
استراتيجيّة ترامب لأوكرانيا... أسبوع "احتفاليّ" لروسيا؟
"لم يكن بإمكان بوتين أن يكون أكثر سعادة. أنا أخبركم، هم يشربون الفودكا مباشرة من الزجاجة في الكرملين الليلة. لقد كان يوماً عظيماً لموسكو".
هكذا علق المستشار الأسبق لشؤون الأمن القومي جون بولتون على موافقة مجلس الشيوخ يوم الاثنين الماضي على تعيين تولسي غابارد مديرة للاستخبارات القومية. قال بولتون إن الحلفاء سيخشون من نشر معلومات استخبارية مع الأميركيين لأسباب عدة مثل تعاطفها مع الكرملين. في اليوم التالي، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن "أوكرانيا قد تصبح روسية يوماً ما". بهذا المعنى، كانت انطلاقة الأسبوع سيئة للأوكرانيين، وعلى نطاق أوسع، للغربيين.
في الواقع، كان شعار لينين الشهير عن "العقود التي لا يحدث فيها أي شيء والأسابيع التي تحدث فيها عقود" قد وجد قابلية للتطبيق على الملف الأوكراني خلال الأيام الماضية. عملياً، في يوم واحد فقط، وهو 12 شباط (فبراير) 2025، حدث ما ينبئ بتداعيات سلبية طويلة المدى على أوكرانيا. ثلاثة تصريحات على الأقل كانت كافية لرسم ملامح المشهد المقبل: كلام وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث في بروكسل، ومقابلة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع مجلة "إيكونوميست"، واتصال ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ثم بنظيره الأوكراني.
"هل هي شريك مساوٍ؟"
من داخل مقرات حلف شمال الأطلسي، استبعد هيغسيث انضمام أوكرانيا إلى الحلف، واصفاً الأمر بأنه "غير واقعي". ووصف استعادة أوكرانيا أراضيها ضمن حدود ما قبل 2014 بأنه غير واقعي أيضاً. كما رفض أن تضم أي قوات لحفظ السلام في أوكرانيا جنوداً أميركيين. إذاً أوروبا بمفردها في حماية أمنها، كما في توفير "الضمانات" لأوكرانيا. بالحديث عن أوروبا، وبما أن المشاكل لا تأتي فرادى، طالب هيغسيث القارة العجوز بتوفير القسم الأكبر من المساعدات المالية والعسكرية لأوكرانيا. بما أن أوروبا توفر أصلاً القسم الأكبر من مجموع المساعدات بحسب معهد كييل، يبدو أن المطلوب منها زيادة الدعم العسكري، ربما للتعويض عن دعم أميركي سيكون متناقصاً في هذا الإطار.
في المقابلة مع مجلة "إيكونوميست"، أعرب زيلينسكي عن خشيته من أن يترك ترامب الأوكرانيين خارج المحادثات بشأن مصير بلادهم. لم يطل الأمر كثيراً حتى تتأكد مخاوفه. أجرى ترامب مكالمة هاتفية "مطولة" (نحو 90 دقيقة) مع بوتين تطرقا فيها إلى أوكرانيا وعدد آخر من المواضيع كالشرق الأوسط والذكاء الاصطناعي، كما كتب على "تروث سوشل". وذكر أنهما وافقا على إيقاف سقوط القتلى، وعلى إطلاق فريقيهما المفاوضات "فوراً". اللافت للنظر أن الاتصال مع بوتين حصل قبل الاتصال مع زيلينسكي، كما جاء بيان ترامب عن اتصاله بزيلينسكي مقتضباً بعكس بيانه عن المكالمة مع بوتين والذي حمل إشادات عدة بروسيا ورئيسها. وهذه إشارات أولية إلى أن ترامب لن يتعامل مع أوكرانيا كشريك، أو على الأقل ليس كشريك أول، في إيجاد حل للحرب. كان ذلك ما أكده ترامب لاحقاً بطريقة ضمنية، إذ تهرب من سؤال إحدى الصحافيات عما إذا كان يرى أوكرانيا "عضواً مساوياً في مسار السلام" فاكتفى بالقول إنه يجب عليها وقف الحرب. كما أيد كلام هيغسيث عن استبعاد استرجاع أوكرانيا لأراضي ما قبل 2014 لأن روسيا "فقدت الكثير من الجنود" وهي تقاتل من أجل تلك الأراضي كما قال.
انتقد السفير الأميركي السابق إلى روسيا مايكل ماكفول كلام ترامب متسائلاً عبر "أكس": "لماذا تمنح إدارة ترامب هدايا لبوتين – أرضاً أوكرانية ولا عضوية أطلسية لأوكرانيا – حتى قبل أن تبدأ المفاوضات؟"
وتابع: "لقد تفاوضتُ مع الروس. (يجب ألا) تعطيهم أي شيء مجاناً".
وإلى جانب الأراضي والحرمان من عضوية الناتو، حصل بوتين من ترامب، بصفته زعيم العالم الحر، على متنفس ديبلوماسي كبير بعد عزلة غربية شبه كاملة عقب غزو أوكرانيا. وقال ترامب أيضاً إنه قد يلتقي ببوتين في المملكة العربية السعودية.
كان متوقعاً أن يحصل المهتمون على إشارات بارزة بشأن استراتيجية واشنطن لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا في مؤتمر ميونيخ للأمن (14-16 شباط/فبراير). لكنهم حصلوا على هذه الإشارات في وقت أبكر.
إذاً، يشرب المسؤولون في الكرملين الفودكا بحسب بولتون، فهم يشربون الشمبانيا بحسب وليام براودر، مستثمر أميركي-بريطاني سابق في روسيا ومعارض لبوتين. وهذا يعني أن ثمة بعض التقاطعات لدى شخصيات غربية حول الآفاق السلبية التي تواجهها أوكرانيا مع ملامح الاستراتيجية الأميركية الجديدة.
لكن هل خسرت أوكرانيا كامل أوراقها؟
ثمة هوامش صغيرة من التحرك لدى الأوروبيين والأوكرانيين. تحدث هيغسيث عن "لا واقعية" العودة إلى حدود ما قبل 2014، لكن هذا لا يعني أن روسيا ستحصل على اعتراف أميركي بالأراضي التي احتلتها، كما كتب الباحث في "أتلانتيك كاونسيل" دانيال فرايد. ولاحظ أيضاً أن كلام هيغسيث لا يعني أن أوكرانيا لن تصبح أبداً دولة أطلسية.
وربما يتمكن زيلينسكي من انتزاع بعض الضمانات من الولايات المتحدة مقابل الحصول على استثمارات في معادن أوكرانيا النادرة. وبما أن ترامب شديد التقلب، يمكن أن تتحول ولايته الثانية إلى نسخة مشابهة عن ولايته الأولى في التعاطي مع روسيا، حين فرض عقوبات كبيرة على موسكو ومنح أوكرانيا صواريخ "جافلين" الشهيرة. علاوة على ذلك، أكد هيغسيث التزام الولايات المتحدة بالناتو مشيداً بأعضائها الذين رفعوا نسبة إنفاقهم الدفاعي.
لكن كما يقول المثل الأميركي، يجب على الأشجار ألا تحجب نظر المرء عن رؤية الغابة، أو بتعبير آخر، ينبغي على هذه الهوامش ألا تحجب الصورة الكبيرة التي يرسمها ترامب، وهي صورة غير إيجابية لأوكرانيا. ربما تعكس هذه الصورة المشهد الميداني المتعثر لكييف، لكن سرعة التنازلات الآتية من واشنطن تتناسب مع المخاوف الغربية الطويلة المدى بشأن محاباة ترامب لـ "الرجال الأقوياء" أو "المستبدين" حول العالم. حتى فكرة التماثل بين ولايتي ترامب الأولى والثانية قد تصطدم بعائق أساسي وهو خلو الإدارة الحالية من "الراشدين" الذي قد يكبحون بعض توجهات ترامب.
"أسبوع لينين" هذا، إن جاز التعبير، قد يستدعي بعض الاحتفالات في الكرملين. ما إذا كان "مؤتمر ميونيخ للأمن" سيعكر صفو الفرحة هو احتمال يستحق المتابعة، وإن كان، على ما يبدو لغاية الآن، غير وازن إلى هذا الحد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 2 ساعات
- النهار
ترامب يتباهى بـ"تحرير" الجيش من نظريات الجنس والعرق
أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت بما قام به لجهة "تحرير" القوات المسلحة من تأثير النظريات المتعلقة بالنوع الاجتماعي أو عدم المساواة على أساس العرق، ووصفها بأنها "مصادر إلهاء" للجيش عن "مهمته الأساسية المتمثلة في تدمير أعداء أميركا". اثر عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير، وقع ترامب أمرا تنفيذيا يعلن أن برامج وسياسات التنوع والمساواة والإدماج التي تعزز تكافؤ الفرص "غير قانونية"، فضلا عن أمر آخر يمنع المتحولين جنسيا من الالتحاق بالجيش. وقال ترامب في حفل تخرج في أكاديمية وست بوينت العسكرية المرموقة بالقرب من نيويورك: "نعمل على إزالة عوامل الإلهاء ونُعيد تركيز قواتنا المسلحة على مهمتها الأساسية المتمثلة في تدمير أعداء أميركا". وأضاف أن "مهمة القوات المسلحة الأميركية ليست تنظيم عروض دراغ (لرجال يرتدون ملابس نسائية) ولا نشر الديموقراطية بقوة السلاح". وانتقد بذلك الإدارات السابقة الجمهورية والديموقراطية خلال الاعوام العشرين الماضية، لا سيما بسبب التدخلات العسكرية في أفغانستان والعراق. وأكد الرئيس الجمهوري واضعا قبعة حمراء تحمل شعاره "لنجعل أميركا عظيمة مجددا"، أن "مهمة القوات المسلحة هي القضاء على أي تهديد لأميركا، في أي مكان، وفي أي وقت". وقال: "حررنا قواتنا من تعاليم سياسية مهينة ومثيرة للانقسام". وأضاف: "لن تُفرض بعد الآن نظرية العرق النقدية أو مبدأ +التحول الجنسي للجميع+ على رجالنا ونسائنا الشجعان في الجيش، أو على أي شخص آخر في هذا البلد". ونظرية العرق النقدية هي تخصّص يدرس تأثير عدم المساواة على أساس العرق، على عمل المؤسسات الأميركية. وسمحت المحكمة العليا ذات الغالبية المحافظة لإدارة ترامب موقتا باستبعاد المتحولين جنسيا من الجيش، في انتظار قرار لاحق بشأن هذه القضية. وتحدث ترامب قبل ثلاثة أسابيع من العرض العسكري الذي أمر بإقامته للاحتفال بالذكرى الـ250 لتأسيس القوات المسلحة الأميركية في 14 حزيران/يونيو، والذي يصادف عيد ميلاده التاسع والسبعين.

المركزية
منذ 3 ساعات
- المركزية
المبعوث الأميركي إلى سوريا يلتقي الشرع بعد رفع العقوبات
أعلن المبعوث الأميركي إلى سوريا أنه التقى الرئيس السوري الانتقالي في اسطنبول السبت بعد رفع العقوبات الأميركية على دمشق. وقال السفير الأميركي في تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توماس باراك في بيان "التقيت اليوم الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني في اسطنبول لتنفيذ قرار الرئيس ترامب الجريء لفتح الطريق للسلام والازدهار في سوريا". وأضاف باراك "أكدت أن رفع العقوبات عن سوريا من شأنه أن يحافظ على هدفنا الأساسي - الهزيمة الدائمة لداعش - ويقدم للشعب السوري فرصة لمستقبل أفضل". وأشاد المبعوث الأميركي أيضا بالرئيس السوري "للخطوات الملموسة التي اتخذها لتنفيذ توصيات الرئيس ترامب في ما يتعلق بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب، والتدابير الرامية إلى مكافحة داعش، والعلاقات مع إسرائيل، والمخيمات ومراكز الاحتجاز في شمال شرق سوريا". من جهتها، قالت الرئاسة السورية في بيان إن الشرع التقى المبعوث الأميركي في حضور وزير خارجيته أسعد الشيباني. وقام الشرع، يوم السبت، بزيارة إلى اسطنبول التقى خلالها نظيره التركي رجب طيب إردوغان. ويوم الجمعة، أصدرت الولايات المتحدة رخصة عامة تُتيح تخفيفًا جزئيًا للعقوبات المفروضة على سوريا، وفقًا لما ورد على الموقع الإلكتروني لوزارة الخزانة الأميركية. دمشق:قرار أميركا برفع جزئي للعقوبات مقدمة لإعادة بناء الدولة وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن الأسبوع الماضي، خلال جولة له في الشرق الأوسط، عن عزمه إصدار قرار بإنهاء العقوبات المفروضة على الحكومة الانتقالية السورية، في تحوّل كبير في السياسة الأميركية، سبقه لقاء قصير جمع ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض. وأكدت وزارة الخزانة أن الرخصة لا تسمح بأي تعاملات تعود بالنفع على روسيا أو إيران أو كوريا الشمالية، وهي من أبرز داعمي النظام السابق. وتهدف هذه الخطوة إلى "إعادة بناء الاقتصاد السوري والقطاع المالي والبنية التحتية"، بما يتماشى مع المصالح السياسية للولايات المتحدة. وتشمل المعاملات المصرّح بها بموجب GL 25: الاستثمارات الجديدة في سوريا، تقديم خدمات مالية وخدمية، والتعاملات المرتبطة بالنفط أو المنتجات النفطية السورية. كما تُجيز الرخصة جميع التعاملات مع الحكومة السورية الجديدة، وكذلك مع بعض الأشخاص المحظورين الذين تم تحديدهم في ملحق خاص بالرخصة.

المركزية
منذ 3 ساعات
- المركزية
إدارة ترامب تعلق 100 وظيفة في مجلس الأمن القومي
قررت الإدارة الأميركية، يوم الجمعة، إعطاء أكثر من 100 مسؤول في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض إجازة إدارية في إطار إعادة هيكلة تحت قيادة مستشار الأمن القومي المؤقت ووزير الخارجية ماركو روبيو، وفق شبكة سي إن إن الإخبارية. ووفق الشبكة الأميركية، فقد أُرسلت رسالة إلكترونية من رئيس موظفي مجلس الأمن القومي، برايان ماكورماك، حوالي الساعة 4:20 مساءً، تُبلغ فيها الموظفين الذين سيتم فصلهم بأن لديهم 30 دقيقة لإخلاء مكاتبهم، وإذا لم يكونوا متواجدين في مقار عملهم، كما ورد في البريد الإلكتروني، يُمكنهم إرسال عنوان بريد إلكتروني وترتيب موعد لاستلام أغراضهم وتسليم أجهزتهم لاحقًا. وجاء في الرسالة: "ستعودوا إلى وكالتكم الأساسية"، مما يُشير إلى أن معظم المتأثرين كانوا مُكلفين من قِبل مجلس الأمن القومي من إدارات ووكالات أخرى. مع تزامن ذلك مع نهاية يوم الجمعة قبل عطلة نهاية أسبوع طويلة، وصفه المسؤول بأنه "غير مهني ومتهور للغاية"، على ما نقلت سي ان ان. وشملت قائمة الموقوفين عن العمل مسؤولين محترفين، بالإضافة إلى موظفين سياسيين تم تعيينهم خلال إدارة ترامب. وأفادت مصادر أن مكتب شؤون الموظفين الرئاسيين أعاد في الأسابيع الأخيرة استجواب الموظفين بالتزامن مع إعادة هيكلة المكتب. وقال أحد المصادر إن أحد الأسئلة المطروحة كان حول رأي المسؤولين في الحجم المناسب لمجلس الأمن القومي. ويضم مجلس الأمن القومي خبراء في السياسة الخارجية من مختلف أنحاء الحكومة الأميركية، وعادةً ما يكون هيئةً أساسيةً لتنسيق أجندة الرئيس في السياسة الخارجية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أُقيلمايك والتز - الذي كان يرأس مجلس الأمن القومي سابقًا - من منصبه في أول تعديل كبير في الكادر الإداري للإدارة الجديدة. وأعلن ترامب أنه سيرشح والتز لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وأن روبيو سيحل محله بالوكالة في مجلس الأمن القومي. كان وضع والتز متذبذبًا داخل الإدارة - بعد أن فقد معظم نفوذه في الجناح الغربي للبيت الأبيض - بعد أن أضاف، عن غير قصد، صحفيًا إلى دردشة جماعية على تطبيق مراسلة حول الضربات العسكرية شديدة الحساسية.