logo
حماية الدروز أم توسيع النفوذ الصهيوني في سوريا؟

حماية الدروز أم توسيع النفوذ الصهيوني في سوريا؟

الشروقمنذ 6 أيام

سوريا كما لبنان والعراق دول تعيش بها طوائف وعرقيات كثيرة، وقد أضرت الطائفية في هذه البلدان بالوحدة الوطنية بل جرّت إلى صراعات كبيرة دموية في بعض الأحيان كما حدث في لبنان خلال فترة الحرب الأهلية التي شهدت مواجهات بين المارونيين وخصومهم السياسيين والدينيين، ولكن كتب للبنان بعد حرب أهلية دامية أن يعود إلى الاستقرار وأن يعيد بناء الدولة التي فقدت كثيرا من هيبتها بسبب العنف الطائفي، كما كتب للعراق تحييد الطائفية ووضع حد للعنف الذي اتخذ في كثير من الأحيان بعدا دينيا وطائفيا، وكتب لسوريا أيضا بعد فترة حكم طويلة لآل الأسد العودة إلى الاستقرار الاجتماعي من خلال تغليب مبدأ الولاء للوطن على مبدأ الولاء للطائفة.
إن أغلب الصراعات التي برحت بلبنان والعراق وسوريا سببها في المقام الأول النزعة الطائفية التي جعلت المسيحي الماروني ينظر إلى المسلم السني والشيعي على أنهما خصمان تقتضي مواجهتهما بكل الوسائل الممكنة. في ظل هذا الواقع المتسم بهيمنة النزعة الطائفية، كان من الصعب تغيير هذا الواقع أو على الأقل تلطيف الأجواء وضمان قدر كاف من التفاهم الوطني وتخفيف حدة الخلافات التي تعود لتطفو على السطح عند أي احتكاك ولأتفه الأسباب.
في الوقت الذي انحسرت فيه الطائفية كثيرا وربما كليا في سوريا والعراق ولبنان ولو بنسب متفاوتة بسبب تنامي الحس الوطني، يعمل الكيان الصهيوني على النفخ فيها وبعثها من جديد من خلال استعمالها وسيلةً لتحقيق مشروعه الاستيطاني الذي بدأ من غلاف غزة وأجزاء من الضفة ويمتدّ ليضم سوريا وما وراءها تحقيقا لمشروع 'إسرائيل الكبرى' الذي نقرأ عنه في السرديات الصهيونية التي تتغذى من ثقافة الانتقام من الآخر غير اليهودي. لقد عاد الكيان الصهيوني إلى لعبته القديمة المفضّلة وهي اللعب على وتر الطائفية لتحقيق مشروعه التفكيكي الذي يستهدف لبنان والعراق وسوريا بالدرجة الأولى.
العدوان الصهيوني على سوريا في دمشق، وفي درعا وضرب معسكرات الجيش السوري لا يستهدف حماية الطائفة الدرزية كما يروِّج الإعلام الصهيوني بل يستهدف احتلال أجزاء من التراب السوري، بدعوى تأمين شريط جغرافي أمني لإسرائيل ضد أي عدوان محتمل من محور المقاومة المعادي لإسرائيل، هذا ما يخطط له الكيان المحتل وهو المخطط التوسعي الذي قد يذهب بعيدا خارج سوريا ليضم أجزاء عربية أخرى تحقيقا لمخطط 'إسرائيل الكبرى' الذي يتمنى نتنياهو أن يتحقق على يديه ليتحوّل إلى بطل قومي يهودي.
وإذا كانت الجبهة العراقية واللبنانية تشهد في الوقت الراهن هدوءا واستقرارا، فإن الجبهة السورية تتعرض لعدوان صهيوني مكثف يتركز بدرجة أكبر في الجنوب السوري تحت ذريعة 'حماية الدروز' الذين تعهّد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بحمايتهم ضد ما سماه: 'الظلم الذي يتعرضون له من قبل الحكومة السورية الجديدة'، وهو أمر مختلق، يكذّبه الواقع، وتكذّبه تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، كما تكذّبه مسودة الدستور السوري الجديد الذي تعهّدت القيادة السورية الجديدة بجعله دستورا شاملا يحقق العدالة لجميع السوريين ويعاملهم على قدم المساواة في الحقوق والواجبات.
لقد ذهب المحللون مذاهب شتى في تفسير العلاقة الحميمية بين الكيان الصهيوني والطائفة الدرزية، وفسّر بعضهم ذلك بتفسيرات عقدية لا تنطوي في نظرنا على شيء من الوجاهة، لسبب ظاهر وهو أن الكيان الصهيوني يتجاوز فكرة التوافق أو الاختلاف العقدي لبناء علاقاته مع حلفائه وخصومه، لأن مسألة العقيدة في نظره مسألة منتهية فصلت فيها التوراة والتلمود، فلا صوت يعلو في المخيال اليهودي على صوت أدونيم ويهوه.
إن الأساس الأول والأخير في بناء العلاقات في نظر الكيان الصهيوني هو المصلحة القومية اليهودية وليس شيئا آخر مما هو معتاد في العلاقات الدولية.
إن العدوان الصهيوني على
سوريا
في دمشق، وفي درعا وضرب معسكرات الجيش السوري لا يستهدف حماية الطائفة الدرزية كما يروّج الإعلام الصهيوني بل يستهدف احتلال أجزاء من التراب السوري، بدعوى تأمين شريط جغرافي أمني لإسرائيل ضد أي عدوان محتمل من محور المقاومة المعادي لإسرائيل، هذا ما يخطط له الكيان المحتل وهو المخطط التوسعي الذي قد يذهب بعيدا خارج سوريا ليضم أجزاء عربية أخرى تحقيقا لمخطط 'إسرائيل الكبرى' الذي يتمنى نتنياهو أن يتحقق على يديه ليتحول إلى بطل قومي يهودي.
إن رواية 'دفاع' إسرائيل عن الطائفة الدرزية وموالاة هذه الأخيرة لإسرائيل، ينبغي أن تفهم في سياقاتها التاريخية وفي سياق التحولات التي ميزت موقف هذه الطائفة من الاحتلال بصفة عامة بما فيه الاحتلال الصهيوني، فقد عُرف عن الدروز تاريخيّا تحلّيهم بروح المقاومة وذلك من خلال مقاومتهم للاحتلال الفرنسي تحت قيادة زعيمهم التاريخي سلطان باشا الأطرش الذي يوصف بأنه العدو اللدود للاحتلال الفرنسي، ولم يختلف موقف الدرزية من الاحتلال الصهيوني عن موقفهم من الاحتلال الفرنسي، ولكن حدثت -كما يقول المؤرخون- تقلبات كبيرة في موقف الدروز من الاحتلال الصهيوني وخاصة في ظل القيادات الدرزية الجديدة التي آثرت، تحت داعي الخوف الهستيري من النظام العلوي، الوقوف في صف إسرائيل، وقد استمرت أعداد منهم في سلوك هذا الاتجاه في علاقتهم مع إسرائيل ومع القيادة السورية الجديدة، وقد عملت إسرائيل على تغذية هذا التوجس من خلال لعبها على ورقة معاداة الدروز، باستمالة دروز الداخل الفلسطيني المحتل في الجولان على وجه الخصوص، وقد تابعنا سلسلة اللقاءات الحميمية بين زعيم الطائفة الدرزية وبين نتنياهو وما أعقبها من دعوات من داخل الحكومة الإسرائيلية لربط دروز الداخل الفلسطيني المحتل بدروز سوريا، والتفكير في تحقيق ما يشبه الحكم الذاتي للدّروز المتواجدين على التراب السوري، مما يمكّن إسرائيل من تأمين نفسها ومن ضمان حرية الحركة وإعادة ترسيم الحدود على مقاسها وحسب هواها بما يتفق مع أطماعها التوسعية.
لقد انقسم الدروز في علاقتهم بالقيادة السورية الجديدة إلى قسمين: قسم موال للقيادة السورية الجديدة عاملا بمقتضيات الوحدة الوطنية، وقسم مناوئ لهذه القيادة وينظر إليها على أنها تشكّل تهديدا مستمرا للدروز شأنها في ذلك شأن القيادة السورية السابقة، وقد انضمَّ المناوئون للقيادة السورية الجديدة الناشئة إلى التيار المتحالف مع إسرائيل، إذ تتخذهم هذه الأخيرة أداة للضغط على القيادة السورية بهدف إرباكها وتشتيت جهودها في توحيد القوى الوطنية من أجل إعادة البناء المؤسساتي الذي صرح الرئيس السوري أحمد الشرع بأنه سيشكّل الأولوية القصوى لتوجُّهات القيادة السورية الجديدة.
وتشهد السنة الميلادية الجديدة 2025 عدوانا إسرائيليا سافرا، يستهدف وحدة التراب السوري باستخدام الورقة الدرزية تحت داعي الحماية والدعم الذي تتعهد به إسرائيل تجاه الدروز الذين يتعرّضون -حسب الإعلام الصهيوني- إلى مضايقات ومظالم كثيرة من قبل القيادة السورية الجديدة لا تختلف في حدتها عما عاناه الدروز في ظل حكم حافظ الأسد ونجله بشار الأسد. وتحت ذريعة 'حماية الدروز'، قامت إسرائيل بشنِّ غارات جوية على محيط صحنايا غير بعيد عن دمشق متعللة بأنها تستهدف 'خلايا إرهابية' في المنطقة، في حين أن كل الشهادات الميدانية تؤكد أن حكاية 'الخطر الإرهابي' هي حكاية مختلقة. وقد قامت إسرائيل بإرسال 'مساعدات إنسانية' إلى السويداء في الوقت الذي تواصل فيها حصارها الظالم ضد سكان غزة من خلال قطع الإمدادات ومنع وصول المساعدات الإنسانية إليهم إمعانا في سياسة التجويع التي ينتهجها الكيان الصهيوني والتي تدخل ضمن المشروع الصهيوني الذي يتخذ من الحصار الغذائي أداة لحمل سكان غزة على هجرة وطنهم أو القبول بفكرة الانضواء القسري تحت سلطة الاحتلال.
ويقوم زعيم الدروز في الداخل الفلسطيني المحتل موفق طريف بدور العميل الوفيّ لإسرائيل ضمن ما يسمى 'حلف الدم' الذي تتعهّد إسرائيل بموجبه بحماية الطائفة الدرزية، وتتعهد هذه الأخيرة بإعلان الولاء الكامل لإسرائيل. كل هذا يؤكده التواصل الحميمي بين موفق طريف ونتنياهو الذي قد يسفر عن مفاجآت غير سارة في المستقبل القريب قد تؤثر على مسار البناء المؤسساتي في سوريا الجديدة.
ما نخلص إليه في نهاية هذا المقال، هو أن التقارب الإسرائيلي الدرزي ليس إلا ورقة تستخدمها إسرائيل لتوسيع نفوذها في المنطقة العربية انطلاقا من الأراضي السورية، وستكشف الأيام القادمة عن صحة هذه الفرضية وهو ما يوجب على القيادة السورية الجديدة أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار والإعداد والاستعداد لمواجهة كل التحديات وربما لمواجهة محتملة وطويلة المدى مع الكيان الصهيوني.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حماية الدروز أم توسيع النفوذ الصهيوني في سوريا؟
حماية الدروز أم توسيع النفوذ الصهيوني في سوريا؟

الشروق

timeمنذ 6 أيام

  • الشروق

حماية الدروز أم توسيع النفوذ الصهيوني في سوريا؟

سوريا كما لبنان والعراق دول تعيش بها طوائف وعرقيات كثيرة، وقد أضرت الطائفية في هذه البلدان بالوحدة الوطنية بل جرّت إلى صراعات كبيرة دموية في بعض الأحيان كما حدث في لبنان خلال فترة الحرب الأهلية التي شهدت مواجهات بين المارونيين وخصومهم السياسيين والدينيين، ولكن كتب للبنان بعد حرب أهلية دامية أن يعود إلى الاستقرار وأن يعيد بناء الدولة التي فقدت كثيرا من هيبتها بسبب العنف الطائفي، كما كتب للعراق تحييد الطائفية ووضع حد للعنف الذي اتخذ في كثير من الأحيان بعدا دينيا وطائفيا، وكتب لسوريا أيضا بعد فترة حكم طويلة لآل الأسد العودة إلى الاستقرار الاجتماعي من خلال تغليب مبدأ الولاء للوطن على مبدأ الولاء للطائفة. إن أغلب الصراعات التي برحت بلبنان والعراق وسوريا سببها في المقام الأول النزعة الطائفية التي جعلت المسيحي الماروني ينظر إلى المسلم السني والشيعي على أنهما خصمان تقتضي مواجهتهما بكل الوسائل الممكنة. في ظل هذا الواقع المتسم بهيمنة النزعة الطائفية، كان من الصعب تغيير هذا الواقع أو على الأقل تلطيف الأجواء وضمان قدر كاف من التفاهم الوطني وتخفيف حدة الخلافات التي تعود لتطفو على السطح عند أي احتكاك ولأتفه الأسباب. في الوقت الذي انحسرت فيه الطائفية كثيرا وربما كليا في سوريا والعراق ولبنان ولو بنسب متفاوتة بسبب تنامي الحس الوطني، يعمل الكيان الصهيوني على النفخ فيها وبعثها من جديد من خلال استعمالها وسيلةً لتحقيق مشروعه الاستيطاني الذي بدأ من غلاف غزة وأجزاء من الضفة ويمتدّ ليضم سوريا وما وراءها تحقيقا لمشروع 'إسرائيل الكبرى' الذي نقرأ عنه في السرديات الصهيونية التي تتغذى من ثقافة الانتقام من الآخر غير اليهودي. لقد عاد الكيان الصهيوني إلى لعبته القديمة المفضّلة وهي اللعب على وتر الطائفية لتحقيق مشروعه التفكيكي الذي يستهدف لبنان والعراق وسوريا بالدرجة الأولى. العدوان الصهيوني على سوريا في دمشق، وفي درعا وضرب معسكرات الجيش السوري لا يستهدف حماية الطائفة الدرزية كما يروِّج الإعلام الصهيوني بل يستهدف احتلال أجزاء من التراب السوري، بدعوى تأمين شريط جغرافي أمني لإسرائيل ضد أي عدوان محتمل من محور المقاومة المعادي لإسرائيل، هذا ما يخطط له الكيان المحتل وهو المخطط التوسعي الذي قد يذهب بعيدا خارج سوريا ليضم أجزاء عربية أخرى تحقيقا لمخطط 'إسرائيل الكبرى' الذي يتمنى نتنياهو أن يتحقق على يديه ليتحوّل إلى بطل قومي يهودي. وإذا كانت الجبهة العراقية واللبنانية تشهد في الوقت الراهن هدوءا واستقرارا، فإن الجبهة السورية تتعرض لعدوان صهيوني مكثف يتركز بدرجة أكبر في الجنوب السوري تحت ذريعة 'حماية الدروز' الذين تعهّد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بحمايتهم ضد ما سماه: 'الظلم الذي يتعرضون له من قبل الحكومة السورية الجديدة'، وهو أمر مختلق، يكذّبه الواقع، وتكذّبه تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، كما تكذّبه مسودة الدستور السوري الجديد الذي تعهّدت القيادة السورية الجديدة بجعله دستورا شاملا يحقق العدالة لجميع السوريين ويعاملهم على قدم المساواة في الحقوق والواجبات. لقد ذهب المحللون مذاهب شتى في تفسير العلاقة الحميمية بين الكيان الصهيوني والطائفة الدرزية، وفسّر بعضهم ذلك بتفسيرات عقدية لا تنطوي في نظرنا على شيء من الوجاهة، لسبب ظاهر وهو أن الكيان الصهيوني يتجاوز فكرة التوافق أو الاختلاف العقدي لبناء علاقاته مع حلفائه وخصومه، لأن مسألة العقيدة في نظره مسألة منتهية فصلت فيها التوراة والتلمود، فلا صوت يعلو في المخيال اليهودي على صوت أدونيم ويهوه. إن الأساس الأول والأخير في بناء العلاقات في نظر الكيان الصهيوني هو المصلحة القومية اليهودية وليس شيئا آخر مما هو معتاد في العلاقات الدولية. إن العدوان الصهيوني على سوريا في دمشق، وفي درعا وضرب معسكرات الجيش السوري لا يستهدف حماية الطائفة الدرزية كما يروّج الإعلام الصهيوني بل يستهدف احتلال أجزاء من التراب السوري، بدعوى تأمين شريط جغرافي أمني لإسرائيل ضد أي عدوان محتمل من محور المقاومة المعادي لإسرائيل، هذا ما يخطط له الكيان المحتل وهو المخطط التوسعي الذي قد يذهب بعيدا خارج سوريا ليضم أجزاء عربية أخرى تحقيقا لمخطط 'إسرائيل الكبرى' الذي يتمنى نتنياهو أن يتحقق على يديه ليتحول إلى بطل قومي يهودي. إن رواية 'دفاع' إسرائيل عن الطائفة الدرزية وموالاة هذه الأخيرة لإسرائيل، ينبغي أن تفهم في سياقاتها التاريخية وفي سياق التحولات التي ميزت موقف هذه الطائفة من الاحتلال بصفة عامة بما فيه الاحتلال الصهيوني، فقد عُرف عن الدروز تاريخيّا تحلّيهم بروح المقاومة وذلك من خلال مقاومتهم للاحتلال الفرنسي تحت قيادة زعيمهم التاريخي سلطان باشا الأطرش الذي يوصف بأنه العدو اللدود للاحتلال الفرنسي، ولم يختلف موقف الدرزية من الاحتلال الصهيوني عن موقفهم من الاحتلال الفرنسي، ولكن حدثت -كما يقول المؤرخون- تقلبات كبيرة في موقف الدروز من الاحتلال الصهيوني وخاصة في ظل القيادات الدرزية الجديدة التي آثرت، تحت داعي الخوف الهستيري من النظام العلوي، الوقوف في صف إسرائيل، وقد استمرت أعداد منهم في سلوك هذا الاتجاه في علاقتهم مع إسرائيل ومع القيادة السورية الجديدة، وقد عملت إسرائيل على تغذية هذا التوجس من خلال لعبها على ورقة معاداة الدروز، باستمالة دروز الداخل الفلسطيني المحتل في الجولان على وجه الخصوص، وقد تابعنا سلسلة اللقاءات الحميمية بين زعيم الطائفة الدرزية وبين نتنياهو وما أعقبها من دعوات من داخل الحكومة الإسرائيلية لربط دروز الداخل الفلسطيني المحتل بدروز سوريا، والتفكير في تحقيق ما يشبه الحكم الذاتي للدّروز المتواجدين على التراب السوري، مما يمكّن إسرائيل من تأمين نفسها ومن ضمان حرية الحركة وإعادة ترسيم الحدود على مقاسها وحسب هواها بما يتفق مع أطماعها التوسعية. لقد انقسم الدروز في علاقتهم بالقيادة السورية الجديدة إلى قسمين: قسم موال للقيادة السورية الجديدة عاملا بمقتضيات الوحدة الوطنية، وقسم مناوئ لهذه القيادة وينظر إليها على أنها تشكّل تهديدا مستمرا للدروز شأنها في ذلك شأن القيادة السورية السابقة، وقد انضمَّ المناوئون للقيادة السورية الجديدة الناشئة إلى التيار المتحالف مع إسرائيل، إذ تتخذهم هذه الأخيرة أداة للضغط على القيادة السورية بهدف إرباكها وتشتيت جهودها في توحيد القوى الوطنية من أجل إعادة البناء المؤسساتي الذي صرح الرئيس السوري أحمد الشرع بأنه سيشكّل الأولوية القصوى لتوجُّهات القيادة السورية الجديدة. وتشهد السنة الميلادية الجديدة 2025 عدوانا إسرائيليا سافرا، يستهدف وحدة التراب السوري باستخدام الورقة الدرزية تحت داعي الحماية والدعم الذي تتعهد به إسرائيل تجاه الدروز الذين يتعرّضون -حسب الإعلام الصهيوني- إلى مضايقات ومظالم كثيرة من قبل القيادة السورية الجديدة لا تختلف في حدتها عما عاناه الدروز في ظل حكم حافظ الأسد ونجله بشار الأسد. وتحت ذريعة 'حماية الدروز'، قامت إسرائيل بشنِّ غارات جوية على محيط صحنايا غير بعيد عن دمشق متعللة بأنها تستهدف 'خلايا إرهابية' في المنطقة، في حين أن كل الشهادات الميدانية تؤكد أن حكاية 'الخطر الإرهابي' هي حكاية مختلقة. وقد قامت إسرائيل بإرسال 'مساعدات إنسانية' إلى السويداء في الوقت الذي تواصل فيها حصارها الظالم ضد سكان غزة من خلال قطع الإمدادات ومنع وصول المساعدات الإنسانية إليهم إمعانا في سياسة التجويع التي ينتهجها الكيان الصهيوني والتي تدخل ضمن المشروع الصهيوني الذي يتخذ من الحصار الغذائي أداة لحمل سكان غزة على هجرة وطنهم أو القبول بفكرة الانضواء القسري تحت سلطة الاحتلال. ويقوم زعيم الدروز في الداخل الفلسطيني المحتل موفق طريف بدور العميل الوفيّ لإسرائيل ضمن ما يسمى 'حلف الدم' الذي تتعهّد إسرائيل بموجبه بحماية الطائفة الدرزية، وتتعهد هذه الأخيرة بإعلان الولاء الكامل لإسرائيل. كل هذا يؤكده التواصل الحميمي بين موفق طريف ونتنياهو الذي قد يسفر عن مفاجآت غير سارة في المستقبل القريب قد تؤثر على مسار البناء المؤسساتي في سوريا الجديدة. ما نخلص إليه في نهاية هذا المقال، هو أن التقارب الإسرائيلي الدرزي ليس إلا ورقة تستخدمها إسرائيل لتوسيع نفوذها في المنطقة العربية انطلاقا من الأراضي السورية، وستكشف الأيام القادمة عن صحة هذه الفرضية وهو ما يوجب على القيادة السورية الجديدة أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار والإعداد والاستعداد لمواجهة كل التحديات وربما لمواجهة محتملة وطويلة المدى مع الكيان الصهيوني.

'اسألوا سارة نتنياهو عن عددهم'.. هذا ما جاء في فيديو جديد بثته القسام
'اسألوا سارة نتنياهو عن عددهم'.. هذا ما جاء في فيديو جديد بثته القسام

الشروق

time١١-٠٥-٢٠٢٥

  • الشروق

'اسألوا سارة نتنياهو عن عددهم'.. هذا ما جاء في فيديو جديد بثته القسام

بثت كتائب الشهيد عز الدين القسام مقطع فيديو جديد بشأن أسرى الصهاينة، حيث هاجم أحدهم سارة، زوجة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي تحدثت في وقت سابق عن عدد المتبقين منهم على قيد الحياة. ويظهر في الفيديو الذي حظي بتفاعل واسع أسيرين إسرائيليين على قيد الحياة، وجاء في التعليق المرافق: 'إذا أردتم أن تعرفوا عددهم، بكل بساطة إسألوا 'سارة نتنياهو' على ما يبدو هي تعرف ما لا تعرفونه!!'. ⭕️ #كتائب_القسام القسام تنشر رسالة جديدة لأسير إسرائيلي: إذا أردتم أن تعرفوا عددهم، بكل بساطة إسألوا 'سارة نتن ياهو'، على ما يبدو هي تعرف ما لا تعرفونه !! الموقع الرسمي- حركة #حماس — تيسير البلبيسي (@Taysirbalbisi) May 10, 2025 ووفقا لوسائل إعلام عبرية، فإن الأسيرين الظاهرين في الفيديو الذي مدته حوالي 3 دقائق، هما إلكانا بوحبوط ويوسف حاييم أوحانا، حيث كان أحدهما جالسا والآخر إلى جانبه ممددا في الفراش. وقال يوسف أوحانا، الأسير رقم 21 الذي كان جالسا إنهم 'يدركون منذ شهور طويلة أن مواصلة الحرب تمثل خطرا كبيرا عليهم، وإن زميله لا يتوقف عن إلحاق الأذى بنفسه، وإنه قام بالأمر نفسه قبل أيام لولا أنه أدركه بمساعدة أحد مقاتلي القسام'. وأكد الأسير أنهم لا يستطيعون النوم لأن كل دقيقة يعيشونها تكون حرجة، وأن زميله رقم 22 يرفض تناول الطعام والشراب رغم أنه لا يوجد لديهم إلا القليل جدا من الطعام والشراب في ظل الظروف التي وصفها بالفظيعة. وقال إن زميله لا يفعل أي شيء سوى التفكير بابنه رئيم وزوجته ريفكا، مضيفا 'لا أعرف ماذا تنتظرون؟ هل تنتظرون حتى تنتهي المحاليل؟ ماذا سيحدث لو تركته وحده؟ أنا لا يمكنني تخيل هذا'. وأوضح أنه توقف عن تناول الطعام حتى يكون مصيره هو مصير زميله، مضيفا 'مصيرنا بأيديكم'. ووجه رسالة للطيارين الإسرائيليين قال فيها 'أنا فخور بكم لأنكم رفضتم التحليق والتحليق خطر على حياتنا، ووقعتم على العرائض، لكن ماذا عن أولئك الذين لا يزالون يحلقون ويقصفوننا نحن والمدنيين؟'. وتساءل الأسير: 'ماذا تقولون لعائلاتكم؟ ماذا تقولون لعائلاتنا؟'. كما خاطب المستوطنين قائلا إن بعض الأسرى لا يزالون على قيد الحياة، وإذا أردتم معرفة عددهم فلتسألوا سارة نتنياهو (زوجة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو)، لأنها تعرف ما لا تعرفونه على ما يبدو'. ووجه حديثة لسارة نتنياهو قائلا 'وأنت يا سارة، قولي ما الرقم الذي تريدينه أن يتبقى حتى نعود لبيوتنا؟ كم شخصا يجب أن يموت؟ تريدين أقل من 20 أسيرا أم أكثر من ذلك؟ قولي'. وتساءل غاضبا: 'كيف استمرت هذه الحرب حتى اليوم؟ لماذا لم تتوقف؟ هل جننتم؟ عام و7 أشهر، ما الذي يجب أن يحدث ولم يحدث؟ ما الذي يجب أن تقوموا به ولم تقوموا به؟'. وتابع: 'من الآن كل عملية سفك دماء تشاهدونها هي شاهد عيان، وأيديكم مطلخة بالدماء يا متخذي القرار، كفى، جاء الوقت لكي تتوقف هذه الحرب، الوقت ينفد'. وختمت القسام المقطع بجملة 'لن يعودوا إلا بصفقة، الوقت ينفد'. القسام تلتزم بالموعد.. و'اسرائيل' تنهار أمام الكاميرا مجددًا.. كما في كل سبت، يوم عطلتهم وكذا إذلالهم .. وفي لحظة بثّ مصوّرة، سقط قناع الهيبة مجدد عن وجه 'الجيش الذي لا يُقهر' . وتكلم أحد جنوده الأسرى في غزة من قلب العتمة..لا عن بطولاته المزعومة، بل عن جراحه النفسية..عن زميله… — Dima Halwani (@DimaHalwani) May 10, 2025 وفي وقت سابق، أثارت سارة نتنياهو جدلا واسعا بخلافها معه على المباشر حول عدد الأسرى المتبقين على قيد الحياة في قطاع غزة. يظهر في المقطع المصور الذي تم تداوله، مساء الثلاثاء، وفجر غضب الداخل الإسرائيلي، نتنياهو وهو يتحدث خلال ما أسموه فعالية 'اليوم الوطني لقتلى الهجمات المسلحة في إسرائيل من الجنود والمدنيين'. وقال نتنياهو: 'هناك ما يصل إلى 24 رهينة على قيد الحياة في غزة'، لتهمس زوجته سارة التي كانت تجلس إلى جانبه قائلة: 'أقل'، ليعيد التأكيد: 'ما يصل إلى 24 رهينة على قيد الحياة'، الأمر الذي أثار ضجة واسعة في تل أبيب وتناقلته وسائل إعلام عبرية رسمية. ראש הממשלה: 'יש עד 24 חטופים בחיים', שרה נתניהו: 'פחות' | תיעוד השיחה @gilicohen10 (צילום: רועי אברהם, לע'מ) — כאן חדשות (@kann_news) April 29, 2025 واتهم 'منتدى عائلات الأسرى'، نتنياهو، في بيان بهذا الشأن، ببث الذعر في قلوب الأهالي الذين يعانون أصلًا من عدم اليقين، مطالبا بتقديم أي معلومات استخباراتية أو جديدة بشأن حالة أولادهم، بالقول: 'ماذا قصدتم بـ 'أقل'.. هل تعلمون شيئًا لا نعرفه؟'. ونشر مراسل في هيئة البث الإسرائيلية، تغريدة عبر حسابه على منصة إكس، متسائلا: 'كيف وصلت معلومات مشمولة بالرقابة إلى سارة نتنياهو، التي نشرتها أمام الجمهور، عبر فيديو رسمي من المتحدثة باسم مكتب رئيس الوزراء؟'. איך קורה שמידע חלקי, שחסוי בצנזורה ונאמר בפורומים רגישים – מוצא את דרכו לשרה נתניהו, שמפיצה אותו לציבור, דרך סרטון רשמי של דוברות משרד רה'מ? — מיכאל שמש Michael Shemesh (@shemeshmicha) April 29, 2025 من جانب آخر أكدت سارة في مقابلة نادرة، مع صحيفة 'Mandiner' المجرية اليمينية المحافظة، أن 'إسرائيل تعاني من تأثير الدولة العميقة'، زاعمة أن 'هناك شبكات تعمل لدوافع سياسية وتدير حملات تضر بشكل خطير بالديمقراطية'. وقالت سارة: 'إنهم يحاولون تهديد الشعب والإطاحة بحكومة منتخبة عبر تحقيقات لا أساس لها من الصحة، تنهار الواحدة تلو الأخرى. هذه محاولة لإلغاء إرادة الناخب والحفاظ على النظام البيروقراطي'. وأضافت: 'من السخيف أن يتم استدعاء رئيس الوزراء للمحكمة، بعد ساعتين من عودته من زيارة دبلوماسية مهمة، دون يوم راحة، ودون اعتبار'، حسب تعبيرها. واعتبرت أن 'المشكلة ليست في السياسة بحد ذاتها، بل في الأحزاب اليسارية المتطرفة التي ترفض قبول قرار الناخبين. وهدفها هو الإطاحة برئيس وزراء يميني'، مؤكدة أن 'هذا ليس نقدًا مشروعًا بل إنه تخريب'، حسب زعمها. وشددت على أن 'هذه الشبكات تحاول إسقاط حكومة منتخبة عبر تهديدات وتحقيقات باطلة تنهار واحدة تلو الأخرى'، حسب رأيها. وفيما يتعلق بالانتقادات الموجهة لها بشأن التقصير في التعامل مع عائلات المختطفين بغزة، علقت قائلة: 'أرسلت رسائل إلى زوجات قادة العالم، إلى البابا، وإلى والدة أمير قطر، كما أنني ألتقي بالمختطفين الذين تم إطلاق سراحهم'.

تقارير عبرية: علاقة ترامب ونتنياهو تشهد تدهورا ملحوظا
تقارير عبرية: علاقة ترامب ونتنياهو تشهد تدهورا ملحوظا

بلد نيوز

time٠٨-٠٥-٢٠٢٥

  • بلد نيوز

تقارير عبرية: علاقة ترامب ونتنياهو تشهد تدهورا ملحوظا

كشفت صحيفة يسرائيل هيوم الإسرائيلية، أن العلاقة الشخصية بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب تشهد تدهوراً ملحوظاً. كما أشار التقرير العبري أنه لم يتم إطلاع الجانب الإسرائيلي على اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين قبل الإعلان عنه. وأضافت الصحيفة الإسرائيلية، أن ترامب يشعر بخيبة أمل متزايدة من نتنياهو وقرر المضي قدماً في تحركاته الاستراتيجية في الشرق الأوسط من دون التنسيق معه. كما أكدت أن ترامب لم يعد مستعداً لانتظار خطوات من الجانب الإسرائيلي وقرر التحرك بمفرده لضمان مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. مباحثات نتنياهو مع مستشار الأمن القومي السابق ولفتت الصحيفة إلى أن ترامب غضب من نتنياهو بعد تقارير عن محادثات جرت بينه وبين مستشار الأمن القومي السابق مايك والتز لإقناعه بضرورة توجيه ضربة لإيران وهو ما نفاه رئيس الوزراء الإسرائيلي لكن ترامب لم يقتنع بالنفي. اتفاق الهدنة مع الحوثيين وذكرت المصادر أن البيت الأبيض لم يطلع المسؤولين الإسرائيليين على تفاصيل تتعلق باتفاق هدنة مع الحوثيين، رغم إعلان ترامب عن الاتفاق وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على حالة من التوتر الدبلوماسي بين الطرفين. وقال ترامب إنه لا يخطط لزيارة إسرائيل في ختام جولته بالشرق الأوسط الأسبوع المقبل والتي تشمل السعودية وقطر والإمارات. وفي وقت سابق قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، بشأن الاتفاق بين الإدارة الأمريكية والحوثيين، الجميع يفترض أن الولايات المتحدة تعمل مع إسرائيل وتحتاج إلى موافقتنا، ولكن هذا غير صحيح. وتابع أولًا، علينا أن ندرك مدى تأثير الزمن، ما أهمية ما تم الاتفاق عليه بشأن حرية الملاحة في البحر الأحمر؟ لكنني لا أقصد أن نعتقد أن دولة إسرائيل هي التي تحكم العالم أو واشنطن، لدينا حليف قوي جدًا، يمنحنا دعمًا دبلوماسيًا هائلًا، لكنه لا يعمل معنا. وأكد الكاتب الصحفي أشرف أبو الهول، الخبير السياسي، أن الإدارة الأمريكية وجهت خلال الفترة الماضية ضربات قوية ومؤثرة للحوثيين، مشيرًا إلى أن ما حدث خلال اليومين الماضيين شكل خسارة كبيرة لاقتصاد الجماعة، تمثلت في تدمير ميناء الحديدة ومطار صنعاء، بالإضافة إلى استهداف طائرات حوثية، حيث تم تدمير ثلاث طائرات بشكل جزئي وثلاث أخرى كليًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store