logo
#

أحدث الأخبار مع #فوغبيزنس

"تيك توك" ميدان الحرب التجارية الصينية -الاميركية
"تيك توك" ميدان الحرب التجارية الصينية -الاميركية

Independent عربية

time٢٧-٠٤-٢٠٢٥

  • أعمال
  • Independent عربية

"تيك توك" ميدان الحرب التجارية الصينية -الاميركية

لا شيء في الصورة يوحي بالفخامة، لكن هذا بيت القصيد فعلاً. تحت الإضاءة القاسية داخل مصنع في مدينة غوانزو الصينية، يحمل رجل مبتهج حقيبة رمادية اللون من الجلد تشبه إلى حد بعيد حقيبة يد بيركين Birkin من هيرميس، بينما يظهر في الخلفية عمال آخرون يبدو أنهم يجمعون القطع لصناعة مزيد من تلك الحقيبة. يفصل الرجل كلفة المنتج الذي يحمله بيده: 450 دولاراً أميركياً مقابل "جلد توغو" المستقدم من أحد أهم ثلاثة موردين للجلود عالمياً، وخيط الحياكة من "فيل أو شينوا" Fil Au Chinois، العلامة التجارية الفرنسية العريقة، التي تعد في عالم بكرات القطن ما تمثله "رولز رويس" في عالم السيارات. والأمر سيان بالنسبة إلى القطع المختلفة وزيت الحواف، والبطانة، والسحاب- كلها من أجود الأصناف بلا شك. "الجودة نفسها والمواد نفسها"، يقول الرجل لعدسة الكاميرا وهو يربت على حقيبة بيركين المزيفة الموضوعة إلى جانبه. فماذا عن كلفتها الإجمالية، شاملة الموارد البشرية؟ نحو 1400 دولار أميركي- أي أرخص بـ36600 دولار أميركي مقارنة بشرائها مباشرة من هيرميس، ومن دون الاضطرار إلى انتظار دعوة من أجل شرائها. وفي فيديو آخر، يزعم الرجل عينه بلا حرج "يقال إن الحقيبة لا يمكن أن تعتبر فاخرة إذا حملت ملصق 'صنع في الصين'، لكن في الواقع، أكثر من 80 في المئة من حقائب العالم الفاخرة تصنع في الصين. لكن تلك العلامات التجارية الفاخرة لا تقر بذلك". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويقول أصحاب المصانع الصينية إن الهدف من هذه الفيديوهات هو الاعتراض علناً على الرسوم الجمركية العقابية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عبر تشجيع المستهلكين على شراء سلع فاخرة رخيصة مباشرة من الصين، من دون الحاجة إلى دفع الكلفة الإضافية التي يتقاضاها الوسطاء. ويزعم هؤلاء أنهم يميطون اللثام عن "حقيقة" إنتاج السلع الفاخرة – وهي حقيقة تنفيها جملة وتفصيلاً العلامات التجارية الفاخرة مثل هيرميس - ويغرقون من ثم هذا القطاع الثري بفيض من الدعاية السيئة. إليكم ما يسمى حروب "تيك توك" التجارية، التي قد تجرد حقائب اليد تماماً من شعبيتها لكن ليس للسبب الذي قد تظنه. غير أن الأمر المؤكد هو أن جانبي الصراع مستاءان. يصف بعض المعلقين رد أصحاب المصانع الصينية بأنه "صفعة قوية" للرأسمالية الغربية، فيما يرى آخرون أن ما يحدث مجرد دليل على أن صناعة الموضة تجبر على التغيير، فيما تنكر علامات تجارية كبرى مثل برادا وشانيل ولويس فويتون وبقية مجموعة مويت هنسي لوي فيتون (اختصاراً "أل في أم أتش") LVMH بشدة أن منتجاتها مصنوعة في الصين. وفي حديث إلى "اندبندنت"، يقول بعض الخبراء إن ما يحدث ليس سوى مسعى مشترك من قبل مصنعي السلع المقلدة أو "المزورة" للاستفادة من تصريحات ترمب. وبالنظر إلى أن ادعاءات مالك المصنع بأن أكثر من 80 في المئة من الحقائب الفاخرة تصنع في الصين قد فُندت بالكامل من قبل قناة "فرانس 24" وغيرها من الجهات الإعلامية، يبدو أن هذا التفسير هو الأرجح. لكن ذلك لا يعني أن الأمر غير مهم- بل العكس تماماً برأي آيمي فرانكوم، المحررة المساهمة في مجلة "فوغ بيزنس". ما يثير الاهتمام فعلاً ليس إن كان بعض الأشخاص الإضافيين سيبدؤون بشراء المنتجات المقلدة مباشرة من الصين، بل اللافت فعلاً هو كيف تمكنت خدعة كهذه من أن تصبح حدثاً ضخماً بهذه السرعة. وتقول فرانكوم "أعتقد أن عوامل مختلفة تسهم في مدى انتشار هذه الحيلة. منذ بعض الوقت، ظهر تباين حقيقي بين ما تسوقه الماركات الفاخرة باعتباره فخامة، وبين ما تعنيه الفخامة في الواقع". وتشير إلى قضايا بارزة عدة خلال العام الماضي سلطت الضوء على علامات تجارية كبرى. في يوليو (تموز) 2024، أعلنت هيئة مراقبة المنافسة في إيطاليا أنها تحقق في علامتي ديور وأرماني، وتبحث في مزاعم تضليلهما المستهلكين عقب تحقيقات المدعين العامين في كون ظروف العمل التي يفرضها الموردون أقرب إلى "السخرة". نتيجة لذلك، دانت ديور هذه الممارسات المزعومة وقطعت علاقاتها مع موردين اثنين في إيطاليا، فيما تعاونت العلامتان التجاريتان بصورة كاملة مع السلطات. وقد وجد تحقيق لـ"بلومبيرغ" أيضاً أن ماركة السلع الفاخرة لورو بينا كانت تبيع كنزة بسعر 9 آلاف دولار من دون أن تدفع لبعض الأطراف في سلسلة الإمداد. وتقول فرانكوم إن الفضائح المماثلة لهذه جعلت الرأي العام يشكك في نوعية السلع الفاخرة مراراً وتكراراً. في ظل كل المعلومات المضللة التي زعمها أصحاب المصانع الصينية الأسبوع الماضي، تصر فرانكوم على أن سبب حصولهم على هذا الكم من الاهتمام- وقدرتهم على إقناع عدد كبير من الناس بصحة ما يقولونه، على رغم النفي المستمر لدور الماركات الفاخرة "هو تراكم الأحداث التي سبقت هذه اللحظة". وتضيف "أعتقد أن الناس مستعدون لعدم إيلاء ثقتهم في ما يحدث. وبعض المصانع والشركات مستعدة للضرب على وتر المشاعر السلبية لدى المستهلكين". لكن ذلك لا ينفي أننا بلغنا فعلاً مرحلة "الحساب" في موضوع السلع الثمينة والفاخرة - ويكشف لنا هذا التركيز الأخير على الموضوع سبب ضرورة هذه المرحلة. ومن بين النقاط الكثيرة التي طرحها هذا النقاش، برزت الأسبوع الماضي مسألة التمييز المتجذر ضد كل ما "صنع في الصين"، وهي سلع صنفت ظلماً عبر الزمن على أنها زهيدة الثمن وبلاستيكية ورديئة النوعية. وقد برزت الأسبوع الماضي مسألة أخرى وهي غياب الشفافية في عملية التصنيع التي تحجب بطبيعتها الحقائق عن المستهلكين. وتشرح فرانكوم قائلة "هذا سبب إضافي يجعلني متأكدة من أن عدداً كبيراً من هذه المصانع التي خرجت علينا الأسبوع الماضي لم تكن صادقة، بسبب وجود كثير من العلاقات الوطيدة مع المصنعين، وكثير من اتفاقات عدم الإفصاح - ومن غير المعقول أن يكونوا بصدد انتهاكها". سواء صح ذلك أم لم يصح، تشير بعض التقارير إلى أن التأثير الأوسع لما يصدر عن الولايات المتحدة - والخطر الوجودي الأكثر إلحاحاً الذي تشكله بعض المصانع الصينية هنا - يخلف تداعيات فعلية. وبحسب معلومات "بلومبيرغ"، انخفضت مبيعات هيرميس الفصلية بسبب "تدني الطلب الصيني على السلع الفاخرة". كما أشارت التقارير إلى تراجع أسهم مجموعة "أل في أم أتش" الفرنسية بنسبة 7.8 في المئة خلال بداية الأسبوع، مما أفقدها موقعها كأكبر شركة للسلع الفاخرة ووضعها على مسار "أسوأ تداول للأسهم منذ مارس (آذار) 2020". في يناير (كانون الثاني) الماضي، زادت هرميس سعر حقيبة بيركين المصنوعة من جلد توغو التي يبلغ حجمها 30 سنتيمتراً بـ6.4 في المئة، ليصل إلى 13300 دولار. في هذه السوق العالمية التي يزداد اضطرابها الاقتصادي، لا عجب في أن حقائب المصممين المشهورين ما عادت تتمتع بالمكانة المرموقة نفسها كالسابق. فالمستهلكون يعطون الأولوية للتصميم ومدى عملية السلعة بدل العلامة التجارية مما يغير سلوك الشراء ويبعده عن العلامات الفاخرة. دعونا لا ننسى أن العلامات التجارية تزدهر بفضل الطموح الاجتماعي- إذ كثيراً ما شكلت السلع التي تشتريها وترتديها بفخر دليلاً على المكانة الاجتماعية وعلى الثروة، إلى حد ما، وفي ما يتعلق بالشعارات والعلامات التجارية، فقد أرست ثقافة تقليد السلع في ثمانينيات القرن الماضي سابقة في ما يتعلق بالملابس غير الرسمية اليومية، لم تتراجع فعلياً منذ ذلك الوقت. ولكن عندما ينتزع مفهوم الترقي الاجتماعي من المعادلة، فما الذي يحدث للمنتجات التي كنا نشتريها في السابق لنظهر بها هذا الترقي؟ وتقول فرانكوم أنه خلال فترة معينة، "كانت سوق العلامات الفاخرة تكبر وتزاحم ذاتها بوتيرة شديدة- وكانت في مرحلة النمو من أجل النمو فحسب. وهو وضع غير قابل للاستمرار"، مشبهة معدل دوران السلع الفاخرة بالصناعة السريعة للأزياء الرخيصة التي كثيراً ما تعرضت للنقد. فقد كانت الأسعار ترتفع، لكن الجودة لم تكن ترتفع معها. وتضيف أن هناك الآن تحولاً ملحوظاً في سلوكيات الإنفاق والاستهلاك، موضحة "صحيح أن ما يدفعك إلى شراء هذه السلع في العادة قد لا يكون اهتمامك بجودتها بقدر اهتمامك برأي باقي العالم عندما تتدلى تلك الحقيبة من كتفك". وتتابع "شهد العام الماضي نقاشاً واسعاً حول هوامش الربح المبالغ فيها في سوق السلع الفاخرة حيث تحدث كثر على منصات التواصل الاجتماعي وفي منتديات 'ريديت' عن مدى السخافة التي يبدو عليها رؤية الأشخاص الذين يحملون حقيبة سعرها 2000 جنيه استرليني، والخيبة التي تترك هذه الصورة في النفوس فيما يعلم الجميع الكلفة الحقيقية لتصنيع هذه الحقيبة". وتكمل "فيما كانت حيازة هذه الحقيبة في السابق دلالة على أن الشخص 'ميسور الحال' فإنها أصبحت اليوم دليلاً على أنك غير مسؤول في ما يتعلق بأسلوبك في إنفاق المال. ونتيجة لذلك، أصبحت النسخ المقلدة أفضل وأكثر انتشاراً، وارتفع عدد الأشخاص الذين يشترونها بدرجة كبيرة — مع أن هؤلاء، حتى قبل عامين فحسب، كانوا سيخجلون من الاعتراف بذلك. أما اليوم فهم يفعلون ذلك علناً". وقد أدى انتشار "السلع المقلدة" إلى التقليل من اعتبار العلامة التجارية - وهو خطر حقيقي على هذه العلامات التي تعتمد على تثمين جودة صناعتها لتبرير سعرها الباهظ. لن يكون شراء سلعة مزورة - وإن كانت من المواد الأولية نفسها التي تصنع منها حقيبة هيرميس- مماثلاً لشراء حقيبة هيرميس نفسها أبداً. وكما يلفت الكاتب الموقر المتخصص في ملابس الرجال والخبير ديريك غاي على منصة "إكس"، تتداخل تفاصيل عدة مهمة جداً في هذه العملية، منها استخدام هيرميس غرزة السراجة - وهي غرزة يدوية تستهلك وقتاً كثيراً ولا يمكن للآلة تقليدها - لتميز الأصلي من المزور. يضاف إلى ذلك أن العلامة التجارية نفسها، التي تتخطى نطاق السلع التي تنتجها، هي التي تمنح بعض قطع القماش الفاخرة قيمتها الحقيقية وتجعلها قابلة للبيع بهذا الثمن المرتفع. ربما كسبت أسواق المصانع الصينية بعض الزبائن الجدد هذا الأسبوع - أقله استناداً إلى "تيك توك" والمستخدمين الذين يقولون إنهم سيطلبون سلعاً منها. لكن بغض النظر عن أثر ذلك في المبيعات المباشرة - أو على العلاقة بين قوتين عالميتين عظميين - فهذه ليست سوى بداية النقاش الأكبر حول ما الذي يجعل السلعة الفاخرة فاخرة، وما الأمور التي نعطيها قيمة ولماذا نقدرها؟ في الواقع، من الممكن أن تفكك التعريفة الجمركية التي فرضها ترمب عالمياً، في حال تطبيقها، قطاع الموضة كما نعرفه، حسب تحذير فرانكوم. وتضيف "إن مجرد استمراره بإطالة المهلة النهائية قبل فرض الرسوم الجمركية - مثلما يفعل مع 'تيك توك' نفسها - يجعلني أعتقد أن الأمر ليس سوى جزء من خطة سياسية على نطاق أكبر، واستراتيجية هدفها تطبيق مساعٍ أخرى. آمل ذلك. فلو حدث ذلك فعلاً في هذا القطاع، سيكون وقعه مزلزلاً". وتتابع "لن تنجح قضية 'صنع في الولايات المتحدة' [ما يحاول ترمب تحقيقه عبر الرسوم الجمركية] ببساطة - والدليل على ذلك هو الدراما المحيطة بمصنع لويس فيتون في تكساس [أداء المصنع هو الأسوأ بين مصانع لويس فيتون عالمياً وهو يعاني مشكلات كثيرة بحسب ما أفادت 'رويترز' في وقت سابق من هذا الشهر]. والوضع غير قابل للاستمرار. أريد أن أصدق أن الأمر مجرد استعراض للقوة وتكتيك للمفاوضات لأنني صراحة لا أفهم كيف يمكن لقطاع الموضة أن ينجو في ظل عالم ترتفع فيه الرسوم الجمركية". ما ستؤول إليه الحرب التجارية على "تيك توك" لا يزال غير واضح بعد، لكن ما حدث حتى الآن كشف عن مدى تعقيد التجارة العالمية الحديثة. أما بالنسبة إلى ماركات الموضة الفاخرة، فقد حانت ساعة المراجعة الذاتية، ليس فقط في ما يتعلق بالقوى العالمية العظمى، بل بطريقة إرضاء مستهلك يخف اهتمامه بها وسط سوق آخذة بالتقلص. ما الذي تعنيه الفخامة في يومنا هذا؟ إنه سؤال مطروح للنقاش على مستوى العالم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store