أحدث الأخبار مع #فيصلالسعدي


جريدة الرؤية
منذ 7 أيام
- أعمال
- جريدة الرؤية
السفير الصيني لـ"الرؤية": توافق تام بين رؤية "عُمان 2040" و"التحديث الصيني النمط"
◄ مساعٍ لإبرام اتفاقية للتبادل التجاري بالعملات المحلية بين عُمان والصين ◄ العلاقات العُمانية الصينية ترتكز على التعاون المُثمر لتحقيق مصالح الشعبين الصديقين ◄ عُمان والصين تتبادلان الثقة والاحترام والدعم على المستويات كافةً ◄ ضرورة افتتاح خطوط طيران مباشرة بين عُمان والصين ◄ العلاقات العُمانية الصينية دخلت مرحلة تاريخية نوعية بعد إعلان "الشراكة الاستراتيجية" ◄ التواصل بين قائدي البلدين يُبرهن مستوى الثقة السياسية العالية ◄ بكين تُثمِّن عاليًا السياسة الخارجية العُمانية المتوافقة مع الدبلوماسية الصينية ◄ القيم والمبادئ المشتركة بين عُمان والصين تضع الأساس المتين للتعاون ◄ تكامل عميق بين مبادرة "الحزام والطريق" و"عُمان 2040" ◄ تعاون مُتزايد في مجالات الطاقة المتجددة والاتصالات والفضاء والكهرباء ◄ 36.7 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين عُمان والصين ◄ الصين أكبر شريك تجاري وثالث أكبر مُستثمر أجنبي في سلطنة عُمان ◄ الشركات الصينية أسهمت في تنمية الكفاءات العُمانية وتدريبهم في مجالات عدة ◄ مُباحثات لطرح تخصص اللغة الصينية في جامعة ظفار ◄ نأمل إنشاء منصة مشتركة مع عُمان لتطوير مسارات التعاون الاستثماري الرؤية- فيصل السعدي شدَّد سعادة ليو جيان سفير جمهورية الصين الشعبية لدى سلطنة عُمان على عراقة العلاقات العُمانية الصينية، والتي تمتد لفترات زمنية بعيدة، مشيرًا إلى أن التعاون الفعلي بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، أثمر نتائج مُتعددة، مُستشهدًا في هذا السياق بمخرجات منتدى الصداقة والتعاون العُماني الصيني، الذي عُقِد في صلالة قبل أيام قليلة. وقال سعادة السفير- في حوار خاص مع "الرؤية"- إن إعادة تسمية "منتدى الصداقة الصينية" إلى "منتدى الصداقة والتعاون العُماني الصيني" خطوة فاعلة تؤكد مدى التعاون الجاد والحرص الثنائي على تحقيق نتائج ملموسة، من خلال التواصل والتعاون المباشر بين الشركات العاملة في البلدين الصديقين، مُعربًا عن تطلعه لأن يتطور هذا المنتدى ليُصبح منصة دائمة للجانبين من أجل التواصل وتحقيق نتائج إيجابية كل عام. وانطلق سعادة السفير الصيني في حديثه من علاقات الصداقة التاريخية بين عُمان والصين، مُعرِّجًا على أواصر الصداقة التي تمتد إلى عصور بعيدة، مشيرًا إلى أنه قبل أكثر من 1200 عام، وَصَلَ المَلاَّح العُماني الشهير أبو عبيدة إلى مدينة قوانغتشو الصينية، وهو أول عربي يُسجَّل في الوثائق التاريخية أنه وصل إلى الصين. وأضاف أنه قبل أكثر من 600 عام، زار المَلاَّح الصيني الشهير تشنغ خه، عُمان أربع مرات، وتحديدًا إلى ظفار التي تحتضن أعمال منتدى الصداقة والتعاون العُماني الصيني سنويًا ، وقد جاء إلى عُمان حاملًا معه الخزف والشاي، وعاد باللُبان والتمور؛ وذلك في إطار التبادل التجاري، وهو ما يُبرز أن شعبي البلدين نسجا عُرى الصداقة المتينة عبر الزمن، وعزَّزا التبادل الحضاري. علاقات دبلوماسية ولفت سعادة ليو جيان إلى أنه منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وعُمان عام 1978، ظلَّ البلدان يتشاطران الثقة والاحترام والدعم المُتبادل. وذكر أنه في عام 2018، أعلن البلدان ترقية العلاقات الثنائية إلى "شراكة استراتيجية"، ليكون ذلك إيذانًا بدخول العلاقات الصينية العُمانية فصلًا جديدًا في تاريخها، علاوة على أنه في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين الصين وعُمان تطورًا مستقرًا وصحيًا. وعدَّدَ سعادة السفير الصيني مظاهر تنوع وتعدد العلاقات بين البلدين، وقال: يُولِي قادة البلدين أهمية كبرى لتطوير العلاقات الثنائية، ويقومان بدور استراتيجي ريادي؛ حيث تبادل الرئيس شي جينبينغ وجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، العديد من الرسائل والتواصل الإيجابي؛ مما يعكس عُمق الصداقة ويُظهر الثقة السياسية العالية بين الجانبين، ويوفر ضمانًا سياسيًا قويًا لتطوير الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وتابع سعادته بالقول إنَّ البلدين يتشاركان رؤى مُتقاربة حول التنمية، وهُما صديقان حميمان يتفقان في المبادئ؛ حيث تعارف البلدان تاريخيًا عبر طريق الحرير البري والبحري، وتعاونا كذلك لتحقيق المنفعة المتبادلة في ظل موجة العولمة الاقتصادية، كما تمسَّكا بالمبادئ الأخلاقية رُغم تقلُّبات الأوضاع الدولية، وأصبحا بذلك صديقين وشريكين يساند كل منهما الآخر، وفق أُسس وركائز تقوم على المساواة والمنفعة المتبادلة والتسامح. سياسة عُمانية رصينة وامتدح سعادة السفير الصيني التزام عُمان الدائم بسياسة خارجية سلمية مُستقلة، وأنها تضع "حُسن الجوار، والتسامح، والحوار، والانفتاح، والواقعية" ركائز لسياستها الخارجية، وهو ما يتوافق تمامًا مع الرؤية الصينية للدبلوماسية، ويعكس توافقًا عميقًا في القيم والمبادئ الأخلاقية بين البلدين، مما يضع أساسًا متينًا للتعاون المتبادل المنفعة. وقال السفير الصيني إن التعاون العملي بين البلدين في مختلف المجالات يشهد إنجازات بارزة وتقدمًا كبيرًا؛ حيث يتمتع الاقتصادان بتكاملية قوية وإمكانيات هائلة؛ الأمر الذي يُعزز من جهود التكامل العميق بين مبادرة "الحزام والطريق" ورؤية "عُمان 2040". وأشار إلى التعاون المتزايد في مجالات الطاقة المتجددة والاتصالات والفضاء والكهرباء. وذكر سعادته أن الصين أكبر شريك تجاري لعُمان؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري الثنائي في عام 2024 حوالي 36.7 مليار دولار أمريكي، كما تحتل الصين المرتبة الثالثة بين أكبر المستثمرين في عُمان؛ حيث إنه بنهاية عام 2024، بلغ إجمالي الاستثمارات الصينية في عُمان أكثر من 3.3 مليار دولار أمريكي. وحول مسارات التعاون بين البلدين، قال سعادة السفير الصيني: "ما يزال البلدان يكتشفان إمكانيات التعاون بين الجانبين؛ حيث يجري تنفيذ العديد من المشاريع التي تستثمرها أو تُنفِّذها الشركات الصينية، والتي تُسهم في تحقيق تطلعات ومصالح الشعب العُماني". وأوضح سعادته أن الصين وفَّرت تدريبًا طويل الأمد للكوادر العُمانية، من خلال تقديم تدريبات متنوعة لحوالي 1200 من الموظفين الحكوميين ومديري الشركات والعمال الفنيين العُمانيين، كما نفذت شركات صينية مثل "هواوي" و"الشبكة الوطنية للكهرباء- فرع عُمان" مشاريع تدريبية فعَّالة ساهمت في تنمية كفاءات الشباب العُماني. العلاقات الثقافية وأشار سعادة السفير إلى أن العلاقات الثقافية تُعزِّز التقارب بين البلدين؛ إذ جرى تشييد النصب التذكاري للملاح الصيني "تشنغ خه" ليكون رمزًا للصداقة الصينية العُمانية، على شاطئ الحافة في ولاية صلالة بمحافظة ظفار، لافتًا إلى أن هذا النصب التذكاري بات معلمًا نوعيًا في المحافظة. وتطرق سعادة السفير الصيني إلى قرار الصين إعفاء المواطنين العُمانيين من تأشيرة الدخول؛ مما يفتح الباب أمام تسهيل سفر العُمانيين إلى الصين. وأضاف أن جامعة ظفار و4 مدارس عُمانية ستبدأ في العام الدراسي الجديد تقديم دورات لتعليم اللغة الصينية؛ مما سيجعل تعلُّم اللغة الصينية أمرًا مُتحققًا في عُمان. ودعا سعادة السفير إلى أهمية العمل المشترك بين البلدين للتعجيل بفتح خطوط طيران مباشرة بين عُمان والصين، وليكون شعار "البعيد يُصبح قريبًا" حقيقةً واقعةً. وحول مستقبل تعليم اللغة الصينية في سلطنة عُمان، قال سعادته إن هناك مباحثات مع جامعة ظفار لطرح تخصص دراسة اللغة الصينية، إلى جانب تأسيس معهد كونفوشيوس في سلطنة عُمان، ليكون مركزًا لتعليم اللغة ونشر الثقافة الصينية. وبيَّن سعادته أهمية تعزيز التعاون السياحي والتبادل الثقافي في مجالات المتاحف والعروض الفنية والكتب والأفلام، بما يضمن تحقيق التقارب في المجالات الثقافية بين الصين وعُمان، وأن تتحول هذه العلاقات إلى نموذجٍ للاحترام المتبادل والمساواة والحوار والتسامح بين الحضارات المختلفة. منتدى الصداقة والتعاون وعبَّر سعادة السفير عن فخره بنجاح منتدى الصداقة والتعاون العُماني الصيني الذي تنظمه جريدة الرؤية سنويًا، مشيرًا إلى أن المنتدى خرج بنتائج إيجابية تتمثل في 3 نقاط رئيسية؛ أولًا: تميَّز المنتدى بتركيزه الواضح على تعزيز التعاون العملي بين البلدين؛ حيث أُعِدَّت جميع جلساته حول هذا المحور بصورة مباشرة؛ مما أتاح الفرصة لصُنَّاع السياسات العُمانيين وأصحاب المصلحة إلى جانب كبرى الشركات الصينية والعُمانية؛ لمناقشة مُتعمِّقة حول ترسيخ الشراكة الثنائية وتوسيع آفاقها، فضلًا عن إيجاد حلول للتحديات المُشتركة. وأضاف: "ثانيًا: تميَّزت المشاركة بمستوى رفيع وتمثيل واسع النطاق؛ مما أسفر عن حوارات مُثمِرة، مكَّنت المسؤولين والخبراء من التشاور حول موضوعات تتعلق بالاستثمار والمناطق الاقتصادية الخاصة وقطاع الاتصالات والنقل في عُمان، بصورة مباشرة مع الشركات الصينية. وذكر سعادته أن مثل هذه النقاشات تُتيح الفرصة لمعالجة القضايا الأكثر أهمية للشركات الصينية مثل تسهيل الاستثمار، والتوافق حول المعايير التنظيمية، وتخطيط الاستراتيجيات التنموية. وأشار إلى أن الشركات الصينية أظهرت بوضوح قدراتها واستعدادها للإسهام في تحقيق مُستهدفات رؤية "عُمان 2040"، علاوة على أن الجانبين سعيا بنشاطٍ لإيجاد نقاط تقارب؛ مما أسفر عن العديد من التوصيات والأفكار الممتازة، وبذلك، حقق المنتدى النتائج المرجوة منه. وتابع القول: ثالثًا: ساد المنتدى جو مُفعم بالحيوية والتفاؤل نحو آفاق أرحب ؛ حيث تكرر مصطلح "إعطاء دفعة قوية للتعاون العملي الصيني العُماني" كشعارٍ رئيسي خلال النقاشات، وقد اتفق الجميع على الإشادة بعلاقات البلدين وبتعاون "الحزام والطريق". وأشار سعادته إلى أن جميع المشاركين في المنتدى أعربوا عن تطلعهم لبذل جهود مشتركة لتسريع وتيرة تنفيذ نتائج قمة الصين والدول العربية وقمة الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأضاف سعادته أن انعقاد المنتدى في صلالة حيث تقع المنطقة الحرة بصلالة يحمل دلالات نوعية، حيث إن هذه المنطقة تضم 97 مشروعًا استثماريًا صينيًا بإجمالي استثمارات تتجاوز 47.4 مليون ريال عُماني، إضافة إلى استثمارات ناجحة أخرى تغطي مجالات اقتصادية متعددة. وقال إن صلالة تُمثِّل نموذجًا للمناطق الحرة المتعددة في عُمان. ثمار التعاون وقال سعادة السفير الصيني إن هذا وضاف هذا العام يوافق الذكرى الثانية عشرة لطرح مبادرة "الحزام والطريق"، والذكرى السابعة لتوقيع مذكرة تفاهم بين الصين وسلطنة عُمان بشأن المبادرة، ومن هذا المنطلق فإنَّ الجانبين يواصلان جهود توسيع آفاق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين وسلطنة عُمان؛ مما يضفي زخمًا قويًا على العلاقات بين البلدين. وأضاف أنه في الوقت الراهن، تتواصل جهود تعزيز التعاون بين الصين وسلطنة عُمان في مجالات الاستثمار في قطاعات النفط والغاز والكهرباء والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الرقمية وتصنيع السيارات والزراعة ومصائد الأسماك. وتابع أن الصين أطلقت بنجاح أول قمر صناعي عُماني على متن صاروخ صيني في 11 نوفمبر 2024، كما أنجزت شركة شبكة الكهرباء الوطنية الصينية في عام 2023 أكبر مشروع وطني لتوليد وتوزيع الكهرباء في تاريخ شبكة الكهرباء العُمانية، علاوة على أن مشروع مستودع النفط الاستراتيجي في صلالة استفاد من المزايا التقنية والقدرات المهنية للشركات الصينية؛ مما ساهم في تعزيز أمن الطاقة الوطني في عُمان. وأضاف أن مشروع منح للطاقة الكهروضوئية، سيعمل على تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بمقدار 100 ألف طن سنويًا، وسوف يُلبي احتياجات الكهرباء لحوالي 120 منزلا عُمانيا. ومضى قائلًا إنه في إطار علاقات التعاون، وقَّعت إدارة الجمارك الصينية ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بروتوكول فحص وتفتيش المنتجات البحرية العُمانية المُصدَّرة إلى الصين، وبدأت سلطنة عُمان تصدير منتجاتها البحرية إلى الصين. وأشار إلى المزيد من المشاريع الاستراتيجية الرائدة بين البلدين، مثل: باوو، وهينان جوندا، وجينان للصلب. وشدد سعادته على أن نتائج التعاون العملي بين الصين وسلطنة عُمان تزداد ثراءً، باعتبار أن البلدين شريكان حقيقيان في مصالح تقوم على الثقة السياسية والمصالح الاقتصادية المتبادلة والتواصل الثقافي. الانفتاح الصيني وأشار سعادة إلى أنَّه رغم الاضطرابات العالمية الراهنة وتصاعد النزعة الأُحادية والحمائية التجارية، ظلَّت الصين ثابتةً في نهجها نحو الانفتاح؛ مما أثبت أن دولة الصين جديرة بثقة الصداقة من قِبَل الشعب العُماني، مؤكدًا أن الصين على استعداد للعمل بلا كللٍ مع الأصدقاء العُمانيين لتعزيز التعاون الثنائي العملي في إطار مبادرة الحزام والطريق، وفقًا لمبدأ "التشاور المشترك، والمساهمة المشتركة، والمنافع المشتركة". وحول سُبل جذب المزيد من الشركات الصينية للاستثمار في عُمان، قال سعادته: "تزخر عُمان بمزايا ومواقع فريدة، وتتصدر دول المنطقة في مجال استغلال الطاقة المُتجددة، كما إنها ميناء للسلام الإقليمي والدولي؛ مما يُوَفِّر العديد من العوامل الجاذبة للاستثمار؛ الأمر الذي دفع الحكومة الصينة لتشجيع شركاتها على الاستثمار بقوة في عُمان؛ حيث تزداد جاذبية عُمان في أعين المستثمرين الصينيين، في مجالات الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا المتقدمة، وصناعة السيارات، والبنية الأساسية، إضافة إلى التعليم التقني والمهني المتعلق بالنمو المُستدام. واقترح سعادته أن تُنشئ عُمان منصة مشتركة لدفع مسارات التعاون الاستثماري مع الصين نحو آفاق أرحب؛ وذلك وفق أولوياتها التنموية وتكاملها مع مبادرة "الحزام والطريق". وذكر سعادته أنه في ظل التحديات العالمية الراهنة، تكتسب الشراكة الصينية- العُمانية- في إطار "الحزام والطريق"- أهمية بالغة، داعيًا إلى التعجيل بتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج، والحفاظ على استقرار سلاسل التوريد العالمية. وأشار إلى أن اللجنة المشتركة الثنائية تواصل تعزيز قنوات الحوار وإنشاء آليات للتعاون الصناعي والاستثماري الثنائي، لافتًا إلى أن الصين تسعى لتعزيز الترابط مع عُمان، من خلال تطوير أساسات العلاقات مثل الخطوط الجوية المباشرة، وتحسين ربط المعايير واللوائح. وأعرب سعادة السفير عن ترحيب الصين بمشاركة سلطنة عُمان الفاعلة في معرض الصين الدولي للواردات، وتتطلع لزيادة وارداتها من المنتجات غير النفطية العُمانية، خاصةً المنتجات الزراعية والغذائية. وتابع سعادته: "نأمل أن يواصل الجانب العُماني تعزيز بيئة مُرحِّبة بالشركات الصينية وتدعمها كشركاء متساوين وموثوقين وفاعلين، خاصةً وأننا نؤمن بأن تعزيز التعاون مع المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة العُمانية يمثل عاملًا أساسيًا لتحقيق هذا الهدف". وأضاف أنه يمكن تحويل "مدن الأمل" إلى "مدن المستقبل" الصديقة للمستثمرين والقادرة على المنافسة عالميًا؛ مما يُعزِّز النمو والازدهار المشترك. وأعرب سعادة السفير عن أمله في تعزيز التعاون المالي بين عُمان والصين؛ ليكون مؤشرًا على مستقبل اقتصادي أكثر ازدهارًا. تبادل العملات وكشف سعادة السفير عن مساعي الصين للتوقيع على اتفاقية تبادل العملات المحلية، مُعربًا عن ترحيبه بانضمام المؤسسات المصرفية العُمانية إلى نظام المقاصَّة والدفع عبر الحدود باليوان الصيني، إلى جانب التطلُع لتعزيز التبادل والتعاون مع الجانب العُماني في مجال العملات الرقمية للبنوك المركزية، وكذلك تعزيز التعاون مع جهاز الاستثمار العُماني، وتعميق التعاون الاستثماري الثنائي الاتجاه. وشدد سعادة السفير على التوافق التام بين رؤية "عُمان 2040" و"التحديث الصيني النمطي"، موضحًا أن التحديث الصيني النمط يعني "أننا نستخدم أسلوبنا الصيني للتطوُّر وتحقيق إنجازات اقتصادية عظيمة". وقال: "نحن رُوَّاد في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء والتصنيع، وهو ما يُمثِّل فرصة جيدة لعُمان لتحقيق أهداف رؤية "عُمان 2040"؛ حيث إن عُمان تسعى إلى تحقيق التنويع الاقتصادي، وتبذل جهودًا كبيرة للتوسُّع في قطاعات الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الهيدروجين". القمة الصينية العربية وتحدث سعادة لو جيان، عن القمَّة الصينية العربية الثانية المقررة في الصين العام المقبل؛ إذ تتطلع الصين إلى العمل مع عُمان لتعزيز الصداقة التاريخية، وتعزيز التكامل بين مشروع "الحزام والطريق" ورؤية "عُمان 2040"، وتوسيع التعاون العملي الشامل والمتعدد المجالات، وتعزيز التبادلات الإنسانية، وذلك لتقديم إنجازات متميزة ترحب بالانعقاد الناجح للمنتدى.


جريدة الرؤية
٠٢-٠٨-٢٠٢٥
- أعمال
- جريدة الرؤية
عهد مُتجدد من الشراكة العُمانية الصينية يستمد قوته من "ملتقى الصداقة والتعاون".. و"الرؤية" جسر داعم لازدهار العلاقات
◄ ثلاثية الطاقة والابتكار والتكنولوجيا تقود دفة النقاشات بالملتقى ◄ مشاركة 16 شركة صينية و30 من رجال الأعمال في البلدين ◄ جلسات نقاشية حول تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا ◄ استعراض أولويات الابتكار والتنمية المستدامة والرقمنة بالرؤيتين العمانية والصينية ◄ التركيز على استكشاف الفرص واقتراح المبادرات وتوسيع مساحات التعاون ◄ الطائي: العلاقات العُمانية الصينية مشروع حي يتجدَّد مع كلِّ مرحلة ويستجيبُ لتحدياتِ العصر ◄ السفير الصيني: عُمان والصين تسيران معا في طريق التنمية المستدامة ◄ السعيدي: جمعية الصداقة العُمانية الصينية تحرص على توسيع دائرة التعاون ◄ مسن: عُمان تتمتع ببيئة استثمارية موثوقة وآمنة ◄ فاضل: العلاقات بين البلدين تتجه نحو آفاق أوسع من الشراكات الاقتصادية الرؤية- فيصل السعدي- ريم الحامدية رعى صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، الخميس، أعمال الدورة الثالثة من ملتقى الصداقة والتَّعاون العُماني الصيني، والذي أقيم تحت عنوان "التحديث الصيني النمط ورؤية عُمان 2040.. أعمالنا ومقترحاتنا"، وذلك بمنتجع ميلينيوم صلالة. وهدف الملتقى في دورته الحالية إلى استكشاف الفرص واقتراح المبادرات وتوسيع مساحات التعاون بين بلدين صديقين يرفع كل منهما راية الاستعداد للمستقبل، في ضوء ما تتضمنه رؤية "عمان 2040" من طموحات تنموية عميقة الجذور، وما يتيحه التحديث الصيني النمطي من نماذج ملهمة في النهضة الاقتصادية والاجتماعية. وشهد الملتقى حضورا مميزا، حيث شارك أكثر من 30 من رجال الأعمال وممثلي الشركات العمانية والصينية، إلى جانب حضور لافت من الجانب الصيني تمثل في مشاركة أكثر من 16 شركة صينية، مما أضفى على الملتقى طابعاً دولياً يُعزز آفاق التعاون والشراكات المستقبلية بين البلدين. وقال حاتم بن حمد الطائي الأمين العام للملتقى رئيس تحرير جريدة "الرؤية" في كلمته بمستهل أعمال الملتقى، إنَّ العلاقات العُمانية الصينية لم تكُن يومًا رهينةَ اللحظةِ أو أسيرةَ الماضي، بل كانتْ ولا تزال مشروعًا حيًّا يتجدَّدُ مع كلِّ مرحلة، ويستجيبُ لتحدياتِ العصر، مُستندةً إلى عُمقٍ حضاريٍّ يضربُ بجذوره في أعماقِ التاريخ، موضحًا أنه في الوقت الذي تلتقي فيه الرؤية العُمانية مع الطموح الصيني، يظهر مساران طموحان يشقان طريقهما بثقةٍ واقتدار نحو المستقبل؛ فمن جهةٍ، يظهرُ حُلم عُمان الكبير ممثلًا في رؤية "عمان 2040" بآفاقِها المتكاملةِ لبناءِ اقتصادٍ متنوِّعٍ ومُستدام، ومُجتمعٍ يُعلي من قيمةِ الإنسان، ويستثمرُ في المعرفةِ، ويرتبطُ بالعالمِ مِن مَوْقِع المبادرةِ لا التَّبعية، ومِنْ أرضيةِ الأصالةِ لا القطيعة مع الحداثة. وأضاف أنه من جهةٍ أخرى، يبرز "التحديثُ الصينيُّ النمطي"، الذي يُعِيدُ رسمَ معالمَ النموذجِ التنمويِّ الصيني، ويُجسِّد تجربةً فريدةً في المُواءمةِ بين التنميةِ الاقتصادية، والحفاظِ على الخصوصيَّةِ الحضاريَّة والثقافيَّة، مشيرا إلى أن المسارين يلتقيان في الجوهرِ والرؤيةِ والهدف، رغم اختلاف سياقات انطلاق كلٍّ منهما، فكلاهما يؤمنُ بالتخطيطِ الإستراتيجيِّ طويل المدى، ويُعلي من شأنِ الابتكارِ والرقمنةِ والطاقةِ النظيفة والاستدامة، كما يسعيان لتعظيمِ القيمةِ من المواردِ البشريَّة، وتوسيعِ الشراكاتِ الدولية، وبناءِ اقتصادٍ يقومُ على الإنتاجيَّة والتنافسيَّة. وبيّن الطائي أن فهم طبيعة العلاقات بين البلدين يمكن تصوُّره من مشهدٍ رأسيٍّ، رباعيِّ الأبعاد؛ يجمعُ بين: البُعدِ الإستراتيجي، والبُعدِ الاقتصادي، والبُعدِ الحضاري الثقافي، والبُعدِ المُستقبلي، مبينًا أنَّه على مستوى البُعد الاستراتيجي، تقوم العلاقاتُ العُمانية الصينية على قاعدةٍ صلبةٍ من الاحترام المتبادَل وعدمِ التدخُّل؛ ممَّا يمنُحها عُمقًا واستقرارًا بعيدًا عن التقلباتِ الجيوسياسيَّة، كما تُعدُّ عُمان شريكًا مَوثوقًا للصين في منطقةِ الخليجِ العربيِّ، بينما ترى عُمان في الصِّين قوةً اقتصاديةً تُسهمُ في تحقيقِ التوازنِ العالميِّ وتفتحُ آفاقًا جديدةً للتنمية، فضلًا عن أنَّ التكاملَ بين مُبادرة "الحزام والطريق" وموقع عُمان الجغرافيِّ، يضعُ البلدين في قلب مشهدٍ جيواقتصاديٍّ واعد. وأشار إلى أن البُعد الاقتصادي يُترجم واقعًا من خلال النمو المتزايد في التبادل التجاري بين البلدين، والذي وصل بنهايةِ العامِ الماضي إلى 36.73 مليار دولار؛ حيثُ تُعدُّ الصين من أكبر الشركاءِ التجاريين لعُمان، فضلًا عن الاستثماراتِ الصينيَّةِ القائمةِ في مُختلفِ المناطقِ الاقتصاديةِ والحرة في السلطنة، والتي تشملُ مشاريعَ الطاقةِ، والصناعاتِ الثقيلة والبنية الأساسية، مع إمكاناتٍ غير مُستغلة بعد في الطاقةِ المتجدِّدة، والتكنولوجيا، والزراعةِ الذَّكية، والسياحة، مؤكدا أن البُعد الحضاري والثقافي يُمثّل أحد أهم أوجه العلاقة بين البلدين، حيث تتشاركُ الحضارتَان العُمانيةُ والصينيةُ تاريخًا طويلًا من التجارةِ البحريةِ والتبادلِ الثقافيِّ عبر طريق الحرير البحري، أوجدتْ نوعًا من التقاطعاتِ في القيمِ المشتركةِ والانفتاحِ المدرُوس، كما أنَّ مستوياتِ التقاربِ والتفاعلِ بين الشعبيْن في ازديادٍ عبر التعليمِ، والترجمةِ، والمعارضِ، والبعثاتِ الطلابية، والمراكزِ الثقافية. وأوضح الأمين العام للملتقى أن البُعد المستقبلي يحظى باهتمام خاص، حيثُ تضع رؤية "عُمان 2040" و"التحديث الصيني النمطي" الابتكارَ والتنميةَ المستدامة والرقمنةَ في قلبِ التوجُّهاتِ الوطنيَّة، ممَّا يُوْجِدُ أرضيةً خصبةً للشراكة؛ مع طيفٍ واسعٍ من الفرصِ الواعدة لبناءِ شراكاتٍ أعمق في مجالات مثل: الهيدروجين الأخضر والطاقةِ المتجددة، والمدنِ الذكيةِ والبنيةِ الرقمية، والصناعاتِ التحويليةِ المتقدمة، وسلاسلِ الإمدادِ الذكية وربطِ الأسواق، مؤكدا أن السنواتُ الأخيرة أثبتتْ أنَّ البلدين قادران على تطويرِ علاقتهما بما يتجاوزُ الأطرَ التقليديَّةَ نحوَ مجالاتِ المستقبل؛ انطلاقًا من كون نجاحِ أي شراكةٍ لا يُقاسُ فقط بما تُحقِّقه من أرقام، بل بما تُوْجِدهُ من فَهْمٍ مُتبادلٍ، وثقةٍ راسخةٍ، واستثمارٍ في الإنسان، وهو واقعٌ ملموس يعكسهُ هذا التنوُّعُ الثريُّ في حُضُور وقائعِ أعمالِ هذا الملتقى، الذي يضمُّ كوكبةً من المسؤولين والخبراء والمعنيين والمهتمين، في تجسيدٍ حيٍّ للثقةِ الإستراتيجيَّةِ المتبادَلَة بين البلدين الصديقين. وبيّن الأمين العام للملتقى أن انعقاد اللقاء الثالث تحتَ مظلةِ هذا المُلتقى يُمثل محطةً نحو تعميقِ الحوار، وترسيخِ الثقةِ المُتبادلة، والبحثِ عن خارطةِ طريقٍ تفتحُ آفاقًا أرحب من الفُرَص أمامَ ما تملكهُ عُمان والصين من إمكانات، وما تحملانهُ من تطلعاتٍ مُشتركة، معربا عن أمله في أن تتوصَّلَ النقاشاتُ إلى توصياتٍ عمليَّةٍ مُبتكرةٍ قابلةٍ للتنفيذ، ومبادراتٍ نوعيَّةٍ تُسهمُ في بناءِ جسورٍ جديدةٍ بين المؤسَّسات والشَّرِكَات والجامعات ومراكز الأبحاث، في ظلِّ إرادةٍ سياسيَّةٍ تُدركُ بأنَّ التقدُّمَ مسارٌ يُبنَى بإرادةِ الشعوب، ويُصاغُ بتعاونِ الأصدقاء، ويترسَّخُ بالانفتاحِ الذكيِّ على العالم. وفي الكلمة الرئيسية للجانب الصيني، قال سعادة ليو جيان سفير جمهورية الصين الشعبية لدى سلطنة عمان: "يسعدني جدًا في موسم الخريف المليء بالحيوية، أن أجتمع مع أصدقاء جدد وقدامى في مدينة صلالة الجميلة عاصمة اللبان، لندشن معًا منتدى الصداقة والتعاون الصيني العماني، فمنذ تولي مهامي في عمان قبل سبعة أشهر، تركت هذه الأرض العريقة المفعمة بالحيوية انطباعًا رائعًا لديّ، لقد تشرفتُ بتقديم أوراق اعتمادي إلى صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حيث استشعرتُ عميق اهتمام جلالته وتطلعه الكبيرين لتعزيز العلاقات الثنائية، ولقد زرتُ مؤسسات الحكومة العمانية والجامعات والمتاحف وجامع السلطان قابوس العظيم، وزرتُ قلعة نزوى ومنطقة الدقم الاقتصادية الخاصة، كما احتفلتُ مع أهل منطقة جنوب الباطنة بمهرجان الرطب الأول، وعندما توجه إليَّ الشباب العمانيون في الفعاليات الثقافية قائلين (مرحبًا) بالصينية، وعندما رأيت السيارات الكهربائية الصينية تتنقل بلا توقف في الشوارع، شعرت بعمق أن الصداقة بين الصين وعمان تشهد تجددًا وحيوية في هذا العصر الجديد". وأضاف: "خلال عملية التحضير للمنتدى، سواء كان ذلك في التواصل مع الأصدقاء العمانيين أو مع الشركات الصينية، كان تعميق التعاون العملي دائمًا هو رغبتنا المشتركة، بناءً على المنتدى الودي القائم قمنا بإضافة كلمة "التعاون" إلى مسمى الملتقى، وذلك بهدف تحويله إلى منصة للحوار بين الشركات وصناع السياسات، ودفع عجلة التعاون بين البلدين إلى الأمام بسرعة أكبر، ويأتي منتدى اليوم تحت عنوان (التحديث الصيني النمط ورؤية عُمان 2040: إجراءاتنا ومقترحاتنا)، مما يعكس رؤية مستقبلية ثاقبة، وإنني أتطلع إلى تبادل آرائكم القيّمة ووضع الحلول المبتكرة معًا، لتعزيز الصداقة العُمانية الصينية المتجذرة بدفع جديد وقوي". وأشار سعادته إلى أنَّ التحديث الصيني النمط هو فرصة لتطور سلطنة عمان، ففي عام 2022، اقترح الرئيس شي جين بينغ دفع نهضة الأمة الصينية العظيمة من خلال التحديث الصيني، وهذا الطرح يحمل معاني عميقة وأبعاداً عالمية، وإنه طريق حديث يتميز بحجم سكاني هائل، رفاهية مشتركة لجميع المواطنين، التوازن بين الحضارة المادية والروحية، التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، والسير في طريق التنمية السلمية، مضيفا: "في مواجهة التحولات المتسارعة في العالم والاضطرابات المتداخلة في الساحة الدولية، تواصل الصين إصرارها على السير في طريقها الخاص، والتمسك بالتنمية السلمية، وتعزيز التعاون والمصلحة المشتركة، وعلى مدار عقود من الكفاح، راكمت الصين قوة هائلة في مجالات بناء البنية التحتية الاقتصادية، والابتكار التكنولوجي، ونظام التصنيع، وحجم السوق، وتمتلك الصين أكثر أنظمة الصناعة تكاملاً في العالم، وتتصدر العالم بعدد مصانع المنارة البالغ 78 مصنعًا، وهي رمز للتصنيع الذكي، وفي مجال تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية، تمثل براءات الاختراع الصينية نحو 70% من الإجمالي العالمي، وتُشكل إعلانات براءات الاختراع الأساسية لمعايير الجيل الخامس (5G) من الصين أكثر من 42% على مستوى العالم". وتابع سعادته قائلا: "وفي الوقت نفسه، دخلت الصين مرحلة تسارع في التحول نحو الطاقة الخضراء، حيث وصلت نسبة القدرة المركبة من مصادر الطاقة غير الأحفورية إلى نحو 60%، وقد قال شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن الصين هي الاقتصاد الرئيسي الوحيد في العالم الذي تمكن من تحقيق نمو اقتصادي سريع مع خفض كبير في الانبعاثات، ونحن الصينيون نُطلق على نهر هوانغخه اسم نهر الأم، فهو رمز أمتنا، وإن التحديث الصيني يشبه ذوبان الثلوج في جبال تيان شان، حيث يضخ حياة جديدة في هذا النهر العريق، ومهما كانت التضاريس وعرة، أو المناخ قاسيًا، فإن نهر هوانغخه يواصل جريانه المتدفق إلى الأمام ويغذي أبناء الأمة الصينية، ويجلب أيضًا الحيوية والأمل للعالم بأسره". وأكد سعادة السفير الصيني: "تعد الصين وسلطنة عمان صديقين وشريكين حقيقيين، وتعود جذور صداقتنا إلى أكثر من 1200 عام، ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية عام 1978، التزمنا بقيم أخلاقية مشتركة، وعاملنا بعضنا البعض بالاحترام المتبادل، وسعينا إلى تعاون مربح للطرفين، مما حافظ على مستوى عال من الثقة السياسية المتبادلة، وفي عام 2018، أقامت الصين وسلطنة عمان شراكة استراتيجية، ووقعتا مذكرة تفاهم بشأن التعاون في بناء مبادرة الحزام والطريق، وفي عام 2022، أعلنت القمة الصينية العربية الأولى والقمة الصينية الخليجية عن بناء مجتمع مصير مشترك بين الصين والدول العربية في العصر الجديد، وشراكة استراتيجية بين الصين ودول الخليج، مما ضخ زخمًا قويًا في تطور العلاقات الثنائية بين الصين وعمان، كما تعمل الصين بنشاط على تنفيذ مخرجات القمم، وتدفع التعاون العملي بخطى ثابتة، وفي عام 2024، بلغ حجم التجارة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي 288 مليار دولار أمريكي، مما حافظ على مكانة الصين كأكبر شريك تجاري للمجلس، كما تواصل الاستثمارات الصينية في دول مجلس التعاون الخليجي نموها القوي، حيث تجاوز معدل النمو في النصف الأول من عام 2025 نسبة 30%، وكان النمو في مجالي الطاقة والاقتصاد الرقمي بارزًا بشكل خاص، متفوقًا بفارق كبير على معدل النمو العام للاستثمار في مبادرة "الحزام والطريق"، الذي بلغ 20.7%". وذكر سعادته: "تحتل الصين اليوم مكانة الشريك التجاري الأول لسلطنة عمان، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية 36.7 مليار دولار أمريكي في عام 2024، كما تُعد الصين ثالث أكبر مصدر للاستثمار في عمان، وقد أثمر التعاون بين الجانبين عن العديد من الإنجازات البارزة: في نوفمبر 2024، أُطلقت بنجاح أول قمر صناعي عُماني بواسطة صاروخ صيني؛ البنية التحتية الاستراتيجية للطاقة، بما في ذلك أكبر مشروع لنقل الكهرباء في عُمان، يساهم مشروع "منح" للطاقة الشمسية في تقليل مليون طن من انبعاثات الغازات الدفيئة سنويًا؛ ومن خلال برامج التدريب التي نظمتها وزارة التجارة الصينية وشركات مثل هواوي، تم حتى الآن تأهيل أكثر من 1200 مسؤول حكومي ومدير تنفيذي وفني عُماني". وقال سعادة ليو جيان: "لقد وضع جلالة السلطان هيثم بن طارق رؤية عمان 2040 لتكون بوصلةً ترشد مسار التنمية المستقبلية للبلاد، وبالنسبة للصين، تمتد المزايا الاستراتيجية لعُمان إلى ما بعد موقعها الفريد وبيئتها المستقرة لتشمل المناطق الاقتصادية النابضة بالحياة وأصول أخرى، وتتقاطع رؤى الصين وعمان في العديد من الجوانب، فكلا البلدين يقدّران تقاليدهما العريقة، ويعملان على دمج الحوكمة الوطنية الحديثة مع إرثهما الحضاري، ويضعان التنمية المستدامة والتحول الأخضر في صلب استراتيجياتهما الوطنية، ويدعوان إلى الحوار بين الحضارات، وإن هذا التوافق الاستراتيجي يجعل من الصين شريكًا طبيعيًا لعمان في تحقيق رؤية 2040، كما أن لدى عمان كل الإمكانات، بل ويُفترض أن تلعب دورًا أكثر أهمية في التعاون ضمن مبادرة الحزام والطريق". ولفت سعادته إلى أن الصين وسلطنة عمان تسيران معًا في طريق التنمية، وهما شريكان حقيقيان، إذ يولي الرئيس شي جين بينغ وجلالة السلطان هيثم بن طارق أهمية كبيرة لتطوير العلاقات الثنائية، وقد تبادلا الرسائل عدة مرات منذ بداية هذا العام، وشهدا تواصلاً وثيقًا ومستمرًا، وفي ظل التوجيه الاستراتيجي لقائدي البلدين، فإن تعميق التعاون القائم على المنفعة المتبادلة من أجل تحقيق رؤى التنمية في كلا البلدين هو الخيار الأمثل والمشترك لنا جميعًا، ومن أجل تنفيذ مخرجات القمة الصينية العربية وقمة الصين ومجلس التعاون الخليجي، علينا أن نكون من أصحاب الأفعال، وأن نعمل بإخلاص وبخطى ثابتة، وكما تقول الحكمة العربية: (الوقت من ذهب) وهذه الكلمات تحفّزنا على المثابرة والتقدم المستمر، ومن المقرر أن تُعقد القمة الصينية العربية الثانية في الصين العام المقبل، وعلينا أن نغتنم هذه الندوة كمنصة لتعزيز التلاقي بين الشركات الصينية والعُمانية، وتسريع وتيرة التعاون العملي بين الجانبين". وحول المقترحات العملية، قال سعادته: "أود أن أطرح بعض المقترحات العملية: أولاً، تسريع التواصل في السياسات، إذ ينبغي لنا في المرحلة الحالية أن نعمل معًا على الإسراع في استكمال مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي، والمصادقة عليها وتنفيذها في أقرب وقت ممكن، بما يخلق بيئة تجارة واستثمار أكثر حرية وسهولة وقابلية للتنبؤ لشركات الجانبين. وفي الوقت نفسه، يجب تعزيز الاعتراف المتبادل والتنسيق في مجالات معايير جودة المنتجات، واللوائح التقنية، وإجراءات تقييم المطابقة، بهدف إزالة الحواجز غير الجمركية، وثانيًا: تسريع التنسيق في مجال الابتكار، فعلينا توسيع التعاون في البحث والتطوير والتصنيع المشترك في مجالات الطاقة الجديدة، وتكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الفضائية وغيرها من المجالات المتقدمة، وتُعرب الصين عن استعدادها لمواصلة دعم وتعزيز التعاون مع الجهات الحكومية العمانية في مجالات الإدارة والتدريب المهني، بما يسهم في تأهيل المزيد من الكوادر المحلية لدفع عملية التصنيع في عمان، وثالثًا، تسريع التعاون في التمويل الأخضر، إذ نوصي بأن تستكشف المؤسسات المالية في البلدين إمكانية فتح فروع في أسواق بعضهما البعض، مع تشجيع ودعم التعاون بين هذه المؤسسات، بهدف تقديم تمويل واستثمارات خضراء متنوعة ومستدامة للمشاريع الكبرى في مجالات الطاقة النظيفة، والبنية التحتية الخضراء، وكفاءة الطاقة، وخفض الانبعاثات، لدعم التحول الأخضر في سلطنة عمان، ورابعًا، تسريع التحول الرقمي: إذ نقترح أن توقع الجهات الحكومية في البلدين اتفاقيات إطار للتعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية، كما نشجع المؤسسات الصناعية والشركات في كلا الجانبين على استكشاف فرص التعاون في الاقتصاد الرقمي، والتجارة الإلكترونية، والمدن الذكية، والرعاية الصحية وغيرها من المجالات الناشئة، من أجل خلق محركات نمو جديدة للتعاون الصيني العماني، كما يجب أن نُعزّز التواصل الثقافي والإنساني بشكل أكبر، فقد قامت الصين بإعفاء عمان من التأشيرة بشكل أحادي الجانب، مما فتح باب التبادل بين الشعبين بسهولة ويسر، وخطوتنا القادمة هي أن نعمل معًا على تسريع افتتاح خطوط الطيران المباشرة بين البلدين، ليصبح المثل القائل (البعيد كأنه قريب) حقيقة ملموسة، كما سنواصل دعمنا القوي لتوسيع تعليم اللغة الصينية في عمان، حيث ستبدأ جامعة ظفار وأربع مدارس ثانوية عمانية هذا العام في تقديم دروس اللغة الصينية، بالإضافة إلى ذلك، سنعمّق التعاون السياحي والتبادل الثقافي في مجالات المتاحف، والعروض الفنية، والكتب، والسينما، وغيرها من الفنون، ليتمكن شعبا الصين وعمان من التعرف أكثر على جمال الطبيعة وروح الحضارة الفريدة لكل منهما، مما يجعلنا نموذجًا يحتذى به في حوار الحضارات". واختتم كلمته قائلا: "بينما نجتمع هنا لمناقشة التعاون، لا تزال الكارثة الإنسانية في غزة مستمرة، وضمير الإنسانية يخضع لاختبار عسير، نحن نثمن موقف سلطنة عمان العادل والمستمر بشأن القضية الفلسطينية، وجهودها النشطة في الدعوة للسلام وتشجيع الحوار، وتظل الصين دائمًا محفزًا لسلام الشرق الأوسط، وتدعم بحزم حل الدولتين، وندعو جميع الأطراف المعنية إلى وقف إطلاق النار فورًا، ووقف الحرب، واستئناف دخول المساعدات الإنسانية، والعودة سريعًا إلى المسار الصحيح للحل السياسي للخلافات، ونحن على استعداد للعمل مع عمان والمجتمع الدولي لدعم وقف إطلاق النار في غزة، ودفع القضية الفلسطينية نحو حل شامل وعادل ودائم في أقرب وقت ممكن، وأخيرا أود أن أقول إن الصين وعمان شريكان مخلصان يتشاركان نفس الرؤية والطموح، وتحت القيادة الاستراتيجية لقائدي البلدين، ومن خلال جهودنا المشتركة، ستشهد الشراكة الاستراتيجية بين الصين وعمان غدًا أكثر إشراقًا وجمالًا". من جانبه، ذكر سعادة الدكتور خالد بن سالم السعيدي رئيس مجلس إدارة جمعية الصداقة العُمانية الصينية في كلمته الافتتاحية، أن جمعية الصداقة العُمانية الصينية -منذ تأسيسها وحتى اليوم- كانت ولاتزال إحدى الحلقات الحيوية في سلسلة العلاقات المتينة بين سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية، مؤكدًا أن رسالتها لم تقتصر يومًا على تنظيم اللقاءات أو تبادل الزيارات، بل شكّلت منصَّة لتقريب الثقافات، وتوسيع دوائر التفاهم، وإيجاد مساحات جديدة للتعاون غير الرسمي، حيث تتحدَّثُ الشعوب بلغة القيم والمصالح المشروعة المتبادلة والمشترك الإنساني. وأشارالسعيدي إلى أن الجمعية تنطلق من إيمانٍ عميق بأن الدبلوماسية الناعمة ليست رفاهًا ثقافيًّا، بل ضرورة إستراتيجية في عالمٍ تتداخل فيه الهويات، وتتشابك فيه المصالح، مؤكدًا أن مهمة بناء الجسور بين الشعبين العُماني والصيني لا تقل أهمية عن الاتفاقيات الرسمية أو المشاريع الاقتصادية المشتركة، بل تسبقها، وتمهِّد لها، وتمنحها العُمق اللازم لتزدهر وتستمر. وقال السعيدي إن بناء الثقة بين الشعوب يتطلَّب سنوات من العمل، والصدق، والتواصل، وهو ما تسعى إليه الجمعية كل يوم مع نظرائها في الجانب الصيني، وأن السنوات الأخيرة شهدت نقلاتٍ نوعية في العلاقات بين عُمان والصين، خصوصًا في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والبنية الأساسية، مبينًا أن طموح الجمعية يتجاوز تلك المؤشرات الكمية إلى آفاقٍ أكثر عمقًا واتساعًا، تشمل العلوم الإنسانية، والفنون، والثقافة، والتنمية المجتمعية، والاستدامة البيئية، والطاقة المتجددة، مؤكدًا أن الشراكة بين البلدين يمكن أن تسهم في إعادة إحياء "حوار الحضارات" كقيمة إنسانية عابرة للحدود، في عالمٍ يميل، للأسف الشديد، إلى الانقسام والصراع. وأشار السعيدي إلى أن مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين تمثل أحد أبرز الجسور التي يمكن أن تُعزز هذا التلاقي بين الشرق والغرب، موضحًا أن سلطنة عُمان بما تحظى به من موقعٍ إستراتيجي، واستقرارٍ سياسي، وعمق حضاري راسخ، ورؤية تنموية طموحة، مؤهلة لأن تكون محورًا إقليميًّا فعّالًا في هذه المبادرة العالمية، ومنصةً لتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي والثقافي بين الصين والعالم العربي والقرن الإفريقي، مشددا على أن المستقبل يُبنى بالحوار، ويتقدَّم بالشراكات العابرة للمصالح الظرفية نحو القيم المستدامة، مؤكدًا التزام الجمعية بأن تظل جسرًا نابضًا يعبر عليه التعاون، وتتقاطع فيه الأفكار، وتُزهر فيه المبادرات التي تخدم البلدين والشعبين الصديقين. وبيّن السعيدي أن رؤية عُمان 2040 التي تحمل في جوهرها انفتاحًا على العالم تُشكِّل أرضية خصبة لهذا النوع من المبادرات، في حين يُعيد "التحديث الصيني النمطي" تشكيل دور الصين كشريك دولي فاعل في بناء نظام عالمي أكثر توازنًا وإنسانية وشمولًا، مشيرًا إلى أن هذين المسارين يفتحان أمام مؤسسات المجتمع المدني فضاءً واسعًا للعمل والتفاعل والمبادرة، مؤكدا أن جمعية الصداقة العُمانية الصينية تُجدد التزامها بمواصلة العمل الجاد لتعزيز آفاق الروابط بين البلدين الصديقين، وتوسيع مساحات التعاون، وتوفير منصات جديدة للحوار المشترك. وقال السعيدي إن الوقت قد حان للانتقال في العلاقات الثنائية من مجرَّد "تعاون" إلى "تكامل"، ومن مجرد تبادل إلى إنتاج مشترك للمعرفة والفرص، مؤكدًا أن الطموح لا يقتصر على استقبال الاستثمارات أو تبنِّي النماذج الناجحة، بل يتجاوز ذلك إلى العمل على صياغة نماذج جديدة تلائم الخصوصيات، وتستجيب للتحديات، وتنهض بمقدّرات الإنسان في سلطنة عُمان والصين، مشيرا إلى أهمية بناء روابط قوية بين المدن والمجتمعات المحلية في البلدين الصديقين، من خلال التوأمة، والبرامج الثقافية المشتركة، ومهرجانات الفنون، والمعارض السياحية، مؤكدًا أن سلطنة عُمان بما تمتلكه من تنوع ثقافي واجتماعي وتاريخ عريق، وجمهورية الصين بما تحمله من ثقل حضاري وسكاني ومبادئ قائمة على المنافع المشتركة، قادران على بناء نموذج فريد لتلاقي الشعوب وتلاقي الحضارات. وفي بيان الافتتاح، قال سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للتجارة والصناعة، إن مشاركته في افتتاح الدورة الثالثة من ملتقى الصداقة العُماني - الصيني 2025 تمثل مصدر سعادة واعتزاز، مؤكدًا أن هذا الملتقى يأتي في إطار العلاقات الراسخة التي تجمع سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية، وهي علاقات تقوم على التاريخ العريق، والثقة المتبادلة، والتعاون المستمر في مختلف المجالات. وأوضح سعادته أن الملتقى يُعد منصة فعّالة لتعزيز التعاون، وتبادل الخبرات، واكتشاف الفرص الاستثمارية في القطاعات ذات الاهتمام المشترك، بما يخدم مصالح البلدين الصديقين، مشيرا إلى أن سلطنة عُمان شهدت خلال السنوات الأخيرة تحولات اقتصادية وهيكلية واسعة النطاق، في ظل رؤية "عُمان 2040"، التي تمثل خارطة طريق نحو تنمية اقتصادية عادلة ومتوازنة، حيث تم التركيز على تنويع مصادر الدخل، وتمكين القطاع الخاص، ورفع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي، بما في ذلك الصناعة، والتعدين، والسياحة، والخدمات اللوجستية، والاقتصاد الأخضر. وأضاف سعادته أن السلطنة وفّرت حوافز تنافسية تشمل الإعفاءات الضريبية والجمركية، وتسهيل الإجراءات الإدارية، وتقديم خدمات التطوير في المناطق الحرة والاقتصادية المتخصصة، مؤكدًا أن هذه الجهود تجعل من عُمان بيئة استثمارية موثوقة وآمنة، لافتا إلى أن سلطنة عُمان تتمتع باستقرار سياسي واقتصادي، وبنية تحتية متطورة تشمل الموانئ والمطارات الحديثة، وربطًا رقميًا عالي الكفاءة، فضلًا عن قوى عاملة مؤهلة، مما يجعلها وجهة مثالية للمستثمرين من مختلف دول العالم، وفي مقدمتهم المستثمرون من جمهورية الصين الشعبية، مؤكدا أن السلطنة تنظر إلى مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين، كإحدى أهم المبادرات العالمية لتعزيز التكامل التجاري واللوجستي والثقافي، مضيفًا أن موقع سلطنة عُمان الجغرافي، المطل على المحيط الهندي وبحر العرب، يجعل منها حلقة محورية في هذه المبادرة، وبوابة رئيسية للربط بين الشرق والغرب. وأوضح سعادته أن المبادرة أسفرت بالفعل عن خطوات عملية تمثلت في استقطاب استثمارات مباشرة بعدد من المناطق الاقتصادية، أبرزها المدينة الصناعية العُمانية الصينية في الدقم، ومشاريع صناعات تقنيات الطاقة المتجددة في منطقة صحار الحرة، والتي تُعد نموذجًا ناجحًا للشراكة الصناعية بين البلدين، مشيرا إلى أن هذه المشاريع تمثل تكاملًا فعّالًا بين الاستراتيجية الصناعية العُمانية 2040 ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وتفتح آفاقًا مستقبلية واعدة في مجالات البنية التحتية للطاقة المتجددة والتقنيات المتقدمة. وفي الكلمة الرئيسية، قال الشيخ نايف بن حامد فاضل رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان -فرع ظفار- إن اللقاء في الدورة الثالثة من ملتقى الصداقة العُماني الصيني يُعد محطةً مهمة لتعميق أواصر التعاون بين سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية الصديقة، وتوسيع آفاق الشراكة في مختلف المجالات ذات البُعد الاستراتيجي، بما يخدم تطلعات التنمية الاقتصادية المستدامة في البلدين، موضحا أن العلاقات العُمانية الصينية شكّلت عبر التاريخ نموذجًا رائدًا في التفاهم الحضاري، والتكامل التجاري، والانفتاح المتبادل، وأن هذه العلاقات تتجه اليوم بخطى واثقة نحو آفاق أوسع من الشراكات الاقتصادية المستندة إلى رؤى تنموية واضحة، مضيفا أن الملتقى يمثل منصة حيوية لتعزيز التقارب بين مجتمعَي الأعمال في البلدين الصديقين، وتمكين الاستثمارات الثنائية في قطاعات واعدة تشمل: الطاقة، الصناعة، التكنولوجيا المتقدمة، الاقتصاد الأخضر، والخدمات اللوجستية والسياحية. وأشار رئيس الغرفة إلى أن رؤية "عُمان 2040" تُشكّل الإطار الوطني الطموح الذي ترتكز عليه جهود السلطنة في التنويع الاقتصادي والتحول نحو اقتصاد معرفي وتنموي مستدام، مؤكدًا أن هذه الرؤية تتقاطع مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، التي وصفها بأنها منصة عالمية واعدة للتكامل الإقليمي والدولي، ترتكز على البنية الأساسية والشراكة الاستراتيجية الفاعلة. وبين أن غرفة تجارة وصناعة عُمان تضع تعزيز الشراكات النوعية وجذب الاستثمارات عالية القيمة في مقدمة أولوياتها، وتسعى إلى تطوير قنوات الاتصال بين أصحاب الأعمال والمستثمرين من الجانبين، وتهيئة بيئة ممكنة للاستثمار تسهم في خلق فرص اقتصادية مبتكرة ومستدامة. وتواصلت فعاليات الملتقى وسط حضور ملفت، حيث انطلق المحور الأول تحت عنوان "التحديث الصيني النمط ورؤية عمان 2040" في إطار جلسة نقاشية أدارها الدكتور أحمد سعيد كشوب، رئيس مركز المؤشرات الاقتصادية والمالية. شارك في الجلسة من الجانب العماني: محمد الزدجالي، إخصائي ترويج الاستثمار بهيئة المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، والدكتور يوسف البلوشي، الخبير الاقتصادي ومؤسس البوابة الذكية للاستثمارات والاستشارات. ومن الجانب الصيني، حضرت المستشارة شيه تشونغ مي، المستشارة الاقتصادية والتجارية في سفارة جمهورية الصين الشعبية، وجاينغ بنغ جينغ، المسؤول التنفيذي في شركة Solar JA، وون تشي، مساعد رئيس شركةElectric ZhongkeHunan، وليانغ تشاو، المدير العام لشركة مجموعة تشاينا إنيرجي الدولية المحدودة فرع سلطنة عمان. تلا ذلك انطلاق المحور الثاني بعنوان "التعاون في مجال الطاقة"، وأدار الجلسة الدكتور يوسف بن حمد البلوشي، الخبير الاقتصادي ومؤسس البوابة الذكية للاستثمارات والاستشارات. شارك في الحوار كل من: المهندس سالم بن بخيت الكثيري، رئيس دائرة المعادن بصلالة بوزارة الطاقة والمعادن، وقوان شو، نائب المدير العام للشركة الصينية الوطنية للبترول فرع سلطنة عمان، ووانغ وينجون، نائب الممثل الإقليمي الرئيسي لشركة باور تشاينا، ويون يانغ، مدير عام شركة الصين الثالثة للإنشاءات الكيميائية. وفي الجلسة الختامية التي جاءت تحت عنوان "التعاون في الابتكار والتكنولوجيا"، أدار الدكتور يوسف بن حمد البلوشي النقاش بمشاركة نخبة من الخبراء، منهم: الدكتور أحمد سعيد كشوب، الخبير الاقتصادي، وديفيد هوي، الرئيس التنفيذي لمكتب هواوي بسلطنة عمان، والمهندس عبدالله البوسعيدي، مدير عام مركز عمان للوجستيات، ووانغ شينغ لي، الممثل الرئيسي لشركة شبكة الدولة الصينية بسلطنة عمان والرئيس التنفيذي للشؤون التنظيمية بشركة عمان لنقل الكهرباء، ودينغ نان، مدير العلاقات العامة الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط بشركة Solar JA، والدكتور ناصر بن محمد تبوك، محاضر بجامعة ظفار، وعلي شاه، الرئيس التنفيذي لشركة عدسة عمان. كما عقدت سلسلة من اللقاءات الثنائية (B2B) التي جمعت ممثلين عن مجتمع الأعمال العماني والصيني، مما فتح آفاقًا جديدة للتعاون والشراكات المستقبلية.


جريدة الرؤية
٠٢-٠٨-٢٠٢٥
- أعمال
- جريدة الرؤية
عهد مُتجدد من الشراكة العُمانية الصينية يستمد قوته من "ملتقى الصداقة".. و"الرؤية" جسر داعم لازدهار العلاقات
◄ ثلاثية الطاقة والابتكار والتكنولوجيا تقود دفة النقاشات بالملتقى ◄ مشاركة 16 شركة صينية و30 من رجال الأعمال في البلدين ◄ جلسات نقاشية حول تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والتكنولوجيا ◄ استعراض أولويات الابتكار والتنمية المستدامة والرقمنة بالرؤيتين العمانية والصينية ◄ التركيز على استكشاف الفرص واقتراح المبادرات وتوسيع مساحات التعاون ◄ الطائي: العلاقات العُمانية الصينية مشروع حي يتجدَّد مع كلِّ مرحلة ويستجيبُ لتحدياتِ العصر ◄ السفير الصيني: عُمان والصين تسيران معا في طريق التنمية المستدامة ◄ السعيدي: جمعية الصداقة العُمانية الصينية تحرص على توسيع دائرة التعاون ◄ مسن: عُمان تتمتع ببيئة استثمارية موثوقة وآمنة ◄ فاضل: العلاقات بين البلدين تتجه نحو آفاق أوسع من الشراكات الاقتصادية الرؤية- فيصل السعدي- ريم الحامدية رعى صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، الخميس، أعمال الدورة الثالثة من ملتقى الصداقة والتَّعاون العُماني الصيني، والذي أقيم تحت عنوان "التحديث الصيني النمط ورؤية عُمان 2040.. أعمالنا ومقترحاتنا"، وذلك بمنتجع ميلينيوم صلالة. وهدف الملتقى في دورته الحالية إلى استكشاف الفرص واقتراح المبادرات وتوسيع مساحات التعاون بين بلدين صديقين يرفع كل منهما راية الاستعداد للمستقبل، في ضوء ما تتضمنه رؤية "عمان 2040" من طموحات تنموية عميقة الجذور، وما يتيحه التحديث الصيني النمطي من نماذج ملهمة في النهضة الاقتصادية والاجتماعية. وشهد الملتقى حضورا مميزا، حيث شارك أكثر من 30 من رجال الأعمال وممثلي الشركات العمانية والصينية، إلى جانب حضور لافت من الجانب الصيني تمثل في مشاركة أكثر من 16 شركة صينية، مما أضفى على الملتقى طابعاً دولياً يُعزز آفاق التعاون والشراكات المستقبلية بين البلدين. وقال حاتم بن حمد الطائي الأمين العام للملتقى رئيس تحرير جريدة "الرؤية" في كلمته بمستهل أعمال الملتقى، إنَّ العلاقات العُمانية الصينية لم تكُن يومًا رهينةَ اللحظةِ أو أسيرةَ الماضي، بل كانتْ ولا تزال مشروعًا حيًّا يتجدَّدُ مع كلِّ مرحلة، ويستجيبُ لتحدياتِ العصر، مُستندةً إلى عُمقٍ حضاريٍّ يضربُ بجذوره في أعماقِ التاريخ، موضحًا أنه في الوقت الذي تلتقي فيه الرؤية العُمانية مع الطموح الصيني، يظهر مساران طموحان يشقان طريقهما بثقةٍ واقتدار نحو المستقبل؛ فمن جهةٍ، يظهرُ حُلم عُمان الكبير ممثلًا في رؤية "عمان 2040" بآفاقِها المتكاملةِ لبناءِ اقتصادٍ متنوِّعٍ ومُستدام، ومُجتمعٍ يُعلي من قيمةِ الإنسان، ويستثمرُ في المعرفةِ، ويرتبطُ بالعالمِ مِن مَوْقِع المبادرةِ لا التَّبعية، ومِنْ أرضيةِ الأصالةِ لا القطيعة مع الحداثة. وأضاف أنه من جهةٍ أخرى، يبرز "التحديثُ الصينيُّ النمطي"، الذي يُعِيدُ رسمَ معالمَ النموذجِ التنمويِّ الصيني، ويُجسِّد تجربةً فريدةً في المُواءمةِ بين التنميةِ الاقتصادية، والحفاظِ على الخصوصيَّةِ الحضاريَّة والثقافيَّة، مشيرا إلى أن المسارين يلتقيان في الجوهرِ والرؤيةِ والهدف، رغم اختلاف سياقات انطلاق كلٍّ منهما، فكلاهما يؤمنُ بالتخطيطِ الإستراتيجيِّ طويل المدى، ويُعلي من شأنِ الابتكارِ والرقمنةِ والطاقةِ النظيفة والاستدامة، كما يسعيان لتعظيمِ القيمةِ من المواردِ البشريَّة، وتوسيعِ الشراكاتِ الدولية، وبناءِ اقتصادٍ يقومُ على الإنتاجيَّة والتنافسيَّة. وبيّن الطائي أن فهم طبيعة العلاقات بين البلدين يمكن تصوُّره من مشهدٍ رأسيٍّ، رباعيِّ الأبعاد؛ يجمعُ بين: البُعدِ الإستراتيجي، والبُعدِ الاقتصادي، والبُعدِ الحضاري الثقافي، والبُعدِ المُستقبلي، مبينًا أنَّه على مستوى البُعد الاستراتيجي، تقوم العلاقاتُ العُمانية الصينية على قاعدةٍ صلبةٍ من الاحترام المتبادَل وعدمِ التدخُّل؛ ممَّا يمنُحها عُمقًا واستقرارًا بعيدًا عن التقلباتِ الجيوسياسيَّة، كما تُعدُّ عُمان شريكًا مَوثوقًا للصين في منطقةِ الخليجِ العربيِّ، بينما ترى عُمان في الصِّين قوةً اقتصاديةً تُسهمُ في تحقيقِ التوازنِ العالميِّ وتفتحُ آفاقًا جديدةً للتنمية، فضلًا عن أنَّ التكاملَ بين مُبادرة "الحزام والطريق" وموقع عُمان الجغرافيِّ، يضعُ البلدين في قلب مشهدٍ جيواقتصاديٍّ واعد. وأشار إلى أن البُعد الاقتصادي يُترجم واقعًا من خلال النمو المتزايد في التبادل التجاري بين البلدين، والذي وصل بنهايةِ العامِ الماضي إلى 36.73 مليار دولار؛ حيثُ تُعدُّ الصين من أكبر الشركاءِ التجاريين لعُمان، فضلًا عن الاستثماراتِ الصينيَّةِ القائمةِ في مُختلفِ المناطقِ الاقتصاديةِ والحرة في السلطنة، والتي تشملُ مشاريعَ الطاقةِ، والصناعاتِ الثقيلة والبنية الأساسية، مع إمكاناتٍ غير مُستغلة بعد في الطاقةِ المتجدِّدة، والتكنولوجيا، والزراعةِ الذَّكية، والسياحة، مؤكدا أن البُعد الحضاري والثقافي يُمثّل أحد أهم أوجه العلاقة بين البلدين، حيث تتشاركُ الحضارتَان العُمانيةُ والصينيةُ تاريخًا طويلًا من التجارةِ البحريةِ والتبادلِ الثقافيِّ عبر طريق الحرير البحري، أوجدتْ نوعًا من التقاطعاتِ في القيمِ المشتركةِ والانفتاحِ المدرُوس، كما أنَّ مستوياتِ التقاربِ والتفاعلِ بين الشعبيْن في ازديادٍ عبر التعليمِ، والترجمةِ، والمعارضِ، والبعثاتِ الطلابية، والمراكزِ الثقافية. وأوضح الأمين العام للملتقى أن البُعد المستقبلي يحظى باهتمام خاص، حيثُ تضع رؤية "عُمان 2040" و"التحديث الصيني النمطي" الابتكارَ والتنميةَ المستدامة والرقمنةَ في قلبِ التوجُّهاتِ الوطنيَّة، ممَّا يُوْجِدُ أرضيةً خصبةً للشراكة؛ مع طيفٍ واسعٍ من الفرصِ الواعدة لبناءِ شراكاتٍ أعمق في مجالات مثل: الهيدروجين الأخضر والطاقةِ المتجددة، والمدنِ الذكيةِ والبنيةِ الرقمية، والصناعاتِ التحويليةِ المتقدمة، وسلاسلِ الإمدادِ الذكية وربطِ الأسواق، مؤكدا أن السنواتُ الأخيرة أثبتتْ أنَّ البلدين قادران على تطويرِ علاقتهما بما يتجاوزُ الأطرَ التقليديَّةَ نحوَ مجالاتِ المستقبل؛ انطلاقًا من كون نجاحِ أي شراكةٍ لا يُقاسُ فقط بما تُحقِّقه من أرقام، بل بما تُوْجِدهُ من فَهْمٍ مُتبادلٍ، وثقةٍ راسخةٍ، واستثمارٍ في الإنسان، وهو واقعٌ ملموس يعكسهُ هذا التنوُّعُ الثريُّ في حُضُور وقائعِ أعمالِ هذا الملتقى، الذي يضمُّ كوكبةً من المسؤولين والخبراء والمعنيين والمهتمين، في تجسيدٍ حيٍّ للثقةِ الإستراتيجيَّةِ المتبادَلَة بين البلدين الصديقين. وبيّن الأمين العام للملتقى أن انعقاد اللقاء الثالث تحتَ مظلةِ هذا المُلتقى يُمثل محطةً نحو تعميقِ الحوار، وترسيخِ الثقةِ المُتبادلة، والبحثِ عن خارطةِ طريقٍ تفتحُ آفاقًا أرحب من الفُرَص أمامَ ما تملكهُ عُمان والصين من إمكانات، وما تحملانهُ من تطلعاتٍ مُشتركة، معربا عن أمله في أن تتوصَّلَ النقاشاتُ إلى توصياتٍ عمليَّةٍ مُبتكرةٍ قابلةٍ للتنفيذ، ومبادراتٍ نوعيَّةٍ تُسهمُ في بناءِ جسورٍ جديدةٍ بين المؤسَّسات والشَّرِكَات والجامعات ومراكز الأبحاث، في ظلِّ إرادةٍ سياسيَّةٍ تُدركُ بأنَّ التقدُّمَ مسارٌ يُبنَى بإرادةِ الشعوب، ويُصاغُ بتعاونِ الأصدقاء، ويترسَّخُ بالانفتاحِ الذكيِّ على العالم. وفي كلمته، قال سعادة ليو جيان سفير جمهورية الصين الشعبية لدى سلطنة عمان: "يسعدني جدًا في موسم الخريف المليء بالحيوية، أن أجتمع مع أصدقاء جدد وقدامى في مدينة صلالة الجميلة عاصمة اللبان، لندشن معًا منتدى الصداقة والتعاون الصيني العماني، فمنذ تولي مهامي في عمان قبل سبعة أشهر، تركت هذه الأرض العريقة المفعمة بالحيوية انطباعًا رائعًا لديّ، لقد تشرفتُ بتقديم أوراق اعتمادي إلى صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، حيث استشعرتُ عميق اهتمام جلالته وتطلعه الكبيرين لتعزيز العلاقات الثنائية، ولقد زرتُ مؤسسات الحكومة العمانية والجامعات والمتاحف وجامع السلطان قابوس العظيم، وزرتُ قلعة نزوى ومنطقة الدقم الاقتصادية الخاصة، كما احتفلتُ مع أهل منطقة جنوب الباطنة بمهرجان الرطب الأول، وعندما توجه إليَّ الشباب العمانيون في الفعاليات الثقافية قائلين (مرحبًا) بالصينية، وعندما رأيت السيارات الكهربائية الصينية تتنقل بلا توقف في الشوارع، شعرت بعمق أن الصداقة بين الصين وعمان تشهد تجددًا وحيوية في هذا العصر الجديد". وأضاف: "خلال عملية التحضير للمنتدى، سواء كان ذلك في التواصل مع الأصدقاء العمانيين أو مع الشركات الصينية، كان تعميق التعاون العملي دائمًا هو رغبتنا المشتركة، بناءً على المنتدى الودي القائم قمنا بإضافة كلمة "التعاون" إلى مسمى الملتقى، وذلك بهدف تحويله إلى منصة للحوار بين الشركات وصناع السياسات، ودفع عجلة التعاون بين البلدين إلى الأمام بسرعة أكبر، ويأتي منتدى اليوم تحت عنوان (التحديث الصيني النمط ورؤية عُمان 2040: إجراءاتنا ومقترحاتنا)، مما يعكس رؤية مستقبلية ثاقبة، وإنني أتطلع إلى تبادل آرائكم القيّمة ووضع الحلول المبتكرة معًا، لتعزيز الصداقة العُمانية الصينية المتجذرة بدفع جديد وقوي". وأشار سعادته إلى أنَّ التحديث الصيني النمط هو فرصة لتطور سلطنة عمان، ففي عام 2022، اقترح الرئيس شي جين بينغ دفع نهضة الأمة الصينية العظيمة من خلال التحديث الصيني، وهذا الطرح يحمل معاني عميقة وأبعاداً عالمية، وإنه طريق حديث يتميز بحجم سكاني هائل، رفاهية مشتركة لجميع المواطنين، التوازن بين الحضارة المادية والروحية، التعايش المتناغم بين الإنسان والطبيعة، والسير في طريق التنمية السلمية، مضيفا: "في مواجهة التحولات المتسارعة في العالم والاضطرابات المتداخلة في الساحة الدولية، تواصل الصين إصرارها على السير في طريقها الخاص، والتمسك بالتنمية السلمية، وتعزيز التعاون والمصلحة المشتركة، وعلى مدار عقود من الكفاح، راكمت الصين قوة هائلة في مجالات بناء البنية التحتية الاقتصادية، والابتكار التكنولوجي، ونظام التصنيع، وحجم السوق، وتمتلك الصين أكثر أنظمة الصناعة تكاملاً في العالم، وتتصدر العالم بعدد مصانع المنارة البالغ 78 مصنعًا، وهي رمز للتصنيع الذكي، وفي مجال تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية، تمثل براءات الاختراع الصينية نحو 70% من الإجمالي العالمي، وتُشكل إعلانات براءات الاختراع الأساسية لمعايير الجيل الخامس (5G) من الصين أكثر من 42% على مستوى العالم". وتابع سعادته قائلا: "وفي الوقت نفسه، دخلت الصين مرحلة تسارع في التحول نحو الطاقة الخضراء، حيث وصلت نسبة القدرة المركبة من مصادر الطاقة غير الأحفورية إلى نحو 60%، وقد قال شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن الصين هي الاقتصاد الرئيسي الوحيد في العالم الذي تمكن من تحقيق نمو اقتصادي سريع مع خفض كبير في الانبعاثات، ونحن الصينيون نُطلق على نهر هوانغخه اسم نهر الأم، فهو رمز أمتنا، وإن التحديث الصيني يشبه ذوبان الثلوج في جبال تيان شان، حيث يضخ حياة جديدة في هذا النهر العريق، ومهما كانت التضاريس وعرة، أو المناخ قاسيًا، فإن نهر هوانغخه يواصل جريانه المتدفق إلى الأمام ويغذي أبناء الأمة الصينية، ويجلب أيضًا الحيوية والأمل للعالم بأسره". وأكد سعادة السفير الصيني: "تعد الصين وسلطنة عمان صديقين وشريكين حقيقيين، وتعود جذور صداقتنا إلى أكثر من 1200 عام، ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية عام 1978، التزمنا بقيم أخلاقية مشتركة، وعاملنا بعضنا البعض بالاحترام المتبادل، وسعينا إلى تعاون مربح للطرفين، مما حافظ على مستوى عال من الثقة السياسية المتبادلة، وفي عام 2018، أقامت الصين وسلطنة عمان شراكة استراتيجية، ووقعتا مذكرة تفاهم بشأن التعاون في بناء مبادرة الحزام والطريق، وفي عام 2022، أعلنت القمة الصينية العربية الأولى والقمة الصينية الخليجية عن بناء مجتمع مصير مشترك بين الصين والدول العربية في العصر الجديد، وشراكة استراتيجية بين الصين ودول الخليج، مما ضخ زخمًا قويًا في تطور العلاقات الثنائية بين الصين وعمان، كما تعمل الصين بنشاط على تنفيذ مخرجات القمم، وتدفع التعاون العملي بخطى ثابتة، وفي عام 2024، بلغ حجم التجارة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي 288 مليار دولار أمريكي، مما حافظ على مكانة الصين كأكبر شريك تجاري للمجلس، كما تواصل الاستثمارات الصينية في دول مجلس التعاون الخليجي نموها القوي، حيث تجاوز معدل النمو في النصف الأول من عام 2025 نسبة 30%، وكان النمو في مجالي الطاقة والاقتصاد الرقمي بارزًا بشكل خاص، متفوقًا بفارق كبير على معدل النمو العام للاستثمار في مبادرة "الحزام والطريق"، الذي بلغ 20.7%". وذكر سعادته: "تحتل الصين اليوم مكانة الشريك التجاري الأول لسلطنة عمان، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية 36.7 مليار دولار أمريكي في عام 2024، كما تُعد الصين ثالث أكبر مصدر للاستثمار في عمان، وقد أثمر التعاون بين الجانبين عن العديد من الإنجازات البارزة: في نوفمبر 2024، أُطلقت بنجاح أول قمر صناعي عُماني بواسطة صاروخ صيني؛ البنية التحتية الاستراتيجية للطاقة، بما في ذلك أكبر مشروع لنقل الكهرباء في عُمان، يساهم مشروع "منح" للطاقة الشمسية في تقليل مليون طن من انبعاثات الغازات الدفيئة سنويًا؛ ومن خلال برامج التدريب التي نظمتها وزارة التجارة الصينية وشركات مثل هواوي، تم حتى الآن تأهيل أكثر من 1200 مسؤول حكومي ومدير تنفيذي وفني عُماني". وقال سعادة ليو جيان: "لقد وضع جلالة السلطان هيثم بن طارق رؤية عمان 2040 لتكون بوصلةً ترشد مسار التنمية المستقبلية للبلاد، وبالنسبة للصين، تمتد المزايا الاستراتيجية لعُمان إلى ما بعد موقعها الفريد وبيئتها المستقرة لتشمل المناطق الاقتصادية النابضة بالحياة وأصول أخرى، وتتقاطع رؤى الصين وعمان في العديد من الجوانب، فكلا البلدين يقدّران تقاليدهما العريقة، ويعملان على دمج الحوكمة الوطنية الحديثة مع إرثهما الحضاري، ويضعان التنمية المستدامة والتحول الأخضر في صلب استراتيجياتهما الوطنية، ويدعوان إلى الحوار بين الحضارات، وإن هذا التوافق الاستراتيجي يجعل من الصين شريكًا طبيعيًا لعمان في تحقيق رؤية 2040، كما أن لدى عمان كل الإمكانات، بل ويُفترض أن تلعب دورًا أكثر أهمية في التعاون ضمن مبادرة الحزام والطريق". ولفت سعادته إلى أن الصين وسلطنة عمان تسيران معًا في طريق التنمية، وهما شريكان حقيقيان، إذ يولي الرئيس شي جين بينغ وجلالة السلطان هيثم بن طارق أهمية كبيرة لتطوير العلاقات الثنائية، وقد تبادلا الرسائل عدة مرات منذ بداية هذا العام، وشهدا تواصلاً وثيقًا ومستمرًا، وفي ظل التوجيه الاستراتيجي لقائدي البلدين، فإن تعميق التعاون القائم على المنفعة المتبادلة من أجل تحقيق رؤى التنمية في كلا البلدين هو الخيار الأمثل والمشترك لنا جميعًا، ومن أجل تنفيذ مخرجات القمة الصينية العربية وقمة الصين ومجلس التعاون الخليجي، علينا أن نكون من أصحاب الأفعال، وأن نعمل بإخلاص وبخطى ثابتة، وكما تقول الحكمة العربية: (الوقت من ذهب) وهذه الكلمات تحفّزنا على المثابرة والتقدم المستمر، ومن المقرر أن تُعقد القمة الصينية العربية الثانية في الصين العام المقبل، وعلينا أن نغتنم هذه الندوة كمنصة لتعزيز التلاقي بين الشركات الصينية والعُمانية، وتسريع وتيرة التعاون العملي بين الجانبين". وحول المقترحات العملية، قال سعادته: "أود أن أطرح بعض المقترحات العملية: أولاً، تسريع التواصل في السياسات، إذ ينبغي لنا في المرحلة الحالية أن نعمل معًا على الإسراع في استكمال مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون الخليجي، والمصادقة عليها وتنفيذها في أقرب وقت ممكن، بما يخلق بيئة تجارة واستثمار أكثر حرية وسهولة وقابلية للتنبؤ لشركات الجانبين. وفي الوقت نفسه، يجب تعزيز الاعتراف المتبادل والتنسيق في مجالات معايير جودة المنتجات، واللوائح التقنية، وإجراءات تقييم المطابقة، بهدف إزالة الحواجز غير الجمركية، وثانيًا: تسريع التنسيق في مجال الابتكار، فعلينا توسيع التعاون في البحث والتطوير والتصنيع المشترك في مجالات الطاقة الجديدة، وتكنولوجيا المعلومات، والذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الفضائية وغيرها من المجالات المتقدمة، وتُعرب الصين عن استعدادها لمواصلة دعم وتعزيز التعاون مع الجهات الحكومية العمانية في مجالات الإدارة والتدريب المهني، بما يسهم في تأهيل المزيد من الكوادر المحلية لدفع عملية التصنيع في عمان، وثالثًا، تسريع التعاون في التمويل الأخضر، إذ نوصي بأن تستكشف المؤسسات المالية في البلدين إمكانية فتح فروع في أسواق بعضهما البعض، مع تشجيع ودعم التعاون بين هذه المؤسسات، بهدف تقديم تمويل واستثمارات خضراء متنوعة ومستدامة للمشاريع الكبرى في مجالات الطاقة النظيفة، والبنية التحتية الخضراء، وكفاءة الطاقة، وخفض الانبعاثات، لدعم التحول الأخضر في سلطنة عمان، ورابعًا، تسريع التحول الرقمي: إذ نقترح أن توقع الجهات الحكومية في البلدين اتفاقيات إطار للتعاون في مجالات الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية، كما نشجع المؤسسات الصناعية والشركات في كلا الجانبين على استكشاف فرص التعاون في الاقتصاد الرقمي، والتجارة الإلكترونية، والمدن الذكية، والرعاية الصحية وغيرها من المجالات الناشئة، من أجل خلق محركات نمو جديدة للتعاون الصيني العماني، كما يجب أن نُعزّز التواصل الثقافي والإنساني بشكل أكبر، فقد قامت الصين بإعفاء عمان من التأشيرة بشكل أحادي الجانب، مما فتح باب التبادل بين الشعبين بسهولة ويسر، وخطوتنا القادمة هي أن نعمل معًا على تسريع افتتاح خطوط الطيران المباشرة بين البلدين، ليصبح المثل القائل (البعيد كأنه قريب) حقيقة ملموسة، كما سنواصل دعمنا القوي لتوسيع تعليم اللغة الصينية في عمان، حيث ستبدأ جامعة ظفار وأربع مدارس ثانوية عمانية هذا العام في تقديم دروس اللغة الصينية، بالإضافة إلى ذلك، سنعمّق التعاون السياحي والتبادل الثقافي في مجالات المتاحف، والعروض الفنية، والكتب، والسينما، وغيرها من الفنون، ليتمكن شعبا الصين وعمان من التعرف أكثر على جمال الطبيعة وروح الحضارة الفريدة لكل منهما، مما يجعلنا نموذجًا يحتذى به في حوار الحضارات". واختتم كلمته قائلا: "بينما نجتمع هنا لمناقشة التعاون، لا تزال الكارثة الإنسانية في غزة مستمرة، وضمير الإنسانية يخضع لاختبار عسير، نحن نثمن موقف سلطنة عمان العادل والمستمر بشأن القضية الفلسطينية، وجهودها النشطة في الدعوة للسلام وتشجيع الحوار، وتظل الصين دائمًا محفزًا لسلام الشرق الأوسط، وتدعم بحزم حل الدولتين، وندعو جميع الأطراف المعنية إلى وقف إطلاق النار فورًا، ووقف الحرب، واستئناف دخول المساعدات الإنسانية، والعودة سريعًا إلى المسار الصحيح للحل السياسي للخلافات، ونحن على استعداد للعمل مع عمان والمجتمع الدولي لدعم وقف إطلاق النار في غزة، ودفع القضية الفلسطينية نحو حل شامل وعادل ودائم في أقرب وقت ممكن، وأخيرا أود أن أقول إن الصين وعمان شريكان مخلصان يتشاركان نفس الرؤية والطموح، وتحت القيادة الاستراتيجية لقائدي البلدين، ومن خلال جهودنا المشتركة، ستشهد الشراكة الاستراتيجية بين الصين وعمان غدًا أكثر إشراقًا وجمالًا". من جانبه، ذكر سعادة الدكتور خالد بن سالم السعيدي رئيس مجلس إدارة جمعية الصداقة العُمانية الصينية في كلمته الافتتاحية، أن جمعية الصداقة العُمانية الصينية -منذ تأسيسها وحتى اليوم- كانت ولاتزال إحدى الحلقات الحيوية في سلسلة العلاقات المتينة بين سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية، مؤكدًا أن رسالتها لم تقتصر يومًا على تنظيم اللقاءات أو تبادل الزيارات، بل شكّلت منصَّة لتقريب الثقافات، وتوسيع دوائر التفاهم، وإيجاد مساحات جديدة للتعاون غير الرسمي، حيث تتحدَّثُ الشعوب بلغة القيم والمصالح المشروعة المتبادلة والمشترك الإنساني. وأشارالسعيدي إلى أن الجمعية تنطلق من إيمانٍ عميق بأن الدبلوماسية الناعمة ليست رفاهًا ثقافيًّا، بل ضرورة إستراتيجية في عالمٍ تتداخل فيه الهويات، وتتشابك فيه المصالح، مؤكدًا أن مهمة بناء الجسور بين الشعبين العُماني والصيني لا تقل أهمية عن الاتفاقيات الرسمية أو المشاريع الاقتصادية المشتركة، بل تسبقها، وتمهِّد لها، وتمنحها العُمق اللازم لتزدهر وتستمر. وقال السعيدي إن بناء الثقة بين الشعوب يتطلَّب سنوات من العمل، والصدق، والتواصل، وهو ما تسعى إليه الجمعية كل يوم مع نظرائها في الجانب الصيني، وأن السنوات الأخيرة شهدت نقلاتٍ نوعية في العلاقات بين عُمان والصين، خصوصًا في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والبنية الأساسية، مبينًا أن طموح الجمعية يتجاوز تلك المؤشرات الكمية إلى آفاقٍ أكثر عمقًا واتساعًا، تشمل العلوم الإنسانية، والفنون، والثقافة، والتنمية المجتمعية، والاستدامة البيئية، والطاقة المتجددة، مؤكدًا أن الشراكة بين البلدين يمكن أن تسهم في إعادة إحياء "حوار الحضارات" كقيمة إنسانية عابرة للحدود، في عالمٍ يميل، للأسف الشديد، إلى الانقسام والصراع. وأشار السعيدي إلى أن مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين تمثل أحد أبرز الجسور التي يمكن أن تُعزز هذا التلاقي بين الشرق والغرب، موضحًا أن سلطنة عُمان بما تحظى به من موقعٍ إستراتيجي، واستقرارٍ سياسي، وعمق حضاري راسخ، ورؤية تنموية طموحة، مؤهلة لأن تكون محورًا إقليميًّا فعّالًا في هذه المبادرة العالمية، ومنصةً لتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي والثقافي بين الصين والعالم العربي والقرن الإفريقي، مشددا على أن المستقبل يُبنى بالحوار، ويتقدَّم بالشراكات العابرة للمصالح الظرفية نحو القيم المستدامة، مؤكدًا التزام الجمعية بأن تظل جسرًا نابضًا يعبر عليه التعاون، وتتقاطع فيه الأفكار، وتُزهر فيه المبادرات التي تخدم البلدين والشعبين الصديقين. وبيّن السعيدي أن رؤية عُمان 2040 التي تحمل في جوهرها انفتاحًا على العالم تُشكِّل أرضية خصبة لهذا النوع من المبادرات، في حين يُعيد "التحديث الصيني النمطي" تشكيل دور الصين كشريك دولي فاعل في بناء نظام عالمي أكثر توازنًا وإنسانية وشمولًا، مشيرًا إلى أن هذين المسارين يفتحان أمام مؤسسات المجتمع المدني فضاءً واسعًا للعمل والتفاعل والمبادرة، مؤكدا أن جمعية الصداقة العُمانية الصينية تُجدد التزامها بمواصلة العمل الجاد لتعزيز آفاق الروابط بين البلدين الصديقين، وتوسيع مساحات التعاون، وتوفير منصات جديدة للحوار المشترك. وقال السعيدي إن الوقت قد حان للانتقال في العلاقات الثنائية من مجرَّد "تعاون" إلى "تكامل"، ومن مجرد تبادل إلى إنتاج مشترك للمعرفة والفرص، مؤكدًا أن الطموح لا يقتصر على استقبال الاستثمارات أو تبنِّي النماذج الناجحة، بل يتجاوز ذلك إلى العمل على صياغة نماذج جديدة تلائم الخصوصيات، وتستجيب للتحديات، وتنهض بمقدّرات الإنسان في سلطنة عُمان والصين، مشيرا إلى أهمية بناء روابط قوية بين المدن والمجتمعات المحلية في البلدين الصديقين، من خلال التوأمة، والبرامج الثقافية المشتركة، ومهرجانات الفنون، والمعارض السياحية، مؤكدًا أن سلطنة عُمان بما تمتلكه من تنوع ثقافي واجتماعي وتاريخ عريق، وجمهورية الصين بما تحمله من ثقل حضاري وسكاني ومبادئ قائمة على المنافع المشتركة، قادران على بناء نموذج فريد لتلاقي الشعوب وتلاقي الحضارات. وفي بيان الافتتاح، قال سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن وكيل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار للتجارة والصناعة، إن مشاركته في افتتاح الدورة الثالثة من ملتقى الصداقة العُماني - الصيني 2025 تمثل مصدر سعادة واعتزاز، مؤكدًا أن هذا الملتقى يأتي في إطار العلاقات الراسخة التي تجمع سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية، وهي علاقات تقوم على التاريخ العريق، والثقة المتبادلة، والتعاون المستمر في مختلف المجالات. وأوضح سعادته أن الملتقى يُعد منصة فعّالة لتعزيز التعاون، وتبادل الخبرات، واكتشاف الفرص الاستثمارية في القطاعات ذات الاهتمام المشترك، بما يخدم مصالح البلدين الصديقين، مشيرا إلى أن سلطنة عُمان شهدت خلال السنوات الأخيرة تحولات اقتصادية وهيكلية واسعة النطاق، في ظل رؤية "عُمان 2040"، التي تمثل خارطة طريق نحو تنمية اقتصادية عادلة ومتوازنة، حيث تم التركيز على تنويع مصادر الدخل، وتمكين القطاع الخاص، ورفع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي، بما في ذلك الصناعة، والتعدين، والسياحة، والخدمات اللوجستية، والاقتصاد الأخضر. وأضاف سعادته أن السلطنة وفّرت حوافز تنافسية تشمل الإعفاءات الضريبية والجمركية، وتسهيل الإجراءات الإدارية، وتقديم خدمات التطوير في المناطق الحرة والاقتصادية المتخصصة، مؤكدًا أن هذه الجهود تجعل من عُمان بيئة استثمارية موثوقة وآمنة، لافتا إلى أن سلطنة عُمان تتمتع باستقرار سياسي واقتصادي، وبنية تحتية متطورة تشمل الموانئ والمطارات الحديثة، وربطًا رقميًا عالي الكفاءة، فضلًا عن قوى عاملة مؤهلة، مما يجعلها وجهة مثالية للمستثمرين من مختلف دول العالم، وفي مقدمتهم المستثمرون من جمهورية الصين الشعبية، مؤكدا أن السلطنة تنظر إلى مبادرة "الحزام والطريق" التي أطلقتها الصين، كإحدى أهم المبادرات العالمية لتعزيز التكامل التجاري واللوجستي والثقافي، مضيفًا أن موقع سلطنة عُمان الجغرافي، المطل على المحيط الهندي وبحر العرب، يجعل منها حلقة محورية في هذه المبادرة، وبوابة رئيسية للربط بين الشرق والغرب. وأوضح سعادته أن المبادرة أسفرت بالفعل عن خطوات عملية تمثلت في استقطاب استثمارات مباشرة بعدد من المناطق الاقتصادية، أبرزها المدينة الصناعية العُمانية الصينية في الدقم، ومشاريع صناعات تقنيات الطاقة المتجددة في منطقة صحار الحرة، والتي تُعد نموذجًا ناجحًا للشراكة الصناعية بين البلدين، مشيرا إلى أن هذه المشاريع تمثل تكاملًا فعّالًا بين الاستراتيجية الصناعية العُمانية 2040 ومبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وتفتح آفاقًا مستقبلية واعدة في مجالات البنية التحتية للطاقة المتجددة والتقنيات المتقدمة. وفي الكلمة الرئيسية، قال الشيخ نايف بن حامد فاضل رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان -فرع ظفار- إن اللقاء في الدورة الثالثة من ملتقى الصداقة العُماني الصيني يُعد محطةً مهمة لتعميق أواصر التعاون بين سلطنة عُمان وجمهورية الصين الشعبية الصديقة، وتوسيع آفاق الشراكة في مختلف المجالات ذات البُعد الاستراتيجي، بما يخدم تطلعات التنمية الاقتصادية المستدامة في البلدين، موضحا أن العلاقات العُمانية الصينية شكّلت عبر التاريخ نموذجًا رائدًا في التفاهم الحضاري، والتكامل التجاري، والانفتاح المتبادل، وأن هذه العلاقات تتجه اليوم بخطى واثقة نحو آفاق أوسع من الشراكات الاقتصادية المستندة إلى رؤى تنموية واضحة، مضيفا أن الملتقى يمثل منصة حيوية لتعزيز التقارب بين مجتمعَي الأعمال في البلدين الصديقين، وتمكين الاستثمارات الثنائية في قطاعات واعدة تشمل: الطاقة، الصناعة، التكنولوجيا المتقدمة، الاقتصاد الأخضر، والخدمات اللوجستية والسياحية. وأشار رئيس الغرفة إلى أن رؤية "عُمان 2040" تُشكّل الإطار الوطني الطموح الذي ترتكز عليه جهود السلطنة في التنويع الاقتصادي والتحول نحو اقتصاد معرفي وتنموي مستدام، مؤكدًا أن هذه الرؤية تتقاطع مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، التي وصفها بأنها منصة عالمية واعدة للتكامل الإقليمي والدولي، ترتكز على البنية الأساسية والشراكة الاستراتيجية الفاعلة. وبين أن غرفة تجارة وصناعة عُمان تضع تعزيز الشراكات النوعية وجذب الاستثمارات عالية القيمة في مقدمة أولوياتها، وتسعى إلى تطوير قنوات الاتصال بين أصحاب الأعمال والمستثمرين من الجانبين، وتهيئة بيئة ممكنة للاستثمار تسهم في خلق فرص اقتصادية مبتكرة ومستدامة. وتواصلت فعاليات الملتقى وسط حضور ملفت، حيث انطلق المحور الأول تحت عنوان "التحديث الصيني النمط ورؤية عمان 2040" في إطار جلسة نقاشية أدارها الدكتور أحمد سعيد كشوب، رئيس مركز المؤشرات الاقتصادية والمالية. شارك في الجلسة من الجانب العماني: محمد الزدجالي، إخصائي ترويج الاستثمار بهيئة المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، والدكتور يوسف البلوشي، الخبير الاقتصادي ومؤسس البوابة الذكية للاستثمارات والاستشارات. ومن الجانب الصيني، حضرت المستشارة شيه تشونغ مي، المستشارة الاقتصادية والتجارية في سفارة جمهورية الصين الشعبية، وجاينغ بنغ جينغ، المسؤول التنفيذي في شركة Solar JA، وون تشي، مساعد رئيس شركةElectric ZhongkeHunan، وليانغ تشاو، المدير العام لشركة مجموعة تشاينا إنيرجي الدولية المحدودة فرع سلطنة عمان. تلا ذلك انطلاق المحور الثاني بعنوان "التعاون في مجال الطاقة"، وأدار الجلسة الدكتور يوسف بن حمد البلوشي، الخبير الاقتصادي ومؤسس البوابة الذكية للاستثمارات والاستشارات. شارك في الحوار كل من: المهندس سالم بن بخيت الكثيري، رئيس دائرة المعادن بصلالة بوزارة الطاقة والمعادن، وقوان شو، نائب المدير العام للشركة الصينية الوطنية للبترول فرع سلطنة عمان، ووانغ وينجون، نائب الممثل الإقليمي الرئيسي لشركة باور تشاينا، ويون يانغ، مدير عام شركة الصين الثالثة للإنشاءات الكيميائية. وفي الجلسة الختامية التي جاءت تحت عنوان "التعاون في الابتكار والتكنولوجيا"، أدار الدكتور يوسف بن حمد البلوشي النقاش بمشاركة نخبة من الخبراء، منهم: الدكتور أحمد سعيد كشوب، الخبير الاقتصادي، وديفيد هوي، الرئيس التنفيذي لمكتب هواوي بسلطنة عمان، والمهندس عبدالله البوسعيدي، مدير عام مركز عمان للوجستيات، ووانغ شينغ لي، الممثل الرئيسي لشركة شبكة الدولة الصينية بسلطنة عمان والرئيس التنفيذي للشؤون التنظيمية بشركة عمان لنقل الكهرباء، ودينغ نان، مدير العلاقات العامة الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط بشركة Solar JA، والدكتور ناصر بن محمد تبوك، محاضر بجامعة ظفار، وعلي شاه، الرئيس التنفيذي لشركة عدسة عمان. كما عقدت سلسلة من اللقاءات الثنائية (B2B) التي جمعت ممثلين عن مجتمع الأعمال العماني والصيني، مما فتح آفاقًا جديدة للتعاون والشراكات المستقبلية.


جريدة الرؤية
٢٢-٠٧-٢٠٢٥
- سياسة
- جريدة الرؤية
سفارة الصين بمسقط تحتفل بذكرى تأسيس "جيش التحرير"
الرؤية- فيصل السعدي نظمت السفارة الصينية في سلطنة عمان، الإثنين، حفل استقبال بمناسبة الذكرى الـ98 لتأسيس جيش التحرير الشعبي الصيني، وذلك بحضور سعادة ليو بن يان، السفير الصيني لدى سلطنة عمان، والعميد الركن بحري عبدالله بن سلطان الجابري مدير عام العمليات والخطط بالبحرية السُّلطانية العُمانية، وعدد من المسؤولين والمهتمين. وفي كلمة ألقاها العميد ووشينيان، الملحق العسكري بالسفارة الصينية، قال: "إنه لمن دواعي سرورنا في سفارة جمهورية الصين الشعبية لدى سلطنة عمان أن نحتفي معكم بهذه المناسبة العزيزة، إننا نحتفل بشكل خاص على هذه الأرض المباركة، التي تمثل موطناً للسلام والاستقرار". وأشار وو شينيان إلى أن العلاقات بين سلطنة عمان وجمهورية الصين الشعبية تشهد لحظة تاريخية فارقة تعكس قوة الروابط الثنائية بين البلدين، وتعزز من دورهما الريادي في بناء عالم أكثر تنمية وازدهاراً. وأضاف أن سلطنة عمان والصين كانتا دائماً شريكتين متضامنتين تعملان معاً لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز التفاهم والتعاون بين شعوبهما، مؤكداً أن العلاقات الثنائية بين البلدين لطالما تميزت بالمحطات المضيئة والمواقف المشرفة، التي قامت على أسس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. وأوضح العميد وو شينيان أن هذه العلاقات الثنائية، التي تستند إلى حكمة قيادية في كلا البلدين، أصبحت اليوم نموذجاً يحتذى به في العلاقات الدولية. كما أكد أن الصين تؤمن بأن التعاون الوثيق مع سلطنة عمان سيشكل قوة دافعة لمستقبل أفضل وأكثر إشراقاً لشعبي البلدين، مشيراً إلى أن الصين تواصل مسيرة التنمية المستدامة من خلال تعزيز التعاون مع الدول الأخرى والاستفادة من المبادرات الإقليمية والدولية. وفي ختام كلمته، عبّر العميد وو شينيان عن خالص شكره وتقديره لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- على دعمه المستمر لتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وحرصه الدائم على تعزيزها ورفعها إلى آفاق أوسع تلبي طموحات وتطلعات الشعبين الصديقين.


جريدة الرؤية
١٩-٠٧-٢٠٢٥
- ترفيه
- جريدة الرؤية
بكين تعرف كيف تدير الوقت.. "الرؤية" تخوض تجارب فريدة للمواصلات في مدينة الـ22 مليون نسمة
الرؤية- فيصل السعدي تستيقظ كل صباح في بكين، ولديك جدول مزدحم بالأعمال والمشاوير، وتحاول أن تسابق الزمن لتنتهي من كل هذه الأعمال في مدينة أشبه بعالم لا متناهي، حيث يستيقظ مثلك أكثر من 22 مليون نسمة في واحدة من أكثر العواصم ازدحامًا في العالم. تتوقع أن تجد الفوضى المرورية تعم المكان، لكن المفاجأة! تجد مدينة تنبض بحياة منتظمة وبنسق من التوازن، وذلك لما تمتلكه من نظام مواصلات متكامل يجعل التنقل تجربة فريدة من نوعها، وذات طابع مميز، فمن يعيش التجربة يجد السلاسة والأريحية، حتى في أوج ساعات الذروة لا يعيش أحد تحت قلق وتوتر ان يتأخر ولو لثانية عن مواعيده. ومن اللحظة الأولى، أدركت أن الدراجات الهوائية أسلوب حياة بيئي تتعدى كونها مجرد وسيلة نقل اعتيادية مما يجعل منها ثقافة متجذرة ورمز للتنقل المستدام، ستجد المديرين التنفيذيين والمسؤولين الحكوميين بكامل أناقتهم المعتادة يتنقلون على دراجاتهم بكل متعة وأريحية، طرقات مخصصة بنية تحتية متقدمة وجيوش من الدراجات المركونة على جنبات الطرق وعند بوابات المترو وأمام المجمعات السكنية، ولضمان توزيع "الدرجات التشاركية" بحسب الكثافة السكانية يتم تخصيص لون محدد للدراجة: أزرق أصفر أخضر وربطها مع المنصات الخاصة بها على أنظمة الملاحة "بايدو" و"GPS" وذلك لتحقيق إدارة دقيقة لمواقع الدراجات وكثافة توزيعها، وللحد مشكلات الوقوف العشوائي، يتم استخدام البيانات الضخمة لتحليل حركة السكان وتوزيع الدراجات بدقة خلال ساعات الذروة. ومع التطبيقات الذكية مثل "ويشات" و"علي باي"، يمكنك استعمال دراجة بضغطة زر، مما يضيف بعدًا تقنيًا لوسيلة مواصلات تقليدية. مترو الأنفاق.. مدينة تحت الأرض وبمجرد أن تقطع الطريق نحو مكان بعينه تعيش تجربة تعاقب الفصول الأربعة في اليوم نفسه ولربما خلال 6 ساعات فقط منه وكل ذلك في العاصمة بكين، تلك العاصمة الاستثنائية بمختلف التجارب. وفي بعض الفترات يطلق على تلك الحالة من الطقس ما يسمى بــ"وجه الطفل" وهي دليل على مزاجه المتقلب بين الحين والآخر، فإذا كان الجو غير مناسب أو المسافة طويلة، فإن مترو الأنفاق هو الحل المثالي بالنسبة للجميع. ويعتبر هذا النظام بمثابة شريان الحياة لبكين، بشبكة ضخمة ممتدة على طول بكين ومواقعها المختلفة وتضاريسها المتباينة دون غيابها عن أي منطقة، فهي شبكة لا مثيل لها على الإطلاق، فالمحطات متعددة الطوابق تصل إلى أعماق الأرض بأربعة طوابق، وقد يفوق ذلك ليصل إلى 6 طوابق، وفي بكين يوجد أكثر من 414 محطة مما يتيح التنقل بسرعة وسهولة بين مختلف الأحياء، وحتى في أوقات الذروة، يبقى المترو وسيلة نقل فعالة، تثير إعجاب كل من يزور بكين للمرة الأولى.. أفواج من الصينيين في محطات المترو في مشهد لا تراه حتى في الشوارع والأسواق الأكثر كثافتًا في المدينة. اكتشفت عالم آخر تحت أقدامي، حيث تبدأ الرحلة عبر آلة ذكية تحدد فيها مسار وجهتك وتستخرج لك بطاقة الدخول، لتجد نفسك تغوص في أعماق بكين، حيث تمتد شبكة التنقل إلى أكثر من أربعة طوابق تحت الأرض، وهناك، ستشهد نظامًا فائق التنظيم، سلالم كهربائية متحركة بلا توقف، ولوحات إرشادية واضحة تقودك. ستشعر للحظة وكأنك في قلب أحد المطارات العملاقة، وليس مجرد محطة مترو.. تجربة تجمع بين الحداثة والإتقان وقدرة الصين على أن تكون في تقدم مستمر من الناحية التقنية والتكنولوجية. التكنولوجيا في خدمة النقل ولأنني أتحدث عن العاصمة بكين، فيمكنك فيها أن تعيش تجربة دمج النقل الحديث والتقليدي بطريقة مدهشة، الأمر الذي كنت أتوقف عنده كثيرا لأتساءل: ما هي الوسيلة الأنسب لوجهتي وهل أنا بالأساس أحتاج لتلك الحيرة في ظل هذه التقدم الملحوظ؟ وجوابا على تلك الأسئلة فالمدينة تقدمها لك بكل سهولة من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، حيث يمكنك طلب سيارة أجرة تناسب احتياجاتك بدقة، سواء كنت تبحث عن الرفاهية أو سيارة ذاتية القيادة، بحيث تتم جميع العمليات بسلاسة، من الحجز إلى الدفع، مما يضمن لك تجربة نقل مريحة ومبتكرة، لا تحتاج فيها إلى الانتظار طويلاً، فالاختيار متاح لك بين سيارات الأجرة الأقرب إليك أو حتى إمكانية تقديم ملاحظات واستبدال السيارة في نفس اللحظة، سواء كنت في الشوارع الواسعة أو الأزقة الضيقة، ستأتيك سيارة الأجرة أينما كنت، مما يجعل وصولك لوجهتك في الموعد، فلا أحد يتأخر في الصين لأن بكين تدير الوقت بوسائل النقل المتنوعة. الحافلات راحة عامة وعندما أتحدث عن التنقل لا يمكنني أن أتجاهل أيضا الحافلات، ففي شوارع بكين النابضة بالحياة، تنتشر الحافلات العامة في كل زاوية، وتعمل بلا انقطاع لتربط ملايين الركاب بشبكة نقل متقنة ومجهزة بأحدث التقنيات وأفضل الخدمات، حيث تعتبر هذه الحافلات الخيار الأمثل للطلاب والمهنيين، فهي مجهزة بخدمة الواي فاي المجانية متيحة لك بذلك فرصة الاستمتاع وأنت تشاهد معالم المدينة ومبانيها العالية. وحتى نهاية عام 2023، تدير مجموعة بكين للنقل العام 1285 خط حافلات، تمتد على طول 29,700 كيلومتر، بأسطول ضخم يضم أكثر من 400 آلاف حافلة. هذه الحافلات ليست فقط العمود الفقري للتنقل البري في بكين، بل أيضًا وجهة خضراء نحو المستقبل، حيث بلغ عدد حافلات الطاقة النظيفة 16,832، مما يشكل 94.7% من إجمالي الأسطول. ولتعزيز التحول إلى الطاقة المستدامة، تم تجهيز المدينة بـ251 محطة شحن خاصة بالحافلات، تحتوي على 1727 عمود شحن، مما يجعل بكين نموذجًا عالميًا في النقل الحضري الصديق للبيئة، ومع وجود 2.087 مليار راكب سنويًا، تُثبت حافلات بكين أنها أكثر من مجرد وسيلة نقل، إنها تجربة حضرية متكاملة تجمع بين الراحة والاستدامة. "الرصاصة".. تجربة خارج الزمن لا يمكننا الحديث عن تجربة النقل في بكين دون التوقف عند أعجوبة السكك الحديدية فائقة السرعة، التي أحدثت ثورة في مفاهيم السفر.. تخيل معي أنك تنطلق بين المدن الصينية بسرعة تصل إلى 350 كيلومترًا في الساعة، بينما تجلس في مقعد مريح، محاطًا بمقصورات معزولة تمامًا عن ضجيج العالم الخارجي. إنها تجربة لا تشوبها شائبة، فبفضل تقنيات متقدمة، تجعل من قطارات "الرصاصة" وسيلة النقل الأكثر راحة وفخامة؛ فلا ميلان ولا مطبات هوائية تربك المسافرين.. رحلات استثنائية عشتها بين مقاطعات ومدن الصين تمنحك الفرصة للتأمل في مناظر خلابة تتسارع أمام عينيك من نافذة القطار تتجلى متانة الاقتصاد الصيني وتكامله المدهش وأنت تشاهد توربينات الرياح تتناثر بين الجبال الخضراء وكأنك تسافر عبر الزمن إلى المستقبل. وشبكة السكك الحديدية الصينية ليست فقط الأسرع، بل هي الأكثر ازدحامًا وحيوية في العالم، حيث تنقل أكثر من 10 ملايين راكب يوميًا، وهذه الشبكة الهائلة تغطي 99% من المدن التي يزيد عدد سكانها عن 200 ألف نسمة، بينما تصل القطارات فائقة السرعة إلى 96% من المدن التي يتجاوز عدد سكانها 500 ألف نسمة وأكثر من 8700 قطار من طراز "فوشينغ" ينطلق يوميًا عبر أرجاء الصين، ليجسد كفاءة مذهلة ونبضًا مستمرًا يعكس روح الابتكار والتقدم في هذا البلد العملاق. في آخر محطاتي قبل العودة إلى سلطنة عمان، أغلقت أبواب منظومة مواصلات بكين لتقودني إلى تحفة معمارية فريدة: مطار داشينغ الدولي والذي يُعد ثاني أكبر مراكز الطيران ازدحاماً في العالم. تم افتتاح المطار في عام 2019 ليخفف الضغط عن مطار بكين الدولي، بواصفات حديثة جعلت منه ميناء جوي مهم وأيقونة عالمية تمزج بين الإبداع الهندسي والتكنولوجيا المتقدمة. وبتصميم مستوحى من نجم البحر، يمتد المطار على مساحة هائلة تبلغ 700 ألف متر مربع، ليصبح واحدًا من أكبر المطارات في العالم. يزدان بسقف أبيض مبهر وممرات واسعة تسهل حركة المسافرين، حيث تم تصميمه لتقليل وقت المشي بين البوابات، فبعادل 8 دقائق من المشي، بين نقاط التفتيش والبوابات. يحتوي "نجمة البحر" على 4 مدرجات رئيسية مع خطط مستقبلية للتوسع إلى 7 مدرجات، مما يرفع قدرته الاستيعابية من مليون مسافر سنويًا إلى أكثر من 100 مليون مسافر في المستقبل. يقع هذا الصرح المدهش، في منطقة داشينغ على بُعد حوالي 46 كيلومترًا جنوب وسط بكين، ولتسهيل الوصول إليه، تم ربطه بشبكة نقل متطورة تشمل قطارًا عالي السرعة يصل المسافرين إلى قلب العاصمة خلال 20 دقيقة، بالإضافة إلى مترو الأنفاق، ليبقى هذا المطار نموذجًا للسرعة والكفاءة في عالم الطيران. وبحسب وكالة "شينخوا الصينية" شهد مطار بكين داشينغ الدولي تجاوز أعداد المسافرين الأجانب العابرين المليون مسافر خلال عام 2024، حيث يوفر المطار حاليا رحلات إلى 43 وجهة دولية وإقليمية تغطي 25 دولة ومنطقة في جميع أنحاء أوروبا وآسيا والشرق الأوسط. وفي نهاية رحلتي التي استمرت لمدة 4 أشهر في بكين، أدركت أن هذه المدينة ليست مجرد عاصمة، بل هي نموذج عالمي للتنقل الذكي والمستدام. بدءا من الدراجات إلى القطارات، ومن التكنولوجيا إلى التخطيط الحضري، أظهرت بكين كيف يمكن أن تكون وسائل النقل جزءًا لا يتجزأ من تحسين جودة الحياة. مدينة تتحدى الفوضى، وتُثبت أن الابتكار والتخطيط يمكن أن يصنعان فارقًا في حياة الملايين، وأنها من تدير الوقت لسكانها لضمان حياة مستقرة واقتصاد متقدم.