logo
#

أحدث الأخبار مع #فارسلونيس،

وسائل الإعلام الفرنسية: في خدمة ماذا ومن؟
وسائل الإعلام الفرنسية: في خدمة ماذا ومن؟

الشروق

time٠٤-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشروق

وسائل الإعلام الفرنسية: في خدمة ماذا ومن؟

وسط عاصفة الأزمة الدبلوماسية الحادة التي تشهدها العلاقات الجزائرية الفرنسية، أصبحت الجزائر موضوعا رئيسيا في العديد من وسائل الإعلام المهيمنة في فرنسا، حيث تُخصَّص لها برامج تلفزيونية وصفحات عديدة في الصحف، ولكن من زاوية يصفها الصحفي والكاتب المقيم في باريس، فارس لونيس، بأنها 'اجترار لا متناه لثقافات الكولونيالية والعنصرية التي لا تزال حاضرة بشكل كبير داخل نخب الوسط واليمين واليمين المتطرف'. ويشرح لونيس في أجوبته على أسئلة ' الشروق أونلاين ' أنه 'في فرنسا، تُعتبر الجزائر وشعبها، وخاصة مزدوجو الجنسية، قضية سياسية داخلية تُستَغل، بذريعة محاربة الهجرة غير الشرعية وما يُسمى 'الإرهاب الإسلامي'، لتبرير العنف السياسي، وأحيانا الجسدي، الذي يستهدف العمال المهاجرين من العرب والأفارقة والآسيويين، وكل الطبقات الكادحة المقيمة في البلد وحقوقها، إضافة إلى اليسار والتقدميين ومناهضي العنصرية'. ويصف الصحفي هذا الوضع بأنه 'مرض الحنين إلى لا إنسانية زمن المستعمرات، الناخر لجسد فئة كبيرة من السياسيين الفرنسيين غير المتقبلين لفكرة وجود كيان سياسي مستقل اسمه 'الجزائر'، ولفكرة وجود أفراد ينتمون إلى شعب غير مستعبد يقيم داخل هذا البلد أو خارجه'. وأمام هذا الواقع، تستنجد هذه النخب بالإعلام 'لأجل تنميط الجزائريين وحصرهم في خانة الهجرة غير الشرعية والتطرف الديني والإرهاب و'الكره التاريخي لفرنسا'. ولهذا الإعلام، 'المروج للبذاءة والكراهية' ضد الجزائريين بصفة خاصة والأجانب بصفة عامة، جنود من الكتّاب والصحافيين الذين 'ينشطون بقوة في منابر ثقافية عدة لتمجيد التاريخ الاستعماري الفرنسي، والذي يمكن تلخيصه في الآتي: استقلال الجزائر خطأ تاريخي فادح، الجزائر لم تكن موجودة قبل الاستعمار، اللغة العربية لغة التخلف، اللغة الفرنسية لغة التقدم والحرية، الهدف الوجودي للشعب الجزائري هو كره فرنسا، الجزائريون المقيمون في فرنسا لصوص ينهبون ثروات بلد يحبون كرهه'، يقول ، لافتًا إلى أن الصوت الجزائري الذي يسعى لأن يجد لنفسه مكانًا في هذا الوسط الإعلامي والأدبي عليه أن يتبنى هذا الخطاب. إقرأ أيضا – حوار مع المؤرّخ الفرنسي دومينيك فيدال: كيف تنظر فرنسا إلى فلسطين منذ النكبة إلى طوفان الأقصى ؟ قبل بداية الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، كان هذا الإعلام يركز على موضوع آخر، وهو حرب الإبادة على غزة، حيث واكب 'دموية الاحتلال الإسرائيلي من خلال تبني سردية كولونيالية ترى في العرب والفلسطينيين مجرد حيوانات مفترسة يجب على 'الحضارة' إبادتها'، يقول لونيس. هنا تجدر الإشارة إلى أن هذا ليس توجه كل وسائل الإعلام الفرنسية، فهناك مؤسسات إعلامية مستقلة أو بديلة، رغم قلتها، ذات توجه يساري وإنساني في معظم الأحيان، حيث يكون الطرح مختلفا: 'الشؤون المتعلقة بالجزائر تُناقش ببرودة وموضوعية، أما التعاطف مع القضية الفلسطينية والتنديد ببربرية الاحتلال فهو أمر غير قابل للنقاش'. وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد أشار، في الحوار الذي خصّ به صحيفة 'لوبينيون' الفرنسية يوم 2 فيفري ، إلى أن هناك مثقفين ورجال سياسة فرنسيين يحظون باحترام في الجزائر والعالم العربي، داعيًا وسائل الإعلام الفرنسية إلى منحهم الكلمة لمخاطبة الفرنسيين، و'أن يتمكنوا أيضا من التعبير عن آرائهم، وألا يُترك المجال لمن يدّعون أنهم صحفيون لمقاطعتهم وإهانتهم، وخصوصا في وسائل الإعلام التابعة لفانسان بولوري، التي تتمثل مهمتها اليومية في تشويه صورة الجزائر وكل شيء لا ينتمي لليمين المتطرف.' ليؤكد تبون 'ليس لدينا أي مشكلة مع وسائل الإعلام الأخرى، سواء كانت تابعة للقطاع العام أو الخاص'. تتركز وسائل الإعلام الفرنسية في يد مجموعة من رجال المال، منهم فانسان بولوري ، الذين يوجهون إمبراطوريتهم الإعلامية لخدمة أجندتهم السياسية، وذلك من خلال التأثير على الرأي العام الفرنسي عبر وسائل الإعلام ومؤسسات سبر الآراء. ففي فرنسا يمتلك أحد عشر مليارديرًا 80% من الصحافة اليومية العامة، وحوالي 60% من جمهور التلفزيون، ونصف جمهور الراديو. هذا التركيز الإعلامي في يد قلة من رجال المال يسمح بتوجيه الرأي العام الفرنسي بما يخدم مصالح هؤلاء. وفي هذا السياق، يستغل الاستغلال المرضي للقضية الجزائرية لتدمير ما تبقى من أسس دولة القانون في فرنسا. أثناء مداخلة له في طاولة مستديرة حول الموضوع خلال ' حفل الإنسانية ' في 15 سبتمبر 2024، قال أليكسيس ليفريي، وهو مؤرخ مختص بوسائل الإعلام: 'نموذج بولوري هو روبرت مردوخ: فهو حاضر في كل مكان، في وسائل الإعلام السمعية البصرية، والصحافة المكتوبة، والإعلان، والاتصال، والتوزيع من خلال متاجر ''، والموسيقى والغناء والمهرجانات الموسيقية، وبطبيعة الحال في النشر، حيث حاول الاستحواذ على أكبر مجموعتين، 'إيديتيس' و'هاشيت'. بولوري يدفعنا إلى حقبة جديدة، حقبة إمبراطورية سياسية-إعلامية.' ويستخدم بولوري أساليب قاسية للسيطرة على المعلومات وترهيب الصحفيين. وقد نشرت 'مراسلون بلا حدود' في 14 أكتوبر 2021 وثائقيا قصيرا تحت عنوان ' نظام ب. '، يكشف عن اليد الحديدية التي يتعامل بها رجل الأعمال مع وسائل الإعلام هذه أين تغيب حرية الصحافة وحق المواطن في المعلومة، والتي تعوض بالأجندات السياسية. فتستبدل هذه الإمبراطوريات الإعلامية هذه الواقع المعاش للمواطن الفرنسي بأحداث (fait-divers) تُستغل بطريقة ممنهجة لإيهام المواطن البسيط بأن الحرب الأهلية على الأبواب، وأن سكان الضواحي يستعدون لـ'فتوحات إسلامية جديدة ضد الكفار'، يشرح لونيس مضيفا أنه تم مسح قضايا العدالة الاجتماعية والديمقراطية من المنابر الإعلامية المهيمنة، واستُبدلت بعنصرية مهووسة بالهوية وبخطاب 'الغزو العربي-الأفريقي-الإسلامي'. يقول فارس لونيس: 'هناك كتاب ممتاز للصحافية بولين بيرنو بعنوان 'الإعلام ضد اليسار'، نشرته دار 'أغون' عام 2023، يلخص حال النقاشات في برامج القنوات التلفزيونية ذات المشاهدة الواسعة: المزيد من الفقر للفقراء، المزيد من العنف والعنصرية ضد العرب والمسلمين، المزيد من الهلع الأخلاقي والهوس الهوياتي، المزيد من الكذب حول أرقام الهجرة الشرعية وغير الشرعية، المزيد من النيوليبرالية وخصخصة القطاع العام، المزيد من التهكم على حقوق الموظفين والمستضعفين. لكن الهوس الأكبر لهذا الإعلام هو اليسار، وخاصة حزب 'فرنسا الأبية''. أما الإعلام العمومي، فبالإضافة إلى قلته العددية، فإنه يتمتع باستقلالية نسبية بسبب رقابة غير معلنة تمارسها عليه نخب سياسية يمينية ويمينية متطرفة، متخصصة في شن حملات ضد هذه الوسائل الإعلامية وصحافييها، باسم الدفاع عن الأملاك العمومية للدولة، كلما خالفتها الطرح. ما يجعل المعلومة فيها، وإن وُجدت، مبتورة. فقد شنّ هؤلاء حملة ضد الكاتب في السياسة والمؤرخ الفرنسي الجزائري، نجيب سيدي موسى ، بسبب نقده للمواقف اليمينية المتطرفة للكاتب الجزائري الحديث التجنيس فرنسيا والموقوف بوعلام صنصال، أثناء مروره يوم 24 نوفمبر 2024 في برنامج 'C Politique' الذي بثته قناة 'فرانس 5' العمومية تحت عنوان 'فرنسا – الجزائر: الحرب التي لا نهاية لها'. 'لقد تهكم أصدقاء كاتب 'قسم البرابرة' بعنصرية سوداء على صاحب الكتاب المهم 'تاريخ جزائري لفرنسا'، المنشور لدى دار 'PUF' عام 2022، لكونه مثقفا جزائريا ويساريا ومناهضا للأفكار الكولونيالية اللواتي يدافع عنها أمثال كمال داود الذي توجت مؤخرا رجعياته السياسة بجائزة مفكبرة اسمها 'غونكور'، وهذا بعد الاستغلال الشنيع لمأساة سعادة عربان في كتاب 'حوريات' الصادر عن دار غاليمار في عام 2024 '، يعلق فارس لونيس على الحادثة. C'était décidément le feu sur le plateau des qualifications des plus grands métiers des Hauts-de-France, on a failli s'y perdre 😎 Retrouvez la Mise à jour de @MerwaneB sur #CàVous — C à vous (@cavousf5) January 31, 2025 فكان يكفي لسيدي موسى أن يقول إن صنصال 'لم يكن رجل تنوير يدافع عن قضايا عظيمة'، مشيرا إلى أنه 'كان يروج في كل مرة لخطاب معاد للمهاجرين، وكان يردد عبارات وردت على لسان إيريك زمور'، لتنطلق حملة كراهية ضده بدأت على شبكات التواصل الاجتماعي، ثم انتقلت إلى وسائل إعلام يمينية. 'لقد برر كل العسس اليميني والفاشي لـ'حرية التعبير' الحملة العنصرية التي شنت على المؤرخ بينما تساءل آخرون من نفس التيار الحاقد على وجود الجزائر ككيان سياسي مستقل عن أحقية هذا الأخير ب'الجنسية الفرنسية''. كما شهد الفكاهي مروان بنلزار، وفي حصة 'C à Vous' التي بثتها 'فرانس 5' يوم 31 جانفي، فصله النهائي من القناة العمومية الفرنسية بعد أول ظهور له فيها، وذلك بسبب مظهره، حيث كان يرتدي قميصا فضفاضا، وله لحية طويلة وقبعة. وكان هذا كافيا لوزيرة الثقافة رشيدة داتي لتعد أنه لن يدخل مجددا التلفيون العمومي، ليس لأنه فشل في أداء مهمته وإضحاك المشاهدين أو بسبب ما قاله في الحصة ولا ما نشره في وسائل التواصل الاجتماعي قديما، بل لمجرد مظهره. في ظل الرثاثة المهيمنة على الاعلام الفرنسي، يتضح لنا جليا أن 'الجزائري المسموع' هو الجزائري المنبطح والمُتميِّع في الفكر العنصري والكولونيالي الذي يسعى جاهدا للإطاحة بالديموقراطية في فرنسا، يختم فارس لونيس حديثه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store