منذ 17 ساعات
جريدة «الوسط»: «المركزي» يبحث عن الأب الشرعي لـ3.5 مليار دينار
بعد سنوات من الانقسام السياسي، وتأخر اعتماد موازنة موحدة للبلاد، استفاق الليبيون على كارثة «الدينار المزيف» مع استمرار المضاربات في العملة، وسط ضغوط داخلية تعمّق الاختلالات المالية، فيما يشهد الأسبوع المقبل امتحاناً لصمود طرفي الصراع أمام الضغوط الخارجية لتغيير موقفهم من ملفي الهجرة والطاقة.
واستيقظ المواطن الليبي المنهك اقتصادياً على صدمة تزييف العملة المحلية بطباعة مليارات الدنانير دون غطاء شرعي، دون أن تقرر الجهات القضائية أي إجراءات تجاه الإعلان الفاضح الذي أورده مصرف ليبيا المركزي، في شهادة تعكس أسباب التضخم المحسوس الذي التهم مدخرات البسطاء ورواتبهم، وفسر أيضاً سبب ارتفاع أسعار العملة الأجنبية في السوق السوداء.
3.5 مليار دينار مزورة
وسارع رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة بمطالبة النائب العام بفتح تحقيق شامل، لمحاسبة كل المتورطين في جريمة تزييف مليارات الدنانير، بعد أن كشف مصرف ليبيا المركزي عن وجود أكثر من 3.5 مليار دينار ليبي جرى تزويرها من الإصدار الثاني الخاص بفئة الخمسين ديناراً.
وبنهاية الثامن من مايو الماضي، أنهى المصرف المركزي عملية سحب وإلغاء فئة «الخمسين ديناراً» من التداول، وبجميع إصداراتها، وبشكل نهائي، في خطوة قال إنها «تهدف إلى المحافظة على الاستقرار المالي والنقدي، وتعزيز قيمة الدينار الليبي». وانتهز الدبيبة الفرصة لشن هجوم على المهيمنين على السوق الموازية قائلاً: إن إقرار المصرف المركزي بوجود فارق زائد عن الكمية المطبوعة رسمياً في فئة الـ50 ديناراً التي سحبها مؤخراً يثبت صدق تحذيراته بشأن وجود عملات مزوَّرة أغرقت السوق الليبية لشراء العملة الصعبة.
وأكد المصرف في بيان أن هذه الكميات لم تُسجل في سجلات إدارة الإصدار في بنغازي، ولم تخضع لقانون المصارف، ما اعتبره «استيلاءً غير مشروع أضر بالاقتصاد الوطني، وأسهم في انخفاض قيمة الدينار الليبي، وارتفاع الطلب على العملات الأجنبية في السوق الموازية».
«أفريكوم» تتهم روسيا بإغراق ليبيا بالعملة المزورة
وفي مايو 2024، اتهمت مجلة منبر الدفاع الأفريقي الصادرة عن القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» روسيا بإغراق الأسواق الليبية بالعملة المزورة، في محاولة أخرى منها لزعزعة استقرار البلاد.
وقالت المجلة إن السلطات في شرق ليبيا أغرقت البلاد بنحو 12 مليار دينار طبعها الروس بين عامي 2015 و2020.
وحصد الليبيون نتائج السياسات النقدية العبثية للسلطات بتدهور القوة الشرائية، واشتعال أسعار العملة الأجنبية في السوق الموازية، التي شهدت ارتفاعاً متسارعاً في سعر صرف الدولار؛ حيث بلغ 7.89 دينار للدولار الواحد، وهو ما قدره خبراء بفارق تجاوز 21 بالمائة مقارنة بالسعر الرسمي.
تحذيرات دولية من مخاطر تواجه الاقتصاد الليبي
في الأثناء، تصاعدت تحذيرات المؤسسات الدولية المالية، ومنها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، من مخاطر تواجه الاقتصاد الليبي، وقال الصندوق: إن في مقدمتها عدم الاستقرار السياسي الذي قد يتطور إلى صراع فعلي يؤثر على إنتاج النفط وصادراته، وأوضح أن إقرار ميزانية موحدة للدولة الليبية يجب أن يكون أولوية قصوى.
ودعا رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي المجتمع الدولي إلى دعم ليبيا في مساعيها لإجراء إصلاحات هيكلية حقيقية، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وإطلاق مشاريع التنمية المستدامة.
المنفي: الشعب الليبي متمسك بالأمل
وفي كلمته خلال افتتاح المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية المنعقد بمدينة إشبيلية الإسبانية قال المنفي: إن «ليبيا تمر بمرحلة مفصلية من تاريخها»، لافتاً إلى «التحديات الكبيرة التي واجهتها البلاد في السنوات الأخيرة، من أزمات سياسية واقتصادية وأمنية، إلى كارثة عاصفة دانيال التي ضربت مدينة درنة وما حولها».
وشدد على أن «الشعب الليبي لا يزال متمسكاً بالأمل، وعازماً على بناء مستقبل مزدهر ومستقر»، مؤكداً أهمية دعم الاستقرار السياسي، وتعزيز الاستثمار في بلاده، وتوجيه التمويل نحو مشاريع مستدامة في التعليم، والرعاية الصحية، والطاقة المتجددة، وتنويع الاقتصاد الليبي.
بدء خطة إخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة
وبالتزامن مع تدهور الوضع الاقتصادي، لا يزال الوضع الأمني في العاصمة طرابلس هشاً؛ إذ أعلنت لجنة تابعة للمجلس الرئاسي بدء تنفيذ خطة شاملة لإخلاء العاصمة من المظاهر المسلحة وتعزيز سلطة الدولة، فيما بحثت البعثة الأممية وحكومة الوحدة الموقتة ترسيخ وقف إطلاق النار في المدينة، تزامناً مع اعتمادات مالية جديدة لوزارة الداخلية.
وتقرّر إنشاء قوة إسناد مديرية أمن طرابلس لدعم عمليات التأمين عند الحاجة، وتتكوّن من عناصر مختارة من أجهزة عسكرية وأمنية، تشمل المنطقة العسكرية الساحل الغربي: «لواء 52 مشاة ـ لواء 444 قتال ـ جهاز الردع ـ جهاز الأمن العام ـ جهاز دعم المديريات».
وفد أوروبي يزور ليبيا لبحث أزمة الهجرة
وعلى مستوى الخارج تتزايد الضغوط الخارجية على ليبيا في ملفي الطاقة والهجرة؛ حيث يخطط مفوض الاتحاد الأوروبي للهجرة ماغنوس برونر لزيارة ليبيا الأسبوع المقبل، إلى جانب ممثلين من حكومات اليونان وإيطاليا ومالطا، لبحث أزمة الهجرة غير القانونية، بعد تسجيل قفزة في أعداد المهاجرين الوافدين إلى اليونان.
وأوضح برونر أن الوفد الأوروبي سيجتمع مع ممثلين من الحكومة المكلفة من مجلس النواب في بنغازي وحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» في طرابلس.
ونشرت البحرية اليونانية فرقاطتين جنوب جزيرة كريت في المياه الدولية قبالة ليبيا، لمراقبة وتعقب قوارب الهجرة غير القانونية التي تنطلق من جنوب المتوسط صوب أوروبا.
مشاورات السيسي وحفتر
وفرضت التدخلات الخارجية في ليبيا، وخريطة الطريق، والانتخابات العامة المُعطّلة نفسها على لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني. اللقاء جرى الإثنين في مدينة العلمين الجديدة بحضور رئيس جهاز المخابرات العامة المصري اللواء حسن رشاد.
زيارة حفتر، التي رافقه فيها ابناه الفريق صدام رئيس أركان القوات البرية والفريق خالد رئيس أركان القوات الأمنية، جاءت في وقت تعاني فيه الأزمة الليبية حالة جمود.
-
-
من جهته أكد الرئيس المصري حرص بلاده على الحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة الليبية، مشدداً على أهمية تعزيز التنسيق بين الأطراف الليبية كافة لوضع خريطة طريق شاملة تفتح المجال لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن. المشاورات المصرية ـ الليبية تزامنت مع تفاقم أزمة مياه شرق البحر المتوسط الاقتصادية، على خلفية بيانات حكومتي طرابلس وبنغازي الرافضة للخطوة اليونانية بالتنقيب عن المواد الطاقوية وسط رفض تركي وتخندق أوروبي مع أثينا.
وأبدت ليبيا تمسّكها برفض إعلان اليونان التنقيب عن النفط جنوب جزيرة كريت، وجدّدت التشديد على حقوقها السيادية في مواردها بشرق المتوسط كونها ضمن الحدود الليبية.
اللافت أن الرئيس المصري استقبل في اليوم نفسه رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبدالفتاح البرهان ضمن لقاءات وتحركات تعمل على حفظ الأمن القومي المصري، وتحقيق الاستقرار بكل من السودان وليبيا، خصوصاً في المنطقة المعروفة باسم المثلث الحدودي.