منذ 8 ساعات
أموال مهدره في الهواء
قال تعالي: {هَبَاءً مَّنثُورًا}. وقال تعالى: ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ).. إنها عادات مُكلفة... "أفراحنا تُفرحنا لكن لا تُفقرنا'.نحن في مجتمعاتنا العربية، نعتز بالكرم وحسن الضيافة، ونحرص على أن تكون مناسباتنا مليئة بالفرح والمشاركة. لكن مع مرور الوقت، تسللت بعض العادات التي تحولت من كونها مظاهر فرح مشروعة إلى ممارسات مُرهقة ومكلفة، حتى أصبح كثير منها هدرًا ماليًا بلا فائدة، بل وأحيانًا عبئًا يرهق كاهل الأسر.من أبرز هذه العادات:- كتابة أسماء المواليد والمعاريس على مغلفات الحلوى والمشروبات وبمبلغ وقدره! ماذا استفاد الضيف والمضيف؟! فجمال المناسبة لا يُقاس بثمن التقديمات بل بقيمة الذكرى.- هدايا تخرج من الروضة والابتدائي والمتوسط... والتغليف بقيمة وقدرها وبعد فتحها إلى سلة المهملات! تقليد أعمى؟- ستاير تغطى بها جدران قاعة الاحتفال الفخمة الجديدة، وبمبلغ وقدره، إيجارها وورود وشموع ولساعات معدودة من مهرٍ استدانه الزوج، وحرمت منه العروس من حاجتها فيه! فلا نجعل فرحتنا تبدأ بيوم، وتنتهي بديون.- كوب قهوة في مقهى فاخر، وبمبلغ وقدره، بماذا يختلف عن مثله وبعُشر التكلفة؟ فليس كل غالٍ ثمين، وليس كل بسيط رخيص.- إهداء الورود الغالية الثمن وثاني يوم في سلة المهملات، أين عقولنا؟!المجاملة لا تعني الإفلاس.. لنقدم ما نقدر عليه... فالهدايا قيمتها في مشاركتنا، لا في ثمنها.- البذخ المفرط في قاعات الأفراح الكوش والكراسي، التقديمات المنوعه.. والأكل والعزايم قبل العرس وبعده، وقبل الولادة وبعدها... الخ.. لنجعل قاعدتنا: "ما يُناسبنا... لا ما يُبهرهم".- وهناك بدعة احتفال قبل الزواج توديع العزوبية اكل ورقص وبذخ، والطلاق بعد سنة في بعض الحالات.إن السعادة تُخلق بين القلوب... في البساطة... في اللحظات الصادقة.- استقبال المولود في غرف المستشفى، الزينة على الأبواب وداخل الغرفة، والجناح والتقديمات الفاخرة والهدايا المبهرجة!أمور ما أنزل الله بها من سلطان. ونقول محقت البركة! أين عقولنا؟!ليس كل ما هو باهظ يستحق.. فالبساطة رفاهية ذكية.ليكن شعارنا احتفل بالبساطة، فهي قمة الذكاء المالي، وإلا فإن من نتائج هذه الممارسات:- إهدار المال والموارد.- ضغط نفسي على الأسر ذات الدخل المحدود.- تشجيع ثقافة التباهي والمظاهر على حساب البساطة.- تحويل الفرح إلى عبء.إننا أمام الله سنقف، وسنُسأل، وسنُحاسب عن كل مال أنفقناه في غير محله، {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ} [الصافات: 24]* خاتمة:الفرح الحقيقي لا يُقاس بما ننفقه، بل بما نشعر به ونتشاركه مع من نحب.. فلتكن مناسباتنا تعبيرًا صادقًا عن المحبة لا عن المظاهر، ولنعد إلى ثقافتنا الأصيلة التي تعتز بالكرم المعتدل وتُدين التبذير.. لننكر ونعلن رفضنا لهذه العادات الدخيلة المستوردة الباذخة، ونسعى لنشر الوعي خاصة بين بناتنا وأمهاتنا، ومعارفنا ولنسير في مقدمة ترشيد المصروفات.قال تعالى: ﴿إِنَّ المُبَذِّرينَ كانوا إِخوانَ الشَّياطينِ وَكانَ الشَّيطانُ لِرَبِّهِ كَفورًا﴾ [الإسراء: ٢٧]* نائبة رئيس مجلس الأسرة العربية - جامعة الدول العربية