أحدث الأخبار مع #غادةمحمدعامر


دفاع العرب
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- علوم
- دفاع العرب
الروبوت 'جيني' الإسرائيلي: الروبوت الذكي الذي يُعيد تعريف مستقبل العمليات العسكرية والاستخباراتية
أ.د. غادة محمد عامر خبير الذكاء الاصطناعي- مركز المعلومات واتخاذ القرار – رئاسة مجلس الوزراء زميل ومحاضر – الاكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية أثبتت حرب جيش الاحتلال على غزة خطورة الذكاء الاصطناعي في الاستخدامات العسكرية بشكل دفع العديدين للاحتجاج على استخدام هذه التقنيات في الإبادة العرقية التي تتم داخل القطاع، ولكن هذا لم يمنع إحدى وحدات جيش الاحتلال التي تعرف باسم ' لوتيم 'Lotem' 'من ابتكار استخدام جديد للذكاء الاصطناعي في الحرب. 'لوتيم' هي وحدة العمليات التكنولوجية ضمن فيلق 'C4I' التابع للجيش الإسرائيلي. فيلق 'C4I' وظيفته هو العمل على تنظيم كافة الاتصالات السلكية واللاسلكية بين مختلف الوحدات العسكرية، كذلك يعمل على توفير منصات وتطوير أنظمة الاتصالات لمختلف وحدات جيش الدفاع الإسرائيلي والهيئات الأمنية الأخرى. وحدة 'لوتيم' تعمل كمزود للإنترنت ومشغل الهاتف المحمول وشركة خدمات البرمجيات والخدمات الإلكترونية ، وشركة اتصالات الأقمار الاصطناعية والبنية التحتية الخلوية المستقلة والتطبيقات المستندة إلى مجموعة النظراء التي تدعم عمليات القتال. يتبع لوحدة 'لوتيم' مجموعة وحدات فرعية مثل وحدة 'ممرام' والتي هي مركز الحواسيب وأنظمة المعلومات المسؤولة عن إدارة البرمجيات العسكرية والبنية التحتية الحاسوبية. ووحدة 'حوشن' المسؤولة عن تشغيل أنظمة اتصالات الجيش. ووحدة 'ماعوف' المسؤولة عن تخطيط وهندسة أنظمة الاتصالات. ووحدة 'بسماتش' وهي عبارة عن مدرسة علوم الحاسوب في جيش الدفاع الإسرائيلي، التي توفر تدريبًا وتعليمًا للمتقدمين في علوم الحاسوب والمجالات ذات الصلة للجنود الذين تم تحديد مواهبهم الاستثنائية في هذه المجالات. ووحدة 'ماتسبين' 'Matzpen' المسؤولة عن الأنظمة العسكرية للقيادة والتحكم وإدارة اللوجستيات والموارد البشرية. وهي تعتبر أكبر شركة برمجيات في الجيش، وتتألف من وحدتي 'ليشم' و 'شوهام ' وحدة 'ماتسبين' تعمل على تحليل البيانات سواء كانت نصوصا أو صورا أو مقاطع صوتية من أجل تزويد القادة بالمعلومات المباشرة والتحليلات الملائمة. هذه الوحدة هي المسؤولة عن مشروع روبوت المحادثة العسكري الجديد القائم على الذكاء الاصطناعي من خلال قسم يُدعى 'مصنع النصوص' 'Text Factory' ، وقد تم إنشاء هذا القسم قبل ستة أشهر لجمع وتحليل جميع البيانات المتراكمة عبر عشرات الأنظمة التشغيلية في الجيش الإسرائيلي. ولعمل هذه المهمة تم تطوير روبوت دردشة ذكاء اصطناعي اطلق عليه اسم 'جيني' من أجل تسهيل الوصول إلى هذه المعلومات واتخاذ القرارات بشكل سريع وسط المعارك. ويستخدم 'جيني' البيانات الضخمة المخزنة في السحابة العملياتية لجيش الاحتلال، والتي يتم تحديثها بشكل مستمر. هذا الروبوت يعمل بواجهة مستخدم بسيطة ويسيرة للغاية تماثل تلك المستخدمة في 'شات جي بي تي'، فآلية عمله تحاكي 'شات جي بي تي'، ولكن بدلا من البحث عبر الإنترنت، فإن الروبوت يبحث في قواعد البيانات الخاصة بالجيش الإسرائيلي. ويستطيع 'جيني' تأدية كافة الوظائف التي يقوم بها أي روبوت دردشة بدءا من التعرف على الأخطاء ونقاط التناقض، كذلك توفير المعلومات وتقديم تحليل واضح للبيانات الموجودة في أي قاعدة بيانات داخل سحابة الجيش الإسرائيلي. فهو قادر على تحديد الحالات الاستثنائية، وتلخيص الأحداث، وتقديم رؤى حيوية من جميع الأنواع من هذا المخزون. كذلك فهو متّصل أيضاً في الوقت الفعلي بجميع الأنظمة العملياتية، بمعنى، إذا تم تحميل مستند جديد على أحدها، أو تحديث مستند، يتم تحديث 'جيني' فوراً. كما تتيح التقنية، للقائد الذي يحتاج إلى اتخاذ قرارات حاسمة بسرعة بناءً على معلومات موثوقة أن يطرح الأسئلة على 'جيني' بلغة طبيعية والحصول على إجابات مفصّلة، بدلا من محاولة التواصل مع الوحدات الأخرى والوصول إلى هذه المعلومات، فيمكن لقائد وحدة ما أن يطلب من النموذج معرفة عدد العساكر والمخططات المتاحة في سحابة الجيش الإسرائيلي لوحدة مجاورة لهدف ما، وهنا يقوم 'جيني' بتوفير كل هذه المعلومات بسهولة ويسر. كذلك يمكن ل 'جيني' مساعدة كل قائد قتالي على تحسين قدرته على اتخاذ القرارات. هذا الروبوت لديه قدرة على إعادة تشكيل الحرب من خلال تقديم رؤى لساحة المعركة الفورية للجنود ، وبالتالي منح القادة ميزة تكتيكية. وجاء الكشف الأول عن هذا النموذج عبر تقرير نشرته صحيفة 'يديعوت أحرونوت' وكانت تتباهى فيه بما وصلت إليه تقنيات الجيش الإسرائيلي خاصة في مجال الذكاء الاصطناعي، ورغم أن النموذج ما زال في نسخته التجريبية، إلا أنه أصبح جزءا لا يتجزأ من روتين القادة في بعض الوحدات، وذلك حتى ينتهي تطوير النسخة النهائية ونسخة الهواتف المحمولة ليصبح متاحا لكل فرد في جيش الاحتلال. واختار الجيش اسم 'جيني' لهذا النظام، على غرار الجني أو المارد من قصة 'علاء الدين' الخيالية الذي يخرج من المصباح ويحقق الأمنيات. وعلى الرغم من أنّ المطوّرين في وحدة الاتصالات العسكرية يؤكدون أنّ هذه النسخة تهدف حالياً فقط إلى 'تقديم تجربة أولية' ولا يمكن الاعتماد عليها بعد لاتخاذ القرارات، إلا أنّ ردود الفعل كانت حماسية. وتم اختيار ثلاث غرف عمليات محددة لتقديم ملاحظات يومية مباشرة للمطورين، فيما الجدول الزمني لاستكمال النسخة الكاملة هو ثلاثة إلى أربعة أشهر. كما أن النسخة الخاصة بالهواتف المحمولة العسكرية في طريقها للإطلاق. من الواضح أن مثل هذه التقنيات سوف تُمكن الدول من تغيير قواعد اللعبة بشكل جذري، لكن في المقابل تثير أيضًا مخاوف أخلاقية وقانونية حول استخدام الأسلحة الذاتية، وأمان البيانات، وعدم استقرار الوضع العالمي. لذلك لابد على كل قادة المنطقة العربية من أخذ الامر على محمل الجد والاهتمام بخلق مثل هذه التقنيات للدفاع والردع.


دفاع العرب
١٣-٠٣-٢٠٢٥
- علوم
- دفاع العرب
من رحم الحروب والصراعات تخلق التكنولوجيا!
ا.د. غادة محمد عامر خبير الذكاء الاصطناعي – مركز دعم واتخاذ القرار – رئاسة مجلس الوزراء زميل وحاضر – الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية تُعتبر الصراعات الدولية والحروب من المحركات الأساسية التي تؤدي إلى تطوير الابتكارات التكنولوجية. فعلى مر التاريخ، شهدنا كيف أن الحاجة إلى التفوق العسكري أو الاستجابة للأزمات قد أدت إلى تقدم تكنولوجي كبير. وبينما يتمثل الهدف الرئيسي في زمن الحرب في تحقيق ميزة استراتيجية، فإن العديد من هذه الابتكارات تجد تطبيقاتها في نهاية المطاف في الحياة المدنية، مما يدفع عجلة التقدم المجتمعي. لقد كانت الدوافع الرئيسية للابتكار والتقدم التكنولوجي اثناء الصراعات والحروب ، إما للاحتياجات العسكرية، حيث تزداد الحاجة إلى تقنيات جديدة لتحسين الأداء العسكري، مثل تطوير الأسلحة المتقدمة. أو لضمان الأمن القومي فتسعى الدول إلى حماية نفسها من التهديدات الخارجية، مما يحفز البحث والتطوير في مجالات التكنولوجيا. أول للتنافس الاقتصادي حيث تسعى الدول إلى تعزيز مكانتها الاقتصادية من خلال الابتكارات التكنولوجية. على سبيل المثال، شهدت الحرب العالمية الأولى تطوير الدبابات والطائرات والأسلحة الكيميائية، بينما لعبت الحرب العالمية الثانية دورًا محوريًا في ابتكار الرادار والمحركات النفاثة والقنبلة الذرية. وكانت الحرب الباردة سبابا للتسابق في ابتكارات الفضاء وتطوير تكنولوجيا الأقمار الصناعية. وساهمت الحرب على الإرهاب في تطوير تقنيات المراقبة والأمن السيبراني، كانت هذه الابتكارات مدفوعة في البداية بالحاجة إلى التفوق على الخصوم، لكنها وجدت تطبيقاتها لاحقًا في زمن السلم. فمثلا أرسى تطوير المحركات النفاثة خلال الحرب العالمية الثانية أسس صناعة الطيران التجاري، محدثًا ثورة في السفر والتجارة. وبالمثل، أصبحت تقنية الرادار، التي طُوّرت لكشف طائرات العدو، أساسي في الأرصاد ومراقبة الحركة الجوية، مما عزز السلامة والكفاءة في الطيران المدني. ولم يُغيّر مشروع مانهاتن، الذي طوّر القنبلة الذرية، الاستراتيجية العسكرية فحسب، بل حفّز أيضًا التطورات في مجال الطاقة النووية. حيث شهدت فترة ما بعد الحرب انتشار محطات الطاقة النووية، مما وفّر مصدرًا هامًا للكهرباء. مع التطور التكنولوجي انتقلت الصراعات بشكل متزايد إلى المجال الرقمي. تُظهر الحرب السيبرانية -كما تجسدها التكتيكات السيبرانية الروسية خلال غزو أوكرانيا- كيف تستخدم الدول التكنولوجيا لتعطيل البنية التحتية والاتصالات لدى خصومها. هذا التحول دفع إلى تطورات كبيرة في الأمن السيبراني والتشفير وتكنولوجيا المعلومات. كما توسع استخدام الطائرات بدون طيار، مما أتاح أساليب جديدة للمراقبة والضربات الموجهة. وقد وجدت هذه التقنيات تطبيقات مدنية في مجالات مثل الزراعة وإدارة الكوارث، مما يُظهر الطبيعة المزدوجة للاستخدام في الابتكارات العسكرية. كذلك الإنترنت، الذي تم تطويره من قبل وزارة الدفاع الأمريكية، أحدث تحولًا في الاتصالات والتجارة العالمية. وبالمثل، أصبحت تقنية نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، التي استُخدمت لأول مرة في الملاحة العسكرية، جزءًا لا يتجزأ من تطبيقات متنوعة، بدءًا من الملاحة في السيارات وصولًا إلى خدمات تحديد الموقع على الهواتف الذكية. كما استفادت التطورات الطبية من الأبحاث العسكرية، حيث حسّنت تقنيات مثل رعاية الإصابات والأطراف الصناعية المتقدمة، التي طُوّرت في البداية لعلاج الجنود المصابين، ثم استخدمت بنفس الطريقة لرعاية الطبية للمدنيين. أما عن الاتجاهات المستقبلية والتقنيات الناشئة، من المرجح أن تتأثر تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والطاقة المتجددة بالصراعات العالمية. فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يُعزز قدرات صنع القرار والتنبؤ في التطبيقات العسكرية والمدنية على حد سواء، بينما تُحقق التكنولوجيا الحيوية إنجازاتٍ في مجالي الرعاية الصحية والزراعة. ويمكن لتقنيات الطاقة المتجددة، -مدفوعةً بضرورة أمن الطاقة- أن تُخفف من آثار صراعات الموارد وتُعزز التنمية المستدامة. الخلاصة هو أنه غالبًا ما تنبثق التطورات التكنولوجية من بوتقة الصراعات العالمية، مدفوعةً بالحاجة إلى التفوق الاستراتيجي. وبينما قد تؤدي هذه الابتكارات إلى معضلات أخلاقية وعواقب غير مقصودة، إلا أنها تنطوي أيضًا على إمكانية تحقيق فوائد كبيرة للحياة المدنية. إن فهم طبيعة الاستخدام المزدوج لهذه التقنيات يُتيح فهمًا أعمق لكيفية تسخير المجتمعات لهذه التطورات لتحقيق السلام والتنمية مع معالجة آثارها الضارة المحتملة. وهذا يحتاج إلى التكيف والتعلم المستمرين لكل افراد المجتمع وقياداته، كذلك يجب على صانعي السياسات وخبراء التكنولوجيا والمجتمع ككل البقاء على اطلاع دائم بالاتجاهات الناشئة وآثارها المحتملة. والأهم أنه تُعد الاستثمارات في التعليم والبحث أساسية للتحضير للمستقبل وضمان مساهمة التطورات التكنولوجية في قوة الدول وبقائها في ظل عالم يتغير ويتطور بسرعة لا يتخيلها عقل!