيهم معلومات متضاربة حولها. انتهى اليوم الانتخابي الطويل في بيروت وبقيت نسبة الاقتراع منخفضة حيث وصلت إلى 20.16 % وفق محصلة شبه نهائية لوزارة الداخلية والبلديات ولم يزدد حماس البيارتة في المشاركة بالعملية الديمقراطية . لا شك أن عوامل كثيرة ساهمت في رد الفعل هذا ولا بد من دراستها بتأنٍ، إذ ثمة حسرة في قلب كل بيروتي عبرت عنها إحدى السيدات قائلة: «نحن كبيارتة لا ننتخب بتكليف شرعي ولا بهبّة عشائرية عائلية».

في بيروت نسب هزيلة وحماسة مفقودة
في بيروت نسب هزيلة وحماسة مفقودة

IM Lebanon

timeمنذ 3 أيام

  • سياسة
  • IM Lebanon

في بيروت نسب هزيلة وحماسة مفقودة

كتبت زيزي إسطفان في 'نداء الوطن': لم تكن الانتخابات البلدية في بيروت على قدر التوقعات أو الآمال، فالفرصة التي قدمت إلى أهل بيروت لتغيير واقع العاصمة وبلسمة جراحها بعد كل ما مرت به من مآسٍ وإهمال، لم يتلقفها «البيارتة» بحماس ولم تحظ بالاحتضان المطلوب. بقيت البرودة سيدة الأجواء وبدا النهار الانتخابي الطويل رغم كل محاولات التجييش التي سبقته، وكأنه سخرة مفروضة على البعض، فيما فضّل آخرون عدم الالتفات إلى الاستحقاق وكأنه لا يعنيهم. منذ الصباح الباكر بدا واضحاً أن بيروت بمختلف مناطقها وأحيائها لا تعيش أجواء معركة انتخابية حامية كما هي الحال في مدينة زحلة أو بعض البلدات والقرى في البقاع. لا تجييش وتحشيد يذكر للماكينات الانتخابية وللمناصرين، وحدها «جمعية المشاريع» كانت سيدة الساحة منذ الصباح، حيث غزا متطوعوها بقمصانهم الصفراء مداخل كل مراكز الاقتراع في كل الأحياء، فيما بدا صارخاً صباحاً غياب الماكينات الأخرى في مناطق مثل المدور، دار المريسة، مينا الحصن والمصطيبة. وكانت خيم مناصري الأحزاب خارج مراكز الاقتراع في هذه المناطق شبه فارغة مع تسجيل حضور لحزب الطاشناق في المدور والمرفأ وحزب «الحوار» في المناطق ذات الأغلبية السنية. ست لوائح كانت تتنافس في بيروت أبرزها كما بات معروفاً لائحة، «بيروت بتجمعنا» وهي ائتلاف واسع للأحزاب المتناقضة، الهدف منه وفق ما ردده المسؤولون عن هذه الأحزاب، تأمين المناصفة في البلدية بين المسلمين والمسيحيين. فجمعت اللائحة «القوات اللبنانية» و «الكتائب» و «الطاشناق» و»جمعية المشاريع» و «حزب الله» و «حزب الحوار» برئاسة النائب فؤاد مخزومي. اللائحة الثانية التي كان يتوقع لها أن تحظى بحضور قوي في بيروت لائحة « بيروت مدينتي»، بدت هذه المرة أقل حضوراً، أقله على صعيد المندوبين والمناصرين المتواجدين في الخيم، حيث لوحظ أحد المناصرين صباحاً وهو يطلب المزيد من المتطوعين ويناشدهم النزول إلى الأرض فيما صار حضورهم أكثر كثافة في ساعات الظهر. لائحة «بيروت بتحبك» برئاسة العميد المتقاعد محمود الجمل ودعم النائب نبيل بدر و «الجماعة الإسلامية» كان لها حضور على الأرض وبين المندوبين وانتشرت خيم «الجماعة الإسلامية» أمام أكثر من مركز اقتراع، وبدا لافتاً تنظيمهم ونشاطهم. لائحة « ولاد البلد» برئاسة رولا العجوز العضو السابق في بلدية بيروت لم يكن لمناصريها حضور يذكر على الأرض بحيث شكلت الغائب الأكبر وربما كان حضورها محصوراً في بعض الأحياء البيروتية. تبقى هناك لائحتان غير مكتملتين «ممفد» و «بيروت عاصمتنا». طوال اليوم الانتخابي الطويل، لم تشهد بيروت تزايداً كبيراً في عدد المقترعين وبقي الهدوء سيد العملية الانتخابية التي خلت تماماً من الإشكاليات الأمنية. وبدت بعض الأقلام لا سيما تلك الخاصة بالأقليات شبه فارغة. ففي مركز اقتراع المدرسة المعنية في زقاق البلاط المخصصة للأقليات في بيروت ونعني بهم الدروز والموارنة والأرمن الكاثوليك والسريان الكاثوليك بلغ عدد المقترعين حتى الساعة الثانية من بعد ظهر أمس 28 مقترعاً من أصل 555 ناخباً. كذلك بدا لافتاً عدم وجود أعداد كبيرة من المندوبين رغم وجود ست لوائح متنافسة، وعزا البعض ذلك إلى غياب المنافسة والحماوة و إلى غياب المال الانتخابي. وقد لوحظ غياب الأموال عن بعض اللوائح من خلال عدم وجود مناصرين لها على الأرض مع ما يتطلبه ذلك من كلفة، وعدم حصول المناصرين في حال تواجدوا على وجبة الغداء أو حتى الماء والمرطبات. وكان لافتاً تواجد خيمة لـ «حزب الله» أمام معظم مراكز الاقتراع التي زرناها رغم كون لائحة «بيروت بتجمعنا» لا تضم إلا مرشحاً واحداً لـ «الحزب» هو المهندس عماد الفقيه. ويقال وفق بعض الشهود، إنه في بعض الخيم التابعة لـ «حزب الله» كان المتواجدون فيها يعطون إرشاداتهم للناخبين ويطلبون سراً تشطيب بعض الأسماء والأخبار ذاتها سرت حول «جمعية المشاريع» التي أوعزت لمناصريها تشطيب بعض أسماء المرشحين التابعين للنائب مخزومي . تقنياً لم تختلف انتخابات بيروت عن انتخابات جبل لبنان ولبنان الشمالي بالنسبة إلى الفوضى الإدارية، وعدم احترام معايير كثيرة، أولها احترام حق كبار السن والمعوقين حركياً في الوصول إلى أقلام الاقتراع. حيث لوحظ مثلاً وجود الأقلام في الطابقين الرابع والخامس من إحدى المدارس مع عدم وجود مصعد، كما لوحظ تخبط بعض الناخبين في إيجاد أقلام الاقتراع الخاصة بهم بعد تلقيهم معلومات متضاربة حولها. انتهى اليوم الانتخابي الطويل في بيروت وبقيت نسبة الاقتراع منخفضة حيث وصلت إلى 20.16 % وفق محصلة شبه نهائية لوزارة الداخلية والبلديات ولم يزدد حماس البيارتة في المشاركة بالعملية الديمقراطية . لا شك أن عوامل كثيرة ساهمت في رد الفعل هذا ولا بد من دراستها بتأنٍ، إذ ثمة حسرة في قلب كل بيروتي عبرت عنها إحدى السيدات قائلة: «نحن كبيارتة لا ننتخب بتكليف شرعي ولا بهبّة عشائرية عائلية».

غرف العمليات موبؤة بالفيروسات… هل من حل؟
غرف العمليات موبؤة بالفيروسات… هل من حل؟

IM Lebanon

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • صحة
  • IM Lebanon

غرف العمليات موبؤة بالفيروسات… هل من حل؟

كتبت زيزي إسطفان في 'نداء الوطن': هو واقع لا يمكن تجاهله والحالات التي نسمع عنها كثيرة، لكن في كل مرة يُفتح فيها الحديث عن العدوى التي يلتقطها المرضى داخل المستشفيات، يسود صمت ثقيل يشبه التواطؤ، وكأنّ هناك اتفاقاً ضمنياً على التعتيم. المستشفيات تحاول التستّر على الأمر، والعاملون في القطاع الصحي ينفضون يدهم من المسؤولية، بينما يظل المريض في لبنان وحيداً في المعادلة، ضحيةً لنظام استشفائي يعاني ما يعانيه من مشاكل. فهل صار العلاج أخطر من المرض وهل بات المريض يخشى الدخول إلى المستشفى؟ هل أصبح المريض في خطر في مستشفى نشد فيها الأمان الصحي؟ كثيرة هي القصص التي نسمعها عن أشخاص دخلوا أصحاء فخرجوا مرضى، لكن ذلك لا يخلو من المبالغة والتضخيم، أما الحقيقة فأبعد من ذلك بكثير. فالمستشفيات كتلة جراثيم من المستحيل ضبطها ولا بد أن تتفلت منها فيروسات وباكتيريا وميكروبات تخبط عشوائياً، من هنا تمثل العدوى المكتسبة داخل المستشفيات تحدياً صحياً لا على المستوى اللبناني فحسب بل على المستوى العالمي وتتحول إلى مشكلة حقيقية لا يمكن تجاهلها حين ترتفع نسب الالتهابات عن النسب المتوقعة، لا سيما أن التوقعات تشير إلى أن الالتهابات ستكون السبب الأول للوفيات عالمياً بحلول عام 2050. إمكانيات ضعيفة وأزمات عميقة الاختصاصي في الأمراض المعدية والجرثومية، الدكتور ناجي عون، يضع إصبعه على الجرح من دون مواربة، مؤكداً أن المشكلة 'ليست في الأشخاص بل في النظام الصحي ككل'. نظامٌ يتلكأ في تطبيق معايير السلامة والحماية من انتقال العدوى، ولا يخضع لرقابة مشددة من قبل وزارة الصحة. ومن جهته يرى الدكتور عبد الرحمن البزري، الاختصاصي في الأمراض المعدية والجرثومية، أن المستشفيات اللبنانية تعاني من تحديات مضاعفة بسبب الأزمات الاقتصادية وضعف الإمكانيات الطبية، ما يزيد من انتشار العدوى داخل المنشآت الصحية ويجعلها أرضاً خصبة لتكاثر الباكتيريا والفيروسات وانتشار العدوى بين من يفترض أنهم في أيدٍ أمينة. طبياً تتعدد أسباب انتشار العدوى في المستشفيات، حيث تعتبر البيئة الطبية المغلقة مثالية لانتقال الميكروبات بسبب تواجد أعداد كبيرة من المرضى، لا سيما في أقسام العناية المركزة. ويزيد استخدام الإجراءات الطبية الغازية مثل القسطرة البولية وأجهزة التنفس الاصطناعي والعمليات الجراحية من احتمالية الإصابة بالعدوى. يضاف إلى ذلك ضعف إجراءات التعقيم وعدم الالتزام بالبروتوكولات الصحية وإجراءات الوقاية مثل غسل اليدين وارتداء معدات الحماية ما يؤدي إلى انتقال الجراثيم عبر الطواقم الطبية والعاملين في المستشفى إلى المرضى. وثمة عامل خارجي لا يمكن إنكاره وهو مقاومة المضادات الحيوية الذي يؤدي بدوره إلى تطور سلالات بكتيرية مقاومة ما يزيد من صعوبة العلاج. المشكلة لم تعد صحية وحسب يدفع ثمنها المريض بل إن تداعياتها الاقتصادية والطبية باتت مكلفة حيث يؤدي التقاط عدوى في المستشفى وفق الدكتور البزري 'إلى إطالة فترة العلاج وارتفاع التكلفة العلاجية عبر علاجات باهظة الثمن أو حتى إلى حدوث مضاعفات خطرة تؤدي إلى الوفاة وبالتالي إرهاق النظام الصحي العام والتأثير على سمعة المستشفيات وإضعاف ثقة المرضى بها. ومتى انتشر تكرار حالات التقاط عدوى داخل مستشفى ما يصبح من الصعب إقناع الرأي العام بتعدد الأسباب وعدم تحمل المستشفى وحده مسؤولية هذا الأمر'. عندما تصبح المستشفيات مصدراً للعدوى قد يظن البعض أن التقاط عدوى داخل المستشفى حالة نادرة أو استثنائية، إلا أن الحقيقة أبعد من ذلك وتحتاج إلى شرح طبي مفصل. إذ يشير د. عون إلى أن 80 % من الحالات الطارئة التي تُنقل إلى المستشفيات ناتجة عن التهابات، من الإسهال إلى التهاب الرئة والزائدة الدودية والتهاب المصران وغيرها وكلها تعكس تلاقي عوامل صحية وبيئية ومجتمعية، منها ضعف جهاز المناعة لدى المريض، انتشار الميكروبات في الهواء، التجمعات السكانية، وسوء الالتزام بمعايير النظافة. وفي لبنان تساهم أزمات انقطاع الكهرباء، واختلاط المياه الملوثة بمياه الشرب، ورداءة البنية التحتية، في توفير بيئة مثالية لتكاثر الجراثيم والبكتيريا والفيروسات وانتقال العدوى، ليس فقط في الشوارع والمنازل، بل داخل المستشفيات أيضاً. ما إن يدخل المريض إلى المستشفى حاملاً التهاباً حاداً، غالباً ما يكون بسبب بكتيريا مقاومة للعلاجات، حتى تبدأ دوامة معقّدة من المضاعفات وفق ما يشرح د. عون. ويكون جهازه المناعي منشغلاً في محاربة الالتهاب الأساسي، فيُصبح عاجزاً عن مقاومة جراثيم أخرى قد يلتقطها من محيطه الجديد. ففي المستشفيات، وخصوصاً أقسام الطوارئ، يتجاور مرضى يعانون من التهابات شتى، ويكفي احتكاك بسيط أو لمسة سطح ملوث أو تهوئة غير صالحة لتنتقل العدوى من مريض إلى آخر. إلى ذلك، يوضح د. عون أن تناول المضادات الحيوية غير المناسبة قد يؤدي إلى تطوّر جراثيم أكثر مقاومة تضعف مناعة المريض ويصبح أكثر عرضة لالتقاط عدوى جديدة داخل المستشفى. كما أن بعض العدوى ينتقل عبر الهواء أو الماء، أو نتيجة سوء تعقيم الأدوات الطبية بعد العمليات. والأخطر أن بعض المرضى – خصوصاً أولئك الذين خضعوا لعلاجات بالمضادات الحيوية عبر الوريد أو يعانون أمراضاً مزمنة مثل السرطان أو السكري، يدخلون المستشفى وهم يعانون أصلاً من ضعف المناعة أو يحملون في أجسامهم سلالات من الجراثيم المقاومة، ما يجعلهم أكثر عرضة لتلقي العدوى. الإجراءات موجودة… لكن من يطبقها؟ عالمياً، ثمة بروتوكولات صارمة لمكافحة العدوى داخل المستشفيات، تتضمن إنشاء أقسام متخصصة تضم أطباء وممرضين في 'مكافحة العدوى (Infection Control)، أما المشكلة في لبنان فلا تكمن في غياب المعرفة، ومعظم المستشفيات الكبرى في لبنان تطبق بالفعل معايير الجودة العالمية، لكنها تكمن في ضعف التطبيق وغياب الرقابة. أسباب هذا التقاعس عديدة، لكن أبرزها ما بات واضحاً لدى الجميع وهو ارتفاع الكلفة وضعف الموارد، إذ أن المعقمات والمعدات الخاصة بالنظافة ليست باهظة الثمن فحسب، بل إن كلفتها لا تدفع غالباً ضمن الفاتورة التي تغطيها الجهات الضامنة أو شركات التأمين. ومع تراجع الدعم المالي للمستشفيات، باتت الأخيرة تلجأ إلى التوفير على حساب التعقيم. من هنا يقول الدكتور عون 'إن المستشفيات وحدها لا تستطيع تحمّل كلفة مكافحة العدوى والإصلاح الحقيقي يتطلب شراكة بين وزارة الصحة، الجهات الضامنة، إدارات المستشفيات، والهيئات الطبية' الغسيل والتعقيم توجهنا إلى مستشفى سان شارل لنطلع عن كثب على البروتوكولات التي تطبقها المستشفيات في التعقيم لتجنب انتشار العدوى فيها. الممرضة المسؤولة عن مراقبة العدوى شرحت لنا كيف يتم تقسيم غرف العمليات وفق الحالات المرضية فتكون هناك غرف مخصصة لجراحات العظام وأخرى للجراحات البسيطة وثالثة للجروح المفتوحة الملتهبة. المرضى الذين يحملون التهابات قوية أو الذين أمضوا وقتاً في غرفة العناية على جهاز تنفس يتركون في العادة حتى آخر النهار بعد العمليات الجراحية الأخرى، في غرف عمليات تفصل دقائق عشر بين عملية وأخرى، ويعمل فريق التعقيم على تعقيم الغرفة وإزالة كل ما استخدم فيها. وتنقل الشراشف إلى المغسلة لتغسل في غسالة مختلفة عن تلك المستعملة لغسيل الطوابق والمرضى مع نوعية أدوية غسيل وتعقيم خاصة. بعدها تشطف غرفة العمليات وتمسح وترش الأرض والأسطح بمعقم خاص وتغسل الأدوات وتُنقع في معقمات خاصة، وتُجفف بحرارة عالية قبل حفظها في غرفة معقمة تحت إشراف المسؤول عن مراقبة العدوى. لكن هل تكفي دقائق عشر لإتمام كل هذه العملية؟ صحيح أن باب غرفة العمليات يبقى مغلقاً أثناء الجراحة مع وجود عدد محدد من الأشخاص وارتداء الجميع أقنعة وقفازات وملابس معقمة. لكن هذا لا ينفي أن يتم التقاط عدوى ما في غرفة العمليات حين يكون الجرح مفتوحاً لا سيما بوجود طلاب طب متدربين لم يعتادوا بعد على الإجراءات أو ربما أطباء أو ممرضات تهاونوا في تطبيق الإجراءات. وقد يكون المريض حاملاً التهاباً في الأساس ولم تجرَ له الفحوصات اللازمة وحين يخضع لعملية جراحية أو لوضع قسطرة تستيقظ الجرثومة الكامنة عنده. ودور المستشفى طرح الأسئلة اللازمة على كل شخص مصاب بالتهابات لمعرفة مصدرها. المرضى المصابون بالتهابات يخضعون لبروتوكولات خاصة، تُعلّق على باب الغرفة ليعرف الجميع كيفية التعامل معهم. التنظيف يتم ثلاث مرات يومياً، وتُستخدم مصاعد مختلفة للمرضى والنفايات، حتى المكيّفات تُعقّم دورياً. أما الفضلات الطبية فتوضع في أكياس خاصة ثم في غرفة مبردة وتنقل بعدها إلى مؤسسة Arcenciel لتتم معالجتها. في حال اكتشاف المستشفى وجود نسبة التهابات أعلى من المعتاد يدرك وجود خطأ في مكان ما، بشري أو بنيوي، لا بد من إيجاده وحله. كما يخضع كل الجسم الطبي والتمريضي لدورات تدريبية مستمرة لتوضيح طريقة العمل الصحيحة. لكن على الرغم من كل ذلك وكلما كبر المستشفى وتلقى المزيد من الحالات الصعبة والالتهابات القوية تزايدت فيه إمكانية نقل العدوى. رقابة متشددة وتحدٍ متزايد وزارة الصحة ينبغي أن تكون المرجع الذي يتحمل مسؤولية ضبط العدوى، عبر مراقبة تطبيق المستشفيات للبروتوكولات، لا سيما في الطوارئ وغرف العمليات. وعليها تتبّع نسب العدوى، ومقارنتها بالمعايير العالمية، ومنع استخدام المضادات الحيوية العشوائي لتجنّب نشوء سلالات مقاومة. ويوصي الأطباء بتخفيف الاكتظاظ داخل المستشفيات. في هذا الإطار يدعو الدكتور عون الوزارة للاهتمام بتمويل مستلزمات التعقيم كما تفعل مع أدوية الأمراض المزمنة، لأن الوقاية تُخفف كلفة العلاج لاحقاً. ويشدد على 'أهمية فرض عقوبات على المؤسسات التي تستهتر بسلامة المرضى'. في الغرب، تُلزم المستشفيات بتوثيق نسب العدوى ومحاسبة المقصّرين. أما في لبنان، فلا توجد جهة رسمية تجمع الإحصاءات، ما يُصعّب المقارنة بين المستشفيات. مع ذلك، يرفض الأطباء القول إن الوضع اللبناني أسوأ مقارنة بالوضع العالمي بل يشيرون إلى قدرة المستشفيات على السيطرة رغم التحديات. فمنذ عام 2019، عانت المستشفيات من نقص في المعدات والتجهيزات، وبعضها لا يزال يعاني حتى اليوم. كما أن قدم الأجهزة وارتفاع كلفة صيانتها يدفعان ببعضها إلى التساهل في تطبيق المعايير، ما يُبقي المريض في دائرة الخطر.

غرف العمليات موبؤة بالفيروسات... هل من حل؟
غرف العمليات موبؤة بالفيروسات... هل من حل؟

صوت لبنان

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • صحة
  • صوت لبنان

غرف العمليات موبؤة بالفيروسات... هل من حل؟

زيزي إسطفان - نداء الوطن هو واقع لا يمكن تجاهله والحالات التي نسمع عنها كثيرة، لكن في كل مرة يُفتح فيها الحديث عن العدوى التي يلتقطها المرضى داخل المستشفيات، يسود صمت ثقيل يشبه التواطؤ، وكأنّ هناك اتفاقاً ضمنياً على التعتيم. المستشفيات تحاول التستّر على الأمر، والعاملون في القطاع الصحي ينفضون يدهم من المسؤولية، بينما يظل المريض في لبنان وحيداً في المعادلة، ضحيةً لنظام استشفائي يعاني ما يعانيه من مشاكل. فهل صار العلاج أخطر من المرض وهل بات المريض يخشى الدخول إلى المستشفى؟ هل أصبح المريض في خطر في مستشفى نشد فيها الأمان الصحي؟ كثيرة هي القصص التي نسمعها عن أشخاص دخلوا أصحاء فخرجوا مرضى، لكن ذلك لا يخلو من المبالغة والتضخيم، أما الحقيقة فأبعد من ذلك بكثير. فالمستشفيات كتلة جراثيم من المستحيل ضبطها ولا بد أن تتفلت منها فيروسات وباكتيريا وميكروبات تخبط عشوائياً، من هنا تمثل العدوى المكتسبة داخل المستشفيات تحدياً صحياً لا على المستوى اللبناني فحسب بل على المستوى العالمي وتتحول إلى مشكلة حقيقية لا يمكن تجاهلها حين ترتفع نسب الالتهابات عن النسب المتوقعة، لا سيما أن التوقعات تشير إلى أن الالتهابات ستكون السبب الأول للوفيات عالمياً بحلول عام 2050. إمكانيات ضعيفة وأزمات عميقة الاختصاصي في الأمراض المعدية والجرثومية، الدكتور ناجي عون، يضع إصبعه على الجرح من دون مواربة، مؤكداً أن المشكلة "ليست في الأشخاص بل في النظام الصحي ككل". نظامٌ يتلكأ في تطبيق معايير السلامة والحماية من انتقال العدوى، ولا يخضع لرقابة مشددة من قبل وزارة الصحة. ومن جهته يرى الدكتور عبد الرحمن البزري، الاختصاصي في الأمراض المعدية والجرثومية، أن المستشفيات اللبنانية تعاني من تحديات مضاعفة بسبب الأزمات الاقتصادية وضعف الإمكانيات الطبية، ما يزيد من انتشار العدوى داخل المنشآت الصحية ويجعلها أرضاً خصبة لتكاثر الباكتيريا والفيروسات وانتشار العدوى بين من يفترض أنهم في أيدٍ أمينة. طبياً تتعدد أسباب انتشار العدوى في المستشفيات، حيث تعتبر البيئة الطبية المغلقة مثالية لانتقال الميكروبات بسبب تواجد أعداد كبيرة من المرضى، لا سيما في أقسام العناية المركزة. ويزيد استخدام الإجراءات الطبية الغازية مثل القسطرة البولية وأجهزة التنفس الاصطناعي والعمليات الجراحية من احتمالية الإصابة بالعدوى. يضاف إلى ذلك ضعف إجراءات التعقيم وعدم الالتزام بالبروتوكولات الصحية وإجراءات الوقاية مثل غسل اليدين وارتداء معدات الحماية ما يؤدي إلى انتقال الجراثيم عبر الطواقم الطبية والعاملين في المستشفى إلى المرضى. وثمة عامل خارجي لا يمكن إنكاره وهو مقاومة المضادات الحيوية الذي يؤدي بدوره إلى تطور سلالات بكتيرية مقاومة ما يزيد من صعوبة العلاج. المشكلة لم تعد صحية وحسب يدفع ثمنها المريض بل إن تداعياتها الاقتصادية والطبية باتت مكلفة حيث يؤدي التقاط عدوى في المستشفى وفق الدكتور البزري "إلى إطالة فترة العلاج وارتفاع التكلفة العلاجية عبر علاجات باهظة الثمن أو حتى إلى حدوث مضاعفات خطرة تؤدي إلى الوفاة وبالتالي إرهاق النظام الصحي العام والتأثير على سمعة المستشفيات وإضعاف ثقة المرضى بها. ومتى انتشر تكرار حالات التقاط عدوى داخل مستشفى ما يصبح من الصعب إقناع الرأي العام بتعدد الأسباب وعدم تحمل المستشفى وحده مسؤولية هذا الأمر". عندما تصبح المستشفيات مصدراً للعدوى قد يظن البعض أن التقاط عدوى داخل المستشفى حالة نادرة أو استثنائية، إلا أن الحقيقة أبعد من ذلك وتحتاج إلى شرح طبي مفصل. إذ يشير د. عون إلى أن 80 % من الحالات الطارئة التي تُنقل إلى المستشفيات ناتجة عن التهابات، من الإسهال إلى التهاب الرئة والزائدة الدودية والتهاب المصران وغيرها وكلها تعكس تلاقي عوامل صحية وبيئية ومجتمعية، منها ضعف جهاز المناعة لدى المريض، انتشار الميكروبات في الهواء، التجمعات السكانية، وسوء الالتزام بمعايير النظافة. وفي لبنان تساهم أزمات انقطاع الكهرباء، واختلاط المياه الملوثة بمياه الشرب، ورداءة البنية التحتية، في توفير بيئة مثالية لتكاثر الجراثيم والبكتيريا والفيروسات وانتقال العدوى، ليس فقط في الشوارع والمنازل، بل داخل المستشفيات أيضاً. ما إن يدخل المريض إلى المستشفى حاملاً التهاباً حاداً، غالباً ما يكون بسبب بكتيريا مقاومة للعلاجات، حتى تبدأ دوامة معقّدة من المضاعفات وفق ما يشرح د. عون. ويكون جهازه المناعي منشغلاً في محاربة الالتهاب الأساسي، فيُصبح عاجزاً عن مقاومة جراثيم أخرى قد يلتقطها من محيطه الجديد. ففي المستشفيات، وخصوصاً أقسام الطوارئ، يتجاور مرضى يعانون من التهابات شتى، ويكفي احتكاك بسيط أو لمسة سطح ملوث أو تهوئة غير صالحة لتنتقل العدوى من مريض إلى آخر. إلى ذلك، يوضح د. عون أن تناول المضادات الحيوية غير المناسبة قد يؤدي إلى تطوّر جراثيم أكثر مقاومة تضعف مناعة المريض ويصبح أكثر عرضة لالتقاط عدوى جديدة داخل المستشفى. كما أن بعض العدوى ينتقل عبر الهواء أو الماء، أو نتيجة سوء تعقيم الأدوات الطبية بعد العمليات. والأخطر أن بعض المرضى - خصوصاً أولئك الذين خضعوا لعلاجات بالمضادات الحيوية عبر الوريد أو يعانون أمراضاً مزمنة مثل السرطان أو السكري، يدخلون المستشفى وهم يعانون أصلاً من ضعف المناعة أو يحملون في أجسامهم سلالات من الجراثيم المقاومة، ما يجعلهم أكثر عرضة لتلقي العدوى. الإجراءات موجودة... لكن من يطبقها؟ عالمياً، ثمة بروتوكولات صارمة لمكافحة العدوى داخل المستشفيات، تتضمن إنشاء أقسام متخصصة تضم أطباء وممرضين في "مكافحة العدوى (Infection Control)، أما المشكلة في لبنان فلا تكمن في غياب المعرفة، ومعظم المستشفيات الكبرى في لبنان تطبق بالفعل معايير الجودة العالمية، لكنها تكمن في ضعف التطبيق وغياب الرقابة. أسباب هذا التقاعس عديدة، لكن أبرزها ما بات واضحاً لدى الجميع وهو ارتفاع الكلفة وضعف الموارد، إذ أن المعقمات والمعدات الخاصة بالنظافة ليست باهظة الثمن فحسب، بل إن كلفتها لا تدفع غالباً ضمن الفاتورة التي تغطيها الجهات الضامنة أو شركات التأمين. ومع تراجع الدعم المالي للمستشفيات، باتت الأخيرة تلجأ إلى التوفير على حساب التعقيم. من هنا يقول الدكتور عون "إن المستشفيات وحدها لا تستطيع تحمّل كلفة مكافحة العدوى والإصلاح الحقيقي يتطلب شراكة بين وزارة الصحة، الجهات الضامنة، إدارات المستشفيات، والهيئات الطبية". الغسيل والتعقيم توجهنا إلى مستشفى سان شارل لنطلع عن كثب على البروتوكولات التي تطبقها المستشفيات في التعقيم لتجنب انتشار العدوى فيها. الممرضة المسؤولة عن مراقبة العدوى شرحت لنا كيف يتم تقسيم غرف العمليات وفق الحالات المرضية فتكون هناك غرف مخصصة لجراحات العظام وأخرى للجراحات البسيطة وثالثة للجروح المفتوحة الملتهبة. المرضى الذين يحملون التهابات قوية أو الذين أمضوا وقتاً في غرفة العناية على جهاز تنفس يتركون في العادة حتى آخر النهار بعد العمليات الجراحية الأخرى، في غرف عمليات تفصل دقائق عشر بين عملية وأخرى، ويعمل فريق التعقيم على تعقيم الغرفة وإزالة كل ما استخدم فيها. وتنقل الشراشف إلى المغسلة لتغسل في غسالة مختلفة عن تلك المستعملة لغسيل الطوابق والمرضى مع نوعية أدوية غسيل وتعقيم خاصة. بعدها تشطف غرفة العمليات وتمسح وترش الأرض والأسطح بمعقم خاص وتغسل الأدوات وتُنقع في معقمات خاصة، وتُجفف بحرارة عالية قبل حفظها في غرفة معقمة تحت إشراف المسؤول عن مراقبة العدوى. لكن هل تكفي دقائق عشر لإتمام كل هذه العملية؟ صحيح أن باب غرفة العمليات يبقى مغلقاً أثناء الجراحة مع وجود عدد محدد من الأشخاص وارتداء الجميع أقنعة وقفازات وملابس معقمة. لكن هذا لا ينفي أن يتم التقاط عدوى ما في غرفة العمليات حين يكون الجرح مفتوحاً لا سيما بوجود طلاب طب متدربين لم يعتادوا بعد على الإجراءات أو ربما أطباء أو ممرضات تهاونوا في تطبيق الإجراءات. وقد يكون المريض حاملاً التهاباً في الأساس ولم تجرَ له الفحوصات اللازمة وحين يخضع لعملية جراحية أو لوضع قسطرة تستيقظ الجرثومة الكامنة عنده. ودور المستشفى طرح الأسئلة اللازمة على كل شخص مصاب بالتهابات لمعرفة مصدرها. المرضى المصابون بالتهابات يخضعون لبروتوكولات خاصة، تُعلّق على باب الغرفة ليعرف الجميع كيفية التعامل معهم. التنظيف يتم ثلاث مرات يومياً، وتُستخدم مصاعد مختلفة للمرضى والنفايات، حتى المكيّفات تُعقّم دورياً. أما الفضلات الطبية فتوضع في أكياس خاصة ثم في غرفة مبردة وتنقل بعدها إلى مؤسسة Arcenciel لتتم معالجتها. في حال اكتشاف المستشفى وجود نسبة التهابات أعلى من المعتاد يدرك وجود خطأ في مكان ما، بشري أو بنيوي، لا بد من إيجاده وحله. كما يخضع كل الجسم الطبي والتمريضي لدورات تدريبية مستمرة لتوضيح طريقة العمل الصحيحة. لكن على الرغم من كل ذلك وكلما كبر المستشفى وتلقى المزيد من الحالات الصعبة والالتهابات القوية تزايدت فيه إمكانية نقل العدوى. رقابة متشددة وتحدٍ متزايد وزارة الصحة ينبغي أن تكون المرجع الذي يتحمل مسؤولية ضبط العدوى، عبر مراقبة تطبيق المستشفيات للبروتوكولات، لا سيما في الطوارئ وغرف العمليات. وعليها تتبّع نسب العدوى، ومقارنتها بالمعايير العالمية، ومنع استخدام المضادات الحيوية العشوائي لتجنّب نشوء سلالات مقاومة. ويوصي الأطباء بتخفيف الاكتظاظ داخل المستشفيات. في هذا الإطار يدعو الدكتور عون الوزارة للاهتمام بتمويل مستلزمات التعقيم كما تفعل مع أدوية الأمراض المزمنة، لأن الوقاية تُخفف كلفة العلاج لاحقاً. ويشدد على "أهمية فرض عقوبات على المؤسسات التي تستهتر بسلامة المرضى". في الغرب، تُلزم المستشفيات بتوثيق نسب العدوى ومحاسبة المقصّرين. أما في لبنان، فلا توجد جهة رسمية تجمع الإحصاءات، ما يُصعّب المقارنة بين المستشفيات. مع ذلك، يرفض الأطباء القول إن الوضع اللبناني أسوأ مقارنة بالوضع العالمي بل يشيرون إلى قدرة المستشفيات على السيطرة رغم التحديات. فمنذ عام 2019، عانت المستشفيات من نقص في المعدات والتجهيزات، وبعضها لا يزال يعاني حتى اليوم. كما أن قدم الأجهزة وارتفاع كلفة صيانتها يدفعان ببعضها إلى التساهل في تطبيق المعايير، ما يُبقي المريض في دائرة الخطر. هشام ليس استثناءً لم يكن هشام يتوقع أن تتحول عملية الديسك الجراحية في الظهر إلى تجربة مريرة لا تزال آثارها تلاحقه. دخل المستشفى لإجراء عملية "ديسك" طارئة كانت، بحسب الأطباء، روتينية ولا تحمل أي مخاطر تُذكر. العملية تمت بنجاح، وخرج بعد أيام قليلة، مطمئناً إلى أنه تجاوز مرحلة الخطر. لكن بعد شهر، وبعد التئام الجرح تماماً بدأ يشعر بألم متزايد في أسفل الظهر لا يشبه الانزعاج الطبيعي الذي يتلو العمليات الجراحية. استمر هذا الألم لأكثر من شهر رغم تطمينات الطبيب وتناول المسكنات والعلاج الفيزيائي. وعندما أُجريت له صورة رنين مغناطيسي كانت المفاجأة: وُجود تجمع قيحي داخلي في مكان الجراحة لا يرافقه احمرار أو ارتفاع في الحرارة. اضطر هشام للخضوع لإجراء جراحي ثانٍ لسحب القيح وزرعه لتحديد نوع المضاد الحيوي المتوجب استخدامه وبعدها خضع لجراحة ثانية لتنظيف مكان الإصابة، تلاها علاج طويل بالمضادات الحيوية وفحوصات دم مستمرة لمتابعة تطور الالتهاب، ومن ثم تناول المضاد الحيوي عبر الوريد من خلال غرزة مثبتة في الذراع، وإجازة مرضية لأكثر من شهرين، وتأثير نفسي وجسدي ممتد وتداعيات لا تزال مستمرة. لم يكن الخطأ في العملية بحد ذاتها، بل في غياب التعقيم الكافي أو إهمال بروتوكولات النظافة التي كان من المفترض أن تحميه من هذا النوع من المضاعفات. العدوى أنواع تختلف أنواع العدوى المكتسبة داخل المستشفيات ما بين التهابات المسالك البولية وهي الأكثر شيوعاً وغالباً ما تكون بسبب القسطرة البولية (الميل) وقد يحدث فشل كلوي بسبب إسهال التهابي نتيجة بكتيريا، أو قد يحتاج المريض إلى العناية المركزة بعد تنظير بسيط للمبولة نتيجة تعقيم غير كافٍ. التهابات الجروح التي تنتج عن تلوثها أثناء العمليات الجراحية بسبب سوء التعقيم. التهابات الجهاز التنفسي التي تصيب المرضى الذين يعتمدون على أجهزة التنفس الاصطناعي، أو التي يتم التقاطها بفعل تكاثر الفيروسات التنفسية داخل المستشفى لا سيما أثناء موسم الفيروسات كما حصل خلال جائحة كورونا. و أخيراً التهابات مجرى الدم الناجمة عن استخدام القسطرة الوريدية دون تعقيم مناسب، ما يسمح للبكتيريا بالدخول إلى مجرى الدم.

تضم ما "هبّ ودبّ"... من يراقب مساكن الطلاب العشوائية؟
تضم ما "هبّ ودبّ"... من يراقب مساكن الطلاب العشوائية؟

صوت لبنان

time٢٨-٠٢-٢٠٢٥

  • صوت لبنان

تضم ما "هبّ ودبّ"... من يراقب مساكن الطلاب العشوائية؟

زيزي إسطفان - نداء الوطن "لدينا شقق للإيجار مفروشة للطلاب والطالبات"، "غرفة أو سرير ضمن شقة مفروشة قرب الجامعة بسعر مناسب"، "دورم" الملائكة بأنسب الأسعار ... إعلانات وصور تجذب اللاهثين واللاهثات وراء سكن طالبي ملائم يناسب ميزانياتهم ويؤمن لهم إقامة لائقة في منطقة ملأى بالتناقضات. والواجهة الجذابة تخفي خلفها ما تخفيه: فوضى وسلوكيات غير مضبوطة وتفلّت من القوانين... هذا بعض ما يحدث تحت ستار مساكن الطلاب العشوائية غير الخاضعة لإدارة الجامعة اللبنانية في الحدث. التعميم غير مسموح بالطبع ولا يمكن وضع جميع مساكن الطلاب في السلة نفسها، لكن الفوضى المستشرية في هذا القطاع بدأت تثير المخاوف، حيث لا حسيب ولا رقيب على تلك المساكن التي أوجدتها الحاجة وباتت تعرف زوراً بأنها مساكن للطلاب. في محيط الجامعة اللبنانية، في الليلكي وحيّ السلم والعمروسية والحدث مبان وبيوت وشقق تحولت إلى "فوايهات للطلاب" تتحكم بها قوى الأمر الواقع في ظلِ غياب كلي لرقابة الدولة والأجهزة المختصة وتفرضها الحالة الاقتصادية المتردية لغالبية قاطنيها. مساكن غير قانونية أكثر من شكوى طرقت مسامعنا دفعتنا إلى طرح الكثير من الأسئلة: من يراقب هذه المساكن ويتأكد من كونها أولاً مرخّصة وخاضعة لقانون الإيجارات؟ هل يسجّل عقد الإيجار بين الطالب وصاحب المسكن في البلدية كما يقتضي القانون؟ هل تقدّم لوائح بأسماء المستأجرين إلى الأمن العام كما هي الحال مع "البنسيونات" والشقق المفروشة والفنادق مثلما ينص القانون؟ وفي حال أقدم أحد المستأجرين على ارتكاب جرم أو مخالفة من يحدد مكان سكنه إذا كان المبنى غير مرخص ولم يتم تبليغ المراجع الرسمية المعنية بلوائح المستأجرين؟ تتوالى الأسئلة ليس على لساننا فحسب بل على لسان أهالي وطلاب أتوا من مناطقهم البعيدة وحاولوا إيجاد غرفة أو سرير في مكان قريب من الجامعة. "من يؤكد لنا أن جميع الساكنين في هذا الفواييه من الطلاب؟" تسأل إحدى الأمهات. ويأتي سؤالها على خلفية سكن إحدى التيكتوكرز في غرفة مجاورة لغرفة ابنتها. صبية لا وظيفة لها سوى تصوير الفيديوات المائعة وافتعال الضحكات وما إلى ذلك من تصرفات لا تشبه بشيء تصرفات طالبة جامعية. "هل كل الساكنين من اللبنانيين أم سيفاجأ أولادنا بجيران من تابعيات عربية وأفريقية وآسيوية؟" ذلك بعد أن سبق لإحدى الشابات أن شاهدت بأم العين فتاة تبدو من التابعية الأثيوبية تغادر مع ساعات الصباح الأولى إحدى الغرف. نحمل بعض هذه الأسئلة إلى صاحب "فواييه" في منطقة الليلكي قرب الجامعة اللبنانية: هل تقبلون بجنسيات غير لبنانية؟ هل يمكن أن تسمحوا بسكن مشترك بين شاب وصبية؟ وهل تسمحون بتلقي زيارات في أي وقت؟ أسئلة يجدها الرجل توجع الرأس. يحاول التنصل منها مؤكداً أنه لا يقبل الغلط لكنه قد يستقبل في غرفة واحدة شاباً وشقيقته أو زوجته وربما أمه! وينكر تماماً استقبال أشخاص غير لبنانيين إلا إذا كانوا طلاباً مسجلين في الجامعة اللبنانية سوريين أو عراقيين أو من جنسيات أخرى يحملون إقامة شرعية. "الفواييه" عنده مراقب بالكاميرات وعند العاشرة والنصف مساء تقفل الأبواب ويمنع على أي شخص الدخول، حتى عمال الديليفري لا يسمح لهم بالتوجه إلى الطوابق وعلى الطلاب استقبالهم في الصالة المشتركة في الطابق السفلي. لكن في مبنى مؤلف من سبعة طوابق ومقسوم إلى جزءين واحد للشبان وآخر للبنات ومع 11 غرفة في كل طابق يحوي كل منها ما بين سريرين إلى ثلاثة أسرة لا شك يصعب ضبط الأمور والتصرفات فيه ويحتاج إلى إدارة حديدية تمنع كل التجاوزات. هل تستطيع إدارة "الفواييه" الوقوف في وجه زعران المنطقة إذا أرادوا القيام بزيارة لصديق أو عقد "جلسة أنس" في إحدى الغرف؟ وهل تصمد الأبواب والنوافذ أمام أي اقتحام يعرض الطلاب الساكنين للسرقة والإعتداء؟ بين حي السلم والليلكي تكثر المساكن المخصصة للطلاب كون المنطقتين قريبتين جداً من الجامعة اللبنانية في الحدث. نحاول الاتصال بأكثر من صاحب سكن طلابي فيهما وتجمع الإجابات على أن الأمور مضبوطة وأن 95 في المئة من المستأجرين من الطلاب و5 في المئة من الموظفين. الكل يستفيض في شرح الأصول المتبعة من طلب الهوية وعدم قبول أي طلب تأجير أو حجز غرف عبر الهاتف وعدم السماح بأية سلوكيات خارجة عن مفاهيم الأخلاق. من يحفظ حقوق الطلاب؟ بين الادعاء والواقع مسافة مرصوفة بألغام أخلاقية وقانونية قلما يتم التداول بها. نعرفها من بعض من عايشوا الواقع عن قرب. يؤكد هؤلاء أن مساكن الطلاب الشرعية والمرخصة لا تمثل أكثر من 10 في المئة من مجمل ما يسمى سكن الطلاب وهي في معظمها تتبع لمؤسسات تعليمية معروفة أو جمعيات نظامية، فيما البقية لا تهدف إلا إلى الربح المادي على حساب الطلاب وأهلهم ولا تحترم أية معايير قانونية أو أخلاقية. وتروي إحدى الطالبات قصة زميلة لها مصابة بحالة النقطة ومعرضة لـ "كريزة" في أي وقت، قامت الحاجة صاحبة الشقة بطردها حتى لا تضطر لطلب الإسعاف والخضوع لـ "سين وجيم" في حال أصابها مكروه. "يكذب من يقول إنها مساكن للطلاب فقط" تقول سلام إحدى الطالبات في الجامعة اللبنانية في الحدث فهي تحوي ما "هبّ ودبّ". وقد تسكن طالبة في غرفة واحدة مع موظفة أكبر منها سناً لا تعرف عنها شيئاً". بعضهم يحكي عن عمليات دعارة مقنعة تجري تحت سقف ما يسمى بـ "سكن الطلاب" وهو ليس بالأمر المستبعد كون الرقابة الرسمية غائبة بشكل كلي. وبعض من يلجأ إلى السكن في هذه الشقق قد يكون مرتكباً أو مطلوباً يختبئ من وجه العدالة وقد تكون شابة هاربة من سلطة أهلها وجدت في هذه المساكن متنفساً لها، أو قد يكون مريضاً نفسياً يقوم بتصرفات غير واعية وتمنع عليه حالته في الأصل أن يعيش لوحده من دون رقابة الأهل. من يقيّم كل هذه الحالات؟ أكثر من طالب التقيناه أكد أن لا عقد إيجار يتم توقيعه بين الطالب المستأجر وصاحب الشقة أو المبنى، الدفع يتم مباشرة مقابل وصل وأحياناً بلا وصل. وبهذا يتهرب صاحب المبنى من دفع ضريبة إضافية للبلدية والمالية ولا يعترف بتحويل الوجهة الأساسية للعقار. وهنا يصبح الطلاب من دون أية حماية قانونية في حال وجود مشاكل مع صاحب المبنى، ويخضعون للاستغلال وزيادة الإيجار ويمكن أن يتعرضوا للطرد بلا أية عواقب قانونية. وهذا الذي ينطبق على مساكن الطلاب غير المرخصة في كل المناطق اللبنانية. من هنا يُنصح بتوثيق جميع الشروط المتفق عليها في عقد خطي لضمان حقوق الطلاب وتفادي أي نزاعات مستقبلية. أين معايير السلامة؟ "النظافة مفقودة" تؤكد إحدى الطالبات و"منظر المبنى لا يوحي مطلقاً بالثقة سواء في مدخله أو في الدرج والغرف هو يشبه الكثير من بنايات الليلكي. نش وعفونة والرطوبة على الجدران وداخل الغرف تجعلها موطناً للحساسية والأمراض، والمراحيض حدث ولا حرج". الكل يعد بكهرباء وإنترنت ومياه ساخنة 24\24 لكنها في معظم الأوقات وعود كاذبة، يؤكد أحد الشبان الذي يروي أن صاحبة المسكن تطلب منه شراء قنينة الغاز للتدفئة من حسابه الخاص أو تزيد عليه بدل الإيجار كلما استعمل الغاز. هنا نسأل: من يؤمن سلامة الطلاب وأمنهم إن لم نقل راحتهم ورفاهيتهم؟ هل تخضع هذه المباني لمعايير السلامة العامة كما ينص القانون بالنسبة للمباني المعدة لاستقبال الجمهور؟ المحامية فرح الحسيني تطرح بدورها أسئلة "هل فيها مخارج طوارئ أو سلالم إنقاذ أو حتى مطافئ حريق؟ ومع ما تعرضت له المنطقة من قصف وتدمير من يضمن اليوم سلامة البنى التحتية المتهالكة أصلاً التي تزيد من خطر انهيار المباني أو حدوث مشاكل كهربائية قد تؤدي إلى حرائق؟". محظوظ من يحظى بغرفة قليل من الطلاب من يحظى بغرفة خاصة يمكن أن يتراوح إيجارها بين 350 و 500 دولار شهرياً. الغالبية العظمى تبحث عن سرير في غرفة مشتركة قد يتراوح إيجارها شهريا بين 100 دولار في بيت صغير يبعد 15 دقيقة عن الجامعة و160دولاراً في فواييه أقرب. وقد يضطر الطالب إلى دفع 100 دولار كتأمين. الأسعار في حي السلم أقل بشكل ملحوظ من الأسعار في منطقة الحدث القريبة أو حتى من منطقة الليلكي الأقرب إلى الجامعة والطريق العام. صحيح أن مساكن الطلاب الخاضعة لإدارة الجامعة اللبنانية بأسعارها الرمزية هي الحلّ الأمثل والأكثر أماناً، رغم كل الشوائب والإهمال الذي اعترض عليه الطلاب في الأعوام السابقة، لكن السلطات الحزبية وبشكل خاص حركة "أمل" كما عرفنا هي المتحكمة بالمساكن والمندوبين، توافق على من تشاء وتمنع السكن عمن تشاء. ووحدهم المحظيون ينالون الغرف قبل سواهم ويتخبط الآخرون في إيجاد سرير يؤمن لهم مستقبلاً. ومن مآثر الوساطات لجوء بعض الطلاب المحظيين إلى خدعة التسجيل وهمياً في أحد الاختصاصات الجامعية للاستحصال على ورقة رسمية تؤهلهم الحصول على سكن بكلفة ضئيلة لغير دواعي الدراسة فيما يحرم منها طلاب هم في أمس الحاجة إليها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store