logo
#

أحدث الأخبار مع #سيد_كريم

مهندس ضاع حلمه في اللجان
مهندس ضاع حلمه في اللجان

الشرق الأوسط

timeمنذ يوم واحد

  • سياسة
  • الشرق الأوسط

مهندس ضاع حلمه في اللجان

تحمّس الملك فاروق لمخطط مبهر رسم فيه المهندس المصري سيد كُريم، الملامح المستقبلية للقاهرة؛ حيث شمل «مترو الأنفاق، والقطار الطائر، وثمانية جسور علوية، وطرقاً دائرية، وخططاً للمدن الجديدة». قرر الملك فاروق أن يعرض المخطط في حفل مهيب بالجامعة الأميركية، لكن الأقدار شاءت أن يودع فاروق مصر إلى الأبد، على ظهر يخت المحروسة. حاول كُريم إعادة المخطط إلى القيادة الجديدة، وأعجب به اللواء محمد نجيب، فكلف لجنة بدراسته. غير أن نجيب غادر منصبه أيضاً. وكأن «لعنة» أصابت مخطط القاهرة الذي لم يرَ النور، وفق تعبير مؤلف كتاب «صنايعية مصر» عمر طاهر. الرئيس عبد الناصر شكل لجنة قالت إن الدكتور سيد كُريم «مهندس عظيم، لكن المشروع الذي خططه للقاهرة... (بما فيه من كبارٍ علوية وغيرها) لا يناسب مدينة سكنية، ولكنه يناسب مدينة ملاهٍ!». عبد الناصر نفسه صُدم من نتيجة التقرير، لأنه تحمّس لمخطط قاهرة الخمسينات، فشكّل لجنة جديدة لكن ممثلها قال لناصر: «الدكتور سيد بيخَرَّف! مشروع مترو أنفاق وحده يتكلف مليار جنيه، وهو مبلغ كفيل ببناء القاهرة كلها». حاول عبد الناصر عن طريق السادات فهم الموضوع. فقال كُريم إن المشروع يكلف مليارات الجنيهات وليس ملياراً واحداً، وإنه وجد طريقة للتمويل غير حكومية بأسلوب «BOT» وهو البناء والتشغيل ثم تؤول الملكية للحكومة بعد عشرين عاماً، مقابل نسبة من العوائد لصالح الحكومة. فرح السادات بالمقترح الفريد، الذي رفضته اللجنة ولم تقدم بدائل. وبعد أن قرأ عبد الناصر مسودات الاتفاقات المبدئية مع الشركات، قال: «هذه ليست عقود استثمار، بل عقود استعمار». عاد العبقري كُريم بخفي حنين، وتبعثر حلمه بتنظيم القاهرة التي كانت تضم نحو مليون نسمة و24 ألف سيارة، متوقعاً أن تقع المعضلة ببلوغ سكانها 20 مليوناً. بعد أسابيع تلقى كُريم دعوة من لجنة فنية في الأمم المتحدة، فقال أحد المجتمعين للحاضرين وهو يشير إلى كُريم: «أقدم لكم خبيراً مصرياً أعد مشروعاً لو اجتمعنا نحن خبراء الهيئة فلن نستطيع أن نقدم أفضل منه». ثم قال لكُريم: «أهلاً بك خبيراً دولياً في الأمم المتحدة». ثم نال وسام خادم الحرمين الشريفين بعد تخطيط مدينة الرياض، والمساهمة في توسعة الحرمين وطريق الحج. زاره السادات في مكتبه وتأمل المجسم الجميل لمخطط مدينة جديدة على ما يبدو. فعاتبه السادات بقوله: «تخدم الدول العربية بمثل هذه النماذج والمخططات الرائعة وتبخل على بلدك؟». فقال كُريم: «الماكيت (المجسم) الذي أعجبك ليس لمدينة عربية، ولكنه جزء من مخطط القاهرة الذي رفضته لجانكم مرتين!». بعد أيام طلب عبد الناصر مقابلة كُريم الذي قالت لجنة عنه إنه «بيخرَّف»، فطلب منه تصميم مدينة «الثورة». لكن اللجنة رفضته مجدداً. وبعد تدخل عبد الناصر رأى المشروع النور ثم بُنيت المدينة العصرية المتكاملة. لكنه رفض مقترحاً بتسميتها مدينة عبد الناصر وقبل بـ«مدينة نصر». ما حدث مع المهندس العبقري سيد كُريم يستحق التأمل. فمشروعه لتخطيط القاهرة العصرية نال استحسان الملك فاروق ومن بعده لكنه لم يرَ النور لأسباب عديدة منها «معضلة اللجان» التي تميل أحياناً نحو الرفض أو المنع كحل أسهل من عناء التفكير ببدائل. فكم من مشروع عربي عملاق ذهب سدى لأنه ضاع في دهاليز البيروقراطية والتردد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store