#أحدث الأخبار مع #ـPEPFARIndependent عربية٢٠-٠٤-٢٠٢٥صحةIndependent عربيةواقع إنساني أليم في أفريقيا بعد وقف ترمب للمساعداتتستند هادجا بألم إلى جدار كوخها ذي الغرفة الواحدة، وتقلق الوالدة لثلاثة أطفال في شأن من سيعتني بأطفالها في حال وفاتها. أصيبت الشابة ذات الـ27 سنة بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب الذي نقله لها زوجها بلا علم منها، قبل أن تحمل في قريتها في جنوب أوغندا. منذ اتخاذ الولايات المتحدة قرارها المدمر [البالغ السوء] بوقف برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية حول العالم خلال يناير (كانون الثاني) الماضي حين قطعت عنها التمويل، تعاني السيدة صعوبات كبيرة للحصول على الأدوية الكفيلة بإنقاذ حياتها، وهي الأدوية الضرورية لمنع انتقال الفيروس إلى جنينها. وتقول "عندما تذهب إلى المستشفى الحكومي لا يعطونك الدواء. في بعض الأيام، نقصد المستشفيات ولا يكون فيها أطباء، وأيام أخرى، لا يتوافر فيها أي دواء"، وتشرح أنها تجني 1.5 جنيه [استرليني] يومياً من صناعة وبيع الفطائر، وهذا المبلغ غير كاف أبداً كي تدفع ثمن مضادات الفيروسات القهقرية وحدها. "حياتنا متوقفة على الدواء، وغيابه يقصر عمرنا. إن توفيت فسيعاني أطفالي". تحقق هذا السيناريو الأسوأ بالفعل في القرية المجاورة مع جيمس الخمسيني، الأب لأربعة أولاد، والمصاب بدوره بفيروس نقص المناعة البشرية. يستلقي الرجل على فراش مد على الأرض فيما ينهش الألم جسده، وتنظر إليه ابنة أخيه بياتريس نظرة عجز. إن السيدة وابنتها المراهقة مصابتان أيضاً بالفيروس. ولم يتمكن أي منهم من الحصول على الدواء منذ أكثر من شهر ونصف الشهر. في غياب مضادات الفيروسات القهقرية، بدأ جسم جيمس النحيل بالتوقف عن العمل، فيما يعاني الرجل من التهابات متتالية. وتعرف بياتريس أن دورها ودور ابنتها البالغة من العمر 14 سنة قد يأتي لا محالة بعده. وتقول هامسة "أقلق لأن الأعراض بدأت تظهر على ابنتي، فهي تشعر بحكة في جسمها وتفقد بصرها أحياناً. أخشى مما قد يحدث وابنتي تشعر بالمثل. وتستمر بسؤالي 'كيف سننجو يا أمي؟'". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في خطوة صادمة قام بها خلال الأيام الأولى لرئاسته، وقع دونالد ترمب على أمر تنفيذي جمد بموجبه كل المساعدات الخارجية تقريباً لمدة 90 يوماً، بالتوازي مع إطلاق مراجعة للبرامج الإغاثية بغية التأكد من تماشيها مع "المصالح الأميركية". وقد حتم ذلك وقف التمويل عن خطة الطوارئ المعنية بإغاثة المصابين بالإيدز (PEPFAR) التي كان أول من أطلقها رئيس جمهوري آخر هو جورج بوش الابن عام 2003، وتعد على نطاق واسع إحدى أنجح المبادرات في مجال الاستجابة لأزمة صحية عالمية إذ أنقذت عشرات ملايين الأرواح. وشملت الخطوات التي اتخذها ترمب قراراً بوقف العمل وتجميداً لتمويل المشاريع الراهنة والمستقبلية، فاختل مسار توزيع الدواء، كما العلاج، مما أثر في حياة 20 مليون شخص حول العالم. وعلى رغم الإعفاء [الاستثناء] الذي أعلنه لاحقاً وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على بعض الخدمات المنقذة للأرواح التي سمح بالاستمرار بتقديمها، ليس من الواضح إن كان ذلك القرار قيد التطبيق على أرض الواقع، ولا كيف يطبق. وتقول نائب المدير التنفيذي في برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز (UNAIDS) أنجيلي أشريكار إن جزءاً من التحدي هو أن القسم الأكبر من مهمة جمع البيانات والمراقبة وتطبيق البرامج -أو "بيئة تقديم الخدمات" كما تسميها- يمول من هيئة "بيبفار" PEPFAR وبات الآن معلقاً. بالتالي، أرجعت نحو 35 ألف حالة وفاة حسب التقديرات بالفعل إلى عمليات التعليق الشاملة، وفق حسابات أداة رصد الآثار التابعة لـPEPFAR. وفي الواقع، تقول أشريكار إن العالم كان متجهاً حقاً نحو وضع حد لوباء إيدز عالمي بحلول عام 2030 لكن ذلك سيصبح "مستحيلاً" إن استمر اقتطاع التمويل والاختلال الحالي.وفقاً لتحليل اندبندنت الخاص لبيانات برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز، إن لم يستأنف التمويل وبقيت الأمور على حالها، سيرتفع عدد الوفيات جراء الإصابة بالإيدز إلى 4 ملايين شخص بحلول نهاية العقد الحالي، ويبلغ مستويات الوفيات المدمرة خلال تسعينيات القرن الماضي ومطلع القرن الحالي. في الوقت نفسه، من المتوقع أن تسجل 6 ملايين إصابة جديدة بما فيها مليون إصابة في أوساط الأطفال بسبب انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين، وهو أكثر ما تخشاه هادجا. وتضيف أشريكار عابسة [الاستياء باد عليها] "نتكلم عن 2300 إصابة إضافية كل يوم. ليس من الممكن أبداً أن نتخلص من الإيدز في ظل استمرار هذا الرقم. إزاء هذه الأعداد من الإصابات الجديدة، لا يمكننا أن نوقف التمويل". حاولت "اندبندنت" الاتصال بوزارة الخارجية الأميركية طلباً لتعليقها، من دون جواب حتى الآن. وفي زيمبابوي وأوغندا، البلدين الذين تمول فيهما مبادرة "بيبفار" 60 و70 في المئة تباعاً في أقل تقدير من الإنفاق الوطني في مجال مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، يقول العاملون في القطاع الصحي والمرضى إن الإمدادات تنقص والعيادات نقفل أبوابها والمستشفيات الحكومية ترغم على عدم استقبال المرضى، والناس يتوفون. وفي الواقع، تفيد تقديرات برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز بأنه في حال توقف الدعم الذي تقدمه PEPFAR دون وجود بديل عنه، قد يتضاعف عدد الوفيات جراء فيروس نقص المناعة البشرية خمس مرات، فيما تتضاعف أعداد الإصابات الجديدة أربع مرات تقريباً بحلول عام 2030. وأكثر من يخشى عليهم هم الفئات المعرضة للتأثر والخطر، ومنهم العاملون في مجال الجنس مثل روز، 36 سنة، الأم لخمسة أطفال في جنجا، جنوب أوغندا. أصيبت روز بفيروس نقص المناعة البشرية الذي التقطته من زوجها المعنِّف الذي كان يغتصبها دورياً. وتوفي الرجل لاحقاً من المرض، وأرغمت الوالدة العزباء المفلسة على العمل بالدعارة لتأمين قوت العائلة. كانت تعتمد على مضادات الفيروسات القهقرية التي تعطيها إياها العيادات الحكومية والمنظمات الخيرية، وهي لا تحمي حياتها فحسب بل تحول دون نقل الفيروس إلى المرضى. ومنذ قطعت الولايات المتحدة المساعدات الخارجية، تقول إنها تعاني مشكلات كبيرة كي تحصل على الدواء، ورفضت المستشفيات استقبالها. ولأنها لا تجني أكثر من ستة جنيهات يومياً من العمل في الدعارة، لا يمكنها أن تدفع مبلغ 56 جنيهاً شهرياً مقابل شراء الدواء من الصيدلية، وفق قولها. وتقول "لا أجني أكثر من 'بضع جنيهات يومياً' أضطر لتخصيصها للأطفال، من نفقات مدرسية وبدل إيجار المنزل والطعام. وبعض الأيام، لا أوفق حتى بزبون واحد، وأضطر إلى سحب قروض"، وتكشف عن ذراعيها اللتين امتلأتا بالتقرحات والكدمات وغيرها من العلامات، وهي مؤشرات لا لبس فيها على وجود التهاب. "ولذا لا أتناول الدواء، لأنني لا أملك مالاً كافياً من أجل شرائه. وبعض الأيام، نكتفي بطعام الغداء ولا نتعشى. وجبة واحدة يومياً لا غير". وهي تخشى نقل الفيروس إلى زبائنها الذين يرفض عدد كبير منهم أن يضع واقياً ذكرياً. "تواجهنا أخطار كبيرة في هذا العمل. ونحن نتوسل عودة التمويل الأميركي". وتنعكس هذه الفوضى في العيادات. في عيادة مركز الأمل للأسرة في جنجا المجاورة، يقول العاملون في الرعاية الصحية إن تمويلهم كاملاً -الذي يشمل حتى بدلات الإيجار وفواتير المياه والكهرباء- يسدد من التمويل الحكومي الأميركي. وخلال يناير الماضي، اضطر المركز إلى إغلاق أبوابه لمدة شهر أو أكثر، ورفض استقبال ما يزيد على 5 آلاف مريض. ونظراً إلى الحاجة العارمة له، أعاد فتح أبوابه، فيما تقلص عدد العاملين فيه من 37 شخصاً إلى تسعة فحسب، جميعهم من المتطوعين من دون مقابل. لا يزال المستقبل غير واضح المعالم، كان من المفترض أن ينتهي إيجار مبنى العيادة في يوم زيارة "اندبندنت"، فيما كان مخزون الأدوية في المركز لا يكفي سوى شهرين. ويقول مدير العيادة الدكتور دانييل وامبوزي الذي يتبرع اليوم بخدماته كمتطوع، إن دواعي القلق المباشرة تشمل تطور سلالات جديدة من فيروس نقص المناعة البشرية، مقاومة للمضادات الحيوية بسبب الفجوة في تقديم العلاج. ويحذر الدكتور وامبوزي "إن لم يتغير هذا الوضع، ستظهر سلالات مقاومة للأدوية. وستعود الحال إلى ما كانت عليه منذ 10 أعوام. وسترتفع معدلات انتقال الفيروس. وسترتفع معدلات الوفيات. وسيطاح كل التقدم الذي أحرزناه". ويخشى متخصصو الأوبئة من احتمال تضاعف عدد مرضى فيروس نقص المناعة الذي يطورون مقاومة على مضادات الفيروسات القهقرية خلال الأعوام المقبلة، في حال استمرار هذه الاختلالات وارتفاع أعداد الإصابات. وهذا من الأمور التي تقض مضجع لورانس، وعمره 19 سنة، المصاب بالفيروس منذ الولادة، والذي انتابه الذعر عندما وصل إلى العيادة في يناير ووجد الأبواب موصدة. ويقول المراهق الذي أمل في أن يصبح طبيباً خلال يوم من الأيام ويعالج شخصياً مرضى فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز إنه"أردت أن أغرق نفسي. شعرت أنني لن أتمكن من الحصول على دوائي من أي مكان آخر". يخشى الشاب أن يؤدي أي انقطاع آخر في علاجه إلى مقاومة المرض للدواء، مما يعني أنه قد يحتاج إلى بدائل أغلى ثمناً. وهو يعالج حالياً بمضادات فيروسات قهقرية من المستوى الأول، تكلف وفقاً لبرنامج برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز UNAIDS، 64 دولاراً بالمعدل (نحو 48 جنيهاً استرلينياً) سنوياً للشخص الواحد في الدول ذات الدخل المنخفض. لكن قد يحتاج أي شخص يصاب بسلالات من الفيروس مقاومة لعدد من الأدوية إلى علاجات من المستوى الثاني أو الثالث، تكلف 405 دولارات سنوياً في الأقل، أي بزيادة ستة أضعاف تقريباً. ويضيف لورانس "إن نقص التمويل يعني نقص الدواء، مما يعني انعدام المستقبل". ومن الأخطار الأخرى للموضوع، العودة إلى الأيام المظلمة التي شهدت وفيات بالجملة وارتفاعاً كبيراً في أعداد الأطفال الذين يتمهم وباء سدد أشد ضرباته مجدداً إلى أفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى. ويفيد برنامج UNAIDS أنه في حال عدم الاستمرار ببرامج PEPFAR، سيفقد 3.4 مليون طفل إضافي أحد آبائهم لأسباب متعلقة بالإيدز. وفي شرق زيمبابوي، حل هذا الواقع بالفعل. وتقوم بروميس ماساوي البالغة من العمر 36 سنة، وهي متطوعة في القطاع الصحي تهتم بالأسر في أوساط مزارعين، برعاية طفلين توفي والداهما من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز خلال الأشهر الماضية. وتقول فيما تواسي هاردلايف البالغ من العمر 15 سنة، الذي توفي والداه خلال فبراير (شباط) الماضي بعد أن عجزا عن الحصول على الدواء، "إن الأمر لا يطاق لأننا لا نملك الإمكانات المادية المناسبة لضمان نجاة هؤلاء الأطفال". وتضيف أن معظم الأشخاص في هذا المجتمع الزراعي مصابون بالفيروس، لكن فرص العلاج نادرة. وتتابع بقولها "مع الأسف، لا تتوافر المنشآت التي تساعد في السيطرة على عدد الإصابات أو الحد منها، ومع ذلك لا يتوافر الدواء". ومن جهته، يخبرنا هاردلايف أن والده توفي أولاً، وحينها أخذت والدته تستميت في البحث عن أدوية مع تدهور حالتها الصحية وظهور التقرحات على جسدها وتساقط شعرها. ويقول بصوت هادئ "كانت تجد كمية ضئيلة من الدواء، أو لا تجده أبداً أحياناً". "آلمني واقع الحال جداً، فأنا ولدها الوحيد الذي كان بجوارها عندما مرضت، ولذلك كان علي أن أساعدها كي تبقى على قيد الحياة. لكن ذلك لم يحصل". ويقول هاردلايف -الذي يتكلم بنضج يفوق سنواته الـ15- إنه يريد أن يصبح طياراً و"يسافر إلى أوروبا" حيث الفرص والرعاية الصحية الأفضل. وهو يعيش اليوم مع جدته، حيث تواظب بروميس على تفقد أحواله. ويضيف "إنه أمر مؤلم. لكن علينا أن نتقبل أنه أصبح جزءاً من الحياة الآن".
Independent عربية٢٠-٠٤-٢٠٢٥صحةIndependent عربيةواقع إنساني أليم في أفريقيا بعد وقف ترمب للمساعداتتستند هادجا بألم إلى جدار كوخها ذي الغرفة الواحدة، وتقلق الوالدة لثلاثة أطفال في شأن من سيعتني بأطفالها في حال وفاتها. أصيبت الشابة ذات الـ27 سنة بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب الذي نقله لها زوجها بلا علم منها، قبل أن تحمل في قريتها في جنوب أوغندا. منذ اتخاذ الولايات المتحدة قرارها المدمر [البالغ السوء] بوقف برامج مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية حول العالم خلال يناير (كانون الثاني) الماضي حين قطعت عنها التمويل، تعاني السيدة صعوبات كبيرة للحصول على الأدوية الكفيلة بإنقاذ حياتها، وهي الأدوية الضرورية لمنع انتقال الفيروس إلى جنينها. وتقول "عندما تذهب إلى المستشفى الحكومي لا يعطونك الدواء. في بعض الأيام، نقصد المستشفيات ولا يكون فيها أطباء، وأيام أخرى، لا يتوافر فيها أي دواء"، وتشرح أنها تجني 1.5 جنيه [استرليني] يومياً من صناعة وبيع الفطائر، وهذا المبلغ غير كاف أبداً كي تدفع ثمن مضادات الفيروسات القهقرية وحدها. "حياتنا متوقفة على الدواء، وغيابه يقصر عمرنا. إن توفيت فسيعاني أطفالي". تحقق هذا السيناريو الأسوأ بالفعل في القرية المجاورة مع جيمس الخمسيني، الأب لأربعة أولاد، والمصاب بدوره بفيروس نقص المناعة البشرية. يستلقي الرجل على فراش مد على الأرض فيما ينهش الألم جسده، وتنظر إليه ابنة أخيه بياتريس نظرة عجز. إن السيدة وابنتها المراهقة مصابتان أيضاً بالفيروس. ولم يتمكن أي منهم من الحصول على الدواء منذ أكثر من شهر ونصف الشهر. في غياب مضادات الفيروسات القهقرية، بدأ جسم جيمس النحيل بالتوقف عن العمل، فيما يعاني الرجل من التهابات متتالية. وتعرف بياتريس أن دورها ودور ابنتها البالغة من العمر 14 سنة قد يأتي لا محالة بعده. وتقول هامسة "أقلق لأن الأعراض بدأت تظهر على ابنتي، فهي تشعر بحكة في جسمها وتفقد بصرها أحياناً. أخشى مما قد يحدث وابنتي تشعر بالمثل. وتستمر بسؤالي 'كيف سننجو يا أمي؟'". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في خطوة صادمة قام بها خلال الأيام الأولى لرئاسته، وقع دونالد ترمب على أمر تنفيذي جمد بموجبه كل المساعدات الخارجية تقريباً لمدة 90 يوماً، بالتوازي مع إطلاق مراجعة للبرامج الإغاثية بغية التأكد من تماشيها مع "المصالح الأميركية". وقد حتم ذلك وقف التمويل عن خطة الطوارئ المعنية بإغاثة المصابين بالإيدز (PEPFAR) التي كان أول من أطلقها رئيس جمهوري آخر هو جورج بوش الابن عام 2003، وتعد على نطاق واسع إحدى أنجح المبادرات في مجال الاستجابة لأزمة صحية عالمية إذ أنقذت عشرات ملايين الأرواح. وشملت الخطوات التي اتخذها ترمب قراراً بوقف العمل وتجميداً لتمويل المشاريع الراهنة والمستقبلية، فاختل مسار توزيع الدواء، كما العلاج، مما أثر في حياة 20 مليون شخص حول العالم. وعلى رغم الإعفاء [الاستثناء] الذي أعلنه لاحقاً وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو على بعض الخدمات المنقذة للأرواح التي سمح بالاستمرار بتقديمها، ليس من الواضح إن كان ذلك القرار قيد التطبيق على أرض الواقع، ولا كيف يطبق. وتقول نائب المدير التنفيذي في برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز (UNAIDS) أنجيلي أشريكار إن جزءاً من التحدي هو أن القسم الأكبر من مهمة جمع البيانات والمراقبة وتطبيق البرامج -أو "بيئة تقديم الخدمات" كما تسميها- يمول من هيئة "بيبفار" PEPFAR وبات الآن معلقاً. بالتالي، أرجعت نحو 35 ألف حالة وفاة حسب التقديرات بالفعل إلى عمليات التعليق الشاملة، وفق حسابات أداة رصد الآثار التابعة لـPEPFAR. وفي الواقع، تقول أشريكار إن العالم كان متجهاً حقاً نحو وضع حد لوباء إيدز عالمي بحلول عام 2030 لكن ذلك سيصبح "مستحيلاً" إن استمر اقتطاع التمويل والاختلال الحالي.وفقاً لتحليل اندبندنت الخاص لبيانات برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز، إن لم يستأنف التمويل وبقيت الأمور على حالها، سيرتفع عدد الوفيات جراء الإصابة بالإيدز إلى 4 ملايين شخص بحلول نهاية العقد الحالي، ويبلغ مستويات الوفيات المدمرة خلال تسعينيات القرن الماضي ومطلع القرن الحالي. في الوقت نفسه، من المتوقع أن تسجل 6 ملايين إصابة جديدة بما فيها مليون إصابة في أوساط الأطفال بسبب انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين، وهو أكثر ما تخشاه هادجا. وتضيف أشريكار عابسة [الاستياء باد عليها] "نتكلم عن 2300 إصابة إضافية كل يوم. ليس من الممكن أبداً أن نتخلص من الإيدز في ظل استمرار هذا الرقم. إزاء هذه الأعداد من الإصابات الجديدة، لا يمكننا أن نوقف التمويل". حاولت "اندبندنت" الاتصال بوزارة الخارجية الأميركية طلباً لتعليقها، من دون جواب حتى الآن. وفي زيمبابوي وأوغندا، البلدين الذين تمول فيهما مبادرة "بيبفار" 60 و70 في المئة تباعاً في أقل تقدير من الإنفاق الوطني في مجال مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية، يقول العاملون في القطاع الصحي والمرضى إن الإمدادات تنقص والعيادات نقفل أبوابها والمستشفيات الحكومية ترغم على عدم استقبال المرضى، والناس يتوفون. وفي الواقع، تفيد تقديرات برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز بأنه في حال توقف الدعم الذي تقدمه PEPFAR دون وجود بديل عنه، قد يتضاعف عدد الوفيات جراء فيروس نقص المناعة البشرية خمس مرات، فيما تتضاعف أعداد الإصابات الجديدة أربع مرات تقريباً بحلول عام 2030. وأكثر من يخشى عليهم هم الفئات المعرضة للتأثر والخطر، ومنهم العاملون في مجال الجنس مثل روز، 36 سنة، الأم لخمسة أطفال في جنجا، جنوب أوغندا. أصيبت روز بفيروس نقص المناعة البشرية الذي التقطته من زوجها المعنِّف الذي كان يغتصبها دورياً. وتوفي الرجل لاحقاً من المرض، وأرغمت الوالدة العزباء المفلسة على العمل بالدعارة لتأمين قوت العائلة. كانت تعتمد على مضادات الفيروسات القهقرية التي تعطيها إياها العيادات الحكومية والمنظمات الخيرية، وهي لا تحمي حياتها فحسب بل تحول دون نقل الفيروس إلى المرضى. ومنذ قطعت الولايات المتحدة المساعدات الخارجية، تقول إنها تعاني مشكلات كبيرة كي تحصل على الدواء، ورفضت المستشفيات استقبالها. ولأنها لا تجني أكثر من ستة جنيهات يومياً من العمل في الدعارة، لا يمكنها أن تدفع مبلغ 56 جنيهاً شهرياً مقابل شراء الدواء من الصيدلية، وفق قولها. وتقول "لا أجني أكثر من 'بضع جنيهات يومياً' أضطر لتخصيصها للأطفال، من نفقات مدرسية وبدل إيجار المنزل والطعام. وبعض الأيام، لا أوفق حتى بزبون واحد، وأضطر إلى سحب قروض"، وتكشف عن ذراعيها اللتين امتلأتا بالتقرحات والكدمات وغيرها من العلامات، وهي مؤشرات لا لبس فيها على وجود التهاب. "ولذا لا أتناول الدواء، لأنني لا أملك مالاً كافياً من أجل شرائه. وبعض الأيام، نكتفي بطعام الغداء ولا نتعشى. وجبة واحدة يومياً لا غير". وهي تخشى نقل الفيروس إلى زبائنها الذين يرفض عدد كبير منهم أن يضع واقياً ذكرياً. "تواجهنا أخطار كبيرة في هذا العمل. ونحن نتوسل عودة التمويل الأميركي". وتنعكس هذه الفوضى في العيادات. في عيادة مركز الأمل للأسرة في جنجا المجاورة، يقول العاملون في الرعاية الصحية إن تمويلهم كاملاً -الذي يشمل حتى بدلات الإيجار وفواتير المياه والكهرباء- يسدد من التمويل الحكومي الأميركي. وخلال يناير الماضي، اضطر المركز إلى إغلاق أبوابه لمدة شهر أو أكثر، ورفض استقبال ما يزيد على 5 آلاف مريض. ونظراً إلى الحاجة العارمة له، أعاد فتح أبوابه، فيما تقلص عدد العاملين فيه من 37 شخصاً إلى تسعة فحسب، جميعهم من المتطوعين من دون مقابل. لا يزال المستقبل غير واضح المعالم، كان من المفترض أن ينتهي إيجار مبنى العيادة في يوم زيارة "اندبندنت"، فيما كان مخزون الأدوية في المركز لا يكفي سوى شهرين. ويقول مدير العيادة الدكتور دانييل وامبوزي الذي يتبرع اليوم بخدماته كمتطوع، إن دواعي القلق المباشرة تشمل تطور سلالات جديدة من فيروس نقص المناعة البشرية، مقاومة للمضادات الحيوية بسبب الفجوة في تقديم العلاج. ويحذر الدكتور وامبوزي "إن لم يتغير هذا الوضع، ستظهر سلالات مقاومة للأدوية. وستعود الحال إلى ما كانت عليه منذ 10 أعوام. وسترتفع معدلات انتقال الفيروس. وسترتفع معدلات الوفيات. وسيطاح كل التقدم الذي أحرزناه". ويخشى متخصصو الأوبئة من احتمال تضاعف عدد مرضى فيروس نقص المناعة الذي يطورون مقاومة على مضادات الفيروسات القهقرية خلال الأعوام المقبلة، في حال استمرار هذه الاختلالات وارتفاع أعداد الإصابات. وهذا من الأمور التي تقض مضجع لورانس، وعمره 19 سنة، المصاب بالفيروس منذ الولادة، والذي انتابه الذعر عندما وصل إلى العيادة في يناير ووجد الأبواب موصدة. ويقول المراهق الذي أمل في أن يصبح طبيباً خلال يوم من الأيام ويعالج شخصياً مرضى فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز إنه"أردت أن أغرق نفسي. شعرت أنني لن أتمكن من الحصول على دوائي من أي مكان آخر". يخشى الشاب أن يؤدي أي انقطاع آخر في علاجه إلى مقاومة المرض للدواء، مما يعني أنه قد يحتاج إلى بدائل أغلى ثمناً. وهو يعالج حالياً بمضادات فيروسات قهقرية من المستوى الأول، تكلف وفقاً لبرنامج برنامج الأمم المتحدة المعني بالإيدز UNAIDS، 64 دولاراً بالمعدل (نحو 48 جنيهاً استرلينياً) سنوياً للشخص الواحد في الدول ذات الدخل المنخفض. لكن قد يحتاج أي شخص يصاب بسلالات من الفيروس مقاومة لعدد من الأدوية إلى علاجات من المستوى الثاني أو الثالث، تكلف 405 دولارات سنوياً في الأقل، أي بزيادة ستة أضعاف تقريباً. ويضيف لورانس "إن نقص التمويل يعني نقص الدواء، مما يعني انعدام المستقبل". ومن الأخطار الأخرى للموضوع، العودة إلى الأيام المظلمة التي شهدت وفيات بالجملة وارتفاعاً كبيراً في أعداد الأطفال الذين يتمهم وباء سدد أشد ضرباته مجدداً إلى أفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى. ويفيد برنامج UNAIDS أنه في حال عدم الاستمرار ببرامج PEPFAR، سيفقد 3.4 مليون طفل إضافي أحد آبائهم لأسباب متعلقة بالإيدز. وفي شرق زيمبابوي، حل هذا الواقع بالفعل. وتقوم بروميس ماساوي البالغة من العمر 36 سنة، وهي متطوعة في القطاع الصحي تهتم بالأسر في أوساط مزارعين، برعاية طفلين توفي والداهما من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز خلال الأشهر الماضية. وتقول فيما تواسي هاردلايف البالغ من العمر 15 سنة، الذي توفي والداه خلال فبراير (شباط) الماضي بعد أن عجزا عن الحصول على الدواء، "إن الأمر لا يطاق لأننا لا نملك الإمكانات المادية المناسبة لضمان نجاة هؤلاء الأطفال". وتضيف أن معظم الأشخاص في هذا المجتمع الزراعي مصابون بالفيروس، لكن فرص العلاج نادرة. وتتابع بقولها "مع الأسف، لا تتوافر المنشآت التي تساعد في السيطرة على عدد الإصابات أو الحد منها، ومع ذلك لا يتوافر الدواء". ومن جهته، يخبرنا هاردلايف أن والده توفي أولاً، وحينها أخذت والدته تستميت في البحث عن أدوية مع تدهور حالتها الصحية وظهور التقرحات على جسدها وتساقط شعرها. ويقول بصوت هادئ "كانت تجد كمية ضئيلة من الدواء، أو لا تجده أبداً أحياناً". "آلمني واقع الحال جداً، فأنا ولدها الوحيد الذي كان بجوارها عندما مرضت، ولذلك كان علي أن أساعدها كي تبقى على قيد الحياة. لكن ذلك لم يحصل". ويقول هاردلايف -الذي يتكلم بنضج يفوق سنواته الـ15- إنه يريد أن يصبح طياراً و"يسافر إلى أوروبا" حيث الفرص والرعاية الصحية الأفضل. وهو يعيش اليوم مع جدته، حيث تواظب بروميس على تفقد أحواله. ويضيف "إنه أمر مؤلم. لكن علينا أن نتقبل أنه أصبح جزءاً من الحياة الآن".