#أحدث الأخبار مع #صناعة_التمورالإمارات اليوممنذ 11 ساعاتترفيهالإمارات اليومتمركم من الصين؟ أهلاً بالمنافسةعلى مدار يوم واحد، تنقّل بين هواتفنا مقطع لسيدات صينيات يعملن على تعبئة التمور بأنواعها وأشكالها. الفيديو ذاته تكرر وصوله إلـيّ من أصدقاء عبر «واتس أب». المثير ليس في المشهد، بل في تعقيبات المتابعين التي جاءت بتدرج زمني ساخر: «بعد كم سنة راح يجيكم التمر من الصين»، ثم «بعد سنة»، فـ«بعد فترة قريبة»، وأخيراً «بعد شهرين فقط»، إلى أن ختم أحدهم بيقين عجيب: «تمركم هالسنة من الصين». جميل هذا التفاعل الطريف، بل ومحبب، لكنه يخفي تحته قلقاً، أو ربما إحباطاً متنكراً في هيئة نكتة. فهل فعلاً التمر من الصين هو ما يستحق الدهشة؟ وهل الصين هي أول من دخل على خط المنافسة في هذا المنتج التراثي العربي؟ الحقيقة أن دولاً كثيرة سبقت الصين، ونجحت في إنتاج تمور بمذاق وجودة يُبهران من لم يعتد عليهما أصلاً. فـ«البِرحي» الذي كان يوماً ما نوعاً نادراً لا يُجلب إلا في موسم محدود، أصبح اليوم متاحاً طوال العام، ومغلفاً بأناقة على رفوف أسواق أوروبا وآسيا. لكن ما يُحزن فعلاً ليس أنهم «أكلوا تمورنا»، وليتهم فعلوا منذ زمن. فطوال هذه الأعوام، ظلّت التمور حكراً علينا، كأنها براءة اختراع نخشى أن يتذوقها الآخرون. على الرغم من غزارة الإنتاج، فإننا لم نفكر جدياً في تصدير التمور كمنتج غذائي أساسي، أو تقديمها كفاكهة منافسة لما يُصدّر إلينا من فواكه استوائية أو موسمية. واليوم بعدما اكتشفوا سرّها وزرعوها وأتقنوا تسويقها وتصديرها، جلسنا نندب حظنا. في مقابل جهود الآخرين، ماذا قدّمنا؟ هل طوّرنا منتجنا؟ هل ابتكرنا طعمه أو شكله أو طريقة تعبئته؟ هل أنشأنا بيئات منافسة تدفع التمر من كونه «موروثاً» إلى كونه «صناعة عالمية؟». بعض الدول - كالإمارات - خطت خطوات واعدة في هذا المجال، وحوّلت النخلة إلى مصدر إلهام في الغذاء والدواء والتجميل، لكن المبادرات الفردية لا تكفي، بل يجب أن نراها بذرة لتحوّل جماعي. العالم لا ينتظر، وإن لم تكن لمنتجك ميزة أو حماية قانونية، فسيتصدر لك آخرون، ويأخذونه منك ويطورونه، ثم يبيعونه لك من جديد في علبة أجمل وبسعر أرخص. كفانا نُواحاً على منتجات كنا نمتلكها. لنفرح أن تمورنا لذيذة حتى إنهم قلدونا، ثم لننافسهم بها، لا بكلماتنا، بل بأفعالنا. لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه
الإمارات اليوممنذ 11 ساعاتترفيهالإمارات اليومتمركم من الصين؟ أهلاً بالمنافسةعلى مدار يوم واحد، تنقّل بين هواتفنا مقطع لسيدات صينيات يعملن على تعبئة التمور بأنواعها وأشكالها. الفيديو ذاته تكرر وصوله إلـيّ من أصدقاء عبر «واتس أب». المثير ليس في المشهد، بل في تعقيبات المتابعين التي جاءت بتدرج زمني ساخر: «بعد كم سنة راح يجيكم التمر من الصين»، ثم «بعد سنة»، فـ«بعد فترة قريبة»، وأخيراً «بعد شهرين فقط»، إلى أن ختم أحدهم بيقين عجيب: «تمركم هالسنة من الصين». جميل هذا التفاعل الطريف، بل ومحبب، لكنه يخفي تحته قلقاً، أو ربما إحباطاً متنكراً في هيئة نكتة. فهل فعلاً التمر من الصين هو ما يستحق الدهشة؟ وهل الصين هي أول من دخل على خط المنافسة في هذا المنتج التراثي العربي؟ الحقيقة أن دولاً كثيرة سبقت الصين، ونجحت في إنتاج تمور بمذاق وجودة يُبهران من لم يعتد عليهما أصلاً. فـ«البِرحي» الذي كان يوماً ما نوعاً نادراً لا يُجلب إلا في موسم محدود، أصبح اليوم متاحاً طوال العام، ومغلفاً بأناقة على رفوف أسواق أوروبا وآسيا. لكن ما يُحزن فعلاً ليس أنهم «أكلوا تمورنا»، وليتهم فعلوا منذ زمن. فطوال هذه الأعوام، ظلّت التمور حكراً علينا، كأنها براءة اختراع نخشى أن يتذوقها الآخرون. على الرغم من غزارة الإنتاج، فإننا لم نفكر جدياً في تصدير التمور كمنتج غذائي أساسي، أو تقديمها كفاكهة منافسة لما يُصدّر إلينا من فواكه استوائية أو موسمية. واليوم بعدما اكتشفوا سرّها وزرعوها وأتقنوا تسويقها وتصديرها، جلسنا نندب حظنا. في مقابل جهود الآخرين، ماذا قدّمنا؟ هل طوّرنا منتجنا؟ هل ابتكرنا طعمه أو شكله أو طريقة تعبئته؟ هل أنشأنا بيئات منافسة تدفع التمر من كونه «موروثاً» إلى كونه «صناعة عالمية؟». بعض الدول - كالإمارات - خطت خطوات واعدة في هذا المجال، وحوّلت النخلة إلى مصدر إلهام في الغذاء والدواء والتجميل، لكن المبادرات الفردية لا تكفي، بل يجب أن نراها بذرة لتحوّل جماعي. العالم لا ينتظر، وإن لم تكن لمنتجك ميزة أو حماية قانونية، فسيتصدر لك آخرون، ويأخذونه منك ويطورونه، ثم يبيعونه لك من جديد في علبة أجمل وبسعر أرخص. كفانا نُواحاً على منتجات كنا نمتلكها. لنفرح أن تمورنا لذيذة حتى إنهم قلدونا، ثم لننافسهم بها، لا بكلماتنا، بل بأفعالنا. لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه