logo
#

أحدث الأخبار مع #غازيالقصيبي،

تحول المفاهيم والمصطلحات في زمن المنصات
تحول المفاهيم والمصطلحات في زمن المنصات

الوطن

timeمنذ 2 أيام

  • ترفيه
  • الوطن

تحول المفاهيم والمصطلحات في زمن المنصات

شهدت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة تحولات جذرية متسارعة في بنيتها الثقافية والاجتماعية، رافقها تطور تقني غير مسبوق فرض واقعا جديدا في هذا السياق، بينما تغيّرت كثير المفاهيم والمصطلحات التي كانت ترتبط بأدوار مجتمعية واضحة، مثل «المثقف» و«الإعلامي» و«المشهور»، ولم يعد تداول هذه الأوصاف مقصورا على أصحاب التأثير الحقيقي، بل باتت تُطلق بسهولة وفي أحيان كثيرة دون أدنى استحقاق. في الماضي كان يُنظر إلى المثقف السعودي بوصفه صوتا عقلانيا، يمتلك أدوات النقد وعمق الفهم، ويشارك في بناء الرأي، ويسهم في بناء الوعي العام بفاعلية، وله دور فاعل في صياغة الخطاب الثقافي، وهناك أسماء كثيرة لا أرغب في إدراجها خشية عدم التمكن من رصدها كلها، وهي كثر، ولكن من تلك الدكتور غازي القصيبي، وهي أسماء مثّلت نماذج حقيقية لهذا الدور. أما اليوم، ومع انتشار المنصات الرقمية، فقد اختُزل هذا المفهوم لدى البعض في مجرد القدرة على انتقاء جملة فلسفية أو إعادة نشر اقتباس منسوب أو تدوينة منمقة دون رؤية أو معرفة حقيقية. الإعلامي في السعودية كان حتى وقت قريب شخصا درس المهنة، وتدرّب على أخلاقياتها، وتمرّس في نقل الحقيقة بمهنية وموضوعية ونزاهة. أما اليوم فقد أصبح اللقب يُمنح بسهولة لأشخاص يقدّمون محتوىً يوميا على «سناب شات» أو «تيك توك» دون التزام بمهنية أو معيار تحريري واضح، وبعضهم لا يمتلك أساسيات اللغة أو الخبرة، ومع ذلك يُشار إليهم كـ«إعلاميين»، فقط لأنهم يحظون بعدد كبير من المتابعين لمحتوى فارغ. في الذاكرة الشعبية والوجدان المجتمعي كانت الشهرة نتيجة إنجاز ملموس لفنان، كاتب، عالم، طبيب، أو رياضي. أما اليوم فقد تغيّرت المعادلة، وصار الاستعراض اليومي، والمبالغة في التفاصيل الشخصية، أو بث مقاطع ترفيه سطحية كفيلا بصنع «نجم سوشيال ميديا»، و المشكلة لا تكمن في وجود هذا النوع من المحتوى، بل في تسميته «المؤثر» أو «القدوة»، وهي مفاهيم تتطلب عمقا أكبر من مجرد الحضور الرقمي التافه، بل إن الأمر تجاوز المفاهيم الثقافية والمهنية إلى مجالات علمية دقيقة، فاليوم نرى من يقدّم نفسه خبيرا في الطب، أو يفتي في العلاقات الأسرية والتربوية، أو يقدّم تحليلات اقتصادية وسياسية دون مؤهل علمي أو تجربة وخبرة ميدانية. يكفي أن يكون له متابعون ليصبح صوته مسموعا، بل مؤثر بغض النظر عن صحة المعلومة أو سلامة التوجيه والتوجه، وهذا التداخل الخطير بات يهدد وعي المجتمع، ويخلط بين الرأي والتخصص، وبين التجربة الشخصية والمعرفة المؤسسية، ولذلك نجد اليوم تسميات، مثل «الخبير الاقتصادي»، و«الاستشاري الأسري»، و«الناشط المجتمعي» تُطلق بلا تحقق، في ظل غياب واضح لمرجعيات تصنيف أو ترخيص واضحة، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تضليل المتلقي، وتشويش وضبابية المعرفة الحقيقية، بل يؤثر على الذائقة العامة، خاصة حين تتم استضافة هذه الشخصيات الهلامية في منابر إعلامية، ولا سيما المنتديات الشبابية التي تراه قدوة. في هذا السياق، يواجه المثقف السعودي الحقيقي تحديات متزايدة في ظل التحول الرقمي السريع والتغيرات الاجتماعية المتلاحقة. وبينما كانت الثقافة تُبنى سابقًا على التراكم المعرفي، والتفاعل العميق مع القضايا المجتمعية، أصبحت اليوم معرضة للتشويه بسبب الانتشار الواسع للمعلومات السطحية، والمحتوى غير الموثوق به على المنصات الرقمية، وهذا يتطلب من المثقف أن يكون أكثر حذرًا وانتقائية في تعامله مع المعلومات، وأن يسعى لتعزيز الثقافة النقدية والوعي المجتمعي من خلال تقديم محتوى هادف ومبني على أسس علمية ومعرفية رصينة، حفاظا على فضاء معرفي رقمي نافع يحفظ للتاريخ. المؤسسات الثقافية والتعليمية في المملكة العربية السعودية داعمة وحاضنة للفكر الجاد، والحوار الثقافي المتزن، وتعمل على توفير بيئة داعمة للمثقفين، لكن في تصوري المتواضع ما زالت هناك حاجة إلى تنظيم فعاليات وندوات تسهم في تعزيز الحوار الثقافي وتبادل الأفكار وضبط معايير التأثير، مما يسهم في بناء مجتمع واعٍ ومثقف قادر على مواجهة تحديات العصر الرقمي. ما يحدث ليس خاصا بالسعودية وحدها، بل هو ظاهرة عالمية، لكنّ خصوصية التحول الثقافي في المملكة، مع تسارع مشاريع الرؤية الوطنية 2030، يفرضان علينا ضرورة التوقف أمام هذه التبدلات، إذ لا يمكن بناء «مجتمع حيوي» دون وجود مفاهيم واضحة تميّز بين صاحب القيمة وصاحب الحضور وبين النغم وبين الضجيج. الحل لا يكمن في محاربة التقنية أو تقليص دور وسائل التواصل، بل في إعادة الاعتبار للمعنى. يجب أن تبقى المصطلحات الكبرى مرتبطة بالمنجز لا بالمظهر، فليس كل من يظهر كثيرا يُعد «مؤثرا»، ولا كل من يُجيد التعبير يُصنَّف «مثقفا»، ولا كل من صوّر يومياته يُمنح لقب «الإعلامي». إن تعزيز الثقافة النقدية، ووضع ضوابط مهنية، ومأسسة مفاهيم التأثير ليست ترفا فكريا، بل كلها خطوات ضرورية لصيانة الوعي العام الرشيد، وضمان ألا تكون شهرتنا مستقبلا مجرد ضوء بلا محتوى، وفقاعة تنالها هبة هواء.

عن التعليم أتحدث!
عن التعليم أتحدث!

الرأي

time٠٢-٠٤-٢٠٢٥

  • علوم
  • الرأي

عن التعليم أتحدث!

«الطريق إلى التنمية يمر أولاً بالتعليم، وثانياً بالتعليم، وثالثاً بالتعليم. التعليم باختصار هو الكلمة الأولى والأخيرة في ملحمة التنمية». د. غازي القصيبي نحن نعيش الآن تحولات كبيرة تتغير بالأيام بسبب التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الذي دخل كل مناحي الحياة فأحدث تغييرات جوهرية، ولكن من المهم أن نضع المجاهر على تأثير هذه التغييرات على النظام التعليمي الحالي، وهل هو يناسب المستقبل أم لا؟ وحتى نصل إلى إجابة عن هذا السؤال من المهم أن نتعرف على مراحل التعليم المختلفة، فكان هناك التعليم البدائي، الذي كان يعتمد على التعلم بالملاحظة والتجربة، حيث كان الأطفال يتعلمون من خلال مشاهدة الكبار في مجتمعات الصيد والزراعة، ولم تكن هناك مدارس، بل كان التعلم يحدث بشكل غير رسمي في العائلة والمجتمع. أما التعليم في العصر الصناعي فقد ظهر في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حيث ظهرت المدارس الحديثة مع مناهج منظمة، وأصبح التعليم إلزامياً في العديد من الدول، وركزت المناهج على القراءة والرياضيات والعلوم، لتلبية احتياجات الثورة الصناعية. وأما التعليم في القرن العشرين، فقد توسعت أنظمة التعليم فيه، وأصبحت أكثر شمولاً للجميع، مع فصل مراحل التعليم (ابتدائي، ثانوي، جامعي)، وكان المرحوم د. غازي القصيبي، ينتقدها بشدة، ويقول يجب إلغاء هذا النموذج، ولكن يجب أن يكون هناك منهج وطني يدرسه الطالب من عمر ست سنوات ولمدة عشر سنوات، حيث لا يمكن فصل الجانب النظري عن العملي على حسب ما ذكر. وبعد ذلك جاء التعليم في العصر الرقمي، حيث أصبح التعلم الإلكتروني والذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من التعليم، والاعتماد على الإنترنت، والفصول الافتراضية، والتعليم المخصص لكل طالب، لذلك فإن التعليم الحضوري التقليدي في طريقه إلى الاندثار حسب المعطيات، ولابد من التحول الرقمي وفي أسرع وقت بسبب تأثير الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، ومعنى هذا الكلام أن المنهاج وطريقة التدريس يجب أن يتغيرا، وقد يكون أسلوب الحفظ الحالي أصبح بلا فائدة بسبب سهولة الوصول للمعلومات. التعليم في المستقبل سيكون مختلفاً تماماً عما نعرفه اليوم، وسيعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا والتخصيص لكل طالب، بفضل الذكاء الاصطناعي، سيتم تصميم المناهج وفقاً لاحتياجات كل طالب، بحيث يحصل كل فرد على تجربة تعليمية تتناسب مع سرعته وقدراته، وستحل بيئات التعلم الافتراضية محل الصفوف التقليدية، مما يسمح للطلاب بتجربة أشياء مثل استكشاف الفضاء أو دراسة علم الأحياء عن طريق التفاعل المباشر مع الأعضاء البشرية بطريقة ثلاثية الأبعاد. وسيكون من الطبيعي أن يتلقى الطلاب تعليمهم من أي مكان في العالم عبر الإنترنت، مع فصول دراسية تفاعلية تعتمد على الذكاء الاصطناعي وأدوات التعاون الافتراضية. وبدلاً من النظام التقليدي الذي يعتمد على العلامات، سيُركز التعليم المستقبلي على اكتساب المهارات العملية، مثدل التفكير النقدي، البرمجة، وحل المشكلات، مما يجعل التقييم أكثر واقعية، وبسبب التغير السريع في سوق العمل، لن يكون التعليم مقتصراً على المراحل الدراسية التقليدية، بل سيصبح عملية مستمرة مدى الحياة، حيث يمكن للناس تحديث مهاراتهم في أي وقت بسهولة. والأمر الأكثر أهمية أن المعلمين سيكونون مرشدين للطلاب وميسرين، ومساعدة الطلاب على التفكير النقدي وحل المشكلات بدلاً من إعطائهم المعلومات فقط، وسيتم استخدام الروبوتات كمساعدين في التدريس، حيث يمكنها الإجابة عن الأسئلة، وتقديم الملاحظات الفورية، وحتى تقييم أداء الطلاب بشكل أكثر دقة وموضوعية، وبدلاً من المناهج الجامدة، ستكون المواد الدراسية ديناميكية ومتغيرة بناءً على التطورات الحديثة واحتياجات السوق، مما يجعل التعلم أكثر ارتباطاً بالواقع. وبسبب الذكاء الاصطناعي، سيتمكن الطلاب من مختلف أنحاء العالم من التعاون في مشاريع تعليمية مشتركة، مما يعزز من فهمهم للثقافات الأخرى ويعدّهم لسوق عمل عالمي، والمستقبل يحمل الكثير من التحولات في مجال التعليم، مما سيجعل عملية التعلم أكثر مرونة، وتفاعلية، وملائمة لاحتياجات الأفراد والمجتمع.

محاربة طواحين هواء
محاربة طواحين هواء

البيان

time١٧-٠٣-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • البيان

محاربة طواحين هواء

«ستدرك في وقت متأخرٍ من الحياة أن معظم المعارك التي خضتها لم تكن سوى أحداث جانبية أشغلتك عن حياتك الحقيقية». ينسب البعض هذه المقولة إلى الأديب الوزير والدبلوماسي السعودي الراحل غازي القصيبي، في حين ينسبها آخرون إلى الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، في حين لا يوجد مصدر أدبي رسمي أو كتاب موثوق يثبت أن هذه المقولة تعود لكاتب محدد. لكن السؤال الأهم هو: كيف تشغلنا الأحداث الجانبية عن الحياة الحقيقية؟ في زحمة التفاصيل الصغيرة، نجري بلا توقفٍ تجاه معارك لم تكن يوماً معاركنا الحقيقية. ننشغل بصغائر الأمور، نغرق في نقاشات عابرة وعقيمة، نستهلك أنفسنا في سباقاتٍ لا تفضي إلى شيء، ونكتشف في وقتٍ متأخرٍ أننا كنا نحارب طواحين هواء، بينما كانت الحياة الحقيقية تنتظرنا على الضفة الأخرى، فنحاول العبور إليها، ولكن غالباً ما نصل متأخرين، أو لا نصل أبداً. ننشغل بجدالٍ عقيمٍ، بنقدٍ جارحٍ، بقلقٍ على تفاصيل لا تصنع مستقبلاً ولا تبني حلماً، نحمل فوق أكتافنا أعباء لم نخترها، نخوض معارك لم نردها، ونضيع أعواماً في البحث عن انتصاراتٍ زائفةٍ، فيما الهزيمة الحقيقية تكمن في أننا فقدنا الوقت، وفقدنا أنفسنا معه. حين نلتفت إلى الخلف، ندرك أن ما حسبناه معاركَ مصيرية، لم يكن سوى سراب، أشياء جانبية أغوتنا ببريقها الخادع، شغلتنا عن الحياة التي تستحق أن تُعاش. الحياة الحقيقية ليست في التفاصيل التي تستهلكنا، بل في الحب الذي نحمله لمن حولنا، في الشغف الذي يضيء دربنا، وفي الأحلام التي تستحق منا أن نناضل من أجلها. يقودنا الوهم نحو مساراتٍ تُبعدنا عن الحياة الحقيقية التي يجب أن نعيشها، ثم نستيقظ بعد أن يكون قطار العمر قد اقترب من محطته الأخيرة، وضاع الجزء الأكبر من حياتنا في معارك نكتشف متأخرين أنها تافهة وصغيرة، لم تكن تستحق الاهتمام الذي منحناها إياه عندما كان الوقت فسيحاً ومتاحاً، عندما كان الزمن كريماً معنا. أي حكمةٍ تلك التي ندعي أننا نتحلى بها ونحن نحارب طواحين الهواء؟ وأي عقلٍ ذاك الذي ندعي أننا نملكه ونحن نخوض معارك جانبيةٍ لا النصر فيها يضيف إلينا ولا الخسارة تضر بنا؟ وأي بحيرةٍ هادئةٍ تلك التي نظن أن سفينتنا سترسو على ضفافها ونحن نبحر محملين بالصخب الذي يملأ نفوسنا، ويعصف بعقولنا؟ تُرى، هل ندرك أن معظم المعارك التي خضناها لم تكن سوى أحداثٍ جانبيةٍ أشغلتنا عن حياتنا الحقيقية، ومتى ندرك ذلك؟ ربما نجد الإجابة في قصيدة القصيبي الوداعية «حديقة الغروب» التي قالها وهو على فراش المرض في الخامسة والستين من عمره، قبل رحيله بخمس سنوات، وربما تظل الإجابة موغلة في الغموض، تاركة الأسئلة مفتوحة على كل الاحتمالات التي يمكن أن تفكك ألغاز الحياة. السأم من تكاليف الحياة واحد من سمات الشعراء. وجدناه عند الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى، قبل القصيبي، عندما بلغ الثمانين من عمره، فهل هم الشعراء وحدهم الذين يسأمون تكاليف الحياة، أم هم وحدهم القادرون على التعبير عن مشاعرهم نيابة عن بقية البشر؟ في عام 1845م، قرر الفيلسوف الكاتب والشاعر الأمريكي «هنري ديفيد ثورو» العيش بمفرده لمدة عامين وشهرين في كوخ صغير بجوار بحيرة «والدن» في ماساتشوستس الأمريكية، بعيداً عن تعقيدات الحياة الحديثة. كان هدف «ثورو» أن يختبر الحياة البسيطة ويكتشف المعنى الحقيقي للوجود. دوّن «ثورو» هذه التجربة في كتابه «Walden; or, Life in the Woods» فتحدث عن أهمية العيش ببساطة، والاكتفاء الذاتي، وتأمل الطبيعة. خلص «ثورو» إلى أن ما يقاس بالمال ليس هو الثروة الحقيقية. ثروتنا الحقيقية هي الوقت والحرية. ربما تبدو مثل هذه الأفكار للبعض موغلة في الطوباوية، تتخيل مجتمعاً مثالياً خالياً من المشكلات، يسود فيه العدل والمساواة والسلام والازدهار التام، وهو ما يقول الواقع إنه حلم مستحيل التحقق في عالمنا المليء بالأنانية، والصراعات الفردية والجماعية، والحروب والقتل والدمار، وفي ظل شريعة الغاب التي يأكل فيها القوي الضعيف، حيث تغيب العدالة ويكون البقاء فيها للأقوى وليس الأنقى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store