أحدث الأخبار مع #سي5


وكالة الأنباء اليمنية
منذ يوم واحد
- سياسة
- وكالة الأنباء اليمنية
الرئيس الأرجنتيني ميلي يتهم صحفيا بضربه بميكروفون عمدا
بوينس آيرس-سبـأ: اتهم الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، ، صحفيًا تلفزيونيًا بضربه بميكروفون "عمدًا"، في الحادثة التي وقعت أمس الأحد بعد التصويت في الانتخابات البرلمانية بالعاصمة بوينس آيرس. ووفقا لما أوردته وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء، فقد حضر ميلي إلى مركز الاقتراع ورحب بأعضاء اللجنة قبل استلام بطاقة الاقتراع، ورفض أحدهم مصافحة الرئيس، رافعًا إصبعه، مبديًا إشارة سلبية، كما يتضح من مقطع فيديو نشرته وسائل إعلام أرجنتينية. لاحقًا، عندما كان ميلي وشقيقته كارينا يغادران مركز الاقتراع، أحاط به حشد من الصحفيين الذين كانوا يرافقونهما إلى سيارتهما، ضرب أحد الصحفيين رئيس الدولة بالميكروفون على أنفه. في الفيديو الذي نشرته صحيفة "لا ناسيون"، يمكن رؤية ميلي وهو يتوقف غاضبًا ويشير إلى الصحفي، قائلًا: "لقد ضربتني عمدًا"، في حين يُمكن سماع الصحفي في المقطع يُجيب: "لا، لا". يُذكر أن القناة التي ينتمي إليها الصحفي، هي "سي 5 إن"، التي تُعرف بموقفها المعارض للرئيس الأرجنتيني ميلي. الواقعة تأتي في ظل علاقة متوترة بين ميلي، ووسائل الإعلام، حيث يرفض عقد مؤتمرات صحفية ويفضل إجراء مقابلات فقط مع صحفيين يثق بهم أو مع وسائل إعلام أجنبية.


الجزيرة
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الجزيرة
في عملية جريئة عام 1975 نُقل آلاف الأطفال جوًا من حرب فيتنام.. فما ذا حل بهم؟
يتذكر بعض المشاركين في "عملية نقل الأطفال" أحداث تلك الأيام القليلة عندما اقتربت قوات فيتنام الشمالية من سايغون، وما حدث للأطفال بعد ذلك، هذا ما تابعه الكاتب نيك هيلدن في تقرير مطول لموقع الجزيرة الإنجليزي. يوم 4 أبريل/نيسان 1975 كان يوما جميلا مشمسا في سايغون – التي ستُعاد تسميتها بعيد ذلك لتصبح هو تشي منه. لكن ثمة عنفٌ واضطرابٌ خيما على الأجواء آنذاك، ف حرب فيتنام كانت قد دخلت أسابيعها الأخيرة، وقد حاصرت قوات فيتنام الشمالية المدينة، مُثيرةً الفوضى بينما سكان فيتنام الجنوبية وحلفاؤهم الأميركيون يسارعون لإجلاء من هم أكثر عرضة للانتقام. سيُترك في النهاية عددٌ لا يُحصى من الناس، لكن أكثر من 100 ألف سياسي وعسكري وغيرهم من المرتبطين بالجانب الذي يخسر بسرعة سيُنقلون جوًا لإعادة توطينهم، ومن بين هؤلاء كان ثمة العشرات من الرضع والأطفال الأيتام، وكثير منهم من "الأميركيين الآسيويين" المولودين من علاقات بين أمهات فيتناميات وجنود أميركيين، والذين أصبح قدرهم الآن هو النقل إلى عائلات في الولايات المتحدة ودول أخرى حول العالم. في إحدى الطائرات – وهي طائرة نقل عسكرية أميركية ضخمة من طراز سي-5 أي (C-5A) – كتبت الملازمة ريجينا أون، الممرضة الجوية التي كانت على متن الطائرة "وُضع الأطفال كل اثنين على مقعد في مقصورة القوات". وأوضحت في كتابها "عملية نقل الأطفال: مهمة منجزة"، الصادر عام 2015 بمناسبة الذكرى الأربعين للمهمة، أن الأطفال في مقصورة الشحن "وُضعوا على بطانيات ورُبطوا على الأرض بأحزمة نقالة وأشرطة تثبيت". العديد من الأطفال سلمتهم شابات فيتناميات كن يبكين خوفا من احتمال التخلي عن أطفالهن الرضع "لغرباء وأجانب من بلد آخر، يتحدثون لغة لا يفهمونها". بعد الساعة الرابعة مساءً بقليل، أقلعت الطائرة من مطار تان سون نهات، وعلى متنها ما يقرب من 300 شخص، ولكن بعد دقائق فقط من الإقلاع، تعطّلت أقفال منحدر التحميل الخلفي، مما تسبب في انفصال باب الشحن وانخفاض ضغط الطائرة وهي على ارتفاع 7000 متر (23000 قدم) في السماء، نجت العقيدة وعضو طاقم الطائرة ريجينا أون بأعجوبة من السحب، وتتذكر لاحقًا رؤية زميلها "معلقًا بذراعه، وبقية جسده يتدلى في الفراغ". تضررت أجهزة التحكم في الطيران بشدة، وبدأت الطائرة في الهبوط السريع. ومن الواضح أن الطائرة لن تتمكن من العودة إلى المطار، لذلك استهدف الطيارون حقل أرز قريبًا، وزادوا من سرعة المحرك لرفع مقدمة الطائرة قبل الهبوط. عندما اصطدمت الطائرة بالأرض، انزلقت قبل أن تقفز عالياً كالحجر، ثم تصطدم بسدٍّ وتتفتت إلى أربعة أجزاء، تُقذف أون على طول المقصورة، مُصابة بكسر في القدم وإصابات أخرى. بمجرد أن تمكنت من الخروج، رأت أون "حطامًا في كل اتجاه". كان سطح الطائرة على بُعد 90 مترا منها ومقلوبا رأسا على عقب. تمكن زميلها المتدلي من الحفاظ على قبضته، وقد جبرت ساقه المكسورة واستعان بعكاز وأحزمة أمان قبل أن يساهم في عملية الإنقاذ. تشكلت سلسلة بشرية وسط الدمار لنقل الأطفال الناجين إلى مروحيات الإنقاذ، وساعدت أون في نقل الرضع إلى بر الأمان حتى أغمي عليها. وفي وقت لاحق من ذلك العام، ستكون أول امرأة تحصل على جائزة تشيني، وهي ميدالية من سلاح الجو الأميركي للشجاعة والتضحية. لكن رغم جهودها وجهود الآخرين في ذلك اليوم، قتل 138 شخصا في حادث تحطم الطائرة، منهم 78 طفلا. كانت هذه أول رحلة رسمية ضمن عملية "بيبيليفت" – وهي عملية أقرتها الحكومة الأميركية لإخلاء دور الأيتام في جنوب فيتنام – وقد دفعت هذه الكارثة التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة هذه المهمة إلى دائرة الضوء الدولية، وفي أعقابها، سجّل آلاف الآباء المحتملين في الولايات المتحدة وأماكن أخرى لاستقبال أطفال متبنين، وتشتت الصغار – بعضهم أيتام الحرب، وبعضهم أبناء الجنود الأميركيين المهجورين، وآخرون تخلت عنهم عائلاتهم خوفا على سلامتهم – ليجدوا أنفسهم في منازل جديدة في بلدان بعيدة. وفي النهاية، تم نقل أكثر من 3 آلاف طفل إلى الخارج على مدار 3 أسابيع. وفي حين أن إرث العملية أصبح موضع تساؤل في وقت لاحق عندما تبين أن بعض المتبنين لديهم آباء أو أقارب على قيد الحياة لم يوافقوا في الواقع على انتزاعهم، إلا أنه في الذكرى الخمسين لها، هناك شيء واحد لا يمكن إنكاره – لقد أعادت هذه العملية تشكيل هويات وأسر المتضررين منها مدى الحياة. هروبٌ فوضوي وبناء على طلب منظمات تعمل مع الأطفال في فيتنام، مثل وكالة هولت الدولية للتبني، وجمعية أصدقاء أطفال فيتنام الخيرية، وعدد من دور الأيتام الكاثوليكية ومنظمات أخرى، أعلن الرئيس الأميركي جيرالد فورد عن خطة لإجلاء المتبنين من سايغون في 3 أبريل/نيسان، أي قبل يوم من الحادث. وسرعان ما اتضح أن الجهود العسكرية ستكون بطيئة للغاية نظرًا لشح الموارد، فانضمت رحلات خاصة تُشغلها شركتا "بان آم" و"ورلد إيرلاينز" إلى الحملة. ويقول فريدريك إم "سكيب" بيركل الابن، المدير الطبي لعمليات النقل الجوي التي لم ينشر عنها الكثير والتي نفذتها شركة "وورلد إيرلاينز"، للجزيرة "لم ينل من يستحقون التقدير ما ينبغي أن يمنح لهم ولن ينالوه أبدا"، في إشارة إلى العدد الكبير من الممرضات وأطقم الطائرات وموظفي الدعم الذين شاركوا في عملية النقل الجوي. وبحلول وقت عملية "بيبيليفت" عام 1975، كان بيركل، البالغ من العمر 84 عامًا الآن، قد أكمل جولة قتالية في فيتنام كجزء من السلك الطبي، حيث أدار مستشفى في منطقة كوانغ تري، خط المواجهة الذي مزقته المعارك. ويتذكر بيركل "جاء الناس من كل أنحاء شمال فيتنام الجنوبية لرؤيتي، ولم يكن أحد قادرا على رعايتهم.. كانوا أشخاصا رائعين. ضحكنا معا، ومزحنا معا. كانت الحرب مستمرة، لكننا لم نناقش هذا الجنون لأننا لم نستطع فهمه. لم يكن الأمر منطقيا، لكن كان علينا أن نعمل في بيئة غير منطقية". بعد ذلك، التحق بيركل بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، لدراسة الصحة العالمية، وهو تخصصٌ أصبح فيه مرجعا بارزا، وهناك تلقى مكالمةً هاتفيةً تسأل عن الانضمام إلى فريق طبي تُشكّله شركة الخطوط الجوية "ورلد إيرويز"، للمساعدة في إجلاء الأيتام من سايغون. يقول بيركل "قلتُ إن عليّ التأكد من أنني أستطيع التغيب عن دروسي". أخبر بيركل المتصل عليه بأنه سبق وأن أشرف على مستشفى في فيتنام، وأنه يتحدث اللغة، "فقالوا: يا إلهي! هل ستكون أنت المدير؟". تم إرسال الفريق بسرعة إلى الفلبين حيث احتفظت الولايات المتحدة بقاعدة حيوية استراتيجيا لأكثر من 70 عاما. كانت عملية بيبيليفت جارية على قدم وساق، ولكن أُبلغوا بأن مطار سايغون لن يستقبل طائرات مدنية بعد الآن. كانت القوات الفيتنامية الشمالية قد سيطرت بالفعل على شوان لوك، آخر خط دفاع قبل سايغون، على بُعد ساعتين فقط، وكانت العاصمة تتعرض لهجمات متقطعة. يتذكر بيركل "كان الجميع ينظرون حولهم والتفتوا إليّ وقالوا: أنت تعرف اللغة. هل أنت على استعداد للدخول؟. وكان ذلك في الواقع آخر شيء أردت القيام به، لأنني كنت أعرف أنه لو علمت زوجتي لرفضت". ووصف كيف "مرت بجحيم" عندما كان سابقًا في فيتنام بعد تلقيها تقارير كاذبة عن وفاته. لكنه وافق على أي حال، واستمرت رحلتهم من الفلبين، ووصلوا إلى فيتنام في 26 أبريل/ نيسان – قبل 3 أيام من الرحلة الأخيرة للعملية و4 أيام قبل سقوط سايغون. أثناء اقترابه من مطار تان سون نهات، رأى بيركل صواريخ تتطاير في الهواء وهي تمر فوق حطام طائرة بيبيليفت الأولى. يقول بيركل "كان الراديو يصرخ فينا: لا تهبطوا، لا تهبطوا. لم يكن الوضع آمنًا. هبطنا بصعوبة، وقد أسرعنا بكل ما لدينا من قوة لتجنب التعرض لإطلاق النار". كانت سايغون قد اكتظت بملايين اللاجئين وقوات فيتنام الشمالية المتقدمة، واضطر بيركل الآن إلى التوجه إلى دور الأيتام المنتشرة في جميع أنحاء المدينة للعثور على الأطفال الرضّع والتحقق من قوائم أولئك المقرر رحيلهم. يقول بيركل "ذهبت إلى حوالي 5 منها. لا أعرف كيف فعلت ذلك. لا أعرف كيف سُمح لي بذلك. من الواضح أن الفيتناميين الشماليين كانوا يعلمون بوجودي هناك وكانوا يلاحقونني وكان بإمكانهم إيقافي في أي وقت، لكنني أعتقد أنهم أرادوا معرفة الصورة الأكبر، وماذا كنت سأفعل بكل هذا؟". طُلب من كل دار أيتام إحضار الأطفال إلى مطار تان سون نهات صباح اليوم التالي، وبمجرد وصولهم، وُزِّعوا على طائرتين. ووُضع الأطفال الأكثر حرجا – إذ كان سوء التغذية متفشيا بعد سنوات من الحرمان الذي سببته الحرب – في مقاعد الدرجة الأولى، بينما وُضِع حلٌّ مبتكر لتثبيت الرضّع في عنبر الشحن. يقول بيركل، مُشيرًا إلى صناديق الكرتون المُستخدمة لتنظيم الأوراق "كان لدينا صناديق ملفات، والتي، صدق أو لا تصدق، كانت رائعة لوضع الرضيع فيها وهو مستلق على ظهره. كانت الطائرات من طراز سي 130 (C-130) التي تُفتح من الخلف وتحتوي على أحزمة، وكانت الصناديق تحتوي على ثقوب للإمساك بها، لذلك قلتُ لهم أن يضعوا الأحزمة من خلال الثقوب ويصفّوها حتى النهاية. لقد أدخلنا أكبر عدد ممكن، على الجانبين وفوق بعضها البعض". تم وضع أكثر من 300 طفل، معظمهم من الرضع والأطفال، على متن الطائرة. وكان هناك أيضا عدد من البالغين الفيتناميين، وأميركي "هادئ وواثق من نفسه" يرتدي قميصا هاوايا، قال لبيركل "الحمد لله، كنا ننتظرك. أنا من وكالة المخابرات المركزية. هؤلاء الأشخاص تابعون لنا وعلينا إخراجهم". ولم يهدأ الوضع بعد ذلك، فقبل الإقلاع بقليل، تم اكتشاف مخرب فيتنامي ومُنع من وضع قنبلة على إحدى الطائرات، وفي لحظة ما، بدأ الطيار بالتقيؤ، موضحًا أنه "لا يطيق رؤية الأطفال المرضى". ثم، عندما أقلعت الطائرة أخيرا بسرعة "بزاوية 90 درجة – كل ما استطعنا رؤيته هو السماء الزرقاء والمحركات تهدر"، بدأ زجاج قمرة القيادة الأمامي يتشقق تحت الضغط. ولكن في النهاية، وصلت الطائرتان إلى بر الأمان في قاعدة كلارك الجوية في الفلبين، على بُعد حوالي 3 ساعات. يضحك بيركل قائلا "لم أنم على الإطلاق". قضى 3 أيام في إعداد الفريق، وجمع الأيتام، والتحضير للرحلة، "لذا كنت منهكًا للغاية". وهناك، نُقل الأطفال إلى طائرة بوينغ 747 واحدة نقلتهم إلى سان فرانسيسكو، حيث تردد مسؤولو الصحة العامة في البداية في السماح للأطفال بالنزول من الطائرة خوفًا من احتمالية انتقال العدوى. لكنهم رضخوا في النهاية، وسُمح لبيركل بالعودة إلى منزله في أوكلاند، ولكن ليس قبل أن "يقول أحد من وزارة الخارجية: لا يجوز لك التحدث مع أي شخص عن هذا الأمر على الإطلاق. هذا لم يحدث". استقبلته زوجته من المطار، ونام أخيرا قبل حضور المحاضرة في صباح اليوم التالي "لم يكن أحد يعلم شيئًا عما كنت أفعله خلال الأيام الأربعة الماضية". واصل بيركل مسيرته المهنية المرموقة في مجال الطب العالمي، وكثيرا ما اختير لتقديم تقييمات للأزمات الصحية في مناطق الحرب والكوارث الأخرى في أماكن مثل ميانمار والصومال والعراق. في حالة العراق، عُيّن أول وزير صحة في سلطة الائتلاف المؤقتة من قِبل الرئيس جورج دبليو بوش عام 2003، لكنه أُقيل على الفور بعد أن اعتبر بيركل أن البلاد في حالة طوارئ صحية عامة بسبب البنية التحتية الصحية المدمرة. ويوضح قائلا "لم أستمر طويلا لأنني أعلنتُ أن ما يفعله بوش كان خطأً، وكان عليهم إعلان العراق حالة طوارئ صحية عامة وإلا سيفقدون الكثير من الأرواح. لم يُعجبهم ذلك، لذلك تم الاستغناء عني وبالطبع، تحوّل الأمر إلى واحدة من أسوأ حالات طوارئ الصحة العامة على الإطلاق". ينتقون كالجراء صغيرة كان الرأي العام إيجابيا أثناء العملية وبعدها مباشرة، وكان هناك تأكيد عام على تحقيق نصر إنساني كبير. لكن سرعان ما طُرحت بعض جوانب ذلك موضع تساؤل. وعلى الفور تقريبا، وردت تقارير عن احتجاج أمهات فيتناميات وأقاربهن على تسليم أطفالهن للرعاية دون إدراكهن أنه سيتم إجلاؤهم من البلاد. ولن يجتمع معظم هؤلاء المتبنين مع عائلاتهم لعقود، وبعضهم لم يحظ بفرصة الاجتماع معهم على الإطلاق. ثم ظهرت مشاكل في عملية التبني نفسها. فبينما وفرت بعض الوكالات منازل للأطفال في ظروف تبني طبيعية إلى حد ما، جُمِع الأطفال الذين لم يُوَفَّر لهم مكان في سان فرانسيسكو، حيث قال مترجم فيتنامي لاحقًا إن الآباء الطامحين كانوا ينتقونهم "كجراء صغيرة". كان لدى العديد منهم أوراق غير واضحة أو مزورة أو لم تكن لديهم أوراق أصلا، مما جعل تحديد هويتهم صعبا وعقد الجهود المستقبلية لإعادة التواصل مع عائلاتهم الأصلية. وفي بعض الحالات، وُضع الأطفال في منازل مع أشخاص غير مؤهلين تمامًا لأن يكونوا آباء. لاحقا، وردت تقارير عن إساءة معاملة وإهمال وعنصرية. لكن وصف عملية "بيبيليفت" بأنها إما خيرة تمامًا أو ضارة بطبيعتها سيكون غير دقيق. وكما أوضح العديد من المتبنين، كان الواقع أكثر تعقيدًا بكثير. بحثٌ لا يُنسى في السنوات التي تلت ذلك، لم يحتفظ المُتبنّون – الذين يقيم معظمهم الآن في الولايات المتحدة، وبعضهم في أستراليا وأوروبا – إلا بذكرياتٍ قليلة عن فيتنام. يقول سول تران كورنوال، الذي تخلى عنه والداه الفيتناميان في دار أيتام هولت بعد ولادته بفترة وجيزة عام 1972 "عندما كبرت، أردتُ فقط أن أكون ذلك الفتى الأميركي الأصيل. أردتُ أن أندمج وأن أكون مشهورا. لم أكن أعرف معنى الاندماج ، لكن هذا ما كنتُ أصبو له.. كنتُ أعرف أنني من فيتنام وأنني مُتبنّى، لكنني لم أستكشف التراث الثقافي لذلك حقا". كانه أوكسلسون، المولود عام 1971 لأم فيتنامية وجندي أميركي من أصل أفريقي، مرّ بتجربة مماثلة في وقت مبكر، "كنتُ سبّاحا أميركيا أصيلا. لم أكن أسود أو آسيويا أو أبيض. كنت سباحا. هكذا رأيت الأمر". ولكن بمجرد تخرج أوكسلسون من الجامعة، ظهرت أسئلة جديدة حول هويته "يا إلهي، لم أعد سبّاحًا تنافسيًا ولن أكون كذلك أبدًا، فمن أنا إذًا؟". خلال سنوات دراسته الثانوية، كان يحلم بالوصول إلى الأولمبياد، حيث -ربما- سيتعرف عليه والداه الحقيقيان. الآن وقد انتهى من السباحة، بدأ يفكر جديا في البحث عنهما. كما اتضح، كان والداه بالتبني يدخران المال لسنوات لمثل هذا الاحتمال، وفي أواخر التسعينيات، وبينما كان يقترب من سن الثلاثين، ذهبوا إلى فيتنام كعائلة حيث زاروا دار أيتام القلب المقدس في مدينة دا نانغ. كانت تلك إحدى المرات الأولى التي يعود فيها متبنّى مع عائلته التي تبنته، بالنسبة لأوكسلسون – الذي يبلغ الآن 53 عامًا – كانت هذه تجربة قوية. يقول الرجل "التبني أشبه بقصة تُروى لك ولم أمعن النظر في ذلك إلا عندما التقيت بأشخاص كانوا هناك منذ البداية، يا إلهي، القصة التي رُويت لي لسنوات حقيقية!. كان من المذهل رؤية اسمي مكتوبا في السجل. لن أنسى أبدا الرقم 867، وكان يحمل اسمي الكامل عند الولادة، وتاريخ ميلادي، وتاريخ مغادرتي دار الأيتام". ولكن في ذلك الوقت، كان هذا كل ما وصل إليه في بحثه. سيستغرق الأمر أكثر من عقد قبل أن يتواصل أخيرا مع عائلته الأصلية. كان لكورنوال طريق طويل مماثل للعثور على عائلته هو الآخر. لم يتمكن من فعل شيء إلا بعد دراسته الجامعية (وبعد فترة وجيزة من عمله لمدة عامين في خدمات ما بعد التبني في هولت – الوكالة ذاتها التي بدأت فيها رحلته كطفل رضيع) حيث تواصل مع اللاجئين الفيتناميين والآسيويين، مما دفعه إلى التعمق في تراثه. لذا في عام 2000، وفي سن الثامنة والعشرين، احتفل بالذكرى الخامسة والعشرين لعملية "بيبيليفت" بالانضمام إلى جولة "هولت ماذرلاند" عبر فيتنام. ومع ذلك، بدت زيارة فيتنام بالنسبة له كرحلة سياحية عادية، إذ لم يشعر بأي صلة بالبلاد، وباءت مساعيه المبكرة للعثور على عائلته بالفشل. بعد 16 عاما، عاد إلى فيتنام، هذه المرة مع والد زوجته، الذي خدم في الحرب. وبينما "كان ذلك رائعا حقا، إلا أنني بحلول عام 2016 كنت قد انتهيت من فيتنام نوعا ما". لقد زارها 3 مرات، ولم تكشف عمليات البحث عبر الإنترنت والحمض النووي سوى عن بعض الأقارب البعيدين. ولكن في عام 2022، تلقى رسالة على فيسبوك من زميلته المتبنية تريستا غولدبرغ، مؤسسة "عملية لم الشمل" – وهي منظمة بالشراكة مع "فاميلي تري دي إن إيه" تعمل على مساعدة المتبنين الفيتناميين على إعادة التواصل مع عائلاتهم الأصلية. جاء في رسالتها "لا بد أنك سترغب في الإصغاء لهذا، لدينا بعض الأخبار". يبدو أنهم وجدوا والده. بالنسبة لأوكسيلسون، كان للحمض النووي دور كبير أيضا، إذ ربطه بشخص تبين أنه ابنة أخ، وتبيّن أن جدته هي والدته. عاد الرجلان إلى فيتنام حيث التقيا بأقاربٍ مختلفين – أبناء وبنات إخوة وأخوات، وخالات وأعمام، وأشقاء، وفي حالة أوكسلسون، والدته. وكما قال أوكسلسون، فقد منحه هذا اللقاء في النهاية شعورًا بأنه "صعد قمة الجبل. بالنسبة لي، هذا ما شعرت به، فهذه إحدى تلك الإنجازات العظيمة التي تُخلّد في الذاكرة". واصل كورنوال بناء علاقته بعائلته الأصلية، وواصل أوكسلسون البحث عن والده، متتبعا في النهاية الأدلة إلى أورانجبورغ، ساوث كارولينا. يقول "نحن قريبون. في الواقع، تعتقد عالمة الأنساب أنها تعرّفت على جدتي أو جدة جدتي". وبينما يُقرّ بأن هناك دائما احتمال لطريق مسدود آخر، إلا أنه متفائلٌ ولا يثنيه شيء. "أعتقد أن بحث الإنسان عن هويته قد يستمر مدى الحياة." رحلة عفوية تقول عالمة الأنساب تريستا غولدبرغ، التي ساعدت عددا لا يحصى من المُتبنّين في بحثهم عن عائلاتهم وتراثهم "لقد مرت 50 عاما. إنه أمر مثير للدهشة. أعتقد أن هناك أمرا مهما لا يدركه الإنسان إلا مع تقدّمه في العمر، وهو أن جذورك مهمة حقا سواء كنت متبنى أم لا". ولدت غولدبرغ عام 1970 لجندي أميركي وأم فيتنامية، ونجحت في العثور على والدتها عام 2002، وتعلّمت الكثير خلال هذه العملية عن التحديات العملية والعاطفية التي انطوت عليها "بعد بحثي الخاص، وصلت إلى قناعة بأن المتبنين الآخرين قد يحتاجون إلى مساعدة". استعانت غولدبرغ في بحثها برابط فريد ببلد والدتها الأصلي. فقبل إرسالها إلى الخارج في سن الرابعة، عاشت مع عائلة فيتنامية حاضنة، ترك والدها رسالة بين أغراض غولدبرغ، اكتشفتها لاحقا والدتها الأميركية بالتبني. تواصلت العائلتان طوال الحرب. تشرح غولدبرغ قائلة "نشأتُ مع عائلتي الفيتنامية بالتبني، وتعرّفتُ على الكثير من الثقافة الفيتنامية التي لا يطّلع عليها معظم المتبنّين. نشأت مع العادات. تمكنت من الاحتفال بأعياد تيت (رأٍ السنة الفيتنامية). لذلك عندما عدت إلى فيتنام، لم يكن الأمر لغزًا. لقد كان في دمي بالفعل". والأهم من ذلك، أن والدها بالتبني كان لا يزال لديه شقيق في فيتنام تمكّن من المساعدة في البحث عن والدتها الحقيقية. ومن خلال هذا الاتصال ومساعدة والدها بالتبني المحقق الخاص، اكتشفت غولدبرغ أن عائلتها الفيتنامية انتقلت إلى الولايات المتحدة في عام 1991، وبفضل أداة ناشئة تسمى الإنترنت، تمكنت من تعقب شقيقها الذي يعيش في ولاية كانساس في عام 2000. أصبحت غولدبرغ بارعة في البحث على الإنترنت و"إجراء مكالمات هاتفية عشوائية مع أشخاص فيتناميين، مع الكثير من عبارات "سأتصل بك مرة أخرى لأنني لا أفهم اللغة". وقد عززت جهودها البحثية مع إدخال اختبار الحمض النووي، مما أدى إلى شراكتها مع شركة "فاميلي تري دي إن أي" المتخصصة في الأنساب الوراثية. "كنا في الواقع المجموعة التجريبية لاختبار الحمض النووي الصبغي الجسدي [وهو شكل من أشكال اختبار الحمض النووي الذي يمكن من إثبات النسب]، والذي أصبح منتشرا في كل مكان الآن". ومنذ ذلك الحين، ساعدت غولدبرغ عددا لا يحصى من المتبنين على إعادة التواصل مع عائلاتهم الأصلية. تقول "لا أقوم بالعمل نيابة عنهم، بل أرشدهم فقط إلى الطريق الصحيح. أعتقد أن هذه طريقة أفضل للتعامل مع لمّ الشمل، لأنه في بعض الأحيان، إذا أُلقي بك تلقائيًا في لمّ الشمل دون بذل جهد حقيقي خلال العملية، فإنك تفوت بعضا من جماله. أُشيد بشجاعتهم، لأنها رحلة غير مخطط لها حقا". الآن، بمناسبة مرور 50 عاما على عملية بيبيليفت ونهاية الحرب، يحتفل غولدبرغ وأوكسلسون وكورنوال وعشرات المتبنين الآخرين بحضور سلسلة من الفعاليات في الولايات المتحدة وفيتنام. "لقد كانت مهمة إنسانية حقًا"، كما يؤكد أوكسلسون عندما سُئل عن الانتقادات التي وُجهت لعملية بيبيليفت على مر العقود "ربما تجد توجها سياسيا يدعم هذا، لكن عندما تكون على أرض الواقع في خضم شيء كهذا، يكون الأمر مختلفا. أعتقد أن إنسانيتك الحقيقية تتجلى في ذلك". "الخلاصة هي أن الأشخاص الذين أعرفهم ممن التقيتهم على مر السنين والذين شاركوا في هذا الجهد كانوا بشرًا طيبين يسعون إلى بذل قصارى جهدهم"، وفقا لأوكسلسون.


المغرب اليوم
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- المغرب اليوم
الكشف عن تفاصيل عملية تهريب ثروة الأسد على متن طائرة خاصة إلى الإمارات
كشف تحقيق استقصائي عن تفاصيل تهريب الرئيس السوري السابق، بشار الأسد ، أمواله ومقتنياته الثمينة على متن طائرة خاصة، خلال 48 ساعة قبل الإطاحة بنظام حكمه، فضلاً عن تهريب وثائق سرّية تتعلق بشبكة أعماله. وتحدث التقرير لوكالة رويترز للأنباء عن دور يسار إبراهيم، كبير المستشارين الاقتصاديين للأسد، في استئجار طائرة خاصة نقلت على متنها - خلال أربع رحلات جوية - مقتنيات ثمينة للأسد وأفراد عائلته ومساعديه وموظفي القصر الرئاسي إلى دولة الإمارات، بحسب التفاصيل التي أعدّتها رويترز استناداً إلى ما يزيد على اثني عشر مصدراً. وذكر التقرير أن إبراهيم، الذي تولى إدارة المكتب الاقتصادي والمالي للرئاسة خلال فترة حكم الأسد، قام بدور محوري لتأسيس شبكة أعمال استخدمها الأسد للهيمنة على قطاعات واسعة من الاقتصاد السوري ، وغالباً ما كان يُنظر إليه على أنه واجهة للرئيس السابق، بحسب إشعارات العقوبات الأمريكية، وآراء خبراء في الشأن الاقتصادي السوري، ومصدر داخل شبكة أعمال الأسد. وكانت الدول الغربية قد فرضت عقوبات على الأسد بعد قمعه للاحتجاجات المناهضة لحكمه في عام 2011، وشملت تلك العقوبات لاحقاً إبراهيم بسبب دعمه للنظام. وأفاد تحليل أجرته رويترز، تضمّن سجلات تتبع الرحلات الجوية، بأن الطائرة "إمبراير ليغاسي 600"، المسجلة في غامبيا وتحمل رقماً تعريفياً هو "سي5-إس.كيه.واي"، نفّذت أربع رحلات جوية متتالية إلى سوريا خلال 48 ساعة قبل الإطاحة بنظام حكم الأسد. وغادرت الرحلة الرابعة للطائرة قاعدة حميميم الجوية العسكرية التي تديرها روسيا، والواقعة على مقربة من مدينة اللاذقية على الساحل السوري للبحر المتوسط، في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، بحسب سجلات تتبع الرحلات الجوية، وصورة ملتقطة بالأقمار الصناعية، ومصدر سابق في الاستخبارات الجوية على اطلاع مباشر بالعملية وتفاصيلها، وهو نفس اليوم الذي غادر فيه الأسد إلى روسيا من نفس القاعدة. وهذه هي المرة الأولى التي يُكشف فيها عن تفاصيل عملية نقل أصول الأسد من سوريا، واستطاعت رويترز إجراء مقابلات شملت 14 مصدراً سورياً مطلعاً على تفاصيل العملية، من بينهم موظفون في المطار، وعدد من الضباط السابقين في أجهزة الاستخبارات والحرس الرئاسي، بالإضافة إلى مصدر على صلة بشبكة أعمال الأسد. واطلعت رويترز على محادثة على تطبيق واتساب بين مساعدي إبراهيم، فضلاً عن بيانات تتبع الرحلات الجوية، وصور الأقمار الصناعية، وسجلات ملكية شركات وطائرات موزعة على ثلاث قارات، وذلك بغية تجميع تفاصيل لمعرفة كيف استطاع أقرب مساعدي الأسد تأمين مرور آمن للطائرة. وأفاد مصدر من داخل شبكة أعمال الأسد، وضابط سابق في الاستخبارات الجوية، ومحادثة عبر تطبيق واتساب، بأن الطائرة نقلت على متنها حقائب سوداء تحتوي على نحو نصف مليون دولار نقداً، فضلا عن وثائق وأجهزة كمبيوتر محمولة وأقراص صلبة لتخزين المعلومات، تضم معلومات استخباراتية حساسة تتعلق بما أُطلق عليه اسم "المجموعة"، وهو اسم رمزي استخدمه الأسد ومساعدوه، بمن فيهم إبراهيم، للإشارة إلى شبكة معقدة من الكيانات العاملة في قطاعات الاتصالات والبنوك والعقارات والطاقة وغيرها. وبحسب التقرير، ظل مكان وجود الأسد سراً لا يعرفه حتى أفراد عائلته المقربين خلال الأيام الأخيرة من فترة حكمه، التي اتسمت بالاضطراب، بعدها منحته روسيا حق اللجوء السياسي، ولم تستطع رويترز، بحسب تقريرها، التواصل معه أو مع إبراهيم للتعليق، كما لم ترد وزارتا الخارجية الروسية والإماراتية على طلبات للتعليق بشأن العملية. وقال مسؤول بارز إن حكومة الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، تعتزم استرداد الأموال العامة التي حُوّلت إلى الخارج قبل الإطاحة بالأسد، واستخدامها لدعم الاقتصاد السوري الذي يعاني من عقوبات صارمة ونقص العملات الأجنبية. وأكد المسؤول - بحسب التقرير - أن الأموال جرى تهريبها خارج البلاد قبل الإطاحة بالأسد، لكنه لم يكشف عن تفاصيل الطريقة التي حدث بها ذلك، مشيراً إلى أن السلطات لا تزال تحقق لتحديد الوجهة النهائية لهذه الأموال. ولم يتسنّ لرويترز التأكد على نحو مستقل مما إذا كان الأسد قد أشرف على العملية بشكل شخصي، وعلى الرغم من ذلك أفادت عدة مصادر مطّلعة على تفاصيل العملية بأنها لم تكن لتتم دون موافقة الأسد. وأفادت ستة مصادر مطلعة على تفاصيل العملية، من بينهم أربعة مصادر قالوا إنهم كانوا في الموقع، بأنه جرى نشر ما يزيد على 12 فرداً كانوا يرتدون زي قوات الاستخبارات الجوية السورية، التي تعد أحد الأدوات الرئيسية التي استُخدمت في القمع السياسي خلال فترة حكم الأسد، وكان الهدف من نشر هؤلاء الأفراد تأمين قاعة حرس الشرف، المخصصة لكبار الشخصيات الهامة في المطار، وتأمين طريق الوصول إليها. وقال ثلاثة مصادر، كانوا من بين الموجودين في الموقع، إن عدداً من السيارات المدنية ذات نوافذ معتمة اقتربت من المنطقة، وقال مصدران، وهما ضابط سابق في الاستخبارات ومسؤول بارز في المطار، إن هذه السيارات كانت تتبع الحرس الجمهوري الخاص، المكلف بحماية الأسد والقصر الرئاسي. ولفت قائد بارز سابق في الحرس الجمهوري إلى أن مشاركة الحرس الجمهوري تعني أن "بشار الأسد هو من أصدر الأوامر" التي تتعلق بالعملية، مضيفاً أن الحرس كان يتلقى أوامره فقط من قائده طلال مخلوف، أو من الأسد نفسه. وأفاد التقرير أن قائد أمن المطار غدير علي، أبلغ العاملين في المطار بأن أفراداً من قوات الاستخبارات الجوية سيتعاملون بأنفسهم مع الطائرة، وفقاً لما ذكره محمد قيروط، مدير إدارة العمليات الأرضية في الخطوط الجوية السورية. ويقول قيروط إن غدير علي قاله له: "هذه الطائرة ستهبط وسوف نتعامل معها، وأنت لم تر هذه الطائرة إطلاقاً". وقال ثلاثة من مسؤولي المطار والضابط السابق في الاستخبارات إن علي، وهو ضابط بارز في الاستخبارات الجوية، كان يتلقى أوامره من القصر الرئاسي مباشرة. وأفادت بيانات موقع "فلايت رادار 24"، لتتبع الرحلات الجوية، أن طائرة من طراز "سي5-إس.كيه.واي" كانت تتجه كل مرة إلى مطار البطين في أبوظبي المخصص لرحلات الطيران الخاصة، الذي تستخدمه شخصيات بارزة، والمعروف بخصوصيته الشديدة. وأقلعت الطائرة، في البداية، من دبي في السادس من ديسمبر/كانون الأول، وهبطت في مطار دمشق في حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً بالتوقيت المحلي (حوالي التاسعة صباحاً بتوقيت غرينتش)، ثم أقلعت واتجهت إلى مطار البطين، ثم عادت إلى دمشق مرة أخرى بعد الساعة العاشرة مساء. وقال مصدر عامل في المطار: "في كل مرة كانت تهبط فيها الطائرة، كانت سيارات تتجه نحوها، وتبقى لفترة قصيرة ثم تغادر قبل أن تقلع الطائرة مرة أخرى". وأخبر غدير علي أفراد الاستخبارات الجوية أن موظفي القصر الرئاسي وأقارب الأسد ومن بينهم الشباب، كان من المفترض أن يغادروا على متن أول رحلتين من دمشق في السادس من ديسمبر/كانون الأول، وهما رحلتان نُقلت على متنهما أيضاً الأموال، بحسب ضابط سابق في الاستخبارات كان موجوداً في الموقع. حافظ منذر الأسد يكشف لبي بي سي: كواليس اللحظات الأخيرة قبل سقوط النظام وكيف تخلى عنه بشار ولم تستطع رويترز الاطلاع على القائمة الخاصة بالرحلات الأربع للطائرة للتأكد من عدد الركاب وحمولتها. وأفاد نفس المصدر أن الرحلة الثانية من دمشق نقلت على متنها أيضاً لوحات فنية وبعض التماثيل الصغيرة. وعادت الطائرة إلى دمشق، في السابع من ديسمبر/كانون الأول، في حوالي الساعة الرابعة مساء، ثم غادرت إلى مطار البطين للمرة الثالثة بعد ما يزيد عن ساعة، وكان على متنها في هذه المرة حقائب أموال، وأقراص صلبة لتخزين المعلومات، وأجهزة إلكترونية تحتوي على معلومات ذات صلة بشبكة أعمال الأسد، بحسب ما ذكره ضابط الاستخبارات ومصدر وثيق داخل شبكة أعمال الأسد. وأفاد هذا المصدر بأن المعلومات المخزّنة تشمل سجلات مالية، ومحاضر اجتماعات، وعقود ملكية شركات وعقارات وشراكات أخرى، فضلاً عن تفاصيل عمليات تحويل نقدية وحسابات في الخارج. وأضاف الضابط السابق في الاستخبارات أنه في المرة الثالثة، اقتربت سيارات تابعة للسفارة الإماراتية في دمشق من المنطقة المخصصة لكبار الشخصيات في المطار قبل أن تقلع الطائرة، مما يشير إلى أن الإمارات كانت على علم بالعملية. وفي الصباح الباكر من يوم الثامن من ديسمبر/كانون الأول وصل مقاتلو المعارضة إلى دمشق، مما اضطر الأسد للفرار إلى المنطقة الساحلية في اللاذقية، وذلك بالتنسيق مع القوات الروسية، في الوقت الذي توقفت فيه حركة الطيران في مطار دمشق. وتشير بيانات موقع "فلايت رادار 24" إلى أن الطائرة غادرت مطار البطين للمرة الأخيرة بعد منتصف ليل نفس اليوم، وحلّقت فوق مدينة حمص شمال دمشق، حوالي الساعة الثالثة صباحاً بالتوقيت المحلي، ثم اختفت الطائرة عن نطاق تتبع الرحلات لمدة نحو ست ساعات قبل أن تظهر مجدداً فوق حمص، متجهة إلى أبوظبي. وقال ضابط الاستخبارات السابق إن الطائرة هبطت خلال تلك الفترة في قاعدة حميميم بمحافظة اللاذقية. وأظهرت صورة بالأقمار الصناعية التقطتها شركة "بلانيت لابز" للصور الفضائية، وجود الطائرة في الساعة 9:11 صباحاً على المدرج في قاعدة حميميم، واستطاعت رويترز التأكد من أن الطائرة "إمبراير" في الصورة هي نفس الطائرة التي تحمل الرقم التعريفي "سي5-إس.كيه.واي"، استناداً إلى الحجم والشكل وبيانات تتبع الرحلات، إذ كانت هذه الطائرة هي الطائرة الخاصة الوحيدة التي تحلق في سماء سوريا خلال الفترة بين السادس والثامن من ديسمبر/كانون الأول، وفقاً لبيانات تتبع الرحلات. وكان أحمد خليل، أحد المقربين من إبراهيم، على متن الرحلة المنطلقة من قاعدة حميميم، وفقاً لضابط الاستخبارات الجوية، ومصدر داخل شبكة أعمال الأسد، ومحادثة على تطبيق واتساب، ويخضع خليل لعقوبات غربية بسبب دعمه للنظام السابق من خلال إدارة عدة شركات في سوريا. اللواء السوري طلال مخلوف يسلم سلاحه ويثير جدل التسوية مع رموز نظام الأسد وأفاد المصدر داخل شبكة الأسد ورسائل واتساب بأن خليل وصل إلى القاعدة الروسية في سيارة مصفحة تابعة للسفارة الإماراتية وكان يحمل نصف مليون دولار، سحبها قبل يومين من حساب في بنك "سورية الدولي الإسلامي". وقال المصدر في شبكة أعمال الأسد إن الحساب تملكه شركة "البرج" للاستثمار في دمشق. وقالت منصة "سوريا ريبورت" الإلكترونية التي تضم قاعدة بيانات الشركات، والتي أنشأها خبراء في الشأن السوري بناء على سجلات رسمية سورية ترجع إلى عام 2018، إن إبراهيم يملك 50 في المئة من هذه الشركة. ولم يرد خليل على طلب بالتعليق أُرسل له عبر حسابه على فيسبوك، كما لم يرد بنك "سورية الدولي الإسلامي" وأيضاً شركة "البرج" على رسائل أُرسلت بالبريد الإلكتروني تطلب التعليق. وقال المصدر داخل شبكة أعمال الأسد ومسؤول سابق في هيئة الطيران المدني السورية إن الطائرة "إمبراير" كانت تعمل بنظام " عقد إيجار طائرة دون طاقم أو خدمات تشغيلية مصاحبة"، بينما لم تستطع رويترز تحديد الجهة التي نظمت الرحلات الجوية. وأضاف المصدر أن إبراهيم وصل إلى أبوظبي في 11 من ديسمبر/كانون الأول. كما رفض الشرع التعليق على سؤال بشأن الطائرة . ويقول التقرير إن إبراهيم استأجر الطائرة من رجل الأعمال اللبناني، محمد وهبي، بحسب ما ذكر عضو في مجموعة النخبة الاقتصادية السورية والمصدر داخل شبكة الأسد، ففي محادثة على تطبيق واتساب، وصف أحد مساعدي إبراهيم الطائرة بـ "الطائرة اللبنانية". ويمتلك وهبي شركة "فلاينج إيرلاين إف.زد.سي.أو" الجوية، المسجلة في المنطقة الحرة بدبي، وفقاً لملفه التعريفي على منصة "لينكد إن". وكان وهبي قد نشر صوراً للطائرة "سي5-إس.كيه.واي"، في أبريل/نيسان 2024، على حسابه على منصة "لينكد إن" مع تعليق "مرحباً"، وفي يناير/كانون الثاني الماضي قال رجل الأعمال في منشور منفصل على نفس المنصة، إن الطائرة معروضة للبيع. وسُجّلت الطائرة في غامبيا لحساب شركة محلية تُدعى "فلاينج إيرلاين كومباني" في أبريل/نيسان 2024، وكشفت سجلات تتبع الرحلات أنه خلال الأشهر التي سبقت الإطاحة بنظام حكم الأسد، سافرت الطائرة إلى روسيا - الحليف المقرب للأسد - التي تخضع حالياً لعقوبات من شركات الطيران الغربية بسبب غزوها لأوكرانيا. ولم تستطع رويترز، بحسب تقريرها، التواصل مع الشخص الممثّل لشركة "فلاينج إيرلاين كومباني" في غامبيا، الشيخ تيجان جالو. كما يمتلك لبناني آخر، أسامة وهبي، 30 في المئة من شركة "فلاينج إيرلاين كومباني" والعراقي، صفا أحمد صالح، 70 في المائة من الشركة، بحسب السجلات الرسمية في غامبيا. وبحسب صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، لدى محمد وهبي ابن يُدعى أسامة، وهو يعمل أيضاً في قطاع الطيران، ولم تستطع رويترز التأكد مما إذا كان أسامة هو نفس الشخص المسجل في السجلات الغامبية أم لا. ونفى محمد وهبي، خلال اتصال من رويترز، أي صلة له برحلات الطائرة "سي5-إس.كيه.واي" من سوريا وإليها، وأوضح لرويترز أنه لا يمتلك الطائرة بل يستأجرها "أحياناً" من سمسار لم يكشف عن هويته، كما لم يرد على أسئلة تستوضح ما إذا كان ابنه متورطاً في الأمر. ولم يرد أسامة وهبي على طلب للتعليق، ولم تستطع رويترز التواصل مع صفا أحمد صالح، بحسب تقريرها.


النهار
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- النهار
أموال الأسد مهرّبة على متن طائرة يملكها لبناني... هل من مسؤولية على صاحب الطائرة؟
بعد مرور أكثر من 4 أشهر على سقوط نظام الأسد في سوريا لا تزال الأخبار والمعطيات تتوالى وتنكشف عن حقيقة ما جرى في ساعات النظام الأخيرة من إخراج للأموال والذهب والمقتنيات الثمينة والأوراق والمستندات السرية. آخر ما نشر في هذا الإطار كان من قبل وكالة "رويترز" البريطانية التي كشفت النقاب عن تحقيق كانت قد أعدته ويتناول تفاصيل متعلقة بتهريب ثروة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد قبل 48 ساعة من سقوط نظامه وفراره إلى روسيا. جاء في التحقيق الذي استند إلى 10 مصادر أن أحد مستشاري الأسد البارزين استأجر طائرة من طراز "إمبراير ليجاسي 600" يملكها رجل أعمال لبناني يدعى محمد وهبي ومسجلة في دولة غامبيا الأفريقية، ليرصد بعد ذلك 4 رحلات جوية لهذه الطائرة في غضون 48 ساعة جميعها انطلقت من قاعدة حميميم العسكرية الروسية التي تقع قرب مدينة اللاذقية على الساحل السوري. وكان لافتاً أنه في كل خبر ينتشر عن تهريب أموال أو مقتنيات أو حتى أشخاص من سوريا يكون للبناني يد فيها، فهل من مسؤولية تقع على صاحب الطائرة في هذه العملية التي تحدثت فيها "رويترز" عن نقل ملايين الدولارات ومستندات؟ طائرة في قاعدة حميميم (رويترز). الخبير القانون عادل يمين أكد لـ"النهار" أنه ما دامت الطائرة بعهدة المستأجر وبحراسته فلا تقع مسؤولية على المالك الأساسي. أما الأستاذ في القانون الجنائي محمد حبحب فيرى أنه "بناءً على المعطيات المتوافرة لا نية جرمية لدى صاحب الطائرة، فهو أجّر هذه الطائرة قبل سقوط النظام لرئيس جمهورية دولة ولا أرى أن ثمة دليلاً جرمياً في كل المعطيات التي نُشرت خصوصاً أن مبلغ 500 ألف دولار المحكي عنه ليس مبلغا ضخما". أما أستاذ القانون الدولي حسن جوني فيشير إلى أنه "لا يمكن إبداء الرأي القانوني في هذه المسألة قبل الاطلاع على العقد الموقع بين المؤجر والمستأجر، ولكن في مطلق الأحوال المؤجر ليس مسؤولاً عن استعمالات المستأجر فإذا أجّر أحدهم منزلاً لأي شخص ثم عمد الأخير إلى المتاجرة في المخدرات داخل المنزل، فهل يجوز مقاضاة صاحب الملك؟"، مضيفاً "هذا عدا عن أن غالبية الأخبار التي وصلت من سوريا بعد سقوط النظام ليست دقيقة ومتناقضة في الكثير من الأحيان". الجدير بالذكر أن "رويترز" لفتت في تحقيقها إلى أنها حاولت التواصل مع وهبي صاحب الطائرة الذي نفى أيّ علاقة له برحلات (سي5-إس.كيه.واي) من سوريا وإليها، وقال إنه لا يملك الطائرة، ولكنّه يستأجرها أحياناً من وسيط رفض الكشف عن اسمه.


شفق نيوز
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- شفق نيوز
تحقيق لرويترز يكشف تفاصيل عملية تهريب ثروة الأسد على متن طائرة خاصة إلى الإمارات
كشف تحقيق استقصائي لوكالة رويترز للأنباء عن تفاصيل تهريب الرئيس السوري السابق، بشار الأسد، أمواله ومقتنياته الثمينة على متن طائرة خاصة، خلال 48 ساعة قبل الإطاحة بنظام حكمه، فضلاً عن تهريب وثائق سرّية تتعلق بشبكة أعماله. وتحدث التقرير عن دور يسار إبراهيم، كبير المستشارين الاقتصاديين للأسد، في استئجار طائرة خاصة نقلت على متنها - خلال أربع رحلات جوية - مقتنيات ثمينة للأسد وأفراد عائلته ومساعديه وموظفي القصر الرئاسي إلى دولة الإمارات، بحسب التفاصيل التي أعدّتها رويترز استناداً إلى ما يزيد على اثني عشر مصدراً. وذكر التقرير أن إبراهيم، الذي تولى إدارة المكتب الاقتصادي والمالي للرئاسة خلال فترة حكم الأسد، قام بدور محوري لتأسيس شبكة أعمال استخدمها الأسد للهيمنة على قطاعات واسعة من الاقتصاد السوري، وغالباً ما كان يُنظر إليه على أنه واجهة للرئيس السابق، بحسب إشعارات العقوبات الأمريكية، وآراء خبراء في الشأن الاقتصادي السوري، ومصدر داخل شبكة أعمال الأسد. وكانت الدول الغربية قد فرضت عقوبات على الأسد بعد قمعه للاحتجاجات المناهضة لحكمه في عام 2011، وشملت تلك العقوبات لاحقاً إبراهيم بسبب دعمه للنظام. وأفاد تحليل أجرته رويترز، تضمّن سجلات تتبع الرحلات الجوية، بأن الطائرة "إمبراير ليغاسي 600"، المسجلة في غامبيا وتحمل رقماً تعريفياً هو "سي5-إس.كيه.واي"، نفّذت أربع رحلات جوية متتالية إلى سوريا خلال 48 ساعة قبل الإطاحة بنظام حكم الأسد. وغادرت الرحلة الرابعة للطائرة قاعدة حميميم الجوية العسكرية التي تديرها روسيا، والواقعة على مقربة من مدينة اللاذقية على الساحل السوري للبحر المتوسط، في الثامن من ديسمبر/كانون الأول، بحسب سجلات تتبع الرحلات الجوية، وصورة ملتقطة بالأقمار الصناعية، ومصدر سابق في الاستخبارات الجوية على اطلاع مباشر بالعملية وتفاصيلها، وهو نفس اليوم الذي غادر فيه الأسد إلى روسيا من نفس القاعدة. وهذه هي المرة الأولى التي يُكشف فيها عن تفاصيل عملية نقل أصول الأسد من سوريا، واستطاعت رويترز إجراء مقابلات شملت 14 مصدراً سورياً مطلعاً على تفاصيل العملية، من بينهم موظفون في المطار، وعدد من الضباط السابقين في أجهزة الاستخبارات والحرس الرئاسي، بالإضافة إلى مصدر على صلة بشبكة أعمال الأسد. واطلعت رويترز على محادثة على تطبيق واتساب بين مساعدي إبراهيم، فضلاً عن بيانات تتبع الرحلات الجوية، وصور الأقمار الصناعية، وسجلات ملكية شركات وطائرات موزعة على ثلاث قارات، وذلك بغية تجميع تفاصيل لمعرفة كيف استطاع أقرب مساعدي الأسد تأمين مرور آمن للطائرة. وأفاد مصدر من داخل شبكة أعمال الأسد، وضابط سابق في الاستخبارات الجوية، ومحادثة عبر تطبيق واتساب، بأن الطائرة نقلت على متنها حقائب سوداء تحتوي على نحو نصف مليون دولار نقداً، فضلا عن وثائق وأجهزة كمبيوتر محمولة وأقراص صلبة لتخزين المعلومات، تضم معلومات استخباراتية حساسة تتعلق بما أُطلق عليه اسم "المجموعة"، وهو اسم رمزي استخدمه الأسد ومساعدوه، بمن فيهم إبراهيم، للإشارة إلى شبكة معقدة من الكيانات العاملة في قطاعات الاتصالات والبنوك والعقارات والطاقة وغيرها. وبحسب تقرير رويترز، ظل مكان وجود الأسد سراً لا يعرفه حتى أفراد عائلته المقربين خلال الأيام الأخيرة من فترة حكمه، التي اتسمت بالاضطراب، بعدها منحته روسيا حق اللجوء السياسي، ولم تستطع رويترز، بحسب تقريرها، التواصل معه أو مع إبراهيم للتعليق، كما لم ترد وزارتا الخارجية الروسية والإماراتية على طلبات للتعليق بشأن العملية. وقال مسؤول بارز لوكالة رويترز إن حكومة الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، تعتزم استرداد الأموال العامة التي حُوّلت إلى الخارج قبل الإطاحة بالأسد، واستخدامها لدعم الاقتصاد السوري الذي يعاني من عقوبات صارمة ونقص العملات الأجنبية. وأكد المسؤول - بحسب التقرير - أن الأموال جرى تهريبها خارج البلاد قبل الإطاحة بالأسد، لكنه لم يكشف عن تفاصيل الطريقة التي حدث بها ذلك، مشيراً إلى أن السلطات لا تزال تحقق لتحديد الوجهة النهائية لهذه الأموال. ولم يتسنّ لرويترز التأكد على نحو مستقل مما إذا كان الأسد قد أشرف على العملية بشكل شخصي، وعلى الرغم من ذلك أفادت عدة مصادر مطّلعة على تفاصيل العملية بأنها لم تكن لتتم دون موافقة الأسد. "أنت لم تر هذه الطائرة إطلاقاً" Reuters وفي السادس من ديسمبر/كانون الأول، بينما كانت فصائل المعارضة بقيادة "هيئة تحرير الشام" تتقدم نحو العاصمة، اقتربت طائرة من طراز "إمبراير"، من مطار دمشق الدولي. وأفادت ستة مصادر مطلعة على تفاصيل العملية، من بينهم أربعة مصادر قالوا إنهم كانوا في الموقع، بأنه جرى نشر ما يزيد على 12 فرداً كانوا يرتدون زي قوات الاستخبارات الجوية السورية، التي تعد أحد الأدوات الرئيسية التي استُخدمت في القمع السياسي خلال فترة حكم الأسد، وكان الهدف من نشر هؤلاء الأفراد تأمين قاعة حرس الشرف، المخصصة لكبار الشخصيات الهامة في المطار، وتأمين طريق الوصول إليها. وقال ثلاثة مصادر، كانوا من بين الموجودين في الموقع، إن عدداً من السيارات المدنية ذات نوافذ معتمة اقتربت من المنطقة، وقال مصدران، وهما ضابط سابق في الاستخبارات ومسؤول بارز في المطار، إن هذه السيارات كانت تتبع الحرس الجمهوري الخاص، المكلف بحماية الأسد والقصر الرئاسي. ولفت قائد بارز سابق في الحرس الجمهوري إلى أن مشاركة الحرس الجمهوري تعني أن "بشار الأسد هو من أصدر الأوامر" التي تتعلق بالعملية، مضيفاً أن الحرس كان يتلقى أوامره فقط من قائده طلال مخلوف، أو من الأسد نفسه. وأفاد التقرير أن قائد أمن المطار غدير علي، أبلغ العاملين في المطار بأن أفراداً من قوات الاستخبارات الجوية سيتعاملون بأنفسهم مع الطائرة، وفقاً لما ذكره محمد قيروط، مدير إدارة العمليات الأرضية في الخطوط الجوية السورية. ويقول قيروط إن غدير علي قاله له: "هذه الطائرة ستهبط وسوف نتعامل معها، وأنت لم تر هذه الطائرة إطلاقاً". وقال ثلاثة من مسؤولي المطار والضابط السابق في الاستخبارات إن علي، وهو ضابط بارز في الاستخبارات الجوية، كان يتلقى أوامره من القصر الرئاسي مباشرة. وتقول رويترز إنها لم تستطع الاتصال بعلي للتعليق. EPA وأفادت بيانات موقع "فلايت رادار 24"، لتتبع الرحلات الجوية، أن طائرة من طراز "سي5-إس.كيه.واي" كانت تتجه كل مرة إلى مطار البطين في أبوظبي المخصص لرحلات الطيران الخاصة، الذي تستخدمه شخصيات بارزة، والمعروف بخصوصيته الشديدة. وأقلعت الطائرة، في البداية، من دبي في السادس من ديسمبر/كانون الأول، وهبطت في مطار دمشق في حوالي الساعة الثانية عشرة ظهراً بالتوقيت المحلي (حوالي التاسعة صباحاً بتوقيت غرينتش)، ثم أقلعت واتجهت إلى مطار البطين، ثم عادت إلى دمشق مرة أخرى بعد الساعة العاشرة مساء. وقال مصدر عامل في المطار: "في كل مرة كانت تهبط فيها الطائرة، كانت سيارات تتجه نحوها، وتبقى لفترة قصيرة ثم تغادر قبل أن تقلع الطائرة مرة أخرى". وأخبر غدير علي أفراد الاستخبارات الجوية أن موظفي القصر الرئاسي وأقارب الأسد ومن بينهم الشباب، كان من المفترض أن يغادروا على متن أول رحلتين من دمشق في السادس من ديسمبر/كانون الأول، وهما رحلتان نُقلت على متنهما أيضاً الأموال، بحسب ضابط سابق في الاستخبارات كان موجوداً في الموقع. ولم تستطع رويترز الاطلاع على القائمة الخاصة بالرحلات الأربع للطائرة للتأكد من عدد الركاب وحمولتها. وأفاد نفس المصدر أن الرحلة الثانية من دمشق نقلت على متنها أيضاً لوحات فنية وبعض التماثيل الصغيرة. وعادت الطائرة إلى دمشق، في السابع من ديسمبر/كانون الأول، في حوالي الساعة الرابعة مساء، ثم غادرت إلى مطار البطين للمرة الثالثة بعد ما يزيد عن ساعة، وكان على متنها في هذه المرة حقائب أموال، وأقراص صلبة لتخزين المعلومات، وأجهزة إلكترونية تحتوي على معلومات ذات صلة بشبكة أعمال الأسد، بحسب ما ذكره ضابط الاستخبارات ومصدر وثيق داخل شبكة أعمال الأسد. وأفاد هذا المصدر بأن المعلومات المخزّنة تشمل سجلات مالية، ومحاضر اجتماعات، وعقود ملكية شركات وعقارات وشراكات أخرى، فضلاً عن تفاصيل عمليات تحويل نقدية وحسابات في الخارج. وأضاف الضابط السابق في الاستخبارات أنه في المرة الثالثة، اقتربت سيارات تابعة للسفارة الإماراتية في دمشق من المنطقة المخصصة لكبار الشخصيات في المطار قبل أن تقلع الطائرة، مما يشير إلى أن الإمارات كانت على علم بالعملية. "تحويل مسار الطائرة لقاعدة روسية" Reuters وفي الصباح الباكر من يوم الثامن من ديسمبر/كانون الأول وصل مقاتلو المعارضة إلى دمشق، مما اضطر الأسد للفرار إلى المنطقة الساحلية في اللاذقية، وذلك بالتنسيق مع القوات الروسية، في الوقت الذي توقفت فيه حركة الطيران في مطار دمشق. وتشير بيانات موقع "فلايت رادار 24" إلى أن الطائرة غادرت مطار البطين للمرة الأخيرة بعد منتصف ليل نفس اليوم، وحلّقت فوق مدينة حمص شمال دمشق، حوالي الساعة الثالثة صباحاً بالتوقيت المحلي، ثم اختفت الطائرة عن نطاق تتبع الرحلات لمدة نحو ست ساعات قبل أن تظهر مجدداً فوق حمص، متجهة إلى أبوظبي. وقال ضابط الاستخبارات السابق إن الطائرة هبطت خلال تلك الفترة في قاعدة حميميم بمحافظة اللاذقية. وأظهرت صورة بالأقمار الصناعية التقطتها شركة "بلانيت لابز" للصور الفضائية، وجود الطائرة في الساعة 9:11 صباحاً على المدرج في قاعدة حميميم، واستطاعت رويترز التأكد من أن الطائرة "إمبراير" في الصورة هي نفس الطائرة التي تحمل الرقم التعريفي "سي5-إس.كيه.واي"، استناداً إلى الحجم والشكل وبيانات تتبع الرحلات، إذ كانت هذه الطائرة هي الطائرة الخاصة الوحيدة التي تحلق في سماء سوريا خلال الفترة بين السادس والثامن من ديسمبر/كانون الأول، وفقاً لبيانات تتبع الرحلات. وكان أحمد خليل، أحد المقربين من إبراهيم، على متن الرحلة المنطلقة من قاعدة حميميم، وفقاً لضابط الاستخبارات الجوية، ومصدر داخل شبكة أعمال الأسد، ومحادثة على تطبيق واتساب، ويخضع خليل لعقوبات غربية بسبب دعمه للنظام السابق من خلال إدارة عدة شركات في سوريا. وأفاد المصدر داخل شبكة الأسد ورسائل واتساب بأن خليل وصل إلى القاعدة الروسية في سيارة مصفحة تابعة للسفارة الإماراتية وكان يحمل نصف مليون دولار، سحبها قبل يومين من حساب في بنك "سورية الدولي الإسلامي". وقال المصدر في شبكة أعمال الأسد إن الحساب تملكه شركة "البرج" للاستثمار في دمشق. وقالت منصة "سوريا ريبورت" الإلكترونية التي تضم قاعدة بيانات الشركات، والتي أنشأها خبراء في الشأن السوري بناء على سجلات رسمية سورية ترجع إلى عام 2018، إن إبراهيم يملك 50 في المئة من هذه الشركة. ولم يرد خليل على طلب بالتعليق أُرسل له عبر حسابه على فيسبوك، كما لم يرد بنك "سورية الدولي الإسلامي" وأيضاً شركة "البرج" على رسائل أُرسلت بالبريد الإلكتروني تطلب التعليق. وقال المصدر داخل شبكة أعمال الأسد ومسؤول سابق في هيئة الطيران المدني السورية إن الطائرة "إمبراير" كانت تعمل بنظام " عقد إيجار طائرة دون طاقم أو خدمات تشغيلية مصاحبة"، بينما لم تستطع رويترز تحديد الجهة التي نظمت الرحلات الجوية. وأضاف المصدر أن إبراهيم وصل إلى أبوظبي في 11 من ديسمبر/كانون الأول. كما رفض الشرع التعليق على سؤال بشأن الطائرة خلال مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء. ويقول تقرير رويترز إن إبراهيم استأجر الطائرة من رجل الأعمال اللبناني، محمد وهبي، بحسب ما ذكر عضو في مجموعة النخبة الاقتصادية السورية والمصدر داخل شبكة الأسد، ففي محادثة على تطبيق واتساب، وصف أحد مساعدي إبراهيم الطائرة بـ "الطائرة اللبنانية". ويمتلك وهبي شركة "فلاينج إيرلاين إف.زد.سي.أو" الجوية، المسجلة في المنطقة الحرة بدبي، وفقاً لملفه التعريفي على منصة "لينكد إن". وكان وهبي قد نشر صوراً للطائرة "سي5-إس.كيه.واي"، في أبريل/نيسان 2024، على حسابه على منصة "لينكد إن" مع تعليق "مرحباً"، وفي يناير/كانون الثاني الماضي قال رجل الأعمال في منشور منفصل على نفس المنصة، إن الطائرة معروضة للبيع. وسُجّلت الطائرة في غامبيا لحساب شركة محلية تُدعى "فلاينج إيرلاين كومباني" في أبريل/نيسان 2024، وكشفت سجلات تتبع الرحلات أنه خلال الأشهر التي سبقت الإطاحة بنظام حكم الأسد، سافرت الطائرة إلى روسيا - الحليف المقرب للأسد - التي تخضع حالياً لعقوبات من شركات الطيران الغربية بسبب غزوها لأوكرانيا. ولم تستطع رويترز، بحسب تقريرها، التواصل مع الشخص الممثّل لشركة "فلاينج إيرلاين كومباني" في غامبيا، الشيخ تيجان جالو. كما يمتلك لبناني آخر، أسامة وهبي، 30 في المئة من شركة "فلاينج إيرلاين كومباني" والعراقي، صفا أحمد صالح، 70 في المائة من الشركة، بحسب السجلات الرسمية في غامبيا. وبحسب صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، لدى محمد وهبي ابن يُدعى أسامة، وهو يعمل أيضاً في قطاع الطيران، ولم تستطع رويترز التأكد مما إذا كان أسامة هو نفس الشخص المسجل في السجلات الغامبية أم لا. ونفى محمد وهبي، خلال اتصال من رويترز، أي صلة له برحلات الطائرة "سي5-إس.كيه.واي" من سوريا وإليها، وأوضح لرويترز أنه لا يمتلك الطائرة بل يستأجرها "أحياناً" من سمسار لم يكشف عن هويته، كما لم يرد على أسئلة تستوضح ما إذا كان ابنه متورطاً في الأمر. ولم يرد أسامة وهبي على طلب للتعليق، ولم تستطع رويترز التواصل مع صفا أحمد صالح، بحسب تقريرها.