logo
#

أحدث الأخبار مع #فرنسها

من صور جرائم الاستعمار الفرنسي بحقّ المرأة الجزائرية
من صور جرائم الاستعمار الفرنسي بحقّ المرأة الجزائرية

الشروق

time٠٩-٠٣-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشروق

من صور جرائم الاستعمار الفرنسي بحقّ المرأة الجزائرية

(قراءة في وثيقة أرشيفية شهادة امرأة تونسية في رسالتها إلى صديقتها الجزائرية 11 مارس 1958). إن الحديث عن جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر طيلة فترة احتلاله 1830 -1962 لا يمكن أن تحتويه وريقات بحثية أو حتى كتب متخصصة، جرائم ستبقى شاهدة على حضارة شُيدّت على جثث الأحرار ودماء الأبرار، والأدهى والأمرّ أنها مسجّلة بأقلامهم وفي وثائق أرشيفهم لن تمحوها الأيام ولا السنون ولن تخفيها المساحيق التي تتفنن فرنسا عبر إعلاميها وسياسييها ومؤرخيها وأدبائها ممن رضعوا مكر فرنسا العجوز فراحوا يصطفون وراء دعايات واهية كشف التاريخ زيفها لتصبح الإدارة الفرنسية محل إدانة بعد أن كانت تسعى لتكون موطن إشادة. في مقالنا هذا سنسلط الضوء على المرأة الجزائرية وما تعرضت له من جرائم يندى لها جبين البرابرة أنفسهم، ولعل استهداف فرنسا للمرأة بالتعذيب والقتل والنفي هو أسلوب حقير يدخل في الحرب النفسية التي لم تستثنها فرنسها في احتلالها للجزائر الهدف منه هو استعراض العضلات العسكرية لا أكثر. لذلك نجد الجيش الفرنسي -وعلى مر سنوات الثورة التحريرية- يركّز في حربه على ضرب القواعد الخلفية التي كانت تضمن الدعم اللوجيستي والمعنوي للجنود الجزائريين. والمرأة الجزائرية تُعتبر الدعم القوي إن لم نقل أهم داعم للثورة فهي التي تزود الجبال بالجندي المحارب، وتغذي الثوار بالمؤونة، وترفع الروح المعنوية للمجاهدين بوقوفها بجنب الرجل حتى في ساحات الوغى، فقدّمت قوافل من الشهيدات في سبيل الحرية لا تزال أسماؤهن اليوم تسطع في سماء الحرية وتتوشح بها مختلف ساحات وميادين الجزائر وكبريات مؤسساتها، ليقترن اسمهن بثمن الحرية ويصبحن مضرب الأمثلة ومفخرة للأجيال الجزائرية الحالية أمام دول العالم بسبب صمودهن وكفاحهن في وجه المستعمر الذي خرج مذموما مدحورا من الجزائر التي كان يعتبرها رقعة جغرافية فرنسية لن تتنازل عنها مهما كانت النتائج. إن الوثيقة التي بين أيدينا تؤرِّخ لغيض من فيض مما ارتكبته فرنسا في حق المرأة الجزائرية من جرائم، شهادة تاريخية يمكن اعتبارها دليل إدانة ضد فرنسا الحرية والعدالة، فرنسا حقوق المرأة (حسب أكاذيبها) تكمن قيمتها التاريخية في أنها أولا رسالة عفوية بين شقيقتين تونسيتين واحدة تعيش في تونس (منطقة قصر هلال في المنستير) والأخرى تعيش في الجزائر (عنابة) فكانت تنقل الأحداث بصفة عفوية وبصدق متناهي. إضافة إلى رسالة بين مريم وأخرى اسمها سكينة يبدو من خلال فهم سياق الكلام أنها جزائرية ويتعارفان بالرسائل فقط، لأنها في إحدى الفقرات من رسالتها تطلب منها إرسال صورة شخصية لها كانت قد وعدتها بها في وقت سابق، والثانية أنها تزامنت وأحداث ساقية سيدي يوسف(مارس1958) فكانت عبارة عن وكالة لنقل الأخبار حسب ما جاء في الرسالة، والثالثة أنها مرفقة بصور وشهادات حقيقية موثقة في الأرشيف الفرنسي، وبالضبط أرشيف ما وراء البحار خاصة العلبة FR ANOM 93-145. حاولت مريم أن تنقل صورة لما حدث لنسوة جزائريات من قتل وتشريد مما اضطرتهم الظروف للجوء إلى تونس لكنهم لم يسلموا من قصف الطيران الفرنسي، فتحاول هذه الفتاة التونسية التي نسجت علاقات صداقة مع جزائريات لاجئات، أن تنقل لنا بعضا من معاناة هؤلاء النسوة والجرائم المقترفة في حقهن من طرف الجيش الفرنسي من دون مراعاة للأعراف والتقاليد والمواثيق الدولية التي تحمي النساء والأطفال والعزل. وكانت هذه الرسائل حسب ما جاء في تقارير الاستخبارات الفرنسية التي عثرت عليها دائرة الاستعلامات العامة واحتفظ بها الأرشيف الفرنسي من خلال الوثيقة الأرشيفية وهي عبارة عن تقرير للاستعلامات العامة في عنابة المؤرخة في 15 مارس 1958 تحت رقم 4.514/ ر.ج. بعنوان:'استغلال الدعاية المنحرفة لقصف ساقية سيدي يوسف' هذه الرسالة مرفقة بكتيب مطبوع باللغة العربية من 16 صفحة بحجم 16.5× 14 سم ومزينة بـ12 صورة لضحايا القصف وصورة للرئيس بورقيبة. في الرسالة المؤرَّخة في 10 مارس 1958 والموجهة إلى شقيقتها وردة، حاولت مريم أن تضع أختها في صورة ما يجري في تونس من اعتداءات فرنسية على الأراضي التونسية خاصة ما وقع في ساقية سيدي يوسف بتاريخ 08 فيفري 1958، إذ جاء في كلامها ما يلي: 'أنتِ على علم بالأحداث التي تجري في الوقت الحالي، وقد سمعتِ بها، وهي هجمات القوات الفرنسية على أرضنا التونسية.على أي حال، لقد أعدّ لكِ أخي في ورقة جميع الأخبار التي لم تسمعي بها.' وبخطاب ثوري، تواصل مريم إخبار شقيقتها بأنّ 'الشعب التونسي ضحايا العدوان الاستعماري. في هذا الوقت، لن يبقى الشعب التونسي مكتوف الأيدي، ولن يسمح للقوات الفرنسية بالبقاء في هذا البلد الحر والمستقل. يجب أن يعلم المستعمِر أن سبب وجوده لم يعد مبررًا وأن العالم بأسره يرفضه وأن حرية الشعوب أصبحت لا تقبل الجدل'. وتعقد مقارنة بسيطة بن فرنسا وبين ما قام به هتلر وكيف كانت نهاية هتلر في الأخير والتي حتما ستكون نهاية فرنسا مماثلة لها . وتواصل صاحبة الرسالة كلامها بأن الشعبين التونسي والجزائري شقيقان، وأن دماء الأطفال الأبرياء ستجعل التونسيين يقاومون، وأن استقلال تونس -والتي لم تعد هي نفسها تونس قبل 6 سنوات- لا يكتمل إلا باستقلال الجزائر. وفي رسالة أخرى مؤرخة في 11 مارس 1958، أي بعد يوم واحد من الرسالة السابقة، موجّهة إلى فتاة تدعى سكينة هي في أغلب الأحوال صديقتها من الجزائر وليست شقيقتها (حسب ما يُفهم من سياق الحديث مثل عبارة 'أشكرك على تضامنك مع الشعب التونسي- ابعثي لي صورتك…' والتي هي في الأصل ردٌّ على رسالة سابقة من سكينة إلى مريم ، تواصل مريم شرح الأحداث بطريقة تدل على إحاطتها بالأحداث والقدرة على التحليل وفهم ما يدور في القطر التونسي والثورة الجزائرية، وتركز على الجرائم التي كان يرتكبها الفرنسيون في حق الجزائريين، إذ جاء في رسالتها ما يلي: 'نحن على يقين بأن الشعب الجزائري مستعدٌّ للنضال إلى جانب شقيقته تونس لإظهار شهادة إيمانه وشجاعته. يجب أن نُظهر للشعب الفرنسي والأجانب أننا مستعدون للتضحية بكل شيء من أجل كرامتنا واستقلالنا، ولكن يجب علينا أيضًا أن نُظهر لهم أن نضالنا ليس موجهًا ضد النساء والأطفال. ' في هذه الرسالة، حاولت كاتبة الرسالة التركيز على الجرائم التي ترتكبها فرنسا في حق العائلات الجزائرية في المنطقة الحدودية مما دفعها إلى الفرار إلى القطر التونسي واللجوء بين أهله، وهنا سأحاول التركيز على ما ورد في الرسالة على موضوع الجرائم الاستعمارية الفرنسية في حق المرأة الجزائرية. وأول هذه الجرائم هي تحوّل هذه المرأة من صاحبة حق ووطن ومنزل وعائلة، إلى لاجئة ومتشردة وأرملة وثكلى، وهي صفات لم تجتمع في تاريخ المرأة عبر العصور إلا نادرا، كما أنها صفات إذا اجتمعت في امرأة وقاومتها بما أوتيت من قوة، جعلتها حقا بطلة يندر في التاريخ أمثالها، لذلك فالمرأة الجزائرية واحدة من نساء العالم اللائي اجتمعت فيها هذه الصفات وتعرّضت لمثل هذه الجرائم، ما جعلها مضرب الأمثال في الصمود والتحدي والجهاد دفاعا عن الأرض والعرض . ولعل الرسالة التي بين أيدينا من وثائق الأرشيف الفرنسي بعفوية كاتبتها تعطينا صورة حقيقة لا تقبل التشكيك في هذا الجهاد الذي سجّله التاريخ بأحرف من ذهب، وفي المقابل عرّت حقيقة فرنسا المتغطية بشعارات مزيفة مثلها مثل ما تدّعيه اليوم حضارة الغرب في وقوفها مع اليهود ضد شعب أعزل في غزة المجاهدة . الاغتصاب جريمة لا تسقط بالتقادم ومن بين الجرائم التي لا يمكن أن ينساها الجزائري ولا يمحوها التاريخ جريمة الاغتصاب التي تعرضت لها حرائر الجزائر خلال الفترة التحريرية، وقد استعملها الجيش الفرنسي كنوع من التعذيب النفسي لما يعرفه جيدا عن فاعلية هذه الجريمة في التأثير على الرجل الجزائري المعروف عنه النخوة والشهامة وتقديس الشرف، لذلك كان جنود الفرنسي يتعمدون القيام بمثل هذه الجرائم لعلّهم يحققون بعض النتائج التي ترقع بها السلطات الاستعمارية بكارتها السياسية. وصلت هؤلاء النساء قبل بضع دقائق وتصل مجموعات أخرى للبحث عن كهف آخر. قالت لي عجوز ويبدو أنها تلقت رصاصة في رجلها: واخذوا ابنها: 'إن الجنود انقضّوا على نساء الدوار واغتصبوهن، وحتى هي رغم بلوغها الستين لم تسلم. قتلوا الأطفال الذين فرّوا إلى الجبل، واختفى آخرون خلال الفرار، وأضرموا النيران في كل ما يمكن أن يحترق حتى صوامع الحبوب المحفورة في الأرض.' وتنقل لنا رسالة مريم بعضا من هذه المآسي التي عاشها الجزائريون والنساء الجزائريات خاصة باعتبارها شاهدا عيانا إذ كانت تقوم بأعمال خيرية ومساعدة اللاجئين الجزائريين رفقة بعض النسوة من تونس، وكانت معاناة الجزائريين وهم يروون مآسيهم تُبكي كل من يسمعهم وهو حال الصحافي الايطالي الذي كان يستمع لمأساة رجل يدعى بوغبرين بلقاسم (حسب ما جاء في رسالة مريم) ودموعه تنهمر، كان هذا الرجل المسنّ القادم من قرية المريج شمال تبسة والتي تبعد نحو 13 كيلومترًا من الحدود على مستوى قلعة سنام يحكي أمام جمع من الصحافيين الدوليين الذين جاءوا للوقوف على وضعية اللاجئين الجزائريين في تونس عن كيفية اعتقاله وتقييده، في الوقت الذي تعرضت زوجته لأبشع جريمة يمكن أن تحدث لفرد جزائري، إذ قامت فرقة من الجنود يقودها ملازم بتكليف جنديين فرنسيين باغتصاب زوجته أمام عينيه، ولم تتوقف آلة الجريمة عند هذا الحد بل راحوا يضربون ابنها البالغ من العمر سبع سنوات في دماغه ليصاب في جمجمته، حتى ابنتها لم تسلم من الجريمة عندما حاولوا اغتصابها، وبسبب مقاومتها الشديدة لهم دفعوها وسط النيران لتحترق من رجلها وتموت بعدها، وليت الوحشية الفرنسية توقفت عند هذا الحد ضد هذه العائلة البريئة بل تم إطلاق النار على ابنين آخرين لهما واحد في الثامنة عشر والأخر في العاشرة عندما كانا يفرّان بقطيعهما بعيدا عن مسرح الجريمة. وفي الوقت نفسه التي كانت ترتكب فيه هذه الجرائم كان الضابط يردد قائلا 'الآن سندخل المعركة… سنريق دمكم، ودم أفضل من فيكم، وسنأكل قلوبكم'. جريمة اغتصاب أخرى تعرّضت لها زوجة الطاهر بن محمد من مدينة تبسة عندما قام جنود سينغاليون باغتصاب زوجته أمام عينيه وأمام أطفاله الخمسة، في الوقت الذي وضع جنود آخرون حربة السلاح على ظهره كي لا يتحرك، وهي من أقسى الجرائم التي يمكن أن ينفذها جيشٌ تدّعي دولته العدالة والحرية واحترام المرأة . … تعرضت زوجته لأبشع جريمة يمكن أن تحدث لفرد جزائري، إذ قامت فرقة من الجنود يقودها ملازم بتكليف جنديين فرنسيين باغتصاب زوجته أمام عينيه، ولم تتوقف آلة الجريمة عند هذا الحد بل راحوا يضربون ابنها البالغ من العمر سبع سنوات في دماغه ليصاب في جمجمته، حتى ابنتها لم تسلم من الجريمة عندما حاولوا اغتصابها، وبسبب مقاومتها الشديدة لهم دفعوها وسط النيران لتحترق من رجلها وتموت بعدها. وتواصل مريم نقل معاناة المرأة الجزائرية اللاجئة في تونس خلال هذه الفترة إذ تقول: 'اقتربت من مدخل كهف. عشرون امرأة جالسات على الصخور، أطفال رضّع وأطفال صغار بوجوه سمراء يحاولون الاحتماء… في الخارج، هبّت علينا نسمة جليدية جعلتنا نرتجف، ملابسنا رثة، والثلوج تتساقط باستمرار. لكن لا شيء سوى غضب عارم. وصلت هؤلاء النساء قبل بضع دقائق وتصل مجموعات أخرى للبحث عن كهف آخر. قالت لي عجوز ويبدو أنها تلقت رصاصة في رجلها: واخذوا ابنها: 'إن الجنود انقضّوا على نساء الدوار واغتصبوهن، وحتى هي رغم بلوغها الستين لم تسلم. قتلوا الأطفال الذين فرّوا إلى الجبل، واختفى آخرون خلال الفرار، وأضرموا النيران في كل ما يمكن أن يحترق حتى صوامع الحبوب المحفورة في الأرض.' المصير ذاته تعرضت له المدعوة سويدة عيشة التي جاءت من قرية 'الصخور الصفراء'، رفضت، قاومت بشدة المظليين الذين أرادوا اغتصابها، إلا أنهم أخذوا طفلها البالغ من العمر 4 أشهر وألقوا به تحت دبابة. امرأة أخرى فرّت في منتصف الليل مذعورة إلى داخل الحدود التونسية تقول 'لقد قتلوا زوجي لأنه كان يحاول الدفاع عني..' بخطاب ثوري، تواصل مريم إخبار شقيقتها بأنّ 'الشعب التونسي ضحايا العدوان الاستعماري. في هذا الوقت، لن يبقى الشعب التونسي مكتوف الأيدي، ولن يسمح للقوات الفرنسية بالبقاء في هذا البلد الحر والمستقل. يجب أن يعلم المستعمِر أن سبب وجوده لم يعد مبررًا وأن العالم بأسره يرفضه وأن حرية الشعوب أصبحت لا تقبل الجدل'. وتعقد مقارنة بسيطة بن فرنسا وبين ما قام به هتلر وكيف كانت نهاية هتلر في الأخير والتي حتما ستكون نهاية فرنسا مماثلة لها . حجم الخوف والذعر الذي كان باديا على وجوه تلك النسوة جعل حاكم سبيطلة يتدخل ويهدئ من روعهم بالقول 'أنتم الآن في تونس، لا تخافوا بعد الآن. الهلال الأحمر والصليب الأحمر وإخوانكم التونسيون والحكومة التونسية يحمونكم من الآن فصاعدًا. لا تخافوا يا إخوتي الأعزاء.' لتنهي مريم رسالتها إلى سكينة بالكلمات التالية: 'إليكِ يا أختي بعض الشهادات، من دون تعليق، عن أفعال (فرنسا الديمقراطية)، وإليكِ نتائج خط موريس وشال' . هذه صورة صغيرة عن عددٍ هائل من الجرائم التي تعرّضت لها نساء الجزائر من طرف جيش الاحتلال الفرنسي طيلة قرن وثُلث قرن لا يمكن أن ينساها الشعب ولا أن يمحوها التاريخ أو تصفح عنها معاهدات، فما قدّمه الشعب الجزائري عموما والنساء الجزائريات خصوصا كثمن للحرية يجب أن يجعل فرنسا تخجل أما العالم، وأقلّ شيء هو تقديم الاعتذار وطلب الصفح من الجزائر، وتقديم تعويض ولو معنوي لضحايا جرائمها، وهنا فقط يمكننا الحديث عن الذاكرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store