#أحدث الأخبار مع #سابيروورفسعورس١٤-٠٣-٢٠٢٥علومسعورساللغة بين النّسبيّة والكُمُومِيَّةفعلى سبيل المثال تمدّنا الطبيعة بألوان الطيف في شبكة متداخلة وعميقة من التدرّجات التي تبلغ وفقًا لعين الإنسان الطبيعي أكثر من ستة عشر مليون لون، لكنّ اللغة تُكمّمها في كلمات بسيطة من قبيل: (أحمر وأخضر وأزرق)، والأمر ذاته ينطبق على المشاعر وتداخلاتها العميقة والمعقّدة التي تظهر في كلمات نسبيّة من قبيل: (سعادة، وحزن) ونحوهما. وعلى الرغم من أنّ منطق اللغة الطبيعيّة يعارض المفاهيم المُوغلة في الدّقة والحسابات المفرطة في الضبط، ويترك مجالا رحبًا للوصف والحدس البشري؛ حيث إن طبيعة اللغات تقوم على تبسيط الأشياء المُعقدة لتحقيق التواصل ممّا يؤدّي إلى فقدان التفاصيل وتركها للافتراضات المسبقة، إلا أنّ التقدّم العلمي الذي نقض السدود بين المشاريع العلمية كالرياضيات والفيزياء واللسانيات وعلم النفس والأنثروبولوجيا والسيمياء، بل وجسَّر بينها عبر الدراسات البينيّة وتعدّد الاختصاصات لا سيما من نافذة الحوسبة اللغوية والذكاء الاصطناعي التوليدي قد ألحّ على ضرورة تعويض بعض عناصر الآلة المُتمايزة عن العقل البشري، كتعويض عنصر الوصف بالتوصيف، والحدس بساطرة من الخوارزميات المُعقّدة لتكميم اللغة والسيطرة على المعاني. فأصبحت الكُمُومية اللغويّة تظهر عند تحويل النصوص إلى بيانات رقميّة كتحويل الكلمات إلى مُتّجهات عدديّة (Scalar Vectors) تختزلُ المعاني المُعقّدة. أمّا النسبية اللغوية فتبرز أهميّتها من خلال تأثيرها على أنماط التفكير، فمثلاً إذا كانت العربية والإنجليزية تُميّزان بين اللونين الأخضر والأزرق فإنّ ثمّة لغات تمنحهما كلمةً واحدة فقط، لذا يبرز ما عُرِف بفرضية (سابير وورف) التي ترى أنّ الطريقةَ التي تُقسِّم بها اللغةُ العالمَ تؤثّر على كيفيّة إدراكنا، فمثلاً لو أنّ لغتك لا تملك كلمةً للون معين فربما لن تلاحظهُ بنفس الوضوح الذي يُلاحظه به مَنْ كانت لغته تملكها. فلغةٌ مثل الإنويت (لغة سكان القطب الشمالي) تحظى بكلمات متعدّدة لأنواع الثلج، وهذا التقسيم الكُمومي يجعل متحدثيها أكثر حساسيّة لتفاصيل الثلج مقارنة بلغة لديها كلمة واحدة فقط. فإذا لم تكن لديك كلمة لشيء ما قد يكون من الصعب ملاحظته أو التفكير فيه أساسًا. والأمر ذاته مع العربية في كلمات دقيقة جدًا تصف الإبل (ناقة، وجمل، وهجن، إلخ)، ممّا يعكس أهميتها في الثقافة العربيّة. بينما قد تُقابلها في لغة لا تعرف الإبل كلمة عامّة مثل "حيوان". لذا فإنّ الكُمومية اللغوية تساعدنا تمامًا كما تساعد الآلة على كيفيّة تنظيم اللغة للعالم المحيط بنا، على اعتبار أنّ اللغة مرآة مكثَّفة للثقافة، في حين أنّ النسبية اللغوية تُؤثّر على كيفية تعبير الثقافات عن مفاهيم معينة. وربما يلاحظ المشتغلون بالترجمة مثل هذه الإشكالية عندما يكون لديهم معنى لا تحمل اللغةُ المُستقبِلة مُقابلًا له، فالتكميم اللغوي يُعزّز الانتباه إلى الثقافة وقيمها ويؤثر على اهتماماتها وأولوياتها. إذ قد يؤدّي من زاوية أخرى إلى سوء فهم بين الثقافات إذا لم تتطابق الكُموميات اللغوية في ما بينها. في حين أنّ النسبية اللغوية تركّز على تأثير اللغة على التفكير. لكنّها تضع حدودًا على ما يُمكننا التفكير فيه، على أنّ الدراسات لم تُثبت بما يكفي تأثيرًا كبيرا للغة على إدراكنا. ختامًا، وبالعودة إلى الفيزياء إليكم هذه الطرفة: اقترح أينشتاين رائد النسبية عام 1935م تجربة تُسمّى مفارقة (EPR) لينتقد الكمومية واصفًا التشابكات بأنها فعل شبحي، لكنه لم يكن ليعلم أنّ التجارب لاحقًا ستُثبت أنها تشابكات حقيقية.
سعورس١٤-٠٣-٢٠٢٥علومسعورساللغة بين النّسبيّة والكُمُومِيَّةفعلى سبيل المثال تمدّنا الطبيعة بألوان الطيف في شبكة متداخلة وعميقة من التدرّجات التي تبلغ وفقًا لعين الإنسان الطبيعي أكثر من ستة عشر مليون لون، لكنّ اللغة تُكمّمها في كلمات بسيطة من قبيل: (أحمر وأخضر وأزرق)، والأمر ذاته ينطبق على المشاعر وتداخلاتها العميقة والمعقّدة التي تظهر في كلمات نسبيّة من قبيل: (سعادة، وحزن) ونحوهما. وعلى الرغم من أنّ منطق اللغة الطبيعيّة يعارض المفاهيم المُوغلة في الدّقة والحسابات المفرطة في الضبط، ويترك مجالا رحبًا للوصف والحدس البشري؛ حيث إن طبيعة اللغات تقوم على تبسيط الأشياء المُعقدة لتحقيق التواصل ممّا يؤدّي إلى فقدان التفاصيل وتركها للافتراضات المسبقة، إلا أنّ التقدّم العلمي الذي نقض السدود بين المشاريع العلمية كالرياضيات والفيزياء واللسانيات وعلم النفس والأنثروبولوجيا والسيمياء، بل وجسَّر بينها عبر الدراسات البينيّة وتعدّد الاختصاصات لا سيما من نافذة الحوسبة اللغوية والذكاء الاصطناعي التوليدي قد ألحّ على ضرورة تعويض بعض عناصر الآلة المُتمايزة عن العقل البشري، كتعويض عنصر الوصف بالتوصيف، والحدس بساطرة من الخوارزميات المُعقّدة لتكميم اللغة والسيطرة على المعاني. فأصبحت الكُمُومية اللغويّة تظهر عند تحويل النصوص إلى بيانات رقميّة كتحويل الكلمات إلى مُتّجهات عدديّة (Scalar Vectors) تختزلُ المعاني المُعقّدة. أمّا النسبية اللغوية فتبرز أهميّتها من خلال تأثيرها على أنماط التفكير، فمثلاً إذا كانت العربية والإنجليزية تُميّزان بين اللونين الأخضر والأزرق فإنّ ثمّة لغات تمنحهما كلمةً واحدة فقط، لذا يبرز ما عُرِف بفرضية (سابير وورف) التي ترى أنّ الطريقةَ التي تُقسِّم بها اللغةُ العالمَ تؤثّر على كيفيّة إدراكنا، فمثلاً لو أنّ لغتك لا تملك كلمةً للون معين فربما لن تلاحظهُ بنفس الوضوح الذي يُلاحظه به مَنْ كانت لغته تملكها. فلغةٌ مثل الإنويت (لغة سكان القطب الشمالي) تحظى بكلمات متعدّدة لأنواع الثلج، وهذا التقسيم الكُمومي يجعل متحدثيها أكثر حساسيّة لتفاصيل الثلج مقارنة بلغة لديها كلمة واحدة فقط. فإذا لم تكن لديك كلمة لشيء ما قد يكون من الصعب ملاحظته أو التفكير فيه أساسًا. والأمر ذاته مع العربية في كلمات دقيقة جدًا تصف الإبل (ناقة، وجمل، وهجن، إلخ)، ممّا يعكس أهميتها في الثقافة العربيّة. بينما قد تُقابلها في لغة لا تعرف الإبل كلمة عامّة مثل "حيوان". لذا فإنّ الكُمومية اللغوية تساعدنا تمامًا كما تساعد الآلة على كيفيّة تنظيم اللغة للعالم المحيط بنا، على اعتبار أنّ اللغة مرآة مكثَّفة للثقافة، في حين أنّ النسبية اللغوية تُؤثّر على كيفية تعبير الثقافات عن مفاهيم معينة. وربما يلاحظ المشتغلون بالترجمة مثل هذه الإشكالية عندما يكون لديهم معنى لا تحمل اللغةُ المُستقبِلة مُقابلًا له، فالتكميم اللغوي يُعزّز الانتباه إلى الثقافة وقيمها ويؤثر على اهتماماتها وأولوياتها. إذ قد يؤدّي من زاوية أخرى إلى سوء فهم بين الثقافات إذا لم تتطابق الكُموميات اللغوية في ما بينها. في حين أنّ النسبية اللغوية تركّز على تأثير اللغة على التفكير. لكنّها تضع حدودًا على ما يُمكننا التفكير فيه، على أنّ الدراسات لم تُثبت بما يكفي تأثيرًا كبيرا للغة على إدراكنا. ختامًا، وبالعودة إلى الفيزياء إليكم هذه الطرفة: اقترح أينشتاين رائد النسبية عام 1935م تجربة تُسمّى مفارقة (EPR) لينتقد الكمومية واصفًا التشابكات بأنها فعل شبحي، لكنه لم يكن ليعلم أنّ التجارب لاحقًا ستُثبت أنها تشابكات حقيقية.