logo
#

أحدث الأخبار مع #محمدسيفالجابري

الحكم للتاريخ وللأهل في السودان
الحكم للتاريخ وللأهل في السودان

صحيفة الخليج

time٢٩-٠٤-٢٠٢٥

  • سياسة
  • صحيفة الخليج

الحكم للتاريخ وللأهل في السودان

د. محمد سيف الجابري* حينما يتحدث التاريخ بوقائعه وقواعده الراسخة، يجب ألّا يستمع عاقل للصغائر من محدثات الأمور التي تتقلب بحسب الأهواء والتوجهات والمآرب. فالأنظمة الوطنية المخلصة لشعوبها لا تقيم علاقات شعوبها وفق توجهاتها بل وفق منافعها، وبحسب الروابط التاريخية وأواصر الود الشعبوي التي تدعمها روابط اللغة والعقيدة والجذور الإنسانية. هذا إذا كانت تلك الأنظمة مخلصة لشعوبها بالفعل، أما إذا كانت غير ذلك، فلا عجب أن حرّكتها أهواء السلطة فاعتلّت وارتعبت وهاجت كلما اهتزت مقاعدها وعقرت كل من استنكر عبوديتها للسلطة. الحقيقة، لم أفاجأ بسردية التباكي التي تلقيها قيادة السودان الشقيق على العتبات الإقليمية والدولية، محاولة بذلك الرد على إصرار الإمارات، على توجيه مساعداتها ودعمها الإنساني لكل الشعب السوداني من دون تمييز، وفي أي مكان فيه أهلنا السودانيون المهجرون سواء في معسكرات الإيواء الداخلية أو في دول الجوار، ومن دون النظر إلى عرق أو ديانة، وكذلك وصول المساعدات إلى الشعب مباشرة وليس عن طريق أجهزة رسمية، حتى تضمن سلمية دعمها وإنسانيته، حيث إيمانها راسخ بأن الإنسانية لا تقف عند عرق، أو توجهها عقيدة أو أيديولوجية، وهذا هو طريقها الإنساني، ومهما حاولت قيادة الخرطوم، تلويث ذلك المسلك الإنساني بإصباغه بالسياسة أو التشكيك فيه، فلن يثني ذلك الدولة، عن المضي قدماً في دعم الأهل في السودان الشقيق، تفعيلاً لمبادئ الأخوّة والقومية التي أرساها زايد الخير وسار على دربه خلفه الصالح، ونالت إجماع العالم وثقة القاصي والداني على نزاهة وشفافية مسلك الإمارات الإنساني. إن المهجّرين من الأهل في السودان لدى دول الجوار من عوام الشعب الأعزل وليسوا من مؤيدي أحد طرفي الصراع، وكذلك من مختلف عرقيات الشعب ودياناته، فحينما شيّدت أبوظبي، المستشفي الميداني في أمدجرس بتشاد، على سبيل المثال، لم تعلق لافتة على ذلك المستشفى بأن العلاج به قاصر على فئة من دون أخرى، بل شيدت وجهزت وأمدت بالطواقم الطبية وتركته لأهل المدينة لعلاج المهجرين، وكذلك فعلت في مناطق أخرى كثيرة. يصيب الموقف الإماراتي الراسخ والصلب - من حركة الإخوان المسلمين بوصفهم جماعة أينما وجدت – قيادة السودان بالدوار، حيث إنه بات رافضاً لأي دور لتلك الجماعة في الملف السياسي العربي، لاسيما بعدما ذاقت بعض شعوبنا العربية مرارة التجربة مع ذلك النبت الشيطاني، وبحكم النظرة الإماراتية الوحدوية للأمن والاستقرار العربي. كذلك لدينا يقين بأن تلك المحاولات من جانب القيادة العسكرية السودانية لن تصمد أمام الثقة الدولية والعربية في النظافة وطهارة اليد والمقصد الإماراتي. كما لدينا يقين بأن يد العطاء الإماراتي لن تكلّ عن الأهل بالسودان من دون النظر إلى ما يفعله محدثو السلطة وقيادتها الذين صارت أفعالهم ضجيجاً بلا طحين. لكنه كان من الواجب على قيادة السودان مراجعة التاريخ للوقوف بصدق على حقيقة الموقف الإماراتي من الأهل بالسودان أو حتى منذ اندلاع الأزمة في إبريل/ نيسان 2023، حيث بلغت قيمة المساعدات منذ ذلك التاريخ نحو 600 مليون دولار، ليصل ما قدمته إلى الأهل في السودان خلال السنوات العشر الماضية فقط، نحو 3.5 مليار دولار مساعدات إنسانية فقط، وعشرات آلاف أطنان المواد الغذائية للمهجرين في تشاد وجنوب السودان وأوغندا. والغريب أن هذه القيادة تتعمد التغافل عن دور الإمارات الدبلوماسي الذي لم يترك منبراً إلا وجعل الملف السوداني رئيساً على طاولته، وعلى سبيل المثال كان حرص الإمارات في جميع خطاباتها بمجلس الأمن على تأكيد دعمها للحل السياسي والحوار بدلاً من الحل العسكري لإعادة الهدوء للسودان. وفي 28 يونيو/ حزيران 2024 وجهت رسالة لمجلس الأمن لحماية المدنيين والبنية التحتية بالسودان وفقاً للقانون الإنساني والدولي، والالتزام بالتعهدات التي وردت في مباحثات جدة، مع دعوة طرفي الصراع للامتثال لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وركزت على العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتخفيف خطر المجاعة، ودعم المبادرات الرامية لإنهاء هذا النزاع. وكذلك كان تأييدها القوي لدعوة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي لعقد اجتماع في 10 يوليو/ تموز 2024، للتوصل إلى حل للأزمة السودانية. لكننا لسنا بحاجة إلى تبرير موقفنا الحيادي عسكرياً والمتضامن إنسانياً مع الأهل بالسودان، فالشراكة بين الإمارات والمنظمات الإغاثية الدولية تؤكد ثقة المجتمع الدولي في دور أبوظبي المتوازن تجاه أزمات وصراعات الشرق الأوسط وغيره من المناطق الساخنة بالعالم، لذا نجد كثيراً ما تعوّل الأطراف الدولية والأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها على دور الإمارات الفعال المتزن، في تقديم الحلول الدبلوماسية وتقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع في السودان أوغيرها، فرؤية الإمارات تجاه أزمة السودان إنسانية في المقام الأول ثم رؤية استراتيجية حريصة على وحدة هذا البلد العربي الشقيق المهم وسلامته، ويعدّ رصيداً عظيماً للوطن العربي الكبير خاصة في بعده الإفريقي المهم إلى اهتمامها البالغ بضرورة إنهاء المعاناة الإنسانية للمدنيين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store