logo
#

أحدث الأخبار مع #مصطفىصادقالرافعي

ثقافة : وفيات مايو.. مصطفى صادق الرافعى أحد أقطاب الأدب العربى
ثقافة : وفيات مايو.. مصطفى صادق الرافعى أحد أقطاب الأدب العربى

نافذة على العالم

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • نافذة على العالم

ثقافة : وفيات مايو.. مصطفى صادق الرافعى أحد أقطاب الأدب العربى

الأربعاء 14 مايو 2025 10:00 صباحاً نافذة على العالم - شهد شهر مايو رحيل مجموعة من أهم وأبرز رموز الأدب في مصر، ومن بينهم مصطفى صادق الرافعي أحد أقطاب الأدب العربي الحديث في القرن العشرين، كتب في الشعر والأدب والبلاغة باقتدار، وهو ينتمي إلى مدرسة المحافظين وهي مدرسة شعرية تابعة للشعر الكلاسيكي. وُلِد "مصطفى صادق عبد الرزاق سعيد أحمد عبد القادر الرافعي" بقرية بهتيم بمحافظة القليوبية عام 1880م في رحاب أسرةٍ استقى من مَعِينها روافد من العِلمِ والأدبِ؛ فقد زخرت مكتبة والده بنفائس الكتب، كما تشرَّف منزل والده باستضافته لكوكبةٍ من أعلام العلم والأدب، وقد تأثر الرافعي بتلك الكوكبة، واستلهم من نبراس علمهم أُفُقًا جديدًا من آفاق المعرفة، وقد أوفده والده إلى كُتاب القرية؛ فحفظ القرآن الكريم وأتمَّه وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، ثم انتسب إلى مدرسة دمنهور الابتدائية، ومكث بها فترةً من الزمن، انتقل بعدها إلى مدرسة المنصورة الأميرية وحصل منها على الشهادة الابتدائية، وكان عمره آنذاك سبع عشرة سنة، وقد توقف مشواره الأكاديمي عند هذه الدرجة العلمية لِيُماثِلَ بذلك العقاد الذي لم يَنَلْ سوى الشهادة الابتدائية، ومن الجدير بالذكر أن مرض الصمم الذي أصابه هو الذي اضطره إلى ترك التعليم الرسمي، واستعاض عنه بمكتبة أبيه؛ فعكف على قراءة واستيعاب كل ما فيها. وقد تقلَّدَ عددًا من المناصب؛ فعمل كاتبًا في محكمة طلخا، ثم انتقل إلى محكمة إيتاي البارود، ثم محكمة طنطا الشرعية، واختتم حياته المهنية بالانتساب إلى المحكمة الأهلية. وقد أثرى بحر الأدب بالعديد من إبداعاته الشعرية والنثرية؛ فقد أصدر ديوانه الأول عام 1903م وهو في ريعان شبابه، وقد حَظِيَ هذا الديوان على إشادة وإعجاب شعراء عصره، فقد أثنى عليه البارودي وحافظ والكاظمي وبعثوا له ببرقيةِ تهنئة؛ ولكن الثناء لم يُثنه عن القرار الذي اتخذه بترك ميدان الشعر والتوجه إلى ساحة النثر الفني الأدبي التي برع فيها، حيث قدم العديد من المؤلفات الأدبية والدينية ومن أشهرها "حديث القمر"، و"أوراق الورد"، و"تحت راية القرآن"، و"إعجاز القرآن والبلاغة النبوية"، وقد رحل عن عالمنا عام 1937م.

88 عاما على رحيل مصطفى صادق الرافعي.. وهذه أبرز مؤلفاته
88 عاما على رحيل مصطفى صادق الرافعي.. وهذه أبرز مؤلفاته

الدستور

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • ترفيه
  • الدستور

88 عاما على رحيل مصطفى صادق الرافعي.. وهذه أبرز مؤلفاته

88 عاما مرت على رحيل الأديب والمفكر مصطفى صادق الرافعي، الذي غيّبه الموت في 10 مايو لعام 1937، تاركًا وراءه تراثًا أدبيًا وفكريًا عظيمًا شكّل علامة فارقة في تاريخ الأدب العربي الحديث. ولد مصطفى صادق الرافعي في بيت علم ودين، وبدأ مبكرًا طريقه في الشعر، فأصدر ديوانه الأول عام 1903 وهو دون العشرين، فلفت الأنظار إليه بقوة، ونال إعجاب عمالقة عصره، مثل محمود سامي البارودي، وحافظ إبراهيم، والشيخ محمد عبده، الذي كتب إليه قائلا: "أسأل الله أن يجعل للحق من لسانك سيفًا يمحق الباطل"، غير أن الشاعر الشاب لم يجد في الشعر القيود التقليدية متنفسًا لتعبيره، فانصرف إلى النثر، ووجد فيه ضالته، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة في مسيرته الأدبية. من الشعر إلى المقالة.. رحلة الإبداع لم تكن مغادرة "الرافعي" لميدان الشعر تراجعًا، بل قفزة نحو ميدان أوسع، إذ رأى أن الوزن والقافية تقيدان التعبير عن خلجات النفس وأعماق الفكر، وكانت تلك وقفة جريئة لمفكر سبق عصره، إذ دعا مبكرًا إلى تجاوز قيود الشكل التقليدي في الشعر العربي، وذلك قبل أن تظهر دعوات مشابهة لعقود لاحقة. توجه الرافعي إلى الكتابة النثرية التي برع فيها، وبلغ ذروة نضجه الأدبي في كتاباته الإنشائية والمقالية، خصوصًا في سلسلة مقالاته التي جمعها في كتاب وحي القلم، والتي صارت من أمهات الأدب العربي في القرن العشرين، نظرًا لما اتسمت به من جزالة في اللغة وعمق في الفكر وصدق في التعبير. مصطفى صادق الرافعي.. حارس اللغة والدين وامتزج أدب الرافعي برسالة أعمق، إذ رأى في نفسه حارسًا للغة العربية ومدافعًا عن الإسلام، في مواجهة موجات التغريب والتشكيك التي سادت في زمنه، ومن أبرز تجليات هذا الموقف كتابه "تحت راية القرآن"، الذي خصصه للرد على كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين، مدافعًا عن التراث العربي والإسلامي، ورافضًا ما اعتبره تطاولا على الثوابت. كما ألّف كتابه المرجعي "تاريخ آداب العرب"، الذي يُعد من أوائل الكتب الحديثة التي تناولت تاريخ الأدب العربي بأسلوب علمي ومنهجي، وصدر منه جزآن في حياته، فيما تولى تلميذه محمد سعيد العريان إصدار الجزء الثالث بعد وفاته. ولم تخل مؤلفات مصطفى صادق الرافعي من نفحات وجدانية وشاعرية عميقة، خاصة في ثلاثيته العاطفية التي كتبها في خلوته وصمته، وهي: رسائل الأحزان، والسحاب الأحمر، وأوراق الورد، وفيها يتجلى الرافعي كعاشق مرهف، يسكب مشاعره بلغة آسرة وصور فنية بديعة، متحدثًا إلى محبوبته الغائبة وكأنها حاضر لا يفارق روحه. أما كتابه "حديث القمر"، فقد جاء بعد زيارته للبنان ولقائه بالأديبة مي زيادة، فكان تأملًا شعريًا نثريًا في الكون والروح والحب، بأسلوب فلسفي شاعري لا يُنسى. مؤلفات مصطفى صادق الرافعي وترك مصطفى صادق الرافعي وراءه إرثًا أدبيًا متنوعًا جمع بين الشعر، والنثر، والدراسات النقدية، ومن أبرز مؤلفاته: ديوان الرافعي (ثلاثة أجزاء)، ديوان النظرات، تاريخ آداب العرب، إعجاز القرآن والبلاغة النبوية، وحي القلم، تحت راية القرآن، المساكين، حديث القمر، رسائل الأحزان، السحاب الأحمر، أوراق الورد، وعلى السفود (في نقد العقاد)، ولعل كثيرين لا يعلمون أن "الرافعي" هو من كتب النشيد الوطني التونسي الشهير "حماة الحمى".

ياسر حمدي يكتب: وداعًا سيد محمود عبدالمعز
ياسر حمدي يكتب: وداعًا سيد محمود عبدالمعز

تحيا مصر

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • منوعات
  • تحيا مصر

ياسر حمدي يكتب: وداعًا سيد محمود عبدالمعز

الموت طريقٌ كلنا سالكوه حقاً، وسيدركنا، وإن كان قاسياً علينا، فالله سبحانه وتعالى يقول: «كل نفس ذائقة الموت»، وعندما يفرقنا الموت عن أغلى الأحباب يكون الأمر مؤلمًا، ولا ندرك حجم حضورهم في حياتنا؛ حتى نفقدهم فجأة؛ فندرك حجم الفراغ الذي يتركونه وراءهم، وتخوننا المشاعر في وداعهم، وتختلط الدموع بالآهات في التعبير عن ألم فقدهم، - خصوصاً - عندما يسكنون القلب، ويستحوذون على حب الناس، ويضيفون عليها البهجة، والسرور، ويزرعون في النفوس التفاؤل، والأمل، والسعادة. ودّعناك يا «سيد» يا طيب القلب، وواريناك الثرى بالدمع والحزن، وكنت كما كانت وستبقى محبتك في قلوبنا، عشت طيباً للذكر، وودعناك بمزيد من العزة والكرامة والفخر، عشت نقيًا للقلب، ليناً معطاءً، حكيماً صلباً عصياً، لقد كان فقيدنا - رحمه الله - يملك قلباً متسعاً للجميع، وأخاً حنوناً، ووجهاً بشوشاً لكل من حوله. نم قرير العين أيها الأخ العزيز والصديق الغالي، فلقد تركت فينا سيرتك الحسنة، كنت رجلاً لك من الطيبة والوقار والمكانة في كل راحلة تحطها أقدامك، لم نستطع أن نوفي فيك معاني العطاء والإخاء والمحبة والشرف ونبل الأخلاق مهما حاولنا التعبير، حقًا تخونني الألفاظ والمعاني ولن توفيك الكلمات حقك ولم يستطيع قلمي وصفك. وإني لا أشك لحظة أن للموت رحمات بالأحياء قبل أن يكون بردًا وسلامًا على المؤمنين الراحلين، فمن رحماته أنه يدرأ الشر والظلم عن نفوس جبلت على القلق من حتمية النهايات، ويستعيد نفوسًا أخرى لمواطن البذل والعطاء والتسامح لأنها مدركة إنه حق لا ريب فيه، وهي النفوس التي جبلت على الخير، وإلا فكثير من القلوب قُدّ من صخر أو حديد، لا ذاكرة الموت تنفعهم ولا انحدارهم من قمة العمر لأسفله يوطن نفوسهم على بذل الخير أو كف الظلم والأذى. وقد لا يعني القارئ أي قريب وصديق عزيز على قلبي أرثي اليوم، لأنه قد لا يعرفه، ومن يعرفه حق المعرفة قلة من أصدقائه ورفاقه ومحبيه، وأنا حتى اللحظة لم أكتب رثاء في صديق وإنما كنت أرثي الأحياء قبل الأموات، والباقين عوضًا عن الراحلين. لقد أثارت فاجعة رحيله ومفاجأتها غصة في الحلق، وانحسارًا لمدد الرفقة الجميلة، وانطفاء لومضة نبل إنساني، وإذا إجتمع في المرء النبل وحب الخير وكرامة النفس والوقوف عند الحق فقد ترك الدنيا وهي أحسن مما وجدها، وفي هذا عزاء لنا وأي عزاء. وإني كلما خطرت على نفسي خواطر الرحيل، أو مر ذكر راحل ترك الدنيا أحسن مما وجدها، وجدتني مع الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي أستعيد عبارته الخالدة: «اعمل عملك يا صاحبي، فإن لم تزد شيئًا في الدنيا كنت أنت زائدًا عليها، وإن لم تدعها أحسن مما وجدتها فما وجدتها وما وجدتك». وأشهد الله أن القريب الحبيب والصديق المخلص سيد محمود عبدالمعز الرجل الجميل الطيب ترك الدنيا أحسن مما وجدها، فلم تكن حاجته وضعف حيلته في أول حياته وصروف الإنهاك التي مر بها أو مرت به، إلا دافعًا جميلًا لصنع الخير عندما أدركته الدنيا، وإن فيه خصلتين أقدرهما أيما تقدير: «كرامة النفس ونُبل المقصد».. لقد رحل عن الدنيا وهو زائد فيها، ولم يكن زيادة عليها، وقد تركها أحسن مما وجدها.. للموت كرامات ورحمات أيها الباقون.. و«إنا لله وإنا إليه راجعون». أيها الأخ والصديق إننا نستمد من كرم أخلاقك الكثير، وكما يقولون لا تموت ذكرى رجل خلّف وراءه نبل الأخلاق وحسن العشرة، وداعاً أيها الأخ الغالي الباقي في قلوبنا وفي ذاكرتنا، ورحمك الله وغفر لك وأسكنك فسيح جناته، إنّه سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه. سيد، كلنا حبناك بقدر ما حبيتنا، ونشرت بيننا من عبير وجودك؛ بقدر الابتسامة التي أهديتها لنا؛ بقدر الأخلاق الجميلة التي عاملتنا بها؛ بقدر ما علمتنا قيمة الحياة؛ وقيمة الإنسان؛ وقيمة الإيمان؛ وقيمة الرحيل، ولكننا في الوداع تعجز ألسنتنا، ولن نقول أبداً إلا ما يرضي ربنا كما أمرنا الله سبحانه وتعالى: «إنا لله وإنا إليه راجعون». تعجزنا الحروف عن وصف الفراق كعجزها عن وصف الحب، فبعد رحلة عمر أمضاها - الوفي الصديق - سيد محمود عبدالمعز على طرقات الخير، إلا أنه رحل رحلة القدر المكتوب، الذي تتألم منه القلوب، وتذرف الدموع، وتتعطل الجوارح، وتذوب الأكباد؛ حتى تسيل؛ ولأن في الموت مواعظ، وعبرًا؛ فسأؤثر البكاء في صمت على من أحببت بكل صدق من أعماق قلبي؛ كونه صبري، وعزائي الوحيد. كان عف اليد، واللسان، بهي الطلعة، طيب المعشر، لين الجانب، حسن الخلق، بل كان مثالاً يحتذى به في التواضع، والوفاء، والبشاشة، والنبل، واللباقة، وسمو الأخلاق، والعطف، وسيبقى ماثلاً في سفر ذاكرتي طيفه من حولي، ووفاء لذكراه يعمر قلبي، ويحرك مشاعري، وسأتذكر بالدعاء لروحه الطاهرة. تجرعنا مرارة الفقد، وآلام الفراق، وسيبقى عزاؤنا فيك يا سيد، هو هذا الحب الذي تركته في قلوبنا، فعلى فراقك نثرنا دموع الأوفياء، وعزاؤنا أنك تصالحت مع الموت كما تصالحت مع الحياة، وستبقى في ذاكرتنا خالدة أيامك الجميلة؛ ولأننا سنبكيك، ونرثيك، وننعيك، ونترحم عليك، ونطلب لك الشفاعة، وسندعو لك في مرقدك، بأن يؤنس الله لك وحدتك، ويرحمك برحمته الواسعة، ويغفر لك، وينزل الصبر والسكينة والسلوان على قلب أهلك وذويك وأحبابك، وأصحابك، وأن يجمعنا بك في مستقر رحمته، ودار كرامته، في مقعد صدق، عند مليك مقتدر.

رمضان.. تقاليد متجددة أم "تسليع" متجدد؟
رمضان.. تقاليد متجددة أم "تسليع" متجدد؟

سعورس

time٠٢-٠٣-٢٠٢٥

  • منوعات
  • سعورس

رمضان.. تقاليد متجددة أم "تسليع" متجدد؟

لماذا يتقبل الناس تغيير نمط حياتهم اليومية في شهر رمضان؟ هذا السؤال الذي ظل يراودني لسنوات طويلة لم أجد له إجابة شافية ومرضية، كثيرا ما قلت لنفسي: ربما لأنه مناسبة تمتد إلى شهر كامل، وكنت أذكر عبارة مصطفى صادق الرافعي "مدرسة الثلاثين يوما" التي يصف بها شهر رمضان المبارك على أنه شهر كل يوم فيه يعلمنا درسا جديدا وعميقا. إلا أن قدرة الناس على التكيف مع أسلوب جديد، ربما أكثر انتظاما لدى البعض من باقي السنة وأعمق في العلاقات الاجتماعية والتواصل مع من لم نتواصل معهم خلال العام، تثير كثير من التساؤلات "الأثنوغرافية" العميقة التي تتطلب كثير من الرصد. رمضان يخلق فرصة التواصل لمدة ثلاثين يوما وليس بضعة أيام كما هي المناسبات الأخرى وهذه المدة كافية لخلق ثقافة خاصة يمكن أن نسميها "الثقافة الرمضانية". القدرة على التكيف تجلب معها القدرة على صناعة التقاليد، فذاكرة رمضان ممتلئة بكثير من التقاليد، ومن يريد أن يعرف "كيف تخترع التقاليد" عليه دراسة الطقوس والممارسات الاجتماعية المرتبطة برمضان في كافة أنحاء العالم، وليس فقط في الدول الإسلامية، وسوف يجد كما هائلا من التقاليد التي نشأت واستمرت لسنوات طويلة ثم اندثرت وظهرت تقاليد جديدة بعدها. السؤال الآخر الذي كان يلح علي هو: لماذا تحول شهر رمضان إلى مناسبة تزدهر فيها تجارة كل شيء، من تجارة الطعام والشراب إلى الترفيه، وكان هذا السؤال هو الدافع الأكبر لفهم "التكيّف الذي يخلق تقاليد جديدة"، إذ إن التقاليد تولد مع ممارسة "الطقوس" التي تتكرر كل عام في مناسبة محددة وتتراكم التقاليد الجديدة من خلال التكرار والتطوير، وغالبا ما يصاحب هذه الطقوس "ثقافة استهلاكية" توازن بين الثقافة الجمعية التي تمارس من خلالها الطقوس وبين الثقافة الفردية التي تجعل من كل فرد يحاول أن يعبر عن شخصيته وقدراته المادية ومكانته الاجتماعية من خلال درجة "الاستهلاك" المادي للسلع التي تطورت لتلبي الطقوس والتقاليد الرمضانية في كل مجتمع. في الواقع أن "التقاليد" المُخترعة للتعبير عن الطقوس الرمضانية هي المحرك الأساس لثقافة الاستهلاك في شهر رمضان، وهذه التقاليد لها جوانب مرتبطة بالممارسات الاجتماعية الجمعية ومحركها الأساس "الوجاهة الاجتماعية" التي تجعل كثيرا من القادرين ماديا يوظفون شهر رمضان للتعبير عن قدرتهم ومكانتهم، ومن الطبيعي أن تقوم الطبقات الاجتماعية الأقل قدرة بتقليد الطبقات الأعلى بدرجات أقل في الاستهلاك والبذخ. لن أقول إن شهر رمضان المبارك تحول شيئا فشيئا إلى ظاهرة استهلاكية، فحتى مع مظاهر الاستهلاك الطاغية تولد مظاهر اجتماعية وثقافية مبهرة ولافتة للنظر، فمثلا موائد الإفطار الجماعية تمثل ظاهرة "ثقافية" بامتياز وتساهم في خلق مفهوم "لتعارفوا" الذي حث عليه القرآن الكريم. فليس من العدل أن ننظر لمظاهر الاستهلاك على أنها مظاهر "سلبية" على الإطلاق، إذ إن صناعة المجتمع التكافلي تتطلب أحيانا مظاهر جمعية تصاحبها مظاهر استهلاكية مثل موائد الإفطار الجماعية. ومع ذلك يمكن أن نقول إن ثقافة الاستهلاك التي أصبحت ترتبط برمضان أكثر فأكثر تناقض المبادئ التي يريد رمضان أن يعلمنا إياها وتختلف في العمق مع "مدرسة الرافعي"، فالصيام هو نوع من اختبار القدرة على الجوع والعطش بهدف الشعور بالآخر، الذي لا يملك المال والعمل على مساعدته والتخفيف عنه، وليس التباهي عليه وإظهار عجزه. مفهوم "لتعارفوا" الرمضاني لم يكن في السابق موائد رمضانية ممتدة بل نظام اجتماعي تكافلي، وهذا الخلط بين ابراز مظاهر الثراء وبين التكافل الاجتماعي يشير إلى ولادة "تقاليد" مترددة وغير واضحة، ربما تحتاجها حياتنا المعاصرة وقد تتغير أو تأخذ أشكالا جديدة في المستقبل. اللافت للنظر أن رمضان وتقاليده المتجددة والمظاهر الاحتفالية التي صنعتها تلك التقاليد لم تخلق عمارة وأمكنة خاصة بها. وهذا هو التساؤل الثالث، فالعيد يميزه مصليات العيد التي تعتبر جزءا أساسيا من المكون الحضري للمدينة، والمدن التي لا يوجد بها مصليات للعيد تتحول ساحتها العامة إلى مكان للصلاة، لكن رمضان الذي يمتد لمدة شهر لم يؤثر على الفضاء الحضري للمدينة ولم يصبح جزءا من تصميم المسكن ولم تتطور مبان خاصة به يمكن أن نقول عنها إنها "عمارة رمضانية". ربما لأن رمضان يمثل "الثقافة غير المادية" ويصعب التعبير عنه ماديا إلا من خلال مظاهر "الاحتفال" لكن هذه المظاهر الاحتفالية لم تتحول إلى مظاهر مكانية واضحة رغم مرور 1400 عام على هذه المناسبة. كل مناسبة تكرارية هي مجال واسع لابتكار التقاليد المتجددة، وبالتأكيد أن التقاليد التي تخلقها المناسبة مرتبطة بعمق بجوهرها الوظيفي، فلا توجد مناسبة ليس لها وظيفة مستقرة خصوصا عندما تكون مناسبة دينية وتمثل ركنا من أركان الإسلام. تتطور التقاليد وتتجدد حول هذا الجوهر الوظيفي المستقر وتأخذ أشكالا ومظاهر مختلفة عبر الزمن حسب المناخ الاجتماعي والاقتصادي والتقني، لكنها تظل مرتبطة بالوظيفة المستقرة ولا تخرج عنها. يمكن اعتبار التقاليد التي لا تنتهي تعبيرا متجددا عن رمضان.. هذا يجعلني أقول -مع بعض الحذر-: إن المظاهر الاستهلاكية وثقافة التسليع التي صارت تصاحب رمضان هي "تقاليد مؤقتة" تأتي وتروح وقد تتبدل هذه المظاهر في المستقل وتأخذ صورا مختلفة. لكن رمضان في جوهره "ظاهرة دينية/ ثقافية" وليس مادية، فلم تتطور حوله أمكنة خاصة به، وحتى لو تطورت مظاهر استهلاكية مادية حوله فهي مظاهر مؤقتة ليس إلا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store