#أحدث الأخبار مع #لكامبديفيدبوابة الأهرام٢٥-٠٢-٢٠٢٥سياسةبوابة الأهرامنصيحة الثعلب العجوزعاش كيسنجر مائة عام وخمسة أشهر، منها 70 عاما فى العمل الدبلوماسى الذى ستظل مآثره لمئات السنين. ساهم خلالها فى التعايش السلمى بين أمريكا والاتحاد السوفيتى والتقارب والتهدئة مع الصين ومهد لكامب ديفيد. ساعدته دراسته فى هارفارد طالبا فى العلوم السياسية والتاريخ، ثم عمله أستاذا لتحقيق التفرد. كانت آخر مساهماته العبقرية قبل موته بعام اقتراح حل وقف الحرب الأوكرانية الروسية، فسخر منه الكثيرون وقالوا عجوز ومن الخرفين، رغم أنها حقيقة جلية للجميع الآن. بدأت هذه الحرب بتاريخ 24 فبراير 2022, بعد سنوات من القلق الروسى ومحاولات التضييق من قبل حلف شمال الأطلنطى وزيادة جرأته فى إجراء مناورات عسكرية بدعوة من أوكرانيا التى كانت ترغب فى عضوية الحلف وترغب أيضا فى عضوية الاتحاد الأوروبى وهما الأمران اللذان يهددان روسيا تهديدا مباشرا. كانت روسيا تظن أن الحرب ستكون نزهة، ولكنها فوجئت بتحالف أمريكى أوروبى، يقوده الرئيس الأمريكى السابق بايدن وإدارته ظنا منهم أن الفرصة سانحة لتفكيك روسيا كما فكك الاتحاد السوفيتى من قبل، وبالتالى بدأت حربا تكاد تكون عالمية فى عنفها، حيث تم إمداد أوكرانيا بكل الأسلحة المتقدمة المعروفة وغير المعروفة من صواريخ مضادة للدبابات والطائرات والسفن إضافة الى كل العمليات الاستخبارية الأوروبية والأمريكية، وإضافة أيضا إلى الدعم الاقتصادى غير المسبوق. بدأت أيضا أكبر عمليات دعايات مضادة وشائعات ضد روسيا تهدف الى تعبئة الرأى العام العالمى ضدها، وتجميد أرصدتها وممتلكاتها بالخارج. أنفقت أمريكا 350 بليون دولار يطالب بها ترامب الآن هى حجم المساهمة الأمريكية العسكرية والاقتصادية الأمريكية لأوكرانيا منذ بداية الحرب. كانت هناك أيضا المساهمات الأوروبية التى تزيد عما أنفقته أمريكا، وكانت هناك الخسائر الفادحة لغالبية اقتصاديات دول العالم والتى عانت الأمرين نتيجة تلك الحرب، التى أتت مباشرة عقب وباء كوفيد الذى أنهك اقتصاديات العالم. شملت الخطة الأمريكية الأوروبية محاولات دائمة لتلميع الرئيس الأوكرانى زيلينسكى ومنحه الفرص ليلقى خطبا على العالم كله من عقر البرلمانات الغربية لدرجة مقارنته مع تشرشل، وأنه سينتصر. كان هناك الكثيرون فى العالم يدركون خطورة ما يحدث، وأن الأمر ينذر بعواقب وخيمة، وكان على رأسهم ثعلب السياسة هنرى كيسنجر الذى أدرك من خلال خبراته وتجاربه أن الغرب يسلك طريقا خطرا، وأن حلمه فى تفكيك الاتحاد الروسى مثلما تحقق الحلم الغربى فى تفكيك الاتحاد السوفيتى من قبل، أمر صعب المنال. فى حديث له عقب نشوب الحرب بثلاثة أشهر عبر الفيديو مع كلاوس شواب مؤسس المنتدى الاقتصادى العالمى بدافوس بتاريخ 23 مايو 2022, سأله كلاوس عن الحرب الروسية الأوكرانية: هل تصف العالم الجديد الذى قد ينشأ بعد هذه النقطة التحولية التى نعيشها فى هذه اللحظة؟ أجاب كيسنجر إجابة لابد أن أوردها كاملة فى هذا المقال، لأنها كانت تشبه النبوءة التى تحققت بالكامل والتى أراد من خلالها لفت نظر الغرب الى خطورة ردود فعله تجاه روسيا قائلا: نتيجة هذه النقطة التحولية ليست واضحة بعد، لأن هناك عددا من القضايا التى لا تزال قيد النظر داخل نطاق صناع القرار. إن أكثر هذه القضايا حيوية فى الوقت الراهن هى الحرب فى أوكرانيا، وسوف تؤثر نتائج تلك الحرب، سواء من الناحية العسكرية أو السياسية على العلاقات بين كثير من الدول. قبل نحو ثمانى سنوات، عندما ظهرت فكرة انضمام أوكرانيا الى حلف شمال الأطلنطى، كتبت مقالا قلت فيه إن النتيجة المثالية ستكون تشكيل أوكرانيا كدولة محايدة كجسر بين روسيا وأوروبا. أعتقد أن الفرصة متاحة الآن، ولايزال من الممكن تصورها كهدف نهائى، وفى رأيى يجب أن تبدأ الحركة نحو المفاوضات بشأن السلام فى الشهرين المقبلين حتى يتم تحديد نتائج الحرب وقبل أن تتسبب تلك الحرب فى اضطرابات وتوترات سيكون التغلب عليها أكثر صعوبة، خاصة العلاقة النهائية بين روسيا وجورجيا وأوكرانيا تجاه أوروبا. من الناحية المثالية، يجب أن يعود الخط الفاصل إلى الوضع السابق. أعتقد أن الانضمام إلى الحرب خارج بولندا من شأنه أن يحولها إلى حرب لا تدور حول حرية أوكرانيا، والتى خاضها حلف شمال الأطلنطى بتماسك كبير، بل ضد روسيا ذاتها، وهذا يبدو لى بمثابة الخط الفاصل الذى من المستحيل تحديده، وسوف يكون من الصعب على أى شخص أن يقيس ذلك، وقد تحدث تعديلات على ذلك أثناء المفاوضات، التى لم تحدد بعد بطبيعة الحال، ولكن من المفترض أن تبدأ عودة المشاركين الرئيسيين مع تطور الحرب، وقد قدمت مخططا للنتيجة العسكرية المحتملة. ولكن أود أن أضع فى اعتبارى أن أى تعديلات على ذلك من شأنها أن تعقد المفاوضات التى يحق لأوكرانيا أن تكون مشاركا فيها من أجل تحقيق التوازن فى أوروبا والعالم أجمع.يتعين علينا أيضا أن ننظر الى العلاقة بين أوروبا وروسيا على مدى فترة أطول وبطريقة منفصلة عن القيادة الحالية التى سوف تتأثر مكانتها داخليا على مدى فترة من الزمن بأدائها فى هذه الفترة. وإذا نظرنا إلى الأمر من منظور بعيد المدى، فسوف نجد أن روسيا كانت على مدى 400 عام جزءا أساسيا من أوروبا، وأن السياسة الأوروبية على مدى تلك الفترة تأثرت بشكل أساسى بتقييمها الأوروبى لدور روسيا. أحيانا بطريقة مراقبة، وباعتبارها الضامن، أو الأداة التى يمكن من خلالها إعادة إرساء التوازن الأوروبي. وينبغى للسياسة الحالية أن تضع فى اعتبارها أن استعادة هذا الدور أمر بالغ الأهمية، حتى لا تدفع روسيا الى تحالف دائم مع الصين».
بوابة الأهرام٢٥-٠٢-٢٠٢٥سياسةبوابة الأهرامنصيحة الثعلب العجوزعاش كيسنجر مائة عام وخمسة أشهر، منها 70 عاما فى العمل الدبلوماسى الذى ستظل مآثره لمئات السنين. ساهم خلالها فى التعايش السلمى بين أمريكا والاتحاد السوفيتى والتقارب والتهدئة مع الصين ومهد لكامب ديفيد. ساعدته دراسته فى هارفارد طالبا فى العلوم السياسية والتاريخ، ثم عمله أستاذا لتحقيق التفرد. كانت آخر مساهماته العبقرية قبل موته بعام اقتراح حل وقف الحرب الأوكرانية الروسية، فسخر منه الكثيرون وقالوا عجوز ومن الخرفين، رغم أنها حقيقة جلية للجميع الآن. بدأت هذه الحرب بتاريخ 24 فبراير 2022, بعد سنوات من القلق الروسى ومحاولات التضييق من قبل حلف شمال الأطلنطى وزيادة جرأته فى إجراء مناورات عسكرية بدعوة من أوكرانيا التى كانت ترغب فى عضوية الحلف وترغب أيضا فى عضوية الاتحاد الأوروبى وهما الأمران اللذان يهددان روسيا تهديدا مباشرا. كانت روسيا تظن أن الحرب ستكون نزهة، ولكنها فوجئت بتحالف أمريكى أوروبى، يقوده الرئيس الأمريكى السابق بايدن وإدارته ظنا منهم أن الفرصة سانحة لتفكيك روسيا كما فكك الاتحاد السوفيتى من قبل، وبالتالى بدأت حربا تكاد تكون عالمية فى عنفها، حيث تم إمداد أوكرانيا بكل الأسلحة المتقدمة المعروفة وغير المعروفة من صواريخ مضادة للدبابات والطائرات والسفن إضافة الى كل العمليات الاستخبارية الأوروبية والأمريكية، وإضافة أيضا إلى الدعم الاقتصادى غير المسبوق. بدأت أيضا أكبر عمليات دعايات مضادة وشائعات ضد روسيا تهدف الى تعبئة الرأى العام العالمى ضدها، وتجميد أرصدتها وممتلكاتها بالخارج. أنفقت أمريكا 350 بليون دولار يطالب بها ترامب الآن هى حجم المساهمة الأمريكية العسكرية والاقتصادية الأمريكية لأوكرانيا منذ بداية الحرب. كانت هناك أيضا المساهمات الأوروبية التى تزيد عما أنفقته أمريكا، وكانت هناك الخسائر الفادحة لغالبية اقتصاديات دول العالم والتى عانت الأمرين نتيجة تلك الحرب، التى أتت مباشرة عقب وباء كوفيد الذى أنهك اقتصاديات العالم. شملت الخطة الأمريكية الأوروبية محاولات دائمة لتلميع الرئيس الأوكرانى زيلينسكى ومنحه الفرص ليلقى خطبا على العالم كله من عقر البرلمانات الغربية لدرجة مقارنته مع تشرشل، وأنه سينتصر. كان هناك الكثيرون فى العالم يدركون خطورة ما يحدث، وأن الأمر ينذر بعواقب وخيمة، وكان على رأسهم ثعلب السياسة هنرى كيسنجر الذى أدرك من خلال خبراته وتجاربه أن الغرب يسلك طريقا خطرا، وأن حلمه فى تفكيك الاتحاد الروسى مثلما تحقق الحلم الغربى فى تفكيك الاتحاد السوفيتى من قبل، أمر صعب المنال. فى حديث له عقب نشوب الحرب بثلاثة أشهر عبر الفيديو مع كلاوس شواب مؤسس المنتدى الاقتصادى العالمى بدافوس بتاريخ 23 مايو 2022, سأله كلاوس عن الحرب الروسية الأوكرانية: هل تصف العالم الجديد الذى قد ينشأ بعد هذه النقطة التحولية التى نعيشها فى هذه اللحظة؟ أجاب كيسنجر إجابة لابد أن أوردها كاملة فى هذا المقال، لأنها كانت تشبه النبوءة التى تحققت بالكامل والتى أراد من خلالها لفت نظر الغرب الى خطورة ردود فعله تجاه روسيا قائلا: نتيجة هذه النقطة التحولية ليست واضحة بعد، لأن هناك عددا من القضايا التى لا تزال قيد النظر داخل نطاق صناع القرار. إن أكثر هذه القضايا حيوية فى الوقت الراهن هى الحرب فى أوكرانيا، وسوف تؤثر نتائج تلك الحرب، سواء من الناحية العسكرية أو السياسية على العلاقات بين كثير من الدول. قبل نحو ثمانى سنوات، عندما ظهرت فكرة انضمام أوكرانيا الى حلف شمال الأطلنطى، كتبت مقالا قلت فيه إن النتيجة المثالية ستكون تشكيل أوكرانيا كدولة محايدة كجسر بين روسيا وأوروبا. أعتقد أن الفرصة متاحة الآن، ولايزال من الممكن تصورها كهدف نهائى، وفى رأيى يجب أن تبدأ الحركة نحو المفاوضات بشأن السلام فى الشهرين المقبلين حتى يتم تحديد نتائج الحرب وقبل أن تتسبب تلك الحرب فى اضطرابات وتوترات سيكون التغلب عليها أكثر صعوبة، خاصة العلاقة النهائية بين روسيا وجورجيا وأوكرانيا تجاه أوروبا. من الناحية المثالية، يجب أن يعود الخط الفاصل إلى الوضع السابق. أعتقد أن الانضمام إلى الحرب خارج بولندا من شأنه أن يحولها إلى حرب لا تدور حول حرية أوكرانيا، والتى خاضها حلف شمال الأطلنطى بتماسك كبير، بل ضد روسيا ذاتها، وهذا يبدو لى بمثابة الخط الفاصل الذى من المستحيل تحديده، وسوف يكون من الصعب على أى شخص أن يقيس ذلك، وقد تحدث تعديلات على ذلك أثناء المفاوضات، التى لم تحدد بعد بطبيعة الحال، ولكن من المفترض أن تبدأ عودة المشاركين الرئيسيين مع تطور الحرب، وقد قدمت مخططا للنتيجة العسكرية المحتملة. ولكن أود أن أضع فى اعتبارى أن أى تعديلات على ذلك من شأنها أن تعقد المفاوضات التى يحق لأوكرانيا أن تكون مشاركا فيها من أجل تحقيق التوازن فى أوروبا والعالم أجمع.يتعين علينا أيضا أن ننظر الى العلاقة بين أوروبا وروسيا على مدى فترة أطول وبطريقة منفصلة عن القيادة الحالية التى سوف تتأثر مكانتها داخليا على مدى فترة من الزمن بأدائها فى هذه الفترة. وإذا نظرنا إلى الأمر من منظور بعيد المدى، فسوف نجد أن روسيا كانت على مدى 400 عام جزءا أساسيا من أوروبا، وأن السياسة الأوروبية على مدى تلك الفترة تأثرت بشكل أساسى بتقييمها الأوروبى لدور روسيا. أحيانا بطريقة مراقبة، وباعتبارها الضامن، أو الأداة التى يمكن من خلالها إعادة إرساء التوازن الأوروبي. وينبغى للسياسة الحالية أن تضع فى اعتبارها أن استعادة هذا الدور أمر بالغ الأهمية، حتى لا تدفع روسيا الى تحالف دائم مع الصين».