أحدث الأخبار مع #كوتر


مجلة رواد الأعمال
٢٢-٠٤-٢٠٢٥
- علوم
- مجلة رواد الأعمال
ما بين الجمود والتحول.. كيف تتجاوز المؤسسات مقاومة التغيير؟
لطالما شكّل مفهوم مقاومة التغيير تحديًا جوهريًا يواجه المؤسسات والأفراد على حد سواء في مسيرتهم نحو التطور والنمو. فبينما تحمل رياح التجديد في طياتها فرصًا واعدة للارتقاء بالأداء وتحقيق مستويات أعلى من الكفاءة، تصطدم في كثير من الأحيان بجدار صلب من التحفظ والتردد، وهو ما يعرف بـ'مقاومة التغيير'. وتتجلى هذه المقاومة في صور شتى، بدءًا من التشكيك في جدوى المبادرات الجديدة، مرورًا بالتأخر في تبنيها وتنفيذها، وصولًا إلى محاولات تقويضها بشكلٍ مباشر أو غير مباشر. مقاومة التغيير علاوة على ذلك، تتعدد الأسباب الكامنة وراء مقاومة التغيير، فمنها ما يتعلق بالخوف من المجهول وما قد يترتب عليه من تداعيات غير واضحة. ومنها ما ينبع من التمسك بالوضع الراهن والاعتياد على الأساليب القديمة التي ألفها الأفراد واعتادوا عليها. من ناحية أخرى، تلعب المصالح الشخصية دورًا لا يستهان به في تغذية هذه المقاومة؛ حيث يخشى البعض من فقدان مواقعهم أو الامتيازات التي يتمتعون بها في ظل النظام القائم. في حين يرى آخرون أن التغيير يفرض عليهم عبئًا إضافيًا ويتطلب منهم بذل جهد مضاعف للتكيف مع الأوضاع الجديدة، وهو ما يفضلون تجنبه. كذلك، لا تقتصر مظاهر مقاومة التغيير على الأفراد فحسب، بل تمتد لتشمل هياكل تنظيمية وثقافات مؤسسية بأكملها. فبعض المؤسسات تبدي جمودًا ملحوظًا في استيعاب المستجدات وتتبنى نهجًا محافظًا يميل إلى الحفاظ على التقاليد والإجراءات الموروثة. بينما تفتقر أخرى إلى آليات فعالة للتواصل والتوعية بأهمية التغيير وفوائده، ما يزيد من حدة المعارضة وعدم الاستعداد للتعاون. كما أن غياب القيادة الرشيدة القادرة على تحفيز العاملين وتوضيح الرؤية المستقبلية يلعب دورًا محوريًا في تعزيز مقاومة التغيير وإعاقة جهود التطوير. خارطة طريق للتغيير المؤسسي الفعّال ثمة عوامل جوهرية تقف وراء نجاح أي مبادرة للتغيير المؤسسي، وفي مقدمتها الفهم العميق لآليات هذا التحول ومتطلباته الأساسية. ويعد نموذج 'كوتر' المكون من ثماني خطوات، والذي يركز على القوة الحقيقية الكامنة وراء إحداث تحولات جذرية، من أبرز المناهج التي تسعى إلى تذليل العقبات، وضمان تحقيق الأهداف المنشودة من التغيير. 1. إيقاظ الحاجة الملحة: تستهل عملية التغيير الفعالة بخلق شعور قوي بالإلحاح لدى جميع الأطراف المعنية. ويتطلب ذلك تسليط الضوء بشكلٍ واضح ومقنع على المخاطر المترتبة على الجمود وعدم التكيف مع المتغيرات المحيطة. بالإضافة إلى إبراز المزايا والفرص الهائلة التي ستنجم عن تبني التغيير واحتضانه. وبذلك، يتم إذكاء حاجة جماعية وملحة للتحرك الفوري نحو التغيير المنشود. ما يهيئ الأرضية لقبول المبادرات الجديدة. 2. بناء تحالف القيادة: علاوة على ذلك، تتطلب المرحلة التالية تشكيل تحالف قيادي قوي ومتماسك يقود عملية التغيير ويدافع عنها بحماس وثقة. ويستلزم ذلك تجميع أبرز القادة المؤثرين في مختلف أرجاء المؤسسة، الذين يتمتعون بالاحترام والنفوذ اللازمين لحشد الدعم وتوجيه الجهود. ومن الأهمية بمكان التأكد من أن هذا الفريق القيادي يمتلك رؤية مشتركة والتزامًا راسخًا بأهداف التغيير. 3. صياغة الرؤية والإستراتيجية: من ناحية أخرى، يمثل تطوير رؤية واضحة وملهمة للمستقبل خطوة حاسمة في عملية التغيير. إذ يتعين على التحالف القيادي صياغة تصور مقنع للحالة التي ستؤول إليها المؤسسة بعد التغيير، مع تحديد الفوائد الملموسة التي ستتحقق. وعلى هذا الأساس، يتم وضع إستراتيجية عملية ومفصلة تحدد الخطوات والإجراءات اللازمة لتحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس وتوجيه جهود التغيير بشكلٍ فعّال. 4. توصيل الرؤية بفاعلية: كذلك، لا يكتمل مسار التغيير دون توصيل الرؤية والإستراتيجية بشكلٍ مستمر وفاعل عبر مختلف القنوات المتاحة داخل المؤسسة. ويجب التأكيد على 'لماذا' التغيير وأهميته، وتبديد أي لبس أو غموض قد يعتري فهم الموظفين للأهداف المنشودة. وعندما يفهم الجميع الغاية من التغيير ويتفقون عليها، يصبحون أكثر استعدادًا للتعاون والمساهمة في إنجاحه. 5. تمكين العمل وإزالة المعوقات: بينما تتطلب عملية التغيير تمكين الموظفين وإزالة أي عقبات تحول دون مشاركتهم الفعالة وتحقيقهم للنتائج المرجوة. ويشمل ذلك تفويض السلطات، وتوفير الأدوات والموارد اللازمة، وتقديم الدعم والتدريب المناسب. وعندما يشعر الأفراد بأنهم قادرون على إحداث فرق ولديهم الصلاحيات اللازمة. فإنهم يصبحون أكثر حماسًا والتزامًا بإنجاح مبادرات التغيير. 6. حصد الثمار المبكرة: كما تعد مرحلة تحقيق مكاسب قصيرة الأجل ذات أهمية بالغة في الحفاظ على حماس المشاركين في عملية التغيير وتعزيز ثقتهم بجدوى الجهود المبذولة. ويتطلب ذلك تحديد النجاحات السريعة والواضحة التي يمكن تحقيقها في وقت مبكر والاحتفاء بها على نطاق واسع. وتستخدم هذه الانتصارات الأولية كوقود لتوليد المزيد من الزخم والدفع نحو تحقيق أهداف التغيير الأكبر والأكثر شمولية. 7. توسيع نطاق التحول: بمجرد تحقيق المكاسب قصيرة الأجل، يصبح من الضروري الاستفادة منها في إحداث المزيد من التغييرات الجوهرية على نطاق أوسع. وينبغي على الفريق القيادي استثمار الثقة والزخم المتولدين للدفع بإستراتيجية التغيير إلى الأمام وتوسيع نطاقها لتشمل جوانب أخرى من عمل المؤسسة. ومن الأهمية بمكان عدم التوقف عند النجاحات الأولية، بل الاستمرار في تطوير الإستراتيجيات وتحسينها بشكلٍ مستمر. 8. ترسيخ التغيير في النسيج الثقافي: تمثل مرحلة ترسيخ التغييرات في ثقافة المنظمة الخطوة الأخيرة والأكثر حيوية لضمان استدامة التحول على المدى الطويل. ويقتضي ذلك دمج السلوكيات والممارسات الجديدة التي تم تبنيها في صميم ثقافة المؤسسة وقيمها الأساسية. ويتحقق ذلك من خلال الاعتراف بالطرق الجديدة في التفكير والتصرف ومكافأتها. ما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الهوية المؤسسية. منهجية واضحة للتغيير المؤسسي في النهاية، يتضح أن مقاومة التغيير ليست قدرًا محتومًا، بل هي ظاهرة طبيعية يمكن تجاوزها وإدارتها بفعالية من خلال فهم أبعادها وأسبابها المتنوعة. وبالطبع، فإن تبني منهجية واضحة للتغيير المؤسسي. كما يجسدها نموذج 'كوتر' بخطواته الثماني المتكاملة. يمثل خارطة طريق حيوية للمؤسسات الطامحة إلى التطور والازدهار في بيئة عمل دائمة التقلب. فبدءًا من إيقاظ الحاجة الملحة، مرورًا ببناء تحالف قيادي قوي وتوصيل الرؤية بفاعلية، وصولًا إلى تمكين العمل وحصد الثمار المبكرة وترسيخ التغيير في النسيج الثقافي. تشكل هذه الخطوات مجتمعةً إطارًا عمليًا يمكّن المؤسسات من تحويل التحديات إلى فرص. وتجاوز عقبات التغيير بثبات نحو تحقيق أهدافها المنشودة.


الإمارات اليوم
١٤-٠٤-٢٠٢٥
- أعمال
- الإمارات اليوم
فرنسا تواجه أزمات محلية ودولية غير مسبوقة
كانت بداية الأسبوع الماضي سيئة للغاية ومروعة وكارثية، بالنسبة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إذ تعرّض لهجوم شرس من منافسته اليمينية المتطرفة مارين لوبان، استهدف أحد أركان الديمقراطية الفرنسية، وانتهى الأسبوع بانخفاض حاد في مؤشر الأسهم الرئيس لبلاده. لكن حظر لوبان من الترشح للانتخابات الرئاسية، ورسوم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الجمركية المُدمرة للسوق، ليسا سوى أحدث التحديات التي تُهدد بقلب الولاية الثانية للرئيس الفرنسي رأساً على عقب. تتصاعد حرب تجارية غرباً، بينما تستعر حرب حقيقية شرقاً، والبرلمان منقسم بشكلٍ ميؤوس منه منذ الانتخابات الأخيرة، ولايزال عجز الميزانية الفرنسية مرتفعاً بشكل كبير، مع احتمال ضئيل لخفضه، لأن تخفيضات الإنفاق مؤلمة، وزيادات الضرائب تعيق النمو. مناورة محدودة في غضون ذلك، قد يكون فرانسوا بايرو، رابع رئيس وزراء للبلاد خلال الشهور الـ18 الماضية، في طريقه إلى التنحي إذا نفذ المشرعون اليمينيون المتطرفون تهديداتهم الأخيرة بإسقاط الحكومة، وتبدو أركان الجمهورية الخامسة الفرنسية، التي يبلغ عمرها 66 عاماً، عاجزة تماماً عن الصمود في وجه هذا الهجوم غير المسبوق من الأزمات المحلية والدولية. تبدو مساحة ماكرون للمناورة محدودة، ورئيس وزرائه في وضع هش، والأغلبية العملية في البرلمان تبدو بعيدة المنال، وليس أمام الرئيس سوى خيارات محدودة لمعالجة الجمود السياسي، باستثناء الدعوة إلى انتخابات مبكرة أخرى هذا الصيف، والتي قد تؤدي في النهاية إلى برلمان معلق آخر. أوضاع سيئة في هذا السياق، يقول المحلل السياسي في مركز «ساينسز بو» للأبحاث السياسية في باريس، برونو كوتر، قبل أن تتراجع أسواق الأسهم العالمية، بما في ذلك مؤشر «كاك 40» الفرنسي، نتيجة لرسوم ترامب الجمركية، «كانت الأمور سيئة، والأوضاع سيئة للغاية الآن». من جهته، قال حليف لماكرون، طلب عدم الكشف عن هويته لحساسية الموقف، لصحيفة «بوليتيكو»: «قد يكون تراجع السوق علامة على ما هو وضع أسوأ في المستقبل»، وأضاف: «عندما تبدأ الأزمة بضرب الاقتصاد الحقيقي، وتشهد الشركات انخفاضاً حاداً في دفاتر طلباتها، سيصبح الأمر معقداً للغاية». وبعد أن كان ينظر إلى ماكرون سابقاً كقوة قيادية في السياسة، لا يحظى الآن إلا بثقة ربع الفرنسيين فقط لمعالجة المشكلات التي تواجه البلاد. وأثار قراره برفع سن التقاعد، رغم المعارضة الواسعة، استياء واسعاً لدى الناخبين، كما أدى قراره بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، الصيف الماضي، إلى انقسام البرلمان، ما أثر بشكل أكبر في صدقيته، لا يعتقد سوى قلة من الناخبين الآن أنه قادر على نزع فتيل أزمة برلمانية أخرى، ناهيك عن اتخاذ إجراءات حاسمة بشأن الحرب في أوكرانيا أو كبح جماح نزعات ترامب الحمائية. أخطاء ماكرون يرى كوتر أن أخطاء ماكرون قد غذّت الإحباط العام من السياسة، بما في ذلك تعيينه رؤساء وزراء غير مُنتخبين، ورفضه السماح للائتلاف اليساري، الأكبر في البرلمان، بإدارة البلاد. ومع استمرار فوز اليمين المتطرف في الانتخابات، رغم منعه الممنهج من السلطة، يطرح السؤال: هل لاتزال الديمقراطية الفرنسية فعّالة؟ يعتقد 28% فقط من المشاركين في استطلاعات الرأي الفرنسية أن ديمقراطيتهم تعمل بشكل جيد، وهي نسبة أقل بكثير من تلك المسجلة في إيطاليا وهولندا وحتى ألمانيا (51%)، وفقاً لدراسة أجراها معهد الدراسات السياسية. وقال كوتر: «إن الاستياء هائل، ولا يقتصر على القوى الراديكالية، مثل حزب التجمع الوطني وحزب فرنسا المتمردة، هناك شعور عام بأن الديمقراطية الفرنسية تعاني خللاً وظيفياً». الأكثر قوة قبل 31 مارس، بدت مارين لوبان (زعيمة المعارضة) الأقدر على استغلال الوعكة السياسية المستمرة في فرنسا، ولاتزال حركتها اليمينية المتطرفة (حزب التجمع الوطني)، أكبر حزب منفرد في الجمعية الوطنية، والأكثر قوة في مجلس النواب، وتتمتع بدعم غير مسبوق، وتُظهر استطلاعات الرأي أن لوبان، هي المرشحة الأوفر حظاً للرئاسة في عام 2027 في حال ترشحت. من بين المشكلات التي تواجه المؤسسة السياسية الفرنسية، أنه على الرغم من أن الأدلة ضد لوبان دامغة، فإن هناك قدراً من الحقيقة في ادعاءاتها بأن «النظام» ضدها. عن «بوليتيكو» صعوبات متكررة واجهت الزعيمة اليمينية المتطرفة، مارين لوبان، صعوبات متكررة في الحصول على قروض لتمويل الحملات الانتخابية، أو الحصول على دعم عدد كافٍ من المسؤولين للترشح للمنصب الأعلى في البلاد، في حين تشهد الجبهة الجمهورية المزعومة، اتحاد أحزاب ليس لديها الكثير من القواسم المشتركة لمجرد منع التجمع الوطني من الوصول إلى السلطة. . ماكرون لا يحظى الآن إلا بثقة ربع الفرنسيين فقط، بعد أن كان يُنظر إليه سابقاً كقوة قيادية في السياسة. . المحلل برونو كوتر أكد أن أخطاء ماكرون غذّت الإحباط العام من السياسة، بما في ذلك تعيينه رؤساء وزراء غير مُنتخبين.