أحدث الأخبار مع #عبداللهالغذامي،


العين الإخبارية
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- ترفيه
- العين الإخبارية
«أبوظبي للكتاب».. أكاديمي سعودي يقدم رؤيته للمنهج النقدي
قدّم الدكتور عبد الله الغذامي، أستاذ النقد الأدبي، رؤية شاملة حول مفهوم المنهج في النقد، خلال جلسة فكرية بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب. وأكد "الغذامي"، الحائز على جائزة الشيخ زايد للكتاب لعام 2022 عن فئة شخصية العام الثقافية، أن النقد ليس مجرد ممارسة أدبية، بل منظومة فكرية متكاملة تقوم على أدوات دقيقة ووظيفة محددة. وقال إن غياب الوظيفة عن العملية النقدية يفرغها من مضمونها الحقيقي، ويحوّلها إلى انطباعات سطحية، تبتعد عن التحليل البنّاء، لافتا إلى الفرق الجوهري بين النقد الأدبي الذي يهتم بالأسلوب والجماليات، والنقد الثقافي الذي يتعامل مع النصوص كامتدادات للبنية الاجتماعية والثقافية. وبين الغذامي، تفصيلًا للعناصر الستة التي يرى أنها تشكّل الأساس في أي عملية نقدية سليمة: المرسل، وهو منتج الخطاب؛ المرسل إليه، وهو الجمهور أو المتلقي؛ الرسالة، التي تأخذ طابعًا وجدانيًا إذا تمركزت حول المرسل، أو طابعًا نَفعيًا إذا وُجّهت إلى المتلقي؛ السياق، باعتباره المرجعية التي تمنح الرسالة معناها؛ الشفرة، أي المفردات والتراكيب ودلالاتها الثقافية؛ وأخيرًا، أداة الاتصال، التي تحفّز وعي المتلقي وتؤدي وظيفة تنبيهية، موضحا أن هذه المكونات لا تحقق معناها الكامل إلا من خلال أدائها الوظيفي وتكاملها ضمن المنهج النقدي. وفي حديثه عن البنيوية، أشار إلى أن الحديث عن "موت البنيوية" ليس دقيقًا؛ فبينما تراجع التركيز على "الفعل"، ظلّ التركيز على "البنية" قائمًا ومؤثرًا، معتبرا أن تدريب النقّاد على كشف البنية داخل النصوص يمنحهم قدرة على تقديم قراءات منطقية تستند إلى مكوّنات ملموسة، بعيدًا عن الانطباعات الهلامية. وأكد أن قيام نظام نقدي ناضج لا يحتاج إلى أكثر من وعي نقدي منضبط، وجهد منهجي يُحوّل النص إلى مجال مفتوح للفهم والتحليل. واختتم الغذامي، مداخلته بالتأكيد على أن النقد ليس حكرًا على النخبة، بل هو مهارة يمكن تعلّمها واكتسابها عبر المران والممارسة، مشيرًا إلى أن جوهر النقد يكمن في التعامل الموضوعي مع النصوص، واحترام بنيتها الداخلية، وبناء قراءات دقيقة تستند إلى معطيات واضحة، تسهم في تعزيز الحوار الثقافي العربي، وتعيد للنقد مكانته كأداة فكرية ووسيلة لفهم الواقع وتطويره. aXA6IDgyLjI1LjIxMC44MyA= جزيرة ام اند امز LV


النهار
٢٥-٠٢-٢٠٢٥
- ترفيه
- النهار
النقد والإبداع... جدل، أم تفاعل، أم سوءُ تفاهم دائم؟
النقد والإبداع، الإبداع والنقد... هذا الزوج المُركّب الذي تشبه صورته سؤال: أيهما أسبق البيضة أم الدجاجة؟ يبقى بلا جواب غير السِّجال والمماحكة. المسألة جدية، لذلك ما انفك أهل الاختصاص، الأدباء والدارسون والنقاد، يقلبون الرأي فيها يتحاورون، ويتجادلون، في محافل شتى جامعية، وثنائية، ولقاءات ثقافية وطنية. آخرها الندوة الواسعة التي عقدها المجلس الأعلى للثقافة والفنون والآداب في الكويت، ضمن مواد مهرجان القرين الثقافي في دورته الثلاثين حملت عنوان: "جدلية النقد والنص الإبداعي". أقرّت الندوة موضوعين أساسين للنقاش هما: "توتّر الموقع الزمني بين الشعر والنظرية النقدية" مدارُه حول تحولات البنية الشعرية والإيقاعية التي عرفها الشعر العربي من نظامه الكلاسيكي إلى شعر التفعيلة، وبعدهما إلى نَسق مصطلح قصيدة النثر. من المتحدثين فيها عبد الله الغذامي، خالد المعمّري، وخالد بلقاسم. إذا كان الموضوع قد استعرض مراحل تبلور المشروع الشعري العربي الحديث بدءا من نهاية الأربعينات، فإن العروض تساءلت أكثر عن شروط وكيفيات تخلق قصيدة النثر المنفصلة عن كلاسيكيات شعرنا وأنساقه، وخصوصا إشكالية تلقيّها بالرغم من مضيِّ عقود على نشأتها. مسألة تثير استفهامات عدة عن إحجام النقد الأدبي عن معالجة نصوصها، أو محدودية المنتج منه عنها بما يُشعر واضعيها بالغبن، ويوَلِّد ردودَ فعل تُدين النقد والنقاد لهجرانهم لهم ولها فكأنه موقفٌ عدائيٌّ من تجربة إبداعية حداثية من دون التفكير في الأسباب أو القفز عليها من قبيل: الاختلاف الجذري لقصيدة النثر عن الذائقة الشعرية العربية الراسخة والمتوارثة. انقطاعها عن الموسيقى والإيقاعية عامة، لا يكفي معه القول ب" إيقاع داخلي" (كذا). كذلك، تحوُّلها لدى كثير إلى نص مفتوح لا ضابط له مطيّةً خاطرات أبعدتها مسافات عن نماذج مؤسسة (أنسي الحاج/ يوسف الخال، مثلا) فأفسدتها باسم شعرية بإطلاق. الموضوع الثاني في ملتقى "جدلية النقد والنص الإبداعي" اختصّ بدراسة: "الرواية والنقد، من يحتاج الآخر؟" شارك في مداخلاته أكاديميون وكتّاب: حسن مدن ـ زهور كرام ـ جوخة الحارثي ـ محمد آيت ميهوب ـ عزيز محمد، وأحمد المديني. ينصرف العنوان بوضوح إلى محاولة ضبط العلاقة بين الرواية بصفتها نصّا سرديّا حاكيًّا وواصفًا ومشخصَنًا وحواريًّا بأحداثٍ وحبكةٍ وتمثّلاتٍ صانعةٍ لمصائرَ وبانيةٍ لعوالمَ برؤية الواقعية ونسق التخييل؛ وبين النقد، أي عملية التلقي بالفهم والتأويل، فاستخلاصِ الدلالة وتقويمِ الشكل والحكم عليه. نظر المشاركون إلى سؤال: "من يحتاج إلى الآخر؟" نظرة إجرائية، باستخدامه أرضية ومنطلقا لتوليد أسئلة، بالأحرى مساءلات وفرَضياتٍ وفتح أفقٍ للتفكير في العلاقات الممكنة بين حدّين متجاذبين يربطهما شرط (بافلوفي) ولا يُنتظر الخلاص منهما إلى أحكام جازمة. اقتضى فهم هذه العلاقة في الندوة إذن التمييز بين ما يتصل بنظرية الأدب، والخاصّ بالنقدي، النصي التحليلي. كلاهما نسيبٌ للثاني ومستقلٌّ بخصائص، فجاءت مجمل العروض لتبيانها: أسبقية النص مُسلّمٌ بها بداهةً، في شرائع وآداب جميع الأمم، سواءٌ كلامًا منزّلاً أو موضوعا. بالتالي، التحاقُ الدرس والنقد بالنص تقدمه جاهزا للقراءة وإبداء النظر والبناء عليه متعدّدا. ما تنفكّ النصوص تُكتب، فالموهبة البشرية خصبة ومتنوعة، محكومة بعوامل ذاتية وأخرى من محيطها تسمى موضوعية، تنتقل في كل مرة على مدارج التطور وتتخلق جديدًا باستمرار. في هذه المرحلة تتحول القراءة إلى مصاحبة ضرورية، وعملية معرفية ناتجة عن نصّ. من هذه اللحظة ينشأ الزوج: نص+ رأي، هو تركيبٌ ترابطيٌّ مؤثرٌ ظاهرا وضمنا وذلك بفاعليتين: إبداع (شعر، ملحمة، مسرح) تقرأها وتُصنّفها وتُخضعها لنظام الفن، بمعايير محددة. إذا كان من الصعب تعيين أول النصوص ذات القيمة، التي وُضعت على محكّ النظر والتشريح والاستنباط، أمكن حسب إجماع الدارسين، أولا، اعتبار الملحمة الجنس الأدبي طليعة من ضربها المسرح، كان منطلقَ بناء التنظير والنقد على النص، ما فصلناه في الندوة كالتالي: ـ1ـ اطلع أرسطو ( 384قم ـ322) على محاورات أفلاطون (ت427 قم) وصلت إلينا في كتابه "الجمهورية"، الذي طرد منه الشعراء لأنهم يقلدون عن أصل سابق وهو بدوره تقليد لجوهر سابق، فعدّ هذا خداعا. عقّب أرسطو بأن التقليد ضروري، يصنع التعلم ويوصل إلى جوهر الأشياء، ومنه ولّد مفهومه الفلسفي ل"المتعة الجمالية" ونقديًّا بالتدريج "نظرية المحاكاة" أو mimesis. ـ2ـ بناء على مسرحية "أوديب ملكا" لسوفوكليس (495 قمـ406قم)، استنبط أرسطو القواعد الأساس لفن (التراجيديا) وتتكون من: الحكاية، الحبكة؛ الطباع (الإيتوس)؛ التعبير؛ الفكرة، الإخراج والإنشاد، ومن مجمل هذه الخصائص المحاكاة بمعنى تقليد أفعال الرجال والحياة؛ ـ3ـ هذا جزء مهم من نظرية أرسطو في كتابه "فن الشعر" (بويطيقا) الذي كان ويبقى النبراس والدليل في نظام الأجناس الأدبية تجددت عبر الأزمنة واستجدت النصوص والتيارات، لكنّ فهمها وتصنيفها أغلبها ظلّ خاضعا للمعيارية الأرسطية بتعديلات اصطلاحية ومنهجية، فالمحاكاة تنضوي في الإطار العام للواقعية التي تصطبغ بأجوائها ومياسمها الرواية لمّا نضجت في القرن 19 (بلزاك) واستقرت فنًّا أسلوبيا باذخا بعده مع فلوبير، ثم واصلت مسارها تتلون في أساليب وطرائق وخصوصا رؤى للعالم قلبتها رأسا على عقب من فن اجتماعي إلى تعبير عميق عن الذات والشروخ الإنسانية وأزمنة البلبلة (بروست، كافكا، جويس، كامو، ساروت). في منتصف القرن العشرين وصل البلغاري تزفتان تودوروف (1939ـ2017) إلى باريس وهي في خضم المدرسة البنيوية، حمل في حقيبته مفاهيم ومناهج المدرسة الشكلانية الروسية التي ركزت على الدور الوظيفي للطرائق الأدبية بإقصاء السيكولوجية والتاريخية والتقليدية، فوضع أبحاثه عن نظرية الأدب (الشعرية الجديدة) بتفاعل تام مع أدب تخلّص من تلك النزعات واستغرق في الأشياء والحياد واللغة المتقشفة ونبذ للغنائية (Grillet) بتواز مع تنظير له رولان بارت (1915ـ 1980) في كتابه الـتأسيس للنقد الجديد "درجة الصفر في الكتابة"(1953). هذه الأغصان وغيرها كثير في شجرة النظرية الأدبية هي ثمار جدل متناوب حيّ بين النص الإبداعي والتفكير في الأدب لاستخلاص المفاهيم، وبناء نظام وسنن الأجناس الأدبية وطرائق ومناهج التحليل دائما باستخدام نصوص راسخة ومن الماضي غالبًا، خلافًا للنقد وعمله ونهجه. لن نطيل في هذا الصدد، فندوة جدل النقد والأدب، خلطت بين الدرس الأدبي والنقد، وهما حقلان مختلفان، لأنه ينبني على تحليل النص والحكم عليه، وهنا سلطته، هو بناء وهدم، نور ونار، من هنا يشتكي منه الأدباء، ووضعه مشاركون في قفص الاتهام، ونسمع اليوم صياحا يندد النقد ظالم؟ مجحف! و(شللي!) واعتباط كهذا، وإما أين النقاد؟ وكأنهم موظفون في مؤسسة حكومية برواتب ويتقاعسون ـ الويل لهم ـ عن أداء واجب إداري، وما الناقد إلا قارئ محترف ذو ثقافة وذائقة، يقرأ الإبداع، الحق طبعا، وله ملاحظات وتأويل وأحكام، هكذا كان إن بقي. وعلاقة النقد بالأدب ليست صراعا ولا مماحكة، إنها ذاتُ طبيعة تفاعليةٍ تخلق النص من جديد.