#أحدث الأخبار مع #لاتحادالكرةالطائرة،المصريين بالخارج١٧-٠٤-٢٠٢٥سياسةالمصريين بالخارجحين يُصبح الدعاء سلاحًا للكراهيةفي لحظةٍ من الحيرة والمرارة، فوجئ الرأي العام بمنشورٍ نُسب إلى الدكتور مصطفى القاضي، المدير التنفيذي السابق لاتحاد الكرة الطائرة، يتضمن دعاءً على الكابتن محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي، بأبشع الأمراض وأكثرها فتكًا. دعاءٌ لا تملك وأنت تقرأه إلا أن تتساءل: كيف وصلنا إلى هذا الدرك؟ كيف استحال الدعاء – ذلك الباب المقدّس بين الإنسان وربه – إلى سلاحٍ للكراهية؟ وكيف يُمكن لعقلٍ يُفترض أنه مسؤول، أن يتمنى الموت البطيء لإنسانٍ لمجرد خلاف كروي؟ إن هذا الحدث، في ظاهره، يبدو منعزلًا، لكنه في الحقيقة مرآةٌ مشروخة لحالةٍ أعمق وأخطر، وأكثر امتدادًا. نحن أمام أزمة فهم للدين، وسقوط أخلاقي، وتدهور في الذوق العام، وانهيار في القيم الرياضية. فمنذ متى أصبح اسم النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، يُستحضر في دعاءٍ يتمنى السرطان والجذام والبرص لإنسان؟! أيّ فهمٍ هذا الذي يُقدّم البركة النبوية قربانًا في مذبح الحقد؟ وأيّ دينٍ هذا الذي يُحرّف في وجدان البعض حتى يُصبح وسيلة للثأر لا وسيلة للتطهر؟ إن النفس التي تصوغ هذا الدعاء ليست نفسًا مطمئنة، ولا حتى لوّامة، بل نفسٌ مأزومة، مسكونة بالكراهية، تتلذذ بآلام الآخرين، وتفرح بفكرة المرض والموت إن حلّ على من يخالفها. هذا انحرافٌ سلوكي ونفسي قبل أن يكون خللًا أخلاقيًا أو دينيًا، لأنه يُعبّر عن هشاشةٍ داخلية تُسقِط الآخر لتشعر بالانتصار، وتدعو عليه لا لتُطهّر قلبها، بل لتُفرغ أحقادها. لا يمكننا أن نُحمّل هذا 'المنشور الصادم' أكثر مما يحتمل، ولا أن نفصله عن واقعه الثقافي والاجتماعي، فنحن في زمن تداخلت فيه الهويات، واختُزلت فيه القيم في انتماءاتٍ ضيقة: هذا أهلاوي، وذاك زملكاوي، وهذا معنا، وذاك ضدنا. لم يعد الإنسان يُعرَف بخلقه أو عطائه أو تفانيه، بل بفريقه، أو بلون فانلته، بموقعه من معركةٍ افتراضية لا ينتصر فيها أحد. لقد أفرزت هذه الحالة مجتمعات منغلقة، تُصفّق للقبح إن عبّر عن ميولها، وتُهاجم الجَمال إن جاء من 'الخصم'. واختُزل الانتماء في مباراة، والدين في دعاءٍ مشوّه، والكرامة في منشورٍ على فيسبوك. لكن الكارثة الأكبر هي أن هذا الحدث وقع في سياقٍ رياضي، حيث يُفترض أن تكون المنافسة فيه شريفة، والاختلاف فيه باعثًا على الإبداع، لا على الإيذاء. إن الرياضة، في أصلها، فلسفة تُعلّم التحدي لا الحقد، تُربّي على احترام الخصم، وتُنمّي في النفس القدرة على الربح بتواضع والخسارة بكرامة. لكنها في واقعنا تحوّلت إلى ساحة حربٍ تُشرّع الكراهية وتُزيّن التهجم، وتُلبس الثأر قناع 'الولاء'. إن الكابتن محمود الخطيب ليس مجرد نجم أو إداري ناجح، بل هو نموذج في الهدوء والرقي والاحتراف، جمع احترام الخصوم قبل محبة الجمهور. والدعاء عليه لا يُسيء إليه قدر ما يفضح منطقًا أعوجًا يرى في المرض انتصارًا، وفي الخصومة الكروية مبررًا لإنكار الإنسانية. لسنا هنا لنُحاكم فردًا، بل لنسأل أنفسنا بصدق: كيف غابت القيم إلى هذا الحد؟ كيف أصبحنا نغذي أنفسنا بالكراهية ثم نستغرب حين تنهار القلوب والعقول؟ كيف صرنا نُحارب في الملاعب وخارجها، بالكلمات والشتائم والدعوات، وننسى أن الرياضة وجدت لنرتقي، لا لننحدر؟ إن المطلوب اليوم ليس اعتذارًا، بل وقفة. مراجعة شاملة تبدأ من بعض الإعلام الذي يشعل الحرائق، ومن الأندية التي تُربي التعصب، ومن جمهورٍ صار يرى في العداوة شرفًا. إننا في حاجة ماسة لأن نُعيد المعنى إلى الرياضة، والرحمة إلى الدعاء، والكرامة إلى الإنسان. إننا نحتاج، بكل تأكيد ،أن نُطهر الملاعب من السُمّ، لا بالأمن فقط، بل بالفكر، وبإحياء المعنى الحقيقي للانتماء: أن تحب دون أن تكره، أن تُنافس دون أن تُدمّر، أن تفوز دون أن تدعو بالموت على من خسر. فالرياضة بلا أخلاق، ليست إلا معركة قبيحة، والدعاء بلا رحمة، ليس إلا سُمًّا يُزهق الأرواح قبل الأجساد. Page 2
المصريين بالخارج١٧-٠٤-٢٠٢٥سياسةالمصريين بالخارجحين يُصبح الدعاء سلاحًا للكراهيةفي لحظةٍ من الحيرة والمرارة، فوجئ الرأي العام بمنشورٍ نُسب إلى الدكتور مصطفى القاضي، المدير التنفيذي السابق لاتحاد الكرة الطائرة، يتضمن دعاءً على الكابتن محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي، بأبشع الأمراض وأكثرها فتكًا. دعاءٌ لا تملك وأنت تقرأه إلا أن تتساءل: كيف وصلنا إلى هذا الدرك؟ كيف استحال الدعاء – ذلك الباب المقدّس بين الإنسان وربه – إلى سلاحٍ للكراهية؟ وكيف يُمكن لعقلٍ يُفترض أنه مسؤول، أن يتمنى الموت البطيء لإنسانٍ لمجرد خلاف كروي؟ إن هذا الحدث، في ظاهره، يبدو منعزلًا، لكنه في الحقيقة مرآةٌ مشروخة لحالةٍ أعمق وأخطر، وأكثر امتدادًا. نحن أمام أزمة فهم للدين، وسقوط أخلاقي، وتدهور في الذوق العام، وانهيار في القيم الرياضية. فمنذ متى أصبح اسم النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، يُستحضر في دعاءٍ يتمنى السرطان والجذام والبرص لإنسان؟! أيّ فهمٍ هذا الذي يُقدّم البركة النبوية قربانًا في مذبح الحقد؟ وأيّ دينٍ هذا الذي يُحرّف في وجدان البعض حتى يُصبح وسيلة للثأر لا وسيلة للتطهر؟ إن النفس التي تصوغ هذا الدعاء ليست نفسًا مطمئنة، ولا حتى لوّامة، بل نفسٌ مأزومة، مسكونة بالكراهية، تتلذذ بآلام الآخرين، وتفرح بفكرة المرض والموت إن حلّ على من يخالفها. هذا انحرافٌ سلوكي ونفسي قبل أن يكون خللًا أخلاقيًا أو دينيًا، لأنه يُعبّر عن هشاشةٍ داخلية تُسقِط الآخر لتشعر بالانتصار، وتدعو عليه لا لتُطهّر قلبها، بل لتُفرغ أحقادها. لا يمكننا أن نُحمّل هذا 'المنشور الصادم' أكثر مما يحتمل، ولا أن نفصله عن واقعه الثقافي والاجتماعي، فنحن في زمن تداخلت فيه الهويات، واختُزلت فيه القيم في انتماءاتٍ ضيقة: هذا أهلاوي، وذاك زملكاوي، وهذا معنا، وذاك ضدنا. لم يعد الإنسان يُعرَف بخلقه أو عطائه أو تفانيه، بل بفريقه، أو بلون فانلته، بموقعه من معركةٍ افتراضية لا ينتصر فيها أحد. لقد أفرزت هذه الحالة مجتمعات منغلقة، تُصفّق للقبح إن عبّر عن ميولها، وتُهاجم الجَمال إن جاء من 'الخصم'. واختُزل الانتماء في مباراة، والدين في دعاءٍ مشوّه، والكرامة في منشورٍ على فيسبوك. لكن الكارثة الأكبر هي أن هذا الحدث وقع في سياقٍ رياضي، حيث يُفترض أن تكون المنافسة فيه شريفة، والاختلاف فيه باعثًا على الإبداع، لا على الإيذاء. إن الرياضة، في أصلها، فلسفة تُعلّم التحدي لا الحقد، تُربّي على احترام الخصم، وتُنمّي في النفس القدرة على الربح بتواضع والخسارة بكرامة. لكنها في واقعنا تحوّلت إلى ساحة حربٍ تُشرّع الكراهية وتُزيّن التهجم، وتُلبس الثأر قناع 'الولاء'. إن الكابتن محمود الخطيب ليس مجرد نجم أو إداري ناجح، بل هو نموذج في الهدوء والرقي والاحتراف، جمع احترام الخصوم قبل محبة الجمهور. والدعاء عليه لا يُسيء إليه قدر ما يفضح منطقًا أعوجًا يرى في المرض انتصارًا، وفي الخصومة الكروية مبررًا لإنكار الإنسانية. لسنا هنا لنُحاكم فردًا، بل لنسأل أنفسنا بصدق: كيف غابت القيم إلى هذا الحد؟ كيف أصبحنا نغذي أنفسنا بالكراهية ثم نستغرب حين تنهار القلوب والعقول؟ كيف صرنا نُحارب في الملاعب وخارجها، بالكلمات والشتائم والدعوات، وننسى أن الرياضة وجدت لنرتقي، لا لننحدر؟ إن المطلوب اليوم ليس اعتذارًا، بل وقفة. مراجعة شاملة تبدأ من بعض الإعلام الذي يشعل الحرائق، ومن الأندية التي تُربي التعصب، ومن جمهورٍ صار يرى في العداوة شرفًا. إننا في حاجة ماسة لأن نُعيد المعنى إلى الرياضة، والرحمة إلى الدعاء، والكرامة إلى الإنسان. إننا نحتاج، بكل تأكيد ،أن نُطهر الملاعب من السُمّ، لا بالأمن فقط، بل بالفكر، وبإحياء المعنى الحقيقي للانتماء: أن تحب دون أن تكره، أن تُنافس دون أن تُدمّر، أن تفوز دون أن تدعو بالموت على من خسر. فالرياضة بلا أخلاق، ليست إلا معركة قبيحة، والدعاء بلا رحمة، ليس إلا سُمًّا يُزهق الأرواح قبل الأجساد. Page 2