أحدث الأخبار مع #عبدالناصرعارف


بوابة الأهرام
منذ 7 أيام
- سياسة
- بوابة الأهرام
القبض على ملك ألمانيا وسقوط جواسيس من أوكرانيا.. ماهي الرسائل والتداعيات؟
عبد الناصر عارف استيقظ الألمان يوم الأربعاء، على خبر تناقلته جميع أجهزة الإعلام، وهو القبض على شبكة جواسيس تتكون من ثلاثة مواطنين يحملون الجنسية الأوكرانية، ولكن المثير أن هذه الشبكة تعمل لمصلحة روسيا طبقا لاتهامات الادعاء العام وأجهزة الأمن الألمانية ! وقبلها بيوم – الثلاثاء - ألقت أجهزة الأمن وجهاز حماية الدستور – الاستخبارات الألمانية الداخلية- القبض على ملك ألمانيا المزعوم مع عدد من أتباعه. موضوعات مقترحة ضربات أمنية مكثفة، تحمل رسائل سياسية يريد المستشار الجديد لألمانيا السيد فريدريش ميرتس وحكومته توجيهها للداخل والخارج في مستهل عمل حكومته، ويتزامن هذا مع أول خطابً سياسي رسمي للمستشار ميرتس ألقاه في البرلمان – البوندستاج – مساء اليوم الثلاثاء شرح فيه سياسة حكومته الجديدة في المرحلة المقبلة. مواطنو الرايخ فما هي قصة ملك ألمانيا وحرب الجواسيس بين ألمانيا وروسيا وما الرسائل التي تريد حكومة ميرتس الجديدة إرسالها ؟ رغم سقوط آخر إمبراطورية ملكية في ألمانيا – الرايخ الثالث – بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى إلا أن هناك بعض الألمان لايزالون يعيشون في الماضي ويحنون الي دولة "الرايخ" التي كانت تضم أجزاءٌ من النمسا وبولندا وفرنسا، هؤلاء يطلقون علي أنفسهم "مواطنو الرايخ" لا يعترفون بالحكومات الألمانية ولا بالدستور ولا بأجهزة الدولة الألمانية ويميلون إلى الاعتقاد بنظرية المؤامرة وبعض الأفكار النازية العرقية المعادية للملونين ، عددهم غير معروف على وجه الدقة وينتشرون في معظم الولايات الألمانية خاصة في الجزْء الشرقي من ألمانيا بالإضافة الي ولاية بافاريا جنوب ألمانيا، وينظمون بعض الفعاليات الخاصة بهم ويرتدون أزياء معينة ويحلقون رءوسهم، إلي هنا – تبدو الأمور طبيعية بالنسبة للقوانين الألمانية التي تضمن حرية الاعتقاد والتعبير عن الرأي ولكن حدث في ديسمبر 2021 ، أن قام بعض منتسبي" مواطنو الرايخ " بقتل شرطي ألماني حينما حاول القبض عليهم في مدينة ميونيخ ، وبدأت أجهزة الأمن خاصة هيئة حماية الدستور – الاستخبارات الألمانية الداخلية – وضعهم تحت المراقبة باعتبارهم جماعة يمنية متطرفة خاصة بعد أن عثرت علي أسلحة ومعدات شبه عسكرية في حيازتهم ، وتابعت "بوابة الأهرام" تطورات القضية في عدة تقارير حينئذ مملكة المانيا لجأت الحركة بعد ذلك إلى انشاء مجموعات عنقودية للهروب من المراقبة الأمنية ومنها ما يسمى بمملكة ألمانيا التي قامت أجهزة الأمن أمس باقتحام مقراتها في عدد من المدن بعد أن حصلت علي تصريح من الادعاء العام باعتقال قيادتها ، وطيقا لوكالة الأنباء الرسمية الألمانية – دبا – فقد تم اعتقال ملك ألمانيا المزعوم ويدعى" بيتر فيتسيك" وأربعة من أعوانه ، وفند وزير الداخلية الجديد الكساندر ديبريندت أسباب القبض علي الملك واتباعه موضحا أنهم أنشأوا كيانا موازيا للدولة علي خلاف الدستور والقانون يشمل بنكا خاصا بتعاملاتهم المالية وبطاقات هوية ومستندات خاصة بمملكتهم ومطبعة لطبع هذه المستندات ! وعلى القور استصدر قرارا من المحكمة الاتحادية العليا في كارلسروه – والتي تتولى محاكمة التنظيم - بحظر "مملكة ألمانيا "! جواسيس روسيا المزعومين واليوم أعلن الادعاء العام الاتحادي ومقره مدينة كارلسروه –حيث مقر المحكمة الدستورية العليا الألمانية – القبض على ثلاثة مواطنين يحملون الجنسية الأوكرانية مشتبه بهم في تنفيذ عمليات تخريبية في ألمانيا تم تجنيدهم من قبل المخابرات الروسية ، وتمت العملية بالتنسيق مع أجهزة الأمن في سويسرا – طبقا لما أوردته أجهزة الإعلام الألمانية – حيث تم القبض على أحد المشتبه بهم في سويسرا وتم القبض على الآخرين في مدينتي كولونيا وكونيستانتس ، وندد المستشار ميرتس في خطابه بالبرلمان الألماني اليوم بمحاولات روسيا زعزعة الأمن والاستقرار في أوروبا وألمانيا – عل حد زعمه – وشدد علي أن حكومته ستتصدى بقوة لأي محاولات روسية لزعزعة الأمن في بلاده منوها باستمرار دعم بلاده بقوة لأوكرانيا . رسائل للداخل والخارج ولكن تبقى التساؤلات مشروعة ومنطقية لماذا الإعلان عن هذه الضربات الأمنية الآن وهل تحمل رسائل سياسية كامنة من حكومة ميرتس الجديدة؟ ولمن هذه الرسائل؟ ما يدعو الى طرح هذه التساؤلات هو أن جماعة "مواطنو الرايخ " وما يتفرع منها من جماعات يمينية متطرفة تمارس أنشطتها العلنية والسرية منذ فترة طويلة ، والكل يعرف أن هذا التنظيم لا يعترف بالدستور الألماني ، بل تنتشر في ألمانيا جماعات أخري يمنية متطرفة وترفع شعارات عنصرية وعرقية مخالفة للدستور الألماني ومنها جماعة "مواطنون أوربيون ضد أسلمة الغرب " المعروفة اختصارا باسم حركة "بيجيدا " وكانت تنظم مظاهرة أسبوعية علنية في مدينة دريسدن ، ترفع شعارات ولافتات عنصرية واضحة علي مرأى ومسمع من الجميع بل إن الشرطة الألمانية كانت تتولى حماية هذه المظاهرات وتأمينها ، وحينما سألت "بوابة الأهرام" أحد قيادات الشرطة الذى كان يشرف على تأمين المظاهرة - والتي رفعت صورة كبيرة مصطنعة للمستشارة ميركل وهي ترتدى الحجاب الإسلامي وتحتها كتابات تطالب بالإعدام في صيف 2018- كيف تسمحون لهذه الجماعات برفع الشعارات العنصرية علنا الموجهة ضد المسلمين والمهاجرين ، أجاب حينها أن المظاهرة قانونية لأن المنظمين حصلوا على تصريح وأن القانون الألماني لا يجرم الأفكار ويحمى التعبير عنها !! ، لبس هذا فقط بل تنتشر في ألمانيا لدي المجموعات الشبابية من عائلات النخبة في ألمانيا منذ العام الماضي أغنية شعبية عنصرية يرددها الشباب ويرقصون عليها في تجمعاتهم تتضمن كلماتها "ألمانيا للألمان والأجانب يخرجوا منها " وكانت هذه الظاهرة قد بدأت في أحد الشواطئ التي يرتادها أثرياء ألمانيا على بحر الشمال الصيف الماضي ، صحيح أنها قوبلت بالاستهجان من قبل بعض أطياف المجتمع الألماني لكن لم تكن هناك أي إجراءات قانونية أو أمنية. لكن على ما يبدو من هذه الحملات الأمنية أن حكومة المستشار شولتس تظهر العين الحمراء منذ بداية عملها ،وأرادت أن ترسل رسالة واضحة لكل هذه الجماعات والمجموعات المتطرفة يمينا ويسارا مفادها أن التساهل مع مثل هذه الممارسات والمجموعات قد انتهي ، خاصة ميرتس نفسه صرح أكثر من مرة خلال حملته الانتخابية أن المحافظة على الأمن والاستقرار ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية يتطلب الشدة أحيانا والمواءمة بين أمن الوطن من ناحية وحريات التعبير والاعتقاد من ناحية أخرى، وفى هذا الاطار أيضا يأتي الكشف عن شبكة الجواسيس المشتبه فيهم أنهم يعملون لمصلحة المخابرات الروسية ، في رسالة واضحة للكرملين أن حكومة ميرتس مستعدة للتصعيد سواء من حيث زيادة الدعم العسكري لأوكرانيا أو التصدي بقوة لمحاولات روسية مزعومة فيما يسمى بالحرب الهجينة داخل ألمانيا أو أوروبا، خاصة بعد رفع سقف المواجهة الأوروبية مع روسيا خلال القمة الرباعية ألأوروبية مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي في كييف الأسبوع الماضي.


بوابة الأهرام
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- بوابة الأهرام
الحكومة الألمانية الجديدة.. تحديات داخلية مُلحة وتهديدات خارجية خطيرة قبل أن تبدأ عملها
عبد الناصر عارف ماذا يحدث في ألمانيا الآن قبيل تشكيل الحكومة الائتلافية الجديدة؟.. تطورات خطيرة وصادمة .. فرغم الاتفاق علي برنامج ائتلاف الحزبين الكبيرين الذي سيحكم ألمانيا للأربع سنوات المقبلة بداية من 6 مايو المقبل، إلا أن حالة من عدم الرضا تتصاعد تجاه الحكومة الجديدة في المجتمع الألماني حتى قبل أن يتم الإعلان رسميا عن تشكيلها! موضوعات مقترحة ليس هذا فقط بل إن حكومة الائتلاف الجديدة – والتي تضم الاتحاد المسيحي المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي وتوأمه "البافاري" الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي – تتراجع شعبيتها بشكل خطير حتى قبل ممارسة عملها أو الكشف عن أسماء أعضائها! فبعد أن اتفق الحزبان الكبيران على تغيير المادة الدستورية المانعة للتوسع في الاستدانة وإقرار أكبر قرض في تاريخ المانيا – حوالي تريليون يورو - ، استمرت الخلافات حول عدد من الملفات خاصة ملفات الهجرة واللجوء والخدمات الاجتماعية وزيادة ألأجور والتي تتباين فيها بشكل أيدولوجي أجندة كل من الحزبين الكبيرين، حيث يميل الحزب الاشتراكي الديمقراطي – وسط اليسار – إلى زيادة الإنفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية خاصة للطبقة العاملة والالتزام بالقوانين الأوروبية والدولية في تيسير الهجرة المشروعة واللجوء، إلا أن الاتحاد المسيحي الديمقراطي بجناحيه – يمين محافظ – يتبنى سياسات متشددة حيث يرى ضرورة التخلص من اللاجئين غير القادرين على العمل والاندماج وغلق الحدود البرية لألمانيا في وجه اللاجئين الجدد، وتقليص المساعدات الحكومية للمتعطلين عن العمل وكذلك للاجئين ومحدودي الدخل، لكن الضغوط الخارجية والداخلية غير المسبوقة أدت إلى تنازلات من كلا الجانبين للوصول إلى حلول وسط وتسريع تشكيل الحكومة الجديدة باعتبارها حكومة الأمر الواقع أو حكومة الضرورة. غضب شعبي واسع وتراجع شعبية الحكومة قبل أن تبدأ عملها وما أن كشف الحزبان عن وثيقة الائتلاف حتى بدت وعودهما الانتخابية تتساقط كما تتساقط أوراق الخريف، وأدت التنازلات – المشتركة - إلى غضب شعبي من كل أطياف المجتمع الألماني حيث شعر المؤيدون للحزب الاشتراكي الديمقراطي بخيبة ألأمل، وبأن الحزب خذلهم وفرط في حقوقهم. بينما رأى مناصرو اليمين المحافظ والقاعدة الانتخابية للاتحاد المسيحي أن الاتحاد ارتكب خطأ جسيما بالموافقة علي فتح أبواب الاستدانة على مصراعيها، ولم يتخذ إجراءات متشددة بالقدر الكافي في ملف اللجوء والهجرة خاصة أن مستشار المانيا المرتقب فريدريش ميرتس ظل مستمسكا حتى بعد إعلان نتيجة الانتخابات العامة في فبراير الماضي بمبدأ كبح الديون الحكومية وأعلن أكثر من مرة - على الطريقة "الترامبية " - أن أول قرار له في منصبه كمستشار ألمانيا هو طرد 100 ألف لاجئ إلى خارج ألمانيا. صحيح أن حكومة ميرتس المرتقبة أعدت أجندة متشددة ضد اللاجئين الذين يحصلون على المساعدات والمعونات الحكومية دون عمل لدرجة أنها ستفرض عليهم أعمالا إجبارية أو حرمانهم من المساعدات الحكومية، كما ستتوسع في عمليات الترحيل لمرتكبي الجرائم وستوسع قائمة الدول الآمنة أي التي سيتم رفض طلبات اللجوء لمن يحملون جنسيتها، ومنها مصر وتونس والمغرب – وقد يكون هذا مبررا ومقبولا – ولكن غلق حدود ألمانيا في وجه طالبي اللجوء عامة أثار غضب القواعد الشعبية للأحزاب اليسارية خاصة حزبي اليسار والخضر. خيبة أمل الجالية الإسلامية أما الألمان من ذوي الأصول الإسلامية المهاجرة فقد شعروا بأن الجميع خذلهم، ولم يرعوا حقوقهم في اتفاقية الائتلاف. يبلغ عددهم طبقا لآخر إحصاء رسمي حوالي 6 ملايين – فلم يشر اتفاق الحكومة الائتلافية الجديدة الي مراعاة لأي من حقوقهم الثقافية والدينية التي يضمنها الدستور الألماني أو حتي الالتزام – ولو من قبيل المجاملة – بحمايتهم من حملات الكراهية و"الاسلاموفوبيا" المتصاعدة من قبل اليمين الشعبوي المتطرف، ولكن عل العكس من ذلك وردت كلمة الإسلامي مرة واحدة في جملة يتيمة من اتفاقية الائتلاف – أكثر من 100 صفحة – مرتبطة بالتطرف، حيث وردت جملة " يتعهد الائتلاف بمحاربة التطرف الإسلامي". وأعرب المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا عن خيبة أمله الشديدة في الحكومة الجديدة، وأفردت صحيفة" تاجيس شبيجل " الشعبية تقريرا مطولا في عددها أول أمس، وصفت فيه اتفاق الائتلاف الحكومي الجديد بأنه صفعة على وجه كل مسلم ألماني صوت للحزبين الكبيرين. واعتبرت أن الاتفاق استقصائيا، تجاهل الدور الإيجابي للمسلمين الألمان كمكون فاعل ومؤثر في المجتمع الألماني، ويكرس الصورة النمطية السلبية عن الإسلام بربطه فقط بالتطرف والإرهاب. ولكن الانتقاد شديد اللهجة عبرت عنه مدبرة المركز الألماني لأبحاث الاندماج والهجرة بجامعة هومبولت ببرلين الدكتورة آر . فروتان حيث وصفت الاتفاق بأنه رجعي وغير أخلاقي ولم ير المسلمين في ألمانيا الا كونهم متطرفين، وقالت انه تنازل وتراجع أمام خطاب الكراهية المتصاعد ضد ذوي الأصول الأجنبية خاصة المسلمين في ألمانيا بل عبرت عن مخاوفها من أن تكون سياسة الحكومة الجديدة استجابة غير مباشرة أو مغازلة من طرف خفي للحزب اليميني الشعبوي – البديل من أجل ألمانيا -. مفاجأة صادمة: اليمين المتطرف الأكثر شعبية إزاء كل هذا الغضب الشعبي الذي شمل معظم ألوان الطيف السياسي في ألمانيا، تهاوت شعبية الحكومة ألألمانية حتى قبل أن تتولى مهامها في ظاهرة غير مسبوقة. لكن الخطر ألأكبر علي الساحة الداخلية في ألمانيا هو ما كشف عنه آخر استطلاعات الرأي الموثوقة - أول أمس - حيث أصبح حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي والمعادي للأجانب - والذى تخضع بعض فروعه لمراقبة الاستخبارات ألألمانية - هو الحزب ألأكثر شعبية بنسبة 26 % متقدما علي الاتحاد المسيحي الذي بشكل الحكومة الجديدة بزعامة المستشار المرتقب فريدريش ميرتس والذى تراجعت شعبيته الي المركز الثاني بنسبة 25 % ، وهذا هو التحدي ألأخطر الذي يواجه الديمقراطية الألمانية في المرحلة المقبلة ، فكيف ستتعامل معه حكومة المستشار ميرتس المرتقبة ؟ وهل يتلاشى ميثاق الشرف غير المكتوب بين الأحزاب الألمانية بمنع حزب البديل من أجل ألمانيا من المشاركة في أي ائتلاف حكومي؟. المؤكد أن حزب البديل لن يستسلم لمحاولات عزله وتحجيمه وهو الآن الحزب الأكثر شعبية بل من المتوقع أن يستخدم كل الممارسات البرلمانية والبروباجندا منذ اليوم الأول للدورة التشريعية المقبلة لاسقاط الحكومة الجديدة بزعامة ميرتس وادخال البلاد في انتخابات مبكرة سيكون هو الرابح الأكبر فيها خاصة أن لديه المبررات السياسية والديمقراطية : الحكومة الائتلافية الجديدة فقدت شعبيتها قبل أن تبدأ عملها وهو الآن ألأكثر شعبية أي ألأجدر بتشكيل الحكومة وفقا للأعراف الديمقراطية. ولم تخف زعيمة حزب البديل اليميني الشعبوي أليس فايدل طموحاتها وخطط حزبها فهي تؤكد في كل مقابلاتها الإعلامية والحزبية أنها ستسلك كل السبل المؤدية لسقوط الحكومة الجديدة ، وربما دفعت تهديداتها تلك، الاتحاد المسيحي بزعامة المستشار المرتقب ميرتس لمحاولة مغازلتها وتهدئتها بطريق غير مباشر من خلال تبني سياسة متشددة فيما يتعلق بملف الهجرة واللجوء وطرد الآلاف من اللاجئين غير الشرعيين وبطريق مباشر من خلال احد قيادات الاتحاد المسيحي والوزير السابق في حكومة ميركل ينس شبان حيث صرح في مقابلة إعلامية انه سيدعو في البرلمان الجديد الي اشراك نواب حزب البديل في تشكيلات لجان البرلمان –بوندستاج – وكسر حاجز العزلة المتفق عليه مع بقية الأحزاب السياسية. تهديدات روسية مباشرة لألمانيا وإذا كانت التحديات الداخلية امام الحكومة الألمانية الجديدة خطيرة ومتشعبة تشمل الانقسام المجتمعي والسخط الشعبي المتصاعد وصعود اليمين الشعبوي المتطرف إلى جانب استمرار الركود الاقتصادي وأفول شمس النموذج ألألماني في النمو الاقتصادي والرأسمالية الاجتماعية، فإن التهديدات الخارجية لا تقل خطورة، فقد دفعت التصريحات غير المدروسة والاندفاع غير المحسوب للمستشار المرتقب فريدريش ميرتس فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية إلى استثارة غضب قيادات الكرملين وتعبئتها ضد ألمانيا، فعقب إعلان المستشار المرتقب ميرتس الأسبوع الماضي أنه سيدرس بجدية امداد أوكرانيا بصواريخ " توروس " الهجومية وهى فخر الصناعات الحربية ألألمانية حيث تتميز بقدرتها علي الهروب من أنظمة الرادار ومداها الذى يصل الي 500 كيلومتر، ورأسها الحربي الذي يصل وزنه إلى نصف طن وقدرتها علي اختراق الإنفاق والتحصينات الأرضية، وردت روسيا بسرعة وبتهديد مباشر بأنه في هذه الحالة ستعتبر روسيا أن المانيا عدو مشارك في الهجوم علي روسيا وعليها تحمل تبعات ذلك. أما تهديدات الرئيس الأمريكي ترامب وحروبه التجارية مع كل دول الاتحاد الأوروبي، فقد أصبحت واضحة خاصة أن ترامب يتوعد ألمانيا بسحب مظلة الحماية الأمريكية عنها أو استمرارها بعد دفع الثمن مع ضرورة اصلاح وتعديل الميزان التجاري بين البلدين. أجواء جمهورية فايمار ! يوم 6 مايو المقبل – بعد إتمام مراسم انتخاب ميرتس لمنصب المستشار الجديد في البوندستاج – ربما يتنفس فريدريش ميرتس الصعداء ويشعر بالسعادة بمنصبه الذي وصل اليه رغم محاولات اقصائه عن الحياة السياسية لأكثر من 14 سنة، لكنه سيجد نفسه فوق قمة جبل من التحديات الداخلية والتهديدات الخارجية الوجودية في تاريخ ألمانيا، وأية حركة غير محسوبة يمينا أو يسارا قد تقذف به من قمة الجبل الي الهاوية، ليس هو بمفرده بل بالحياة الديمقراطية والاستقرار السياسي في ألمانيا كلها. اليمين المتطرف المدعوم أمريكيا في عنفوانه يتربص، والتهديدات الخارجية جدية وأوضاع اقتصادية صعبة وغضب شعبي واسع ..هذه الأجواء شبيهة تماما بالأجواء التي أدت إلى انهيار حكومة جمهورية "فايمار" عام 1932– أول حكومة جمهورية ديمقراطية تأسست في ألمانيا بعد هزيمة الرايخ الألماني في الحرب العالمية الأولي1919 - ومهدت الطريق لوقوع ألمانيا بين براثن النازية 1933. فهل ينجح السيد ميرتس في انقاذ ألمانيا وسط كل هذه التحديات والإرهاصات؟ أعتقد أن خبراته وقدراته السابقة في عقد الصفقات والوساطات في عالم البيزنس والمال قد تسعفه في الحيلولة دون سقوط بلاده مرة أخرى في مخالب اليمين الشعبوى المتطرف.