
محاولات فاشلة للإسلامويون للعودة وطمس الهوية والتاريخ – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان
تاج السر عثمان بابو
١
يواصل الإسلامويون مع صنيعتهم الدعم السريع تصعيد نيران الحرب الفتنة القبلية والعنصرية التي تقود للمزيد من تمزيق وحدة البلاد، في محاولات فاشله للعودة للحكم وطمس الهوية الوطنية والتاريخ، كما في تصريحات عبد الرحيم دقلو باحتياج الشمالية، والتصريحات المضادة للإسلاميين بمحو دارفور.
فما يحدث الآن من ممارسات الحركة الإسلاموية في تصعيد نيران الحرب، ولاسيما بعد انقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد لهم التمكين، وإطلاق سراح المعتقلين من المجرمين والمطلوبين للجنائية الدولية، وحتى أخيرا بعد انسحاب الدعم من العاصمة بإطلاق سراح بكري حسن صالح ويوسف عبد الفتاح. الخ، والجرائم التي ترتكبها عصابات البراء بن مالك كما في القتل خارج القانون، وقطع الرؤوس وبقر البطون، وغير ذلك من الجرائم البشعة ضد الانسانية، وتعديلات البرهان للدستور لفرض حكم عسكري اسلاموية مطلق، ومحاولة تكوين الحكومة الموازية من الدعم السريع وحلفائه، والحملات الهستيرية العنصرية من طرفي الحرب، وطرح البديل مكتبة الترابي لما تم فقده من المتحف الوطني للتراث بدلا عن أصنام ترهاقا وبعانخي. الخ، في محاولة بائسة لمحو التاريخ السوداني، وخطر فصل دارفور كما تم فصل الجنوب.
وغير ذلك من ممارسات 'داعش' التي كما أوضحنا سابقا، التي هي امتداد لنشاط الحركة الإسلاموية في السودان التي قامت على الإرهاب والعنف ، كترياق للحداثة والتطور الإجتماعي الذي شهده السودان بعد الحرب العالمية الثانية، وكرد فعل لنمو ونشاط الحركة الشيوعية السودانية في منتصف أربعينيات القرن الماضي، ولم تكتف بذلك، بل تبنت أشكال عملها وتحالفاتها التكتيكية والاستراتيجية في العمل التنظيمي والجماهيري على سبيل المثال : اتخذت وسط الطلاب اسم (الاتجاه الإسلامي) مقابل (الجبهة الديمقراطية) ووسط الشباب ( الاتحاد الوطني للشباب ) مقابل ( اتحاد الشباب السوداني)، ووسط النساء الاتحاد الوطني للنساء ) مقابل ( الاتحاد النسائي السوداني)، وكذلك الحال وسط المهنيين والأشكال الجبهوية على النطاق الوطني التي دخل فيها الحزب الشيوعي السوداني.
وبالتالي يتضح الطبيعة والنشأة الطفيلية لهذا التنظيم العاجز عن اتخاذ الأشكال التنظيمية التي تنبع من فكره وجهده في دراسة الواقع.
– رفعت الحركة الاسلاموية الشعارات المبهمة التي لاتغني ولاتسمن من جوع مثل: (الاسلام هو الحل) ، اذ ما معنى أن الإسلام هو الحل؟ ، وحل لماذا؟، والشعارات المضللة حول (العلمانية) باعتبارها كفر ورذيلة ودعوة للتحلل الخلقي والإلحاد ومؤامرة صهيونية ضد الإسلام. الخ، في حين أن (العلمانية) هي دعوة لأن تكون السياسة ممارسة بشرية تقبل الخطأ والصواب ، بدون قداسة وحكم زائف باسم السماء، وأن العلمانية لاتعني استبعاد الدين من حياة المواطنين، فما علاقة ذلك بالالحاد والتحلل الخلقي والمؤامرة الصهيونية…الخ؟؟؟!!!!
الفرية الثانية في شعارات الحركة الإسلاموية هي الدعاية المضللة ضد (الشيوعية) وتصويرها بأنها كفر والحاد ودعوة للرذيلة وغير ذلك من الاوصاف التي لايقبلها العقل والفكر السياسي الحديث، في حين أن (الشيوعية) دعوة لاقامة مجتمع خالي من كل أشكال الاستغلال الطبقي والعنصري والديني والاثني والجنسي ، وتحقيق الفرد الحر باعتباره الشرط لتطور المجموع الحر، فما علاقة ذلك بالكفر والرذيلة والتحلل الأخلاقي ..الخ؟!!!.
٢
– لم تبذل الحركة الاسلاموية جهدا معتبرا في دراسة واقع السودان وتركيبته الاجتماعية والاقتصادية وتطوره التاريخي، ولم تقدم رؤي منتجة وفعّالة لحل مشكلة الأقليات في السودان، وقضايا الإصلاح الزراعي والصناعي والتعليم والصحة..الخ، وعندما وصلت تلك الحركة للسلطة لم تفعل شيئا سوي أنها تبنت سياسة الاقتصاد الحر في ابشع صوره، وخصخصة القطاع العام، و(روشتة) صندوق النقد الدولي بسحب الدعم عن التعليم والصحة والخدمات والسلع الأساسية، وهي سياسات أفقرت الشعب السوداني بحيث أصبح 95% منه يعيش تحت خط الفقر فأي إسلام هذا؟! كما دمرت هذه السياسات القطاع العام عن طريق الخصخصة، وتم تدمير وبيع مرافق السكة الحديد ومشروع الجزيرة والنقل النهري..الخ ، ولم يتم تخصيص جزء من عائدات النفط لدعم الزراعة والصناعة والتعليم والصحة والخدمات، بل نهب الإسلامويون عائداته وهربوها للخارج والتي تقدر بأكثر من ١٠٠ مليار دولار، كما تم تدمير الخدمة المدنية من خلال تشريد الآلاف من الكوادر المؤهلة والمدربة لأهداف سياسية، كما تم ادخال نظام التعذيب الوحشي حتي الموت للمعتقلين السياسيين، كما عمّقوا التفرقة العنصرية والحروب الدينية ومزقوا وحدة البلاد و فرطوا في سيادتها الوطنية كما في احتلال حلايب والفشقة، وانفصال جنوب السودان ، اضافة لتعميق مشكلة دارفور والتي اصبحت مأساة حقيقية جعلت رئيس النظام مطلوبا أمام محكمة الجنايات الدولية.
٣
كل ذلك يوضح مدى تخبط هذه الحركة التي ذابت داخل السلطة، ونشأت من صلبها مجموعة رأسمالية طفيلية فاسدة حتى نخاع العظم، و تناسلت وتكاثرت داخل تلك البحيرة الراكدة التنظيمات السلفية الارهابية ' داعش،..الخ' التي تكفر الجميع.
ولم تقدم الحركة نموذجا للتنمية والديمقراطية يحتذي بها رغم وجودها في السلطة لحوالي ٣٠ عاما ، وحتي الصيغ الاسلاموية التي قدمتها كانت فاشلة مثل نظم: البنوك الاسلامية ( زيادة الربا) ، ونظام السلم، والزكاة، ولم تسهم تلك النظم في التنمية وخلق نظام اجتماعي عادل.
كما لم تنتج هذه الحركة حتى بعد الوصول للسلطة وتسخير كل إمكانياتها لها فنا أو ادبا يذكر ، اضافة لخلوها من الطاقات المبدعة والخلاقة وعيشها في فراغ ثقافي، كما لم تنتج دراسات عميقة في الواقع السوداني كما أشرنا سابقا. اضافة الى ان اخطر ما في دعوة الحركة الاسلامية هو: اعتبار كل تاريخنا الثقافي منذ ممالك السودان القديمة والنوبة المسيحية جاهلية، وإلغاء وتحطيم آثار تلك الفترة بوسائل وطرق غير مباشرة وماكرة، كما فعلت ' داعش' في سوريا والعراق.
٤
– ارتبطت الحركة منذ نشأتها بالارهاب والانظمة الديكتاتورية مثل: محاولة اغتيال الحاكم العام روبرت هاو ، وتأييد انقلاب 17 نوفمبر 1958م( نظام عبود) والدخول في (حالة كمون) كما أشار د. الترابي خوفا من القمع كما حدث لحركة الاخوان المسلمين في مصر، حتي تحركوا في السنوات الأخيرة وركبوا موجة المعارضة التي تصاعدت ضد النظام.
وبعد ثورة أكتوبر 1964م خططوا لمؤامرة حل الحزب الشيوعي وطرد نوابه من البرلمان في خرق واضح للدستور وانتهاك لاستقلال القضاء برفض قرار المحكمة العليا لقرار الحل وباعتباره غير دستور ، مما خلق أزمة في البلاد، كان من نتائجها انقلاب 25/5/1969م.
كما أدخلوا العنف في الحياة السياسية وخاصة وسط الطلاب والهجوم المسلح علي دور الحزب الشيوعي بعد قرار حله، والهجوم على معرض الفنون الشعبية الذي اقامته جمعية الثقافة الوطنية والفكر التقدمي بجامعة الخرطوم عام 1968م، والهجوم على معرض الكتاب المسيحي بجامعة الخرطوم وحرقه، وتكوين التشكيلات العسكرية التي استخدموها في العنف في سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حتى نفذوا انقلاب 30 يونيو 1989م، واقاموا دولة ارهابية فاشية ودموية حولت حرب الجنوب الي دينية، ونتجت منها فظائع عمقت جراح الوطن وكرست الدعوات الانفصالية.
كما ايدوا محكمة الردة للاستاذ محمود محمد طه عام 1968م، وباركوا إعدامه عام 1985م بعد قوانين سبتمبر1983م.
كما تحالفوا في جامعة الخرطوم عام 1972م مع نظام النميري والغوا دستور التمثيل النسبي وادخلوا نظام الحر المباشر والذي عن طريقه صادروا الديمقراطية وربطوا الاتحاد بالتنظيم، وعطلوا الجمعية العمومية وتقديم خطاب الدورة لها عقب نهاية كل دورة للاتحاد، كانت تلك التجربة(تجربة ربط الاتحاد بالتنظيم) خطوة لربط الدولة بالتنظيم بعد انقلاب 30 يونيو 1989م.
– التحالف مع امريكا في الحرب الباردة ضد الشيوعية والمعسكر الاشتراكي ، الخ.
– عارضوا اشتراك المرأة في السياسة حتي فرضت عليهم الأحداث ذلك بعد ثورة اكتوبر 1964م، ثم بعد ذلك ركبوا الموجة وجاءت اجتهادات د. الترابي لتبرير اشتراكها في انتخابات الطلاب والانتخابات العامة.
– رغم التحولات في بنية الحركة الاسلامية والاصلاحات التي أحدثها د. الترابي فيها بعد انقلاب 25 مايو وطرحه للتجديد في الشكل لا المحتوي الذي ظل بائسا و مكرسا للاحادية والتسلط حتى داخل التنظيم مثل الدخول في السوق وإدخال التقنية الحديثة ( كمبيوتر وادوات اتصال ووسائل اعلامية وادارية حديثة..)، الا أنه بعد انقلاب 30 يونيو 1989م تم خلق فئة رأسمالية اسلاموية طفيلية نهبت قطاع الدولة، وأغلب هذه الفئة جاءت من أصول اجتماعية متواضعة بعد أن استفادت من مجانية التعليم والغتها بعد الوصول للسلطة!!!.
٥
– تكرار تجارب الفاشية والنازية باسم الإسلام ، ويتضح ذلك في بداية انقلاب الإسلامويين عندما استخدموا ابشع اساليب الاعتقالات والاغتيالات والتعذيب الوحشي وتشريد الالاف من اعمالهم ومحاولة محو التاريخ السوداني من الذاكرة السودانية وفرض مناهج للتعليم تكرس لايديولوجية التنظيم الاحادية وضيقة الافق، وتضخيم الاجهزة الأمنية وزيادة ميزانيتها لتصل إلى اكثر من 75% من الميزانية العامة وتقليل ميزانيتي التعليم والصحة، والصرف الضخم علي جهاز الدولة والاعلام المتضخم وارتباط الحزب بالدولة ، والسيطرة علي النقابات وربطها بالدولة عن طريق ما يسمى بنقابة المنشأة وتزوير انتخابات نقابات العاملين والمهنيين واتحادات الطلاب والانتخابات العامة وصرف من لايخشى الفقر على تلك المهزلة المسماة زورا انتخابات، اضافة لتوسيع قاعدة القمع بذرائع ايديولوجية والمضايقات الشخصية للمواطنين وأصحاب الديانات المسيحية وكريم المعتقدات عن طريق ما يسمى بقوانين النظام العام، اضافة الي الغاء ونفي الآخر، وتحويل حرب الجنوب في بداية انقلاب الانقاذ الي حرب دينية حتى. تم انفصاله.
٦
كانت حصيلة نظام الإسلامويين : أنه الأكثر فسادا وارهابا وقمعا في تاريخ السودان، بحيث استطاعت الرأسمالية الطفيلية الاسلاموية انجاز تراكمها الرأسمالي بواسطة القمع سياسيا والنهب إقتصاديا، و تم تشريد وتعذيب واعتقال واغتيال الآلاف من المعارضين السياسيين وأبناء المناطق المهمشة، ومصادرة الحريات السياسية والنقابية، وتم توسيع نطاق الحرب ليشمل دارفور وجبال النوبا والنيل الأزرق وشرق السودان، وكانت النتيجة تمزيق أوصال البلاد واثارة النعرات العنصرية والقبلية، وانفصال الجنوب.
٧
•كان من أهم سمات حكم الطفيلية الاسلاموية نقض العهود والمواثيق المراوغة ، ورفع شعار الحوار لاطالة عمر النظام ،والتفريط في السيادة الوطنية، وبيع أراضي البلاد باثمان بخسة، والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، وتبديد الفائض الاقتصادي اللازم للتنمية من خلال تهريبه للخارج، والاستثمار في النشاط العقاري في الخارج، علي سبيل المثال :قدرت صحيفة امريكية أن رأس المال الاسلاموي السوداني الدائر في ماليزيا وحدها يقدر ب 22 مليار دولار، اضافة الي تبديد الفائض الاقتصادي في الصرف البذخي علي جهاز الدولة الطفيلي المتضخم والاحتفالات والمؤتمرات والافراح والاتراح والتي تقدر بملايين الدولارات. إضافة للفشل في انجاز التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،وفشل المشروع الحضاري بسبب انتشار الفساد في البر وفي البحر بسبب السياسات الخرقاء لحكام الطفيلية الاسلاموية، بل اصبحت ديون السودان الخارجية أكثر من ٦٠ مليار دولار . حتي وصل النظام مرحلة التفسخ والتعفن والتحلل الشامل، واصبح ممزقا بتناقضاته الداخلية ومحاصرا من المجتمع الدولي بسبب جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان، حتى انفجر شعبنا ضده في ثورة ديسمبر التي كانت نتاجا لتراكم نضالي طويل ضد جرائم الإسلامويين، وما زالت مستمرة رغم تصعيد الحرب بهدف تصفيتها، مع المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب بهدف نهب ثروات البلاد.. وبعد ثورة ديسمبر شاركوا في قمع الثورة ومجزرة فض الاعتصام، وفي انقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد التمكين وادي للحرب الجارية حاليا.
وكان من الطبيعي أن يفرز هذا النظام من صلبه تنظيمات إرهابية سلفية ظلامية مثل 'داعش' والبراء بن مالك. الخ.
٨
وبالتالي أصبح لابديل غير تشديد النضال الجماهيري من أجل: وقف الحرب واستعادة مسار الثورة، وعدم الإفلات من العقاب بمحاسبة كل الذين ارتكبوا جرائم الحرب وضد الانسانية، وقيام الحكم المدني الديمقراطي، وحل كل المليشيات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية، وتفكيك التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة، واثار البلاد المنهوبة، والتنمية المتوازنة، وحماية السيادة الوطنية وقيام علاقات خارجية متوازنة مع كل دول العالم، وقيام المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية للتوافق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يفضي لانتخابات حرة نزيهه في نهاية الفترة الانتقالية، وغير ذلك من أهداف الثورة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


التغيير
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- التغيير
السودان… خيارا الإفناء الذاتي والإقليمي
السودان … خيارا الإفناء الذاتي والإقليمي جمال محمد إبراهيم (1) تتزايد تعقيدات المشهد السوداني يوماً بعد يوم، فيما توغل الحربُ الكارثيّة في عامها الثالث، ويتواصل النزيف الذي سبّبته تلك الحرب، ويتواصل قتل الأبرياء من أبناء الشعب السوداني بلا أفقٍ يوقف تلك الحرب، وإنّ كلّ يومٍ يمرّ على تلك الكارثة التي تجري فصولها داخل السودان، لا يُخفي على المتابعين رصد امتداداتها خارج السودان، بما يُخرج تصنيف هذه الحرب الكارثية من كونها حرباً أهلية إلى صيرورتها حرباً إقليمية بامتياز، بسبب تدخّلات وتقاطع أجندات ومصالح لأطرافٍ تقع وراء حدود السودان الجغرافية المعلومة. إنّ التحوّلات التي طرأت على طبيعة الحروب في سنوات الألفية الثالثة، تجاوزت ما شاع في سنوات القرن العشرين، ممّا وقع من حروبٍ بالوكالة، أو حتى عبر تجنيد مرتزقة أو جواسيس. تلك أمور لم تعد لها صلاحية في السنوات الماثلة، سنوات الثورة الرقمية واتساع رقعة الشفافية المعلوماتية، وانكشاف بقاع العالم بعضها على بعض بحيثيّات افتراضية كاسحة. تلك تطوّرات أدخلت العالم مرحلةً تجاوزت عبرها المعطيات التقليدية التي ظلّتْ سائدةً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، بقصد كبح جماح الصراعات التي قد تنشب بين أطراف المجتمع الدولي، وفق التعريف الذي بدأ يتهاوى في سنوات الألفية الثالثة. (2) إنّ نظرةً واحدةً إلى مجمل الصراعات التي تحوّلتْ حروباً طاحنةً، مثل ما وقع بين روسيا وأوكرانيا، أو حرب إسرائيل على الشعب الفلسطيني، أو الحرب الدائرة في السودان بين أطرافه الداخلية بامتداداتها الخارجية، تُقنع أيَّ متابعٍ أن ما توافق عليه المجتمع الدولي من مبادئ لحفظ السلم والأمن الدوليَّين، بات هرطقةً لغويةً لا علاقة لها بالواقع الماثل. إنّ جميع هيئات ومنظّمات المجتمع الدولي، باتت محض ظواهر صوتية، تجعجع من دون طحين، وتولول لموت قتيل ولا تملك أن تعاقب قاتِلَه. لم يلتفت رئيس إسرائيلي إلى أيّ طرف (دولي أو غير دولي) ليدير ما يشبه حرب إبادةٍ جماعيةٍ لشعبٍ فلسطينيٍّ أعزل، يُذبح وتدمّر مدنه وقراه ويُجبر على الخروج إلى الدياسبورا (الشتات). كأنّ زعماء الدولة الصهيونية ينتقمون من عرب فلسطين ويذيقونهم ما ناله اليهود عبر تاريخهم في الشتات الطويل، إنهم يصنعون دياسبورا عربية، مستغلّين عجز المجتمع الدولي عن ردعهم، ومتّكئين على سيطرتهم (بطريق غير مباشرة) على أطراف دولية نافذة ارتهنت إراداتُها لهم. (3) ثمّ نرى تصاعد الاشتباكات بين روسيا وأوكرانيا، حرباً يقف العالم أمامها على أطراف أصابعه، إن تواصلت تعقيدات تلك الحرب لتكون حرباً نووية تأخذ العالم إلى إفناءٍ متبادل. تراجعت تلك الحرب بفراسخ بعيدةً من المجتمع الدولي، لتعزِّز عجز منظّماته عن التذكير بقيم ومبادئ حفظ السلم والأمن الدوليَّين. هكذا بقيتْ الأمم المتحدة (غير مأسوفٍ عليها) ظاهرةً لسانيةً مبحوحةَ الصوت. أمّا الحرب الدائرة في السودان فظلّت (مع تنافس أطرافها، وبعضهم قبِلَ أن يكون وكيلاً لأطرافٍ خارجيةٍ في تدمير ثاني أكبر دولة مساحةً ومواردَ وسكّاناً) شأناً منسياً، وتعجز حتى المنظّمة الأممية عن لجم الاشتباكات فيها، وهي دولة من دول العالم الثالث الهشّة. إن التصعيد الماثل في حرب السودان، وفي مشهد من مشاهد الحروب التي تُدار اشتباكاتها بأسلحة الجيل الجديد الافتراضية، من طائرات بطيّارٍ أو من دون طيار، أو بمسيّرات انتحارية أو ذكية تدمِّر وتهرب، يتجاوز تصنيفها محض حربٍ أهلية داخلية، لتكون حرباً إقليمية افتراضية، تتقاطع في فضائها مصالحُ بلدانٍ في الإقليم، وربّما خارج الإقليم. إن الاشتباكات والضربات الموجعة في الحرب السودانية، من أطراف يصعب رصدها، قد تفتح باباً لشكوك حول استهداف من بعد يأتي من جهات وراء حدود السودان. (4) لعلّ الأخطر في مشهد السودان الماثل إصرار الأطراف المتقاتلة على المضي في الاشتباكات بدعمٍ من أطرافٍ خارجيةٍ خفيّة، بما قد يفضي إلى تصعيد تظهر معه هذه الأطراف الخارجية بصورة جليّة. إن إقدام السلطات العسكرية في السودان، خاصّة بعد تعمّد استهدافها في مقرها في العاصمة المؤقّتة، لإعلان موافقتها على استضافة قاعدة عسكرية روسية في السواحل السودانية للبحر الأحمر، سيفتح باباً لتدويل عسكري لكامل الدول المشاطئة لذلك البحر، وإن التصعيد الذي يجري في معاقبة الحوثيين في اليمن، بمشاركة إسرائيل والولايات المتحدة، يجعل من احتمالات جعل ذلك الإقليم ساحةً لمواجهات إقليمية ودولية أيضاً. ويبقى على السلطات العسكرية في السودان أن تتحسّب لتلك التطوّرات، وإلّا ستكون طرفاً في مواجهاتٍ عسكريةٍ ذات أبعاد إقليمية، وربّما دولية، لن يُكتب بعدها للسودان إلّا الفناء.


التغيير
٢٤-٠٤-٢٠٢٥
- التغيير
في ذكراه الـ 155 كيف كان دور لينين في الثورة الروسية؟
في ذكراه الـ 155 كيف كان دور لينين في الثورة الروسية؟ تاج السر عثمان بابو 1 تمر الذكرى الـ 155 لميلاد لينين الذي كان في 22 أبريل 1870 الذي لعب دورا كبيرا في ثورة اكتوبر الاشتراكية الروسية. الواقع أنه لا يمكن عزل سيرة لينين عن الثورة الروسية التي كانت من أهم أحداث القرن العشرين، مثل الثورة الفرنسية التي كانت من أهم أحداث القرن الثامن عشر، كما يقول ماركس: الثورات قاطرة التاريخ، فقد كانت الثورتان الفرنسية والروسية من أهم معالم التحول في التاريخ الإنساني. في الثورة الفرنسية كانت الشعارات: حقوق الإنسان- الإخاء- المساواة. في الثورة الروسية كانت الشعارات: السلام- الحرية- الخبز. وهى شعارات مازالت حية رغم هزيمة الثورة الفرنسية وعودة الملكية، وعودة الرأسمالية البشعة التي أفقرت الشعب الروسي ونهبت ثرواته وهربتها للخارج، وأدت للحرب المدمرة الجارية حاليا في اوكرانيا. معلوم أنه سبق ثورة 1917 الروسية ثورات استفاد البلاشفة من تجاربها مثل: الثورة الفرنسية 1789، ثورات 1848 العمالية في أوروبا، كومونة باريس 1871 في فرنسا، ثورة تحرير الرقيق في روسيا 1861، ثورة 1905 في روسيا التي وصفها لينين بأنها كانت 'البروفة' لثورة 1917. كانت الثورة تتيجة لتراكم كمي للمقاومة ضد النظام القيصرى المستبد منذ ثورة تحرير الرقيق 'الأقنان' 1861، وثورة 1905، واضرابات العمال وانتفاضات الفلاحين والمسيرات المظاهرات السلمية التي تم قمعها بوحشية مثل: أحداث 'الأحد الدامى'، وثورة فبراير 1917 التي أنهت الحكم القيصري، وتم تكوين الحكومة البورجوازية المؤقتة حتى ثورة أكتوبر 1917. توفرت ظروف موضوعية لاندلاع الثورة يمكن تلخيصها في الآتي:- – الظروف القاسية بسبب الحرب العالمية الأولى التي مضى عليها ثلاث سنوات. – جند النظام القيصري 15 مليون روسي في الحرب مما أدى لنقص الأيدي العاملة في الزراعة ونقص الحبوب والمجاعة. – ديون روسيا الخارجية التي بلغت 13,5 مليار روبل، منها 8 مليار روبل لبريطانيا وفرنسا وأمريكا. – الاعتماد على رأس المال الأجنبي أدى لفقدان روسيا سيادتها الوطنية. – الملايين من الروس ماتوا في الحرب. – انهارت الصناعة والزراعة وقطاع النقل. – مصادرة الحريات الديمقراطية. – كان الرأسماليون وتجار الحروب يجنون أرباحا طائلة من الحرب، وليس لهم مصلحة في وقفها. تلك هى الظروف الموضوعية التي أدت لنشوب الثورة باعتبارها كانت المخرج الوحيد. 2 – كما توفرت ظروف ذاتية تمثلت في: الدرجة العالية من التنظيم في المصانع والمكاتب والحقول والثكنات العسكرية وفي المؤسسات التعليمية، التي لعب فيها البلاشفة دورا كبيرا، والتنظيمات القاعدية للمقاومة والتي تم تتويجها بتكوين سوفيتات العمال والفلاحين والجنود، إضافة لاستمرار إضرابات العمال وانتفاضات الفلاحين والجنود، ونزولهم للشارع في الإضراب العام، حتى تم تتويج ذلك بالإطاحة بالنظام القيصري في ثورة 27 فبراير 1917، تحت شعار الثورة الذي لخصه لينين في: السلام- الخبز- الحرية. – استولت البورجوازية على السلطة وشكلت الحكومة المؤقتة.. – فشلت الحكومة المؤقتة في وقف الحرب، ولم تلب مطالب الشعب، واستمرت المجاعة وموت الالاف في الحرب والخراب الاقتصادي. – كتب لينين 'موضوعات نيسان- أبريل' التي طرح فيها تحويل الثورة الديمقراطية الى ثورة اشتراكية، ومواصلة النضال ضد الحكومة المؤقتة البورجوازية واسقاطها بسبب عجزها وفشلها، ونقل كل السلطة لمجالس السوفيتات، وتغيير اسم الحزب من الاشتراكي الديمقراطي الى 'الشيوعي'. واعتمدت اللجنة المركزية هذا الخط بعد مناقشة واسعة. – كان خط البلاشفة حتى يوليو 1917 هو مواصلة النضال السلمي الجماهيري وكسب الأغلبية ديمقراطيا في السوفيتات ونقل السلطة لها، ولكن بعد القمع الوحشي للمسيرات السلمية في يوليو 1917 والقمع الوحشي للبلاشفة الذين كانوا منحازين للجماهير وفي قلبها، مما اكسبهم تأييدها، وأدى لاكتساح البلاشفة السوفيتات في 31 أغسطس 1917. – بعد اشتداد القمع الوحشي تحول البلاشفة الى الانتفاضة المسلحة. – في سبتمبر وأكتوبر شارك أكثر من مليون عامل في الإضراب العام بجميع أنحاء روسيا، وسيطر العمال على الإنتاج والتوزيع. – في 10 أكتوبر 1917 صوتت غالبية اللجنة المركزية للبلاشفة للانتفاضة المسلحة. – في 16 أكتوبر 1917 تم إنشاء اللجنة العسكرية الثورية للانتفاضة، وتم وضع الخطة المحكمة لنجاح الانتفاضة. – في 25 أكتوبر 1917 بالتقويم الروسي القديم السائد يومئذ 'الموافق 7 نوفمبر1917″، تمكنت قوات البلاشفة من الاستيلاء على السلطة. – بالاستيلاء على السلطة تم تأميم البنوك والصناعات الكبيرة، وتحقيق شعار الأرض للفلاحين بمصادرة الملكيات الكبيرة لأغنياء المزارعين 'الكولاك'، ووقف الحرب. – نجحت الثورة بعد أن توفرت الشروط التي حددها لينين في مقاله 'الماركسية والانتفاضة' الذي اعتبر الانتفاضة فنا، واعتمادها على طبقة العمال والفلاحين والجنود، ووصول التناقضات داخل الطبقة الحاكمة الى قمتها. وعجز الطبقة الحاكمة عن قمع الانتفاضة، وواكب ذلك نهوض جماهيري وجيش ثوري دافع عن الانتفاضة حتى النهاية، ووجود القيادة الثورية التي حددت البديل للنظام القائم. والاستيلاء على السلطة في الوقت المناسب والدقيق حسب عبارة لينين 'أمس مبكر غدا متأخر، بل اليوم'. – تلك هي القواعد التي أكدتها تجربة ثورة أكتوبر السودانية في 1964. – الثورة الروسية كانت ملحمة جماهيرية حقا، عكسها الصحفي الأمريكي بشكل رائع في مؤلفه 'عشرة أيام هزت العالم'. 3 كل ما سبق لا ينفصل عن النضال السياسي والنظري الذي خاضه البلاشفة ضد التيارات اليمينية التي دافعت عن التطور الرأسمالي باعتباره أسبقية، تجلى ذلك في مؤلفات لينين مثل:- تطور الرأسمالية في روسيا 1899 الذي توصل فيه لينين الي أن روسيا دخلت مرحلة التطور الرأسمالي وتفككت المشاعية وبرزت زراعة المحاصيل النقدية، وتطورت ونشأت الصناعات وبرزت طبقة عاملة، وغير ذلك من السمات والخصائص التي ميزت التطور الرأسمالي في روسيا. مؤلف لينين 'ما العمل؟' 1901، الذي أوضح فيه لينين طبيعة الحزب من النوع الجديد الذي يقوم علي مبدأ المركزية الديمقراطية التي تقوم على الحرية الواسعة في النقاش مع الالتزام برأي الأغلبية ، وشروط العضوية التي تستند على قبول البرنامج والدستور وتسديد الاشتراكات والعمل في إحدى الهيئات، وطبيعة الحزب الطبقية الذي يستند علي الطبقة العاملة، إضافة لاستناد الحزب علي النظرية الماركسية ، باعتبار لاحركة ثورية بدون نظرية ثورية، والصراع ضد تيارات ' العفوية' و ' الاقتصاديوية' التي تحبس نضال الطبقة العاملة في النضال الاقتصادي فقط ، بدلا من النضال السياسي لتحرير المجتمع بأسره من كل أشكال الاضطهاد الطبقي والاثني والديني والقومي.الخ. مؤلف لينين ' المادية والمذهب النقدي التجريبي 1908 ' الذي تصدي فيه لينين للهجوم علي الماركسية ومنهجها الديالكتيكي المادي بعد القمع الوحشي الذي تعرض له البلاشفة بعد هزيمة ثورة 1905 ، والتطورات الجديدة في العلوم الطبيعية بعد اكتشاف الالكترونات ومكونات الذرة الأخرى، واكتشاف النظرية النسبية ، وتوصل بعض الفلاسفة والعلماء مثل : ماخ، الخ إلي تلاشى المادة، دافع لينين عن الديالكتيك المادي ،وقدم مفهوما أوسع للمادة بأنها الواقع الموضوعي المستقل عنا، وأن أشكال المادة تتنوع، وإن ما تلاشى هو المفهوم القديم للمادة، وأوضح أن الحقيقة المطلقة هي المجموع اللانهائي للحقائق النسبية، وأنه لايمكن الفصل بين المادة والحركة والمكان والزمان، وكانت مساهمة لينين تطويرا للمادية الفلسفية في ظروف الاكتشافات العلمية الجديدة. ساهم لينين في دراسة ظاهرة الامبريالية أو المرحلة الجديدة من الرأسمالية في مؤلفه ' الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية 1916' والذي درس فيه المتغيرات في الرأسمالية ، وتصدير الأموال للخارج، والصراع بين الدول الرأسمالية لاقتسام ونهب موارد بلدان المستعمرات والحروب كشرط ملازم للمرحلة الجديدة من الرأسمالية. ساهم لينين في تطوير التاكتيكات استنادا للتحليل الملموس للواقع الملموس، وأشار إلي أن النظرية رمادية والواقع أخضر ، وأن الماركسية ليست عقيدة جامدة بل منهج للعمل، كماأو ضح في مؤلفات : ' تاكتيكان للاشتراكية الديمقراطية.الخ'، ' موضوعات نيسان' ، ' مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية'. الخ. كما أشار إلي أنه لاحركة ثورية بدون نظرية ثورية ، وأن دراسة الماركسية تعني دراسة الثقافة الإنسانية ، ودراسة واقع وخصائص وسمات كل بلد. لاشك أن الصراع في كل الجبهات السياسية والاقتصادية والنظرية أسهم في وضوح خط البلاشفة السياسي والفكري ، وكان له الأثر الحاسم في نجاحهم في الوصول للسلطة. 4 ماهي منجزات ثورة أكتوبر؟ كانت ثورة أكتوبر متسقة مع شعاراتها ، وعدت وأنجزت الآتي:- أنهت ويلات ومآسي الحرب العالمية الأولي بتوقيع معاهدة صلح ' بريست – ليتوفسك' مع المانيا . وفرت إحتياجات الجماهير الكادحة الأساسية في التعليم والصحة والسكن والعمل ومحو الأمية ، وحماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وطورت الثقافة والفنون والموسيقي والرياضة. حررت شعوب روسيا من الإضطهاد القومي علي أساس المساواة وحق تقرير المصير بما في ذلك حق الإنفصال وتكوين الدولة المستقلة في ظروف حرية الارادة والديمقراطية، وحق كل قومية في تطوير لغتها وثقافتها الخاصة. ساهمت في تحرير شعوب المستعمرات من النير الاستعماري، وكشفت المعاهدات السرية مثل: معاهدة ' سايكس – بيكو' التي تم بموجبها تقسيم العالم العربي الي مناطق نفوذ وانتداب ، كما ساهمت في اندلاع ثورات المستعمرات في : الهند والصين ومصر وفيتنام والعراق وسوريا والسودان ' ثورة 1924'، والتي كانت تطالب بالاستقلال. نقلت روسيا من دولة متخلفة إلي دولة صناعية متقدمة ، وكانت أول دولة في العالم استخدمت الطاقة الذرية لأغراض سلمية ، وتمت 'كهربة' روسيا حسب شعار لينين ' الشيوعية تعني كهربة روسيا'، وكانت أول دولة تطلق الصواريخ العابرة للقارات ، وأول من بدأ غزو الفضاء ، وكان نجاح القمر الصناعي الأول ' سبوتنك' حافزا لأمريكا للاهتمام بالبحث العلمي وتطوير نظامها التعليمي، كما طورت علوم الرياضيات والفيزياء. حفظت روسيا التوازن العالمي ، وغلت يد أمريكا عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخري ' مثال : العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956 الذي قامت به بريطانيا وفرنسا واسرائيل. ساهمت بفعالية في تحرير البشرية من البربرية النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية. بعد الحرب العالمية الثانية ، تحررت شعوب المستعمرات من النير الاستعماري، وقامت الثورات الاشتراكية في بلدان شرق اوربا ، والصين وفيتنام وكوبا وكوريا ، ونهضت حركة الطبقة العاملة في البلدان الرأسمالية المتقدمة وحققت مكاسب كثيرة بأثر الثورة الروسية مثل : الحق في التعليم والصحة والضمان الاجتماعي.. الخ. أعطت المرأة حقوقها التي انتزعتها بنضالها الفعال في الثورة مثل: الحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي ، وحق الترشيح والانتخاب ، وحق الطلاق .الخ. أكدت إمكانية التنمية المستقلة عن مسار الفلك الرأسمالي والسيادة الوطنية لأكثر من 74 عاما ، ونجحت خلال ثلاثين عاما في أن تصبح دولة صناعية متطورة. 5 دروس التجربة الروسية:- عندما نتحدث عن أسباب تقويض التجربة الاشتراكية والارتداد للرأسمالية ، يمكن الاشارة إلي العوامل التالية- – عوامل موضوعية يمكن تلخيصها في الآتي :- التدخل الخارجي: في الفترة من 1918 حتى أواخر 1922 ، تدخلت قوات المانية ونمساوية ومجرية وأمريكية وايطالية ويابانية. الخ، والتي قدمت عونا مباشرا للقوى المعادية والحرس الأبيض لاسقاط النظام. ولكن صمدت روسيا في أحلك سنوات التدخل الخارجي ، إضافة للحصار الاقتصادي الذي فرضته الدول الرأسمالية علي روسيا. بالتالى ، فأن روسيا أنجزت مهمة التصنيع واللحاق بركب الدول الصناعية المتقدمة بتكلفة إنسانية باهظة ، وفي ظروف حصار وحرب أهلية. فضلا عن الحرب العالمية الثانية التي فقد فيها الاتحاد السوفيتي ملايين الشهداء من القوى الحية المنتجة ، وتدمير ثلثي المدن الروسية والمصانع، والجهد الكبير الذي بذله الاتحاد السوفيتي بعد الحرب لإعادة البناء والتعمير. فرض سباق التسلح الذي أنهك الاقتصاد السوفيتي، خاصة بعد إعلان أمريكا برنامج حرب النجوم ، إضافة للمساعدات العسكرية التي كان يقدمها لبلدان حلف وارسو وللدول الأخرى ، والمساعدات الاقتصادية والتعليمية والعلاجية لبلدان العالم الثالث التي كانت على حساب سلع الاستهلاك، والتكلفة الباهظة لتدخل الاتحاد السوفيتي في حرب افغانستان. من الأسباب أيضا ظروف روسيا التاريخية التي كانت متخلفة ، 70% اميين، ووجود تقاليد عبادة القيصر والايقونات، وشهدت روسيا الثورة الصناعية بداية القرن العشرين. – أسباب ذاتية أو داخلية يمكن تلخيصها في الآتي: – محاولة القفز فوق المراحل في البداية ، باعلان سياسة شيوعية الحرب التي أنهكت الفلاحين والشعب ، رغم منجزاتها في توفير مقومات الصمود بوضع كل العائدات في يد الدوله ، مما أدى للتراجع في النهاية وإعلان الدولة السياسة الاقتصادية الجديدة ' النيب' التي وفرت حافزا للمزارعين ، وأدت إلى تحسين الاقتصاد . تمّ إ غلاق باب التعددية السياسية بمحاولة الاشتراكيين الثوريين لاغتيال لينين ، مما أدى لمأزق الحزب الواحد الذي كان يحذر منه لينين ويتخوف من تسلل البيروقراطية الضارة بمسيرة الحزب والثورة، وتحول المأزق الي تجربة. بالتالى غابت التعددية السياسية جراء فرض نظام شمولي بعد وفاة لينين ، تميز بالحزب الواحد ، وتم ربط المؤسسات التشريعية بالدولة والحزب والنقابات والاتحادات بالدولة، في حين كان لينين يشدد علي استقلال الحزب والنقابات والسوفيتات عن الدولة ، وكفالة حق الإضراب للعاملين، مما أدى لغياب الرقابه. إضافة للصراعات داخل السلطة والحزب الحاكم وسيطرة حكم الأمن والمخابرات والذي أدى لفقدان وابعاد عدد كبير من الكوادر الشيوعية المخلصة، ونتج عن ذلك التفسخ والفساد في جهاز الدولة، وظهرت فئات رأسمالية فاسدة أثرت من ممتلكات الدولة، والتي لعبت دورا كبيرا فيما بعد في تفكيك وانهبار النظام السوفيتي ونهب ثرواته وتهريبها خارج البلاد. السياسة الخاطئة تجاه الأديان ، بجعل الالحاد سياسة رسمية للدولة ، في حين أن ماركس وانجلز كانا يركزان على حرية العقيدة ، وأن الدولة للجميع غض النظر عن الدين أو المعتقدات السياسية أو الفلسفية، وأن المسائل التي تتعلق بحرية الضمير لاتحل بقرارات ، وانما تركها للتطور الطبيعي' راجع نقد برنامج غوتا – لماركس'. أخطاء ومشاكل اقتصادية مثل : تغليب الصناعة الثقيلة علي حساب سلع الاستهلاك ، وتباطؤ النمو ، والتحول للزراعة التعاونية بالقسر ، لا الاقناع كما كان يشير انجلز. كان ماركس وانجلز يتصوران أن الاشتراكية سوف تنطلق في بلدان متطورة تقنيا مثل : المانيا ، انجلترا.الخ، ولكن ذلك لم يتوفر في روسيا ، كما أن افتراض لينين بقيام الثورات الاشتراكية في المانيا وبقية البلدان المتطورة لم يتحقق ، بسبب فشل ثورة المانيا 1918 ، والمجر، .الخ. كما أشار ماركس أن فترة الانتقال للمجتمع الشيوعي سوف تكون طويلة ، وأن الاشتراكية طور أدنى من الشيوعية يستمر فيها التفاوت والحق البورجوازي والصراع الطبقي، ويأخذ الانسان حسب عمله ، ولكن بدلا من الاعتبار لذلك كانت التوجهات الايديولوجية الخاطئة التي كانت تصور أن روسيا دخلت مرحلة الاشتراكية المتطورة، وأنها اصبحت على قاب قوسين أو أدنى من الشيوعية. التهجير القسرى للشعوب ، وتغليب النزعة القومية الروسية ، مما كان له الأثر في تفكيك الاتحاد السوفيتي. هذا التراكم الكمي من الأخطاء والتي استغرقت سنوات طويلة، ولم يتم معالجتها جذريا وفي وقتها ، أدت في النهاية الي تحول نوعي في تفكيك الاتحاد السوفيتي ، وعودة الرأسمالية. كان من نتائج عودة الرأسمالية نهب ثروات روسيا وتهريب أموالها للخارج ، علي سبيل المثال : يوجد 700 مليار دولار يملكها أغنياء روسيا في البنوك السويسرية ، و7 تريليون روبل مستثمرة في أمريكا، إضافة الي تدهور قيمة العملة ' الدولار يساوي 60 روبل' ، وتدهور مستويات المعيشة ، وفقدت البلاد سيادتها الوطنية حيث بلغت نسبة الاستثمار الأجنبي في القطاع الصناعي الروسي 55,8%، إضافة للفساد ومشاكل غسيل الأموال. الخ. من آثار انهيار الاتحاد السوفيتي إنفراد أمريكا وسعيها المحموم للسيطرة الاقتصادية والعسكرية علي العالم ، والنهب البشع لثروات البلدان المتخلفة والتابعة، والهجوم علي المكاسب التي حققها العاملون في بلدان العالم في : التعليم والصحة والضمان الاجتماعي وحماية الشيخوخة والطفولة، والتفاوت المتصاعد في توزيع الثروة، اذ يبلغ ما يملكه 1 % من أغنياء العالم نصف ما يملكه سكان العالم. اضافة الي الحروب وتجارة البشر والمخدرات والجنس، وغير ذلك من الواقع البشع الذي يعيشه العالم الآن والتي تناضل الشعوب والأحزاب الشيوعية والعمالية والاشتراكية والوطنية من أجل تغييره.


التغيير
١١-٠٤-٢٠٢٥
- التغيير
قراءة في كتاب محمود محمد طه: من أجل فهم جديد للإسلام (11 _ 15)
قراءة في كتاب محمود محمد طه: من أجل فهم جديد للإسلام قراءة في كتاب (عبد الله الفكي البشير، محمود محمد طه: من أجل فهم جديد للإسلام)، دار محمد علي للنشر، صفاقس، تونس/ ومؤسسة الانتشار العربي، بيروت، لبنان، 2024 (10-13) بقلم سمية أمين صديق إهداء المؤلف لكتابه: 'إلى شعوب السودان والإسلام والإنسانية جمعاء، وهي تتوق إلى التحرير والتغيير، فإني أهديكم هذا الكتاب، مستدعياً مقولة المفكر التونسي الدكتور يوسف الصديق: (محمود محمد طه هو المنقذ)'. المؤلف تناولنا في الحلقة السابقة من قراءتنا في كتاب الدكتور عبد الله الفكي البشير، محمود محمد طه: من أجل فهم جديد للإسلام. طرف من محاور الفصل التاسع من الكتاب، وهو بعنوان: محمود محمد طه في الفضاء الإسلامي والكوكبي: الأطروحات الجامعية والندوات والكتب والأوراق العلمية عنه. تمحور الفصل حول راهن التعاطي مع فكر الأستاذ محمود محمد طه، من خلال رصد حجم الأطروحات الجامعية (دكتوراه- ماجستير- دبلوم- بحث تخرج)، والكتب، والأوراق العلمية، والمقالات الصحفية، والندوات، والمحاضرات، واللقاءات الإعلامية (صحافية وإذاعية وتلفزيونية)، والأفلام الوثائقية، والترجمات، التي انجزت عن فكر محمود محمد طه في نحو (34) دولة حول العالم. جاء هذا الفصل، كما أوضح المؤلف، استجابة علمية لأسئلة متكرره طُرحت عليه في بعض المنابر، فقد قال: سألني البعض: هل هناك اليوم اهتمام بفكر محمود محمد طه؟ ولماذا ننشغل بفكر لا يهتم به أحد؟ فلقد نسي الناس الرجل ونسوا فكره وأوصدوا بابه، فلماذا التعب؟. وعبر البعض الآخر، قائلاً: وهل يصلح فكر محمود محمد طه بأن يكون ميداناً للحوار العلمي ومادة لإعداد الرسائل الجامعية؟ كما أشار المؤلف لتساؤلات عديدة وردت في بعض الكتابات وفي وسائل الإعلام، منها، قوله: تساءل المعلق في فيلم: 'أفكار على حبل المشنقة'، الذي بثته قناة الجزيرة الوثائقية عام 2016، فقال المعلق: هل بقي من فكر محمود محمد طه ما يمكن أن يقدم؟ أو أن يدعا له، أم أنه انتهي بمقتله؟ أجاب الفصل عند هذه الأسئلة وغيرها، وفقاً للأسس الأكاديمية، والبراهين العلمية الدامغة. وكذلك وقف الفصل عند الإجابة على السؤال القائل: لماذا يهتم المؤلف بالمجال الأكاديمي؟ وغيره. ولقد قدمنا إضاءات حول ذلك في الحلقة السابقة، واليوم نستكمل الحديث. لماذا المجال الأكاديمي؟ الأكاديميا و الفهم الجديد للإسلام ساحة التفوق على العلم المادي و بزه و ميدان إجراء المقارنة صدَّر المؤلف حديثه بما كتبه الأستاذ محمود محمد طه، في العام 1972، حيث كتب الأستاذ محمود، قائلاً: 'التبشير بالإسلام أمر يتطلب أن يكون المُبشر من سعة العلم بدقائق الإسلام، و بدقائق الأديان، و الأفكار، و الفلسفات المعاصرة، بحيث يستطيع أن يجري مقارنة تبرز إمتياز الإسلام على كل فلسفة إجتماعية معاصرة، و على كل دين، بصورة تقنع العقول الذكية'. في تعبير عن أن الميدان الأكاديمي هو ميدان المتخصصين، الأمر الذي يتطلب من الداعية والمبشر بالرسالة الثانية من الإسلام سعة العلم بدقائق الإسلام وبدقائق الأديان والأفكار والفلسفات المعاصرة، وكل هذا ميدانه الفضاء الأكاديمي، حيث العلم المادي التجريبي، وهو أعظم شيء في صدور الناس اليوم. ولهذا فإن الميدان الأكاديمي، عند المؤلف، هو ميدان إجراء المقارنة، وهو ساحة تفوق الرسالة الثانية من الإسلام على العلم المادي التجريبي، وبزه والتفوق عليه. وهذا ما خاطبه المؤلف بقول الأستاذ محمود: 'وحين كانت معجزة الرسالة الأولى من الإسلام هي بلاغة القرآن، فإن معجزة الرسالة الثانية من الإسلام هي (علمية) القرآن.. فإن هذا العصر الحاضر هو عصر العلم.. العلم المادي التجريبي.. هذا هو أعظم شيء في صدور الناس الآن، وسيجئ الحق، في الرسالة الثانية من الإسلام بصورة تشبه هذا العلم، ولكنها تبزه وتتفوق عليه.. وسيذعنون لها، وستستيقنها نفوسهم، وسينقادون لها.. لا يشذ عنها شاذ، ولا يعصي أمرها عاص'. قدم دكتور عبد الله الفكي البشير، رصداً وتوثيقاً لما يدور في الفضاء الأكاديمي في العالم عن فكر الأستاذ محمود محمد طه، الأمر الذي كشف الاهتمام المتزايد يوماً بعد يوم، بالفهم الجديد للإسلام. وأعتبر عبد الله هذا الاهتمام دليل إثبات، على صحة الإجابة بأن هناك اهتمام مستمر بالفهم الجديد للإسلام و بالسيرة الفكرية لصاحبه، كما أن هذا الرصد قد كشف قصور معرفة الذين يقولون إن الناس قد نسوا فكر 'الرجل و أوصدوا بابه'. ويقول عبد الله عن هذا الرصد أنه يقدم مؤشرات تفيد ببداية توسع الاهتمام الأكاديمي في الفضاء الإسلامي و الكوكبي، و يوضح كذلك الخريطة الجغرافية لذلك التوسع. ويضيف عبد الله: بما أنه غني عن القول إن الفهم الجديد للإسلام دعوة إنسانية لكافة الناس، كما جاء التفصيل في ذلك مع الحديث عن منهجها، و سبل الترقي في مراقيها. كذلك، و لما كانت المفاضلة بين الناس وفقاً للفهم الجديد للإسلام، تكون بالعقل و الأخلاق، و ليس بالدين أو العنصر أو اللون أو الجنس،.. فيكون من البديهي ألا تكون المفاضلة بالمستوى العلمي أو الشهادة الأكاديمية. و ذهب عبد الله ليؤكد بقوله:( ولهذا فإن اهتمامنا بالأكاديمية لا يجئ من تفضيل لها أو إغفال للعلم التجريبي الروحي، و إنما لكونها إحدى آليات العلم التجريبي المادي، الذي هو 'أعظم شيء في صدور الناس الآن' وهو ميدان تفوق الرسالة الثانية من الإسلام عليه، و بزها له بمعجزتها، التي هي علمية القرآن، كما ورد في قول محمود محمد طه. أما عن دور الجامعات وغرضها فقد أورد المؤلف ما جاء في إعلان الحرية الأكاديمية 2005، و الذي صدر عن المؤتمر العالمي الأول لرؤساء الجامعات،جامعة كولومبيا و جاء فيه 'يناط بالجامعات مسئولية حفظ معارف الماضي و نقلها للجيل التالي، و تعليم مواطني و مدرسي و قادة المستقبل، و السعي وراء اكتشاف معارف جديدة و التي من شأنها إما أن تدعم أو أن تدحض ماهو موجود بالفعل من أفكار و معايير. وهذا كله بغرض تعميق الفهم الإنساني و تحسين حالة البشرية '. و يضيف المؤلف أيضاً، أن الأكاديمية هي ميدان التنوير و التكوين، و بناء القدرات للشباب، فضلاً عن كونها مختبر البحث العلمي، الذي هو، كما ورد في بعض التعريفات: 'عبارة عن نشاط علمي منظم يعمل على إستخلاص الإستنتاج. كما يكتسب المجتمع الأكاديمي أهمية من إتساع شرائحه، فهو يضم شرائح مختلفة. وأورد عبد الله تعريف إعلان ليما – الذي كان في ديسمبر 1988، للمجتمع الأكاديمي بقوله: ( المجتمع الأكاديمي) يغطي جميع الأشخاص الذين يقومون بالتدريس و الدراسة و البحث و العمل في مؤسسة للتعليم العالي'. وعن شريحة الدارسين، الطلاب يقول المؤلف: ( ظل الشباب و الطلاب، الذين هم جزء من المجتمع الأكاديمي، موضع عناية محمود محمد طه و إهتمامه، بل أن دعوته بطبيعتها للشباب، و هي للطلبة بصورة خاصة، كون الطلبة هم 'العتاد للغد' و هم حملة التغيير) يقول عبد الله :( تحدث محمود محمد طه، في العام 1975، قائلاً: 'إن هذه الدعوة بطبيعتها للشباب، للشباب عامة، لسبب هو أن سودان الغد هو سودان الشباب، و ليس سودان الكهول و الشيوخ مثلنا.. و الدعوة هذه للتغيير الكبير الذي يجدد حياة الناس تجديد في الظاهر و في الباطن، أعني في النفس البشرية، و في المجتمع الذي تعيش فيه هذه النفس البشرية'. و أضاف مشيراً لتخصيص دعوته للطلبة مع التعليل لذلك قائلاً:'و هي للطلبة خاصة، لأن الطلبة، هم عتاد للغد، الذي سيحمل هذا التغيير، إلى نهاياته، في الناحية النظرية، و الناحية التطبيقية'. خلص المؤلف إلى أنه على الرغم من أن كل المجالات، و كذلك الإنسان حيث ما كان، ميدان لدعوة الفهم الجديد للإسلام، إلا أن أهمية الأكاديمية بالنسبة للفهم الجديد للإسلام، تأتي من أنها تضم أهم شرائح المجتمع الأكاديمي، وهم الشباب، الطلبة،صوت المستقبل،الذين هم 'العتاد للغد 'الذي سيحمل هذا التغيير إلى نهاياته 'فخصهم الأستاذ محمود محمد طه بدعوته. و ذهب عبدالله ليقول:( كذلك يمثل الميدان الأكاديمي، حيث العلم المادي التجريبي، ميدان للتحدي و المقارنة مع علمية الرسالة الثانية من الإسلام، حتي يتكشف تفوقها على العلم المادي التجريبي وبزها له. يُضاف إلى ذلك، إن طرح الرسالة الثانية من الإسلام في الفضاء الأكاديمي، للتداول حولها، يتيح الفرصة لفحص ثمارها، و إمتحان أفكارها، و معيرة خلاصاتها، مِن قبل أهل التخصص في مختلف المجالات. أكثر من هذا إن الميدان الأكاديمي بالنسبة للمبشر بالإسلام، يمثل المختبر و الميدان لإجراء المقارنة التي تبرز إمتياز الإسلام على كل فلسفة اجتماعية معاصرة، و على كل دين، بصورة تقنع العقول الذكية. كما ورد في حديث محمود محمد طه أعلاه. كما أن إجراء المقارنات بين الرسالة الثانية من الإسلام و بقية الأفكار و الفلسفات الإجتماعية المعاصرة، و الديانات الأخرى، كما دعا لذلك محمود محمد طه، تكون مع المتخصصين و المنتجين للمعارف في تلك المجالات، و لا جدال في أن أكبر ساحات حضور هؤلاء و أهمها هي المؤسسات الأكاديمية. جاء الرصد الذي قام به الدكتور عبدالله الفكي البشير في (52) صفحة من كتابه، وكان حسب الدول،مع ترتيبها هجائياً. تضمن الأطروحات الجامعية (الدكتوراه و الماجستير و الدبلوم العالي، و بحوث التخرج)، و الكتب التي كانت عن الأستاذ محمود محمد طه أو تعرضت له، و الأوراق العلمية و الفصول في الكتب، و الندوات أو المؤتمرات العلمية التي كانت عنه، و اللقاءات الإعلامية، و الأفلام الوثائقية، و الترجمة لأعماله، أو الأعمال التي كانت حوله، مع ذكر المؤلفين حسب الترتيب الهجائي. كما شمل الرصد ثلاث رسائل جامعية، هي على وشك المناقشة. نلتقي في الحلقة الثانية عشر، وهي قبل الأخيرة.