logo
حين يُصبح الدعاء سلاحًا للكراهية

حين يُصبح الدعاء سلاحًا للكراهية

في لحظةٍ من الحيرة والمرارة، فوجئ الرأي العام بمنشورٍ نُسب إلى الدكتور مصطفى القاضي، المدير التنفيذي السابق لاتحاد الكرة الطائرة، يتضمن دعاءً على الكابتن محمود الخطيب، رئيس النادي الأهلي، بأبشع الأمراض وأكثرها فتكًا. دعاءٌ لا تملك وأنت تقرأه إلا أن تتساءل: كيف وصلنا إلى هذا الدرك؟ كيف استحال الدعاء – ذلك الباب المقدّس بين الإنسان وربه – إلى سلاحٍ للكراهية؟ وكيف يُمكن لعقلٍ يُفترض أنه مسؤول، أن يتمنى الموت البطيء لإنسانٍ لمجرد خلاف كروي؟ إن هذا الحدث، في ظاهره، يبدو منعزلًا، لكنه في الحقيقة مرآةٌ مشروخة لحالةٍ أعمق وأخطر، وأكثر امتدادًا. نحن أمام أزمة فهم للدين، وسقوط أخلاقي، وتدهور في الذوق العام، وانهيار في القيم الرياضية. فمنذ متى أصبح اسم النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، يُستحضر في دعاءٍ يتمنى السرطان والجذام والبرص لإنسان؟! أيّ فهمٍ هذا الذي يُقدّم البركة النبوية قربانًا في مذبح الحقد؟ وأيّ دينٍ هذا الذي يُحرّف في وجدان البعض حتى يُصبح وسيلة للثأر لا وسيلة للتطهر؟ إن النفس التي تصوغ هذا الدعاء ليست نفسًا مطمئنة، ولا حتى لوّامة، بل نفسٌ مأزومة، مسكونة بالكراهية، تتلذذ بآلام الآخرين، وتفرح بفكرة المرض والموت إن حلّ على من يخالفها. هذا انحرافٌ سلوكي ونفسي قبل أن يكون خللًا أخلاقيًا أو دينيًا، لأنه يُعبّر عن هشاشةٍ داخلية تُسقِط الآخر لتشعر بالانتصار، وتدعو عليه لا لتُطهّر قلبها، بل لتُفرغ أحقادها. لا يمكننا أن نُحمّل هذا 'المنشور الصادم' أكثر مما يحتمل، ولا أن نفصله عن واقعه الثقافي والاجتماعي، فنحن في زمن تداخلت فيه الهويات، واختُزلت فيه القيم في انتماءاتٍ ضيقة: هذا أهلاوي، وذاك زملكاوي، وهذا معنا، وذاك ضدنا. لم يعد الإنسان يُعرَف بخلقه أو عطائه أو تفانيه، بل بفريقه، أو بلون فانلته، بموقعه من معركةٍ افتراضية لا ينتصر فيها أحد. لقد أفرزت هذه الحالة مجتمعات منغلقة، تُصفّق للقبح إن عبّر عن ميولها، وتُهاجم الجَمال إن جاء من 'الخصم'. واختُزل الانتماء في مباراة، والدين في دعاءٍ مشوّه، والكرامة في منشورٍ على فيسبوك. لكن الكارثة الأكبر هي أن هذا الحدث وقع في سياقٍ رياضي، حيث يُفترض أن تكون المنافسة فيه شريفة، والاختلاف فيه باعثًا على الإبداع، لا على الإيذاء. إن الرياضة، في أصلها، فلسفة تُعلّم التحدي لا الحقد، تُربّي على احترام الخصم، وتُنمّي في النفس القدرة على الربح بتواضع والخسارة بكرامة. لكنها في واقعنا تحوّلت إلى ساحة حربٍ تُشرّع الكراهية وتُزيّن التهجم، وتُلبس الثأر قناع 'الولاء'. إن الكابتن محمود الخطيب ليس مجرد نجم أو إداري ناجح، بل هو نموذج في الهدوء والرقي والاحتراف، جمع احترام الخصوم قبل محبة الجمهور. والدعاء عليه لا يُسيء إليه قدر ما يفضح منطقًا أعوجًا يرى في المرض انتصارًا، وفي الخصومة الكروية مبررًا لإنكار الإنسانية. لسنا هنا لنُحاكم فردًا، بل لنسأل أنفسنا بصدق: كيف غابت القيم إلى هذا الحد؟ كيف أصبحنا نغذي أنفسنا بالكراهية ثم نستغرب حين تنهار القلوب والعقول؟ كيف صرنا نُحارب في الملاعب وخارجها، بالكلمات والشتائم والدعوات، وننسى أن الرياضة وجدت لنرتقي، لا لننحدر؟ إن المطلوب اليوم ليس اعتذارًا، بل وقفة. مراجعة شاملة تبدأ من بعض الإعلام الذي يشعل الحرائق، ومن الأندية التي تُربي التعصب، ومن جمهورٍ صار يرى في العداوة شرفًا. إننا في حاجة ماسة لأن نُعيد المعنى إلى الرياضة، والرحمة إلى الدعاء، والكرامة إلى الإنسان. إننا نحتاج، بكل تأكيد ،أن نُطهر الملاعب من السُمّ، لا بالأمن فقط، بل بالفكر، وبإحياء المعنى الحقيقي للانتماء: أن تحب دون أن تكره، أن تُنافس دون أن تُدمّر، أن تفوز دون أن تدعو بالموت على من خسر.
فالرياضة بلا أخلاق، ليست إلا معركة قبيحة، والدعاء بلا رحمة، ليس إلا سُمًّا يُزهق الأرواح قبل الأجساد.
Page 2

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لن نترك غزة
لن نترك غزة

يمني برس

timeمنذ ساعة واحدة

  • يمني برس

لن نترك غزة

يمني برس || مقالات: ليس مُجَـرّدَ خطابٍ عاطفي يتباكى على أطلال الوحدة العربية، بل هو استراتيجيا محكمةٌ تترجم على الأرض عبر حرب استنزاف ممنهجة ضد الكيان الصهيوني وحلفائه، تهدف إلى قلب موازين القوة لصالح محور المقاومة والجهاد، وإجبار العالم على إعادة حساباته تجاه جرائم الاحتلال. اليمن يرفض تمامًا منطق 'الصمت العربي والدولي المتواطئ' مع مذبحة القرن في غزة، وحوَّل كُـلّ مقدراته العسكرية إلى سيف مسلِّط على عُمق الكيان الصهيوني. فبينما تنام أنظمةُ التطبيع العربية على وسائد الإهانات الأمريكية، وتموِّلُ جرائمَ الصهاينة عبر تقديمها القرابين تلو القرابين للأمريكي، يفرض اليمن حصارًا بحريًّا تاريخيًّا على ميناء حيفا، ويعطِّلُ حركةَ الشحن الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، ويجبر شركات الطيران العالمية على الهروب من مطار اللُّد؛ خوفًا من صواريخ باليستية باتت تهدّد سماء الكيان بعقاب عسكري لا يفرق بين ليل ونهار. هذه الإجراءات ليست عمليات عشوائية، بل ضربات حسابية تستهدف شرايين الاقتصاد الإسرائيلي، وتظهر للعالم أن اليمن قادر على تحويل المعادلة من حرب دبابات تقليدية إلى حرب وجود اقتصادي تذيب أُسطورة التفوق العسكري الصهيوني. أما على الصعيد الشعبي، فَــإنَّ الزحوفَ المليونية في صنعاء ومدن اليمن تعيد إحياء مفهوم 'الأمة الواحدة'، وترسل رسالة واضحة للفلسطينيين: 'لستم وحدكم'. هذه الوحدة اليمنية الداخلية حول قضية عابرة للحدود تشكل احراجا أخلاقيًّا للأنظمة العربية التي حولت القضية الفلسطينية إلى سلعة سياسية رخيصة، بينما اليمنُ يدفع دماء أبنائه ثمنًا لموقفه، دون أن ينتظر شكرًا من أحد. أمام هذا التصعيد، تبدو (إسرائيل) كعملاق من طين؛ فمهما حاولت إخفاء تأثير الضربات اليمنية عبر تصريحات استعراضية، فَــإنَّ إغلاق مطاراتها وتآكل ثقة الشركات الدولية بها يكشف هشاشة مشروعها الاستيطاني، الذي ظل لعقود يجاري الازمات الإقليمية دون من يحاسبه. اليوم وبفضل الله وتأييده لم يعد بوسعِ الكيان الصهيوني الهرب من ثمن جرائمه؛ فكل طائرة تحلق فوق غزة سوف تدفع ثمنها بصراخ بورصات تل أبيب، وكل سفينة تنقل سلاحًا أمريكيًّا قد تغرقها صواريخُ بحرية يمنية في قاع البحر الأحمر. اليمن، باختصار، يعيدُ تشكيلَ قواعد اللُّعبة: من دولة توصف بالضعف في حسابات الغرب، إلى لاعبٍ استراتيجي يحرج التحالفات الدولية، ويعيد للقضية الفلسطينية بريقها الثوري، مثبتًا أن المقاومةَ ليست خيارًا عسكريًّا فحسب، بل فن تحويل الهزائم العربية إلى كوابيس استراتيجية للعدو. لذا فَــإنَّ الإرادَة اليمنية في حقيقتها هي أشد فتكًا من كُـلّ تريليونات الدمى العربية المسلمة لواشنطن'، وهذه الإرادَة هي ما سيكتب في تاريخ الصراع كأول مرة ينقلب فيها العرب من خانة الضحية إلى مهندس أزمات العدوّ الوجودية.

الترب:استقرار المنطقة مرهون بالسلام في اليمن
الترب:استقرار المنطقة مرهون بالسلام في اليمن

يمرس

timeمنذ ساعة واحدة

  • يمرس

الترب:استقرار المنطقة مرهون بالسلام في اليمن

وأضاف البروفيسور الترب ان اليمن فرض معادلات جديدة في المنطقة وواجه اعتى القوى أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ودول العدوان من قبلها السعودية والامارات وخرج منتصرا لايمانه بقضيته العادلة وكسرت صنعاء حاجز الجغرافيا وأسقطت رهانات العدو على البعد والمسافات، وأثبتت أن القرار اليمني حاضر وفاعل في ميدان المواجهة. وتابع البروفيسور الترب ان على دول العدوان خاصة السعودية والامارات ان تدفع في اتجاه مصالحة يمنية شاملة كون السلام في المنطقة مرهون بالسلام في اليمن وعليها الكف عن تغذية الصراعات ودعم مليشيات مرتزقتها التي تسعى عبرهم لابقاء اليمن تحت الصراعات والحروب والانقسامات ليسهل تفتيته ونهب ثرواته. وأشار البروفيسور الترب ان اليمنيين يدركون اليوم ان السلام والحوار هو الأنسب لتجاوز ما يمر به اليمن من انقسامات وفوضى وصراعات اوجدتها قوى العمالة والارتزاق الداخلي بدعم سعودي اماراتي وقد حان الوقت اليوم لبناء الثقة بين الأطراف اليمنية القادرة على تجاوز كل العثرات بعيدا عن التدخل الخارجي. ونوه البروفيسور الترب ان اليمن عبر التاريخ كان وما يزال مطمعاً لكل غاز ومحتل، واليمنيون واجهوا أعتى الأعاصير كالجبال الشامخة، والشواهد كثيرة من الامبراطوريات الرومانية إلى العثمانية والبريطانية، التي ولّت من اليمن مهزومة، مدحورة، وعلى العدو الأمريكي، الصهيوني، وحلفائه خوض التجربة في اليمن ، وسيرون أن ما كُتب عن اليمنيين كان واقعاً وليس محض صدفة. وقال البروفيسور الترب ما يمتلكه اليمن اليوم من قوة وقدرات عسكرية متطورة وحديثة بفضل الله وبفضل قيادته ورجاله الأوفياء المخلصين، لوطنهم، رسم معادلة ردع جديدة، إذ لم يعد اليوم مجرد لاعب إقليمي فحسب، وإنما بات قوة مؤثرة في المنطقة والإقليم وعلى السعودية والامارات ان تدرك هذه الحقيقة ان ارادتا فعلا السلام والحفاظ على مقدراتهما الاقتصادية فصنعاء التي أوصدت الممرات المائية، أمام العدو الصهيوني، الأمريكي، والبريطاني في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن والمحيط الهندي، أطبقت السماء على كيان العدو، بقرار فرض حظر جوي شامل، وعلى كيان العدو أن يُدرك بأن مطاراته وموانئه وأجوائه غير آمنة وهي رسالة كذلك لدول العدوان .

مرتضى منصور يتطوع للدفاع عن الطفل الذي تعرض لحادث في بلطيم
مرتضى منصور يتطوع للدفاع عن الطفل الذي تعرض لحادث في بلطيم

خبر صح

timeمنذ 2 ساعات

  • خبر صح

مرتضى منصور يتطوع للدفاع عن الطفل الذي تعرض لحادث في بلطيم

أعلن المستشار مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك السابق، عن تطوعه للدفاع عن الطفل أدهم الذي تعرض لحادث إطلاق نار في مدينة بلطيم، وجاء ذلك استجابةً لرغبة أهالي المدينة. مرتضى منصور يتطوع للدفاع عن الطفل الذي تعرض لحادث في بلطيم من نفس التصنيف: فتح باب التقديم لجائزة الرواد في التحول الرقمي بالتعليم العالي لعام 2025 دفاع تطوعي كتب مرتضى منصور عبر حسابه على 'فيسبوك': 'المستشار مرتضى منصور يلبي طلب أهلنا في بلطيم ويستجيب لرغبتهم، ويتولى قضية الطفل أدهم متطوعًا، ويدعو أسرته لمقابلته في مكتبه الكائن في 41 شارع أحمد عرابي المهندسين يوم الثلاثاء القادم الساعة 5 مساء إن شاء الله'. مقال مقترح: متحف الحضارة يقدم تصويراً مجانياً في جميع القاعات باستثناء قاعة المومياوات الملكية بلاغ ضد حسين لبيب تقدم المستشار مرتضى منصور ببلاغ للنائب العام ضد حسين لبيب، رئيس مجلس إدارة شركة كونكريت بلس للمقاولات، ورجل أعمال، وأحد موظفي البنك التجاري الدولي، بتهمة الاستيلاء على المال العام وإهداره والتربح منه. تفاصيل البلاغ في بلاغه، قال 'مرتضى' إن رئيس نادي الزمالك الحالي وآخرين استولوا وشاركوا في الاستيلاء على حوالي 30 فدانًا من الأرض المملوكة لأعضاء النادي، والتي اشتراها بموجب عقد بيع من هيئة المجتمعات، حيث كانت هذه الأرض مخصصة لبناء مقر ثالث للأعضاء بعد المقر الرئيسي في ميت عقبة، الذي حوله إلى نادي عالمي بمنشآته الرياضية والاجتماعية، وأصبح مفخرة لكل أندية مصر، بالإضافة إلى الفرع الثاني على ضفاف نيل القاهرة، وكذلك بناء استاد الزمالك، الذي يعد حلم الجماهير على أرض أكتوبر. أضاف 'مرتضى' أنه دفع ثمن الأرض بالكامل واستصدر 16 ترخيصًا لبناء النادي والاستاد بعد اتفاقه مع استشاري كبير، وأدخل جميع المرافق من كهرباء ومياه وصرف صحي، وأقام سورًا حول الأرض. وتابع: 'تعاقدنا مع واحدة من أكبر شركات المقاولات، وهي شركة وادي النيل، التي بدأت في إقامة المشروعين، وكنا قد سددنا ثمن الأرض بالكامل، إلا أن أحد المسؤولين قرر طردي من النادي في نوفمبر 2020، وعندما عدت بحكم قضائي كانت المؤامرة الكبرى بحبسي وعزلي لإجهاض حلم الملايين، كما تم الإجهاز على قناة الزمالك التي كانت الحلم الأكبر للزملكاوية وطردوني منها وسلموها لبعض الفشلة الذين دمروها'. ذكر 'مرتضى': 'فوجئنا بالمشكو في حقهم يستولون على حوالي 30 فدانًا ليبنوا عليها مساكن يتربحون منها، دون موافقة الجمعية العمومية المالكة للأرض، أو موافقة مدير الشباب والرياضة الذي دخل في غيبوبة برغبته حتى لا يوقف هذه المهزلة، وبلا موافقة السيد وزير الرياضة، وتلك الموافقات واجبة طبقًا لقانون الرياضة'. لذا التمس من المستشار النائب العام التحقيق فورًا في جريمة الاستيلاء على المال العام وإهداره والتربح منه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store