أحدث الأخبار مع #سيكيهاتشيسون


Independent عربية
٢٧-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
كيف دخلت قناة السويس المصرية قائمة طلبات ترمب؟
لم تكن دعوة دونالد ترمب منح السفن العسكرية والتجارية الأميركية حرية المرور عبر قناة بنما مباغتة لأحد، فقد طرح الاستيلاء عليها من قبل، لكن المفاجأة جاءت من وضع الرئيس الأميركي قناة السويس مع قناة بنما في السلة ذاتها، وهو ما يثير تساؤلات حول جدية ترمب ودوافعه وأهدافه من هذه المطالب؟ وما إذا كان سيسعى وراء تنفيذها، بخاصة أنه ووزراءه سبق أن ناقشوا هذا الأمر عبر تسريب "سيغنال" الأخير، وحددوا مصر وأوروبا لما يتوقعونه من مقابل لكلفة شن هجماتهم على الحوثيين في اليمن. من بنما إلى السويس حتى قبل توليه منصبه في يناير (كانون الثاني) الماضي لوح ترمب بأن الولايات المتحدة قد تسيطر على قناة بنما وغرينلاند لأغراض الأمن القومي، ووصف قرار الرئيس السابق جيمي كارتر بمنح السيطرة على القناة لبنما بأنه خطأ فادح للغاية كلف أميركا ما يعادل تريليون دولار، وتعهد باستعادتها إذا لزم الأمر، وبعد اتصالات بين البلدين صرح وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، بأن البلدين توصلا إلى اتفاق بعدما شرح المسؤولون الأميركيون استياءهم من سيطرة الشركات الصينية على البنية التحتية الحيوية في منطقة القناة، مما يمنح الصين القدرة على القيام بأنشطة مراقبة في جميع أنحاء بنما، وأعلن هيغسيث أن بنما ستتنازل عن الرسوم المفروضة على السفن الحربية الأميركية. لكن رئيس بنما نفى لاحقاً وجود مثل هذا الاتفاق، مما دفع ترمب على ما يبدو إلى تكرار حديثه عن الرغبة في مرور السفن الحربية والتجارية بالمجان من القناة التي تربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ، وتوفر طريقاً مختصراً لسفن الشحن بما يقلل أوقات وكلف عبور السفن. وعلى رغم أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو عبر في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" عن سعادته بانسحاب بنما من مبادرة "الحزام والطريق" التي تقودها الصين كأول دولة في أميركا اللاتينية تفعل ذلك، إلا أن الجهود الأميركية لبيع أصول موانئ بنمية من شركة "سي كي هاتشيسون" ومقرها هونغ كونغ، إلى تحالف تقوده شركة "بلاك روك" الأميركية العملاق للاستثمار، عارضتها الصين وواجهت الصفقة عقبات مالية مع بنما، مما أدى إلى تصاعد التوترات مرة أخرى. وسط هذا التصعيد، انتقل ترمب فجأة ليضم قناة السويس المصرية التي يبلغ طولها 193 كيلومتراً وتربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، إلى قائمة طلباته بالمرور المجاني للسفن الأميركية الحربية والتجارية، وقال في منشور على منصته "تروث سوشيال"، إنه وجه وزير الخارجية ماركو روبيو بالتعامل الفوري مع هذا الوضع، مجادلاً بأن الولايات المتحدة لعبت دوراً أساساً في وجود القناتين واستمرار تشغيلهما، ومدعياً أنه لولا الولايات المتحدة لم تكن هاتان القناتان وجدتا، مما أثار دهشة كثيرين حول ما يدعيه ترمب من دور أميركي في إنشاء قناة السويس أو تشغيلها. ماذا يقصد ترمب؟ على عكس قناة بنما التي شيدتها الولايات المتحدة في أوائل القرن الـ20، وبموجب اتفاق وقعه الرئيس جيمي كارتر عام 1979 سلمتها إلى بنما عام 1999، لم يكن هناك أي دور أميركي في حفر وإنشاء قناة السويس التي تمت بالشراكة بين فرنسا ومصر، وكان المهندس الرئيس فيها هو الدبلوماسي الفرنسي فرديناند ديليسبس، الذي حصل على امتيازات من سعيد باشا حاكم مصر لتأسيس شركة "قناة السويس" والإشراف على تشييدها عام 1859، واكتمل حفر القناة عام 1869، وافتتحت رسمياً للملاحة في الـ17 من نوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام. وخلال عملية تشييد القناة التي امتدت 10 أعوام ولقي فيها عشرات الآلاف من الفلاحين المصريين حتفهم في ظروف صعبة، كانت الولايات المتحدة في حرب أهلية استمرت 4 سنوات من 1861 وحتى 1865 بين ولايات الشمال وولايات الجنوب، وبطبيعة الحال لم تكن قناة السويس آنذاك وحتى في السنوات التالية محط اهتمام الأميركيين. لكن ترمب ربما أراد التذكير بأزمة السويس التي اندلعت عام 1956 وكان للولايات المتحدة ورئيسها دوايت أيزنهاور دور بارز في ردع وانسحاب قوات فرنسا وبريطانيا وإسرائيل التي هاجمت مصر بعدما أمم الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر القناة التي كانت بريطانيا وفرنسا تتقاسمان ملكيتها آنذاك، رداً على انسحاب الولايات المتحدة من مشروع السد العالي في أسوان. ووفقاً لمعهد وثيقة الحقوق الأميركي المعني بالوثائق التاريخية، واجه الرئيس أيزنهاور أكبر تحدٍّ في سياسته الخارجية، حيث كان لبريطانيا وفرنسا مصلحة واضحة ليس فقط في حماية استثماراتهما وضمان المرور عبر قناة السويس، ولكن أيضاً في استغلال أزمة القناة لشل عبدالناصر أو ربما إطاحته بعدما دعم الثوار في مستعمرة الجزائر الفرنسية، كما أقنع رئيس الوزراء البريطاني نفسه بأن عبدالناصر هو هتلر آخر يهدد بقاء بريطانيا كقوة عظمى، أما إسرائيل المنتظمة باستمرار في مناوشات حدودية مع الدول العربية المحيطة بها، فكانت لديها مخاوف من قوة عسكرية جديدة على حدودها الجنوبية بدأ عبدالناصر في رسم ملامحها، لذا تعاونت مع البريطانيين والفرنسيين في التخطيط سراً لعملية عسكرية. لكن أيزنهاور رأى الأزمة بصورة مختلفة، بحسب ما يشير جيف برودواتر الأستاذ والمؤرخ في كلية "بارتون"، فعلى رغم نجاح البريطانيين والفرنسيين والإسرائيليين في إخفاء خططهم عن أيزنهاور، فإنهم لم يخفوا تفضيلهم العمل العسكري، وهو ما عارضه الرئيس الأميركي بشدة بعدما أبلغه محامو إدارته، ومنهم المدعي العام هربرت براونيل، بأن لمصر الحق، بموجب سلطة الاستملاك العام، في تأميم شركة "قناة السويس" طالما أنها تعوض مالكيها وهو ما وعد به عبدالناصر، لكن الفرنسيين والبريطانيين شككوا في قدرة المصريين على تشغيل القناة، وهو ما أثبت المصريون عكسه، حيث ظلت القناة مفتوحة وزادت حركة المرور بالفعل. اعتقد أيزنهاور أن الغزو ستكون له نتائج عكسية، ومن المرجح أن يؤدي إلى إغلاق القناة، كما أعرب عن قلقه من أن ينظر إلى الغزو على أنه عمل من أعمال الإمبريالية الغربية، وقد يدفع جزءاً كبيراً من الشرق الأوسط وأفريقيا إلى أحضان السوفيات، كما أن المعاهدة الثلاثية التي وقعت عليها أميركا وبريطانيا وفرنسا بالدفاع عن دول الشرق الأوسط من العدوان، أثارت في ذهن أيزنهاور احتمالاً شبه مستحيل، وهو أن تجد الولايات المتحدة نفسها في حال حرب مع أقرب وأهم حلفائها حال تعرض مصر لهجوم، ومن ناحية أخرى إذا هب الاتحاد السوفياتي للدفاع عن مصر التي تقاربت منه في السنوات الأخيرة، فستضطر الولايات المتحدة للتدخل نيابة عن بريطانيا وفرنسا وقد تكون النتيجة حرباً نووية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وحينما شنت إسرائيل هجومها في الـ29 من أكتوبر (تشرين الأول) دعت بريطانيا وفرنسا إلى وقف إطلاق النار، وهو ما رفضه عبدالناصر، وبدأت طائرات بريطانيا وفرنسا في قصف أهداف في مصر، وفي الخامس من نوفمبر أنزلوا المظليين والقوات البرية قرب بورسعيد في الطرف الشمالي للقناة، لكن أيزنهاور دان الهجوم الثلاثي وهدد بمصادرة الأصول البريطانية في الولايات المتحدة، كما حصلت إدارته على قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين الغزو، والأهم من ذلك، وجد البريطانيون أنهم لا يستطيعون مواصلة العملية من دون الدعم الأميركي، فمع بدء القتال أغلق المصريون القناة بالسفن الغارقة، ودمروا خط أنابيب رئيساً ينقل النفط من العراق إلى أوروبا الغربية، مما أدى إلى حرمان البريطانيين من مصادرهم الرئيسة للنفط، واحتاجوا إلى الدولارات لشرائه في الولايات المتحدة، لكن الإدارة الأميركية رفضت التعاون، واضطر البريطانيون إلى الانسحاب من مصر آخذين معهم الفرنسيين والإسرائيليين. ومن خلال هذه التفصيلات التي دونها مؤرخون أميركيون، يتضح أن الدور الأميركي في أزمة السويس لم يكن للدفاع عن مصر، بل من أجل أهداف تتعلق بدور أميركا في عالم ما بعد الحرب العالمية، وبسبب خشية أميركا من قتال الاتحاد السوفياتي في ذلك الوقت. نيات "تسريب سيغنال" لكن هدف ترمب على ما يبدو يتعلق بتعويض الولايات المتحدة عن حربها ضد الحوثيين في اليمن، ففي الأيام التي سبقت بدء الضربات الجوية الأميركية، تناقش الرئيس ترمب ونائبه جي دي فانس ووزير دفاعه بيت هيغسيت ومستشار الأمن القومي مايك والتز، في الترتيب للضربات وتحديد توقيتها والحصول على الضوء الأخضر من الرئيس بانطلاقها. وخلال النقاش الذي تم عبر تطبيق "سيغنال"، وتم الكشف عن فحواه من خلال صحافي بمجلة "أتلانتيك" في تسريب عرف باسم "سيغنال غيت"، اعتقد فانس أن من الصعب تبرير الضربات للشعب الأميركي لأن ثلاثة في المئة فقط من تجارة الولايات المتحدة تمر عبر قناة السويس، في حين أن 40 في المئة من التجارة الأوروبية تمر عبرها، لهذا كان ينبغي على أوروبا أن تفعل ذلك، وهو ما يتماشى مع حججه السابقة بأن الولايات المتحدة تدفع مبالغ زائدة مقابل الأمن الأوروبي. وعلى رغم أن هيغسيث اعتبر أن الضربة ستعزز القيم الأميركية الجوهرية، بما في ذلك حرية الملاحة والردع المسبق لإيران، فإنه وافق على أن الإدارة يجب أن تسعى إلى تجميع الكلفة المرتبطة بذلك وفرضها على الأوروبيين، واختتم ميلر، المقرب من ترمب، المحادثة بقوله إن الرئيس كان واضحاً في منح الضوء الأخضر للضربات، لكن الإدارة ستوضح قريباً لمصر وأوروبا توقعاتها في مقابل هذا الجهد العسكري. يعني ذلك أن نيات الإدارة الأميركية في الحصول على تعويض مادي من مصر وأوروبا كانت قائمة منذ البداية، ولأن مصر التي تمر بضائقة اقتصادية، لا تستطيع دفع أموال بصورة مباشرة للولايات المتحدة، فربما تكون فكرة إعفاء السفن الحربية والتجارية الأميركية أكثر قبولاً من جانب مصر، بدعوى أن القناة خسرت نحو 7 مليارات دولار خلال العام الماضي نتيجة تحول نسبة كبيرة من السفن إلى الدوران عبر أفريقيا من طريق رأس الرجاء الصالح الأكثر أماناً. وحيث إن الولايات المتحدة تقول إنها أنفقت على ضربات الحوثيين أكثر من مليار دولار حتى الآن، ومن المنتظر أن تستمر الضربات لأسابيع أخرى قادمة، فإن الإعفاء الذي يطالب به ترمب لن يكون عبئاً ثقيلاً على المصريين. وبينما لم يعلن ترمب حتى الآن دوافعه وراء طلبه، لكن بعض التقارير التي نشرتها مراكز أبحاث أميركية لم تخف مخاوفها من التمدد الصيني بمنطقة قناة السويس، وهو المنطق الذي تسوقه إدارة ترمب في ما يتعلق بقناة بنما، ووفقاً لتقرير صادر عن "معهد الشرق الأوسط" توسعت مشاركة الصين في الموانئ والمناطق البحرية الحيوية في مصر بصورة ملحوظة، وأثارت مشاركة الشركات الصينية الحكومية والخاصة في تطوير وتشغيل والاستحواذ الجزئي على الموانئ البحرية المصرية وضخ أموال بمليارات الدولارات مع توفير الخبرة التكنولوجية، تساؤلات جوهرية في واشنطن حول الشفافية والتداعيات العسكرية والهيمنة المحتملة للصين في هذا الممر الحيوي الذي تستخدمه القطع العسكرية الأميركية كثيراً في الشرق الأوسط. ولأن هذه الموانئ تلعب أدواراً أساسية في تسهيل التجارة العالمية، وطرق الشحن إلى أوروبا، فسيكون لها تداعيات كبيرة على مبادرة "الحزام والطريق" الصينية التي تعد مصر جزءاً حيوياً منها، لهذا تتعاظم أهمية موانئ مصر كونها بوابات إلى أفريقيا وأوروبا وآسيا، كما أنها تدير قناة السويس التي يمر بها 12 في المئة من التجارة العالمية. وأثار تداخل عمليات الموانئ التجارية الصينية مع التطلعات العسكرية لبكين حول العالم ناقوس الخطر للأميركيين، لا سيما مع توقف السفن الحربية التابعة للبحرية الصينية لأسباب فنية في محطات تديرها الصين في دول مختلفة، بما في ذلك مصر، وتغذي هذه الحالات التكهنات حول التطبيقات العسكرية المحتملة لهذه الموانئ، مما يؤثر في الديناميكيات الإقليمية ويثير مخاوف لدى حلفاء الولايات المتحدة، وبخاصة إسرائيل. ووفقاً للتقارير الأميركية، تتطلب إدارة هذا المشهد من مصر موازنة الفرص والأخطار التي تجلبها الاستثمارات الصينية، ففي حين تدرك الولايات المتحدة أن الإمكانات الاقتصادية وتطور البنية التحتية اللذين توفرهما مشاركة الصين لا غنى عنهما، لكنها تتوقع من مصر أن تتعامل بحذر، وأن تضمن الشفافية والاتفاقات العادلة والتوازن الدقيق بين المكاسب الاقتصادية والأخطار المحتملة الكامنة في الوجود المتزايد للمصالح الصينية داخل أصولها البحرية الحيوية، وهو ما يتناقض مع تركيز ترمب على توسيع النفوذ الأميركي على الممرات المائية التجارية والبحرية الحيوية. توقعات الرد المصري الأرجح ألا تقبل القاهرة المطالب الأميركية بسهولة، ومع ذلك من الممكن أن تفتح الباب أمام الاستجابة لطلب ترمب إذا كان ضمن مكاسب متبادلة مثل إعفاء مصر من الرسوم الجمركية التي تعهد ترمب بفرضها على العالم وتبلغ 10 في المئة على مصر، مع إمكان تجديد طرح توقيع اتفاق تجارة حر مع الولايات المتحدة الذي يعرقله اتفاق الـ"كويز"، إذ يشترط وجود مكونات إسرائيلية محدودة في المنتج المصري حتى يتم قبوله في السوق الأميركية. كما من المتوقع أن يدفع الدبلوماسيون المصريون بفكرة أن الضربات العسكرية الأميركية لم توقف بعد الهجمات الحوثية على حركة الملاحة البحرية عند باب المندب، بالتالي من السابق لأوانه دفع ثمن لشيء لم يتحقق بعد، بخاصة أن نبرة بدأت تتسرب في الإعلام الأميركي ومراكز البحث بأن الولايات المتحدة ربما لن تستطيع أن تواصل هجماتها لأمد بعيد خشية نفاد المخزون الاستراتيجي الأميركي من الذخائر والقنابل والصواريخ، والتي تحتاج إلى الحفاظ عليها في أي معركة ضخمة قد تبرز في أي مكان حول العالم، ومن ثم سيماطل المصريون في الاستجابة لطلب ترمب، بخاصة أن قناة بنما الأقرب والأهم استراتيجياً لأميركا لم توافق بعد على الطلب الأميركي نفسه. إضافة إلى ذلك ينتظر أن يقاوم المصريون المطلب الأميركي من خلال تفنيد تعاون مصر مع القوات البحرية الأميركية لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر والمحيط الهندي من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل، بما في ذلك التدريبات البحرية المشتركة، والمشاركة في فرق العمل الدولية، وتبادل المعلومات والموارد، كما تسهم مصر في جهود الأمن البحري من خلال قيادة بعض فرق العمل المشاركة في هذه العمليات، كمشاركتها في القوات البحرية المشتركة التي تضم 46 دولة ومقرها البحرين، وفرقة العمل المشتركة 153 التي تولت مصر قيادتها أخيراً، وتعمل هذه الفرق على ردع الأنشطة غير المشروعة وإعاقتها، بما في ذلك القرصنة والاتجار بالأسلحة والمخدرات. كما تتشارك مصر والولايات المتحدة المعلومات والموارد لتعزيز الأمن البحري في المنطقة، ويشمل ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق العمليات، والتعاون في جهود التدريب والتطوير بهدف بناء حضور أمني بحري أكثر قوة وفعالية في البحر الأحمر والمحيط الهندي، بالتالي يسهم تعاون مصر في تهيئة بيئة أكثر استقراراً وأمناً في المنطقة، مما يعود بالنفع على جميع الدول. لكن إلى حين تبدأ المحادثات، من المرجح أن تصدر هيئة قناة بنما رداً على طلب ترمب، وسوف يقدم روبيو تحديثاً بعدما يتابع القضية كما فعل باستمرار منذ توليه منصبه في الإدارة.


صحيفة الخليج
٠٨-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- صحيفة الخليج
الصين غاضبة من أحد رأسمالييها
د. محمد الصياد * نادراً ما تُظهر الصين غضبها فيما يخص شؤون علاقاتها الدولية. فهي تدير هذه العلاقات بأكبر قدر من الهدوء والرصانة والبعد قدر الإمكان عن المواقف المتشنجة التي قد تفضح حقيقة الموقف أو ترسل رسائل خاطئة يقرؤها الآخرون على غير ما تهواه بكين. لكن ما قام به أحد كبار رأسمالييها مؤخراً أثار غضب وحفيظة المستوى السياسي وأوساط الإعلام ومراكز وخزانات الأفكار الصينية. كا شينغ لي «Ka-shing Li» (مواليد 1928)، ملياردير من هونغ كونغ تبلغ ثروته الصافية نحو 40 مليار دولار، يملك شركات تعمل في كافة مجالات الصناعة والتجارة والنقل والتكنولوجيا وغيرها. منحته بريطانيا وسام رتبة الإمبراطورية البريطانية (Most Excellent Order of the British Empire). بصورة مفاجئة أثارت حفيظة وحنق الصينيين، أقدم كا شينغ لي مؤخراً على بيع 43 ميناءً ومرافقها اللوجستية في 23 دولة، لشركة بلاك روك الأمريكية. وهو ما اعتبر الصينيون أنه تواطؤ مع الشركة الأمريكية ومع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وخيانة سافرة للأمانة وللوطن الأم، مذكّرين بالوجوه القبيحة التي فضحتها أعمال العنف والتخريب التي نفذتها عناصر متآمرة لقلب النظام في هونغ كونغ في عام 2014 و2019. واتهموه بأنه باع وطنه من أجل المال. احتفل ترامب بالاستيلاء، عبر شركة بلاك روك، على جميع هذه الموانئ اللوجستية، بما فيها قناة بنما. والهدف فرملة تدفق السلع الصينية إلى موانئ هذه الدول على اعتبار أن الصين هي أكبر مُصنّع للسلع في العالم. وبسيطرة الولايات المتحدة على هذه الموانئ يُمكنها إيجاد أعذارٍ للضغط على شركات الشحن الصينية، بما يجبرها على زيادة هائلة في تكاليف هذه الموانئ. وقد يصل الأمر لاستخدام الولاية القضائية الطويلة الأمد لمنع السفن الصينية من الرسو في هذه الموانئ. فالهدف النهائي هو الإضرار باستراتيجية «صُنع في الصين»، ومبادرة الحزام والطريق. خصوصاً إذا ما وضعنا في الاعتبار تنفيذ هونغ كونغ استراتيجية الصين المتمثلة في إنشاء مركز دولي للشحن والتجارة. لم ترد شركتا سي كي هاتشيسون وبلاك روك على استفسارات الصحافة بشأن القضية. كما التزم كا شينغ لي الصمت إزاء ثورة الغضب المنفجرة في وجهه، وهو الذي ادعى في 16 مارس 2018 تقاعده من العمل في شركتيه الأم «CK Hutchison Holdings» و«CK Asset Holdings»، بعد قرابة 70 عاماً من العمل، ونقله السيطرة على إمبراطوريته التي يبلغ إجمالي قيمة أصولها 100 مليار دولار أمريكي، إلى ابنه، فيكتور لي. لكنه في الواقع ظل يشرف على أعمال الإمبراطورية من منصبه الذي اتخذ صفة المستشار الأول للمجموعتين القابضتين. تتضمن الصفقة موافقة شركة سي كي هاتشيسون «CK Hutchison Holdings» مبدئياً على نقل حصتها البالغة 90% في شركة موانئ بنما إلى كونسورتيوم تحالف تقوده شركة الاستثمار الأمريكية بلاك روك، إضافة إلى حصتها الفعلية والمسيطرة البالغة 80% في 43 ميناءً تضم 199 رصيفاً في 23 دولة، بقيمة إجمالية قدرها 22.8 مليار دولار. صحيفة «تا كونغ باو» اليومية الناطقة بالصينية، كتبت مقالاً في صفحتها الأولى يوم السبت 15 مارس 2025، بعنوان «رجال الأعمال العظماء جميعهم وطنيون بارزون»، دعت فيه رجال الأعمال الصينيين إلى مواجهة هذه الأزمة بنفس الطريقة التي تواجه بها الصين «الهيمنة والتنمر الأمريكيين»، داعية الشركات الصينية إلى «الوقوف بحزم إلى جانب الوطن الأم». أما من يستسلمون لسلوكيات الهيمنة والتنمر لإبرام «صفقة لمرة واحدة»، فسيُسجلون في صفحات «العار التاريخي». وأوردت الصحيفة أمثلة لرجال أعمال صينيين مثل تشانغ تشين الذي افتتح مصنعاً للقطن في أواخر القرن التاسع عشر، ورين تشنغفي مؤسس شركة هواوي تكنولوجيز، وغيرهم من رجال الأعمال الصينيين الذين «صانوا السيادة التكنولوجية لصناعة الاتصالات الصينية». سوق الأسهم ردّت على هذا التداعي الغاضب للصفقة بأن هبطت القيمة السوقية لأسهم شركة سي كيه هاتشيسون، وثلاث وحدات أخرى مدرجة في هونغ كونغ، هي سي كيه أسيتس هولدينغز، وسي كيه إنفراستركتشر هولدينغز، وباور أسيتس هولدينغز، بما تجاوز 20 مليار دولار هونغ كونغي (2.57 مليار دولار أمريكي)، وذلك يوم الجمعة 14 مارس 2025. السوق تتعامل بوضوح مع اعتراض الصين على الصفقة، وتحذيرها منها، ورغبتها في تعليقها. بعض كبار المحللين السياسيين الصينيين اعتبروا ما قام به كا شينغ لي، انتهاكاً صارخاً للمصالح الوطنية لجمهورية الصين الشعبية، داعين السلطات الصينية لاتخاذ إجراءات صارمة ضده وفقاً للقوانين ذات الصلة في البلاد ومنطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة.


Independent عربية
٣٠-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- Independent عربية
واشنطن وبكين تصعدان الرهانات في الجدل حول موانئ قناة بنما
يعكس غضب الصين إزاء بيع موانئ في قناة بنما إلى تكتل شركات تقوده الولايات المتحدة، أهمية مراكز الحاويات التي أصبحت محورية مع تنافس بكين وواشنطن على النفوذ العالمي، كما يرى محللون. وباع تكتل الشركات من هونغ كونغ "سي كي هاتشيسون" هذا الشهر 43 مرفأ في 23 دولة، بما يشمل عمليات في القناة الحيوية بأميركا الوسطى، إلى مجموعة بقيادة شركة "بلاك روك" العملاقة الأميركية لإدارة الأصول مقابل 19 مليار دولار نقداً. وبعد أسبوعين من الأخذ والرد شددت بكين أول من أمس الجمعة لهجتها وأكدت أن هيئة تنظيم السوق التابعة للدولة ستدرس المشروع بما سيحول على الأرجح دون توقيع الاتفاق بين الطرفين الأربعاء المقبل، كما هو مقرر. وقبل الإعلان عن دراسة المشروع قال خبراء لوكالة الصحافة الفرنسية إن الاتفاق سمح للرئيس الأميركي دونالد ترمب أن يعلن "استعادة" القناة في إطار أجندته "أميركا أولاً". وذكر كورت تونغ المدير الشريك في "مجموعة آسيا" وأحد كبار الدبلوماسيين الأميركيين السابقين في هونغ كونغ أن "الولايات المتحدة (خلقت) قضية سياسية على حساب الصين ومن ثم تمكنت من إعلان النصر"، مضيفاً أن "هذا لا يثير الارتياح في بكين". وتقع بعض الموانئ التي تُباع في دول تشارك في "مبادرة الحزام والطريق" الصينية، المشروع الضخم الذي أطلقه الرئيس الصيني شي جينبينغ لإقامة بنى تحتية عبر العالم. وقال خبير القانون المتخصص في التجارة لدى جامعة سنغافورة للإدارة هنري غاو إن المرافئ مهمة لهذا المشروع والصين "حققت نجاحاً ملحوظاً في هذا المجال". وانسحبت بنما رسمياً الشهر الماضي من "مبادرة الحزام والطريق" عقب زيارة لوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. وقال غاو "هناك فعلاً نهج متزايد لاستخدام المرافئ والبنى التحتية للتجارة كأسلحة للضغط الجيوسياسي". وفي الرابع من مارس (آذار) الجاري أحدثت شركة "سي كي هاتشيسون" صدمة في قطاع الشحن البحري الصيني بإعلانها عن صفقة "بحجم غير مسبوق"، وفقاً للباحث في تطوير الموانئ لدى معهد شنغهاي الدولي للشحن شيه وينكينغ. وأوضح شيه أن شركات الشحن البحري الصينية تساءلت عما إذا كان بإمكانها ضمان مرور محايد بعد انتقال ملكية الموانئ، مضيفاً أن "هناك مخاوف حيال الكلف الإضافية للسفن الصينية أو المعاملة التمييزية في ما يتعلق بطلبات الانتظار"، وأشار إلى قدرة السلطات الأميركية على فرض قراراتها على نطاق واسع. قد يقوض هيمنة الصين على قطاع التصنيع ورجح مدير معهد الشؤون الدولية في جامعة رينمين الصينية وانغ ييوي أن الاتفاق، إلى جانب الزيادات الأخيرة في الرسوم الجمركية الأميركية، أن يقوض هيمنة الصين على قطاع التصنيع، مشيراً إلى أن "زيادة عمليات التفتيش وكلف الرسو الإضافية من شأنها أن تقوض القدرة التنافسية للصين وتعطل سلاسل التوريد العالمية". وأضاف وانغ أن الولايات المتحدة استخدمت مبررات مختلفة للتركيز مباشرة على مشاريع البنية التحتية الرئيسة في إطار "مبادرة الحزام والطريق" "لاستنزاف هذه الأصول وإضعاف مكانة الصين كمصنع العالم". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال المدير التنفيذي لمجلس يوكوسوكا لدراسات آسيا والمحيط الهادئ جون برادفورد إن الاتفاق لن يخدم مصالح الصين، لكنه اعتبر أن بعض المخاوف "مبالغ فيها". وتعد شركات تشغيل الموانئ مثل "سي كي هاتشيسون"، كيانات تجارية محكومة بالقانون ولا يمكنها بت مسائل السيادة الوطنية، كأن تقرر إن كان بوسع سفينة الرسو في ميناء أو لا. وقال برادفورد "إذا فضل 'المشغلون' شركة على أخرى بصورة واضحة جداً، فسيكون ذلك عموماً، غير قانوني"، مضيفاً أن "معظم الدول لديها قوانين تنص على وجوب معاملة مختلف العملاء بطريقة مماثلة، لذا فإن السيناريوهات الكابوسية ليست واقعية فعلياً". وقد تكون للخطوات التالية التي ستتخذها بكين للتدقيق في شركة "سي كي هاتشيسون" آثار بعيدة المدى على هونغ كونغ ودورها كبوابة أعمال صينية إلى العالم. وقال تونغ الدبلوماسي السابق إن "قضية موانئ بنما أعادت التركيز على مسألة ما إذا كانت هونغ كونغ مكاناً مناسباً لاستثمار الأصول أو ممارسة الأعمال التجارية"، مردفاً أن "من المؤكد أن مجموعة الشركات الأجنبية العاملة في هونغ كونغ تراقب هذه القضية عن كثب". وشركة "سي كي هاتشيسون" مسجلة في جزر كايمان وجميع الأصول المعروضة للبيع موجودة خارج الصين. مراجعة قوانين مكافحة الاحتكار لكن ذلك لم يمنع هيئة تنظيم السوق التابعة لإدارة الدولة من الإعلان أول من أمس عن مراجعة قوانين مكافحة الاحتكار. وقال جيت دينغ الشريك الرئيس في مكتب شركة "دنتونز للمحاماة" في بكين إن قوانين مكافحة الاحتكار الصينية يمكن تطبيقها خارج حدودها، على غرار قوانين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وعند استيفاء الاتفاق معايير الصين، ينبغي تقديم بلاغ حتى لو كانت الصفقة تجري في الخارج، ما دام أن للأطراف المعنية عمليات واسعة النطاق في الصين القارية، وفق دينغ الذي أضاف أن الشركات التي لا تقدم بلاغاً قد تغرم بما يصل إلى 10 في المئة من دخلها التشغيلي من العام السابق. وقال أستاذ العلوم السياسية في "جامعة جونز" هوبكنز هونغ هو فونغ إن بكين تجازف بإثارة مخاوف الشركات الأجنبية "الحذرة" التي خفضت بالفعل من أنشطتها التجارية في هونغ كونغ، مضيفاً أنه إذا انهار الاتفاق تحت الضغط الصيني، فقد يعتقد الناس بأن هونغ كونغ تتقارب مع الصين القارية حيث "تعد اعتبارات الأمن القومي ذات أهمية قصوى في أي صفقة تجارية".


٣٠-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
واشنطن وبكين تصعدان الرهانات في الجدل حيال موانئ في قناة بنما وسط توتر مستمر حول مضيق تايوان
يعكس غضب الصين إزاء بيع موانئ في قناة بنما إلى تكتل شركات تقوده الولايات المتحدة، أهمية مراكز الحاويات التي أصبحت محورية في ظل تنافس بكين وواشنطن على النفوذ العالمي، كما يرى محللون. باع تكتل الشركات من هونغ كونغ 'سي كي هاتشيسون' هذا الشهر 43 مرفأ في 23 دولة، بما يشمل عمليات في القناة الحيوية بأميركا الوسطى، لمجموعة بقيادة شركة 'بلاك روك' العملاقة الأميركية لإدارة الأصول مقابل 19 مليار دولار نقدًا. وبعد أسبوعين من الأخذ والرد، شددت بكين الجمعة لهجتها وأكدت أن هيئة تنظيم السوق التابعة للدولة ستدرس المشروع، بما سيحول على الأرجح دون توقيع الاتفاق بين الطرفين في الثاني من نيسان/أبريل كما هو مقرر. وقبل الإعلان عن دراسة المشروع، قال خبراء لوكالة 'فرانس برس' إن الاتفاق سمح للرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يعلن 'استعادة' القناة في إطار أجندته 'أميركا أولًا'. وقال المدير الشريك في 'مجموعة آسيا' وأحد كبار الدبلوماسيين الأميركيين السابقين في هونغ كونغ إن 'الولايات المتحدة (خلقت) قضية سياسة على حساب الصين، ومن ثم تمكنت من إعلان النصر'. وأضاف 'هذا لا يثير الارتياح في بكين'. وتقع بعض الموانئ التي يتم بيعها في دول تشارك في 'مبادرة الحزام والطريق' الصينية، المشروع الضخم الذي أطلقه الرئيس الصيني شي جينبينغ لإقامة بنى تحتية عبر العالم. وقال خبير القانون المختص بالتجارة في جامعة سنغافورة للإدارة هنري غاو إن المرافئ مهمة لهذا المشروع، والصين 'حققت نجاحًا ملحوظًا في هذا المجال'. وانسحبت بنما رسميًا الشهر الماضي من 'مبادرة الحزام والطريق' عقب زيارة لوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. وقال غاو 'هناك فعلاً نهج متزايد لاستخدام المرافئ والبنى التحتية للتجارة كأسلحة للضغط الجيوسياسي'. سيناريو 'كابوسي' في الرابع من آذار/مارس، أحدثت شركة 'سي كيه هاتشيسون' صدمة في قطاع الشحن البحري الصيني بإعلانها عن صفقة 'بحجم غير مسبوق'، وفقًا للباحث في تطوير الموانئ في معهد شنغهاي الدولي للشحن شيه وينكينغ. وأوضح شيه لوكالة 'فرانس برس' أن شركات الشحن البحري الصينية تساءلت عما إذا كان بإمكانها ضمان مرور محايد بعد انتقال ملكية الموانئ. وأضاف 'هناك مخاوف بشأن التكاليف الإضافية للسفن الصينية أو المعاملة التمييزية في ما يتعلق بطلبات الانتظار'، مشيرًا إلى قدرة السلطات الأميركية على فرض قراراتها على نطاق واسع. ورأى مدير معهد الشؤون الدولية بجامعة رينمين الصينية وانغ ييوي أن الاتفاق، إلى جانب الزيادات الأخيرة في الرسوم الجمركية الأميركية، قد يقوض هيمنة الصين على قطاع التصنيع. وأشار إلى أن 'زيادة عمليات التفتيش وتكاليف الرسو الإضافية من شأنها أن تقوض القدرة التنافسية للصين وتعطل سلاسل التوريد العالمية'. وأضاف وانغ أن الولايات المتحدة استخدمت مبررات مختلفة للتركيز مباشرة على مشاريع البنية التحتية الرئيسية في إطار 'مبادرة الحزام والطريق' 'لاستنزاف هذه الأصول وإضعاف مكانة الصين كمصنع العالم'. وقال المدير التنفيذي لمجلس 'يوكوسوكا' لدراسات آسيا والمحيط الهادئ جون برادفورد إن الاتفاق لن يخدم مصالح الصين، لكنه اعتبر أن بعض المخاوف 'مبالغ فيها'. تُعدّ شركات تشغيل الموانئ، مثل 'سي كيه هاتشيسون'، كيانات تجارية محكومة بالقانون ولا يمكنها البت في مسائل السيادة الوطنية، كأن تقرر إن كان بإمكان سفينة الرسو في ميناء أم لا. وقال برادفورد 'إذا فضّل (المشغلون) شركة على أخرى بشكل واضح جدًا، فسيكون ذلك عمومًا… غير قانوني'. وأضاف أن 'معظم الدول لديها قوانين تنص على وجوب معاملة مختلف العملاء بطريقة مماثلة، لذا فإن السيناريوهات الكابوسية ليست واقعية فعلاً'. وقد يكون للخطوات التالية التي ستتخذها بكين للتدقيق في شركة 'سي كيه هاتشيسون' آثار بعيدة المدى على هونغ كونغ ودورها كبوابة أعمال صينية إلى العالم. وقال تونغ، الدبلوماسي السابق، إن 'قضية موانئ بنما أعادت التركيز على مسألة ما إذا كانت هونغ كونغ مكانًا مناسبًا لاستثمار الأصول أو ممارسة الأعمال التجارية'. وأضاف 'من المؤكد أن مجموعة الشركات الأجنبية العاملة في هونغ كونغ تراقب هذه القضية عن كثب'. وشركة 'سي كيه هاتشيسون' مسجلة في جزر كايمان، وجميع الأصول المعروضة للبيع موجودة خارج الصين. لكن ذلك لم يمنع هيئة تنظيم السوق التابعة لإدارة الدولة من الإعلان الجمعة عن مراجعة قوانين مكافحة الاحتكار. وقال جيت دينغ، الشريك الرئيسي في مكتب 'دنتونز' للمحاماة في بكين، إن قوانين مكافحة الاحتكار الصينية يمكن تطبيقها خارج حدودها، على غرار قوانين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وعند استيفاء الاتفاق معايير الصين، ينبغي تقديم بلاغ حتى لو كانت الصفقة تجري في الخارج، طالما أن للأطراف المعنية عمليات واسعة النطاق في الصين القارية، وفق دينغ. وأضاف دينغ أن الشركات التي لا تقدم بلاغًا قد تُغرّم بما يصل إلى 10% من دخلها التشغيلي من العام السابق. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز هونغ هو فونغ إن بكين تجازف بإثارة مخاوف الشركات الأجنبية 'الحذرة' التي خفضت بالفعل من أنشطتها التجارية في هونغ كونغ. وأضاف فونغ أنه إذا انهار الاتفاق تحت الضغط الصيني، فقد يعتقد الناس أن هونغ كونغ تتقارب مع الصين القارية حيث 'تُعدّ اعتبارات الأمن القومي ذات أهمية قصوى في أي صفقة تجارية'. وزير الحرب الأميركي: الولايات المتحدة ستضمن 'الردع' عبر مضيق تايوان وفي السياق، قال وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث الأحد في طوكيو إن الولايات المتحدة ستحافظ على 'قوة ردع موثوقة ومتينة' في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بما في ذلك مضيق تايوان، واصفًا المناورات الصينية المتزايدة حول الجزيرة ذات الحكم الذاتي بأنها 'عدوانية'. وأكد هيغسيث بعد محادثات في طوكيو مع نظيره الياباني غين ناكاتاني أن 'الولايات المتحدة ملتزمة بالحفاظ على قوة ردع موثوقة ومتينة وجاهزة للتحرك في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما في ذلك عبر مضيق تايوان'. وأضاف خلال مؤتمر صحافي 'لقد ناقشنا الوضع الأمني الدقيق والطارئ حول اليابان'، موضحًا 'ستكون اليابان في الخطوط الأمامية لمواجهة أي طارئ في غرب المحيط الهادئ (…) إن الولايات المتحدة واليابان متحدتان بقوة في مواجهة الأعمال العدوانية والقسرية للشيوعيين الصينيين'. وخلال السنوات الأخيرة، كثفت بكين ضغوطها العسكرية على تايوان من خلال توغلاتها الجوية شبه اليومية حول الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، متعهدة باستعادتها بالقوة إذا لزم الأمر. وتعتمد تايبيه على حماية الولايات المتحدة، المورد الرئيسي للأسلحة لها. وفي مطلع آذار/مارس الجاري، قال وزير الدفاع التايواني ويلينغتون كو 'لا تستطيع الولايات المتحدة أن تنسحب (من المنطقة) لأن ذلك يصب في مصلحتها الأساسية. إذا سقطت تايوان واستولى عليها الحزب الشيوعي الصيني، ما سيكون وضع اليابان والفلبين؟'. لكن اليابان ما زالت هي أيضًا تعتمد على الولايات المتحدة في الشؤون الأمنية، مع تمركز 54 ألف جندي أميركي في الأرخبيل، خصوصًا في أوكيناوا في شرق تايوان. لكن في ظل سياسة 'أميركا أولًا' التي تتبناها إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، يشعر حلفاء الولايات المتحدة، في أوروبا كما في آسيا، بالقلق إزاء تراجع الالتزام الأميركي. وقال الرئيس الأميركي مؤخرًا 'لدينا اتفاق مثير للاهتمام مع اليابان: علينا أن نحميهم، لكن ليس من المطلوب منهم حمايتنا. من يبرم هكذا الاتفاقات؟'. وتحض واشنطن حلفاءها على زيادة إنفاقهم العسكري بشكل كبير، مع تحديد هدف 2% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو). وبعدما تخلت عن سياستها السلمية، تسعى طوكيو الآن إلى تجهيز نفسها بقدرات 'هجوم مضاد' ومضاعفة إنفاقها العسكري ليصل أيضًا إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي. لكن حليفها الأميركي قد يطلب منها الذهاب أبعد من ذلك. وعلق هيغسيث الأحد قائلًا 'لم نتحدث عن أرقام محددة. نحن مقتنعون بأن اليابان ستتخذ القرارات الصحيحة بشأن القدرات اللازمة داخل تحالفنا لضمان وحدتنا'. وأضاف 'كانت اليابان حليفا نموذجيًا (…) لكننا ندرك كلانا أنه يتعين على الجميع بذل المزيد من الجهد'. ومن جهته، أشار وزير الدفاع الياباني غين ناكاتاني الأحد إلى أن طوكيو 'تعمل باستمرار على تعزيز القدرات الدفاعية بشكل كبير'. والعام الماضي، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الياباني آنذاك فوميو كيشيدا بدء 'حقبة جديدة' من التعاون، بما في ذلك إنشاء مقر أميركي جديد في اليابان. وسيكون هذا المقر الذي سيحل مكان 'القيادة الهندية الباسيفيكية' الأميركية في هاواي، تابعًا للقيادة المشتركة الجديدة التي أنشأتها طوكيو أخيرًا والتي ستعزز استجابة قوات البلدين في حال حدوث أزمة في تايوان أو في شبه الجزيرة الكورية. ويمكن لطوكيو أيضًا أن تعد بشراء المزيد من المعدات الأميركية و'تتباهى بالتعاون الأخير بين الصناعيين اليابانيين والأميركيين في مجال الدفاع، مثل شركة ميتسوبيشي إلكتريك التي تزود مكونات للرادار 'رايثيون' الذي تستخدمه البحرية الأميركية'، كما أكد يي كوانغ هينغ من جامعة طوكيو. من جهته، قال هيغسيث 'من الواضح بالنسبة إلي أن تحالفنا (الأميركي الياباني) هو حجر الزاوية للسلام والأمن' في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وبدأ هيغسيث جولته الآسيوية بزيارة مانيلا حيث قال الجمعة إن على الولايات المتحدة والفلبين 'توحيد الجهود' لمواجهة 'التهديدات التي يمثلها الصينيون الشيوعيون' في المنطقة.


المنار
٣٠-٠٣-٢٠٢٥
- أعمال
- المنار
واشنطن وبكين تصعدان الرهانات في الجدل حول موانئ في قناة بنما
يعكس غضب الصين إزاء بيع موانئ في قناة بنما إلى تكتل شركات تقوده الولايات المتحدة، أهمية مراكز الحاويات التي أصبحت محورية في ظل تنافس بكين وواشنطن على النفوذ العالمي، كما يرى محللون. باع تكتل الشركات من هونغ كونغ 'سي كي هاتشيسون' هذا الشهر 43 مرفأ في 23 دولة، بما يشمل عمليات في القناة الحيوية بأميركا الوسطى، لمجموعة بقيادة شركة 'بلاك روك' العملاقة الأميركية لإدارة الأصول مقابل 19 مليار دولار نقدًا. وبعد أسبوعين من الأخذ والرد، شددت بكين الجمعة لهجتها وأكدت أن هيئة تنظيم السوق التابعة للدولة ستدرس المشروع، بما سيحول على الأرجح دون توقيع الاتفاق بين الطرفين في الثاني من نيسان/أبريل كما هو مقرر. وقبل الإعلان عن دراسة المشروع، قال خبراء لوكالة 'فرانس برس' إن الاتفاق سمح للرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يعلن 'استعادة' القناة في إطار أجندته 'أميركا أولًا'. وقال المدير الشريك في 'مجموعة آسيا' وأحد كبار الدبلوماسيين الأميركيين السابقين في هونغ كونغ إن 'الولايات المتحدة (خلقت) قضية سياسة على حساب الصين، ومن ثم تمكنت من إعلان النصر'. وأضاف 'هذا لا يثير الارتياح في بكين'. وتقع بعض الموانئ التي يتم بيعها في دول تشارك في 'مبادرة الحزام والطريق' الصينية، المشروع الضخم الذي أطلقه الرئيس الصيني شي جينبينغ لإقامة بنى تحتية عبر العالم. وقال خبير القانون المختص بالتجارة في جامعة سنغافورة للإدارة هنري غاو إن المرافئ مهمة لهذا المشروع، والصين 'حققت نجاحًا ملحوظًا في هذا المجال'. وانسحبت بنما رسميًا الشهر الماضي من 'مبادرة الحزام والطريق' عقب زيارة لوزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. وقال غاو 'هناك فعلاً نهج متزايد لاستخدام المرافئ والبنى التحتية للتجارة كأسلحة للضغط الجيوسياسي'. سيناريو 'كابوسي' في الرابع من آذار/مارس، أحدثت شركة 'سي كيه هاتشيسون' صدمة في قطاع الشحن البحري الصيني بإعلانها عن صفقة 'بحجم غير مسبوق'، وفقًا للباحث في تطوير الموانئ في معهد شنغهاي الدولي للشحن شيه وينكينغ. وأوضح شيه لوكالة 'فرانس برس' أن شركات الشحن البحري الصينية تساءلت عما إذا كان بإمكانها ضمان مرور محايد بعد انتقال ملكية الموانئ. وأضاف 'هناك مخاوف بشأن التكاليف الإضافية للسفن الصينية أو المعاملة التمييزية في ما يتعلق بطلبات الانتظار'، مشيرًا إلى قدرة السلطات الأميركية على فرض قراراتها على نطاق واسع. ورأى مدير معهد الشؤون الدولية بجامعة رينمين الصينية وانغ ييوي أن الاتفاق، إلى جانب الزيادات الأخيرة في الرسوم الجمركية الأميركية، قد يقوض هيمنة الصين على قطاع التصنيع. وأشار إلى أن 'زيادة عمليات التفتيش وتكاليف الرسو الإضافية من شأنها أن تقوض القدرة التنافسية للصين وتعطل سلاسل التوريد العالمية'. وأضاف وانغ أن الولايات المتحدة استخدمت مبررات مختلفة للتركيز مباشرة على مشاريع البنية التحتية الرئيسية في إطار 'مبادرة الحزام والطريق' 'لاستنزاف هذه الأصول وإضعاف مكانة الصين كمصنع العالم'. وقال المدير التنفيذي لمجلس 'يوكوسوكا' لدراسات آسيا والمحيط الهادئ جون برادفورد إن الاتفاق لن يخدم مصالح الصين، لكنه اعتبر أن بعض المخاوف 'مبالغ فيها'. تُعدّ شركات تشغيل الموانئ، مثل 'سي كيه هاتشيسون'، كيانات تجارية محكومة بالقانون ولا يمكنها البت في مسائل السيادة الوطنية، كأن تقرر إن كان بإمكان سفينة الرسو في ميناء أم لا. وقال برادفورد 'إذا فضّل (المشغلون) شركة على أخرى بشكل واضح جدًا، فسيكون ذلك عمومًا… غير قانوني'. وأضاف أن 'معظم الدول لديها قوانين تنص على وجوب معاملة مختلف العملاء بطريقة مماثلة، لذا فإن السيناريوهات الكابوسية ليست واقعية فعلاً'. دور هونغ كونغ وقد يكون للخطوات التالية التي ستتخذها بكين للتدقيق في شركة 'سي كيه هاتشيسون' آثار بعيدة المدى على هونغ كونغ ودورها كبوابة أعمال صينية إلى العالم. وقال تونغ، الدبلوماسي السابق، إن 'قضية موانئ بنما أعادت التركيز على مسألة ما إذا كانت هونغ كونغ مكانًا مناسبًا لاستثمار الأصول أو ممارسة الأعمال التجارية'. وأضاف 'من المؤكد أن مجموعة الشركات الأجنبية العاملة في هونغ كونغ تراقب هذه القضية عن كثب'. وشركة 'سي كيه هاتشيسون' مسجلة في جزر كايمان، وجميع الأصول المعروضة للبيع موجودة خارج الصين. لكن ذلك لم يمنع هيئة تنظيم السوق التابعة لإدارة الدولة من الإعلان الجمعة عن مراجعة قوانين مكافحة الاحتكار. وقال جيت دينغ، الشريك الرئيسي في مكتب 'دنتونز' للمحاماة في بكين، إن قوانين مكافحة الاحتكار الصينية يمكن تطبيقها خارج حدودها، على غرار قوانين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وعند استيفاء الاتفاق معايير الصين، ينبغي تقديم بلاغ حتى لو كانت الصفقة تجري في الخارج، طالما أن للأطراف المعنية عمليات واسعة النطاق في الصين القارية، وفق دينغ. وأضاف دينغ أن الشركات التي لا تقدم بلاغًا قد تُغرّم بما يصل إلى 10% من دخلها التشغيلي من العام السابق. وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز هونغ هو فونغ إن بكين تجازف بإثارة مخاوف الشركات الأجنبية 'الحذرة' التي خفضت بالفعل من أنشطتها التجارية في هونغ كونغ. وأضاف فونغ أنه إذا انهار الاتفاق تحت الضغط الصيني، فقد يعتقد الناس أن هونغ كونغ تتقارب مع الصين القارية حيث 'تُعدّ اعتبارات الأمن القومي ذات أهمية قصوى في أي صفقة تجارية'.