logo
#

أحدث الأخبار مع #كوندوليزارايس

د محمد العزة يكتب : حصان طروادة الشرق الأوسط الجديد والإخوان
د محمد العزة يكتب : حصان طروادة الشرق الأوسط الجديد والإخوان

أخبارنا

time١٧-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • أخبارنا

د محمد العزة يكتب : حصان طروادة الشرق الأوسط الجديد والإخوان

أخبارنا : د. محمد العزة : إن المتتبع لتاريخ منطقة الشرق الأوسط، من حيث الشأن السياسي وتسلسل الأحداث فيها، وكذلك القوى السياسية الناشطة على ساحتها، سواء كانت دولاً أو تنظيمات، ويُمعن في أسباب نشأتها وتراجعها، وأسُس فكرها وأهدافها التي انطلقت منها وقدّمت نفسها من خلالها داخل مجتمعاتها، يستطيع أن يقدّم تفسيرًا وتحليلاً واقعيًا لدور كل من هذه القوى. لقد شكّلت نهاية الحرب العالمية الثانية نقطة تحوّل بارزة تمثلت في ظهور النظام الدولي ثنائي القطبية، الذي قاده كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية. وقد دخل الطرفان في صراعٍ طويل عُرف بالحرب الباردة، سواء تمّ التفاهم عليه أو نشأ بفعل التنافس، فقد كان الهدف من ورائه تقاسم النفوذ والسيطرة على مناطق العالم، وتحقيق الهيمنة على الموارد الطبيعية، وهو ما أدى إلى بروز تحالفات قائمة على تناقضات جوهرية. لم تكن المنطقة العربية بمنأى عن هذا الصراع، بل كانت ساحة مركزية له. ففي أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، شهدت المنطقة نشوء الأحزاب اليسارية بفروعها وفلسفاتها الاشتراكية، التي حظيت بدعم مباشر من الاتحاد السوفيتي. في ذات الوقت، تأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر، كأول تنظيم سياسي بمرجعية دينية، رغم أنه وُلد في الأصل كحركة دعوية. وقد حظيت الجماعة لاحقًا بدعمٍ من بريطانيا، ثم الولايات المتحدة الأمريكية، لتتحوّل إلى أداة في وجه التمدد اليساري القومي، لا سيما في الستينيات والسبعينيات حين بلغ هذا التيار ذروته وشعبيته في الشارع العربي، بدعم من موسكو. تنبهت الولايات المتحدة إلى التأثير المتزايد لليسار والقومية العربية، فدعمت تنظيم الإخوان ليشكّل رأس حربة في مواجهة هذا الفكر ، ولم يكن الدعم يقتصر على السياسي والإعلامي، بل اتخذ لاحقًا طابعًا عقائديًا عسكريًا، خاصة إبان الغزو السوفيتي لأفغانستان، حين لعب الإخوان الدور الأبرز في تعبئة الشعوب العربية، وتقديم العنوان الاقدس أو ما عُرف بـ"الجهاد المقدس"، الذي اجتذب آلاف الشباب العربي المتحمس، والذين تمّ توجيههم إلى الجبهة الأفغانية ، وقد أسهمت هذه الحرب في إنهاك السوفييت واستنزافهم، دون أن تتكبّد الولايات المتحدة خسائر تُذكر، إذ دفعت الشعوب العربية الفاتورة، دمًا و مستقبلًا، بينما حقق الأمريكي انتصاره بالوكالة، مستفيدًا من تجربته في حرب فيتنام وتكتيك قطع خطوط الإمداد عن الخصوم. في ثمانينيات القرن العشرين، بدأ تنظيم الإخوان مرحلة جديدة، توسّع خلالها عالميًا، وأنشأ منظمات متنوعة تتقن استخدام الفكر الديني في العمل السياسي والتنظيم العسكري. وقد استغلت الولايات المتحدة هذا الامتداد لتضخيم خطره، فوسمته بالإرهاب، وترافق ذلك مع بروز مصطلح "الإسلاموفوبيا" المثير للانتباه أن الجماعة لم تنفِ هذه الاتهامات، بل تعاملت معها بكثير من الفخر، باعتبارها "العدو الأول و المطلوب رقم واحد " للقوة العظمى في العالم، من دون قراءة دقيقة لعواقب ذلك، والتي مهدت لاحقًا ذريعة إعلان الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر، ثم غزو العراق، الذي كان قد أنهكته حرب طويلة مع دولة شهدت تحوّلًا سياسيًا نحو الإسلام السياسي الشيعي، الذي استُخدم لاحقًا لإشعال صراعات طائفية في المنطقة. سقطت بغداد، واحتلها الغزاة، بينما اكتفى الإخوان بركوب موجة الغضب الشعبي ضد الغزو، دون اتخاذ موقف فعلي مقاوم، واكتفوا بقيادة المظاهرات وجمع التبرعات ، ومع دخول الألفية الثالثة، بدأ التحضير لمشروع "الشرق الأوسط الجديد"، الذي أعلنته كوندوليزا رايس خلال إدارة بوش الابن، ولم يُؤخذ آنذاك على محمل الجد. في عام 2011، اندلعت ما سُمّي بـ"الخريف العربي"، وسقطت الدول العربية واحدة تلو الأخرى: تونس، ليبيا، مصر، اليمن، سوريا. وسرعان ما تهاوت معها معاقل الفكر القومي واليساري، ليبرز الإخوان على المسرح السياسي مجددًا، ويصلوا سدة الحكم في أكثر من دولة، بدور البطل البديل، بعد أن تمّ تقويض الأنظمة القائمة بانتفاضات أو عمليات مدبّرة ،ظنّ البعض أن لحظة التمكين التاريخية قد حانت، لكنها لم تكن سوى بداية موجة أولى في مشروع تقسيم أوسع. ثم جاءت الموجة الثانية، الأخطر، والتي استهدفت محور المقاومة في لبنان وسوريا وغزة، والتي كانت حماس ( فرع الإخوان) قد سيطرت عليها في عام 2007 ، ومن هناك بدأت أشارة مرحلة جديدة من الصراع. فشل الإخوان في إدارة الحكم، وانسحبوا من المشهد السياسي، ليتحوّلوا إلى معارضة في دولة إقليمية برعاية استخباراتية غربية وعربية. وفي غزة، خاضوا معارك بناءً على وعود وهمية بـ"وحدة الساحات"، من دون تنسيق أو حسابات واقعية، ما أتاح للولايات المتحدة تنفيذ أهدافها الإستراتيجية، من خلال الذراع التنفيذية في المنطقة، وهي إسرائيل، التي كانت قد وُعِدت بنصيبها من مشروع إعادة التقسيم. إن تنظيم الإخوان هو تيار منح نفسه صفة "السياسي" تحت غطاء ديني، لا من أجل خدمة الدين، بل للاستفادة من قدسيته في صناعة رأي عام لا يمكن مناقشته. وقد وُظّف هذا التيار لخدمة مصالح قوى كبرى، أرادت من خلاله إنتاج مراكز صراع داخلي في الدول العربية، تُغذي الاستقطاب بين التيارات الدينية والمدنية، وتُضعف فكرة الدولة الوطنية الجامعة. ولذلك، فإن تيارات الإسلام السياسي ستبقى تُستخدم حتى يُنجز المخطط الكامل لتقسيم المنطقة، وفق اتفاقيات سايكس بيكو، سان ريمو، ووعد بلفور، وصولًا إلى أوسلو 2. لقد بات من الواضح الدور الذي تلعبه هذه التنظيمات في إشعال الفوضى والتشظي، وتعميق القطيعة بين الأنظمة وشعوبها، بل وداخل المجتمعات نفسها. وقد تجلى ذلك منذ انطلاقة "الخريف العربي"، حين استُخدم الخطاب الشرعي للوصول إلى السلطة، ولو بالتعاون العلني أو السري مع أي طرف خارجي. سيشهد التاريخ أن القوى السياسية العربية، وعلى رأسها تيارات الإسلام السياسي، لم تكن أهلًا للعمل السياسي الحقيقي، بل كانت أدوات في يد القوى الدولية، و"حصان طروادة" الذي مكّن الغزاة من دخول الأرض العربية وإشعال الحروب، التي كان أبناء الأمة العربية وقودها. لم تقدّم هذه التيارات مشروعًا نهضويًا عروبيًا حقيقيًا، بل أهدروا الزمن في صراعات هامشية، فمزّقوا الشعوب إلى هويات متناحرة، وأسقطوا صورة "المثال الديني" أمام براغماتية متلونة، افتقرت إلى الثبات والاتساق.

حصان طروادة الشرق الأوسط الجديد والإخوان
حصان طروادة الشرق الأوسط الجديد والإخوان

عمون

time١٦-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • عمون

حصان طروادة الشرق الأوسط الجديد والإخوان

إن المتتبع لتاريخ منطقة الشرق الأوسط، من حيث الشأن السياسي وتسلسل الأحداث فيها، وكذلك القوى السياسية الناشطة على ساحتها، سواء كانت دولاً أو تنظيمات، ويُمعن في أسباب نشأتها وتراجعها، وأسُس فكرها وأهدافها التي انطلقت منها وقدّمت نفسها من خلالها داخل مجتمعاتها، يستطيع أن يقدّم تفسيرًا وتحليلاً واقعيًا لدور كل من هذه القوى. لقد شكّلت نهاية الحرب العالمية الثانية نقطة تحوّل بارزة تمثلت في ظهور النظام الدولي ثنائي القطبية، الذي قاده كل من الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية. وقد دخل الطرفان في صراعٍ طويل عُرف بالحرب الباردة، سواء تمّ التفاهم عليه أو نشأ بفعل التنافس، فقد كان الهدف من ورائه تقاسم النفوذ والسيطرة على مناطق العالم، وتحقيق الهيمنة على الموارد الطبيعية، وهو ما أدى إلى بروز تحالفات قائمة على تناقضات جوهرية. لم تكن المنطقة العربية بمنأى عن هذا الصراع، بل كانت ساحة مركزية له. ففي أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، شهدت المنطقة نشوء الأحزاب اليسارية بفروعها وفلسفاتها الاشتراكية، التي حظيت بدعم مباشر من الاتحاد السوفيتي. في ذات الوقت، تأسست جماعة الإخوان المسلمين في مصر، كأول تنظيم سياسي بمرجعية دينية، رغم أنه وُلد في الأصل كحركة دعوية. وقد حظيت الجماعة لاحقًا بدعمٍ من بريطانيا، ثم الولايات المتحدة الأمريكية، لتتحوّل إلى أداة في وجه التمدد اليساري القومي، لا سيما في الستينيات والسبعينيات حين بلغ هذا التيار ذروته وشعبيته في الشارع العربي، بدعم من موسكو. تنبهت الولايات المتحدة إلى التأثير المتزايد لليسار والقومية العربية، فدعمت تنظيم الإخوان ليشكّل رأس حربة في مواجهة هذا الفكر ، ولم يكن الدعم يقتصر على السياسي والإعلامي، بل اتخذ لاحقًا طابعًا عقائديًا عسكريًا، خاصة إبان الغزو السوفيتي لأفغانستان، حين لعب الإخوان الدور الأبرز في تعبئة الشعوب العربية، وتقديم العنوان الاقدس أو ما عُرف بـ"الجهاد المقدس"، الذي اجتذب آلاف الشباب العربي المتحمس، والذين تمّ توجيههم إلى الجبهة الأفغانية ، وقد أسهمت هذه الحرب في إنهاك السوفييت واستنزافهم، دون أن تتكبّد الولايات المتحدة خسائر تُذكر، إذ دفعت الشعوب العربية الفاتورة، دمًا و مستقبلًا، بينما حقق الأمريكي انتصاره بالوكالة، مستفيدًا من تجربته في حرب فيتنام وتكتيك قطع خطوط الإمداد عن الخصوم. في ثمانينيات القرن العشرين، بدأ تنظيم الإخوان مرحلة جديدة، توسّع خلالها عالميًا، وأنشأ منظمات متنوعة تتقن استخدام الفكر الديني في العمل السياسي والتنظيم العسكري. وقد استغلت الولايات المتحدة هذا الامتداد لتضخيم خطره، فوسمته بالإرهاب، وترافق ذلك مع بروز مصطلح "الإسلاموفوبيا" المثير للانتباه أن الجماعة لم تنفِ هذه الاتهامات، بل تعاملت معها بكثير من الفخر، باعتبارها "العدو الأول و المطلوب رقم واحد " للقوة العظمى في العالم، من دون قراءة دقيقة لعواقب ذلك، والتي مهدت لاحقًا ذريعة إعلان الحرب على الإرهاب بعد أحداث 11 سبتمبر، ثم غزو العراق، الذي كان قد أنهكته حرب طويلة مع دولة شهدت تحوّلًا سياسيًا نحو الإسلام السياسي الشيعي، الذي استُخدم لاحقًا لإشعال صراعات طائفية في المنطقة. سقطت بغداد، واحتلها الغزاة، بينما اكتفى الإخوان بركوب موجة الغضب الشعبي ضد الغزو، دون اتخاذ موقف فعلي مقاوم، واكتفوا بقيادة المظاهرات وجمع التبرعات ، ومع دخول الألفية الثالثة، بدأ التحضير لمشروع "الشرق الأوسط الجديد"، الذي أعلنته كوندوليزا رايس خلال إدارة بوش الابن، ولم يُؤخذ آنذاك على محمل الجد. في عام 2011، اندلعت ما سُمّي بـ"الخريف العربي"، وسقطت الدول العربية واحدة تلو الأخرى: تونس، ليبيا، مصر، اليمن، سوريا. وسرعان ما تهاوت معها معاقل الفكر القومي واليساري، ليبرز الإخوان على المسرح السياسي مجددًا، ويصلوا سدة الحكم في أكثر من دولة، بدور البطل البديل، بعد أن تمّ تقويض الأنظمة القائمة بانتفاضات أو عمليات مدبّرة ،ظنّ البعض أن لحظة التمكين التاريخية قد حانت، لكنها لم تكن سوى بداية موجة أولى في مشروع تقسيم أوسع. ثم جاءت الموجة الثانية، الأخطر، والتي استهدفت محور المقاومة في لبنان وسوريا وغزة، والتي كانت حماس ( فرع الإخوان) قد سيطرت عليها في عام 2007 ، ومن هناك بدأت أشارة مرحلة جديدة من الصراع. فشل الإخوان في إدارة الحكم، وانسحبوا من المشهد السياسي، ليتحوّلوا إلى معارضة في دولة إقليمية برعاية استخباراتية غربية وعربية. وفي غزة، خاضوا معارك بناءً على وعود وهمية بـ"وحدة الساحات"، من دون تنسيق أو حسابات واقعية، ما أتاح للولايات المتحدة تنفيذ أهدافها الإستراتيجية، من خلال الذراع التنفيذية في المنطقة، وهي إسرائيل، التي كانت قد وُعِدت بنصيبها من مشروع إعادة التقسيم. إن تنظيم الإخوان هو تيار منح نفسه صفة "السياسي" تحت غطاء ديني، لا من أجل خدمة الدين، بل للاستفادة من قدسيته في صناعة رأي عام لا يمكن مناقشته. وقد وُظّف هذا التيار لخدمة مصالح قوى كبرى، أرادت من خلاله إنتاج مراكز صراع داخلي في الدول العربية، تُغذي الاستقطاب بين التيارات الدينية والمدنية، وتُضعف فكرة الدولة الوطنية الجامعة. ولذلك، فإن تيارات الإسلام السياسي ستبقى تُستخدم حتى يُنجز المخطط الكامل لتقسيم المنطقة، وفق اتفاقيات سايكس بيكو، سان ريمو، ووعد بلفور، وصولًا إلى أوسلو 2. لقد بات من الواضح الدور الذي تلعبه هذه التنظيمات في إشعال الفوضى والتشظي، وتعميق القطيعة بين الأنظمة وشعوبها، بل وداخل المجتمعات نفسها. وقد تجلى ذلك منذ انطلاقة "الخريف العربي"، حين استُخدم الخطاب الشرعي للوصول إلى السلطة، ولو بالتعاون العلني أو السري مع أي طرف خارجي. سيشهد التاريخ أن القوى السياسية العربية، وعلى رأسها تيارات الإسلام السياسي، لم تكن أهلًا للعمل السياسي الحقيقي، بل كانت أدوات في يد القوى الدولية، و"حصان طروادة" الذي مكّن الغزاة من دخول الأرض العربية وإشعال الحروب، التي كان أبناء الأمة العربية وقودها. لم تقدّم هذه التيارات مشروعًا نهضويًا عروبيًا حقيقيًا، بل أهدروا الزمن في صراعات هامشية، فمزّقوا الشعوب إلى هويات متناحرة، وأسقطوا صورة "المثال الديني" أمام براغماتية متلونة، افتقرت إلى الثبات والاتساق.

طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات
طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات

العرب اليوم

time٠٨-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العرب اليوم

طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات

طرابلس العاصمة الليبية أسيرة لمجموعة من الميليشيات المسلحة ذات طابع إجرامي وبعضها متطرف حيث تتوزَّع فيها ولاءات الميليشيات بين الإسلام السياسي المتطرف وآخر إجرامي للدفع المسبق، وغالباً ما يشارك الآخر الآخر الإجرامي ميليشيات الإسلام السياسي في القبضة على العاصمة الليبية مقابل المال. الميليشيات أغلبها يدَّعي تبعيته للدولة ويرتدي الملابس العسكرية، وتنقسم تبعيتها الشكلية تحت وزارات مثل الداخلية أو الدفاع، بينما هي جماعات غير منضوية تحت سلطة الدولة، والغالبية منها متهمة حسب تقارير منظمات حقوقية دولية بارتكاب جرائم انتهاكات لحقوق الإنسان، بل وبعضها متورط في سوق النّخاسة وتجارة الهجرة غير النظامية وتهريب الوقود. سيطرت الميليشيات على العاصمة طرابلس منذ الأيام الأولى لحراك فبراير (شباط) 2011 الذي انتهى بالفوضى وانتشار السلاح، حيث لم يكن هناك أي نية صادقة أو جهد صادق للملمة الفوضى من قبل حلفاء «الناتو» الذين أسقطوا الدولة الليبية لتنهشها الميليشيات المؤدلجة وميليشيات الإسلام السياسي التي تأتمر بأوامر من الخارج. سطوة الميليشيات وسيطرتها على طرابلس لا أحد ينكرهما وبلغت حدَّ أنَّها خطفت رئيس الحكومة من مقر إقامته، وكادت تقتله لولا تدخل السفارة التي يحمل جنسيتها رئيس الحكومة في حينها، إذ وجهت رسالة شديدة اللهجة أخافت الميليشيات المذعورة، كيوم ذكرهم حين خرجت قافلة السفارة الأميركية أثناء اشتباكات فجر ليبيا بين الميليشيات في طرابلس. طرابلس المدينة التي دحرت الغزاة وصاحبة هذا التاريخ الطويل هي اليوم أسيرة لميليشيات الإرهاب والإسلام السياسي العابرة للحدود، في ظل تغافل دولي لا يمكن تفسيره بمعزل عن توطين الفوضى، ضمن مشروع بدأ من مخطط كوندوليزا رايس لنشر الفوضى «الخلاقة» التي كان مشروعها سيطرة الميليشيات على العاصمة طرابلس منذ الأيام الأولى لحراك فبراير 2011. الميليشيات ليست حالة طرابلسية، فهناك أكثر من 300 ميليشيا مسلحة في عموم ليبيا، إلا أن وجود الميليشيات في طرابلس التي هي العاصمة وموطن الحكومة، يجعل من الحكومة رهينة لها، وتحت سطوتها وابتزازها، حيث تتقاسم الميليشيات ابتزاز الوزارات، بل والتحكم في قراراتها وصرف أموالها. الميليشيات في العاصمة تشكَّلت على أساس المال والمصالح المشتركة، وأخرى جهوية مثل ميليشيات تنتمي لمدينة مصراته وأخرى لمدينة الزنتان، وهي تتنافس على تقاسم النفوذ في العاصمة، وإن كان أغلب الميليشيات في طرابلس تشكل على أساس آيديولوجي مثل ميليشيات الإسلام السياسي التي تتحالف مع ميليشيات المال والنفوذ التي تتنقل في ولائها بين مختلف أنواع الميليشيات مثل ميليشيا «ثوار» طرابلس لتحقيق قدر من المغالبة على باقي الميليشيات، وذلك لأن ميليشيات الإخوان والمقاتلة (فرع «القاعدة» الليبي) حاضنتها المجتمعية ضعيفة، ولا تكاد تذكر بين سكان طرابلس، ولهذا تجد في تحالفها مع ميليشيات النهب والمال الأسود قوة تساعدها على قهر السكان وفرض سيطرتها. ما يؤلم هو أنَّ طرابلس عمر المختار والسرايا الحمراء وميدان الشهداء وميدان الغزالة، وسيبتموس سيفيروس، أسيرة ميليشيات الدفع المسبق، التي تريد السيطرة على العاصمة من أجل النفوذ والمال، بأوامر من التنظيم الدولي، فأصبحت السيطرة على المال الليبي عبر السيطرة على العاصمة، وجعل أي حكومة فيها رهينة عند هذه الميليشيات بين الابتزاز والخطف والاغتيال؛ منهج الميليشيات في التعاطي مع أي حكومة في العاصمة لا ترضخ لمطالب أمراء الميليشيات، وما الميليشيات إلا أدوات لنهب المال الليبي لتمويل مشاريع تتعدى الأراضي الليبية. طرابلس اليوم تبتلعها نيران الميليشيات، وتغيب فيها سلطة الدولة وسط سطوة المدافع والبنادق، وارتهان القرار السياسي في مؤسساتنا لتوازنات قوى خارجية تتقاسم النفوذ، ومواردنا النفطية، وتُنهب خزائن المال العام، حتى محاولات توظيف وقف إطلاق النار في ليبيا على أنه إنجاز للقوى المحلية، في الواقع هو إنجاز للقوى الخارجية والمتحاربة بالوكالة في ليبيا.

طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات
طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات

الشرق الأوسط

time٠٧-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • الشرق الأوسط

طرابلس الليبية أسيرة الميليشيات

طرابلس العاصمة الليبية أسيرة لمجموعة من الميليشيات المسلحة ذات طابع إجرامي وبعضها متطرف حيث تتوزَّع فيها ولاءات الميليشيات بين الإسلام السياسي المتطرف وآخر إجرامي للدفع المسبق، وغالباً ما يشارك الآخر الآخر الإجرامي ميليشيات الإسلام السياسي في القبضة على العاصمة الليبية مقابل المال. الميليشيات أغلبها يدَّعي تبعيته للدولة ويرتدي الملابس العسكرية، وتنقسم تبعيتها الشكلية تحت وزارات مثل الداخلية أو الدفاع، بينما هي جماعات غير منضوية تحت سلطة الدولة، والغالبية منها متهمة حسب تقارير منظمات حقوقية دولية بارتكاب جرائم انتهاكات لحقوق الإنسان، بل وبعضها متورط في سوق النّخاسة وتجارة الهجرة غير النظامية وتهريب الوقود. سيطرت الميليشيات على العاصمة طرابلس منذ الأيام الأولى لحراك فبراير (شباط) 2011 الذي انتهى بالفوضى وانتشار السلاح، حيث لم يكن هناك أي نية صادقة أو جهد صادق للملمة الفوضى من قبل حلفاء «الناتو» الذين أسقطوا الدولة الليبية لتنهشها الميليشيات المؤدلجة وميليشيات الإسلام السياسي التي تأتمر بأوامر من الخارج. سطوة الميليشيات وسيطرتها على طرابلس لا أحد ينكرهما وبلغت حدَّ أنَّها خطفت رئيس الحكومة من مقر إقامته، وكادت تقتله لولا تدخل السفارة التي يحمل جنسيتها رئيس الحكومة في حينها، إذ وجهت رسالة شديدة اللهجة أخافت الميليشيات المذعورة، كيوم ذكرهم حين خرجت قافلة السفارة الأميركية أثناء اشتباكات فجر ليبيا بين الميليشيات في طرابلس. طرابلس المدينة التي دحرت الغزاة وصاحبة هذا التاريخ الطويل هي اليوم أسيرة لميليشيات الإرهاب والإسلام السياسي العابرة للحدود، في ظل تغافل دولي لا يمكن تفسيره بمعزل عن توطين الفوضى، ضمن مشروع بدأ من مخطط كوندوليزا رايس لنشر الفوضى «الخلاقة» التي كان مشروعها سيطرة الميليشيات على العاصمة طرابلس منذ الأيام الأولى لحراك فبراير 2011. الميليشيات ليست حالة طرابلسية، فهناك أكثر من 300 ميليشيا مسلحة في عموم ليبيا، إلا أن وجود الميليشيات في طرابلس التي هي العاصمة وموطن الحكومة، يجعل من الحكومة رهينة لها، وتحت سطوتها وابتزازها، حيث تتقاسم الميليشيات ابتزاز الوزارات، بل والتحكم في قراراتها وصرف أموالها. الميليشيات في العاصمة تشكَّلت على أساس المال والمصالح المشتركة، وأخرى جهوية مثل ميليشيات تنتمي لمدينة مصراته وأخرى لمدينة الزنتان، وهي تتنافس على تقاسم النفوذ في العاصمة، وإن كان أغلب الميليشيات في طرابلس تشكل على أساس آيديولوجي مثل ميليشيات الإسلام السياسي التي تتحالف مع ميليشيات المال والنفوذ التي تتنقل في ولائها بين مختلف أنواع الميليشيات مثل ميليشيا «ثوار» طرابلس لتحقيق قدر من المغالبة على باقي الميليشيات، وذلك لأن ميليشيات الإخوان والمقاتلة (فرع «القاعدة» الليبي) حاضنتها المجتمعية ضعيفة، ولا تكاد تذكر بين سكان طرابلس، ولهذا تجد في تحالفها مع ميليشيات النهب والمال الأسود قوة تساعدها على قهر السكان وفرض سيطرتها. ما يؤلم هو أنَّ طرابلس عمر المختار والسرايا الحمراء وميدان الشهداء وميدان الغزالة، وسيبتموس سيفيروس، أسيرة ميليشيات الدفع المسبق، التي تريد السيطرة على العاصمة من أجل النفوذ والمال، بأوامر من التنظيم الدولي، فأصبحت السيطرة على المال الليبي عبر السيطرة على العاصمة، وجعل أي حكومة فيها رهينة عند هذه الميليشيات بين الابتزاز والخطف والاغتيال؛ منهج الميليشيات في التعاطي مع أي حكومة في العاصمة لا ترضخ لمطالب أمراء الميليشيات، وما الميليشيات إلا أدوات لنهب المال الليبي لتمويل مشاريع تتعدى الأراضي الليبية. طرابلس اليوم تبتلعها نيران الميليشيات، وتغيب فيها سلطة الدولة وسط سطوة المدافع والبنادق، وارتهان القرار السياسي في مؤسساتنا لتوازنات قوى خارجية تتقاسم النفوذ، ومواردنا النفطية، وتُنهب خزائن المال العام، حتى محاولات توظيف وقف إطلاق النار في ليبيا على أنه إنجاز للقوى المحلية، في الواقع هو إنجاز للقوى الخارجية والمتحاربة بالوكالة في ليبيا. لكن السؤال البارز هو: هل الخريطة السياسية والمتغيرات الإقليمية والدولية عاجزتان معاً عن رفع الحماية عن الميليشيات، وإخراج المرتزقة بشتى مسمياتها وجنسياتها لتعود طرابلس عروس البحر المتوسط، ويتنفس أهلها والبلاد كلها الصعداء، بعد كل هذا العبث والفوضى والتلاعب بحياة البشر وإهدار ثرواتهم؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store