
وسائل الإعلام الفرنسية: في خدمة ماذا ومن؟
وسط عاصفة الأزمة الدبلوماسية الحادة التي تشهدها العلاقات الجزائرية الفرنسية، أصبحت الجزائر موضوعا رئيسيا في العديد من وسائل الإعلام المهيمنة في فرنسا، حيث تُخصَّص لها برامج تلفزيونية وصفحات عديدة في الصحف، ولكن من زاوية يصفها الصحفي والكاتب المقيم في باريس، فارس لونيس، بأنها 'اجترار لا متناه لثقافات الكولونيالية والعنصرية التي لا تزال حاضرة بشكل كبير داخل نخب الوسط واليمين واليمين المتطرف'.
ويشرح لونيس في أجوبته على أسئلة ' الشروق أونلاين ' أنه 'في فرنسا، تُعتبر الجزائر وشعبها، وخاصة مزدوجو الجنسية، قضية سياسية داخلية تُستَغل، بذريعة محاربة الهجرة غير الشرعية وما يُسمى 'الإرهاب الإسلامي'، لتبرير العنف السياسي، وأحيانا الجسدي، الذي يستهدف العمال المهاجرين من العرب والأفارقة والآسيويين، وكل الطبقات الكادحة المقيمة في البلد وحقوقها، إضافة إلى اليسار والتقدميين ومناهضي العنصرية'.
ويصف الصحفي هذا الوضع بأنه 'مرض الحنين إلى لا إنسانية زمن المستعمرات، الناخر لجسد فئة كبيرة من السياسيين الفرنسيين غير المتقبلين لفكرة وجود كيان سياسي مستقل اسمه 'الجزائر'، ولفكرة وجود أفراد ينتمون إلى شعب غير مستعبد يقيم داخل هذا البلد أو خارجه'.
وأمام هذا الواقع، تستنجد هذه النخب بالإعلام 'لأجل تنميط الجزائريين وحصرهم في خانة الهجرة غير الشرعية والتطرف الديني والإرهاب و'الكره التاريخي لفرنسا'. ولهذا الإعلام، 'المروج للبذاءة والكراهية' ضد الجزائريين بصفة خاصة والأجانب بصفة عامة، جنود من الكتّاب والصحافيين الذين 'ينشطون بقوة في منابر ثقافية عدة لتمجيد التاريخ الاستعماري الفرنسي، والذي يمكن تلخيصه في الآتي: استقلال الجزائر خطأ تاريخي فادح، الجزائر لم تكن موجودة قبل الاستعمار، اللغة العربية لغة التخلف، اللغة الفرنسية لغة التقدم والحرية، الهدف الوجودي للشعب الجزائري هو كره فرنسا، الجزائريون المقيمون في فرنسا لصوص ينهبون ثروات بلد يحبون كرهه'، يقول ، لافتًا إلى أن الصوت الجزائري الذي يسعى لأن يجد لنفسه مكانًا في هذا الوسط الإعلامي والأدبي عليه أن يتبنى هذا الخطاب.
إقرأ أيضا – حوار مع المؤرّخ الفرنسي دومينيك فيدال: كيف تنظر فرنسا إلى فلسطين منذ النكبة إلى طوفان الأقصى ؟
قبل بداية الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، كان هذا الإعلام يركز على موضوع آخر، وهو حرب الإبادة على غزة، حيث واكب 'دموية الاحتلال الإسرائيلي من خلال تبني سردية كولونيالية ترى في العرب والفلسطينيين مجرد حيوانات مفترسة يجب على 'الحضارة' إبادتها'، يقول لونيس.
هنا تجدر الإشارة إلى أن هذا ليس توجه كل وسائل الإعلام الفرنسية، فهناك مؤسسات إعلامية مستقلة أو بديلة، رغم قلتها، ذات توجه يساري وإنساني في معظم الأحيان، حيث يكون الطرح مختلفا: 'الشؤون المتعلقة بالجزائر تُناقش ببرودة وموضوعية، أما التعاطف مع القضية الفلسطينية والتنديد ببربرية الاحتلال فهو أمر غير قابل للنقاش'.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد أشار، في الحوار الذي خصّ به صحيفة 'لوبينيون' الفرنسية يوم 2 فيفري ، إلى أن هناك مثقفين ورجال سياسة فرنسيين يحظون باحترام في الجزائر والعالم العربي، داعيًا وسائل الإعلام الفرنسية إلى منحهم الكلمة لمخاطبة الفرنسيين، و'أن يتمكنوا أيضا من التعبير عن آرائهم، وألا يُترك المجال لمن يدّعون أنهم صحفيون لمقاطعتهم وإهانتهم، وخصوصا في وسائل الإعلام التابعة لفانسان بولوري، التي تتمثل مهمتها اليومية في تشويه صورة الجزائر وكل شيء لا ينتمي لليمين المتطرف.' ليؤكد تبون 'ليس لدينا أي مشكلة مع وسائل الإعلام الأخرى، سواء كانت تابعة للقطاع العام أو الخاص'.
تتركز وسائل الإعلام الفرنسية في يد مجموعة من رجال المال، منهم فانسان بولوري ، الذين يوجهون إمبراطوريتهم الإعلامية لخدمة أجندتهم السياسية، وذلك من خلال التأثير على الرأي العام الفرنسي عبر وسائل الإعلام ومؤسسات سبر الآراء.
ففي فرنسا يمتلك أحد عشر مليارديرًا 80% من الصحافة اليومية العامة، وحوالي 60% من جمهور التلفزيون، ونصف جمهور الراديو. هذا التركيز الإعلامي في يد قلة من رجال المال يسمح بتوجيه الرأي العام الفرنسي بما يخدم مصالح هؤلاء. وفي هذا السياق، يستغل الاستغلال المرضي للقضية الجزائرية لتدمير ما تبقى من أسس دولة القانون في فرنسا.
أثناء مداخلة له في طاولة مستديرة حول الموضوع خلال ' حفل الإنسانية ' في 15 سبتمبر 2024، قال أليكسيس ليفريي، وهو مؤرخ مختص بوسائل الإعلام: 'نموذج بولوري هو روبرت مردوخ: فهو حاضر في كل مكان، في وسائل الإعلام السمعية البصرية، والصحافة المكتوبة، والإعلان، والاتصال، والتوزيع من خلال متاجر ''، والموسيقى والغناء والمهرجانات الموسيقية، وبطبيعة الحال في النشر، حيث حاول الاستحواذ على أكبر مجموعتين، 'إيديتيس' و'هاشيت'. بولوري يدفعنا إلى حقبة جديدة، حقبة إمبراطورية سياسية-إعلامية.'
ويستخدم بولوري أساليب قاسية للسيطرة على المعلومات وترهيب الصحفيين. وقد نشرت 'مراسلون بلا حدود' في 14 أكتوبر 2021 وثائقيا قصيرا تحت عنوان ' نظام ب. '، يكشف عن اليد الحديدية التي يتعامل بها رجل الأعمال مع وسائل الإعلام هذه أين تغيب حرية الصحافة وحق المواطن في المعلومة، والتي تعوض بالأجندات السياسية.
فتستبدل هذه الإمبراطوريات الإعلامية هذه الواقع المعاش للمواطن الفرنسي بأحداث (fait-divers) تُستغل بطريقة ممنهجة لإيهام المواطن البسيط بأن الحرب الأهلية على الأبواب، وأن سكان الضواحي يستعدون لـ'فتوحات إسلامية جديدة ضد الكفار'، يشرح لونيس مضيفا أنه تم مسح قضايا العدالة الاجتماعية والديمقراطية من المنابر الإعلامية المهيمنة، واستُبدلت بعنصرية مهووسة بالهوية وبخطاب 'الغزو العربي-الأفريقي-الإسلامي'.
يقول فارس لونيس: 'هناك كتاب ممتاز للصحافية بولين بيرنو بعنوان 'الإعلام ضد اليسار'، نشرته دار 'أغون' عام 2023، يلخص حال النقاشات في برامج القنوات التلفزيونية ذات المشاهدة الواسعة: المزيد من الفقر للفقراء، المزيد من العنف والعنصرية ضد العرب والمسلمين، المزيد من الهلع الأخلاقي والهوس الهوياتي، المزيد من الكذب حول أرقام الهجرة الشرعية وغير الشرعية، المزيد من النيوليبرالية وخصخصة القطاع العام، المزيد من التهكم على حقوق الموظفين والمستضعفين. لكن الهوس الأكبر لهذا الإعلام هو اليسار، وخاصة حزب 'فرنسا الأبية''.
أما الإعلام العمومي، فبالإضافة إلى قلته العددية، فإنه يتمتع باستقلالية نسبية بسبب رقابة غير معلنة تمارسها عليه نخب سياسية يمينية ويمينية متطرفة، متخصصة في شن حملات ضد هذه الوسائل الإعلامية وصحافييها، باسم الدفاع عن الأملاك العمومية للدولة، كلما خالفتها الطرح. ما يجعل المعلومة فيها، وإن وُجدت، مبتورة.
فقد شنّ هؤلاء حملة ضد الكاتب في السياسة والمؤرخ الفرنسي الجزائري، نجيب سيدي موسى ، بسبب نقده للمواقف اليمينية المتطرفة للكاتب الجزائري الحديث التجنيس فرنسيا والموقوف بوعلام صنصال، أثناء مروره يوم 24 نوفمبر 2024 في برنامج 'C Politique' الذي بثته قناة 'فرانس 5' العمومية تحت عنوان 'فرنسا – الجزائر: الحرب التي لا نهاية لها'.
'لقد تهكم أصدقاء كاتب 'قسم البرابرة' بعنصرية سوداء على صاحب الكتاب المهم 'تاريخ جزائري لفرنسا'، المنشور لدى دار 'PUF' عام 2022، لكونه مثقفا جزائريا ويساريا ومناهضا للأفكار الكولونيالية اللواتي يدافع عنها أمثال كمال داود الذي توجت مؤخرا رجعياته السياسة بجائزة مفكبرة اسمها 'غونكور'، وهذا بعد الاستغلال الشنيع لمأساة سعادة عربان في كتاب 'حوريات' الصادر عن دار غاليمار في عام 2024 '، يعلق فارس لونيس على الحادثة.
C'était décidément le feu sur le plateau des qualifications des plus grands métiers des Hauts-de-France, on a failli s'y perdre 😎
Retrouvez la Mise à jour de @MerwaneB sur https://t.co/PaWkY6881E #CàVous pic.twitter.com/ozVj9SO3RD
— C à vous (@cavousf5) January 31, 2025
فكان يكفي لسيدي موسى أن يقول إن صنصال 'لم يكن رجل تنوير يدافع عن قضايا عظيمة'، مشيرا إلى أنه 'كان يروج في كل مرة لخطاب معاد للمهاجرين، وكان يردد عبارات وردت على لسان إيريك زمور'، لتنطلق حملة كراهية ضده بدأت على شبكات التواصل الاجتماعي، ثم انتقلت إلى وسائل إعلام يمينية. 'لقد برر كل العسس اليميني والفاشي لـ'حرية التعبير' الحملة العنصرية التي شنت على المؤرخ بينما تساءل آخرون من نفس التيار الحاقد على وجود الجزائر ككيان سياسي مستقل عن أحقية هذا الأخير ب'الجنسية الفرنسية''.
كما شهد الفكاهي مروان بنلزار، وفي حصة 'C à Vous' التي بثتها 'فرانس 5' يوم 31 جانفي، فصله النهائي من القناة العمومية الفرنسية بعد أول ظهور له فيها، وذلك بسبب مظهره، حيث كان يرتدي قميصا فضفاضا، وله لحية طويلة وقبعة. وكان هذا كافيا لوزيرة الثقافة رشيدة داتي لتعد أنه لن يدخل مجددا التلفيون العمومي، ليس لأنه فشل في أداء مهمته وإضحاك المشاهدين أو بسبب ما قاله في الحصة ولا ما نشره في وسائل التواصل الاجتماعي قديما، بل لمجرد مظهره.
في ظل الرثاثة المهيمنة على الاعلام الفرنسي، يتضح لنا جليا أن 'الجزائري المسموع' هو الجزائري المنبطح والمُتميِّع في الفكر العنصري والكولونيالي الذي يسعى جاهدا للإطاحة بالديموقراطية في فرنسا، يختم فارس لونيس حديثه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشروق
منذ 5 أيام
- الشروق
بطاقة المقاول الذاتي لممارسة نشاط 'الاستيراد المصغّر'
أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في اجتماع مجلس الوزراء يوم الأحد، بتسوية شاملة ونهائية لوضعية الشباب العاملين في الاستيراد المصغر الذاتي، أو ما يعرف شعبيا بتجارة 'الكابة'. وجاء في بيان الاجتماع أن الرئيس تبون، و'اهتماما بوضعية مختلف الفئات الشبانية'، أمر بحماية هؤلاء التجار بـ'إدماجهم في النشاط النظامي للتجارة الخارجية. من خلال تمكينهم من مزايا القانون الخاص بالمقاول الذاتي'. حيث وجّه الرئيس بمنح تجار 'الكابة' صفة أعوان اقتصاديين، مما يوفر لهم امتيازات اجتماعية وتجارية. بحيث تكون بديلا لهم عن وضعيتهم الحالية غير القانونية، إزاء عمليات الاستيراد المصغر عبر الموانئ والمطارات. كما أمر الرئيس تبون الوزير الأول بـ'تكوين لجنة لتحديد آليات نشاط هؤلاء الشباب. الذين يستثمرون رؤوس أموالهم المتواضعة في تلبية حاجيات بسيطة، لها أثرها في السوق، وبكميات محدودة'. على أن تحدّد هذه اللجنة التي يرأسها الوزير الأول، قائمة المواد المسموح لهؤلاء الشباب باستيرادها. بما يكفل استمرار نشاطهم، مع الالتزام بالضوابط القانونية والجبائية المُنظّمة. وفي 20 جانفي 2024، أطلقت المنصة الرقمية المخصّصة لتسجيل الراغبين في حمل بطاقة المقاول الذاتي. التي تسمح لممارسي نحو 1300 نشاط بشكل فردي ومستقلّ، بالعمل بصفة قانونية. وتعود فكرة إصدار بطاقة مهنية للمقاول الذاتي (الفريلانسر) في الجزائر، إلى العام 2021. بالضبط في اجتماع عقده وزير القطاع مع مجموعة 'المؤسسات الجزائرية الناشطة في المجال الرقمي' (GAAN). ويستفيد حاملو هذه البطاقة، من ضريبة تفضيلية لا تتجاوز نسبتها 0.5 بالمئة من رقم الأعمال السنوي. إلى جانب نظام خاص للاشتراك في صندوق الضمان الاجتماعي. هارون: لهذا السبب لن يكون هناك تداخل بين تنظيم نشاط الاستيراد المصغّر ونشاط المستوردين الكبار واعتبر أستاذ الاقتصاد الدكتور عمر هارون في تصريح لـ'الشروق أونلاين'، أن أوامر الرئيس تبون بتنظيم الاستيراد المصغّر، تؤكد أن سلطات البلاد تعمل على تنظيم الاستيراد، وليس الحدّ منه. 'خاصة أن هؤلاء الشباب ينشطون في استيراد مجموعة من السلع الصغيرة، في إطار نشاطات تجارية مبسّطة ومصغّرة'، يردف الخبير الاقتصادي. وأشار هارون إلى أن 'إدماج هذه الفئة من التجار الصغار، في نظام المقاول الذاتي، سيمنحهم تغطية اجتماعية ويوجّههم نحو مسار قانوني، مقابل دفع ضرائب لا تتعدى نسبتها 0.5 بالمئة'. مضيفا أن 'اللجنة التي سيتم استحداثها، ستحدّد السلع والكميات المعنية بنشاط الاستيراد المصغّر'. 'ومن هنا، لن يكون هناك تداخل بين النشاط المصغّر لتجار 'الكابة'، الذين سيمارسون نشاطهم بأريحية وبشكل قانوني ووفق رؤية تخدم مصلحتهم الدولة ومصالحهم أيضا. ونشاط المستوردين الكبار وممثلي العلامات التجارية الأجنبية الذين يُدخلون إلى البلاد كميات كبيرة من سلع مختلفة'. وختم الدكتور هارون حديثه بالقول إن 'الدولة الجزائرية ليست ضد أبنائها، لكنها مع تنظيم النشاط الاقتصادي. بما يخدم صالح الاقتصاد الوطني، وصالح الشباب الجزائري أيضا'. جمعية التجار والحرفيين: تسوية وضعية المستوردين غير النظاميين سيضمن لهم 'مصدر دخل مشروع وقانوني' من جهتها، ثمّنت جمعية التجار والحرفيين في بيان، قرار رئيس الجمهورية بتسوية وضعية المستوردين غير النظاميين، وتحديد آليات نشاطهم وإعداد قائمة المواد المسموح لهم باستيرادها، وقالت إنه سيضمن لهذه الفئة 'مصدر دخل مشروع وقانوني'، ويحميها من الحجز والعقوبات. 'كما يساهم القرار في تقليص حجم السوق الموازية، التي تستنزف الخزينة العمومية، وتعرقل الاستثمار، وتقضي على شروط المنافسة الشريفة'، تضيف الجمعية. مؤكدة أن القرار 'سيشجع الشباب عموما على الاندماج في النشاطات الاقتصادية النظامية'. ودعت جمعية التجار والحرفيين مسؤولي البلديات إلى 'استغلال المساحات المهملة والمحلات المغلقة، وفتحها أمام الشباب الراغبين في ممارسة نشاطاتهم التجارية والحرفية في إطار قانوني'.


الشروق
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- الشروق
الصحراء الغربية تدين الاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية الصحراوية
أدانت الصحراء الغربية على لسان نائب الممثل الدائم للجمهورية الصحراوية لدى الاتحاد الإفريقي، السفير ماءالعينين لكحل، بالاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية الصحراوية. وسلّط السفير الصحراوي الضوء على الاستغلال غير القانوني والمتواصل للموارد الطبيعية في الصحراء الغربية وما يترتب عليه من تداعيات خطيرة على سلامة البيئة، وحقوق الإنسان، والحق غير القابل للتصرف للشعب الصحراوي في تقرير المصير، خلال مداخلته خلال الدورة العادية الـ83 للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، في بانجول – غامبيا، أثناء مناقشة تقرير الفريق العامل المعني بالصناعات الاستخراجية، والبيئة، وانتهاكات حقوق الإنسان في إفريقيا. دبلوماسي صحراوي لـ'الشروق أونلاين': 'ما نطلبه من الجميع هو أن يحترموا القانون الدولي' وقال السفير خلال مداخلته: 'في الصحراء الغربية، يتم استغلال الموارد الطبيعية ونهبها بشكل غير قانوني من قبل جهات أجنبية. ولا يقتصر الأمر على قوة الاحتلال، المغرب، بل يشمل أيضًا عددًا من الفاعلين الأوروبيين والدوليين الذين يرفعون شعار حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية علنًا، بينما يتجاهلون هذه المبادئ عمدًا عندما يتعلق الأمر بالصحراء الغربية. إن تصرفاتهم تشكل تواطؤًا فيما لا يمكن وصفه إلا بأنه استغلال منهجي وغير مشروع للثروات الإفريقية.' كما أشار السفير الصحراوي إلى تورط كيانات دولية وأوروبية تتظاهر بدعم حقوق الإنسان، لكنها في الواقع تشارك فعليًا أو تتغاضى عن الاستغلال غير المشروع الذي تقوم به المغرب للموارد الصحراوية. نهب الموارد الطبيعية وراء إدامة الاحتلال في الصحراء الغربية وحذّر نائب الممثل الدائم للجمهورية الصحراوية لدى الاتحاد الإفريقي، السفير ماءالعينين لكحل، من التوجه نحو 'تجميل' الاحتلال عبر مشاريع الطاقة المتجددة التي، رغم ادعاء طابعها البيئي، تنفذ في أرض محتلة بشكل غير قانوني، وتفاقم التدهور البيئي، وتجرد السكان من أراضيهم، وتؤدي إلى قمعهم، حيث قال: 'وما يزيد الأمر خطورة هو استخدام هذا الاستغلال غير القانوني لتجميل صورة قوة الاحتلال، عبر تقديم مشاريع طاقة خضراء غير شرعية على أنها نماذج بيئية، بينما يتم تنفيذها في أرض محتلة بصورة غير قانونية.'


الشروق
٠٦-٠٤-٢٠٢٥
- الشروق
كريمة ختيم لـ'الشروق': إقصاء مبرمج للنخب الفرانكو-جزائرية من وسائل الإعلام الفرنسية
قالت كريمة ختيم، في تصريحات لـ' الشروق/الشروق أونلاين '، وهي المنتخبة عن حزب 'فرنسا الأبية' في لو بلان ميسنيل، بإقليم سين سان دوني ورئيسة جمعية 'الاتحاد الفرنسي الجزائري للتضامن والتجديد'، التي تضم مئات المنتخبين والفاعلين الرئيسيين في المجتمع المدني الفرنسي، أن الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وباريس، والتي يغذيها الخطاب اليميني المتطرف ويقودها في اتجاه الصدام، تستهدف بشكل مباشر الجالية الجزائرية هناك، ما خلق مناخا مشحونا. وأضافت ختيم أن الذي يعيشه مزدوجو الجنسية يثير عدة قضايا عميقة ومترابطة، تنبع من سياق سياسي واجتماعي فرنسي يتميز بتوترات تاريخية، وانقسامات إيديولوجية، وتحدّيات هيكلية داخل الجمهورية الخامسة . واعتبرت أن 'الفرانكو -جزائريين' يعيشون مع تأثيرات العلاقات المضطربة بين فرنسا والجزائر منذ عقود؛ فاستهداف المهاجرين الجزائريين ثم أبنائهم بفرنسا ليس وليد اليوم، حيث أن اليمين المتطرف هو ' الثمرة السياسية المسمومة للاستعمار الفرنسي في الجزائر '، كما وصفه المؤرخ فابريس ريسيوتي في حوار سابق لـ'الشروق أونلاين'. وشدّدت كريمة ختيم على أن 'حملات التشويه والدعاية ضد الجزائر والجزائريين هي السمة المميزة لليمين المتطرف، الذي تأسّس تاريخيا على الخرافات والأساطير حيث يلعب الكذب دورا رئيسيا. والمجتمع الجزائري المقيم في فرنسا، ككل، يدفع الثمن بشكل كامل، لأنه يطالب بالاعتراف بنسيج اجتماعي متغير، ولأن وجوده على الأراضي الفرنسية منذ ستة أجيال هو حقيقة لا يمكن إنكارها، فهو بمثابة الحبل السري الذي يضمن هذه الجسرية المرجوة بين البلدين'. الفرانكو -جزائريون.. بين نيران اليمين المتطرف وضجيج الإعلام وأوضحت أن 'الشتات الجزائري، المستهدف اليوم، يعيش جحيما على الأراضي الفرنسية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة'، من خلال استغلال الجزائريين كأداة سياسية، 'الجزائري متهم يوميا ويستخدم ككبش فداء، ضحية للشعبوية الاستبدادية السياسية والإعلامية، فاليمين المتطرف، في غياب مشاريع حقيقية، يغذي حملة كراهية ضد الهوية الجزائرية في عمقها التاريخي'. هذا السياق الذي ينظر فيه للجزائريين والفرنسيين من أصول جزائرية، لم يتوقف أو ينقطع وإن خفتت شدته في فترات معينة، فإنه سرعان ما يعود إلى الواجهة، فليست هذه هي المرة الأولى التي يعيش فيها أبناء المهاجرين الجزائريين في فرنسا هذه الوضعية. بل مع كل أزمة من هذا النوع، يتم النظر إليهم، أولا وقبل كل شيء من خلال أصولهم، ما يعكس فشل فرنسا في دمج هؤلاء المهاجرين بالكامل. وأضافت كريمة ختيم، أن اليمين المتطرف و'الفاشوسفير' لم يتقبلوا أبدا حقيقة أن الجزائر انتزعت استقلالها ولم يمنح لها من قبل فرنسا، التي لم تستطع أبدا أن تعترف بأن الشعب الجزائري قام بثورة في 1954، وانتزع استقلاله وقال 'لا' لفرنسا الاستعمارية. لقد كان استغلال الجزائريين دائما رافعة لسياساتهم. وحتى اليوم، يتم اتهام الجزائري يوميا واستخدامه ككبش فداء، ضحية للشعبوية السياسية والإعلامية الاستبدادية، حيث تختلط الوقائع الإخبارية، والماضي الاستعماري، وأزمة الهجرة.' وأكدت المتحدثة أن اليمين المتطرف، وفي افتقاده لمشاريع حقيقية يقترحها للمجتمع الفرنسي، فإنه 'يغذي حملة كراهية ضد الهوية الجزائرية في عمقها التاريخي'. وهذا ضمن 'تاريخ طويل من استغلال 'الجزائر-فوبيا' كوقود انتخابي، واستخدام قضايا إجرامية معزولة لتعميمها على مجتمع بأكمله'. صناعة إمبراطورية 'بولوري' للصور السلبية عن الجزائريين وشدّدت كريمة ختيم على أن عددا كبيرا من 'الفرانكو -جزائريين'، أصبحوا يشكّلون نخبة المجتمع الفرنسي في مجالات عدة، إلا أنه لم تسمع أصواتهم كثيرا في وسائل الإعلام الفرنسية التي لم تمنحهم الكلمة. وبالرغم من أن الجزائر، أصبحت وسط هذه الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، موضوعا رئيسيا في وسائل الإعلام المهيمنة في فرنسا، حيث تخصّص لها برامج تلفزيونية وصفحات عديدة في الصحف، لكن نادرا ما تمنح الكلمة لـ'الفرانكو -جزائريين'، وفي الحالات النادرة أين حصل ذلك، فإنهم غالبا ما كانوا عرضة لهجمات، ويتهمون بأنهم 'أعداء للجمهورية'. وفضحت من خلال تجربتها الشخصية؛ كيف يتم التعامل مع هذا المكون الأساسي داخل المجتمع الفرنسي في بلاطوهات التلفزيون، أثناء مرورها في برنامج ' مورانديني لايف ' على قناة الملياردير فانسان بولوري 'CNews'يوم الجمعة 10 جانفي 2025، حيث طلب منها مقدم البرنامج جون مارك مورانديني، وفي لقاء متوتر حول رفض الجزائر استقبال 'مؤثر' بعد طرده من طرف وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو: 'تسمين نفسك فرانكو جزائرية، لكنك تدافعين فقط عن الجزائر! دافعي عن فرنسا أيضا!'، ولا يختلف الأمر في شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام اليمينية المتطرفة، التي تشن هجوماتها ضد أي صوت معتدل ويسعى إلى إبراز سردية مختلفة عن سردية اليمين؛ مثلما عاشه الباحث في السياسة، نجيب سيدي موسى ، وهذا بعد موقفه من خطاب الكاتب الموقوف بوعلام صنصال، أثناء مروره يوم الأحد، 24 نوفمبر 2024، في حصة C Politique التي بثتها قناة 'فرانس 5' العمومية، تحت عنوان 'فرنسا ـ الجزائر.. الحرب التي لا نهاية لها'. إقرأ أيضا – وسائل الإعلام الفرنسية: في خدمة ماذا ومن؟ التهميش المنهجي، وتغذية الصور النمطية السلبية عن الجزائريين الذي تنتهجه عدد من وسائل الإعلام المهيمنة في فرنسا 'يعكس شكلا من أشكال التمييز المنهجي، مما يعطي انطباعا بوجود حملة سياسية وإعلامية منسّقة بين بعض الفاعلين الإعلاميين والمصالح السياسية لصالح الأوليغارشية. الحملة الشرسة والمركّزة التي تستهدف الجزائر وجيشها عبر بعض المنابر الإعلامية الفرنسية وشبكات التواصل الاجتماعي ليست سوى الجزء الظاهر من حرب خبيثة معلنة'، وفقا للمتحدثة، والتي تعتقد أن 'الأزمة العالمية وصلت إلى أبعاد غير مسبوقة، حيث تتدخل القوى الكبرى في كل مكان لفرض قواعدها. الحراك المبارك، الإصلاحات العميقة، وهذه الجزائر الجديدة المنتصرة تحت قيادة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في جميع المجالات، والنتائج المحققة حتى الآن على مختلف المستويات، كلها أثارت لدى الشعب الجزائري آمالا كبيرة في مستقبل أفضل. الجزائر لن تنحني أبدا، وهي غير متأثرة بالمناورات التي تستهدفها، وشعبها يستمد قوته وصموده من دماء الشهداء التي روت الأرض الجزائرية المباركة'. فرنسا تمر بأزمة متعدّدة الأبعاد مع صعود الشعوذة السياسية وترى كريمة ختيم، أنه من الضروري 'أخذ التعقيدات التاريخية والسياسية والاجتماعية التي تميّز العلاقات بين فرنسا والجزائر في الاعتبار من أجل تهدئة التوترات واستعادة علاقة مستقرة بين البلدين'، مشيرة إلى أن 'فرنسا تمر حاليا بأزمة متعدّدة الأبعاد، تتميز بصعود الشعوذة السياسية. نقص الثقافة السياسية لدى القادة الفرنسيين الحاليين يمثل مشكلة معقدة تتطلب نهجا شاملا لمعالجتها. لقد أخذ اليمين المتطرف الفرنسي العلاقات الجزائرية-الفرنسية كرهينة لخدمة مصالحه السياسية حتى عام 2027، للأسف'. وتضيف في ختام حديثها لـ' الشروق/الشروق أونلاين '، أن 'دورنا كمواطنين مزدوجي الجنسية، في الدفاع عن مصالح الجزائر ومواقفها، لاسيما في مواجهة التضليل الإعلامي غير المسبوق على المستوى الفرنسي. في هذا الصدد، فإن الحفاظ على الذاكرة الوطنية من خلال الشهادات والموضوعات المتعلقة بتاريخ الجزائر الغني، سيمكّننا من معالجة القضايا المتعلقة بحاضرها بشكل أفضل لفهم مستقبلها بصورة أوضح.' يذكر أن 'الاتحاد الفرنسي الجزائري للتضامن والتجديد'، وهي جمعية فرنسية تهدف إلى 'تعزيز وتنفيذ مشاريع مشتركة لتقوية العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا'، وتسعى إلى توحيد الجالية الجزائرية من خلال كيان واضح، منظم ومحمي، من أجل إيصال رسائل الإخاء بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط، وهي مكونة من مئات المنتخبين والفاعلين الرئيسيين في المجتمع المدني، تعمل على أن تكون 'أكثر عددا وتأثيرا بثقل اجتماعي معتبر، وتمثل كتلة انتخابية ليست فقط كبيرة ولكن أيضا إستراتيجية خلال الاستحقاقات الانتخابية القادمة'.