logo
#

أحدث الأخبار مع #معهدكييل،

استراتيجيّة ترامب لأوكرانيا... أسبوع "احتفاليّ" لروسيا؟
استراتيجيّة ترامب لأوكرانيا... أسبوع "احتفاليّ" لروسيا؟

النهار

time١٥-٠٢-٢٠٢٥

  • سياسة
  • النهار

استراتيجيّة ترامب لأوكرانيا... أسبوع "احتفاليّ" لروسيا؟

"لم يكن بإمكان بوتين أن يكون أكثر سعادة. أنا أخبركم، هم يشربون الفودكا مباشرة من الزجاجة في الكرملين الليلة. لقد كان يوماً عظيماً لموسكو". هكذا علق المستشار الأسبق لشؤون الأمن القومي جون بولتون على موافقة مجلس الشيوخ يوم الاثنين الماضي على تعيين تولسي غابارد مديرة للاستخبارات القومية. قال بولتون إن الحلفاء سيخشون من نشر معلومات استخبارية مع الأميركيين لأسباب عدة مثل تعاطفها مع الكرملين. في اليوم التالي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن "أوكرانيا قد تصبح روسية يوماً ما". بهذا المعنى، كانت انطلاقة الأسبوع سيئة للأوكرانيين، وعلى نطاق أوسع، للغربيين. في الواقع، كان شعار لينين الشهير عن "العقود التي لا يحدث فيها أي شيء والأسابيع التي تحدث فيها عقود" قد وجد قابلية للتطبيق على الملف الأوكراني خلال الأيام الماضية. عملياً، في يوم واحد فقط، وهو 12 شباط (فبراير) 2025، حدث ما ينبئ بتداعيات سلبية طويلة المدى على أوكرانيا. ثلاثة تصريحات على الأقل كانت كافية لرسم ملامح المشهد المقبل: كلام وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث في بروكسل، ومقابلة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع مجلة "إيكونوميست"، واتصال ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ثم بنظيره الأوكراني. "هل هي شريك مساوٍ؟" من داخل مقرات حلف شمال الأطلسي، استبعد هيغسيث انضمام أوكرانيا إلى الحلف، واصفاً الأمر بأنه "غير واقعي". ووصف استعادة أوكرانيا أراضيها ضمن حدود ما قبل 2014 بأنه غير واقعي أيضاً. كما رفض أن تضم أي قوات لحفظ السلام في أوكرانيا جنوداً أميركيين. إذاً أوروبا بمفردها في حماية أمنها، كما في توفير "الضمانات" لأوكرانيا. بالحديث عن أوروبا، وبما أن المشاكل لا تأتي فرادى، طالب هيغسيث القارة العجوز بتوفير القسم الأكبر من المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا. بما أن أوروبا توفر أصلاً القسم الأكبر من مجموع المساعدات بحسب معهد كييل، يبدو أن المطلوب منها زيادة الدعم العسكري، ربما للتعويض عن دعم أميركي سيكون متناقصاً في هذا الإطار. في المقابلة مع مجلة "إيكونوميست"، أعرب زيلينسكي عن خشيته من أن يترك ترامب الأوكرانيين خارج المحادثات بشأن مصير بلادهم. لم يطل الأمر كثيراً حتى تتأكد مخاوفه. أجرى ترامب مكالمة هاتفية "مطولة" (نحو 90 دقيقة) مع بوتين تطرقا فيها إلى أوكرانيا وعدد آخر من المواضيع كالشرق الأوسط والذكاء الاصطناعي، كما كتب على "تروث سوشل". وذكر أنهما وافقا على إيقاف سقوط القتلى، وعلى إطلاق فريقيهما المفاوضات "فوراً". اللافت للنظر أن الاتصال مع بوتين حصل قبل الاتصال مع زيلينسكي، كما جاء بيان ترامب عن اتصاله بزيلينسكي مقتضباً بعكس بيانه عن المكالمة مع بوتين والذي حمل إشادات عدة بروسيا ورئيسها. وهذه إشارات أولية إلى أن ترامب لن يتعامل مع أوكرانيا كشريك، أو على الأقل ليس كشريك أول، في إيجاد حل للحرب. كان ذلك ما أكده ترامب لاحقاً بطريقة ضمنية، إذ تهرب من سؤال إحدى الصحافيات عما إذا كان يرى أوكرانيا "عضواً مساوياً في مسار السلام" فاكتفى بالقول إنه يجب عليها وقف الحرب. كما أيد كلام هيغسيث عن استبعاد استرجاع أوكرانيا لأراضي ما قبل 2014 لأن روسيا "فقدت الكثير من الجنود" وهي تقاتل من أجل تلك الأراضي كما قال. انتقد السفير الأميركي السابق إلى روسيا مايكل ماكفول كلام ترامب متسائلاً عبر "أكس": "لماذا تمنح إدارة ترامب هدايا لبوتين – أرضاً أوكرانية ولا عضوية أطلسية لأوكرانيا – حتى قبل أن تبدأ المفاوضات؟" وتابع: "لقد تفاوضتُ مع الروس. (يجب ألا) تعطيهم أي شيء مجاناً". وإلى جانب الأراضي والحرمان من عضوية الناتو، حصل بوتين من ترامب، بصفته زعيم العالم الحر، على متنفس ديبلوماسي كبير بعد عزلة غربية شبه كاملة عقب غزو أوكرانيا. وقال ترامب أيضاً إنه قد يلتقي ببوتين في المملكة العربية السعودية. كان متوقعاً أن يحصل المهتمون على إشارات بارزة بشأن استراتيجية واشنطن لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا في مؤتمر ميونيخ للأمن (14-16 شباط/فبراير). لكنهم حصلوا على هذه الإشارات في وقت أبكر. إذاً، يشرب المسؤولون في الكرملين الفودكا بحسب بولتون، فهم يشربون الشمبانيا بحسب وليام براودر، مستثمر أميركي-بريطاني سابق في روسيا ومعارض لبوتين. وهذا يعني أن ثمة بعض التقاطعات لدى شخصيات غربية حول الآفاق السلبية التي تواجهها أوكرانيا مع ملامح الاستراتيجية الأميركية الجديدة. لكن هل خسرت أوكرانيا كامل أوراقها؟ ثمة هوامش صغيرة من التحرك لدى الأوروبيين والأوكرانيين. تحدث هيغسيث عن "لا واقعية" العودة إلى حدود ما قبل 2014، لكن هذا لا يعني أن روسيا ستحصل على اعتراف أميركي بالأراضي التي احتلتها، كما كتب الباحث في "أتلانتيك كاونسيل" دانيال فرايد. ولاحظ أيضاً أن كلام هيغسيث لا يعني أن أوكرانيا لن تصبح أبداً دولة أطلسية. وربما يتمكن زيلينسكي من انتزاع بعض الضمانات من الولايات المتحدة مقابل الحصول على استثمارات في معادن أوكرانيا النادرة. وبما أن ترامب شديد التقلب، يمكن أن تتحول ولايته الثانية إلى نسخة مشابهة عن ولايته الأولى في التعاطي مع روسيا، حين فرض عقوبات كبيرة على موسكو ومنح أوكرانيا صواريخ "جافلين" الشهيرة. علاوة على ذلك، أكد هيغسيث التزام الولايات المتحدة بالناتو مشيداً بأعضائها الذين رفعوا نسبة إنفاقهم الدفاعي. لكن كما يقول المثل الأميركي، يجب على الأشجار ألا تحجب نظر المرء عن رؤية الغابة، أو بتعبير آخر، ينبغي على هذه الهوامش ألا تحجب الصورة الكبيرة التي يرسمها ترامب، وهي صورة غير إيجابية لأوكرانيا. ربما تعكس هذه الصورة المشهد الميداني المتعثر لكييف، لكن سرعة التنازلات الآتية من واشنطن تتناسب مع المخاوف الغربية الطويلة المدى بشأن محاباة ترامب لـ "الرجال الأقوياء" أو "المستبدين" حول العالم. حتى فكرة التماثل بين ولايتي ترامب الأولى والثانية قد تصطدم بعائق أساسي وهو خلو الإدارة الحالية من "الراشدين" الذي قد يكبحون بعض توجهات ترامب. "أسبوع لينين" هذا، إن جاز التعبير، قد يستدعي بعض الاحتفالات في الكرملين. ما إذا كان "مؤتمر ميونيخ للأمن" سيعكر صفو الفرحة هو احتمال يستحق المتابعة، وإن كان، على ما يبدو لغاية الآن، غير وازن إلى هذا الحد.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store