logo
#

أحدث الأخبار مع #صلاحالمختار

إن قطعتم مياه النهر فسنقطع أنفاسكم!
إن قطعتم مياه النهر فسنقطع أنفاسكم!

الجريدة

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الجريدة

إن قطعتم مياه النهر فسنقطع أنفاسكم!

في تقديري أن الخطاب الناري الباكستاني تجاه الهند سيخمد قريباً بعد تدخّل وساطة لدولة من العيار الثقيل، ولا أستبعد أن تكون المملكة العربية السعودية هي صاحبة هذه المبادرة، نظراً لما تحمله من ثقل سياسي واقتصادي يجمعها مع الدولتين الجارتين وتحظى بثقتهما. خطاب وزير السكك الحديدية الباكستاني، الذي قال فيه «إذا أوقفتم مياهنا فسنقطع أنفاسكم» يعيد إلى الذاكرة خطابات شعبوية أخرى مماثلة سمعناها من العراق أثناء أزمة سد أتاتورك أواخر الثمانينيات، ومن مصر أثناء مرحلة بناء سد النهضة الإثيوبي! ماذا فعلت الهند حتى يوجّه هذا الخطاب؟ أقدمت على «تعليق» معاهدة مياه نهر السند، وأوقفت تدفق مياه النهر الذي يعتمد عليها أهم إقليمين في باكستان يعتاشان على الزراعة، وهما «البنجاب والسند». وفي القانون الدولي الذي ينظم مياه الأنهار العابرة للحدود يعتبر «القطع» بمنزلة إعلان حرب، علماً بأن اتفاقية نهر السند من أقدم اتفاقيات المياه في العالم، واستطاعت هذه الاتفاقية أن تصمد أمام حربين كبيرتين وقعتا بين الهند والباكستان، وكانت خطاً أحمر لا يُمسّ، الآن فتحت ملف حرب المياه على مصراعيه. تاريخياً، أوقفت الهند تدفق المياه عام 1948، وسرعان ما تدخلت الأمم المتحدة عبر وساطة البنك الدولي وسوّيت الأزمة لتعود المياه إلى مجاريها في نهر ينبع من «التبت» في الصين، ويتدفق عبر كل من الهند وباكستان ثم يمرّ بأفغانستان. لم تحدث حروب حقيقية بسبب المياه في آخر خمسين سنة، لكنّ الجغرافيا تلعب دورها في هذا الملف، فالطرف الأقوى غالباً يبقى في أيدي من يتحكم بمنابع مياه النهر، كحال الهند، أو كحال تركيا مع العراق وسورية في نهر الفرات، أو كحال أثيوبيا مع السودان ومصر في ملف نهر النيل. تابعت هذين الملفين باستمرار وكتبت عنهما عشرات المقالات والدراسات، وثاني كتاب لي كان بعنوان «حوض الفرات ومشاهد الانفجار عام 2000» في الثمانينيات، أتذكر يوم قابلت وكيل وزارة الإعلام صلاح المختار في عهد صدام حسين، والتقيت به في مكتبه ببغداد، وحصلت مشادة بيني وبينه، استدركتها في اللحظات الأخيرة عندما طلب منّي إغلاق جهاز التسجيل... قال «يابي إذا الأتراك قطعوا عنّا المياه ندك السد بصواريخ الحسين»! أجبته... ألا يعني هذا إعلان حرب! وانتهت القصة ببناء السد، بعدما قطع الأتراك المياه، ولم نسمع كلمة عن صواريخ الحسين التي تبخرت في لمح البصر! تكررت حالة الخطابات النارية في أزمة سد النهضة الإثيوبي، فقد وصل الغضب المصري إلى حد التهديد والتلويح بخوض حرب ضد أديس أبابا، ومعروفة التصريحات والتسجيلات التي خرجت إلى العلن وعبر وسائل الإعلام... وحبس العالم أنفاسه وكثرت التحليلات حول «حروب المياه»... دارت الأيام وأكمل الإثيوبيون مشروعهم بالكامل ببناء السد وتوليد الكهرباء، من دون أن تخرج طلقة رصاص واحدة! في الأزمات المائية التي شهدها العالم، لم تلتزم الدول المتحكمة بالمياه غالباً دول المنبع بالقانون الدولي ولا بمنظومة القوانين التي تنظم وتحدد حقوق الدول المجاورة للنهر، بل استغلت كونها صاحبة المصدر الأساسي، وراحت تتصرف كأن النهر ملكها وحدها! وهنا لا يفوتني تصريح الزعيم التركي تورغوت أوزال يوم تدشين سد أتاتورك وعبارته الشهيرة «لكم نفطكم ولنا مياهنا»!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store