#أحدث الأخبار مع #لآلالأسدالشروق١٥-٠٥-٢٠٢٥سياسةالشروقحماية الدروز أم توسيع النفوذ الصهيوني في سوريا؟سوريا كما لبنان والعراق دول تعيش بها طوائف وعرقيات كثيرة، وقد أضرت الطائفية في هذه البلدان بالوحدة الوطنية بل جرّت إلى صراعات كبيرة دموية في بعض الأحيان كما حدث في لبنان خلال فترة الحرب الأهلية التي شهدت مواجهات بين المارونيين وخصومهم السياسيين والدينيين، ولكن كتب للبنان بعد حرب أهلية دامية أن يعود إلى الاستقرار وأن يعيد بناء الدولة التي فقدت كثيرا من هيبتها بسبب العنف الطائفي، كما كتب للعراق تحييد الطائفية ووضع حد للعنف الذي اتخذ في كثير من الأحيان بعدا دينيا وطائفيا، وكتب لسوريا أيضا بعد فترة حكم طويلة لآل الأسد العودة إلى الاستقرار الاجتماعي من خلال تغليب مبدأ الولاء للوطن على مبدأ الولاء للطائفة. إن أغلب الصراعات التي برحت بلبنان والعراق وسوريا سببها في المقام الأول النزعة الطائفية التي جعلت المسيحي الماروني ينظر إلى المسلم السني والشيعي على أنهما خصمان تقتضي مواجهتهما بكل الوسائل الممكنة. في ظل هذا الواقع المتسم بهيمنة النزعة الطائفية، كان من الصعب تغيير هذا الواقع أو على الأقل تلطيف الأجواء وضمان قدر كاف من التفاهم الوطني وتخفيف حدة الخلافات التي تعود لتطفو على السطح عند أي احتكاك ولأتفه الأسباب. في الوقت الذي انحسرت فيه الطائفية كثيرا وربما كليا في سوريا والعراق ولبنان ولو بنسب متفاوتة بسبب تنامي الحس الوطني، يعمل الكيان الصهيوني على النفخ فيها وبعثها من جديد من خلال استعمالها وسيلةً لتحقيق مشروعه الاستيطاني الذي بدأ من غلاف غزة وأجزاء من الضفة ويمتدّ ليضم سوريا وما وراءها تحقيقا لمشروع 'إسرائيل الكبرى' الذي نقرأ عنه في السرديات الصهيونية التي تتغذى من ثقافة الانتقام من الآخر غير اليهودي. لقد عاد الكيان الصهيوني إلى لعبته القديمة المفضّلة وهي اللعب على وتر الطائفية لتحقيق مشروعه التفكيكي الذي يستهدف لبنان والعراق وسوريا بالدرجة الأولى. العدوان الصهيوني على سوريا في دمشق، وفي درعا وضرب معسكرات الجيش السوري لا يستهدف حماية الطائفة الدرزية كما يروِّج الإعلام الصهيوني بل يستهدف احتلال أجزاء من التراب السوري، بدعوى تأمين شريط جغرافي أمني لإسرائيل ضد أي عدوان محتمل من محور المقاومة المعادي لإسرائيل، هذا ما يخطط له الكيان المحتل وهو المخطط التوسعي الذي قد يذهب بعيدا خارج سوريا ليضم أجزاء عربية أخرى تحقيقا لمخطط 'إسرائيل الكبرى' الذي يتمنى نتنياهو أن يتحقق على يديه ليتحوّل إلى بطل قومي يهودي. وإذا كانت الجبهة العراقية واللبنانية تشهد في الوقت الراهن هدوءا واستقرارا، فإن الجبهة السورية تتعرض لعدوان صهيوني مكثف يتركز بدرجة أكبر في الجنوب السوري تحت ذريعة 'حماية الدروز' الذين تعهّد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بحمايتهم ضد ما سماه: 'الظلم الذي يتعرضون له من قبل الحكومة السورية الجديدة'، وهو أمر مختلق، يكذّبه الواقع، وتكذّبه تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، كما تكذّبه مسودة الدستور السوري الجديد الذي تعهّدت القيادة السورية الجديدة بجعله دستورا شاملا يحقق العدالة لجميع السوريين ويعاملهم على قدم المساواة في الحقوق والواجبات. لقد ذهب المحللون مذاهب شتى في تفسير العلاقة الحميمية بين الكيان الصهيوني والطائفة الدرزية، وفسّر بعضهم ذلك بتفسيرات عقدية لا تنطوي في نظرنا على شيء من الوجاهة، لسبب ظاهر وهو أن الكيان الصهيوني يتجاوز فكرة التوافق أو الاختلاف العقدي لبناء علاقاته مع حلفائه وخصومه، لأن مسألة العقيدة في نظره مسألة منتهية فصلت فيها التوراة والتلمود، فلا صوت يعلو في المخيال اليهودي على صوت أدونيم ويهوه. إن الأساس الأول والأخير في بناء العلاقات في نظر الكيان الصهيوني هو المصلحة القومية اليهودية وليس شيئا آخر مما هو معتاد في العلاقات الدولية. إن العدوان الصهيوني على سوريا في دمشق، وفي درعا وضرب معسكرات الجيش السوري لا يستهدف حماية الطائفة الدرزية كما يروّج الإعلام الصهيوني بل يستهدف احتلال أجزاء من التراب السوري، بدعوى تأمين شريط جغرافي أمني لإسرائيل ضد أي عدوان محتمل من محور المقاومة المعادي لإسرائيل، هذا ما يخطط له الكيان المحتل وهو المخطط التوسعي الذي قد يذهب بعيدا خارج سوريا ليضم أجزاء عربية أخرى تحقيقا لمخطط 'إسرائيل الكبرى' الذي يتمنى نتنياهو أن يتحقق على يديه ليتحول إلى بطل قومي يهودي. إن رواية 'دفاع' إسرائيل عن الطائفة الدرزية وموالاة هذه الأخيرة لإسرائيل، ينبغي أن تفهم في سياقاتها التاريخية وفي سياق التحولات التي ميزت موقف هذه الطائفة من الاحتلال بصفة عامة بما فيه الاحتلال الصهيوني، فقد عُرف عن الدروز تاريخيّا تحلّيهم بروح المقاومة وذلك من خلال مقاومتهم للاحتلال الفرنسي تحت قيادة زعيمهم التاريخي سلطان باشا الأطرش الذي يوصف بأنه العدو اللدود للاحتلال الفرنسي، ولم يختلف موقف الدرزية من الاحتلال الصهيوني عن موقفهم من الاحتلال الفرنسي، ولكن حدثت -كما يقول المؤرخون- تقلبات كبيرة في موقف الدروز من الاحتلال الصهيوني وخاصة في ظل القيادات الدرزية الجديدة التي آثرت، تحت داعي الخوف الهستيري من النظام العلوي، الوقوف في صف إسرائيل، وقد استمرت أعداد منهم في سلوك هذا الاتجاه في علاقتهم مع إسرائيل ومع القيادة السورية الجديدة، وقد عملت إسرائيل على تغذية هذا التوجس من خلال لعبها على ورقة معاداة الدروز، باستمالة دروز الداخل الفلسطيني المحتل في الجولان على وجه الخصوص، وقد تابعنا سلسلة اللقاءات الحميمية بين زعيم الطائفة الدرزية وبين نتنياهو وما أعقبها من دعوات من داخل الحكومة الإسرائيلية لربط دروز الداخل الفلسطيني المحتل بدروز سوريا، والتفكير في تحقيق ما يشبه الحكم الذاتي للدّروز المتواجدين على التراب السوري، مما يمكّن إسرائيل من تأمين نفسها ومن ضمان حرية الحركة وإعادة ترسيم الحدود على مقاسها وحسب هواها بما يتفق مع أطماعها التوسعية. لقد انقسم الدروز في علاقتهم بالقيادة السورية الجديدة إلى قسمين: قسم موال للقيادة السورية الجديدة عاملا بمقتضيات الوحدة الوطنية، وقسم مناوئ لهذه القيادة وينظر إليها على أنها تشكّل تهديدا مستمرا للدروز شأنها في ذلك شأن القيادة السورية السابقة، وقد انضمَّ المناوئون للقيادة السورية الجديدة الناشئة إلى التيار المتحالف مع إسرائيل، إذ تتخذهم هذه الأخيرة أداة للضغط على القيادة السورية بهدف إرباكها وتشتيت جهودها في توحيد القوى الوطنية من أجل إعادة البناء المؤسساتي الذي صرح الرئيس السوري أحمد الشرع بأنه سيشكّل الأولوية القصوى لتوجُّهات القيادة السورية الجديدة. وتشهد السنة الميلادية الجديدة 2025 عدوانا إسرائيليا سافرا، يستهدف وحدة التراب السوري باستخدام الورقة الدرزية تحت داعي الحماية والدعم الذي تتعهد به إسرائيل تجاه الدروز الذين يتعرّضون -حسب الإعلام الصهيوني- إلى مضايقات ومظالم كثيرة من قبل القيادة السورية الجديدة لا تختلف في حدتها عما عاناه الدروز في ظل حكم حافظ الأسد ونجله بشار الأسد. وتحت ذريعة 'حماية الدروز'، قامت إسرائيل بشنِّ غارات جوية على محيط صحنايا غير بعيد عن دمشق متعللة بأنها تستهدف 'خلايا إرهابية' في المنطقة، في حين أن كل الشهادات الميدانية تؤكد أن حكاية 'الخطر الإرهابي' هي حكاية مختلقة. وقد قامت إسرائيل بإرسال 'مساعدات إنسانية' إلى السويداء في الوقت الذي تواصل فيها حصارها الظالم ضد سكان غزة من خلال قطع الإمدادات ومنع وصول المساعدات الإنسانية إليهم إمعانا في سياسة التجويع التي ينتهجها الكيان الصهيوني والتي تدخل ضمن المشروع الصهيوني الذي يتخذ من الحصار الغذائي أداة لحمل سكان غزة على هجرة وطنهم أو القبول بفكرة الانضواء القسري تحت سلطة الاحتلال. ويقوم زعيم الدروز في الداخل الفلسطيني المحتل موفق طريف بدور العميل الوفيّ لإسرائيل ضمن ما يسمى 'حلف الدم' الذي تتعهّد إسرائيل بموجبه بحماية الطائفة الدرزية، وتتعهد هذه الأخيرة بإعلان الولاء الكامل لإسرائيل. كل هذا يؤكده التواصل الحميمي بين موفق طريف ونتنياهو الذي قد يسفر عن مفاجآت غير سارة في المستقبل القريب قد تؤثر على مسار البناء المؤسساتي في سوريا الجديدة. ما نخلص إليه في نهاية هذا المقال، هو أن التقارب الإسرائيلي الدرزي ليس إلا ورقة تستخدمها إسرائيل لتوسيع نفوذها في المنطقة العربية انطلاقا من الأراضي السورية، وستكشف الأيام القادمة عن صحة هذه الفرضية وهو ما يوجب على القيادة السورية الجديدة أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار والإعداد والاستعداد لمواجهة كل التحديات وربما لمواجهة محتملة وطويلة المدى مع الكيان الصهيوني.
الشروق١٥-٠٥-٢٠٢٥سياسةالشروقحماية الدروز أم توسيع النفوذ الصهيوني في سوريا؟سوريا كما لبنان والعراق دول تعيش بها طوائف وعرقيات كثيرة، وقد أضرت الطائفية في هذه البلدان بالوحدة الوطنية بل جرّت إلى صراعات كبيرة دموية في بعض الأحيان كما حدث في لبنان خلال فترة الحرب الأهلية التي شهدت مواجهات بين المارونيين وخصومهم السياسيين والدينيين، ولكن كتب للبنان بعد حرب أهلية دامية أن يعود إلى الاستقرار وأن يعيد بناء الدولة التي فقدت كثيرا من هيبتها بسبب العنف الطائفي، كما كتب للعراق تحييد الطائفية ووضع حد للعنف الذي اتخذ في كثير من الأحيان بعدا دينيا وطائفيا، وكتب لسوريا أيضا بعد فترة حكم طويلة لآل الأسد العودة إلى الاستقرار الاجتماعي من خلال تغليب مبدأ الولاء للوطن على مبدأ الولاء للطائفة. إن أغلب الصراعات التي برحت بلبنان والعراق وسوريا سببها في المقام الأول النزعة الطائفية التي جعلت المسيحي الماروني ينظر إلى المسلم السني والشيعي على أنهما خصمان تقتضي مواجهتهما بكل الوسائل الممكنة. في ظل هذا الواقع المتسم بهيمنة النزعة الطائفية، كان من الصعب تغيير هذا الواقع أو على الأقل تلطيف الأجواء وضمان قدر كاف من التفاهم الوطني وتخفيف حدة الخلافات التي تعود لتطفو على السطح عند أي احتكاك ولأتفه الأسباب. في الوقت الذي انحسرت فيه الطائفية كثيرا وربما كليا في سوريا والعراق ولبنان ولو بنسب متفاوتة بسبب تنامي الحس الوطني، يعمل الكيان الصهيوني على النفخ فيها وبعثها من جديد من خلال استعمالها وسيلةً لتحقيق مشروعه الاستيطاني الذي بدأ من غلاف غزة وأجزاء من الضفة ويمتدّ ليضم سوريا وما وراءها تحقيقا لمشروع 'إسرائيل الكبرى' الذي نقرأ عنه في السرديات الصهيونية التي تتغذى من ثقافة الانتقام من الآخر غير اليهودي. لقد عاد الكيان الصهيوني إلى لعبته القديمة المفضّلة وهي اللعب على وتر الطائفية لتحقيق مشروعه التفكيكي الذي يستهدف لبنان والعراق وسوريا بالدرجة الأولى. العدوان الصهيوني على سوريا في دمشق، وفي درعا وضرب معسكرات الجيش السوري لا يستهدف حماية الطائفة الدرزية كما يروِّج الإعلام الصهيوني بل يستهدف احتلال أجزاء من التراب السوري، بدعوى تأمين شريط جغرافي أمني لإسرائيل ضد أي عدوان محتمل من محور المقاومة المعادي لإسرائيل، هذا ما يخطط له الكيان المحتل وهو المخطط التوسعي الذي قد يذهب بعيدا خارج سوريا ليضم أجزاء عربية أخرى تحقيقا لمخطط 'إسرائيل الكبرى' الذي يتمنى نتنياهو أن يتحقق على يديه ليتحوّل إلى بطل قومي يهودي. وإذا كانت الجبهة العراقية واللبنانية تشهد في الوقت الراهن هدوءا واستقرارا، فإن الجبهة السورية تتعرض لعدوان صهيوني مكثف يتركز بدرجة أكبر في الجنوب السوري تحت ذريعة 'حماية الدروز' الذين تعهّد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بحمايتهم ضد ما سماه: 'الظلم الذي يتعرضون له من قبل الحكومة السورية الجديدة'، وهو أمر مختلق، يكذّبه الواقع، وتكذّبه تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، كما تكذّبه مسودة الدستور السوري الجديد الذي تعهّدت القيادة السورية الجديدة بجعله دستورا شاملا يحقق العدالة لجميع السوريين ويعاملهم على قدم المساواة في الحقوق والواجبات. لقد ذهب المحللون مذاهب شتى في تفسير العلاقة الحميمية بين الكيان الصهيوني والطائفة الدرزية، وفسّر بعضهم ذلك بتفسيرات عقدية لا تنطوي في نظرنا على شيء من الوجاهة، لسبب ظاهر وهو أن الكيان الصهيوني يتجاوز فكرة التوافق أو الاختلاف العقدي لبناء علاقاته مع حلفائه وخصومه، لأن مسألة العقيدة في نظره مسألة منتهية فصلت فيها التوراة والتلمود، فلا صوت يعلو في المخيال اليهودي على صوت أدونيم ويهوه. إن الأساس الأول والأخير في بناء العلاقات في نظر الكيان الصهيوني هو المصلحة القومية اليهودية وليس شيئا آخر مما هو معتاد في العلاقات الدولية. إن العدوان الصهيوني على سوريا في دمشق، وفي درعا وضرب معسكرات الجيش السوري لا يستهدف حماية الطائفة الدرزية كما يروّج الإعلام الصهيوني بل يستهدف احتلال أجزاء من التراب السوري، بدعوى تأمين شريط جغرافي أمني لإسرائيل ضد أي عدوان محتمل من محور المقاومة المعادي لإسرائيل، هذا ما يخطط له الكيان المحتل وهو المخطط التوسعي الذي قد يذهب بعيدا خارج سوريا ليضم أجزاء عربية أخرى تحقيقا لمخطط 'إسرائيل الكبرى' الذي يتمنى نتنياهو أن يتحقق على يديه ليتحول إلى بطل قومي يهودي. إن رواية 'دفاع' إسرائيل عن الطائفة الدرزية وموالاة هذه الأخيرة لإسرائيل، ينبغي أن تفهم في سياقاتها التاريخية وفي سياق التحولات التي ميزت موقف هذه الطائفة من الاحتلال بصفة عامة بما فيه الاحتلال الصهيوني، فقد عُرف عن الدروز تاريخيّا تحلّيهم بروح المقاومة وذلك من خلال مقاومتهم للاحتلال الفرنسي تحت قيادة زعيمهم التاريخي سلطان باشا الأطرش الذي يوصف بأنه العدو اللدود للاحتلال الفرنسي، ولم يختلف موقف الدرزية من الاحتلال الصهيوني عن موقفهم من الاحتلال الفرنسي، ولكن حدثت -كما يقول المؤرخون- تقلبات كبيرة في موقف الدروز من الاحتلال الصهيوني وخاصة في ظل القيادات الدرزية الجديدة التي آثرت، تحت داعي الخوف الهستيري من النظام العلوي، الوقوف في صف إسرائيل، وقد استمرت أعداد منهم في سلوك هذا الاتجاه في علاقتهم مع إسرائيل ومع القيادة السورية الجديدة، وقد عملت إسرائيل على تغذية هذا التوجس من خلال لعبها على ورقة معاداة الدروز، باستمالة دروز الداخل الفلسطيني المحتل في الجولان على وجه الخصوص، وقد تابعنا سلسلة اللقاءات الحميمية بين زعيم الطائفة الدرزية وبين نتنياهو وما أعقبها من دعوات من داخل الحكومة الإسرائيلية لربط دروز الداخل الفلسطيني المحتل بدروز سوريا، والتفكير في تحقيق ما يشبه الحكم الذاتي للدّروز المتواجدين على التراب السوري، مما يمكّن إسرائيل من تأمين نفسها ومن ضمان حرية الحركة وإعادة ترسيم الحدود على مقاسها وحسب هواها بما يتفق مع أطماعها التوسعية. لقد انقسم الدروز في علاقتهم بالقيادة السورية الجديدة إلى قسمين: قسم موال للقيادة السورية الجديدة عاملا بمقتضيات الوحدة الوطنية، وقسم مناوئ لهذه القيادة وينظر إليها على أنها تشكّل تهديدا مستمرا للدروز شأنها في ذلك شأن القيادة السورية السابقة، وقد انضمَّ المناوئون للقيادة السورية الجديدة الناشئة إلى التيار المتحالف مع إسرائيل، إذ تتخذهم هذه الأخيرة أداة للضغط على القيادة السورية بهدف إرباكها وتشتيت جهودها في توحيد القوى الوطنية من أجل إعادة البناء المؤسساتي الذي صرح الرئيس السوري أحمد الشرع بأنه سيشكّل الأولوية القصوى لتوجُّهات القيادة السورية الجديدة. وتشهد السنة الميلادية الجديدة 2025 عدوانا إسرائيليا سافرا، يستهدف وحدة التراب السوري باستخدام الورقة الدرزية تحت داعي الحماية والدعم الذي تتعهد به إسرائيل تجاه الدروز الذين يتعرّضون -حسب الإعلام الصهيوني- إلى مضايقات ومظالم كثيرة من قبل القيادة السورية الجديدة لا تختلف في حدتها عما عاناه الدروز في ظل حكم حافظ الأسد ونجله بشار الأسد. وتحت ذريعة 'حماية الدروز'، قامت إسرائيل بشنِّ غارات جوية على محيط صحنايا غير بعيد عن دمشق متعللة بأنها تستهدف 'خلايا إرهابية' في المنطقة، في حين أن كل الشهادات الميدانية تؤكد أن حكاية 'الخطر الإرهابي' هي حكاية مختلقة. وقد قامت إسرائيل بإرسال 'مساعدات إنسانية' إلى السويداء في الوقت الذي تواصل فيها حصارها الظالم ضد سكان غزة من خلال قطع الإمدادات ومنع وصول المساعدات الإنسانية إليهم إمعانا في سياسة التجويع التي ينتهجها الكيان الصهيوني والتي تدخل ضمن المشروع الصهيوني الذي يتخذ من الحصار الغذائي أداة لحمل سكان غزة على هجرة وطنهم أو القبول بفكرة الانضواء القسري تحت سلطة الاحتلال. ويقوم زعيم الدروز في الداخل الفلسطيني المحتل موفق طريف بدور العميل الوفيّ لإسرائيل ضمن ما يسمى 'حلف الدم' الذي تتعهّد إسرائيل بموجبه بحماية الطائفة الدرزية، وتتعهد هذه الأخيرة بإعلان الولاء الكامل لإسرائيل. كل هذا يؤكده التواصل الحميمي بين موفق طريف ونتنياهو الذي قد يسفر عن مفاجآت غير سارة في المستقبل القريب قد تؤثر على مسار البناء المؤسساتي في سوريا الجديدة. ما نخلص إليه في نهاية هذا المقال، هو أن التقارب الإسرائيلي الدرزي ليس إلا ورقة تستخدمها إسرائيل لتوسيع نفوذها في المنطقة العربية انطلاقا من الأراضي السورية، وستكشف الأيام القادمة عن صحة هذه الفرضية وهو ما يوجب على القيادة السورية الجديدة أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار والإعداد والاستعداد لمواجهة كل التحديات وربما لمواجهة محتملة وطويلة المدى مع الكيان الصهيوني.