logo
#

أحدث الأخبار مع #عبدالدرهم…

الإسلام وحب المال رؤية معتدلة بين الغنى والزهد
الإسلام وحب المال رؤية معتدلة بين الغنى والزهد

الكنانة

time٠٤-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • الكنانة

الإسلام وحب المال رؤية معتدلة بين الغنى والزهد

إذا شغل المال الإنسان عن واجبٍ من واجبات دينه، كالصلاة أو برّ الوالدين أو أداء الأمانات، فإن حبّه يصبح محرمًا، ويكون الاشتغال به معصية. أما إن شغله عن مستحب، فالاشتغال به مكروه، ويُفضَّل تركه للانشغال بما يقربه إلى الله. ومن هنا يظهر التوازن الرائع في الرؤية الإسلامية . يُعدّ المال أحد أعمدة الحياة، ووسيلة ضرورية لا يمكن للإنسان أن يستغني عنها. وقد قرر الإسلام هذه الحقيقة بوضوح، فلم يُجرِّم حب المال في ذاته، بل اعترف به كغريزة بشرية طبيعية، حيث قال تعالى: 'وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ'، والخير هنا المال، كما فسره المفسرون. كما قال في موضع آخر: 'وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا'. غير أن الإشكال لا يكمن في حب المال بذاته، بل في موقع هذا الحب من قلب الإنسان، ومدى تأثيره على منظومة القيم والمبادئ الإيمانية والسلوكية. فإذا أصبح المال غاية لا وسيلة، وأصبح حبّه يشغل القلب عن ذكر الله، ويصرف الجوارح عن أداء الفرائض، ويقود صاحبه إلى الوقوع في الحرام، كان ذلك انحرافًا خطيرًا يمس العقيدة، بل قد يهددها من جذورها. الشرع الحنيف رسم للإنسان المسلم طريقًا وسطًا في علاقته بالمال، فحثّه على الكسب الحلال، والسعي في الأرض، والتعمير، والإنتاج، لكنه في الوقت ذاته حذّره من جعل المال محور حياته وهمَّه الأكبر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: 'تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم…'. وهذا التحذير النبوي ليس تهجّماً على الغنى، بل دعوة للتحرر من عبودية المال، والتأكيد على أن المال يجب أن يكون في اليد لا في القلب. ليس المطلوب ترك المال ولا الزهد المطلق، بل المطلوب تهذيب العلاقة به، والوعي بأنه وسيلة لا غاية، وأن قيمته الحقيقية فيما يُستثمر فيه من خير. فالمال الصالح في يد الرجل الصالح قوة خير عظيمة، به تُبنى المساجد، وتُطعم الأرامل، وتُكسى الأيتام، ويُنشَر العلم، وتُحمى الكرامة. وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى نماذج مشرقة من الصحابة الذين جمعوا بين الغنى والإيمان، كعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، رضي الله عنهما، ممن استخدموا ثرواتهم في خدمة الدين ونصرة الحق، فكانوا من أحب عباد الله إليه، وأقربهم منزلة. في الختام، إن حب المال لا يُعدّ مذمومًا في ذاته، ما لم يتحول إلى فتنة تفسد العقيدة، وتُفسد على الإنسان قلبه وسلوكه. فليكن المال في أيدينا وسيلة للخير، لا صنمًا نعبده من دون الله، ولنتذكّر دومًا أن البركة ليست في كثرة المال، بل في طهره، ومآله، وأثره في الدنيا والآخرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store