أحدث الأخبار مع #لوبن


Independent عربية
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
فوبيا اليمين... لماذا يخشى العالم ساسته؟
أواخر مارس (آذار) الماضي، حكم القضاء الفرنسي بمنع زعيمة حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف مارين لوبن من الترشح للانتخابات لخمسة أعوام، وحكم أيضاً عليها بالسجن أربعة أعوام، عامان منها تحت المراقبة بسوار إلكتروني، وذلك يعني أنها لن تتمكن من المنافسة في رئاسيات 2027. حوكمت لوبن بتهم تتعلق بـ"اختلاس الأموال العامة" و"التواطؤ في اختلاس الأموال العامة"، وكان الادعاء التمس الحكم عليها بعقوبة تصل إلى خمسة أعوام سجناً، منها ثلاثة مع وقف التنفيذ، وغرامة قدرها 300 ألف يورو (341 ألف دولار). وكانت لوبن قالت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 "إنهم يسعون إلى قتلي سياسياً". بين الملاحقة والمحاكمة القضائية رأى البعض أن المحاكمة لا تخرج عن السياق السياسي لمسيرة زعيمة "التجمع الوطني" الفرنسية مارين لوبن، بل يمكن مقارنة ما حصل معها بشواهد كثيرة حول العالم. وهناك عديد من الأمثلة البارزة عن زعماء يمينيين حول العالم خضعوا للملاحقة أو المحاكمة القضائية وكثير منهم أثناء توليهم الحكم أو بعده، وغالباً في سياقات سياسية حساسة. فمن الولايات المتحدة إلى إسرائيل، ومن فرنسا إلى البرازيل، تتكرر الصورة ذاتها، قادة يمينيون يحققون صعوداً شعبياً واسعاً، ثم يجدون أنفسهم في مواجهة آلة قضائية تنقض عليهم في لحظة سياسية حرجة. والمشترك بينهم هو أنهم يمثلون تيارات يمينية قومية أو شعبوية، ويصطدمون غالباً مع مؤسسات الدولة التقليدية، بخاصة القضاء والإعلام، وفي معظم الحالات، لا ينظر إلى محاكمتهم على أنها مجرد تطبيق للقانون، بل كجزء من صراع أعمق بين "الديمقراطية الشعبوية" والمؤسسات الليبرالية الكلاسيكية. من بين هؤلاء القادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي حوكم في أكثر من قضية جنائية، ودين في مرحلة من مراحل المحاكمة بـ34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات تجارية من الدرجة الأولى، وأيضاً محاولة قلب نتائج انتخابات 2020، ودفع أموال لشراء صمت ممثلة إباحية (ستومي دانيالز)، وتخزين وثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض، ورأى أنصاره حينها أن المحاكمات تهدف إلى منعه من الترشح مجدداً عام 2024. ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يحاكم منذ عام 2020 في ثلاث قضايا فساد ورشى وخيانة الأمانة. لكنه يصف التحقيقات بأنها "مطاردة سياسية"، ويخوض معركة لتعديل النظام القضائي لتقليص صلاحياته. وزعيم "حزب الحرية" اليميني في هولندا خيرت فيلدرز، خضع لمحاكمة بتهمة التحريض على الكراهية ضد المغاربة، بعد خطاب شعبوي، ودين بالفعل لكن من دون توقيع عقوبة بالسجن عليه. والرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، واجه عدة تحقيقات، من بينها سوء إدارة جائحة كورونا، والتحريض على انقلاب بعد خسارته الانتخابات، والتحقيق بتزوير وثائق تطعيم، ومنعه القضاء موقتاً من الترشح حتى 2030. ورئيس الوزراء الإيطالي السابق والزعيم اليميني الشعبوي سيلفيو برلوسكوني، حوكم في عدة قضايا فساد وتهرب ضريبي، وقضية شهيرة تتعلق باستغلال قاصر (روبي غيت). ودين في بعضها، لكنه بقي مؤثراً سياسياً حتى وفاته عام 2023. وهناك رئيس الوزراء المجري الحالي فيكتور أوربان، الذي لم يحاكم شخصياً، لكنه واجه ضغوطاً واتهامات من الاتحاد الأوروبي في شأن قمع الحريات واستغلال المال العام. ويتهم ببناء "نظام استبدادي انتخابي"، مع تضييق على القضاء والإعلام، علماً أنه يتبوأ منصبه منذ مايو (أيار) 2010. تحييد زعماء اليمين بالقانون هذه الأمثلة لا تعكس فقط ملاحقات قانونية، بل تظهر كيف أن المؤسسات القضائية قد تحولت إلى أداة دفاع متقدمة عن النظام القائم، في مواجهة زعامات تصف نفسها بأنها "معبرة عن إرادة الشعب ضد النخبة". ويزداد الشك حين تتكرر نماذج التوقيت السياسي الحساس، والملفات التي تفتح بعد أعوام من الصمت، والإعلام الموجه الذي يسبق المحاكمات ويصوغ الرأي العام قبل صدور أي حكم. وهكذا، يجد خصوم اليمين أنفسهم في مأزق، كيف يواجهون زعماء يصعب هزيمتهم انتخابياً؟ الجواب، كما يبدو في عدد من السياقات، هو تحييدهم بالقانون بدل صناديق الاقتراع. لكن هذا المسار يحمل مخاطرة، إذ يقوض ثقة الجمهور بالمؤسسات، ويمنح هؤلاء القادة شرعية إضافية في أعين أنصارهم باعتبارهم "ضحايا للنظام" لا مجرد متهمين. وهو ما يجعل المعركة اليوم ليست فقط على السلطة، بل على تعريف الديمقراطية نفسها، هل هي حكم المؤسسات أم حكم الشعب؟ اليمين الصاعد… لماذا يخشاه العالم؟ في كل مرة يحقق فيها زعيم يميني تقدماً في صناديق الاقتراع، ترتفع مستويات القلق في عواصم القرار الكبرى، وتبدأ الأسواق بالتذبذب، وتستعد المؤسسات السياسية والإعلامية لموجة من "التحذيرات الاستباقية". وكأن صعود هؤلاء ليس مجرد منافسة ديمقراطية، بل خلل في قواعد اللعبة السياسية. الخوف من الزعماء اليمينيين لا ينبع فقط من مواقفهم المتشددة تجاه الهجرة، أو رفضهم الثقافة الليبرالية، بل من كونهم يخترقون النظام من داخله، ويهددون بإعادة تشكيله وفق منطق شعبوي، قومي، ومعاد للنخبة الحاكمة. و"خطرهم" أنهم لا يأتون كقادة انقلابيين، بل كـ"ممثلي الشعب" الذين يعدون بإسقاط امتيازات الطبقة السياسية التقليدية، وبهذا يتحولون إلى خطر مزدوج، سياسي على النخبة ومؤسسي على النظام. ووسط عالم يتجه نحو التعددية الثقافية والتحالفات الدولية والانفتاح الاقتصادي، يأتي "الزعيم اليميني" بخطاب يعيد تعريف السيادة، الهوية، والأولوية الوطنية… وغالباً ما يترجم هذا إلى توتر مع الحلفاء وانقسام داخلي وصراع مع القضاء والإعلام والمؤسسات. فلماذا كل هذا الذعر من قادة يفترض أنهم نتاج آليات ديمقراطية، وهل فعلاً يشكلون خطراً على الأنظمة، أم إنهم مجرد انعكاس لتحولات شعبية عميقة لا تريد النخبة الاعتراف بها؟ التحريض ضد المهاجرين إحدى سمات اليمين المتطرف (أ ف ب) في كل موجة انتخابية تجتاح أوروبا أو أميركا اللاتينية أو حتى إسرائيل يبرز سؤال محوري في الإعلام والنقاشات السياسية، هل نحن أمام صعود جديد لليمين المتطرف، ولماذا هذا الصعود يثير كل هذا القلق؟ لا تنبع الخشية العالمية من صعود اليمين، فقط من سياسات الهجرة أو المواقف المتشددة من الأقليات، بل من تحولات أعمق تمس بنية النظام الديمقراطي العالمي، وتعيد إحياء نماذج حكم راديكالية كانت وراء كوارث القرن الـ20. الذاكرة التاريخية يأتي الخوف من اليمين المتشدد المشبع بذاكرة الجماعات الفاشية والنازية، التي لم تصل إلى السلطة عبر انقلابات، بل عبر صناديق الاقتراع. لذلك فإن أي خطاب عن "تفوق قومي"، أو "نقاء ثقافي"، أو "استرداد الهوية"، يقرأ فوراً كجرس إنذار يعيد التذكير بأن الديمقراطية قد تنتج نقيضها من داخلها. وغالباً ما تربط الأحزاب اليمينية بين الأمن والاستقرار، وتقييد الحريات المدنية، خصوصاً حرية التعبير، وحقوق اللاجئين والمهاجرين، وحرية الصحافة، وهذا ما يعد تهديد منظومة الحقوق، ويقوض الركائز الليبرالية التي قامت عليها الدولة الحديثة. تبني الشعبوية بدل المؤسسات في العادة يميل اليمين المتشدد إلى "تسييل" السلطة نحو الزعيم بدل توزيعها بين المؤسسات. وهو يستخدم الشعبوية كأداة لإلغاء النخبة والمؤسسات الرقابية، مما يفتح الباب أمام الاستبداد السياسي المقنع. ومن المآخذ على ذلك اليمين أن يدول خطاب الكراهية بفضل الإعلام الرقمي، بحيث لم يعد خطاب اليمين المتطرف محصوراً في بلد بعينه، بل أصبح عابراً للحدود، يلهم حركات مشابهة في أماكن مختلفة من العالم، مما يهدد التعددية الثقافية والفكرية على نطاق كوكبي. وغالباً ما يترافق صعود اليمين مع انسحاب الدول من الالتزامات الدولية في شأن المناخ وحقوق الإنسان والمهاجرين والتحالفات الأمنية. وعلى سبيل المثال، كما حصل عند وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب. هذا التفكك يهدد بنية النظام العالمي، ويضعف قدرة المجتمع الدولي على التعامل مع الأزمات العابرة للحدود، مثل الحروب والأوبئة وتغير المناخ. من هنا، فإن الخوف من صعود اليمين ليس مجرد "فوبيا سياسية"، بل قلق حقيقي من انزلاق العالم نحو أنظمة مغلقة، لا تحتمل الاختلاف، وتؤمن بالقوة لا بالقانون. إنه تحذير من أن الديمقراطية، إذا لم تُحمَ، فقد تتحول إلى جسد فارغ تسكنه الشعبوية والعداء للآخر. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) يخالف الباحث في "مركز كارنيغي" ببيروت مهند الحاج علي، وجهة النظر هذه ويقول لـ"اندبندنت عربية"، "لا أعتقد أن العالم يخشى من صعود اليمين، لأن جزءاً كبيراً من الناس يصوتون في هذا الاتجاه. مع فروق وفقاً للبلد والقارة، هناك مظالم مشتركة مثل الهجرة المتزايدة من دول الجنوب، والهوة المتسعة بين الأغنياء والفقراء والتضخم الذي أنتج أزمة سكن تحديداً في المدن الكبرى وضواحيها". "اليمين... أكثرية وازنة" يقول الصحافي المتخصص في الشأن الأوروبي المقيم في باريس تمام نور الدين، إن هناك أكثر من نقطة أدت إلى صعود ما يسمى "اليمين المتطرف"، الذي لم يعد متطرفاً لأنهم أصبحوا أكثرية وازنة، وهناك جماعات متطرفة أكثر منهم. هناك موضوع لا يركز عليه كثر وهو التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي، الذي بوسعهم إيصال الأفكار إلى المتلقين، وهذا لم يكن متاحاً سابقاً، إذ أصبح بإمكان الجميع الكتابة ونشر الفيديوهات حتى لو كان على سبيل دس السم في العسل". ويتابع نور الدين، "إن عقم وإفلاس الأحزاب التقليدية التي كانت تتناوب على الحكم من يمين ويسار، مثلاً في فرنسا اليمين الديغولي يعاني عقماً، كما أن الديغوليين انقرضوا مع الرئيس جاك شيراك الديغولي الأخير. والحزب الاشتراكي الفرنسي اضطر لبيع المبنى التابع له لأنه لم يعد يستطيع أن يدفع مصاريف المبنى من أعمال صيانة وتدفئة، لأنه خسر في عديد من الانتخابات. ومعلوم أن الدولة الفرنسية هي التي تمول الأحزاب، فمثلاً يتقاضى كل حزب خمسة يوروهات (5.69 دولار) على كل صوت يحصل عليه عبر الانتخابات. من هنا خسر هذا الحزب كثيراً من تمويل الدولة بسبب خسائره المتتالية". وعود ومشاريع انتخابية واهية برأي الصحافي المتخصص في الشأن الأوروبي تمام نور الدين، "أن الناس جربت اليسار واليمين التقليديين، ورأت أنه لا يوجد نتيجة، فقط مجموعة تتناوب على الحكم، وداخل المنظومة نفسها في كل حزب، ووعود بمشاريع كلها مشاريع انتخابية، وفي النهاية لا أحد ينفذ شيئاً من تلك الوعود. من هنا تقول الناس (لماذا لا نجرب شيئاً جديداً)، والشيء الجديد هو الذهاب نحو من يعدون شعبويين، إن كان (اليمين المتطرف) أو (اليسار المتطرف)، فمثلاً في اليونان ربح اليسار المتطرف، وذلك بسبب سياسات صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي، ولن يكون مفاجئاً أن تتجه دولة انتخبت يساراً متطرفاً، نحو انتخاب اليمين المتطرف، لاحقاً". وفي حديثه يشير تمام نور الدين إلى أن "الأزمات الاقتصادية بعد فتح الحدود بين الدول، وحرية التصدير ونقل البضائع من مكان إلى مكان من دون دفع جمارك، وحرية نقل المصانع، مثلاً هناك مصانع ومعامل أقفلت في فرنسا وصرفت عمالها، وذهبت لتعمل من أوروبا الشرقية التي انضمت للاتحاد الأوروبي مثل رومانيا وغيرها، وصولاً إلى الصين كشركة (مولينكس)، بسبب رخص اليد العاملة هناك. هذا العامل الذي يصبح في الشارع من بعد أعوام لممارسته عملاً معيناً، كيف سيجد عملاً بصورة سريعة أو كيف سيتعلم مهنة عندما يكون قد أصبح في عمر معين. ومن ثم الغلاء المعيشي الفاحش وغير المسبوق ومنذ سنوات، ويعود بعض من أسبابه لارتفاع أسعار البترول، والحرب الروسية - الأوكرانية؟". ومضى في حديثه "في فرنسا مثلاً حياة الناس مرتبطة بأسعار الغاز، حيث يدفع أي بيت نحو ألفي يورو (2247 دولاراً) في السنة للتدفئة. كما لم يطرأ أي زيادة على رواتب الموظفين منذ عام 2006، من هنا فإن القدرة الشرائية لدى الناس في انخفاض مستمر". ويتابع أن "هذا الخوف من المستقبل حيث يعد المواطن الأوروبي العادي أننا ذاهبون نحو المجهول، وذلك بسبب الإشاعات التي تتحدث أنه بعد فترة ستفقد الناس رواتب تقاعدها، والدول ستفلس في ظل الديون المتراكمة عليها. أيضاً هناك الخوف من انتهاء حلف 'الناتو'، وذلك منذ ما قبل ولاية ترمب الأولى، بحيث يطرح المواطن الأوروبي سؤالاً بسيطاً، من سيحمي ويدافع عن أوروبا في حال انتهى حلف 'الناتو'، وما هي السياسة الدفاعية في حال حصل هذا الشيء؟". ويقول نور الدين أيضاً إن "هناك ضيقاً عند الناس والقانونيين من سياسات الاتحاد الأوروبي، إذ إن المشرفين على وضع المعايير والقوانين منفصلون عن الواقع، ويعملون على أمور تقنية قد لا تهم ولا تؤثر بصورة مباشرة في حياة الفرد اليومية، بل أحياناً تكون مؤذية كموضوع إيجارات البيوت واقتناء السيارات القديمة". الهجرة والهوية برأي الصحافي المتخصص في الشأن الأوروبي تمام نور الدين أن "من المواضيع المهمة التي يعمل عليها (اليمين المتطرف) هي الهجرة والهوية، عندما تسير في شوارع وترى أن المهاجرين أنفسهم يحاولون الحفاظ على هويتهم، يبدو أن هناك تناقضاً بين أهداف المهاجر الذي يسعى لبناء حياة جديدة، وما يقوم به عند وصوله إلى بلد المهجر من تمسكه بهويته. وهذا ما ينعكس على الفرد الغربي من خشية بأن يصبح هؤلاء المهاجرون أكثر عدداً من السكان الأصليين أصحاب البلد، وهذا ما نتج منه صراع هويات". وختم حديثه بالقول، "هناك عديد من المهاجرين يأتون من شمال أفريقيا والشرق الأوسط وينجبون بكثرة، ويعيشون على حساب المساعدات الاجتماعية التي تقدمها الدول لهم. كما أن مسؤولية العدد الأكبر من الجرائم والاتجار بالمخدرات، تقع على عاتق هؤلاء المهاجرين، أو من هم من أصول مهاجرة".


الشرق الأوسط
١٨-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- الشرق الأوسط
إبعاد لوبن... هل تتحوّل المتاعب القضائية منفعةً سياسية؟
أثارت إدانة مارين لوبن، زعيمة رئيسة حزب «التجمّع الوطني» اليميني المتطرف، في قضية الوظائف الوهمية، اضطراباً كبيراً في المشهد السياسي الفرنسي بين مؤيد لقرار العدالة الفرنسية ومعارض لها. وأيضاً فتحت باب النقاش حول مستقبل أقوى قوى اليمين المتطرف وزعيمته التاريخية التي ستمنع - ما لم تتمكن من إلغائه بقرار قضائي جديد - من تقديم ترشّحها لأي منصب سياسي لمدة خمس سنوات؛ وهو ما يعني القضاء على طموحها في خلافة الرئيس إيمانويل ماكرون في 2027. أضف إلى ذلك أن هذا الإبعاد قد يعني أيضاً إضعاف هيمنة «آل لوبن»، الذين سيطروا على المناصب الريادية في ثاني أهم تشكيل سياسي فرنسي منذ أسسه جان ماري لوبن (والد مارين) عام 1972، والاحتمال الآخر هو أن تتحول المتاعب القضائية حجّة مثالية للعب دور «الشهيد السياسي» وحشد التأييد والفوز بالانتخابات. وللعلم، بيّنت دراسة أخيرة لاستطلاع الرأي من معهد «إيلاب» أن لوبن تبقى الأوفر حظاً في الفوز بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية المقبلة. في مقال بعنوان «مارين لوبن تُدان في قضية البرلمانيين الأوروبيين، بماذا يتهمها القضاء الفرنسي؟» وصفت صحيفة «لوموند» القضية التي تهدّد بالقضاء على المستقبل السياسي لزعيمة حزب «التجمّع الوطني» اليميني المتطرف بأنها من أهم قضايا الفساد المالي التي تورّط فيها سياسيون فرنسيون على الإطلاق. فالقضية امتدت لأكثر من 20 سنة (بين 2004 و2016)، وبدأت مع زعيم الحزب السابق (المتوفى) جان ماري لوبن الذي لجأ إلى التحايل المالي، واستمرت مع ابنته مارين إثر تسلمها زعامة الحزب عام 2011. ولقد أفضت تحقيقات القضاء الفرنسي إلى الكشف عن شبكة معقَّدة من التوظيف الوهمي للمساعدين البرلمانيين، كما وصل فيها مقدار الأموال المُختلسة إلى أربعة ملايين ونصف المليون يورو، وعدد المتورطين إلى 12 شخصاً كانوا يتقاضون رواتبهم من البرلمان الأوروبي بينما كانوا يعملون لصالح الحزب اليميني المتطرف؛ وهو ما يعدّ جناية يعاقب عليها القانون الفرنسي. القضاء الفرنسي عدَّ أن دور مارين لوبن في هذه القضية كان مركزياً؛ لأنها شجَّعت هذه الممارسات، بل أجبرت بعض مساعديها على تبنّيها بحجّة التصّدي للعجز المالي الذي كان يعاني منه الحزب. حيث نقرأ مثلاً في تقرير «المكتب الأوروبي لمكافحة التحايل» الذي تولى التحقيقات أن لوبن كانت توظّف رسمياً حارسها الشخصي ومديرة أعمالها على أساس أنهما مساعدان برلمانيان بينما كانا يعملان فعلياً في مقر الحزب بضاحية نانتير قرب باريس. المساعدة، بالذات، لم تُمضِ داخل البرلمان الأوروبي، حسب تحقيقات «المكتب»، سوى 12 ساعة... وكان كل عملها في مقر الحزب. كذلك، كشفت المراسلات التي قدمها المدعي العام في جلسات المرافعة عن أن لوبن كانت على دراية تامة بأن هذه الممارسات غير قانونية، لكنها تجاهلت تحذيرات مسؤولي المحاسبة والمالية. ولكن، في الولايات المتحدة وإيطاليا ورومانيا، وفّرت قرارات إدانة سياسيين تورّطوا في قضايا فساد مالي فرصة ذهبية لعكس الأوضاع وتقمُّص الجاني دور الضحية. وحصل هذا عبر الهجوم على القضاة باعتبارهم امتداداً «للنظام الفاسد»، وطرفاً في «المؤامرة» التي تحاك ضدّهم. وهذا، بالضبط، ما حاول معسكر لوبن فعله بعد صدور قرار الإدانة. إذ فتح معركة «آراء» لمحاولة إقناع الفرنسيين بأن الحكم الذي صدر في حق زعيمتهم «ضربة للمبادئ الديمقراطية» و«استهداف» لأحد أكثر التشكيلات السياسية شعبية في فرنسا. جوردان بارديلا (آ ف ب) وحقاً دعا معسكر لوبن إلى تجمّع في 6 من أبريل (نيسان) الحالي للتنديد بقرار العدالة الفرنسية، لم يحضره، حسب أرقام الصحافة الفرنسية، سوى 5000 شخص. وفي الخطاب الذي ألقته خلال هذا التجمع قالت الزعيمة المتطرفة إن «حزبها لا يطالب بأن يكون فوق القانون، لكنه لا يريد أن يكون تحت القانون أيضاً». واعتبرت أن الحكم القضائي الذي صدر ضدها كان «مُسيساً» ويستهدفها بشكل خاص، مضيفة: «الهدف الوحيد للقضاء هو منعي من تمثيل حزبي في الرئاسيات... على المرء أن يكون أعمى وأصّم حتى لا يفهم ذلك». استراتيجية الهجوم على القضاء الفرنسي وتقمّص دور الضحية لم يثمرا أمام وسائل الإعلام الفرنسي التي هاجمت لوبن واتهمتها «بالنفاق» والتهرب من المسؤولية، وبالأخص بعدما كُشف عن تسجيلات ولقاءات صحافية قديمة تبدو فيها وهي تدعو إلى التعامل «بحزم» و«صرامة» مع السياسيين المخالفين للقانون «ليس فقط بالإبعاد السياسي لبضع سنوات، بل بالإبعاد السياسي نهائياً». ففي لقاء تلفزيوني من عام 2013 علّقت على قضية الفساد المالي التي تورط فيها جيروم كازوياك، الوزير الاشتراكي السابق، قائلة: «سمعت رئيس الحكومة وهو يصرّح بأنه يجب تطبيق الإبعاد السياسي على كل من أُدين في قضية التهرب الضريبي حقاً؟ ولِمَ لا الوظائف الوهمية؟ نعم... ولِمَ لا؟ كل الأحزاب السياسية متورّطة في قضايا اختلاس ما عدا حزب الجبهة الشعبية (الاسم القديم للتجمّع الوطني). الفرنسيون سئموا من هذه الممارسات والمطلوب المعاقبة بحزم». جان ماري لوبن (آ ف ب) التعليقات التي أعقبت ظهور هذا الأرشيف شملت هجوماً على لوبن التي تنادي بتطبيق القانون، لكنها ترفضه حين يتعلق الأمر بها وبحزبها السياسي. إذ وصف الوزير اليميني السابق كازفي برتران موقف مارين لوبن «بمسرحية النفاق الكبيرة»، مردفاً: «لتكفّ عن تقمُّص دور الضحية، وكأن التجمع الوطني لا يملك سوى مرشح واحد؟ عندهم مرشح ثانٍ اسمه جوردان بارديلا وهو ينتظر الترشح منذ مدة». وركّز آخرون على علاقة اليمين المتطرف بـ«المجموعة الأوروبية»، مذكّرين بأن زعماء هذا التيار كانوا أكثر من هاجم الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، لكنهم لم يترددوا في التحايل عليه لاستغلال دعمه المالي. ونشرت صحيفة «ليبراسيون» ما يلي: «المرأة التي لطالما بصقت على الاتحاد الأوروبي، كانت تستغله بشكل واسع لخدمة أغراضها الشخصية. إنه نفاق واستهزاء وتعّدٍ على القانون في آن واحد». ولئن كانت أحزاب اليسار واليمين قد اتفقت على احترام استقلالية السلطة القضائية وتجنب انتقاد قرارتها، فإن تشكيلات اليمين المتطرف الأخرى ساندت لوبن بمهاجمة قرار القضاء، منهم زعيم حركة «روكونكيت» إيريك زمّور، الذي كتب على منصة «إكس» ما يلي: «ليس من مهام القضاة إقرار مَن هو أهل للترشح في الانتخابات ومن ليس أهلاً»، مندّداً بما وصفه بـ«السلطة المُفرطة للقضاة». أما خارج فرنسا، فكان لافتاً الدعم الذي حظيت به لوبن من قيادات أجنبية قريبة من التيارات الشعبوية المحافظة كالرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي صرّح في منصّته الخاصة «تروث سوشيال» بما يلي: «أطلقوا سراح مارين لوبن... لقد تكبّدت الكثير من الهزائم، والآن وقد اقتربت من الفوز يحاولون النيل منها بسبب تهمة بسيطة... إنها مطاردة الساحرات...». وكذلك فعل نائبه جي دي فانس الذي اعتبر أن ما حدث للوبن في فرنسا «لا يتوافق مع أعراف الديمقراطية». وأيضاً رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الذي كتب: «أنا مارين» على منصة «إكس» تضامناً معها. أما الكرملين، فقد استنكر قرار المحكمة وعدّه «انتهاكاً للمعايير الديمقراطية». مارين لوبن (آ ف ب) بنسب نوايا تصويت تتراوح ما بين 32 و49 في المائة في الرئاسيات المقبلة تبدو حظوظ حزب «التجمّع الوطني» في الترشح للدور الثاني، بل والفوز بالرئاسيات قوية. ولذا؛ فإن المحيط المقرَّب لمارين لوبن لا يزال متشبثاً بتقديم ترشحها للرئاسيات رغم المصاعب القضائية. فهي الزعيمة التاريخية التي تعلمت السياسة منذ الصغر على يد والدها مؤسّس الحزب وأول من قاد اليمين المتطرف إلى الدور الثاني في الانتخابات الرئاسية عام 2002. ثم منذ تسلُّم مارين زعامة الحزب عام 2011، حرصت على تلميع صورة الحزب، مستغلة تراجع اليسار وفشله باستقطاب الطبقات العاملة وسكان الأرياف، كما تقرّبت مع يهود فرنسا لكسب أصواتهم، ولم تتردد في إقصاء والدها من المكتب السياسي للحزب عام 2015 بسبب تصريحاته «المعادية للسامية» وشخصيته المثيرة للجدل. وفعلاً، دراسات عديدة سجّلت تحسُّناً لصورة «التجمّع الوطني» منذ انتقال الزعامة من جان ماري لوبن إلى ابنته. أيضاً أحكمت الابنة قبضتها على كل أجهزة الحزب بعدما وضعت أفراد عائلتها وأصدقاءها في المناصب الاستراتيجية. ولقد كتب لوك روبون، الباحث في معهد «سيانس بو» للعلوم السياسية، على صفحات جريدة «لوبنيون» في موضوع بعنوان «تابوه خطّة بارديلا للسباق الرئاسي» ما يلي: «لو كان حزب التجمع حزباً عادياً، لانسحبت مارين لوبن فوراً ليجري تنظيم الانتخابات حول جوردان بارديلا، لكنه حزب «تراثي» ورثته البنت عن والدها، وكل أعضائه يدينون بالولاء الشخصي لمارين لوبن، وكل محاولات الابتعاد أو التمرد تنتهي بالإقصاء. وأكبر مثال المصير الذي لقّيه برونو ميغريه، النائب السابق لجان ماري لوبن، الذي حاول الاستحواذ على زعامة الحزب عام 1999 فأقصي منه نهائياً وانتهى باعتزال النشاط السياسي، أو فلوريان فيليبو أحد أقرب المقربّين لمارين لوبن، لكنه أيضاً أقصي من «التجمّع» عام 2017 بعدما حاول الترشح لزعامة الحزب. في أي حال، تبقى آمال ترشح لوبن معلقة على نتائج الطعن الذي قدمته للعدالة، والذي قد يفضي إذا نجح إلى التبرئة أو تقليص مدة الابعاد السياسي إلى سنتين؛ ما سيسمح لها بخوض الانتخابات قبل ستة أشهر من تنظيمها. وهنا يستشهد مناصرو لوبن بوضع رئيس الوزراء الحالي فرنسوا بايرو، الذي كان قد اتهم أيضاً بقضية وظائف وهمية لمساعدين برلمانيين أوروبيين بين 2005 و2017، لكنه حصّل على البراءة في جلسة الطعن على أساس قاعدة «تفسير الشّك لمصلحة المتهم» وهو الآن يشغل منصب رئيس الوزراء وكأن شيئاً لم يكن. > على الرغم من شعبية مارين لوبن، ثمة أصوات كثيرة داخل حزب «التجمّع الوطني» بدأت تعبر عن قلقها من استراتيجية «إنكار الواقع» التي تتبعها الزعيمة التاريخية على مستقبل الحزب اليميني المتطرف، خاصةً أن «سيناريو» ترشحها للسّباق الرئاسي عام 2027 بات مستبعداً بسبب صلابة الأدلة التي تدينها، والتي لا تدع مجالاً للأمل في نتائج الطعن. وأيضاً هناك التداعيات السلبية لقضية التحايل المالي، فمنذ خبر إدانتها اهتزت صورة الزعيمة اليمينية المتطرفة لدى الرأي العام. ولقد نشرت صحيفة «ويست فرانس» استطلاعاً للرأي تبّين من خلاله بأن 64 في المائة من الفرنسيين (أي أكثر من النصف) موافقون على تطبيق عقوبة الإبعاد السياسي على السياسيين المتورطين في قضايا فساد، و53 في المائة منهم يعتبر أن القضاء الفرنسي عامل لوبن كأي شخصية أخرى دون أي نوع من أنواع الإجحاف أو الظلم. والأهم أن الاستطلاع نفسه كشف عن أن 66 في المائة من الفرنسيين يرون أن إقصاء لوبن عن تمثيل «التجمّع الوطني» في الانتخابات الرئاسية المنتظر تنظيمها في 2027 لن يشكل عائقاً... «بل قد يكون إيجابياً على مستقبل وصورة الحزب». للتذكير، القضاء الفرنسي كان قد أصدر بحق لوبن أواخر مارس (آذار) الماضي حكماً بالسجن لأربعة سنوات، منها سنتان نافذتان، والإبعاد السياسي لمدة خمس سنوات، وغرامة مالية تقدر بـ100 ألف يورو في قضية تتعلق بالاحتيال المالي والتلاعب في توظيف مساعدين برلمانين مع تزوير أوراق رسمية. هذه الأجواء خلقت انقسامات داخل «التجمّع» بين فريق مصرّ على ولائه للوبن، وآخر يطالب بالإسراع في تحضير جوردان بارديلا للانتخابات، والاستثمار في التعاطف الذي قد يثيره إقصاء الزعيمة اليمينية من الترشح، فالفرصة قد تكون «ذهبية» شرط استغلالها بسرعة قبل أن تضعف موجة التعاطف. وهذا أيضاً ما رأته مجلة «دير شبيغل» الألمانية التي اعتبرت أن أسوأ طريقة للتخلص من خطر اليمين المتطرف هو منع زعيمته من الترشح، وذهبت أبعد لتقول إن ما حدث للوبن في فرنسا «هبة من السماء» لليمين المتطرف سيستغلها معسكرها للتنديد بـ«المؤامرة السياسية القضائية» وحشد التعاطف.


Independent عربية
٠٦-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
تظاهرة لليمين المتطرف الفرنسي دعما لزعيمته مارين لوبن
ينظم اليمين المتطرف تظاهرة في باريس اليوم الأحد دعماً لزعيمته مارين لوبن التي صدر بحقها حكم قضائي يمنعها من خوض الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة بعد عامين، مع توقع خروج تحركات مضادة في العاصمة وسط مناخ سياسي متوتر. وشهدت فرنسا الأسبوع الماضي مفاجأة قضائية وسياسية وسط أزمات دولية، ولا سيما الحرب الروسية - الأوكرانية والنزاع في الشرق الأوسط والحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، علاوة على الأزمة السياسية الكامنة في البلاد. وإدانة حزب "التجمع الوطني" الذي يتصدر الاستطلاعات في فرنسا بتهمة اختلاس أموال عامة والتي تمنع لوبن المرشحة الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات الرئاسية من الترشح لهذا الاستحقاق، وضعت الطبقة السياسية تحت ضغوط قبل عامين من موعد اختيار خلف للرئيس إيمانويل ماكرون. وبحلول موعد الاستحقاق الرئاسي خلال صيف 2026، يتعين على محكمة الاستئناف في باريس النظر في قضية لوبن التي ترشحت ثلاث مرات وحكم عليها بالسجن أربع سنوات مع النفاذ لسنتين تضع خلالهما سواراً إلكترونياً، وبعدم أهليتها للترشح للانتخابات لخمس سنوات. ولا تنوي زعيمة كتلة الحزب الوطني في الجمعية الوطنية الاستسلام وتسليم قيادة اليمين المتطرف إلى رئيس حزبها جوردان بارديلا. وأكدت لوبن عبر الفيديو اليوم أمام نواب حزب الرابطة الإيطالي المناهض للهجرة الذي يتزعمه ماتيو سالفيني، المجتمعين في فلورنسا أن "معركتنا ستكون سلمية، معركة ديمقراطية. سنتخذ مثالاً من مارتن لوثر كينغ الذي دافع عن الحقوق المدنية". وندد حزبها اليميني المتطرف على لسان نائبه في الجمعية الوطنية جان-فيليب تانغي بـ"القضاة الطغاة"، داعياً إلى التظاهر دعماً للوبن عند الساعة 13:00 بتوقيت غرينيتش أمام نصب "ليزانفاليد" التذكاري في باريس الذي يضم قبر نابليون. من جهته اعتبر رئيس الوزراء فرنسوا بايرو خلال مقابلة أجرتها معه صحيفة "لو باريزيان" أن تنظيم تظاهرة احتجاجاً على قرار المحكمة أمر "غير سليم وغير مرغوب فيه". ويؤيده في هذا الموقف اليمين التقليدي، إذ يخشى كزافييه بيرتران رئيس منطقة أوت دو فرانس التي تتحدر منها لوبن، من احتمال حدوث "تقليد سيئ للكابيتول"، في إشارة إلى هجوم أنصار ترمب في السادس من يناير (كانون الثاني) عام 2021 على مبنى الكونغرس في واشنطن. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ورد نائب رئيس حزب الجبهة الوطنية سيباستيان شينو قائلاً "إنها ليست تظاهرة ضد القضاة"، بل "من أجل الديمقراطية ومن أجل مارين لوبن ومن أجل السيادة الشعبية". لكنه انتقد قرار المحكمة "الجائر" و"الإعدام الموقت الذي يمثل في الواقع إعداماً سياسياً للزعيمة السياسية الفرنسية الأبرز". وأعرب زعماء أجانب قوميون ويمينيون متطرفون عن دعمهم للوبن. واعتبر ترمب في منشور على منصته "تروث سوشال" أن لوبن تتعرض لحملة اضطهاد من "يساريين أوروبيين"، لكن بايرو سرعان ما انتقد هذا "التدخل" في شؤون بلاده. وينظم حزبا "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي و"الخضر" تظاهرة مضادة في "ساحة الجمهورية" في باريس التي تبعد نحو خمسة كيلومترات من "ليزانفاليد". واعتبر منسق الحزب مانويل بومبار اليوم أن التجمع الوطني كشف عن "وجهه الحقيقي" المتمثل في حزب "يشكل خطراً على الديمقراطية". وسيقام تجمع آخر، كان مخططاً له منذ أشهر في سان دوني بشمال باريس، بدعوة من حزب "النهضة" الوسطي المنتمي إلى المعسكر الرئاسي. ودعا رئيس الوزراء السابق غابريال أتال الذي يتزعم هذا الحزب، إلى المشاركة بأعداد كبيرة بعد الإعلان عن تظاهرة حزب "التجمع الوطني" للدفاع عن "سيادة القانون" و"الديمقراطية وقيمنا". وتساءل مسؤول مقرب من أتال "هل نريد أن تصبح فرنسا مثل أميركا- ترمب؟".


اليوم 24
٠٦-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- اليوم 24
تظاهرة لليمين المتطرف دعما لمارين لوبن وسط توترات تشهدها فرنسا
ينظم اليمين المتطرف تظاهرة في باريس الأحد دعما لزعيمته مارين لوبن التي صدر بحقها حكم قضائي يمنعها من خوض الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقررة بعد عامين، مع توقع خروج تظاهرات مضادة في العاصمة وسط مناخ سياسي متوتر. وشهدت فرنسا الأسبوع الماضي مفاجأة قضائية وسياسية، وسط أزمات دولية لاسيما الحرب الروسية الأوكرانية والنزاع في الشرق الأوسط والحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، علاوة على الأزمة السياسية الكامنة في البلاد. وإدانة التجمع الوطني، الحزب الذي يتصدر الاستطلاعات في فرنسا، بتهمة اختلاس أموال عامة، والتي تمنع لوبن، المرشحة الأوفر حظا للفوز في الانتخابات الرئاسية، من الترشح لهذا الاستحقاق، وضعت الطبقة السياسية تحت ضغوط، قبل عامين من موعد اختيار خلف للرئيس إيمانويل ماكرون. وبحلول موعد الاستحقاق الرئاسي في صيف 2026، يتعين على محكمة الاستئناف في باريس النظر في قضية لوبن التي ترشحت ثلاث مرات وحكم عليها بالسجن أربع سنوات مع النفاذ لسنتين تضع خلالهما سوارا إلكترونيا، وبعدم أهليتها للترشح للانتخابات لخمس سنوات. لا تنوي زعيمة كتلة الحزب الوطني في الجمعية الوطنية الاستسلام وتسليم قيادة اليمين المتطرف إلى رئيس حزبها جوردان بارديلا. وأكدت لوبن عبر الفيديو الأحد أمام نواب حزب الرابطة الإيطالي، المناهض للهجرة والذي يتزعمه ماتيو سالفيني، المجتمعين في فلورنسا أن « معركتنا ستكون سلمية، معركة ديموقراطية. سنتخذ مثالا من مارتن لوثر كينغ الذي دافع عن الحقوق المدنية ». وندد حزبها اليميني المتطرف على لسان نائبه في الجمعية الوطنية جان-فيليب تانغي بـ »القضاة الطغاة »، داعيا إلى التظاهر دعما للوبن عند الساعة 13,00 بتوقيت غرينتش أمام نصب « ليزانفاليد » التذكاري في باريس الذي يضم قبر نابليون. من جهته، اعتبر رئيس الوزراء فرنسوا بايرو في مقابلة أجرتها معه صحيفة « لوباريزيان » أن تنظيم تظاهرة احتجاجا على قرار المحكمة أمر « غير سليم وغير مرغوب فيه ». ويؤيده في هذا الموقف اليمين التقليدي، إذ يخشى كزافييه بيرتران رئيس منطقة أوت دو فرانس التي تتحدر منها لوبن، من احتمال حدوث « تقليد سيء للكابيتول »، في إشارة إلى هجوم أنصار للرئيس الأميركي دونالد ترامب في السادس من كانون الثاني/يناير 2021 على مبنى الكونغرس في واشنطن. ورد نائب رئيس حزب الجبهة الوطنية سيباستيان شينو قائلا « إنها ليست تظاهرة ضد القضاة » بل « من أجل الديموقراطية ومن أجل مارين لوبن ومن أجل السيادة الشعبية ». لكنه انتقد قرار المحكمة « الجائر » و »الإعدام المؤقت الذي يمثل في الواقع إعداما سياسيا للزعيمة السياسية الفرنسية الأبرز ». وأعرب زعماء أجانب قوميون ويمينيون متطرفون عن دعمهم للوبن. واعتبر ترامب في منشور على منصته « تروث سوشال » أن لوبن تتعرض لحملة اضطهاد من « يساريين أوروبيين »، لكن بايرو سرعان ما انتقد هذا « التدخل » في شؤون بلاده. وينظم حزب « فرنسا الأبية » اليساري الراديكالي والخضر تظاهرة مضادة في ساحة الجمهورية في باريس، والتي تبعد نحو خمسة كيلومترات من « ليزانفاليد ». واعتبر منسق الحزب مانويل بومبار الأحد أن التجمع الوطني كشف عن « وجهه الحقيقي » المتمثل في حزب « يشكل خطرا على الديموقراطية ». وسيقام تجمع آخر، كان مخططا له منذ أشهر، في سان دوني بشمال باريس، بدعوة من حزب « النهضة » الوسطي المنتمي إلى المعسكر الرئاسي. ودعا رئيس الوزراء الأسبق غابريال أتال الذي يتزعم هذا الحزب، إلى المشاركة بأعداد كبيرة بعد الإعلان عن تظاهرة حزب التجمع الوطني، وذلك للدفاع عن « سيادة القانون » و »الديموقراطية وقيمنا ». وتساءل مسؤول مقرب من أتال « هل نريد أن تصبح فرنسا مثل أميركا ترامب؟ ».


Independent عربية
٠١-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- Independent عربية
اليمين المتطرف الفرنسي ردا على إقصاء لوبن: اغضبوا
دعا رئيس حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف جوردان بارديلا الفرنسيين إلى التظاهر مطلع الأسبوع المقبل احتجاجاً على حكم يقضي بمنع مارين لوبن من الترشح لأي منصب عام لمدة خمسة أعوام بعد إدانتها باختلاس أموال من الاتحاد الأوروبي. ويعد الحكم الذي صدر أمس الإثنين بمثابة انتكاسة كارثية للوبن، زعيمة اليمين المتطرف منذ فترة طويلة التي أظهرت استطلاعات الرأي أنها المرشحة الأبرز إذا خاضت الانتخابات الرئاسية عام 2027. وقال بارديلا لإذاعة "أوروبا 1" وقناة "سي نيوز" التلفزيونية تعليقاً على حكم وصفه قادة اليمين المتطرف بأنه متحيز وغير ديمقراطي "أعتقد بأنه يتعين على الفرنسيين اليوم أن يعبروا عن غضبهم، وأقول لهم، اغضبوا". وأضاف "سننزل إلى الشوارع في مطلع الأسبوع. سننظم توزيع منشورات وتعبئة ديمقراطية وسلمية وهادئة". في كل مكان ولم يقدم بارديلا تفاصيل تذكر عن الاحتجاجات سوى القول إنه سيكون هناك توزيع للمنشورات وعقد اجتماعات "في كل مكان في فرنسا"، وإن نواب حزب "التجمع الوطني" سيعقدون مؤتمرات صحافية ضمن دوائرهم الانتخابية. ويمكن أن يصبح بارديلا المرشح الفعلي للحزب في انتخابات 2027. لكن لوبن أوضحت أنها ليست مستعدة بعد لتسليمه زمام الأمور، وقالت أمس "لن أسمح بإقصائي بهذه الطريقة"، وأعلن بارديلا تأييده لها اليوم الثلاثاء. وأكدت لوبن أنها ستطعن في أقرب وقت ممكن على ما وصفته بـ"الحكم ذي الدوافع السياسية" الذي يهدف إلى عرقلة ترشحها للرئاسة. وخاضت لوبن انتخابات الرئاسة ثلاث مرات وكانت أعلنت أن عام 2027 سيكون ترشحها الأخير للمنصب. وقالت أمام نواب حزب "التجمع الوطني" اليوم "لن نستسلم"، مضيفة أن من خلال هذا الحكم فإن "المؤسسة" استخدمت "قنبلة نووية" ضدها. ولم يصدر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولا الحكومة، ذات الأقلية والمنتمية ليمين الوسط، أي رد فعل رسمي حتى الآن، وأفاد مصدر بأن رئيس الوزراء فرانسوا بايرو أبلغ حلفاءه بعدم ارتياحه للحكم. وغداة صدور قرار يحرم زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا من الترشح للانتخابات الرئاسية بعد عامين، شنت مارين لوبن مع حزبها هجوماً شرساً تنديداً بما وصفوه "استبداد القضاة" ومناورات يمارسها النظام لمنعها من الوصول إلى سدة الرئاسة. وفي ظل الهجمات الآتية من اليمين المتطرف من كل حدب وصوب، بما في ذلك من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، دافع أحد أعتى القضاة في فرنسا، اليوم الثلاثاء، عن الحكم الصادر في حق لوبن، مؤكداً أن "القرار ليس سياسياً بل قضائياً وقد خلص إليه ثلاثة قضاة مستقلون ومحايدون". ودانت محكمة الجنح في باريس السياسية البالغة 56 سنة، بتهمة اختلاس أموال عامة وخلصت إلى أنه تم تدبير "نظام" بين 2004 و2016 لتوفير موارد لحزب "الجبهة الوطنية"، الذي تحول اسمه إلى "التجمع الوطني" في 2018، من خلال تسديد أتعاب معاوني نواب في البرلمان الأوروبي كانوا يعملون في الواقع مع الحزب من مصاريف البرلمان. ويمنع هذا القرار في صيغته الحالية لوبن من الترشح للانتخابات الرئاسية الفرنسية في 2027. وحكم عليها أيضاً بالسجن أربعة أعوام مع النفاذ لعامين تضع خلالهما سواراً إلكترونياً، لكنها قالت إنها ستستأنف الحكم. مواقف دولية أمام نواب حزبها، قالت لوبن إن "النظام أخرج القنبلة النووية، وإن استخدم سلاحاً قوياً إلى هذا الحد ضدنا، فذلك حتماً لأننا على وشك الفوز في الانتخابات"، مواصلة استراتيجيتها القاضية بالطعن في مصداقية القرار القضائي. وندّد رئيس "التجمع الوطني" جوردان بارديلا من جهته بـ"استبداد القضاة"، لكنه شجب أيضاً "التهديدات والإهانات والشتائم" التي تطال التجمع منذ صدور القرار. وقال، "يفعلون كل ما أمكن لمنعنا من الوصول إلى السلطة". ولقي الحكم الصادر في حق مارين لوبن تنديداً واسعاً في الدوائر القومية والشعبوية حول العالم، من الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو إلى الكرملين مروراً بدونالد ترمب. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقال ترمب الذي أُدين العام الماضي بالتستر على مدفوعات قدمها لممثلة إباحية في خضم حملته الانتخابية، "هي قصة كبيرة... فلم يعد يحق لها الترشح لمدة خمسة أعوام في حين كانت في طليعة السباق الرئاسي". وعدت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني من جهتها، اليوم، أن قرار القضاء الفرنسي يحرم "الملايين من المواطنين ممن يمثلهم". الاستئناف قد لا ينقذها وفي فرنسا، لا يعتزم أنصار لوبن التخلي عن مرشحتهم. وأعلن بارديلا الذي يعد الخلف الأوفر حظاً للوبن، عن "تنظيم عملية توزيع مناشير وتجمعات سلمية في نهاية الأسبوع". كما أطلق "التجمع الوطني"، أمس الإثنين، عريضة تحت عنوان "لننقذ الديمقراطية ولندعم مارين". وقالت مارين لوبن في مقابلة خلال النشرة الإخبارية لقناة "تي أف 1" الخاصة التي تابعها نحو 8 ملايين مشاهد مساء أمس، "لن أسمح بأن يُقضى علي بهذه الطريقة". وطالبت بإجراءات استئناف سريعة، على أمل أن يصدر قرار أقل شدة في حقها يسمح لها بخوض السباق الانتخابي في 2027. وهذه المسألة هي في صميم المستقبل السياسي لمارين لوبن، غير أن المهل الزمنية للإجراءات القضائية في فرنسا قد تبدد آمالها. فجلسات الاستئناف لن تعقد قبل سنة على أقل تقدير ولن يصدر القضاء قراره قبل عدة أسابيع، أي ليس قبل أواخر عام 2026، وقبيل الانتخابات الرئاسية بأشهر، وذلك من دون أي ضمانات أن تصدر محكمة الاستئناف حكماً يكون مختلفاً عن ذلك الصادر في محكمة البداية. وإضافة إلى عقوبة السجن وعدم الأهلية للترشح للانتخابات، فرضت غرامة قدرها 100 ألف يورو (نحو 108 آلاف دولار) على مارين لوبن. وقد أخذت المحكمة في الحسبان "إضافة إلى خطر تكرار المخالفة، المساس الكبير بالنظام العام، خصوصاً من خلال أن تتقدم مرشحة حكم عليها في الدرجة الأولى للانتخابات الرئاسية"، وفق رئيسة الهيئة القضائية. وإضافة إلى لوبن، أدين في هذه القضية 23 شخصاً آخرين وحزب "التجمع الوطني". وبلغت القيمة الإجمالية للأموال المختلسة 4.4 مليون يورو (4.75 مليون دولار) تم تسديد 1.1 مليون منها. وأثار الحكم القضائي انقساماً في أوساط الطبقة السياسية الفرنسية. ففي حين ندد سياسيون من اليمين واليسار على السواء بقرار المحكمة، دعا الاشتراكيون إلى احترام القانون.