#أحدث الأخبار مع #عبدالهادىسيوطى،المصري اليوم٠٨-٠٣-٢٠٢٥منوعاتالمصري اليومطلاب الأزهر من آسيا يروون تجاربهم فى «رمضان»واثقًا بأنه سيتمكن يومًا من قراءتها، ينظر عبد الهادى سيوطى، إلى آياتٍ من القرآن الكريم قبل أن يضع النسخة التى أهداه إياها والده فى الحقيبة، ويخرج لوداع أسرته حاملًا طموحها فى أن يصبح فقيهًا فى هيئة مجلس العلماء بماليزيا، وينطلق فى رحلته نحو تحقيق الحلم، مدفوعًا بعزيمة لا تلين ورغبة ملحة فى تحصيل العلم يعبر عنها ذو الـ٢٠ عاماً فى حديثه لـ«المصرى اليوم» بقوله: «مع وجود العديد من الجامعات فى بلادى اخترت الدراسة فى الأزهر لأنه قبلة العلماء وفيه الكثير من المتخصصين فى الشريعة وأصول الدين». التحق «سيوطى» بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، قبل ثلاثة أعوام وأجاد فيها اللغة العربية إجادةً تامة حتى صار قادرًا على تلاوة القرآن الكريم مثلما يسمعه من القرّاء المصريين وعلى رأسهم الشيخ محمد صديق المنشاوى صاحب الصوت المفضل له والذى اعتاد أن يردد معه الآيات فى الماضى دون أن يعرف معناها، «لا يمكننى وصف السعادة التى أشعر بها عندما أستمع إلى القرآن فأستوعب معانى المفردات المقدسة»، يقول الطالب المغترب ببسمةٍ تعلو وجهه وهو ينظر إلى الجامع الذى تمنى دخوله منذ الصغر. فى حى الجمالية بالقاهرة حيث يسكن عبدالهادى سيوطى، مع صديقه دانيال داخل شقة مؤجرة، تنادى أضواء الفوانيس المرصوصة بالمحلات والدكاكين على أهل الإسلام كى يستعدوا لقدوم شهر رمضان المبارك، ذلك الضيف الخفيف المرحب به كل عام يستقبله المصريون بحفاوةٍ غامرة فينشدون له الأناشيد ويعلقون له الزينات وتسرى فى الشوارع بهجةٌ تميزها العين فى الوجوه التى تماهت فيها القوميات والثقافات وأُلغيت بداخلها المسافات بين الألسنة، فالثغر الذى لم تخرج منه الكلمات إلا باللغة الملايوية التى ينطق بها سكان شرق آسيا، بات قادرًا على مخاطبة اللسان العربى بفصاحةٍ تجد بعضًا منها فى قول الطالب الماليزى بالفرقة الثالثة من كلية الدراسات الإسلامية: «المختلف فى رمضان هنا أن الشعب مضياف على نحو مثير للإعجاب، ففى كل مكان تقريبًا تجد مجموعة من الأهالى والجيران يتشاركون فيما بينهم لإفطار الصائمين فى مائدة من موائد الرحمن التى لا أجد كثيرًا منها فى بلدى ماليزيا، وتكون مقتصرة على المناطق ذات التركزات الإسلامية، أما فى مصر فالكل يحتفل برمضان حتى غير المسلمين فى وحدةٍ وطنية متناغمة مع عراقة المبانى الأثرية الشاهدة على التسامح الدينى فتجد مسجدًا بجانب كنيسة والخلق أحرار فى اختيار الطريقة التى يتواصلون بها مع ربهم». ويوافقه فى رؤيته لمعايشة الأجواء الرمضانية على أرض الغربة، صديقه دانيال فائيس الذى لم يتعرف إليه فى بلادهما ماليزيا وإنما تحت قناديل جامع الأزهر حتى أصبحا شريكين فى شقة مستأجرة يترددان فى أيام الدراسة على الكليةِ ذاتها ويتناوبان على تحضير السحور من المأكولات المصرية الشعبية، فيقول دانيال إنه تعلم تحضير الفول و«البيض المدحرج» و«الشكشوكة» لما أعجبه مذاق تلك الأطباق التى تعج بها المطاعم فى منطقة الجمالية، ويضيف: «أنتم تقولون رمضان فى مصر حاجة تانية وهذا صحيح فتلك الأجواء التى تبعث السعادة فى النفوس تحرك القلب كى يخشع لبارئه، ومن واقع خبرتى فى معاملة الشعب المصرى أقول إنه قادر على إضفاء روح المرح على كل ما يفعله، دون أن يغفل فى ذلك الجانب الروحانى، فتجده ساعيًا إلى إفطار الصائمين والكلمات الطيبة تتدفق من لسانه لتكسر حواجز الرهبة الاجتماعية والغربة النفسية، حتى لا يستشعر الوافدون أمثالنا أبدًا بأنهم بعيدون عن ذويهم، فنحنا هاهنا جميعًا إخوة لا فرق بين عربى وأعجمى». ولدى سؤاله عن سر تسميته باسم النبى دانيال، قال ذو الـ٢٠ عامًا إنه وُلد فى عائلة مسلمة وعلى عكس ما يعتقده البعض حول اقتصار تسمية المواليد بهذا الاسم على أتباع ديانةٍ معينة، فتشترك الأديان السماوية الثلاثة فى تقديس دانيال، النبى الذى لم يذكره القرآن لكن الأحاديث النبوية الشريفة أشارت إليه بوصفه واحدًا من أصحاب دعوة التوحيد الذين أوكل إليهم ربهم مهمة تبليغ أهل العراق نبأ الجنة والنار وذكر الملائكة والحياة الآخرة بعد الموت، ويوجد مسجد فى الإسكندرية يحمل اسمه. وخارج أروقة جامع الأزهر وبين أزقة حى الجمالية، تقع الأبصار على مجموعاتٍ من الشباب الوافدين من مختلف البلاد للدراسة فى ذلك الصرح العلمى الذى يعود تاريخه إلى القرن العاشر الميلادى، لكن ثمة ما يجذب الانتباه أكثر من أى شىء، وهو مشهد مجموعة من الطلاب يجلسون القرفصاء بينما يشربون عصير القصب، من بينهم محمد ضمير الدين الذى تحدث مع «المصرى اليوم» موضحًا أنهم قادمون من دولة بنجلاديش لدراسة علوم الفقه والشريعة فى كلية الدراسات الإسلامية التى يعتبرها مدرسةً إيمانية تعتمد على إعمال العقل لاستيعاب الأوامر والتكاليف التى تحملها النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة. وأضاف: «الجلوس عند تناول الطعام والشراب سنة عن نبينا محمد، أما عشقنا لعصير القصب فذلك شىء مما اكتسبناه من إقامتنا فى مصر على مدار عامين عايشنا خلالهما أجواءً رمضانية لم نشهدها فى بلدنا من حيث حجم الاحتفالات والولائم والتى جعلتنا لا نستشعر الغُربة فى بلادٍ تختلف عن ثقافتنا الآسيوية وأنماط معيشتنا وحتى لغتنا، صحيح أننا تعلمنا اللغة العربية فى المرحلة الابتدائية لكن ممارسة اللغة بالتحدث بها كل يوم أمر آخر يختلف عن الدراسة النظرية. وعن السلبيات التى لاحظها «ضمير الدين» فى بلاد الغُربة قال إن بعض التجار يستغلون الوافدين فى رفع أسعار بعض السلع والخدمات، فعندما يُترك البعض لضمائرهم توجههم أطماعهم إلى الغش والبحث عن الكسب السريع على حساب ضحاياهم، إلا أن طالب الأزهر البنجلاديشى أدرك هذه الحيل بحكم خبرته فى التعامل مع المصريين حتى أنه أصبح قادرًا على التحدث بلهجتهم وفهم نكاتهم ومزحاتهم الظريفة، واختتم حديثه قائلاً: «أشعر بينكم أننى فرد من عائلةٍ كبيرة».
المصري اليوم٠٨-٠٣-٢٠٢٥منوعاتالمصري اليومطلاب الأزهر من آسيا يروون تجاربهم فى «رمضان»واثقًا بأنه سيتمكن يومًا من قراءتها، ينظر عبد الهادى سيوطى، إلى آياتٍ من القرآن الكريم قبل أن يضع النسخة التى أهداه إياها والده فى الحقيبة، ويخرج لوداع أسرته حاملًا طموحها فى أن يصبح فقيهًا فى هيئة مجلس العلماء بماليزيا، وينطلق فى رحلته نحو تحقيق الحلم، مدفوعًا بعزيمة لا تلين ورغبة ملحة فى تحصيل العلم يعبر عنها ذو الـ٢٠ عاماً فى حديثه لـ«المصرى اليوم» بقوله: «مع وجود العديد من الجامعات فى بلادى اخترت الدراسة فى الأزهر لأنه قبلة العلماء وفيه الكثير من المتخصصين فى الشريعة وأصول الدين». التحق «سيوطى» بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، قبل ثلاثة أعوام وأجاد فيها اللغة العربية إجادةً تامة حتى صار قادرًا على تلاوة القرآن الكريم مثلما يسمعه من القرّاء المصريين وعلى رأسهم الشيخ محمد صديق المنشاوى صاحب الصوت المفضل له والذى اعتاد أن يردد معه الآيات فى الماضى دون أن يعرف معناها، «لا يمكننى وصف السعادة التى أشعر بها عندما أستمع إلى القرآن فأستوعب معانى المفردات المقدسة»، يقول الطالب المغترب ببسمةٍ تعلو وجهه وهو ينظر إلى الجامع الذى تمنى دخوله منذ الصغر. فى حى الجمالية بالقاهرة حيث يسكن عبدالهادى سيوطى، مع صديقه دانيال داخل شقة مؤجرة، تنادى أضواء الفوانيس المرصوصة بالمحلات والدكاكين على أهل الإسلام كى يستعدوا لقدوم شهر رمضان المبارك، ذلك الضيف الخفيف المرحب به كل عام يستقبله المصريون بحفاوةٍ غامرة فينشدون له الأناشيد ويعلقون له الزينات وتسرى فى الشوارع بهجةٌ تميزها العين فى الوجوه التى تماهت فيها القوميات والثقافات وأُلغيت بداخلها المسافات بين الألسنة، فالثغر الذى لم تخرج منه الكلمات إلا باللغة الملايوية التى ينطق بها سكان شرق آسيا، بات قادرًا على مخاطبة اللسان العربى بفصاحةٍ تجد بعضًا منها فى قول الطالب الماليزى بالفرقة الثالثة من كلية الدراسات الإسلامية: «المختلف فى رمضان هنا أن الشعب مضياف على نحو مثير للإعجاب، ففى كل مكان تقريبًا تجد مجموعة من الأهالى والجيران يتشاركون فيما بينهم لإفطار الصائمين فى مائدة من موائد الرحمن التى لا أجد كثيرًا منها فى بلدى ماليزيا، وتكون مقتصرة على المناطق ذات التركزات الإسلامية، أما فى مصر فالكل يحتفل برمضان حتى غير المسلمين فى وحدةٍ وطنية متناغمة مع عراقة المبانى الأثرية الشاهدة على التسامح الدينى فتجد مسجدًا بجانب كنيسة والخلق أحرار فى اختيار الطريقة التى يتواصلون بها مع ربهم». ويوافقه فى رؤيته لمعايشة الأجواء الرمضانية على أرض الغربة، صديقه دانيال فائيس الذى لم يتعرف إليه فى بلادهما ماليزيا وإنما تحت قناديل جامع الأزهر حتى أصبحا شريكين فى شقة مستأجرة يترددان فى أيام الدراسة على الكليةِ ذاتها ويتناوبان على تحضير السحور من المأكولات المصرية الشعبية، فيقول دانيال إنه تعلم تحضير الفول و«البيض المدحرج» و«الشكشوكة» لما أعجبه مذاق تلك الأطباق التى تعج بها المطاعم فى منطقة الجمالية، ويضيف: «أنتم تقولون رمضان فى مصر حاجة تانية وهذا صحيح فتلك الأجواء التى تبعث السعادة فى النفوس تحرك القلب كى يخشع لبارئه، ومن واقع خبرتى فى معاملة الشعب المصرى أقول إنه قادر على إضفاء روح المرح على كل ما يفعله، دون أن يغفل فى ذلك الجانب الروحانى، فتجده ساعيًا إلى إفطار الصائمين والكلمات الطيبة تتدفق من لسانه لتكسر حواجز الرهبة الاجتماعية والغربة النفسية، حتى لا يستشعر الوافدون أمثالنا أبدًا بأنهم بعيدون عن ذويهم، فنحنا هاهنا جميعًا إخوة لا فرق بين عربى وأعجمى». ولدى سؤاله عن سر تسميته باسم النبى دانيال، قال ذو الـ٢٠ عامًا إنه وُلد فى عائلة مسلمة وعلى عكس ما يعتقده البعض حول اقتصار تسمية المواليد بهذا الاسم على أتباع ديانةٍ معينة، فتشترك الأديان السماوية الثلاثة فى تقديس دانيال، النبى الذى لم يذكره القرآن لكن الأحاديث النبوية الشريفة أشارت إليه بوصفه واحدًا من أصحاب دعوة التوحيد الذين أوكل إليهم ربهم مهمة تبليغ أهل العراق نبأ الجنة والنار وذكر الملائكة والحياة الآخرة بعد الموت، ويوجد مسجد فى الإسكندرية يحمل اسمه. وخارج أروقة جامع الأزهر وبين أزقة حى الجمالية، تقع الأبصار على مجموعاتٍ من الشباب الوافدين من مختلف البلاد للدراسة فى ذلك الصرح العلمى الذى يعود تاريخه إلى القرن العاشر الميلادى، لكن ثمة ما يجذب الانتباه أكثر من أى شىء، وهو مشهد مجموعة من الطلاب يجلسون القرفصاء بينما يشربون عصير القصب، من بينهم محمد ضمير الدين الذى تحدث مع «المصرى اليوم» موضحًا أنهم قادمون من دولة بنجلاديش لدراسة علوم الفقه والشريعة فى كلية الدراسات الإسلامية التى يعتبرها مدرسةً إيمانية تعتمد على إعمال العقل لاستيعاب الأوامر والتكاليف التى تحملها النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة. وأضاف: «الجلوس عند تناول الطعام والشراب سنة عن نبينا محمد، أما عشقنا لعصير القصب فذلك شىء مما اكتسبناه من إقامتنا فى مصر على مدار عامين عايشنا خلالهما أجواءً رمضانية لم نشهدها فى بلدنا من حيث حجم الاحتفالات والولائم والتى جعلتنا لا نستشعر الغُربة فى بلادٍ تختلف عن ثقافتنا الآسيوية وأنماط معيشتنا وحتى لغتنا، صحيح أننا تعلمنا اللغة العربية فى المرحلة الابتدائية لكن ممارسة اللغة بالتحدث بها كل يوم أمر آخر يختلف عن الدراسة النظرية. وعن السلبيات التى لاحظها «ضمير الدين» فى بلاد الغُربة قال إن بعض التجار يستغلون الوافدين فى رفع أسعار بعض السلع والخدمات، فعندما يُترك البعض لضمائرهم توجههم أطماعهم إلى الغش والبحث عن الكسب السريع على حساب ضحاياهم، إلا أن طالب الأزهر البنجلاديشى أدرك هذه الحيل بحكم خبرته فى التعامل مع المصريين حتى أنه أصبح قادرًا على التحدث بلهجتهم وفهم نكاتهم ومزحاتهم الظريفة، واختتم حديثه قائلاً: «أشعر بينكم أننى فرد من عائلةٍ كبيرة».