أحدث الأخبار مع #عثمانبابو


التغيير
٢٤-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- التغيير
في ذكراه الـ 155 كيف كان دور لينين في الثورة الروسية؟
في ذكراه الـ 155 كيف كان دور لينين في الثورة الروسية؟ تاج السر عثمان بابو 1 تمر الذكرى الـ 155 لميلاد لينين الذي كان في 22 أبريل 1870 الذي لعب دورا كبيرا في ثورة اكتوبر الاشتراكية الروسية. الواقع أنه لا يمكن عزل سيرة لينين عن الثورة الروسية التي كانت من أهم أحداث القرن العشرين، مثل الثورة الفرنسية التي كانت من أهم أحداث القرن الثامن عشر، كما يقول ماركس: الثورات قاطرة التاريخ، فقد كانت الثورتان الفرنسية والروسية من أهم معالم التحول في التاريخ الإنساني. في الثورة الفرنسية كانت الشعارات: حقوق الإنسان- الإخاء- المساواة. في الثورة الروسية كانت الشعارات: السلام- الحرية- الخبز. وهى شعارات مازالت حية رغم هزيمة الثورة الفرنسية وعودة الملكية، وعودة الرأسمالية البشعة التي أفقرت الشعب الروسي ونهبت ثرواته وهربتها للخارج، وأدت للحرب المدمرة الجارية حاليا في اوكرانيا. معلوم أنه سبق ثورة 1917 الروسية ثورات استفاد البلاشفة من تجاربها مثل: الثورة الفرنسية 1789، ثورات 1848 العمالية في أوروبا، كومونة باريس 1871 في فرنسا، ثورة تحرير الرقيق في روسيا 1861، ثورة 1905 في روسيا التي وصفها لينين بأنها كانت 'البروفة' لثورة 1917. كانت الثورة تتيجة لتراكم كمي للمقاومة ضد النظام القيصرى المستبد منذ ثورة تحرير الرقيق 'الأقنان' 1861، وثورة 1905، واضرابات العمال وانتفاضات الفلاحين والمسيرات المظاهرات السلمية التي تم قمعها بوحشية مثل: أحداث 'الأحد الدامى'، وثورة فبراير 1917 التي أنهت الحكم القيصري، وتم تكوين الحكومة البورجوازية المؤقتة حتى ثورة أكتوبر 1917. توفرت ظروف موضوعية لاندلاع الثورة يمكن تلخيصها في الآتي:- – الظروف القاسية بسبب الحرب العالمية الأولى التي مضى عليها ثلاث سنوات. – جند النظام القيصري 15 مليون روسي في الحرب مما أدى لنقص الأيدي العاملة في الزراعة ونقص الحبوب والمجاعة. – ديون روسيا الخارجية التي بلغت 13,5 مليار روبل، منها 8 مليار روبل لبريطانيا وفرنسا وأمريكا. – الاعتماد على رأس المال الأجنبي أدى لفقدان روسيا سيادتها الوطنية. – الملايين من الروس ماتوا في الحرب. – انهارت الصناعة والزراعة وقطاع النقل. – مصادرة الحريات الديمقراطية. – كان الرأسماليون وتجار الحروب يجنون أرباحا طائلة من الحرب، وليس لهم مصلحة في وقفها. تلك هى الظروف الموضوعية التي أدت لنشوب الثورة باعتبارها كانت المخرج الوحيد. 2 – كما توفرت ظروف ذاتية تمثلت في: الدرجة العالية من التنظيم في المصانع والمكاتب والحقول والثكنات العسكرية وفي المؤسسات التعليمية، التي لعب فيها البلاشفة دورا كبيرا، والتنظيمات القاعدية للمقاومة والتي تم تتويجها بتكوين سوفيتات العمال والفلاحين والجنود، إضافة لاستمرار إضرابات العمال وانتفاضات الفلاحين والجنود، ونزولهم للشارع في الإضراب العام، حتى تم تتويج ذلك بالإطاحة بالنظام القيصري في ثورة 27 فبراير 1917، تحت شعار الثورة الذي لخصه لينين في: السلام- الخبز- الحرية. – استولت البورجوازية على السلطة وشكلت الحكومة المؤقتة.. – فشلت الحكومة المؤقتة في وقف الحرب، ولم تلب مطالب الشعب، واستمرت المجاعة وموت الالاف في الحرب والخراب الاقتصادي. – كتب لينين 'موضوعات نيسان- أبريل' التي طرح فيها تحويل الثورة الديمقراطية الى ثورة اشتراكية، ومواصلة النضال ضد الحكومة المؤقتة البورجوازية واسقاطها بسبب عجزها وفشلها، ونقل كل السلطة لمجالس السوفيتات، وتغيير اسم الحزب من الاشتراكي الديمقراطي الى 'الشيوعي'. واعتمدت اللجنة المركزية هذا الخط بعد مناقشة واسعة. – كان خط البلاشفة حتى يوليو 1917 هو مواصلة النضال السلمي الجماهيري وكسب الأغلبية ديمقراطيا في السوفيتات ونقل السلطة لها، ولكن بعد القمع الوحشي للمسيرات السلمية في يوليو 1917 والقمع الوحشي للبلاشفة الذين كانوا منحازين للجماهير وفي قلبها، مما اكسبهم تأييدها، وأدى لاكتساح البلاشفة السوفيتات في 31 أغسطس 1917. – بعد اشتداد القمع الوحشي تحول البلاشفة الى الانتفاضة المسلحة. – في سبتمبر وأكتوبر شارك أكثر من مليون عامل في الإضراب العام بجميع أنحاء روسيا، وسيطر العمال على الإنتاج والتوزيع. – في 10 أكتوبر 1917 صوتت غالبية اللجنة المركزية للبلاشفة للانتفاضة المسلحة. – في 16 أكتوبر 1917 تم إنشاء اللجنة العسكرية الثورية للانتفاضة، وتم وضع الخطة المحكمة لنجاح الانتفاضة. – في 25 أكتوبر 1917 بالتقويم الروسي القديم السائد يومئذ 'الموافق 7 نوفمبر1917″، تمكنت قوات البلاشفة من الاستيلاء على السلطة. – بالاستيلاء على السلطة تم تأميم البنوك والصناعات الكبيرة، وتحقيق شعار الأرض للفلاحين بمصادرة الملكيات الكبيرة لأغنياء المزارعين 'الكولاك'، ووقف الحرب. – نجحت الثورة بعد أن توفرت الشروط التي حددها لينين في مقاله 'الماركسية والانتفاضة' الذي اعتبر الانتفاضة فنا، واعتمادها على طبقة العمال والفلاحين والجنود، ووصول التناقضات داخل الطبقة الحاكمة الى قمتها. وعجز الطبقة الحاكمة عن قمع الانتفاضة، وواكب ذلك نهوض جماهيري وجيش ثوري دافع عن الانتفاضة حتى النهاية، ووجود القيادة الثورية التي حددت البديل للنظام القائم. والاستيلاء على السلطة في الوقت المناسب والدقيق حسب عبارة لينين 'أمس مبكر غدا متأخر، بل اليوم'. – تلك هي القواعد التي أكدتها تجربة ثورة أكتوبر السودانية في 1964. – الثورة الروسية كانت ملحمة جماهيرية حقا، عكسها الصحفي الأمريكي بشكل رائع في مؤلفه 'عشرة أيام هزت العالم'. 3 كل ما سبق لا ينفصل عن النضال السياسي والنظري الذي خاضه البلاشفة ضد التيارات اليمينية التي دافعت عن التطور الرأسمالي باعتباره أسبقية، تجلى ذلك في مؤلفات لينين مثل:- تطور الرأسمالية في روسيا 1899 الذي توصل فيه لينين الي أن روسيا دخلت مرحلة التطور الرأسمالي وتفككت المشاعية وبرزت زراعة المحاصيل النقدية، وتطورت ونشأت الصناعات وبرزت طبقة عاملة، وغير ذلك من السمات والخصائص التي ميزت التطور الرأسمالي في روسيا. مؤلف لينين 'ما العمل؟' 1901، الذي أوضح فيه لينين طبيعة الحزب من النوع الجديد الذي يقوم علي مبدأ المركزية الديمقراطية التي تقوم على الحرية الواسعة في النقاش مع الالتزام برأي الأغلبية ، وشروط العضوية التي تستند على قبول البرنامج والدستور وتسديد الاشتراكات والعمل في إحدى الهيئات، وطبيعة الحزب الطبقية الذي يستند علي الطبقة العاملة، إضافة لاستناد الحزب علي النظرية الماركسية ، باعتبار لاحركة ثورية بدون نظرية ثورية، والصراع ضد تيارات ' العفوية' و ' الاقتصاديوية' التي تحبس نضال الطبقة العاملة في النضال الاقتصادي فقط ، بدلا من النضال السياسي لتحرير المجتمع بأسره من كل أشكال الاضطهاد الطبقي والاثني والديني والقومي.الخ. مؤلف لينين ' المادية والمذهب النقدي التجريبي 1908 ' الذي تصدي فيه لينين للهجوم علي الماركسية ومنهجها الديالكتيكي المادي بعد القمع الوحشي الذي تعرض له البلاشفة بعد هزيمة ثورة 1905 ، والتطورات الجديدة في العلوم الطبيعية بعد اكتشاف الالكترونات ومكونات الذرة الأخرى، واكتشاف النظرية النسبية ، وتوصل بعض الفلاسفة والعلماء مثل : ماخ، الخ إلي تلاشى المادة، دافع لينين عن الديالكتيك المادي ،وقدم مفهوما أوسع للمادة بأنها الواقع الموضوعي المستقل عنا، وأن أشكال المادة تتنوع، وإن ما تلاشى هو المفهوم القديم للمادة، وأوضح أن الحقيقة المطلقة هي المجموع اللانهائي للحقائق النسبية، وأنه لايمكن الفصل بين المادة والحركة والمكان والزمان، وكانت مساهمة لينين تطويرا للمادية الفلسفية في ظروف الاكتشافات العلمية الجديدة. ساهم لينين في دراسة ظاهرة الامبريالية أو المرحلة الجديدة من الرأسمالية في مؤلفه ' الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية 1916' والذي درس فيه المتغيرات في الرأسمالية ، وتصدير الأموال للخارج، والصراع بين الدول الرأسمالية لاقتسام ونهب موارد بلدان المستعمرات والحروب كشرط ملازم للمرحلة الجديدة من الرأسمالية. ساهم لينين في تطوير التاكتيكات استنادا للتحليل الملموس للواقع الملموس، وأشار إلي أن النظرية رمادية والواقع أخضر ، وأن الماركسية ليست عقيدة جامدة بل منهج للعمل، كماأو ضح في مؤلفات : ' تاكتيكان للاشتراكية الديمقراطية.الخ'، ' موضوعات نيسان' ، ' مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية'. الخ. كما أشار إلي أنه لاحركة ثورية بدون نظرية ثورية ، وأن دراسة الماركسية تعني دراسة الثقافة الإنسانية ، ودراسة واقع وخصائص وسمات كل بلد. لاشك أن الصراع في كل الجبهات السياسية والاقتصادية والنظرية أسهم في وضوح خط البلاشفة السياسي والفكري ، وكان له الأثر الحاسم في نجاحهم في الوصول للسلطة. 4 ماهي منجزات ثورة أكتوبر؟ كانت ثورة أكتوبر متسقة مع شعاراتها ، وعدت وأنجزت الآتي:- أنهت ويلات ومآسي الحرب العالمية الأولي بتوقيع معاهدة صلح ' بريست – ليتوفسك' مع المانيا . وفرت إحتياجات الجماهير الكادحة الأساسية في التعليم والصحة والسكن والعمل ومحو الأمية ، وحماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وطورت الثقافة والفنون والموسيقي والرياضة. حررت شعوب روسيا من الإضطهاد القومي علي أساس المساواة وحق تقرير المصير بما في ذلك حق الإنفصال وتكوين الدولة المستقلة في ظروف حرية الارادة والديمقراطية، وحق كل قومية في تطوير لغتها وثقافتها الخاصة. ساهمت في تحرير شعوب المستعمرات من النير الاستعماري، وكشفت المعاهدات السرية مثل: معاهدة ' سايكس – بيكو' التي تم بموجبها تقسيم العالم العربي الي مناطق نفوذ وانتداب ، كما ساهمت في اندلاع ثورات المستعمرات في : الهند والصين ومصر وفيتنام والعراق وسوريا والسودان ' ثورة 1924'، والتي كانت تطالب بالاستقلال. نقلت روسيا من دولة متخلفة إلي دولة صناعية متقدمة ، وكانت أول دولة في العالم استخدمت الطاقة الذرية لأغراض سلمية ، وتمت 'كهربة' روسيا حسب شعار لينين ' الشيوعية تعني كهربة روسيا'، وكانت أول دولة تطلق الصواريخ العابرة للقارات ، وأول من بدأ غزو الفضاء ، وكان نجاح القمر الصناعي الأول ' سبوتنك' حافزا لأمريكا للاهتمام بالبحث العلمي وتطوير نظامها التعليمي، كما طورت علوم الرياضيات والفيزياء. حفظت روسيا التوازن العالمي ، وغلت يد أمريكا عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخري ' مثال : العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 الذي قامت به بريطانيا وفرنسا واسرائيل. ساهمت بفعالية في تحرير البشرية من البربرية النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية. بعد الحرب العالمية الثانية ، تحررت شعوب المستعمرات من النير الاستعماري، وقامت الثورات الاشتراكية في بلدان شرق اوربا ، والصين وفيتنام وكوبا وكوريا ، ونهضت حركة الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية المتقدمة وحققت مكاسب كثيرة بأثر الثورة الروسية مثل : الحق في التعليم والصحة والضمان الاجتماعي.. الخ. أعطت المرأة حقوقها التي انتزعتها بنضالها الفعال في الثورة مثل: الحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي ، وحق الترشيح والانتخاب ، وحق الطلاق .الخ. أكدت إمكانية التنمية المستقلة عن مسار الفلك الرأسمالي والسيادة الوطنية لأكثر من 74 عاما ، ونجحت خلال ثلاثين عاما في أن تصبح دولة صناعية متطورة. 5 دروس التجربة الروسية:- عندما نتحدث عن أسباب تقويض التجربة الاشتراكية والارتداد للرأسمالية ، يمكن الاشارة إلي العوامل التالية- – عوامل موضوعية يمكن تلخيصها في الآتي :- التدخل الخارجي: في الفترة من 1918 حتى أواخر 1922 ، تدخلت قوات المانية ونمساوية ومجرية وأمريكية وايطالية ويابانية. الخ، والتي قدمت عونا مباشرا للقوى المعادية والحرس الأبيض لاسقاط النظام. ولكن صمدت روسيا في أحلك سنوات التدخل الخارجي ، إضافة للحصار الاقتصادي الذي فرضته الدول الرأسمالية علي روسيا. بالتالى ، فأن روسيا أنجزت مهمة التصنيع واللحاق بركب الدول الصناعية المتقدمة بتكلفة إنسانية باهظة ، وفي ظروف حصار وحرب أهلية. فضلا عن الحرب العالمية الثانية التي فقد فيها الاتحاد السوفيتي ملايين الشهداء من القوى الحية المنتجة ، وتدمير ثلثي المدن الروسية والمصانع، والجهد الكبير الذي بذله الاتحاد السوفيتي بعد الحرب لإعادة البناء والتعمير. فرض سباق التسلح الذي أنهك الاقتصاد السوفيتي، خاصة بعد إعلان أمريكا برنامج حرب النجوم ، إضافة للمساعدات العسكرية التي كان يقدمها لبلدان حلف وارسو وللدول الأخرى ، والمساعدات الاقتصادية والتعليمية والعلاجية لبلدان العالم الثالث التي كانت على حساب سلع الاستهلاك، والتكلفة الباهظة لتدخل الاتحاد السوفيتي في حرب افغانستان. من الأسباب أيضا ظروف روسيا التاريخية التي كانت متخلفة ، 70% اميين، ووجود تقاليد عبادة القيصر والايقونات، وشهدت روسيا الثورة الصناعية بداية القرن العشرين. – أسباب ذاتية أو داخلية يمكن تلخيصها في الآتي: – محاولة القفز فوق المراحل في البداية ، باعلان سياسة شيوعية الحرب التي أنهكت الفلاحين والشعب ، رغم منجزاتها في توفير مقومات الصمود بوضع كل العائدات في يد الدوله ، مما أدى للتراجع في النهاية وإعلان الدولة السياسة الاقتصادية الجديدة ' النيب' التي وفرت حافزا للمزارعين ، وأدت إلى تحسين الاقتصاد . تمّ إ غلاق باب التعددية السياسية بمحاولة الاشتراكيين الثوريين لاغتيال لينين ، مما أدى لمأزق الحزب الواحد الذي كان يحذر منه لينين ويتخوف من تسلل البيروقراطية الضارة بمسيرة الحزب والثورة، وتحول المأزق الي تجربة. بالتالى غابت التعددية السياسية جراء فرض نظام شمولي بعد وفاة لينين ، تميز بالحزب الواحد ، وتم ربط المؤسسات التشريعية بالدولة والحزب والنقابات والاتحادات بالدولة، في حين كان لينين يشدد علي استقلال الحزب والنقابات والسوفيتات عن الدولة ، وكفالة حق الإضراب للعاملين، مما أدى لغياب الرقابه. إضافة للصراعات داخل السلطة والحزب الحاكم وسيطرة حكم الأمن والمخابرات والذي أدى لفقدان وابعاد عدد كبير من الكوادر الشيوعية المخلصة، ونتج عن ذلك التفسخ والفساد في جهاز الدولة، وظهرت فئات رأسمالية فاسدة أثرت من ممتلكات الدولة، والتي لعبت دورا كبيرا فيما بعد في تفكيك وانهبار النظام السوفيتي ونهب ثرواته وتهريبها خارج البلاد. السياسة الخاطئة تجاه الأديان ، بجعل الالحاد سياسة رسمية للدولة ، في حين أن ماركس وانجلز كانا يركزان على حرية العقيدة ، وأن الدولة للجميع غض النظر عن الدين أو المعتقدات السياسية أو الفلسفية، وأن المسائل التي تتعلق بحرية الضمير لاتحل بقرارات ، وانما تركها للتطور الطبيعي' راجع نقد برنامج غوتا – لماركس'. أخطاء ومشاكل اقتصادية مثل : تغليب الصناعة الثقيلة علي حساب سلع الاستهلاك ، وتباطؤ النمو ، والتحول للزراعة التعاونية بالقسر ، لا الاقناع كما كان يشير انجلز. كان ماركس وانجلز يتصوران أن الاشتراكية سوف تنطلق في بلدان متطورة تقنيا مثل : المانيا ، انجلترا.الخ، ولكن ذلك لم يتوفر في روسيا ، كما أن افتراض لينين بقيام الثورات الاشتراكية في المانيا وبقية البلدان المتطورة لم يتحقق ، بسبب فشل ثورة المانيا 1918 ، والمجر، .الخ. كما أشار ماركس أن فترة الانتقال للمجتمع الشيوعي سوف تكون طويلة ، وأن الاشتراكية طور أدنى من الشيوعية يستمر فيها التفاوت والحق البورجوازي والصراع الطبقي، ويأخذ الانسان حسب عمله ، ولكن بدلا من الاعتبار لذلك كانت التوجهات الايديولوجية الخاطئة التي كانت تصور أن روسيا دخلت مرحلة الاشتراكية المتطورة، وأنها اصبحت على قاب قوسين أو أدنى من الشيوعية. التهجير القسرى للشعوب ، وتغليب النزعة القومية الروسية ، مما كان له الأثر في تفكيك الاتحاد السوفيتي. هذا التراكم الكمي من الأخطاء والتي استغرقت سنوات طويلة، ولم يتم معالجتها جذريا وفي وقتها ، أدت في النهاية الي تحول نوعي في تفكيك الاتحاد السوفيتي ، وعودة الرأسمالية. كان من نتائج عودة الرأسمالية نهب ثروات روسيا وتهريب أموالها للخارج ، علي سبيل المثال : يوجد 700 مليار دولار يملكها أغنياء روسيا في البنوك السويسرية ، و7 تريليون روبل مستثمرة في أمريكا، إضافة الي تدهور قيمة العملة ' الدولار يساوي 60 روبل' ، وتدهور مستويات المعيشة ، وفقدت البلاد سيادتها الوطنية حيث بلغت نسبة الاستثمار الأجنبي في القطاع الصناعي الروسي 55,8%، إضافة للفساد ومشاكل غسيل الأموال. الخ. من آثار انهيار الاتحاد السوفيتي إنفراد أمريكا وسعيها المحموم للسيطرة الاقتصادية والعسكرية علي العالم ، والنهب البشع لثروات البلدان المتخلفة والتابعة، والهجوم علي المكاسب التي حققها العاملون في بلدان العالم في : التعليم والصحة والضمان الاجتماعي وحماية الشيخوخة والطفولة، والتفاوت المتصاعد في توزيع الثروة، اذ يبلغ ما يملكه 1 % من أغنياء العالم نصف ما يملكه سكان العالم. اضافة الي الحروب وتجارة البشر والمخدرات والجنس، وغير ذلك من الواقع البشع الذي يعيشه العالم الآن والتي تناضل الشعوب والأحزاب الشيوعية والعمالية والاشتراكية والوطنية من أجل تغييره.


التغيير
٠٨-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- التغيير
كيف تقود سياسات ترامب الي الانفجار؟
تاج السر عثمان بابو ١ اشرنا سابقا الي أن سياسات ترامب التي أعلنها بعد إعادة انتخابه سوف تؤدي إلى انفجار الأوضاع الداخلية والخارجية ضده، وسوف تقبض أمريكا الريح من تلك السياسات غير العقلانية. كان طبيعيا أن تنفجر المظاهرات في ولايات أمريكا السبت ٥ أبريل ضد سياسات ترامب التي انتهجها كما في فرض الرسوم الجمركية، التي تعنى المزيد من المعاناة والارتفاع في الأسعار، ومعلوم أنه مع إعادة انتخاب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، رفع شعاره في إعادة أمريكا عظيمة مرة أخرى مع تنامي اقتصاد الصين، ودول البريكس، الخ، في ظروف الركود الاقتصادي وتفاقم أزمة الرأسمالية بعد كارثة كرونا، إضافة لعجز الميزان التجاري 'للسلع والخدمات' الذي بلغ 131.4 مليار دولار خلال يناير ٢٠٢٥ ، بزيادة 34% عما كان عليه الوضع في ديسمبر ٢٠٢٤. عاد ترامب للحكم ممثلا لاقصى اليمين المتطرف الفاشي، واعلى ما في خيل النيوليبرالية المتمثلة فى سحب الدعم عن الضمان الاجتماعي والسلع والخدمات، والمزيد من جعل الأغنياء أكثر غنى والفقراء أكثر فقرا، وطرح عددا من المشاريع الطموحة التي تهدف إلى تغيير الخرائط، مثل : – شراء غرينلاند، والسيطرة على قناة بنما، وجعل كندا ولاية امريكية، وتغيير اسم خليج المكسيك إلى الخليج الأمريكي. – تهجير الفلسطينيين والاستيلاء المباشر على غزة باسم الولايات المتحدة، بهدف الاستيلاء على مواردها من الطاقة،ونقلها الي الأسواق العالمية، والهيمنة على الشرق الأوسط. فضلا عن سعي ترامب إلى جعل كلٍّ من الولايات المتحدة وإسرائيل طرفين رئيسيين في المعادلة الجديدة للطاقة في شرق المتوسط، مستغلاً الموقع الاستراتيجي لغزة، كما هو معلوم من يهيمن على شرق المتوسط سيكون لاعباً رئيسياً في معادلة الطاقة العالمية. ٢ مؤكد إن السياسات الاقتصادية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ستزيد من حدة الاضطرابات الاقتصادية العالمية، وتعزز حالة عدم الاستقرار، فضلا عن زيادة احتمال نشوب حروب وفوضى جديدة. فترامب بدأ برفع الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة إلى الولايات المتحدة بهدف الاستحواذ على حصة أكبر من التجارة العالمية، وتوجيه الإنتاج الصناعي إلى الداخل الأمريكي، وتعزيز الإيرادات الضريبية، واستهل برفع الرسوم على الصين المنافس التجاري لأمريكا، ومتوقع أن تمتد هذه السياسة لتشمل دولًا أخرى، فضلًا عن مجموعات اقتصادية كمجموعة بريكس التي تضم منافسين استراتيجيين لواشنطن. إضافة لهدف ترامب لتغيير النظام الاقتصادي لصالحه حيث برزت قضايا الطاقة ومسارات التجارة والتجارة العالمية في صدارة أجندته، وأعلن 'حالة الطوارئ الوطنية في مجال الطاقة' لتعزيز إنتاج الطاقة، مما كشف عن خطته للتعامل مع الدول التي تمتلك موارد الطاقة. يسعى ترامب الي فرض سيطرته على الممرات التجارية، لا سيما البحرية، ضمن النظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي يحلم بتشكيله كما في اهتمامه بقناة بنما، إذ إن الهيمنة على هذا الممر الحيوي تعني السيطرة على جزء كبير من التجارة البحرية، ولا سيما حركة التبادل التجاري بين آسيا وأمريكا وأوروبا. فهذه القناة كما هو معلوم تُعد ممرًا استراتيجيًا حيويًا، يؤثر بشكل كبير على حجم التجارة العالمية، ويعزز الترابط بين الأسواق الدولية، ويوفر مسارات نقل سريعة بين الدول. ٣ بالتالي فإن السياسات الاقتصادية التي انتهجها الرئيس الأميركي ترامب تضرب الأسر الأكثر فقراً في الولايات المتحدة' والتي ستدفع الجزء الأكبر من عبء 500 مليار دولار سنوياً. وكان طبيعيا ان تنفجر تظاهرات يوم السبت شارك فيها الآلاف من المواطنين، احتجاجًا على سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك المتعلقة بتقليص النفقات الحكومية، الاقتصاد، حقوق الإنسان، وقضايا أخرى. وتم انتقاد من المتظاهرين إجراءات إدارة ترامب التي تضمنت تقليص دور بعض الوكالات الحكومية، وفصل آلاف الموظفين الفدراليين، وإغلاق مكاتب إدارة الضمان الاجتماعي وخفض التمويل الفدرالي لبرامج الصحة، إضافة إلى ترحيل المهاجرين، الخ من مطالب المتظاهرين. وأخيرا، مؤكد تصاعد الحركة الجماهيرية في امريكا وبقية البلدان الرأسمالية وغيرها دفاعا عن مطالب الطبقة العاملة والكادحين والجماهير التي أكتوت بتيران سياسات رفع الدعم عن السلع والخدمات الأساسية والتعليم والصحة والضمان الاجتماعي التى كرست الفوارق الطبقية، ومواصلة النضال حتى وقف الحروب، تحقيق السلام، تحقيق الاشتراكية والعدالة الاجتماعية، فالعالم عاد الي القرون الوسطى كما في الابادة الجماعية والتطهير العرقي الذي يحدث في حروب غزة والسودان الخ، بحيث اصبح الخيار اما اشتراكية أو بربرية.


التغيير
٠٧-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- التغيير
٦ أبريل مازالت جذوة الثورة متقدة
تاج السر عثمان بابو 1 تمر الذكرى الأربعون لانتفاضة ٦ أبريل ١٩٨٥ والذكرى السادسة لملحمة اعتصام القيادة العامة ٦ أبريل ٢٠١٩ اللتين اطاحتا بالمخلوعين النميري والبشير ، تهل علينا والبلاد تمر بظروف الحرب اللعينة الجارية حاليا التي دمرت البلاد والعباد، وتهدد بتقسيم البلاد، ويستمر تدمير البنية التحتية كما في القصف الاخير لمحطة مروي الحرارية الذي عطل الكهرباء في معظم ولايات السودان، مما اكد انها حرب ضد المواطن ، وتصاعد الاستعداد للحرب بعد تهديد الدعم باجتياح الشمالية، والجيش باجتياح دارفور، مع ارتفاع حالات القتل خارج إطار القانون مع قطع الرؤوس وبقر للبطون التي تمارسها عصابات الإسلامويين ، والتعذيب الوحشي للمعارضين في سجون طرفي الحرب، وتزايد الخطاب العنصري والاثني، كما في استهداف سكان مايو جنوب الحزام في الخرطوم، مما يؤدي للمزيد من تمزيق وحدة البلاد، تلك الحرب التي اندلعت بعد انقلاب 25 أكتوبر، الذي أعاد التمكين للإسلامويين، يحلمون حاليا بحكم البلاد، اضافة لمواصلة المخطط لتصفية الثورة، ونهب ثروات البلاد كما استمرار تصدير الذهب والصمغ العربي والثروة الحيوانية عن طريق التهريب رغم استمرار الحرب، والتفريط في السيادة الوطنية لمصلحة. المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب والهادفة لنهب ثروات البلاد والوجود على ساحل البحر الأحمر. . 2 كان من أهم دروس انتفاضة ٦ أبريل ١٩٨٥: ضرورة حماية ومواصلة الانتفاضة حتى تحقيق أهدافها، وتصفية آثار النظام القديم والغاء كل القوانين المقيدة للحريات، واسترداد أموال الشعب المنهوبة ومحاسبة المفسدين الذين اجرموا في حق الشعب السوداني، وتحقيق الديمقراطية والحل الشامل والعادل لمشاكل البلاد. كما جاءت ثورة ديسمبر 2018 تتويجا لنضال طويل خاضه الشعب السوداني ، ضد ديكتاتورية الإسلامويين الدموية التي قمعت المعارضة السياسية والنقابية بالتعذيب الوحشي والاعتقالات ، وتشريد أكثر من 350 الف من أعمالهم ،ونهبت ثروات البلاد لمصلحة الطفيلية الإسلاموية، و طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، حتى بلغت ديون السودان الخارجية 60 مليار دولار، وكانت مصادر النهب وتركيز الثروة من أصول القطاع العام ، ونهب مدخرات المواطنين بعد اصدارقانون النظام المصرفي لعام 1991م، والذي مكن لتجار الجبهة ومؤسساتها من الهيمنة على قمم الاقتصاد الوطني وامتصاص الفائض، وإجراءات تبديل العملة وانتهاك قانون وأعراف سرية النظام المصرفي وكشف القدرات المالية لكبار رجال الاعمال امام تجار الجبهة الاسلامية ، اضافة لتسهيلات والرخص التجارية من وزارة التجارة والبنوك التجارية والإعفاء من الضرائب، والاستيلاء علي شركات التوزيع الأساسية وتمليكها لتجار وشركات الجبهة الاسلامية، والمضاربة في العقارات والاراضي والاستثمار في مشاريع الزراعة الآلية والثروة الحيوانية واستيلاء شركات ومؤسسات الجبهة الاسلامية علي مؤسسات تسويق الماشية، وعائدات الذهب والبترول التي تقدر بأكثر من 100 مليار دولار ، والتعليم والصحة ( استثمارات د. مامون حميدة) الذين اصبحا سلعة ومصدرا من مصادر التراكم الرأسمالي. بالتالي من المهم بعد الثورة استعادة تلك الأموال المنهوبة وتفكيك التمكين. هذا إضافة للخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي بالسير في سياسة التحرير الاقتصادي وتخفيض العملة ، مما أدي لازمة اقتصادية عميقة وتدهور في الأوضاع المعيشية. اضافة لتمزيق وحدة البلاد بانفصال الجنوب نتيجة للاستعلاء العنصري والديني، والتطهير العرقي بتحويل حرب الجنوب الي دينية ، وتكوين قوات الجنجويد التي تحولت للدعم السريع ، وممارسة ابشع عمليات التطهير العرقي في جبال النوبا ، وجنوب النيل الازرق، وفي دارفور التي بلغ ضحاياها 500 الف مواطن ، وتشريد 3 مليون من قراهم ، حتى أصبح البشير مطلوبا ومتهما بارتكاب تطهير عرقي في دارفور، وحرق القري وجريمة الاغتصاب بعد قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. كما فقد السودان سيادته الوطنية بالدوران في فلك الأحلاف العسكرية الخارجية، والمشاركة في حلف اليمن، وارسال الشباب لمحرقة الحرب في اليمن، واسلوب المراوغة ونقض العهود والمواثيق، بتوقيع الاتفاقات ، وعدم تنفيذها (نيفاشا، القاهرة، ابوجا، الشرق، ..الخ) التي تحولت الي محاصصات وفاقمت الأزمة والحروب. ٣ كانت ملحمة الاعتصام في ٦ أبريل تتويجا لنضال الجماهير ضد تسلط الإسلامويين ،وارتفعت شعارات ' حرية – سلام وعدالة – الثورة خيار الشعب ' ، كما أكدت علي وحدة السودانيين، ورفض الخطاب العنصري كما في شعار ' يا العنصري المغرور كل البلد دارفور '، ' من كاودا لأم درمان ، كل البلد سودان' ، وارتفعت رايات الوطنية السودانية ، ورفض سياسة 'فرق تسد ' التي حاول بها النظام الإسلاموي العنصري الدموي ل 30 عاما تدمير النسيج القبلي والحزبي والاجتماعي في السودان، وأكدت على وحدة وتنوع السودان غض النظر عن الدين أو العرق أو اللغة أو الثقافة ، وضرورة التعبير عن ذلك في دولة مدنية ديمقراطية تسع الجميع. كانت ملحمة الاعتصام أمام القيادة العامة تعبيرا عن وحدة وتلاحم وتضامن السودانيين غض النظر عن الدين أو العرق أو اللون، أو اللغة أو الثقافة أو المعتقد السياسي والفكري، وصورة مصغرة لوحدة السودان من خلال تنوعه ، ولكن قوي الشر في اللجنة الأمنية للنظام البائد فضته في أكبر مجزرة ضد الانسانية لن تسقط بالتقادم ، ولابد من المحاسبة والقصاص للشهداء ومتابعة المفقودين، وكانت مجزرة فض الاعتصام انقلابا دمويا علي الثورة، و تعبيرا عن استمرار مجازر الإبادة الجماعية وضد الإنسانية في دارفور والمنطقتين ، وما جرى فيها من حرق وقتل ونهب الممتلكات، وتعذيب وحشي للشباب ، واغتصاب للشابات ، ورمي الشباب وهم أحياء مثقلين بحجارة اسمنتية في نهر النيل ، راح ضحيتها حسب تقرير صادر من البنتاغون 1800 قتيل ، و470 أُعدموا، وتم تنفيذ ذلك بقوة تقدر ب 15 الف، ولابد من المحاسبة وان طال السفر. ٤ وأخيرا في ذكرى 6 أبريل فلينتظم أوسع نهوض جماهيري من أجل وقف الحرب واستعادة مسار الثورة، وخروج العسكر والدعم السريع من السياسة والاقتصاد، وحل كل المليشيات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، وعدم الإفلات من العقاب بمحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم الحرب وضد الانسانية، والتحضير الجيد للمؤتمر الدستوري الذي يقرر شكل الحكم ويتم فيه التوافق على دستور ديمقراطي وقانون انتخابات يفضي لانتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية، وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي.


التغيير
٠٣-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- التغيير
محاولات فاشلة للإسلامويون للعودة وطمس الهوية والتاريخ – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان
تاج السر عثمان بابو ١ يواصل الإسلامويون مع صنيعتهم الدعم السريع تصعيد نيران الحرب الفتنة القبلية والعنصرية التي تقود للمزيد من تمزيق وحدة البلاد، في محاولات فاشله للعودة للحكم وطمس الهوية الوطنية والتاريخ، كما في تصريحات عبد الرحيم دقلو باحتياج الشمالية، والتصريحات المضادة للإسلاميين بمحو دارفور. فما يحدث الآن من ممارسات الحركة الإسلاموية في تصعيد نيران الحرب، ولاسيما بعد انقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد لهم التمكين، وإطلاق سراح المعتقلين من المجرمين والمطلوبين للجنائية الدولية، وحتى أخيرا بعد انسحاب الدعم من العاصمة بإطلاق سراح بكري حسن صالح ويوسف عبد الفتاح. الخ، والجرائم التي ترتكبها عصابات البراء بن مالك كما في القتل خارج القانون، وقطع الرؤوس وبقر البطون، وغير ذلك من الجرائم البشعة ضد الانسانية، وتعديلات البرهان للدستور لفرض حكم عسكري اسلاموية مطلق، ومحاولة تكوين الحكومة الموازية من الدعم السريع وحلفائه، والحملات الهستيرية العنصرية من طرفي الحرب، وطرح البديل مكتبة الترابي لما تم فقده من المتحف الوطني للتراث بدلا عن أصنام ترهاقا وبعانخي. الخ، في محاولة بائسة لمحو التاريخ السوداني، وخطر فصل دارفور كما تم فصل الجنوب. وغير ذلك من ممارسات 'داعش' التي كما أوضحنا سابقا، التي هي امتداد لنشاط الحركة الإسلاموية في السودان التي قامت على الإرهاب والعنف ، كترياق للحداثة والتطور الإجتماعي الذي شهده السودان بعد الحرب العالمية الثانية، وكرد فعل لنمو ونشاط الحركة الشيوعية السودانية في منتصف أربعينيات القرن الماضي، ولم تكتف بذلك، بل تبنت أشكال عملها وتحالفاتها التكتيكية والاستراتيجية في العمل التنظيمي والجماهيري على سبيل المثال : اتخذت وسط الطلاب اسم (الاتجاه الإسلامي) مقابل (الجبهة الديمقراطية) ووسط الشباب ( الاتحاد الوطني للشباب ) مقابل ( اتحاد الشباب السوداني)، ووسط النساء الاتحاد الوطني للنساء ) مقابل ( الاتحاد النسائي السوداني)، وكذلك الحال وسط المهنيين والأشكال الجبهوية على النطاق الوطني التي دخل فيها الحزب الشيوعي السوداني. وبالتالي يتضح الطبيعة والنشأة الطفيلية لهذا التنظيم العاجز عن اتخاذ الأشكال التنظيمية التي تنبع من فكره وجهده في دراسة الواقع. – رفعت الحركة الاسلاموية الشعارات المبهمة التي لاتغني ولاتسمن من جوع مثل: (الاسلام هو الحل) ، اذ ما معنى أن الإسلام هو الحل؟ ، وحل لماذا؟، والشعارات المضللة حول (العلمانية) باعتبارها كفر ورذيلة ودعوة للتحلل الخلقي والإلحاد ومؤامرة صهيونية ضد الإسلام. الخ، في حين أن (العلمانية) هي دعوة لأن تكون السياسة ممارسة بشرية تقبل الخطأ والصواب ، بدون قداسة وحكم زائف باسم السماء، وأن العلمانية لاتعني استبعاد الدين من حياة المواطنين، فما علاقة ذلك بالالحاد والتحلل الخلقي والمؤامرة الصهيونية…الخ؟؟؟!!!! الفرية الثانية في شعارات الحركة الإسلاموية هي الدعاية المضللة ضد (الشيوعية) وتصويرها بأنها كفر والحاد ودعوة للرذيلة وغير ذلك من الاوصاف التي لايقبلها العقل والفكر السياسي الحديث، في حين أن (الشيوعية) دعوة لاقامة مجتمع خالي من كل أشكال الاستغلال الطبقي والعنصري والديني والاثني والجنسي ، وتحقيق الفرد الحر باعتباره الشرط لتطور المجموع الحر، فما علاقة ذلك بالكفر والرذيلة والتحلل الأخلاقي ..الخ؟!!!. ٢ – لم تبذل الحركة الاسلاموية جهدا معتبرا في دراسة واقع السودان وتركيبته الاجتماعية والاقتصادية وتطوره التاريخي، ولم تقدم رؤي منتجة وفعّالة لحل مشكلة الأقليات في السودان، وقضايا الإصلاح الزراعي والصناعي والتعليم والصحة..الخ، وعندما وصلت تلك الحركة للسلطة لم تفعل شيئا سوي أنها تبنت سياسة الاقتصاد الحر في ابشع صوره، وخصخصة القطاع العام، و(روشتة) صندوق النقد الدولي بسحب الدعم عن التعليم والصحة والخدمات والسلع الأساسية، وهي سياسات أفقرت الشعب السوداني بحيث أصبح 95% منه يعيش تحت خط الفقر فأي إسلام هذا؟! كما دمرت هذه السياسات القطاع العام عن طريق الخصخصة، وتم تدمير وبيع مرافق السكة الحديد ومشروع الجزيرة والنقل النهري..الخ ، ولم يتم تخصيص جزء من عائدات النفط لدعم الزراعة والصناعة والتعليم والصحة والخدمات، بل نهب الإسلامويون عائداته وهربوها للخارج والتي تقدر بأكثر من ١٠٠ مليار دولار، كما تم تدمير الخدمة المدنية من خلال تشريد الآلاف من الكوادر المؤهلة والمدربة لأهداف سياسية، كما تم ادخال نظام التعذيب الوحشي حتي الموت للمعتقلين السياسيين، كما عمّقوا التفرقة العنصرية والحروب الدينية ومزقوا وحدة البلاد و فرطوا في سيادتها الوطنية كما في احتلال حلايب والفشقة، وانفصال جنوب السودان ، اضافة لتعميق مشكلة دارفور والتي اصبحت مأساة حقيقية جعلت رئيس النظام مطلوبا أمام محكمة الجنايات الدولية. ٣ كل ذلك يوضح مدى تخبط هذه الحركة التي ذابت داخل السلطة، ونشأت من صلبها مجموعة رأسمالية طفيلية فاسدة حتى نخاع العظم، و تناسلت وتكاثرت داخل تلك البحيرة الراكدة التنظيمات السلفية الارهابية ' داعش،..الخ' التي تكفر الجميع. ولم تقدم الحركة نموذجا للتنمية والديمقراطية يحتذي بها رغم وجودها في السلطة لحوالي ٣٠ عاما ، وحتي الصيغ الاسلاموية التي قدمتها كانت فاشلة مثل نظم: البنوك الاسلامية ( زيادة الربا) ، ونظام السلم، والزكاة، ولم تسهم تلك النظم في التنمية وخلق نظام اجتماعي عادل. كما لم تنتج هذه الحركة حتى بعد الوصول للسلطة وتسخير كل إمكانياتها لها فنا أو ادبا يذكر ، اضافة لخلوها من الطاقات المبدعة والخلاقة وعيشها في فراغ ثقافي، كما لم تنتج دراسات عميقة في الواقع السوداني كما أشرنا سابقا. اضافة الى ان اخطر ما في دعوة الحركة الاسلامية هو: اعتبار كل تاريخنا الثقافي منذ ممالك السودان القديمة والنوبة المسيحية جاهلية، وإلغاء وتحطيم آثار تلك الفترة بوسائل وطرق غير مباشرة وماكرة، كما فعلت ' داعش' في سوريا والعراق. ٤ – ارتبطت الحركة منذ نشأتها بالارهاب والانظمة الديكتاتورية مثل: محاولة اغتيال الحاكم العام روبرت هاو ، وتأييد انقلاب 17 نوفمبر 1958م( نظام عبود) والدخول في (حالة كمون) كما أشار د. الترابي خوفا من القمع كما حدث لحركة الاخوان المسلمين في مصر، حتي تحركوا في السنوات الأخيرة وركبوا موجة المعارضة التي تصاعدت ضد النظام. وبعد ثورة أكتوبر 1964م خططوا لمؤامرة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان في خرق واضح للدستور وانتهاك لاستقلال القضاء برفض قرار المحكمة العليا لقرار الحل وباعتباره غير دستور ، مما خلق أزمة في البلاد، كان من نتائجها انقلاب 25/5/1969م. كما أدخلوا العنف في الحياة السياسية وخاصة وسط الطلاب والهجوم المسلح علي دور الحزب الشيوعي بعد قرار حله، والهجوم على معرض الفنون الشعبية الذي اقامته جمعية الثقافة الوطنية والفكر التقدمي بجامعة الخرطوم عام 1968م، والهجوم على معرض الكتاب المسيحي بجامعة الخرطوم وحرقه، وتكوين التشكيلات العسكرية التي استخدموها في العنف في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حتى نفذوا انقلاب 30 يونيو 1989م، واقاموا دولة ارهابية فاشية ودموية حولت حرب الجنوب الي دينية، ونتجت منها فظائع عمقت جراح الوطن وكرست الدعوات الانفصالية. كما ايدوا محكمة الردة للاستاذ محمود محمد طه عام 1968م، وباركوا إعدامه عام 1985م بعد قوانين سبتمبر1983م. كما تحالفوا في جامعة الخرطوم عام 1972م مع نظام النميري والغوا دستور التمثيل النسبي وادخلوا نظام الحر المباشر والذي عن طريقه صادروا الديمقراطية وربطوا الاتحاد بالتنظيم، وعطلوا الجمعية العمومية وتقديم خطاب الدورة لها عقب نهاية كل دورة للاتحاد، كانت تلك التجربة(تجربة ربط الاتحاد بالتنظيم) خطوة لربط الدولة بالتنظيم بعد انقلاب 30 يونيو 1989م. – التحالف مع امريكا في الحرب الباردة ضد الشيوعية والمعسكر الاشتراكي ، الخ. – عارضوا اشتراك المرأة في السياسة حتي فرضت عليهم الأحداث ذلك بعد ثورة اكتوبر 1964م، ثم بعد ذلك ركبوا الموجة وجاءت اجتهادات د. الترابي لتبرير اشتراكها في انتخابات الطلاب والانتخابات العامة. – رغم التحولات في بنية الحركة الاسلامية والاصلاحات التي أحدثها د. الترابي فيها بعد انقلاب 25 مايو وطرحه للتجديد في الشكل لا المحتوي الذي ظل بائسا و مكرسا للاحادية والتسلط حتى داخل التنظيم مثل الدخول في السوق وإدخال التقنية الحديثة ( كمبيوتر وادوات اتصال ووسائل اعلامية وادارية حديثة..)، الا أنه بعد انقلاب 30 يونيو 1989م تم خلق فئة رأسمالية اسلاموية طفيلية نهبت قطاع الدولة، وأغلب هذه الفئة جاءت من أصول اجتماعية متواضعة بعد أن استفادت من مجانية التعليم والغتها بعد الوصول للسلطة!!!. ٥ – تكرار تجارب الفاشية والنازية باسم الإسلام ، ويتضح ذلك في بداية انقلاب الإسلامويين عندما استخدموا ابشع اساليب الاعتقالات والاغتيالات والتعذيب الوحشي وتشريد الالاف من اعمالهم ومحاولة محو التاريخ السوداني من الذاكرة السودانية وفرض مناهج للتعليم تكرس لايديولوجية التنظيم الاحادية وضيقة الافق، وتضخيم الاجهزة الأمنية وزيادة ميزانيتها لتصل إلى اكثر من 75% من الميزانية العامة وتقليل ميزانيتي التعليم والصحة، والصرف الضخم علي جهاز الدولة والاعلام المتضخم وارتباط الحزب بالدولة ، والسيطرة علي النقابات وربطها بالدولة عن طريق ما يسمى بنقابة المنشأة وتزوير انتخابات نقابات العاملين والمهنيين واتحادات الطلاب والانتخابات العامة وصرف من لايخشى الفقر على تلك المهزلة المسماة زورا انتخابات، اضافة لتوسيع قاعدة القمع بذرائع ايديولوجية والمضايقات الشخصية للمواطنين وأصحاب الديانات المسيحية وكريم المعتقدات عن طريق ما يسمى بقوانين النظام العام، اضافة الي الغاء ونفي الآخر، وتحويل حرب الجنوب في بداية انقلاب الانقاذ الي حرب دينية حتى. تم انفصاله. ٦ كانت حصيلة نظام الإسلامويين : أنه الأكثر فسادا وارهابا وقمعا في تاريخ السودان، بحيث استطاعت الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية انجاز تراكمها الرأسمالي بواسطة القمع سياسيا والنهب إقتصاديا، و تم تشريد وتعذيب واعتقال واغتيال الآلاف من المعارضين السياسيين وأبناء المناطق المهمشة، ومصادرة الحريات السياسية والنقابية، وتم توسيع نطاق الحرب ليشمل دارفور وجبال النوبا والنيل الأزرق وشرق السودان، وكانت النتيجة تمزيق أوصال البلاد واثارة النعرات العنصرية والقبلية، وانفصال الجنوب. ٧ •كان من أهم سمات حكم الطفيلية الاسلاموية نقض العهود والمواثيق المراوغة ، ورفع شعار الحوار لاطالة عمر النظام ،والتفريط في السيادة الوطنية، وبيع أراضي البلاد باثمان بخسة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، وتبديد الفائض الاقتصادي اللازم للتنمية من خلال تهريبه للخارج، والاستثمار في النشاط العقاري في الخارج، علي سبيل المثال :قدرت صحيفة امريكية أن رأس المال الاسلاموي السوداني الدائر في ماليزيا وحدها يقدر ب 22 مليار دولار، اضافة الي تبديد الفائض الاقتصادي في الصرف البذخي علي جهاز الدولة الطفيلي المتضخم والاحتفالات والمؤتمرات والافراح والاتراح والتي تقدر بملايين الدولارات. إضافة للفشل في انجاز التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،وفشل المشروع الحضاري بسبب انتشار الفساد في البر وفي البحر بسبب السياسات الخرقاء لحكام الطفيلية الاسلاموية، بل اصبحت ديون السودان الخارجية أكثر من ٦٠ مليار دولار . حتي وصل النظام مرحلة التفسخ والتعفن والتحلل الشامل، واصبح ممزقا بتناقضاته الداخلية ومحاصرا من المجتمع الدولي بسبب جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، حتى انفجر شعبنا ضده في ثورة ديسمبر التي كانت نتاجا لتراكم نضالي طويل ضد جرائم الإسلامويين، وما زالت مستمرة رغم تصعيد الحرب بهدف تصفيتها، مع المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب بهدف نهب ثروات البلاد.. وبعد ثورة ديسمبر شاركوا في قمع الثورة ومجزرة فض الاعتصام، وفي انقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد التمكين وادي للحرب الجارية حاليا. وكان من الطبيعي أن يفرز هذا النظام من صلبه تنظيمات إرهابية سلفية ظلامية مثل 'داعش' والبراء بن مالك. الخ. ٨ وبالتالي أصبح لابديل غير تشديد النضال الجماهيري من أجل: وقف الحرب واستعادة مسار الثورة، وعدم الإفلات من العقاب بمحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم الحرب وضد الانسانية، وقيام الحكم المدني الديمقراطي، وحل كل المليشيات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وتفكيك التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة، واثار البلاد المنهوبة، والتنمية المتوازنة، وحماية السيادة الوطنية وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية للتوافق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يفضي لانتخابات حرة نزيهه في نهاية الفترة الانتقالية، وغير ذلك من أهداف الثورة.


التغيير
٢٧-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- التغيير
كيف اتضح خطر المليشيات بعد الحرب وشبح التقسيم؟
تاج السر عثمان بابو بعد الحرب اللعينة واطالة أمدها ومانتج عنها من خطر التقسيم الذي أصبح ماثلا بعد التوقيع الأخير في نيروبي على الميثاق التأسيسي لتكوين حكومة موازية، اتضح جليا خطر المليشيات التي وافق نظام الإنقاذ على قيامها، وكنا قد نبهنا منذ وقت مبكر لخطر المليشيات على الفترة الانتقالية' كما في الدراسة التي نشرتها بتاريخ : 5 نوفمبر 2019م بعد التوقيع علي الوثيقة الدستورية 2019م التي قننت الدعم السريع دستوريا.. وكرست هيمنة اللجنة الأمنية علي السلطة وبقية مليشيات الكيزان والتمكين في القوات النظامية والخدمة المدنية الخ ولم نكن نرجم بالغيب عندما أشارت . الدراسة الي خطر الميليشيات على الفترة الانتقالية والتحول المدني الديمقراطي، كما وضح جليا من انقلاب 11 أبريل 2019م وماتبعه من انقلابات مجزرة فض الاعتصام وانقلاب 25 أكتوبر 2021م التي شارك فيها مليشيات الدعم السريع والكيزان وقوات حركات جوبا وامتدادها في الحرب اللعينة التي نشبت منذ 15 أبريل ٢٠٢٣ وما ألحقته من دمار كبير حتى أصبحت تهدد بتقسيم البلاد. نعيد نشر الدراسة بعنوان ' المليشيات الخطر المباشر على الفترة الانتقالية'. ١ أشارت قوى المعارضة والقوات المسلحة المهنية منذ وقت مبكر إلي خطورة تكوين المليشيات خارج القوات النظامية، ولا سيما المرتبطة بدوائر أجنبية علي وحدة البلاد واستقرارها وأمنها وسيادتها الوطنية، وكانت معارضة هيئة الأركان الجيش السوداني في مذكرتها في فترة الديمقراطية الثالثة لحكومة الصادق المهدي التي أشارت فيها لخطورة تكوين قوات المراحيل أو المليشيات من قبائل المسيرية والزريقات لمواجهة تمرد الحركة الشعبية. كما جاء في الميثاق السياسي لقوى' نداء السودان' لإعادة هيكلة وبناء الدولة السودانية ' حل وتسريح الدفاع الشعبي ومليشيات الدعم السريع وجميع المليشيات التي أنشأها النظام ونزع أسلحتها – وضع ترتيبات أمنية لقوات الجبهة الثورة لمرحلة ما بعد اسقاط النظام، وقومية القوات النظامية كحامية للوطن وسيادته – انتهاج سياسة خارجية متوازنة ومستقلة – إلغاء قانون الأمن لسنة 2010 – والإلغاء الفوري لكل القوانين المقيدة للحريات.' جاء في وثيقة إعلان الحرية والتغيير ' إعادة هيكلة الخدمة المدنية والعسكرية (النظامية) بصورة تعكس قوميتها، وعدالة توزيع الفرص دون المساس بشروط الأهلية والكفاءة – وتحسين علاقات السودان الخارجية وبناؤها علي أساس الاستقلالية والمصالح المشتركة والبعد عن المحاور – وعمل ترتيبات أمنية نهائية مكملة لاتفاق سلام عادل وشامل'. جاء في برنامج الحزب الشيوعي السوداني المجاز في المؤتمر السادس' حل المليشيات كافة ، وحصر السلاح في يد القوات المسلحة والشرطة – إعادة تنظيم القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى علي أسس مهنية وقومية ، واخضاعها للسلطة التشريعية' ( الدستور والبرنامج المجازان في المؤتمر السادس، ص 27) جاء في التقرير السياسي المجاز في المؤتمر السادس للحزب الشيوعي السوداني ' بناء علاقات السودان الخارجية والصداقة والسلام بين الشعوب والمنفعة المتبادلة بين الدول، والنأى عن المحاور والأحلاف العسكرية وعدم التدخل في شؤون الأخرين'. ٢ اتسعت ظاهرة تكوين المليشيات بعد انقلاب الاسلامويين في يونيو 1989، وكان الانقلاب نفسه قامت به مليشياتهم مع الضباط والجنود الموالين لهم، من أكبر الأخطاء التي قاموا بها تدمير القوات النظامية بفصل وتشريد خيرة الكفاءات العسكرية ، وإدخال عضويتهم غير المؤهلة في الجيش، وتكوين مليشيات الدفاع الشعبي ، وكتائب الظل، ووحدة العمليات في جهاز الأمن، والوحدات الجهادية الطلابية ، وجلب صنوف مختلفة من التنظيمات الارهابية للسودان في منتصف تسعينيات القرن الماضي مثل: بن لادن ، وكارلوس ، والارهابيين من فلسطين واليمن وليبيا وتونس، وبوكو حرام ، ومن الدول الأفريقية ،الخ ولعبت جامعة افريقيا دورا كبيرا في ذلك ، وتحول السودان الي قاعدة لانطلاق الارهاب الدولي حتي تم وضعه في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وساءت سمعة السودان في الخارج. وبعد الانقلاب الإسلاموي، تم نسف اتفاقية السلام ' الميرغني – قرنق' ، واتسع نطاق الحرب في الجنوب وجنوب كردفان والنيل الأزرق والشرق، وفي دارفور منذ العام 2003، وفشلت مليشيات الاسلامويين، في حسم الحرب لصالحها التي أشعلتها بعد تدمير الجيش السوداني، مما اضطرها لاستخدام مليشيات 'الجنجويد' التي اتهمتها الامم المتحدة مع البشير بارتكاب جرائم حرب، وضد الانسانية من قتل جماعي وحرق القرى والاغتصاب وارتكاب ابشع المجازر التي بلغ ضحاياها 300 ألف قتيل وتشريد أو نزوح 3 مليون نازح. إضافة للمجازر التي قامت بها في جبال النوبا. الخ.، كما شاركت قوات الدعم السريع في مجزرة هبة سبتمبر 2013 التي قامت احتجاجا علي زيادة الأسعار، وبلغ عدد الشهداء فيها 200 مواطن. ٣ كان من نتائج تدمير القوات المسلحة وفشل مليشيات الإسلامويين أن تم فصل الجنوب، واعتماد البشير علي مليشيات الجنجويد، وصعد نجم حميدتي ' محمد حمدان دقلو'، الذي اصبح مقربا للبشير وخاصة بعد أن قبض علي ابن عمه موسي هلال مكبلا بناءا على طلب البشير ، وكان موسى هلال قد عارض جمع السلاح ( مجلة العربي الجديد ، 23 /8/ 2019). رغم رفض الجيش للدعم السريع ، الا أن حميدتي وجد دعما من البشير الذي تدخل لصالحه ضد وزير الداخلية عصمت محمود الذي طالب بإجلاء الميليشيات من منطقة جبل عامر الغنية بالذهب ، مما أدي لاستقالة وزير الداخلية، وحتى عندما رفض الجيش الدعم السريع قام البشير بإلحاقهم بجهاز الأمن، وتم تعديل الدستور الانتقالي لتصبح قوات نظامية إلي جانب الجيش والشرطة، بل خصص لها البشير ميزانية مباشرة خارج رقابة الدولة لتمويل حرب دارفور، إضافة لتسهيلات وامتيازات في القطاعات التجارية، كما تساهل البشير في صراع حميدتي مع احمد هارون، وقام بحمعهما للصلح بينهما، وتمّ اعتقال الصادق المهدي بعد مهاجمته لمليشيات الدعم السريع واتهمها بارتكاب جرائم حرب. اذا أخذنا في الاعتبار دعم البشير للمليشيات واستفادتها من نظامه الفاشل وضعفه العسكري، نجد أن مليشيات الدعم السريع أصبحت قوة اقتصادية وسياسية. ٤ ما هي مصادر تراكم ثروة حميدتي؟. – نشاطه التجاري السابق في المواشي بين تشاد ومالي، وتقديم خدمات حماية قوافل المواشي بعد أن كون عصابة مسلحة، وسيطر علي خطوط التجارة مع كل من تشاد وليبيا ' مجلة العربي الجديد، مصدر سابق'. وساعده عمله التجاري والتسهيلات الحكومية، والصعود السريع بعلم الدولة، في تكوين مليشيات، وصراعه في مناطق دارفور علي موارد الماء والكلأ والأرض، واستفادت الحكومة من ميليشياته لقمع الحركات والاحتجاجات في دارفور(مجلة العربي الجديد، مرجع سابق). – الميزانية من الحكومة التي كانت لا تمر بالمراجع العام ويجيزها البشير ، علي سبيل المثال في محاكمة البشير الأخيرة اعترف بأنه سلم شقيق حميدتي ( عبد الرحمن دقلو القيادي البارز في الدعم السريع) مبالغ من الأموال التي حصل عليها من الإمارات والسعودية البالغة 91 مليون دولار. – العائدات من الذهب حيث تمكن حميدتي من السيطرة علي الذهب في منطقة جبل عامر ومناطق أخرى، وعمل شركات الجنيد للأنشطة المتعددة التي تستخدم مادة ' السيانيد' الضارة رغم منع الحكومة لها ، وتهريب الذهب الي تشاد ودبي، وقدر تقرير قناة ( تي . أر .تي) أن شركة الجنيد تجنى سنويا من جبل عامر 54 مليون دولار، وأن قيمة الذهب المهرب من 2010 إلي 2014 بلغة 4 مليار و500 مليون دولار ( تقرير سري صادر عن لجنة تابعة لمجلس الأمن الدولي حسب مجلة فورن بوليسي)، وهي معلومات لم تنفيها قيادة المليشيات.( راجع أيضا صحيفة الجريدة بتاريخ 28 /10/ 2019، مقال هنادى الصديق)، بعد انفصال الجنوب أصبح الذهب يمثل 40 % من صادرات السودان، وقام حميدتي بتأسيس مجموعة شركات (الجنيد ) التي توجد لها مكاتب في واشنطن ودبي ويديرها أخوه عبد الرحيم، وتقوم بتعدين الذهب وشحنه مباشرة إلي دبي'. – الدعم الاماراتي السعودي وخاصة بعد مشاركة قوات حميدتي في حرب اليمن، والذي يبلغ مئات الملايين من الدولارات من الرياض وابو ظبي ( مجلة العربي الجديد، مصدر سابق). حيث تقوم المليشيات بحماية ميناء الحديدة والحدود السعودية مع اليمن. وحسب تصريحات حميدتي فان لديه حاليا نحو 30 ألف مقاتل في اليمن. – الحصول علي مئات الملايين من الدولارات من أوربا مقابل حراسة الحدود ومنع الهجرة إلي اوروبا ( العربي الجديد، مصدر سابق). كل ذلك زاد من نفوذ حميدتي العسكري والمالي، مما أغراه للمشاركة في انقلاب اللجنة الأمنية، وأصبح له الدور القيادي العسكري والمالي كما يتضح من الاتي:- قال حميدتي في مؤتمر صحفي نقله التلفزيون السوداني وعدد من القنوات المحلية يوم 27 /7 / 2019 ' أمنا حاجات الناس، ودفعنا الديون، وكدعم سريع دافعين مليار و27 مليون دولار للحكومة'، وهذا يقترب من ربع ميزانية السودان الرسمية لعام 2019 ، والبالغة 4,1 مليار دولار!!، أي أصبح الدعم السريع يدعم الحكومة !!!. – تسديد رواتب الشرطة لمدة 3 شهور.. – تهديد حميدتي بفصل المضربين أثناء الاضراب العام في 28 ، 29 /5 / 2019. – حملت المنظمات العدلية والمحكمة الجنائية المجلس العسكري وقوات الدعم السريع مسؤولية مجزرة الاعتصام، وطالبت بفتح تحقيق حول الحادثة، كما طالبت بتسليم البشير والمطلوبين للجنائية. – توقيف ضباط الجيش المعارضين. – تصريح حميدتي بأنه يملك 50 ألف مقاتل، ويجنى ملايين الدولارات من حرب اليمن وجبل عامر. – سعيه المتواصل لتجنيد أفراد من قبائل جديدة، وكسب الادارة الأهلية في الحملة لدعمه. – محاولته للتقرب من المواطنين بالدعم بالسلع الغذائية، وقوافل العلاج التي استقطب لها أعضاء من المجلس السيادي، وتوفير احتياجات المدارس وحل مشكلة المواصلات باسم الدعم السريع، وتقديم جوائز لأحسن لاعب في الدوري الممتاز، وكلها مهام تدخل في اختصاصات الوزارات، وكما أشار البعض أن قوات الدعم السريع تحاول خلق دولة داخل الدولة. ٥ – أصبحت قوات الدعم السريع تتمدد بعد تقنين الوثيقة الدستورية لها كما جاء في الفصل الحادى عشر (1) ' القوات المسلحة وقوات الدعم السريع مؤسسة عسكرية وطنية حامية لوحدة الوطن وسيادته تتبع للقائد العام للقوات المسلحة، وخاضعة للسلطة السيادية'. هكذا نجد أنفسنا أمام ظاهرة جديدة في السياسة السودانية، حيث تزايد نفوذ مليشيات ق.د.س الذي أصبح لقيادتها مصالح طبقية، وارتباط بدوائر اقليمية وعالمية ونفوذ عسكري بعد إضعاف نظام البشير للجيش. يستحيل الحديث عن نجاح الفترة الانتقالية والوصول لأهداف الثورة في ظل وجود المليشيات، وقوات الدعم السريع التي ما عاد هناك مبرر لوجودها في ظل الاتجاه للسلام ووقف الحرب، وما ينتج عنها من ترتيبات امنية تتطلب حلها، وجمع سلاحها في يد القوات المسلحة، وتكوين جيش البلاد القومي. بالتالي من المهم أن تواصل الحركة الجماهيرية نضالها من أجل قومية القوات النظامية وحل المليشيات التي تشكل خطرا علي الفترة الانتقالية، وعلي وحدة البلاد، كما حدث في انفصال الجنوب، وفي بلدان أخرى بعد تفكيك جيوشها الوطنية ( العراق، ليبيا، اليمن) ، وخطورة مليشيات حزب الله في لبنان، الخ، وهذا يتطلب الاتي: – خروج البلاد من حلف اليمن، وعودة الجنود السودانيين منها، ووقف التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والسعي لحل مشكلة اليمن سلميا في إطار الأمم المتحدة. – عودة العسكريين المفصولين للخدمة. – تضع الدولة يدها علي ثروة الذهب ووقف التعدين المدمر لبيئة باستخدام مادة السيانيد، ووضع بنك السودان يده علي عائدات الذهب، ومصادرة الحكومة لكل الشركات الفاسدة التي تهرب الذهب للخارج باعتباره ثروة قومية، وحق مناطق الانتاج في نصيبها من العائدات في التنمية والتعليم والصحة والخدمات. – تخفيض ميزانية الأمن والدفاع التي تتجاوز 70 % ، ورفع ميزانية التعليم والصحة والتنمية وبقية الخدمات.