logo
#

أحدث الأخبار مع #لمصرفقطرالمركزي،

الذهب أداة قطرية للتحوّط وتعظيم الأرباح في عالم مضطرب
الذهب أداة قطرية للتحوّط وتعظيم الأرباح في عالم مضطرب

الوطن الخليجية

timeمنذ 20 ساعات

  • أعمال
  • الوطن الخليجية

الذهب أداة قطرية للتحوّط وتعظيم الأرباح في عالم مضطرب

في خضم عالم مالي يشهد تقلّبات جذرية، وبينما تواجه البنوك المركزية ضغوطات ناجمة عن أسعار الفائدة المنخفضة، اتجهت قطر إلى خيار استراتيجي مختلف: الاستثمار المكثف في الذهب. خلال السنوات الخمس الماضية، لم تكتف الدوحة بزيادة مخزونها من هذا المعدن الثمين فحسب، بل جعلت منه أحد أعمدة سياستها النقدية، لتحقق بذلك أرباحاً معتبرة وتتفوق خليجياً وعربياً في نسبته من إجمالي الاحتياطي النقدي. تحوّل استراتيجي في السياسة النقدية حتى عام 2006، لم يكن للذهب حضور يُذكر في محفظة الاحتياطي النقدي القطري. لكن مع بداية 2007، بدأت السياسة النقدية تنحو منحى جديداً. لم يكن هذا التحوّل اعتباطياً، بل جاء استجابة لمتغيرات عالمية شملت أزمات مالية وصراعات جيوسياسية وضغوطاً على العملات، وأدى إلى قناعة مفادها أن التنويع هو أفضل وسيلة للتحصين. اليوم، يشكل الذهب نحو 13.2% من احتياطي قطر النقدي – وهي أعلى نسبة في الخليج – بعدما قفز المخزون من أقل من طن واحد إلى ما يزيد على 110 أطنان حتى نهاية 2024. هذا التحول ليس مجرد تعديل فني، بل يعكس فلسفة اقتصادية تتطلع إلى الاستقرار طويل الأمد والربحية في آن واحد. لجنة الاستثمار والبنية التنظيمية يقود هذا التحول لجنة الاستثمار التابعة لمصرف قطر المركزي، وهي الجهة المسؤولة عن رسم سياسة إدارة الاحتياطي وتوزيعها على إدارات متخصصة. تقوم إدارة المخاطر بترشيح الأصول الآمنة، بينما تضبط إدارة عمليات الاستثمار توقيتات الشراء، وتتابع إدارة الاستثمار أسعار صرف الريال، في تنسيق يعكس احترافية مؤسسية تندر في المنطقة. أهداف السياسة القطرية في هذا الإطار ثلاثية الأبعاد: حماية سعر صرف الريال، تأمين العملات الأجنبية اللازمة للنظام المالي، وتحقيق عائد على الاحتياطيات من خلال أدوات متنوعة تتضمن الذهب، السندات، الأسهم، والودائع. مكاسب الذهب مقابل تراجع العملات في الوقت الذي كانت فيه أسعار الفائدة تتراجع عالمياً، وتحديداً منذ جائحة كورونا، حافظ الذهب على مسار صاعد. بين 2020 و2024، ارتفع سعر الأونصة بنسبة تقارب 80%، مدفوعاً بعوامل أبرزها الحروب، العقوبات الدولية، سياسات الحمائية التجارية، وتخفيضات أسعار الفائدة التي قادتها الولايات المتحدة وأوروبا. قطر استغلت هذا الاتجاه بذكاء. فبدلاً من إبقاء احتياطياتها في ودائع منخفضة العائد، حولت جزءاً منها إلى ذهب، فارتفعت قيمة المعدن المملوك للمصرف المركزي القطري من نحو 757 مليون دولار في 2015 إلى أكثر من 9.2 مليار دولار بنهاية 2024. في المقابل، تراجعت نسبة العملات الأجنبية من إجمالي الاحتياطي من أكثر من 50% عام 2015 إلى أقل من 35% في 2024. هذا التحول لم يكن مجرد استجابة آنية، بل يعكس تصوراً جديداً لدور الذهب كأصل استراتيجي لا يتآكل بفعل التضخم أو تقلبات السوق. قطر في الصدارة خليجياً لا توجد دولة خليجية أخرى بادرت إلى شراء الذهب منذ عقود. السعودية والإمارات والكويت والبحرين وعُمان حافظت على احتياطياتها القديمة دون تحديث يُذكر، ويُحتسب الذهب لديها بقيمته التاريخية لا السوقية. هذا يعني أن احتياطياتها الثمينة تبقى 'راكدة' من حيث القيمة المحاسبية، ولا تعكس الارتفاع الفعلي في أسعار الذهب. قطر، على النقيض، تنتهج سياسة تقييم الذهب بسعر السوق، ما يجعل أرقامها أكثر شفافية ويعزز من قدرتها على رصد الأداء الحقيقي لاستثماراتها. تقديرات للأرباح بالرغم من غياب بيانات رسمية مفصلة عن أرباح الاستثمار في الذهب، إلا أن التقديرات تشير إلى أرقام معتبرة. في عام واحد فقط (بين نهاية 2023 ونهاية 2024)، اشترت قطر نحو 9.9 أطنان من الذهب، ارتفع خلالها سعر الأونصة من 2050 إلى 2617 دولاراً. هذه العملية وحدها قد تكون قد حققت أرباحاً تقدر بـ197 مليون دولار تقريباً. ومنذ عام 2020، ارتفع إجمالي الذهب الذي تمتلكه قطر من نحو 56 طناً إلى أكثر من 112 طناً، ما يعني أن الأرباح المتراكمة على مدى خمس سنوات قد تكون مضاعفة بعدة مرات. الذهب كملاذ في أوقات الأزمات التوجه نحو الذهب يتجاوز الحسابات الربحية قصيرة الأجل. فالذهب يُعتبر ملاذاً آمناً في أوقات التوتر العالمي. وقد أسهمت أحداث مثل الحرب الروسية الأوكرانية، العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، والتوتر في مضيق تايوان، في تغذية الطلب عليه. كما أن الحرب التجارية المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، والعقوبات المتزايدة على قوى إقليمية، أدت إلى فقدان الثقة بالدولار واليورو، وهو ما دفع البنوك المركزية – ومنها القطرية – إلى رفع حيازتها من الذهب بشكل غير مسبوق. دروس للدول الأخرى اللافت أن دولاً عربية ذات احتياطيات نقدية متواضعة مقارنة بقطر، مثل لبنان والأردن ومصر، تمتلك نسباً أعلى من الذهب في احتياطاتها. إذ تصل النسبة إلى أكثر من 50% في لبنان و23% في مصر، ما يعكس إدراكاً مبكراً لأهمية هذا المعدن في تحصين الاقتصاد. لكن ما يميز قطر أنها تدخلت في التوقيت المناسب واستفادت من طفرة الأسعار، بينما بقيت دول الخليج الأخرى على هامش هذا التحول. آفاق المستقبل من المتوقع أن يستمر الطلب على الذهب في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية والغموض الاقتصادي العالمي. ويبدو أن الدوحة تدرك ذلك جيداً، فقد واصلت الشراء حتى فبراير 2025 بإضافة طنين آخر إلى مخزونها. إذا واصلت قطر هذه السياسة، فقد تكون على موعد مع المزيد من المكاسب، خصوصاً إذا تسارعت الأزمات العالمية أو استمرت أسعار الفائدة بالانخفاض. وفي غياب مبادرات مماثلة من دول الخليج الأخرى، تبقى قطر المثال الخليجي الوحيد على توظيف الذهب كأداة فعالة للتحوط وتعظيم الأرباح في عالم لا يمكن التنبؤ به.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store