أحدث الأخبار مع #شيماءعبدالكريم


البلاد البحرينية
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- سيارات
- البلاد البحرينية
صيف 2024 يحرق 402 سيارة بين لهب الإهمال وشظايا العطور القاتلة - تحقيق -
شيماء عبدالكريم: تسير السيارات على الأسفلت وكأنها تسير فوق فوهة بركان. وتشتعل من دون مقدمات، في وضح النهار، وأمام عدسات المارة، كأنها تذكرة موسمية بأن الصيف لا يرحم. ومع كل صورة تُنشر، تتزايد الأسئلة، ولا تأتي الإجابات. سيارات جديدة، صيانتها مكتملة، تحترق كأنها من ورق. وبينما تشتعل المركبات، تحترق معها الثقة، وتزداد الحيرة: هل الخلل في التصنيع؟ في التوصيلات؟ أم في غياب الوعي؟ تحقيق 'البلاد' لا يكتفي برصد المشهد، بل يغوص في أسبابه، ويضع إصبعه على جرح مفتوح اسمه 'سلامة المركبات في الصيف'. أرقام مقلقة تشير إحصاءات إدارة الدفاع المدني، إلى أن عدد حوادث الحريق التي تعاملت معها فرق الدفاع المدني وصل نحو 1258 حادثًا في صيف 2023، و1441 حادثًا في صيف 2024 بزيادة تقارب 15 %، بينها 402 حادثًا لحرائق المركبات في النصف الأول من 2024، ويعود السبب الرئيس في تسريع انتشار النيران بموسم الصيف إلى ارتفاع الحرارة والأحمال الكهربائية الثقيلة. لحظات مرعبة وفي هذا الصدد، تروي الإعلامية والأكاديمية د. سهير المهندي، لحظات مرعبة عاشتها حين اشتعلت النار فجأة في مقدمة سيارتها المركونة في مرآب المنزل، وامتد جزء منها إلى واجهة المنزل، ثم إلى مركبة كانت متوقفة بجوارها، إذ قالت 'أنا أشد الناس حذرًا فيما يتعلق بمتعلقاتي وممتلكاتي التي أتركها في السيارة، إلا أن أقدار الله سبحانه وتعالى مكتوبة'. وتابعت 'سيارتي جديدة وقد أحضرتها من فترة قصيرة جدًا من الوكالة بعد عمل الصيانة الدورية اللازمة لها، وربما تكون المشكلة من خطأ ارتكبه العاملون في المحل نفسه؛ لأن ألسنة اللهب بدأت بالخروج من مقدمة السيارة وليس من داخلها، لذا من الواجب على الزبون أن يتفقد ويتفحص سيارته جيدًا قبل الاستلام، وإن كان الأمر يشكل صعوبة على بعض الأشخاص، ولاسيما غير الملمين بالسيارات'. شرارة نار يقول الخبير في الصحة والسلامة المهنية إبراهيم ناصر، إن أسباب الحرائق تنقسم إلى حالتين، واحدة معروفة وأخرى غير معروفة، مشيرًا إلى أن من أبرز الأسباب المعروفة نسيان مواد قابلة للاشتعال داخل السيارة، مثل العطور، بخاخات الرذاذ (السبري)، أو الشواحن المتنقلة، إذ يؤدي تعرضها لدرجات حرارة مرتفعة، خصوصا في فصل الصيف، إلى تفاعلها وانفجارها بشكل مفاجئ؛ ما قد يتسبب في اندلاع حريق داخل المركبة. أما فيما يتعلق بالحالات غير المعروفة، فأشار ناصر إلى أن بعضها يحدث حتى في السيارات الجديدة التي تُفترض فيها معايير السلامة العالية، موضحًا أن المشكلة قد تنشأ من إضافة بعض الإكسسوارات أو التعديلات غير الأصلية، مثل تركيب سماعات خارجية أو أجهزة إضافية لا تتوافق مع نظام السيارة الكهربائي. ويؤكد ناصر أن هذه الإضافات، إذا لم تُركب بطريقة آمنة ومطابقة للمواصفات، قد تخرج عن نطاق الأمان المصمم من قبل الشركة المُصنّعة؛ ما يزيد من احتمالية حدوث تماس كهربائي يؤدي إلى حريق. ويضيف أن لكل مركبة قدرة كهربائية محددة، وأي تجاوز لهذه الطاقة عبر تركيب ملحقات غير مناسبة قد لا تظهر مشكلته مباشرة، لكن مع مرور الوقت يُعرض السيارة لخطر الاشتعال. ويبين ناصر أن السيارات تخضع لاختبارات أمان دقيقة قبل طرحها في الأسواق، وبالتالي فإن حدوث حريق في سيارة جديدة قد يشير إلى وجود إضافات غير معتمدة تم تركيبها بعد الشراء. قصور التوعية على رغم تكرار هذه الحوادث، يرى مختصون أن هناك ضعفًا في التوعية المجتمعية بشأن أهمية فحص السيارات قبل دخول موسم الصيف، كما أن بعض السائقين يتجاهلون علامات التحذير مثل ارتفاع حرارة المحرك أو ظهور روائح احتراق خفيفة. وفي هذا الإطار، يشير كهربائي السيارات أحمد سلمان إلى أن أحد أبرز أسباب اندلاع الحرائق في السيارات هو الإضافات الكهربائية غير الآمنة، مثل تركيب أجهزة صوتية (مسجلات) أو كشافات، دون الالتزام بالطريقة الصحيحة في توصيل الأسلاك، موضحًا أن أي خلل في تركيب الأسلاك قد يؤدي إلى تماس كهربائي؛ ما يتسبب في اشتعال السيارة لاحقًا. ويضيف سلمان، أن من المشكلات الأخرى التي قد تؤدي إلى الحريق، هي تصلب أو تلف أنابيب السيارة (البيبات)؛ ما قد يؤدي إلى حدوث تسرب وحدوث اشتعال. وشدد سلمان على أهمية أن تكون جميع الإضافات الكهربائية على السيارة من إكسسوارات وغيرها محسوبة من حيث قدرة السيارة على تحملها، وأن تكون أسلاكها مزودة بأنظمة حماية لمنع ارتفاع الحرارة. وأكد سلمان ضرورة استخدام قطع ذات جودة عالية (كوالتي) عند إجراء أي تعديل أو إضافة على السيارة، ونصح السائقين بضرورة وجود مطفأة حريق داخل المركبة تحسبًا لأي طارئ، كما حذر من استخدام شواحن الهاتف غير الأصلية داخل السيارة، لكونها عرضة للاحتراق السريع. ولفت سلمان إلى أهمية اتخاذ إجراءات وقائية في حال ملاحظة خطر وشيك لنشوب حريق، موضحًا أنه من الضروري في مثل هذه الحالات، الإسراع بفصل البطارية من الطرف الموجب، وذلك للحد من احتمالية حدوث تماس كهربائي قد يؤدي إلى اشتعال السيارة. أعطال وإهمال تشير تحقيقات الجهات المختصة في دول الخليج إلى أن حرائق السيارات في فصل الصيف تنتج غالبًا عن مزيج من الأعطال التقنية وسلوك السائقين، إذ يُعد الإهمال في الصيانة واستخدام قطع غيار مقلّدة، والتوصيلات الكهربائية غير الآمنة من أبرز الأسباب، كما تسهم تسريبات الوقود والزيت، وانخفاض مستوى ماء التبريد، في رفع حرارة المحرك واشتعاله. وتزداد المخاطر مع سلوك خاطئة، كترك ولاعات أو معقمات داخل السيارة، والتدخين قرب محطات الوقود، أو التحميل الزائد، وفي ظل الحرارة العالية، تتحول هذه العوامل إلى شرارة محتملة لحوادث احتراق مفاجئة أثناء القيادة. نوع السيارة ثار جدل في الآونة الأخيرة عما إذا كانت حرائق المركبات مرتبطة بعلامات أو أنواع معينة من السيارات، مثل ما يتردد عن السيارات الصينية الاقتصادية مقارنة بالسيارات الفاخرة أو العلامات العالمية المعروفة، غير أن التحقيق في الحوادث والتصريحات الرسمية يشير إلى أن سلوك الاستخدام والصيانة هي العامل الحاسم أكثر من نوع أو منشأ السيارة، فمعظم الحوادث تطال مختلف الفئات، وأكد خبراء الدفاع المدني في الخليج أنه على رغم إمكان وجود عيوب تصنيعية نادرة تتسبب بالحرائق، إلا أن الإهمال البشري يظل في الصدارة. والدليل العملي على أن العلامات المختلفة جميعها معرّضة للخطر، يتمثل في إعلان وزارة التجارة في المملكة العربية السعودية، استدعاء 1660 سيارة 'هيونداي توسان' (طرازات 2014 - 2016) لوجود خلل في وحدة نظام الفرامل المانع للانغلاق قد يسبب تماسًا كهربائيًا واشتعال حريق بالمحرك، كذلك تم استدعاء 2264 سيارة 'كيا سبورتاج' للسنوات نفسها لخلل مماثل في وحدة التحكم الهيدروليكي للفرامل يزيد خطر نشوب حريق. ولم تسلم العلامات الفاخرة، إذ استدعت الوزارة أيضًا عشرات من سيارات 'مرسيدس أس كلاس' 2022 - 2023 لخلل برمجي في وحدة المحرك يمكن أن يرفع حرارة المحرك بشكل خطير، هذه الأمثلة تؤكد أن قابلية الاحتراق ليست مرتبطة بعلامة تجارية معينة، بل بأي سيارة تعاني عيبًا تقنيًا أو سوء استخدام. وحتى السيارات الصينية نالت نصيبها من إجراءات السلامة الوقائية، مثل استدعاء سيارات 'Changan Uni-T' الأحدث (طرازات 2023 - 2025) في السعودية لمعالجة خلل في وحدة التحكم بالتبريد قد يؤدي إلى انبعاث دخان وارتفاع حرارتها. الخطر الصامت وتشير معطيات الحوادث، إلى أن حالة السيارة وعمرها يؤثران بشكل أكبر على احتمال اندلاع الحرائق مقارنة بنوعها أو علامتها التجارية، فالمركبات القديمة أو التي تفتقر إلى الصيانة تزداد فيها فرص التسريبات والتماسات الكهربائية بسبب تآكل الأسلاك وضعف العزل، وغالبًا ما تطال حرائق الصيف سيارات تجاوزت خمس أو عشر سنوات من دون عناية تُذكر. البيئة الكاشفة على رغم التزام شركات السيارات العالمية بمعايير أمان صارمة تشمل أنظمة الوقود والكهرباء واستخدام مواد مقاومة للاشتعال، إلا أن تفاوت معدلات حرائق السيارات بين الخليج ودول مثل الولايات المتحدة وألمانيا يعود إلى فروق في البيئة التشغيلية والمواصفات الفنية، فبينما تُختبر السيارات في أوروبا على درجات حرارة معينة، تواجه المركبات في الخليج حرارة قد تتجاوز 50 درجة مئوية؛ ما يكشف عيوبًا لم تظهر في ظروف أبرد. لهذا، تفرض المواصفات الخليجية تعديلات خاصة كأنظمة تبريد معززة، وعزل حراري إضافي، وبرمجة مكيفات مخصصة للحرارة العالية، ومع ذلك، فإن استيراد سيارات أوروبية أو أميركية غير مهيأة للمناخ الخليجي يؤدي إلى تلف مبكر أو أعطال خطرة، منها حرائق في المحرك أو البطارية، كما أن استخدام وقود غير مطابق (مثل تعبئة سيارة أميركية بوقود منخفض الأوكتان) قد يسبب احتراقًا مبكرًا وارتفاع حرارة المحرك. ارتفاع لافت تشير الإحصاءات المتوفرة من دول الخليج إلى تزايد مقلق في عدد حرائق المركبات، خصوصًا في أشهر الصيف، إذ باشرت فرق الدفاع المدني في المملكة العربية السعودية إخماد 5900 حادث حريق مركبة في العام 2024، بخسائر مادية تجاوزت 29 مليون ريال سعودي. وتعاملت قوة الإطفاء في دولة الكويت بالعام 2024 مع 731 حادث حريق مركبة برية في الفترة من يناير حتى منتصف سبتمبر 2024، ولم تتوفر إحصاءات محددة لإجمالي عدد حوادث حرائق المركبات للعام 2024 في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن تشير التقارير إلى أن حرائق المركبات تأتي في المرتبة الثانية بعد الحرائق المنزلية. ووفقًا لتقرير إدارة المرور في الإمارات للعام 2024، فإن نسبة مذهلة تبلغ 43 % من حرائق المركبات كانت مرتبطة بشكل مباشر بحرارة الصيف الشديدة، إذ شهد العام 2024 درجات حرارة قياسية، بلغت ذروتها عند 52 درجة مئوية، أدت بشكل مأسوي إلى وقوع 2189 حريق سيارة في إمارتي أبوظبي ودبي وحدهما. وتعاملت فرق الإطفاء بهيئة الدفاع المدني والإسعاف في سلطنة عمان مع 953 حادث حريق مركبة في العام 2023، مقارنة بـ 917 حادثًا في 2022م، بزيادة قدرها 36 حادثًا، وحتى الآن، لم تُعلن الجهات الرسمية في دولة قطر إحصاء محددا لحوادث حرائق المركبات للعام 2024. جهود التوعية ومع تزايد حالات الاحتراق في فصل الصيف، اتجهت دول الخليج إلى تكثيف جهودها التوعوية والتشريعية للتقليل من هذه الظاهرة التي تهدد السلامة العامة؛ لرفع مستوى الوعي بين السائقين وتعزيز الثقافة الوقائية. من جانبها، أطلقت الإدارة العامة للدفاع المدني في مملكة البحرين حملة توعوية بعنوان 'السلامة في المركبات'، تركز على توعية السائقين بمسببات حرائق السيارات وأهمية الالتزام بإرشادات السلامة، لاسيما في أشهر الصيف، والتشديد على أهمية الفحص والصيانة الدورية للتأكد من السلامة، وتوفير مطفأة حريق داخل المركبة كخط دفاع أولي ضد الاشتعال. وتبنّت هيئة أبوظبي للدفاع المدني بالإمارات العربية المتحدة حملة 'وقايتكم غايتنا'، التي تهدف إلى توعية الجمهور بأهمية الالتزام باشتراطات السلامة والوقاية من الحرائق، وتعزيز الإجراءات الاحترازية، كما شددت القوانين في الإمارات على أهمية توفر أدوات الإطفاء في المركبات ومعاقبة من يهمل تركيبها أو صيانتها. وفي المملكة العربية السعودية، نظمت المديرية العامة للدفاع المدني المؤتمر والمعرض الدولي لعمليات الإطفاء، الذي استعرض أحدث ما توصلت إليه الدراسات والتقنيات العالمية في مكافحة الحرائق، وتعزيز جهوزية فرق الإطفاء للتعامل مع الحرائق، بما في ذلك حوادث المركبات. كما أطلقت قوة الإطفاء العام بدولة الكويت حملة 'وقاية وحماية'؛ للتوعية بإجراءات السلامة في الأماكن التي تزداد فيها أخطار الحريق في الصيف بسبب الأحمال الكهربائية العالية والتوصيلات غير الآمنة. ونظمت هيئة الدفاع المدني والإسعاف بسلطنة عمان، برامج توعوية في محافظتي ظفار والبريمي، ودرّبت نحو 5000 شخص من أفراد المجتمع على قواعد الأمن والسلامة، والإسعافات الأولية، ضمن خطة لرفع الجهوزية العامة والتعامل المبكر مع الحوادث. وأطلقت الإدارة العامة للدفاع المدني في دولة قطر حملة موسعة لقائدي المركبات وأصحاب السيارات؛ للتعريف بأسباب نشوب الحرائق وطرق الوقاية منها، إلى جانب توجيه الجمهور إلى الإجراءات السليمة التي ينبغي اتباعها عند وقوع حريق في السيارة. الحماية البداية ومع استمرار الصيف في فرض تحدياته على الطرقات الخليجية، تبقى الوقاية هي خط الدفاع الأول، ليس فقط عبر الفحص الفني، بل عبر وعي السائقين بخطورة التعديلات العشوائية، والتأكد من جهوزية السيارة لمناخ يتجاوز في قسوته حدود ما صُممت له، فبين حرارة الجو، وسوء الاستخدام، وخمول التوعية، تشتعل النيران التي يمكن تجنبها لو التقت مسؤولية السائق بصرامة الصيانة.


البلاد البحرينية
٠٢-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- البلاد البحرينية
هل يجوز لعضو مجلس النواب تقديم اقتراح بقانون لإنشاء جهة حكومية؟
إعداد: شيماء عبدالكريم تستقبل 'البلاد' مختلف الاستفسارات وطلبات الاستشارة القانونية. وجرى التعاون مع نخبة من المحامين المرموقين الذين تفضلوا بالموافقة على الإجابة عن استفسارات القراء، التي وصلت لبريد معد الزاوية ([email protected]) أو عبر حسابات 'البلاد' بمنصات التواصل الاجتماعي. وللسائل ذكر اسمه إن رغب. ومعنا في زاوية اليوم د. محمد رضا بوحسين (محام ومحكم دولي) هل يجوز لعضو مجلس النواب تقديم اقتراح بقانون لإنشاء جهة حكومية وتكون مثل هذه الجهة منشأة بمرسوم (وليس مرسوما بقانون) بمعنى أن الاقتراح بقانون سيلغي الجهة الصادر إنشاؤها بمرسوم؟ ولماذا صدر إنشاء بعض الجهات الحكومية بمراسيم وأخرى بقوانين (مثلا: صندوق النفقة والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وجامعة البحرين صدروا بقوانين وليس مراسيم)؟ يتضمن هذا السؤال عدد مركب من المسائل القانونية والدستورية، يتطلب الإجابة عليها تفكيك عناصرها للوقوف على فهم ورأي قانوني واضح يتطابق مع قواعد الدستور والقضاء المقارن، وأولى هذه المسائل معرفة الفرق بين القانون، والمرسوم بقانون والمرسوم حتى يتم معرفة جهة الاختصاص ومشروعيته والتسلسل المتعلق بالقوة التشريعية لكل منها. - القانون Law/Act، هي القواعد القانونية التي تصدرها السلطة التشريعية ويصدق عليها الملك وفقا للمادة (31) من الدستور. - المرسوم بقانون Decree-Law هو النصوص التشريعية التي يصدرها الملك فيما بين أدوار انعقاد كل من مجلس الشورى ومجلس النواب أو في فترة حل مجلس النواب إذا ما اقتضى الأمر الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير يُستخدم لمعالجة أمور عاجلة أو استثنائية، مثل الأزمات الاقتصادية أو الأمنية ، وهذه المراسيم تكون لها قوة القانون وتكون مؤقتة، ويجب عرضها على البرلمان في المواعيد المحددة بنص المادة (38) من الدستور. - أما المرسوم Decree فهو أداة يباشر بها الملك اختصاصاته التي منحها الدستور لجلالته ليباشرها عن طريق وزرائه، فتصدر المراسيم موقعة من الملك بعد توقيع رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصين بحسب الأحوال. والمراسيم أداة إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين 'المادة 39' من الدستور. وبذلك، فانه بعد هذا العرض يتبين الفارق بين هذه الأدوات التشريعية من حيث جهة الاختصاص والغرض والمضمون، ويعتبر القانون هو أعلى مراتب التشريع ويأتي بعده المرسوم بقانون ثم المرسوم وفي حالة التعارض بينها يكون 'القانون' هو النافذ والواجب التطبيق ويلغي ويعدل المرسوم بقانون أو المرسوم حسب الأحوال. الفرق بين المراسيم العادية والمراسيم بقوانين - المراسيم العادية: تصدر من قبل السلطة التنفيذية (الملك أو مجلس الوزراء) وتنظم أمورًا إدارية أو تنفيذية. هذه المراسيم لا تتطلب موافقة المجلس الوطني ويمكن إلغاؤها أو تعديلها بقانون. - المراسيم بقوانين: تصدر في حالات الطوارئ أو بين أدوار انعقاد المجلس الوطني ولها قوة القانون. يجب عرضها على المجلس الوطني لاحقًا للموافقة عليها. إذا لم يتم الموافقة عليها، فإنها تفقد قوتها القانونية. هل يجوز لعضو مجلس النواب تقديم اقتراح بقانون لإنشاء جهة حكومية وتكون مثل هذه الجهة منشأة بمرسوم (وليس مرسوم بقانون) بمعنى أن الاقتراح بقانون سيلغي الجهة الصادر إنشاؤها بمرسوم؟ نعم، يحق لعضو مجلس النواب (أو النواب بشكل جماعي) تقديم اقتراح بقانون لإنشاء جهة حكومية، حتى لو كانت مُنشأة سابقًا بمرسوم عادي وذلك لأن القانون (الصادر عن السلطة التشريعية) يُعتبر أعلى مرتبةً من المرسوم العادي (الصادر عن السلطة التنفيذية)، وفقًا لمبدأ سمو الدستور والقانون. ومع ذلك، يجب أن يمر الاقتراح عبر العملية التشريعية العادية، بما في ذلك الموافقة من قبل مجلس النواب ومجلس الشورى، والتصديق النهائي من قبل الملك. إلا أن هناك ملاحظات قانونية، متعلقة بصلاحية مجلس النواب في تقديم اقتراحات القوانين وإلغاء الجهات المنشأة بمراسيم، فانه وإن كان يتمتع بصلاحية تقديم اقتراحات القوانين (المادة 92 من الدستور) وهذا الاقتراح يمكن أن يتضمن إنشاء جهة حكومية جديدة أو تعديل أو إلغاء جهة موجودة، إلا أن ذلك يجب أن يتم وفق اطار محدد يعي تماما الفرق بين طبيعة وغرض المراسيم العادية والمراسيم بقوانين وجهة اختصاصها لمنع التدخل في اختصاصات جهة أخرى مراعاة للقواعد الدستورية ومبدأ الفصل بين السلطات والتعاون فيما بينها ، وفق ما حددته المادة 32 من الدستور، ومع ذلك، يجب أن يكون الاقتراح مبررًا وأن يمر عبر العملية التشريعية العادية، بما في ذلك المناقشة والتصويت في مجلس النواب ومجلس الشورى، والتصديق النهائي من قبل الملك. وقبل الولوج في عملية قانونية ودستورية معقدة، يفضل العمل على إيجاد البدائل القانونية والدستورية المتاحة في مثل هذه الحالات، والتعلم من النماذج المقارنة فوكالة الامارات للفضاء مثلا أنشئت بقرار حكومي (مرسوم) لكنها تعمل تحت مظلة قانونية واسعة، ودراسة تجارب خليجية وعربية (مثال الامارات والأردن) في التعامل مع الغاء أو انشاء جهات حكومية، والمراجعة الدولية لالتزامات البحرين، وربط الاقتراح بأهداف استراتيجية وطنية وتعزيز الابتكار والتنويع الاقتصادي، وتفعيل آليات التقييم المسبق Regulatory Impact Assessment قبل التصويت على الاقتراح والمخاطر المحتملة على الاستقرار المؤسسي لمثل هذا الاقتراح. كما يجب الاطلاع على الممارسات البحرينية السابقة، حيث غالبا ما تنشأ الجهات 'الاستراتيجية' أو 'ذات الطابع الوطني' بقانون مثل (هيئة المعلومات والحكومة الالكترونية هيئة تنظيم الكهرباء والماء) بينما الإدارات الفرعية تتم بمرسوم مثل (لجنة إدارة الطوارئ). لماذا تُنشأ بعض الجهات بمراسيم عادية وأخرى بقوانين ؟ الجهات المنشأة بمرسوم: عادة ما تكون الجهات التي يتم إنشاؤها بمرسوم هي جهات إدارية أو تنفيذية تابعة للحكومة، ولا تتطلب إنشاؤها موافقة المجلس الوطني. هذه الجهات عادة ما تكون ذات طابع إداري أو تنفيذي تابعة للسلطة التنفيذية (مثل وكالة أو إدارة داخل وزارة معينة)، او إذا كان إنشاؤها يدخل في صلاحيات الملك أو مجلس الوزراء بموجب الدستور (مثل المادة 38 من دستور البحرين التي تخول الملك إصدار المراسيم)، وإذا كانت لا تتطلب تعديلًا تشريعيًا أو تخصيصًا مالياً خارج الصلاحيات التنفيذية. الجهات المنشأة بقانون: هذه الجهات عادة ما تكون ذات أهمية استراتيجية أو إذا كانت تتطلب تخصيص موارد مالية كبيرة من المال العام (مثل صندوق النفقة)، اذا كانت تُنظم حقوقًا أو واجبات للأفراد (مثل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الذي قد يمس جوانب دينية وحقوقية)، أو إذا نص الدستور أو القانون على وجوب تنظيمها بقانون (مثل المادة 90 من دستور البحرين التي تشترط صدور القوانين من السلطة التشريعية)، و إذا كانت تؤسس كيانًا ذا شخصية اعتبارية مستقلة (مثل الجامعات أو الهيئات العامة). فاختلاف أدوات الانشاء، يكون سببها درجة التأثير على الحياة العامة والصلاحيات الممنوحة والموارد المالية العامة لهذه الكيانات. القواعد الدستورية التي حددت جهات الاختصاص في انشاء الكيانات الحكومية أولًا: الأساس الدستوري لإنشاء الجهات الحكومية الجهات التي تُنشأ بقانون (من السلطة التشريعية) يُلزم الدستور البحريني (مثلًا في المادة 70) بأن تصدر القوانين من خلال السلطة التشريعية (الملك ومجلس النواب ومجلس الشورى)، خاصةً إذا تعلقت الأمور بما يلي: إنشاء كيانات ذات شخصية اعتبارية مستقلة (كالهيئات العامة أو الجامعات) (المادة 50 من الدستور)، تخصيص أموال عامة أو فرض رسوم (مثل صندوق النفقة) (المادة 15 و 107من الدستور)، تنظيم حقوق الأفراد أو واجباتهم (كالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية) (المادة 31 من الدستور). (اقرأ الموضوع كاملا بالموقع الالكتروني). الجهات التي تُنشأ بمرسوم عادي (من السلطة التنفيذية) يُخول الدستور الملك أو مجلس الوزراء (السلطة التنفيذية) إصدار مراسيم عادية لإدارة الشؤون التنفيذية، وذلك وفق المادة 39 من الدستور التي تنص: 'يضع الملك بمراسيم، اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما لا يتضمن تعديلًا فيها أو تعطيلًا لها أو إعفاءً من تنفيذها، ويجوز ان يعين القانون أداة ادنى من المرسوم لإدار اللوائح اللازمة لتنفيذه'. مثال: إنشاء إدارات أو وكالات تابعة لوزارة ما (مثل وكالة افتراضية للفضاء) دون حاجة لتشريع برلماني. ثانيًا: حق مجلس النواب في تقديم اقتراح بقانون لإلغاء مرسوم يمكن لمجلس النواب أن يمارس اختصاصاته بالاقتراح 'بقانون' من خلال أداتين: - يجوز لمجلس النواب تقديم اقتراح 'بقانون' لإنشاء جهة حكومية أو إلغاء مرسوم سابق، وذلك استنادا لقاعدة: سمو القانون على المرسوم، فالقانون (الصادر عن السلطة التشريعية) يُعد أعلى مرتبةً من المرسوم العادي (الصادر عن السلطة التنفيذية)، وفقًا لمبدأ التسلسل الهرمي للقواعد القانونية. - الرقابة التشريعية على التنفيذ، حيث يحق لمجلس النواب (كجزء من السلطة التشريعية) مراقبة أعمال السلطة التنفيذية، واقتراح قوانين لإعادة تنظيم الجهات الحكومية أو إلغاء قراراتها إذا خالفت الصالح العام. ثالثًا: لماذا بعض الجهات تُنشأ بمرسوم وأخرى بقانون؟ التمييز بينهما يعود إلى الاختصاص الدستوري وطبيعة الجهة: إنشاء الجهة بقانون يكون إذا: (1) تطلبت إنشاء شخصية اعتبارية مستقلة (مثل جامعة البحرين)، (2) تعلقت بإنفاق أموال عامة خارج الميزانية العادية (مثل صندوق النفقة)، (3) نظمت حقوقًا دستورية (مثل المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية). إنشاء الجهة بمرسوم يكون إذا: (1) كانت تابعة للسلطة التنفيذية ولا تحتاج إلى تشريع (مثل اللجان الإدارية المؤقتة). دخلت ضمن الصلاحيات التنفيذية للملك أو مجلس الوزراء (وفق المادة 38). الخلاصة نعم، يمكن لعضو مجلس النواب تقديم اقتراح بقانون لإنشاء جهة حكومية أو إلغاء جهة تم إنشاؤها بمرسوم. ومع ذلك، يجب أن يمر الاقتراح عبر العملية التشريعية العادية، بما في ذلك الموافقة من قبل مجلس النواب ومجلس الشورى، والتصديق النهائي من قبل الملك. بالإضافة إلى ذلك، يجب مراعاة الضمانات الدستورية والاعتبارات العملية لضمان تنفيذ القانون بشكل سلس وفعال. هذا الرأي يعكس التوازن بين الصلاحيات التشريعية لمجلس النواب والصلاحيات التنفيذية للحكومة، مع مراعاة الضمانات الدستورية والإجرائية التي تحكم عملية التشريع في مملكة البحرين.