logo
#

أحدث الأخبار مع #كوادQuad

سياسات ترامب تدفع العالم نحو الفوضى!
سياسات ترامب تدفع العالم نحو الفوضى!

الدستور

time٢٢-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الدستور

سياسات ترامب تدفع العالم نحو الفوضى!

غالبًا ما تُعتبر سياسة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الخارجية متقلبة، ومتهورة، ومدفوعة بمصالح تعاقدية قصيرة الأجل بدلًا من تبنيها رؤية استراتيجية.. خطابه مليء بالتناقضات، ونهجه العدواني تجاه الحلفاء والخصوم على حد سواء، يُوحي بعدم القدرة على التنبؤ.. ومع ذلك، فخلف تصريحاته الاستفزازية، وتخريبه الدبلوماسي، وتلاعبه الإعلامي المستمر، تكمن استراتيجية متماسكة، وإن كانت معيبة، تهدف إلى الحفاظ على الهيمنة الأمريكية في ظل نظام عالمي سريع التغير.. إن مبدأ (أميركا أولًا) الذي يتبناه ترامب ليس مجرد شعار حملة انتخابية، بل هو بمثابة الأساس الأيديولوجي لجهود محسوبة لإعادة هيكلة القوة العالمية، بطريقة تطيل أمد هيمنة الولايات المتحدة.. إن نهجه يعتمد على المعاملات وليس الإيديولوجية، حيث يعطي الأولوية للمزايا قصيرة الأجل، على الاستقرار على المدى الطويل.. وفي حين أن هذا يسمح له بممارسة نفوذ فوري على الحلفاء والمنافسين على حد سواء، فإنه يقوض أيضًا النظام ذاته الذي يدعم القيادة العالمية الأمريكية، مما يجعل استراتيجيته في نهاية المطاف هزيمة ذاتية. في جوهرها، تتمحور استراتيجية ترامب حول أربعة أهداف رئيسية، كلها مصممة لتعزيز تفوق الولايات المتحدة: عزل الصين اقتصاديًا واستراتيجيًا.. إبعاد روسيا عن الصين.. إبقاء أوروبا تابعة ومنقسمة.. الحفاظ على النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط.. ورغم السعي الدؤوب لتحقيق هذه الأهداف، فإن ترامب يُخفيها عمدًا وراء طبقات من الضجيج والجدل والفوضى (المُسيطَر عليها).. وتُعدّ قدرته على الهيمنة على دورات الأخبار بالفضائح والتهديدات والخطابات المثيرة، أداةً استراتيجيةً تُشتت الانتباه عن الإطار الأساسي لسياساته.. ومع ذلك، ورغم النجاح التكتيكي لهذا النهج، فإن نظرة ترامب للعالم المدمرة، القائمة على مبدأ المحصلة الصفرية، تُولّد مقاومةً أكبر من الامتثال.. فاعتماده على القوة الصارمة والإكراه والتعطيل، لا يُضعف تحالفات أمريكا فحسب، بل يُسرّع أيضًا من وتيرة التعددية القطبية التي يسعى إلى منعها.. ولنتاول بالشرح الأهداف الأربعة لترامب. أولًا: إذا كان هناك جانب واحد في سياسة ترامب الخارجية علنيًا لا خفيًا، فهو مواجهته الاقتصادية والاستراتيجية الشاملة مع الصين.. فعلى عكس الإدارات السابقة، التي سعت إلى دمج الصين في النظام العالمي مع إدارة صعودها، يرفض ترامب فكرة أن الصين يمكن أن تكون طرفًا مسؤولًا.. بل إن هدفه واضح: شلّ قدرة الصين على تحدي الولايات المتحدة في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية.. يسعى إلى ذلك من خلال استراتيجية متعددة الجوانب، تشمل الحروب التجارية، وحظر التكنولوجيا، والردع العسكري.. ويسعى ترامب منهجيًا إلى فصل الاقتصادات الغربية عن الصين، بفرض رسوم جمركية، وتقييد وصول الصين إلى التقنيات الحيوية، مثل أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، والضغط على حلفائه لقطع علاقاتهم الاقتصادية مع بكين.. وعسكريًا، يُصعّد ترامب التوترات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مُعززًا تحالفات مثل تحالف (أوكوس) وتحالف (كواد) Quad، لاحتواء التوسع البحري الصيني.. ومن خلال زيادة مبيعات الأسلحة إلى تايوان، وتعزيز الوجود البحري الأمريكي في بحر الصين الجنوبي، يسعى ترامب إلى إجبار الصين على الدخول في سباق تسلح غير مستدام، بما يستنزف مواردها العسكرية والاقتصادية.. ومع ذلك، تنطوي استراتيجية الفصل العدوانية هذه على مخاطر جسيمة.. فهي تدفع الصين إلى تسريع مساعيها لتحقيق الاكتفاء الذاتي التكنولوجي، وتطوير شبكات تجارية بديلة، وتعميق علاقاتها مع الاقتصادات الناشئة، مما يُقوّض النفوذ الاقتصادي الأمريكي على المدى البعيد. ثانيًا: من أهم جوانب استراتيجية ترامب، منع تشكيل كتلة صينية ـ روسية موحدة، والتي ستمثل تحديًا وجوديًا للهيمنة الأمريكية.. منذ العقوبات الغربية عام ٢٠١٤ على روسبا، ازداد اعتماد موسكو على الصين لضمان بقائها الاقتصادي.. ويدرك ترامب أن المحور الصيني ـ الروسي سيخلق ثقلًا جيوسياسيًا وعسكريًا موازنًا، أقوى من أن تتمكن الولايات المتحدة من احتوائه.. لذا، فإن نهجه تجاه روسيا عمليٌّ أكثر منه أيديولوجي.. فمن خلال عرض إعادة دمج جزئية لموسكو في النظام الاقتصادي العالمي، وتخفيف العقوبات، والاعتراف الضمني ببعض طموحاتها الإقليمية (مثل احتفاظها بأجزاء من أوكرانيا)، يهدف ترامب إلى منح روسيا بديلًا عمليًا عن الاعتماد الكلي على الصين.. وبهذا، يأمل ترامب في إحداث شرخ بين بكين وموسكو، مما يُضعف قدرة الصين على استغلال موارد روسيا العسكرية وموارد الطاقة، في صراعها الأوسع ضد الولايات المتحدة.. ومع ذلك، فإن هذا النهج القائم على المعاملات، يُقلل من شأن الحسابات الاستراتيجية الروسية طويلة المدى.. فبينما قد يستغل بوتين المبادرات الأمريكية لتحقيق مكاسب قصيرة الأجل، فمن غير المرجح أن يقطع علاقاته مع الصين تمامًا، مُدركًا أن نفوذه على واشنطن يكون أعظم عندما يظل قوةً غير متوقعة بين القوتين العظميين.. علاوة على ذلك، بمكافأته للعدوان الروسي في أوكرانيا، يُرسل ترامب إشارةً خطيرةً للعالم: الالتزامات الأمنية الأمريكية مشروطة وقابلة للتفاوض.. وهذا لا يُضعف مصداقية التحالفات الأمريكية فحسب، بل يُشجع أيضًا قوىً أخرى على اختبار حدود عزيمة الولايات المتحدة. ثالثًا: تُشكّل أوروبا، وهي كتلة اقتصادية هائلة، تحديًا استراتيجيًا طويل الأمد لهيمنة الولايات المتحدة.. فرغم كونها حليفًا وثيقًا تقليديًا، تُعدّ أيضًا منافسًا محتملًا، لا سيما إذا عززت قوتها الاقتصادية والعسكرية بشكل مستقل عن واشنطن.. لذا، فإن نهج ترامب لا يهدف إلى تقوية أوروبا، بل إلى إبقائها مجزأة ومعتمدة استراتيجيًا على الولايات المتحدة.. وبدلًا من تفكيك حلف الناتو علنًا، الأمر الذي قد يُعرّض أوروبا لخطر التحول نحو الاعتماد على الذات، يُضعف ترامب التحالف من خلال الضغط المالي والاضطرابات السياسية.. وبمطالبته المتكررة الدول الأوروبية بزيادة إنفاقها الدفاعي، وفي الوقت نفسه، يُشكك في التزام الولايات المتحدة بأمنها، يُهيئ مناخًا من عدم اليقين.. هذا يُجبر الدول الأوروبية على زيادة اعتمادها على الدعم العسكري الأمريكي، ويمنعها من الاستثمار في إطار دفاعي أوروبي موحد. اقتصاديًا، يستغل ترامب التجارة كأداة ضغط، مهددًا بفرض رسوم جمركية، ومُعدّلًا سياسات الاستثمار، ومُثيرًا انقسامات داخلية داخل الاتحاد الأوروبي.. وبمنحه مزايا اقتصادية انتقائية لبعض الدول الأوروبية وفرضه قيودًا على أخرى، يُفاقم ترامب التوترات بين الفصائل المؤيدة للولايات المتحدة، وتلك المؤيدة للاستقلال داخل أوروبا.. يضمن هذا التكتيك القائم على سياسة (فرّق تسد) بقاء أوروبا مجزأة للغاية، بحيث لا تستطيع العمل كقوة عالمية موحدة.. ومع ذلك، فإن ترامب، بفعله هذا، يُنفّر حلفاء أوروبيين رئيسيين، ويشجعهم على البحث عن ترتيبات أمنية واقتصادية بديلة، مما يُقوّض التماسك عبر الأطلسي على المدى الطويل. رابعًا: تُدرك استراتيجية ترامب، أنه في حين تُمثل منطقة المحيطين الهندي والهادئ، المسرح الرئيسي للتنافس بين القوى العظمى، يظل الشرق الأوسط رقعة شطرنج جيوسياسية بالغة الأهمية.. ولا يهدف نهجه تجاه المنطقة إلى تعزيز الاستقرار، بل إلى ضمان عدم قدرة أي قوة ـ سواء الصين أو روسيا أو الاتحاد الأوروبي ـ على تحدي النفوذ الأمريكي في أسواق الطاقة والسياسات الإقليمية.. ومن خلال تحالفات انتقائية مع السعودية وإسرائيل، يضمن ترامب هيمنة الولايات المتحدة في المنطقة، مستخدمًا إيران كعامل زعزعة استقرار دائم يُبرر استمرار الدور الأمريكي.. ومن خلال الحفاظ على سيطرتها على أسواق النفط، تحافظ واشنطن على نفوذها الاقتصادي على كل من الصين وأوروبا، مما يضمن بقاء الاعتماد على الطاقة أداة استراتيجية.. ولكن نهج ترامب القائم على المعاملات التجارية وعلى الأمد القصير، يعمل على تنفير الجهات الفاعلة الإقليمية، مما قد يدفعها نحو التنويع الاستراتيجي، بما في ذلك الدخول في شراكات أعمق مع الصين وروسيا. وبعد.. بينما تُظهر استراتيجية ترامب منطقًا قاسيًا، فإن تنفيذها المتهور يُتيح فرصًا للمنافسين لاستغلالها.. تُولّد دبلوماسيته القسرية مقاومة، مما يُحوّل شركاءه المحتملين إلى لاعبين مترددين في لعبته الجيوسياسية.. كلما طال اعتماده على القوة الصلبة والحرب الاقتصادية، زادت القوى المُوازنة التي ستظهر ضد الهيمنة الأمريكية.. لدى أوروبا، على وجه الخصوص، فرصة سانحة؛ إذا استطاعت التغلب على جمودها.. تفترض استراتيجية ترامب السلبية الأوروبية، ولكن إذا نظّم الاتحاد الأوروبي نفسه أخيرًا، وتخلص من خموله الاستراتيجي، وبنى إطارًا اقتصاديًا وأمنيًا متماسكًا، فسيتمكن من تحويل نفسه من بيدق في لعبة ترامب، إلى قوة مستقلة في عالم متعدد الأقطاب.. وسوف يحدد ما إذا كانت أوروبا ستستغل هذه اللحظة، أم ستواصل انحرافها دورها في تشكيل النظام العالمي المستقبلي. حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store