logo
#

أحدث الأخبار مع #عاطفأبوسيف

عاطف أبو سيف يعاين في روايته "القبر رقم 49"  واقع الحرب على غزة
عاطف أبو سيف يعاين في روايته "القبر رقم 49"  واقع الحرب على غزة

الدستور

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الدستور

عاطف أبو سيف يعاين في روايته "القبر رقم 49" واقع الحرب على غزة

عمان – الدستور – عمر أبو الهيجاء صدرت رواية "القبر رقم 49" للكاتب عاطف أبو سيف عن الدار الأهلية في عمان، وهي الرواية العاشرة للكاتب. وتدور أحداث الرواية في غزة خلال حرب الإبادة التي يشنها العدو على الفلسطينيين هناك منذ 18 شهرا. وقال أبو سيف لمراسل "وفا" إن الرواية تبدأ بموت "حليمة" جدة الرواي في الخيمة غرب رفح بعد أن اضطرتها الحرب وتدمير منزلها في جباليا إلى النزوح جنوبا. وفي مفارقة فإن حليمة التي وُلدت في يافا عام 1940 ولجأت من هناك إلى شمال غزة، عاشت طفولتها أيضاً في خيمة، لتموت في أخرى بعد 76 عاماً. وفيما تأخذ الرواية القارئ في رحلة عميقة عبر بحر الماضي للاقتراب من حياة حليمة منذ طفولتها في يافا، وصولا إلى تفاصيل حياتها بعد اللجوء في غزة في مقاربة للتاريخ الفلسطيني الحديث ولسيرة الشتات والوجع الفلسطينيين، فإنها تعرض في الفصلين اللاحقين لحياة الناس في غزة خلال العقود الماضية، وصولا إلى الحظة الراهنة، 13 شخصا من جيران حليمة يحملون نعشها بحثاً عن قبر يدفنونها فيه. وخلال مسيرة البحث عن القبر، تقدم الرواية مونولجا وحوارا داخليا لكل شخصية في استعراض وتحليل لنماذج مختلفة من المجتمع الفلسطيني في غزة خلال الحرب، فمن الحفيد الذي لم يبق من العائلة إلا هو بعد استشهاد كل العائلة ومن ثم موت جدته، إلى صديقة حليمة التي عاشت طفلة في المجدل ثم لجأت إلى غزة، ومن تاجر المساعدات إلى بائع الفاكهة الأشهر في المخيم ومن الشيخ إلى أستاذ الجامعة ومن الشابة التي تركت زوجها في الشمال، إلى الطالبة الجامعية والشابة ممطوطة الطول والمرأة وكنتها التي تنتظر زوجها أن يعود، ومن صاحبة الفرن إلى بائع التحف والأنتيكا. نماذج مختلفة تقدم التناقض والصراع داخل المجتمع كما تقدم الأسئلة البسيطة التي تعكس عمق السؤال الأكبر حول المصير والمآلات والمستقبل والهوية والشخص والجماعة. يواصل عاطف أبو سيف في هذه الرواية مشروعه الروائي الذي يحفر في التاريخ الحديث للشعب الفلسطيني منذ نهايات القرن التاسع عشر، مع توقف قلق ومربك أمام أحداث النكبة، وصولا إلى التحولات والتغيرات في بنية المجتمع والأفراد في العقود الأخيرة خاصة في المنطقة الساحلية التي تشكل يافا وغزة حدود جغرافية شخوصها. تقع الرواية في 309 صفحات من القطع المتوسط، ولوحة الغلاف للفنان الفلسطيني وديع خالد. وصدر لعاطف أبو سيف قبل ذلك تسع روايات، حظيت باهتمام نقدي واسع منها: "حياة معلقة" التي ترشحت للقائمة القصيرة لجائزة الرواية العربية (البوكر) عام 2015، و"الحاجة لكريستينا" التي ترشحت للقائمة الطويلة من الجائزة نفسها في عام 2016، و"قارب من يافا" التي فازت بجائزة كتارا عن فئة روايات الفتيان. كما صدرت له ثلاث مجموعات قصصية آخرها "قصص من زمن درويش اليافاوي"، بجانب مجموعة من الكتب في العلوم السياسية والعلاقات الدولية منها: "علاقات إسرائيل الدولية" و"أوروبا والبحث عن دور: الاتحاد الأوروبي في القرن الحادي والعشرين". مؤخرا صدر لعاطف أبو سيف أيضا كتابان بعنوان: "استعاذات مقلقة: يوميات غزة، مائة كاتب وفنان من غزة يكتبون عن الحرب". عمل عاطف أبو سيف وزيرا للثقافة خلال الأعوام 2019-2024، ويعمل الآن باحثاً زائراً في المعهد الجامعي الأوروبي في فلورنسا بإيطاليا.

صعود اليمين الأوروبي والقضية الفلسطينية
صعود اليمين الأوروبي والقضية الفلسطينية

إيطاليا تلغراف

time٠٧-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • إيطاليا تلغراف

صعود اليمين الأوروبي والقضية الفلسطينية

إيطاليا تلغراف عاطف أبو سيف روائي وقاص فلسطيني، وزير الثقافة السابق. يشكّل صعود اليمين الأوروبي تغيّراً ملحوظاً في سياسات أوروبا الداخلية والخارجية، خصوصاً في قضايا تمسّ الأمن الأوروبي والحدود، وبالتأكيد السياسة الخارجية، ليبقى السؤال: هل يمكن لهذا أن يقود إلى تغيّر في سياسات أوروبا الخارجية تجاه الصراع والقضية الفلسطينية؟… ليس ثابتاً أن ثمّة تغيّراتٍ جوهريةً تجاه الصراع، لكن الخشية تظلّ قائمةً مع صعود ترامب والعلاقة الدافئة والمتكاملة معه في توجّهاته الخارجية، وربّما تأثر (أو تبنّي) أقطاب اليمين الأوروبي بهذه التوجّهات في ما يتعلّق بالقضية الفلسطينية، كذلك إن حالة المزاج العام تجاه الصراع (طغت في السنوات الماضية) ستجد أثرها في دفع اليمين الاتحاد الأوروبي إلى التخلّي عن سياساته القديمة تجاه الصراع أو التخفيف ممّا يُعتَبر 'توجّهاً' قريباً من المواقف العربية. وكما يُلاحَظ، يواصل اليمين الأوروبي صعوده في أوروبا بشكل لافت، خصوصاً بعد أن حقّق نتائج قوية في انتخابات البرلمان الأوروبي في الصيف الماضي، ما شكلّ انعطافةً مهمّةً في تاريخ السياسة الأوروبية الداخلية تحديداً، وبعد ذلك الخارجية أيضاً. كان آخر ملامح هذا الصعود النتائج المُرضية التي حقّقها حزب 'البديل من أجل ألمانيا'، في انتخابات البلاد البرلمانية الشهر الماضي (فبراير/ شباط). وبشكل عامّ، ثمّة توجّهٌ متصاعدٌ لحضور اليمين الأوروبي في أروقة السياسة الأوروبية، خصوصاً أن بعض الذين باتوا يشكّلون الحكومات في العواصم الأوروبية جاؤوا من أحزابٍ كانت تعتبر قبل سنوات قليلة ممنوعةً أو محظورةً بسبب التقارب بين مواقفها ومواقف الأحزاب المتطرّفة التي اندثرت بعد الحرب العالمية الثانية. ويلاحظ المتابع للسياسة الأوروبية التوتّرات التي أحدثها صعود أجنحةٍ أكثر تطرّفاً في داخل اليمين، حتى بات هناك شيءٌ يمكن تسميته 'يميناً متطرّفاً'، يقع اليمين الكلاسيكي في يساره، بجانب أحزاب الوسط واليسار، فصعود اليمين الأوروبي بدا مبكّراً في القارّة العجوز، ولكن ما يشار إليه هنا صعود اليمين المتطرّف، الذي يأتي من قواعد فكرية وأيديولوجية تفترق مع اليمين الكلاسيكي في نواحٍ كثيرة، قد يعتبر أوّلها نظرته للدولة الوطنية ولوظائفها، الأمر الذي أوجد الحاجة لإعلان الحرب على مؤسّسات بروكسل الوحدوية، والعمل على تقويضها، وفي جزءٍ أساسٍ من هذه الحرب ثمّة الحرب على السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، والعمل لوقف هذه السياسة أو تحويلها عملاً فنّياً أو استشارياً، وترك السياسة الخارجية مهمّةً أساسيةً لكلّ دولة عضو. وجوهر ذلك (بالطبع) سعي اليمين المتطرّف لتأكيد الهُويَّة الوطنية لدوله وسيادتها. مثلاً، عبّر قادة اليمين في اجتماعهم في مدريد الشهر الماضي (فبراير/ شباط) عن قلقهم من طبيعة المؤسّسة الأوروبية 'المتحجّرة'، مندّدين بتنامي الهجرة غير الشرعية، وانعدام الأمن، ضمن أشياء أخرى. انتهى 'عصر النخب'، الذي تقوده بروكسل، كما قال بيانهم. وفيما يمكن ملاحظة اختلافاتٍ كثيرة بين قوى اليمين المتطرّف في أوروبا، وربّما أيضاً تصادمها في المستقبل حول مصالح دولها، إلا أن ثمّة تطويراً واضحاً لمقارباتٍ مختلفة حول بعض القضايا، خصوصاً الهجرة والبيئة والهُويَّة والسيادة. وفي هذه الحالة، يدور الحديث عن الهُويَّة والسيادة الأوروبية، بينما عميقاً، تعني توجّهات كلّ حزب هُويَّةَ دولته وسيادتها، الأمر الذي سيُحدِث صراعاً في المستقبل سيكون تجنّبه صعباً. تشبه هذه الأيام وضع أوروبا في عشرينيّات القرن الماضي، أي قبل قرن، حين هيمنت الفِكَر المتطرّفة، والحديث عن العرق، أساسان للهُويَّة، على السياسة الأوروبية، وهي الفِكَر نفسها التي جعلت هتلر يلتقي مع موسوليني مثلاً، رغم أن كلّاً منهما رأى 'سموَّ' عرقه وهُويَّته الوطنية. ومع ذلك، كانت النتيجة تمزّق أوروبا. توجّهات كل حزب يميني متطرّف تُعنى بهُويَّة وسيادة دولته، ما يعلن حرباً على مؤسّسات بروكسل الوحدوية المقلق، إلى جانب أشياء كثيرة، العلاقة 'الروحانية' بين يمين أوروبا المتطرّف والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي وصفه الاجتماع الأوروبي بأنه 'قدوة تُحتذَى'. ورحّب ترامب بقوّة اليمين الأوروبي، الذي يعتبره امتداداً طبيعياً لعالمٍ يرغب في قيادته. ثمّة توافق واضح بين الطرفَين في القضية الأساسية، التي تشغل بال اليمين الأوروبي، التي تعكس التطرّف القومي لهذا اليمين والمتمثّلة بالهجرة، وأيضاً في قضايا المناخ، وهما القضيتَان اللتان أعلن الرئيس الأميركي ترامب الحرب عليهما. وفيما يصعب القول بوجود توافق كبير بين الطرفَين، إلّا أن الإشادات المتبادلة بينهما تعكس التقارب 'المُقلِق' بالنسبة إلينا في ما يتعلّق بمواقف اليمين الأوروبي المتحملة من القضية الفلسطينية. هناك كثيرون من القادة الأوروبيين، الذين تربطهم علاقات عميقة وشخصية بترامب، ربّما أبرزهم رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، ورئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني. يؤمن رئيس الوزراء المجري، الذي يُعدّ من أبرز قادة اليمين الأوروبي، بشكل مطلق بقدرة ترامب على فرض السلام، خصوصاً في أوكرانيا، بل إنّه، فور فوز ترامب، أطلق تصريحاتٍ أثارت قلق نظرائه الأوروبيين بشأن السلام مع روسيا، كذلك فإنه يشاطر ترامب الرأي بخصوص المحكمة الجنائية الدولية، وكان قد تحدّاها وأرسل دعوةً إلى نتنياهو لزيارة المجر، ورفض توقيع البيان الأوروبي المشترك لدعم المحكمة. ومن غير تسرّع، لا بدّ من توقّع انزياحات تدريجية في مواقف أوروبا، يصح أن نقول إنها محايدة، إن لم تكن عكسيةً، لن تصل إلى حدّ تنصّل مؤسّسات بروكسل ودولها من مواقفها الثابتة تجاه الصراع، ولكنّها ستعكس تحوّلات الموقف الدولي، الذي لم يعُد يرى أن الحلّ الوحيد للصراع يكمن في حلّ الدولتَين. الانطباع الخاطئ (لكنّه السائد) أن أوروبا مع الفلسطينيين وواشنطن مع الإسرائيليين. قد لا يغدو هذا مريحاً لأقطاب اليمين، الذين يرون في هيمنة بروكسل سبباً في تغيّراتٍ كثيرة في المواقف الأوروبية. وبالتالي، كفُّ يد بروكسل عن سياسات الدول الأعضاء سيعطيها حرّيةً بالعودة إلى مواقفَ تناسب المزاج العام للأحزاب الحاكمة. مقلقة العلاقة 'الروحانية' بين اليمين المتطرّف وترامب، الذي اعتبر هذا اليمين امتداداً طبيعياً لعالم يرغب في قيادته من جهة أخرى، من المهم فهم هذا التحوّل العامّ لفهم طبيعية ما يجري في أروقة صنع القرار الدولي تجاه الصراع بعد تعطّل حلّ الدولتَين، وانعدام وحدانية وجود مشكلة فلسطينية واحدة، بل هناك مشكلات للفلسطينيين يجب إيجاد حلٍّ لكلّ واحدةٍ وفق طبيعتها، واحدة في غزّة بحاجة إلى حلّ يختلف عن الحلّ الذي تقتضيه طبيعة المشكلة في الضفة الغربية مثلاً. سيضع ترامب حلّ الدولتَين في ملفّات الماضي، وسيستبدله بصفقات تخفّف من التوتّر وتوقف الصراع، واليمين الأوروبي يشاطره من حيث المبدأ الفكرة العامّة من دون أن يتوافق معه في التفاصيل، مثلما هو الحال بشأن روسيا. علينا أن ننتبه إلى أن ثمّة تحوّلات جوهرية في نظرة العالم تجاه الصراع، تتمثّل في الأساس بعدم مركزية القضية الفلسطينية في صراع إسرائيل مع محيطها. هذه حقيقة مؤلمة، ولكن يمكن رؤية الأمر هكذا. لم تعد القضية الفلسطينية في قلب صراع إسرائيل مع الدول العربية، رغم أن الحاجة إلى حلّ هذه القضية تغدو مركزيةً إذا بُحِث في استقرار المنطقة وفي دمج إسرائيل اقتصادياً وسياسياً فيها، ومع ذلك يمكن تجاوز الأمر. إلى جانب ذلك، واضحٌ أن حلّ الدولتَين، وفق 'النموذج' القديم، لم يعد قائماً، إذ بات الحديث مرّة أخرى عن 'تطلّعات' الفلسطينيين السياسية، التي أيضاً قد تعني شيئاً في غزّة، يختلف عمّا يعنيه في الضفة الغربية. لاحظوا ترامب يتحدّث عن غزّة فقط، وسنجد أن أوروبا تدريجياً ستبدأ في التغاضي عن هذا أو عدم انتقاده، وستطوّر برامج تنموية خاصّة لغزّة، ربّما تحت إشراف السلطة في رام الله، ولكنها ستكون برامج خاصّة بغزّة. سيعمل اليمين المتطرّف في البرلمان الأوروبي، بوصفه كتلةً وازنةً لإحداث تغيّر 'إجرائي' في تعامل (وعلاقة) الاتحاد مع الموضوع الفلسطيني فنّياً، بمعنى ما يتعلّق بالدعم المالي ومساراته، وهو تغيّرٌ سيعكس نفسه على فهم طبيعة حلّ الصراع، ومع تخفيف قبضة مؤسّسات بروكسل على السياسة الخارجية، قد نجد تراجعاً في مواقف بعض الدول تجاهنا. ومع مواصلة صعود اليمين، الذي سيجد نفسه في رئاسة الحكومات في بعض الدول الأخرى، وربّما في مواقع مستشارية ألمانية ورئاسة فرنسا، لا بدّ أن نتوقّع اقتراباً أكثر من مواقف ترامب، من دون التماهي معها، لاعتباراتٍ ذات علاقةٍ بناخبي الأحزاب. يشكّل صعود اليمين تهديداً حقيقياً للمواقف الأوروبية تجاه الصراع، التي باتت من مسلّمات السياسة الدولية ما أقترحه، أن التحوّلات التي مسّت مواقف أوروبا، منذ ما يُعرَف بـ'تقرير شومان' عام 1971، وبعد ذلك، مقرّرات قمة البندقية في 1980، وصولاً إلى إعلان برلين، الذي أشار للمرّة الأولى في 1999، إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية بعد إنجازها وفق اتفاق مع إسرائيل ستتوقّف، ولن نشهد المزيد من التحوّلات والاقترابات من الموقف الفلسطيني. قد لا تحدُث انتكاسات، ولكن لا مزيد من التقدّم، بل ستكون بعض المواقف الكلاسيكية موضع جدل ونقاش. ويظلّ السؤال: هل سينجح اليمين الأوروبي في إنتاج مواقف جديدة لأوروبا تجاه الصراع، ودفعها تجاه تبنّي مواقفَ أقرب إلى الحياد التام؟ … أيضاً سيبرز موضوع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بقوّة في السطح. في دولة ليست عضواً في الإتحاد الأوروبي مثل سويسرا، سيصوّت المشرّعون في شهر مارس/ آذار الجاري على وقف تمويل الوكالة بعد أن هيمن اليمين على الحكومة بواقع أربعة أصوات إلى ثلاثة. سويسرا، التي كانت من الدول الأوروبية القليلة التي لم تقاطع الحكومة الفلسطينية بعد فوز حركة حماس عام 2006، ها هي توقف تمويل 'أونروا'. وعليه، يشكّل صعود اليمين تهديداً حقيقياً للمواقف الأوروبية تجاه الصراع، التي باتت من مسلّمات السياسة الدولية.

الـصـراع عـلـى «الأونـروا»
الـصـراع عـلـى «الأونـروا»

قدس نت

time٠٢-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • قدس نت

الـصـراع عـلـى «الأونـروا»

بقلم: عاطف أبو سيف يشكل تجفيف مصادر الأونروا على طريق إلغاء عملها بشكل كامل الهدف الأساس للعمل الدبلوماسي الإسرائيلي وللوبي الصهيوني خلال الشهور الماضية، ويعزز مثل هذا التوجه من عودة الشعبوية الأميركية للحكم المتمثلة برجوع ترامب للبيت الأبيض، وصعود اليمين الأوروبي سواء في البرلمان الأوروبي في صيف العام الماضي أو في البرلمانات الوطنية والتي كان آخرها البرلمان الألماني. مثلاً التركيز الآن على استصدار قرارات في البرلمانات الأوروبية على المستوى الوطني من أجل وقف تمويل الأونروا وقد يتم التوجه بعد ذلك للبرلمان الأوروبي في استغلال لصعود اليمين واليمين المتطرف فيه، وهذا قد يحدث وإن لم ينجح فإن إسرائيل وضعت قضية «الاونروا» وجعلتها موضع نقاش في العمل السياسي ولاحقاً القانوني الأوروبي. خلال الأسبوع الماضي قابلت مجموعة من أعضاء البرلمان السويسري ومجموعة من المثقفين والاكاديميين والصحافيين، وكان موضوع التصويت على وقف تمويل الأونروا جوهر النقاش. بالطبع يصعب تصديق أن دولة حامية للقانون الدولي (تذكروا أن أهم اتفاقيات القانون الدولي تحمل اسم جنيف وتم توقيعها في العام 1949) يمكن لها أن تتخذ موقفاً يعتبر مخلاً بالتزامات المجتمع الدولي، لكن مرة أخرى فإن الضغط الكبير الذي تمارسه إسرائيل والتأثير الذي تحدثه دبلوماسيتها في بعض الجوانب يمكن أن يكون له مثل هذا الأثر. الأمر يبدو صادماً حين يأتي من دولة مثل سويسرا فحتى طبيعة اتخاذ القرار في الدولة السويسرية معقد بشكل كبير ولا يسمح بسهولة باتخاذ مثل هذه القرارات. يبدو أنه الضغط الصهيوني الذي نجح في العمل على استصدار التشريع من مجلس النواب أو (الغرفة السفلى) التي تضم ممثلي الأحزاب المنتخبين مباشرة، ويتم العمل الآن على استصدار نفس التشريع بوقف تمويل الأونروا من مجلس الشيوخ (الغرفة العليا) التي تضم مجلس الكانتونات المكون من 46 عضواً منتخباً أيضاً. وفي حال نجح هذا الضغط فإن سويسرا ستوقف بشكل كامل تمويل الأونروا، الأمر الذي سيكون محفزاً للكثير من الدول ان تحذو حذو «بيرن» في ذلك. من هنا فإن العمل المتواصل قد ينجح في استصدار هذا القرار. ثمة الكثير من الجهود والتدخلات والضغوطات المقابلة التي تقوم بها الجمعيات والمؤسسات المناصرة للحقوق الفلسطينية والمدافعة عن حقوق الإنسان قد تثمر في النهاية رغم صعوبة ذلك، لكن كما قالت لي سيدة ترأس مجموعة ناشطين يواصلون حث الناس للكتابة للبرلمان ولأعضائه من أجل عدم اتخاذ القرار، فإن الأمر قد لن يمر، وفي حال لم يمر هذه المرة فإنه لن يمر بالمطلق بعد ذلك، لأن استصداره سيعني الدخول في دوامة التشريع مرة أخرى بدءاً من الحكومة وبعد ذلك الغرفة السفلى وصولاً للغرفة العليا من البرلمان. عملية معقدة، لكن خلال الفترة الماضية تم العمل عليها بقوة وضغط متواصل من قبل اللوبي الصهيوني. لقد ركزت إسرائيل بقوة على موضوع الأونروا وقامت بتزوير الكثير من الحقائق والمعلومات عن عمل الأونروا وعن ارتباط عملها ببعض المقاتلين الفلسطينيين الذي تتهم بالإرهاب، بل إنها حاولت تشويه مؤسسات الأونروا نفسها من خلال الادعاء باستخدام هذه المؤسسات لمواقع للعمل ضد إسرائيل أو حتى استخدام وسائل النقل الخاصة بها لغايات مماثلة، وهي، أي إسرائيل، تفعل ذلك أيضاً فيما يتعلق بالقطاع الصحي من أجل تبرير قصف سيارات الإسعاف، أو فيما يتعلق بالمؤسسات الأكاديمية من اجل قصف الجامعات والمدارس. كل شيء بالنسبة لإسرائيل مباح، لذا يجب خلق قصة تجعل هذا المباح ضرورياً وواجباً وحماية لأمنها من الاعتداء والإرهاب. وبعد ذلك يتم تسويق هذه الأكاذيب بقوة حتى تصبح حقائق يصعب أن تجادل أو أن تحاول أن تفندها. ثمة قدر من الخطورة في هذه التحركات لأنها تحقق الإنجازات تراكمياً. مثلاً قبل أسبوع تم التحريض على لقاء لي نظمه ناشر بالألمانية مع مجموعة من مجلس مدينة بازل (كلنا نعرفها بسبب المؤتمر الصهيوني الأول) تضم سياسيين وحقوقيين وأكاديميين ومثقفين، وتم اتهام الاجتماع بالتحريض ضد إسرائيل ومحاولة التأثير على قرار التصويت في البرلمان الأوروبي، وهذه ليست تهمة بالطبع، بل قصد من ورائها أن يتم وقف النشاط تحت تهديد التصعيد بوصفه جزءاً من النشاطات المعادية للسامية. اللقاء عُقد في النهاية وحقق الغايات المرجوة منه. ما أقوله إن الدعاية الصهيونية لا تدع شاردة ولا واردة إلا تقوم بمتابعتها والعمل على إحباط أي جهد فلسطيني مضاد. إن جوهر هذه الدعاية بات في تنفنيد السردية الفلسطينية التي بدأت تلقى آذاناً صاغية خلال الأشهر الستة عشر الماضية. فطوال الوقت شكلت الحرب على غزة مدخلاً مهماً من أجل إعادة التأكيد على بشاعة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني، وفتحاً شاملاً لسردية الصراع من وجهة نظر فلسطينية، وحققت هذه السردية بعض التقدم خاصة في ظل أن الإبادة التي تقوم بها إسرائيل بحق شعبنا لم تعد مجرد شعارات فلسطينية «تحريضية» أو «معاداة للسامية» تستهدف اليهود كما كانت تروج الحركة الصهيونية وماكينة الإعلام الغربي الموالي لها، بل إنها، أي هذه «الإبادة» تحدث أمام أعين الناس وعبر البث المباشر على الفضائيات، وأظن ومن خلال المتابعة أن هذا كان له دور كبير في إحداث الزحزحة في الرأي العام الغربي. ومع ذلك مثلاً ما زال أنصار إسرائيل يجعلون من استخدام كلمة «إبادة» تهمة يوصم قائلها بمعاداة السامية. في أكثر من مكان وخلال المشاركة في نقاشات وندوات في العواصم والمدن الأوروبية كان يتم مهاجمة المتحدثين حين يتم استخدام كلمة «إبادة» لأن القصد مرة أخرى تفنيد السردية الفلسطينية بشكل كامل، الأمر بالنسبة للترويج الصهيوني مجرد حرب بين طرفين، وليست حرب إبادة تشنها دولة ضد المدنيين. ولا يجب أن يفوتنا القول إن بعض الخطابات الفلسطينية المبالغ في لغتها وبلاغتها تقدم مواد مضادة للسردية الفلسطينية، يمكن الاتكاء عليها في مهاجمة القائلين بأن ما يجري حرب إبادة. جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store