#أحدث الأخبار مع #عادلمرزوقوكالة نيوز٢٢-٠٤-٢٠٢٥سياسةوكالة نيوزماء الخليج في نهر بردى: اندماج مشروط يُغلفه تفاؤل مبالغ فيهعادل مرزوق رئيس تحرير 'مبادرة عين على الخليج' – البيت الخليجي للدراسات والنشر 19 أبريل 2025 كما يصعب الجزم بأن سوريا الجديدة برئاسة أحمد الشرع والقوى المحلية والدولية الداعمة له تمثل حليفًا حقيقيًا لدول الخليج، يصعب إنكار أن سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 وظهور حكومة انتقالية جديدة، قد فتح أبوابًا كانت مغلقة لعقد من الزمن. استدعى المشهد السوري الجديد، رغم هشاشته، استجابة خليجية سريعة، لكنها استجابة محكومة بعقلانية استكشافية لا اندفاع غير مدروس نحو تحالف صلب ونهائي. بعد زيارته إلى الرياض، استكملت زيارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى كل من أبوظبي والدوحة إشارات هذا الانفتاح. في أبوظبي، كان اللقاء مع رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مدروسًا في رمزيته ولغته: دعم إماراتي معلن لإعادة إعمار سوريا واستقرارها لكن من دون القفز فوق أسئلة لا تزال معلّقة بشأن طبيعة النظام الجديد وخلفيته الإسلاموية المتطرفة. في الدوحة، بدت الحفاوة أكثر وضوحًا. استقبل أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الرئيس السوري الجديد في المطار، وأُعلن عن دعم لقطاع الطاقة 'الكهرباء' بشكل فوري، ورغم الحفاوة الشعبية وفي وسائل الإعلام القطرية إلا هذا لا يعني أن قطر قررت الدخول في تحالف نهائي وقاطع؛ صحيح أن الدوحة تبدو أكثر انفتاحًا من غيرها، لكنها، على الأغلب، لن تغفل أنها لن تضع قدمها على أرض لم تستقر بعد ودون أن يكون هذا التحالف تحت رعاية أمريكية مباشرة. الاستقبال الخليجي للشرع يوحي برغبة متحمسة في اختبار المسارات أكثر من كونه إعلانًا عن شراكة ناضجة. يتحسس كل طرف في هذا المشهد خطواته وخياراته ومصالحه: تبحث سوريا الجديدة عن الشرعية والتمويل، وتراقب دول الخليج لتكتشف ما إذا كانت دمشق الجديدة شريكًا محتملاً أم عبئًا جديدًا أو ربما لاعبًا جديدًا في خارطة النفوذ التركي في المنطقة. طموحات تصطدم بالواقع ترى عواصم الخليج، وبالخصوص الرياض وأبوظبي، في سوريا ما بعد الأسد ساحة مهمة لتعزيز نفوذها الإقليمي ونافذة لإعادة دمشق إلى محيطها العربي. غير أن هذا الطموح – في جوهره – يواجه معادلة مربكة وشديدة التعقيد، هناك تركيا الحاضرة بثقلها العسكري واللوجستي والسياسي الممتد داخل مؤسسات النظام الجديد السياسية والعسكرية، ولا تزال الولايات المتحدة ممسكة بخيوط العقوبات، وروسيا – وإن خفّ حضورها – لم تخرج من المشهد كليًا. تعوّل دول الخليج على 'دبلوماسية الإعمار' كوسيلة للتأثير لكن هذا الخيار لا يزال محفوفًا بالقيود والمعوقات. فالعقوبات الغربية المفروضة على سوريا لم تُرفع بعد والمجال المتاح للتحرك المالي الخليجي ضيق. وإن كانت واشنطن منحت بعض الاستثناءات – مثل تمرير الدعم الإنساني أو تمويل الرواتب – فإنها لم تمنح بعد تأشيرة الدخول الكامل للسوق السورية. الأكثر تعقيدًا، أن المواقف الخليجية تجاه الشرع ليست موحدة. تبدو قطر – الحليف الخليجي الوثيق لتركيا – أكثر اندفاعًا وحماسة بينما تتعامل الرياض وأبوظبي مع دمشق الجديدة ببراغماتية محسوبة، تكاد لا تُخفي قلقًا كامناً من الخلفية الإسلاموية للنظام الانتقالي، يضاف لذلك وجود عشرات الفصائل الإسلامية المسلحة التي تحيط بالنظام الجديد وتهيمن على مؤسساته العسكرية والأمنية والاستخباراتية. فراغ في الميدان بعكس تركيا المتوغلة والممسكة بتلابيب النظام الجديد، لا تملك دول الخليج حضورًا عسكريًا أو نفوذًا ميدانيًا في سوريا. حضورها حتى الآن دبلوماسي وتمويلي وإعلامي، وهو ما يجعل من قدرتها على التأثير مشروطة بموافقة اللاعبين الفاعلين الآخرين، وفي مقدمتهم أنقرة وواشنطن. ورغم أن دول الخليج لا تسعى لمنافسة تركيا بشكل مباشر في الملف السوري إلا أن أبوظبي والرياض على وجه الخصوص، ترفضان أن تُستبدل الهيمنة الإيرانية التي حكمت دمشق لعقدين بهيمنة تركية جديدة. وبالنتيجة؛ فإن أي دعم خليجي سيكون مشروطًا بألا تتحول سوريا إلى بوابة لمشاريع أنقرة في المنطقة وعليه، تحاول دول الخليج رسم خط توازن، بين عدم التصادم مع تركيا وبين عدم التسليم بانفرادها بالساحة السورية وابتلاعها الدولة الجديدة. يجدر التساؤل هنا ما إذا كان هناك تنسيق بين الرياض وأنقرة – وإن من خلف الأبواب – بهدف تنظيم أدوار لا تشتبك وتحديد السقوف التي لا يُسمح بتجاوزها على الطرفين. واشنطن: حذر مضاعف دون مقاطعة رغم ارتياحها لسقوط الأسد وفقدان لإيران لأحد أهم حلفائها في المنطقة، لم تُبادر الولايات المتحدة للاعتراف بالحكومة السورية الجديدة. السبب واضح للعيان إذ أن من يقود هذه المرحلة الانتقالية هم شركاء سابقون في فصائل مصنّفة على قوائم الإرهاب الأمريكية. وإذا كانت واشنطن معنية بعدم انهيار الدولة السورية إلا أنها تخشى أن يكون البديل أكثر تطرفًا من النظام السابق أو أقل قابلية للتطويع على أقل تقدير. أبقت واشنطن على العقوبات المفروضة على النظام السابق مع فتح بعض النوافذ الإنسانية. وهي في ذلك تمارس ما يشبه سياسة 'الاحتواء المشروط'. كل خطوة دعم ستقدمها واشنطن يجب أن يقابلها طلب بالإصلاح وتوسيع قاعدة الحكم لتكون أكثر تعددية. الموقف الأمريكي مرهون بعوامل عدة، من أهمها دعم جهود القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ضمان أمن إسرائيل وموقف حكومة دمشق الجديدة من الحلفاء القدامى لواشنطن (الأكراد)، كلها عوامل مؤثرة في مواقف واشنطن وخياراتها. رغم ذلك، البرجماتية السياسية التي تسيطر على فهم واشنطن وصناعة خياراتها قد تسهل على الشرع معرفة ما تريده واشنطن وما قد يغضبها. من جهة أخرى، إذا فشلت حكومة دمشق الجديدة في تفكيك إرث الجماعات الجهادية وتقليص سطوتها على مؤسسات الدولة، فلن تنال الشرعية الغربية، بل قد تجد نفسها في مواجهة عقوبات أوسع، وربما عزلة جديدة. إعلام يسبق الواقع مكنات الإعلام الخليجية دعمت سياسات دول الخليج في سوريا بموجة من التفاؤل المفرط في بعض الأحيان. رُسمت مشاهد عن تحالف خليجي سوري قادم، وعادت بعض المنصات لتُذكّر بريادة الخليج في دعم 'الشعب السوري'، لكن هذه الصورة تخفي من ورائها هشاشة الواقع وتعقيداته. العلاقات الخليجية – السورية لا تزال في طور التشكيل ولم تصل بعد إلى مستوى الشراكة الصلبة. كل ما في الأمر أن العواصم الخليجية قررت التفاعل مع المتغير الجديد في دمشق، دون أن تعقد عليه رهانات طويلة. التفاؤل مشروع بالتأكيد، لكن الواقع لا يزال يحتفظ بمفاجآته. ثلاثة سيناريوهات محتملة يمكن تصوّر ثلاث مسارات رئيسية قد تتجه إليها علاقات دول الخليج مع سوريا الجديدة: الاحتواء الحذر: حيث تكتفي دول الخليج بدعم محدود لسوريا وتبقي على التواصل السياسي في حدوده المعقولة من دون الدخول في التزامات طويلة الأمد أو مشاريع استثنائية. هذا السيناريو مرجّح إذا ما شعرت الرياض وأبوظبي أن النفوذ التركي في دمشق بات طاغيًا بشكل لا يمكن موازنته ولم ترغب صراحة في مواجهته. الشراكة البراغماتية: حيث ترتكز العلاقات على تبادل المصالح بوضوح. تقدم دول الخليج دعمًا اقتصاديًا وفي إعادة الإعمار مشروطًا بإصلاحات داخلية وبتحجيم النفوذ التركي. في هذا السياق، يتم تتطلع دول الخليج إلى تنسيق أمني واستخباراتي شفاف لمنع عودة الجماعات المتشددة أو تحول سوريا للمعارضات الخليجية من الإخوان المسلمين والجماعات التكفيرية المتشددة. القطيعة أو التراجع: في حال تعثر الأداء السياسي لحكومة الشرع أو هيمنة أنقرة على القرار السوري بشكل كامل أو تدخل واشنطن للضغط على العواصم الخليجية لوقف دعمها للنظام الجديد، فإن العلاقات مع دمشق قد تشهد تراجعًا مفاجئًا يعيد الأمور إلى المربع الأول. رغم المؤشرات الإيجابية، لا تزال العلاقة بين دول الخليج وسوريا الجديدة في طور التكوين. هي علاقة تكتيكية أكثر منها استراتيجية، محكومة بحسابات الجغرافيا والتحالفات لا المشاعر أو التاريخ. ولضمان أن تكون هذه العلاقة مُنتجة، فإن الدعم المالي الخليجي يجب أن يُربط بإصلاحات سياسية حقيقية في الداخل السوري وبضمانات تمنع استغلاله من قبل القوى الخارجية. كما أن التنسيق مع تركيا لا بد أن يكون حاضرًا، سواء عبر قنوات دبلوماسية مباشرة أو من خلال وسطاء. أخيرًا، فإن التعويل على الدور الجماعي لمجلس التعاون الخليجي، وتفعيل المسار العربي الأوسع – بمشاركة الأردن ومصر – سيمنح أي انخراط خليجي في سوريا بعدًا سياسيًا أكثر متانة وقدرة وقوة على الصمود ومنافسة المشروعات المناوئة أو المتربصة به.
وكالة نيوز٢٢-٠٤-٢٠٢٥سياسةوكالة نيوزماء الخليج في نهر بردى: اندماج مشروط يُغلفه تفاؤل مبالغ فيهعادل مرزوق رئيس تحرير 'مبادرة عين على الخليج' – البيت الخليجي للدراسات والنشر 19 أبريل 2025 كما يصعب الجزم بأن سوريا الجديدة برئاسة أحمد الشرع والقوى المحلية والدولية الداعمة له تمثل حليفًا حقيقيًا لدول الخليج، يصعب إنكار أن سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024 وظهور حكومة انتقالية جديدة، قد فتح أبوابًا كانت مغلقة لعقد من الزمن. استدعى المشهد السوري الجديد، رغم هشاشته، استجابة خليجية سريعة، لكنها استجابة محكومة بعقلانية استكشافية لا اندفاع غير مدروس نحو تحالف صلب ونهائي. بعد زيارته إلى الرياض، استكملت زيارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى كل من أبوظبي والدوحة إشارات هذا الانفتاح. في أبوظبي، كان اللقاء مع رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مدروسًا في رمزيته ولغته: دعم إماراتي معلن لإعادة إعمار سوريا واستقرارها لكن من دون القفز فوق أسئلة لا تزال معلّقة بشأن طبيعة النظام الجديد وخلفيته الإسلاموية المتطرفة. في الدوحة، بدت الحفاوة أكثر وضوحًا. استقبل أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الرئيس السوري الجديد في المطار، وأُعلن عن دعم لقطاع الطاقة 'الكهرباء' بشكل فوري، ورغم الحفاوة الشعبية وفي وسائل الإعلام القطرية إلا هذا لا يعني أن قطر قررت الدخول في تحالف نهائي وقاطع؛ صحيح أن الدوحة تبدو أكثر انفتاحًا من غيرها، لكنها، على الأغلب، لن تغفل أنها لن تضع قدمها على أرض لم تستقر بعد ودون أن يكون هذا التحالف تحت رعاية أمريكية مباشرة. الاستقبال الخليجي للشرع يوحي برغبة متحمسة في اختبار المسارات أكثر من كونه إعلانًا عن شراكة ناضجة. يتحسس كل طرف في هذا المشهد خطواته وخياراته ومصالحه: تبحث سوريا الجديدة عن الشرعية والتمويل، وتراقب دول الخليج لتكتشف ما إذا كانت دمشق الجديدة شريكًا محتملاً أم عبئًا جديدًا أو ربما لاعبًا جديدًا في خارطة النفوذ التركي في المنطقة. طموحات تصطدم بالواقع ترى عواصم الخليج، وبالخصوص الرياض وأبوظبي، في سوريا ما بعد الأسد ساحة مهمة لتعزيز نفوذها الإقليمي ونافذة لإعادة دمشق إلى محيطها العربي. غير أن هذا الطموح – في جوهره – يواجه معادلة مربكة وشديدة التعقيد، هناك تركيا الحاضرة بثقلها العسكري واللوجستي والسياسي الممتد داخل مؤسسات النظام الجديد السياسية والعسكرية، ولا تزال الولايات المتحدة ممسكة بخيوط العقوبات، وروسيا – وإن خفّ حضورها – لم تخرج من المشهد كليًا. تعوّل دول الخليج على 'دبلوماسية الإعمار' كوسيلة للتأثير لكن هذا الخيار لا يزال محفوفًا بالقيود والمعوقات. فالعقوبات الغربية المفروضة على سوريا لم تُرفع بعد والمجال المتاح للتحرك المالي الخليجي ضيق. وإن كانت واشنطن منحت بعض الاستثناءات – مثل تمرير الدعم الإنساني أو تمويل الرواتب – فإنها لم تمنح بعد تأشيرة الدخول الكامل للسوق السورية. الأكثر تعقيدًا، أن المواقف الخليجية تجاه الشرع ليست موحدة. تبدو قطر – الحليف الخليجي الوثيق لتركيا – أكثر اندفاعًا وحماسة بينما تتعامل الرياض وأبوظبي مع دمشق الجديدة ببراغماتية محسوبة، تكاد لا تُخفي قلقًا كامناً من الخلفية الإسلاموية للنظام الانتقالي، يضاف لذلك وجود عشرات الفصائل الإسلامية المسلحة التي تحيط بالنظام الجديد وتهيمن على مؤسساته العسكرية والأمنية والاستخباراتية. فراغ في الميدان بعكس تركيا المتوغلة والممسكة بتلابيب النظام الجديد، لا تملك دول الخليج حضورًا عسكريًا أو نفوذًا ميدانيًا في سوريا. حضورها حتى الآن دبلوماسي وتمويلي وإعلامي، وهو ما يجعل من قدرتها على التأثير مشروطة بموافقة اللاعبين الفاعلين الآخرين، وفي مقدمتهم أنقرة وواشنطن. ورغم أن دول الخليج لا تسعى لمنافسة تركيا بشكل مباشر في الملف السوري إلا أن أبوظبي والرياض على وجه الخصوص، ترفضان أن تُستبدل الهيمنة الإيرانية التي حكمت دمشق لعقدين بهيمنة تركية جديدة. وبالنتيجة؛ فإن أي دعم خليجي سيكون مشروطًا بألا تتحول سوريا إلى بوابة لمشاريع أنقرة في المنطقة وعليه، تحاول دول الخليج رسم خط توازن، بين عدم التصادم مع تركيا وبين عدم التسليم بانفرادها بالساحة السورية وابتلاعها الدولة الجديدة. يجدر التساؤل هنا ما إذا كان هناك تنسيق بين الرياض وأنقرة – وإن من خلف الأبواب – بهدف تنظيم أدوار لا تشتبك وتحديد السقوف التي لا يُسمح بتجاوزها على الطرفين. واشنطن: حذر مضاعف دون مقاطعة رغم ارتياحها لسقوط الأسد وفقدان لإيران لأحد أهم حلفائها في المنطقة، لم تُبادر الولايات المتحدة للاعتراف بالحكومة السورية الجديدة. السبب واضح للعيان إذ أن من يقود هذه المرحلة الانتقالية هم شركاء سابقون في فصائل مصنّفة على قوائم الإرهاب الأمريكية. وإذا كانت واشنطن معنية بعدم انهيار الدولة السورية إلا أنها تخشى أن يكون البديل أكثر تطرفًا من النظام السابق أو أقل قابلية للتطويع على أقل تقدير. أبقت واشنطن على العقوبات المفروضة على النظام السابق مع فتح بعض النوافذ الإنسانية. وهي في ذلك تمارس ما يشبه سياسة 'الاحتواء المشروط'. كل خطوة دعم ستقدمها واشنطن يجب أن يقابلها طلب بالإصلاح وتوسيع قاعدة الحكم لتكون أكثر تعددية. الموقف الأمريكي مرهون بعوامل عدة، من أهمها دعم جهود القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ضمان أمن إسرائيل وموقف حكومة دمشق الجديدة من الحلفاء القدامى لواشنطن (الأكراد)، كلها عوامل مؤثرة في مواقف واشنطن وخياراتها. رغم ذلك، البرجماتية السياسية التي تسيطر على فهم واشنطن وصناعة خياراتها قد تسهل على الشرع معرفة ما تريده واشنطن وما قد يغضبها. من جهة أخرى، إذا فشلت حكومة دمشق الجديدة في تفكيك إرث الجماعات الجهادية وتقليص سطوتها على مؤسسات الدولة، فلن تنال الشرعية الغربية، بل قد تجد نفسها في مواجهة عقوبات أوسع، وربما عزلة جديدة. إعلام يسبق الواقع مكنات الإعلام الخليجية دعمت سياسات دول الخليج في سوريا بموجة من التفاؤل المفرط في بعض الأحيان. رُسمت مشاهد عن تحالف خليجي سوري قادم، وعادت بعض المنصات لتُذكّر بريادة الخليج في دعم 'الشعب السوري'، لكن هذه الصورة تخفي من ورائها هشاشة الواقع وتعقيداته. العلاقات الخليجية – السورية لا تزال في طور التشكيل ولم تصل بعد إلى مستوى الشراكة الصلبة. كل ما في الأمر أن العواصم الخليجية قررت التفاعل مع المتغير الجديد في دمشق، دون أن تعقد عليه رهانات طويلة. التفاؤل مشروع بالتأكيد، لكن الواقع لا يزال يحتفظ بمفاجآته. ثلاثة سيناريوهات محتملة يمكن تصوّر ثلاث مسارات رئيسية قد تتجه إليها علاقات دول الخليج مع سوريا الجديدة: الاحتواء الحذر: حيث تكتفي دول الخليج بدعم محدود لسوريا وتبقي على التواصل السياسي في حدوده المعقولة من دون الدخول في التزامات طويلة الأمد أو مشاريع استثنائية. هذا السيناريو مرجّح إذا ما شعرت الرياض وأبوظبي أن النفوذ التركي في دمشق بات طاغيًا بشكل لا يمكن موازنته ولم ترغب صراحة في مواجهته. الشراكة البراغماتية: حيث ترتكز العلاقات على تبادل المصالح بوضوح. تقدم دول الخليج دعمًا اقتصاديًا وفي إعادة الإعمار مشروطًا بإصلاحات داخلية وبتحجيم النفوذ التركي. في هذا السياق، يتم تتطلع دول الخليج إلى تنسيق أمني واستخباراتي شفاف لمنع عودة الجماعات المتشددة أو تحول سوريا للمعارضات الخليجية من الإخوان المسلمين والجماعات التكفيرية المتشددة. القطيعة أو التراجع: في حال تعثر الأداء السياسي لحكومة الشرع أو هيمنة أنقرة على القرار السوري بشكل كامل أو تدخل واشنطن للضغط على العواصم الخليجية لوقف دعمها للنظام الجديد، فإن العلاقات مع دمشق قد تشهد تراجعًا مفاجئًا يعيد الأمور إلى المربع الأول. رغم المؤشرات الإيجابية، لا تزال العلاقة بين دول الخليج وسوريا الجديدة في طور التكوين. هي علاقة تكتيكية أكثر منها استراتيجية، محكومة بحسابات الجغرافيا والتحالفات لا المشاعر أو التاريخ. ولضمان أن تكون هذه العلاقة مُنتجة، فإن الدعم المالي الخليجي يجب أن يُربط بإصلاحات سياسية حقيقية في الداخل السوري وبضمانات تمنع استغلاله من قبل القوى الخارجية. كما أن التنسيق مع تركيا لا بد أن يكون حاضرًا، سواء عبر قنوات دبلوماسية مباشرة أو من خلال وسطاء. أخيرًا، فإن التعويل على الدور الجماعي لمجلس التعاون الخليجي، وتفعيل المسار العربي الأوسع – بمشاركة الأردن ومصر – سيمنح أي انخراط خليجي في سوريا بعدًا سياسيًا أكثر متانة وقدرة وقوة على الصمود ومنافسة المشروعات المناوئة أو المتربصة به.