logo
#

أحدث الأخبار مع #عامربنعودة

'تحدي البارسيتامول'.. ترند قاتل في ساحات المدارس
'تحدي البارسيتامول'.. ترند قاتل في ساحات المدارس

الشروق

time١٥-٠٤-٢٠٢٥

  • صحة
  • الشروق

'تحدي البارسيتامول'.. ترند قاتل في ساحات المدارس

اجتاحت ظاهرة جديدة وخطيرة بعض المؤسسات التربوية في الجزائر، بعدما تسلل ما بات يعرف بـ'تحدي الباراسيتامول' إلى أوساط التلاميذ مواكبة لـ'تراندات' عالمية من دول أجنبية، خاصة في الطورين المتوسط والثانوي، ليتحول دواء واسع الاستعمال إلى وسيلة تهور بين المراهقين تهدّد حياتهم بشكل مباشر، وهو ما دفع مختصين إلى دق ناقوس الخطر، وتحذير الأولياء من العواقب الوخيمة لمواكبة هذه السلوكيات، وآثارها السلبية على الصحة وقداسية المؤسسة التربوية. انطلقت فكرة 'تحدي الباراسيتامول' بتناول جرعات مفرطة من هذا الدواء بين أوساط التلاميذ من دون أي إشراف طبي، بغرض التباهي بين الأصدقاء أو اختبار قدرة 'التحمّل'، وذلك خفية عن أوليائهم من دون وعي منهم أن تهورهم قد ينتهي بهم إلى المستشفى وأقسام الإنعاش أو إلى الموت في بعض الحالات، حيث اجتاح 'الترند القاتل' الذي بدأ في بعض الدول على غرار سويسرا وأمريكا وأوروبا، ثم انتقل إلى الجزائر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مستهدفا تلاميذ مرحلتي المتوسط والثانوي، بعد تسجيل أولى الحالات التي استدعت تدخلا طبيا عاجلا، لتطلق بعدها الجهات الوصية تحذيرات صارمة من تداعياته الخطيرة على الصحة. الوزارة تدعو إلى تشديد الرقابة والتبليغ وفي أول رد فعل رسمي بعد التحذيرات التي أطلقها مختصون وأطباء عبر 'أنستغرام' و'التيك توك' بتوجيه نداءات عاجلة للأولياء، مطالبين بإخفاء أدوية 'الباراسيتامول' ومنعها من أن تكون في متناول الأطفال والمراهقين، وجّهت وزارة التربية الوطنية بدورها في بيان رسمي تحث فيه المديريات بمختلف ولايات الوطن من اجل التصدي لبعض الظواهر الدخيلة، وتحذر فيه من انتشار التحدّي وسط التلاميذ، داعية إلى تشديد المراقبة والتبليغ الفوري عن أي سلوك مشابه، وأكدت الوزارة أن هذا التصرف يعد خطيرا للغاية، بما أنه يؤدي إلى مضاعفات صحية، خاصة أن فئة المراهقين أكثر عرضة للتأثر مقارنة بالبالغين. وفي السياق، حذّر الخبير التربوي عامر بن عودة في حديثه لـ'الشروق'، من اتساع رقعة السلوكيات والظواهر الغريبة داخل المؤسسات التربوية وفي محيطها، والتي باتت تسيء، حسبه، لقدسية المدرسة الجزائرية ورسالتها التربوية، ما يهدّد المنظومة التربوية برمتها، ويعرض الجيل الصاعد لخطر التفكك والانحراف عن مسار البناء والتشييد. النجاح في تنفيذ التحدّي للفوز بأرباح مادية وأكد بن عودة، أن تنامي هذه الظواهر واستفحالها خلال السنوات الأخيرة يعود بدرجة كبيرة إلى التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي، خاصة في ظل غياب الوعي لدى التلاميذ، مشيرا إلى بروز ما وصفه بـ'تحدّي الباراسيتامول'، وهو 'تراند' موجّه خصيصا لفئة المراهقين، حيث يقوم المشاركون فيه بتناول علبة كاملة من الدواء المذكور دفعة واحدة بهدف الإغماء والدخول إلى المستشفى، ليتم بعدها تصوير فيديو للحالة ونشره على منصة 'التيك توك'، مقابل وعود بربح مادي لمن ينجح في تنفيذ التحدي. ودعا محدثنا إلى ضرورة منع بيع دواء 'الباراسيتامول' أو أي دواء آخر للأطفال والمراهقين دون سن 18 عاما، مشدّدا على أن الصيادلة أدرى بخطورة تناول هذا العقار بجرعات تفوق 3 إلى 4 غرامات يوميا بالنسبة للبالغين، فما بالك بالنسبة للأطفال، الذين تنعكس هذه الجرعات سلبا على صحتهم النفسية والجسدية. كما تأسف ذات المتحدث لآثار استعمال تطبيق 'تيك توك'، واعتبره السبب الرئيسي في الترويج لظواهر سلبية تهدّد الصحة النفسية والجسدية لمستخدميه، خاصة من فئة المراهقين، مضيفا أن هذه التحديات المستهترة بالحياة تساهم في زعزعة الأخلاق والقيم الأسرية والاجتماعية في المجتمع الجزائري. حجب التطبيقات التي تروّج للظواهر السلبية بالمؤسسات التربوية واقترح بن عودة جملة من الإجراءات الاستعجالية، أبرزها دعوة الأولياء إلى حذف مثل هذه التطبيقات من هواتف أبنائهم، والإبقاء على هذه الهواتف داخل المنزل، حتى لا ينشغل بها التلاميذ عن دراستهم، كما شدد على أن قيام السلطات بحجب التطبيق نهائيا بات ضرورة ملحة لحماية الأجيال القادمة من التهديدات المتزايدة، ليس فقط على مستوى الصحة الجسدية، بل كذلك على مستوى القيم الأخلاقية والوطنية التي تمثل عماد الهوية الجزائرية. وتطرق رئيس المؤسسة الجزائرية لإطارات التربية والتعليم، أن محاربة هذه الظواهر ليست مسؤولية المدرسة وحدها، بل هي مسؤولية جماعية، تشمل كل شركاء المنظومة التربوية من أولياء، وأساتذة، وسلطات، وغيرهم، مشدّدا على أهمية تفعيل النظام الداخلي للمؤسسات، إلى جانب الحملات التوعوية والتحسيسية داخل الأقسام وخارجها، وتقوية العلاقة بين المدرسة والأسرة من خلال الزيارات المنتظمة والسؤال عن سلوك الأبناء، مؤكدا أن هذه الإجراءات من شأنها أن تعيد الهيبة للمؤسسة التربوية، وتمكّنها من أداء رسالتها السامية على أكمل وجه. عجز في الكلى والكبد بسبب تناول جرعات مفرطة بالمقابل، أكد المختص في الصحة العمومية أمحمد كواش، أن دواء 'الباراسيتامول' يعد من أكثر الأدوية استعمالا في العالم، بالنظر لتعدد استخداماته في التخفيف من مختلف أنواع الآلام والحمى، غير أن الاستهلاك المفرط له، خاصة من دون وصفة طبية، بات يشكّل خطرا صحيا كبيرا على فئة الشباب والمراهقين، الذين رفعوا تحديا وصفه بـ'القاتل' من خلال تناول جرعات مفرطة منه لأغراض غير علاجية. وأوضح كواش، أن هذا النوع من السلوكيات الخطيرة قد يفضي إلى نتائج صحية كارثية تمتد آثارها إلى الأجيال القادمة على حد تعبيره، لما له من قدرة على تدمير الصحة الجسدية بشكل تدريجي، مضيفا أن أعراض التسمم الناتج عن تناول كميات مفرطة من 'الباراسيتامول' تبدأ عادة بعد تناول ما بين 7 إلى 10 غرامات، أي ما يعادل 7 أقراص ذات تركيز 1000 ملغ. وتظهر أعراض التسمم الأولية – حسب كواش – في ظرف ثلاث إلى 24 ساعة، حيث يشعر المصاب بالغثيان مصحوب بالتقيؤ، ثم الشعور بآلام في الأمعاء، مع إمكانية إصابته بإسهال، مشيرا إلى أن التأثيرات على بقية الأعضاء الحيوية بالجسم تبدأ لاحقا، أين يتسبّب الإفراط في تخريب خلايا الكبد، والإصابة بالتهاب الكبد الحاد، وكذا حدوث مشاكل على مستوى الكلى قد تصل إلى شلل في عمل الكليتين، إضافة إلى الإصابة بقصور كلوي، وحتى حدوث اضطرابات في الأوعية الدموية والقلب. ونصح المتحدث في حال اكتشف الأولياء تعاطي أبنائهم لكميات مفرطة من الدواء، بالتدخل السريع عبر تحفيز المصاب على التقيؤ، ثم نقله فورا إلى المستشفى لتلقي العلاجات المناسبة، التي تعمل على امتصاص مادة 'الباراسيتامول' من داخل الجسم وتقلل من تأثيره. 'هستيرية نفسية' لإثبات الذات.. والتلميذ ضحية لا 'مجرما' من جهته، أكد المختص في علم النفس التربوي حسام زرمان أن ما يعرف بـ'الترند' في الوسط المدرسي، والذي يتمثل في قيام التلاميذ بسلوكيات غير مألوفة أو خطيرة بهدف لفت الانتباه، له أسباب نفسية عميقة، أهمها محاولة الظهور، وإثارة الانتباه، وإبراز الذات، وأوضح زرمان أن هذه التصرفات عبارة عن 'هستيريا نفسية' تدفع التلميذ إلى الإحساس بضرورة القيام بأي تصرف لجذب أنظار زملائه، فيتشكّل لديه معتقد داخلي قائم على التحدي والرغبة في التميز. ونوه المتحدث إلى إقبال عدد كبير من التلاميذ على مواكبة ما يعرف بـ'الترندات العالمية'، في محاولة لإثبات أنهم مختلفون أو مميزون عن غيرهم، مشيرا إلى ظاهرة غريبة ومقلقة بدأت تتفشى، تتعلق باستخدام ' الباراسيتامول ' كتمهيد لتعاطي مواد أخرى أكثر خطورة، حيث لم يعد يقتصر الأمر، حسبه، على استهلاك المواد المخدرة كما كان في السابق، بل تحول إلى استعمال أدوية كبوابة نحو الإدمان. ويرى زرمان إلى أن سوء تعامل الأولياء وفقدانهم لأساليب التربية الحديثة، من خلال الاعتقاد أن التربية تقتصر فقط على توفير المأكل والملبس والضرب عند الحاجة، يعد أحد أبرز أسباب تفاقم هذه الظواهر. ودعا المتحدث إلى عدم لوم التلميذ بشكل مباشر، بل البحث في الأسباب المحيطة به، وعلى رأسها غياب مرافق اللعب والترفيه والثقافة، وافتقار المجتمع إلى دور الثقافة والمساحات التي تمنحه متنفسا، مشددا على ضرورة إطلاق حملات توعوية توجيهية وردعية، تهدف إلى لفت انتباه التلميذ وتوفير بدائل حقيقية له.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store