أحدث الأخبار مع #منظمةالجيشالسري،


الشروق
١٥-٠٣-٢٠٢٥
- ترفيه
- الشروق
وعي مولود فرعون السياسي انتقل من الحوار مع الفرنسيين إلى إدانة النظام الاستعماري
يوم 15 مارس 1962، أي أربعة أيام قبل التوقيع على اتفاقيات 'إيفيان' التي طوت صفحة 132 سنة من الاستعمار، اغتالت منظمة الجيش السري الفرنسية الكاتب الجزائري مولود فرعون في ساحة مركز التدريس أين يعمل في الأبيار بالجزائر العاصمة. كانت رواية 'ابن الفقير' التي نشرها عام 1950، وهي سيرة ذاتية، أول عمل روائي للكاتب، وحازت الرواية على 'الجائزة الأدبية لمدينة الجزائر'، ليصبح بذلك مولود فرعون أول كاتب جزائري ينال هذه الجائزة. وفي عام 1954 بعد إعادة طبعها، أصبحت الرواية المغاربية الأكثر قراءة آنذاك. إلى جانب أعماله الروائية، مثل الأرض والدم عام 1953، والدروب الوعرة عام 1957، كتب فرعون مذكراته التي بدأ تدوينها في 1 نوفمبر 1955 واستمر فيها حتى عام 1962، والتي عكست تطور وعيه تجاه القضية الوطنية. في هذا الحوار مع 'الشروق/الشروق أونلاين'، تسلط الباحثة الأكاديمية صفاء أولاد هدار الضوء على دور أدب مولود فرعون في مناهضة الاستعمار الفرنسي. الباحثة، وهي أستاذة بقسم اللغة الفرنسية في جامعة البليدة '2'، قدمت كتاب 'مولود فرعون: 'القتلة'.. ونصوص أخرى'* الصادر عام 2020 عن دار النشر 'الكلمة'، وهو مجموعة نصوص غير منشورة سابقا للكاتب مولود فرعون، تضم قصة قصيرة بعنوان 'القتلة'، والتي يروي فيها اغتيال مدير مدرسة في الجزائر العاصمة على يد أعوان منظمة الجيش السري، بنفس الطريقة التي اغتيل بها هو نفسه بعد أسابيع قليلة من كتابتها. كما يضم الكتاب الصفحة الأخيرة من يومياته، التي لم تُنشر لأسباب غير معروفة في الطبعة التي أصدرتها ' دار النشر لو سوي ' عام 1962، وتحمل عنوان: 'À Alger c'est la terreur !!!'. الشروق/الشروق أونلاين: كيف جسّد مولود فرعون في أعماله الروائية واقع المجتمع الجزائري الخاضع للاستعمار، وهل يمكن اعتبار ذلك شكلا من أشكال المقاومة الأدبية للاستعمار؟ صفاء أولاد هدار: أكيد، بل هي المقاومة ذاتها. في رواياته الثلاثة وفي نصوص أخرى، حرص مولود فرعون على تجسيد واقع المجتمع الجزائري في القرى في منطقة القبائل وفي المدينة تحت ظروف الاستعمار المدمرة التي جعلت من الجزائري أنداك 'الفقير' في أرضه. كما حرص أيضا على تسليط الضوء على البنية الاجتماعية القوية للمجتمع القروي مبرزا مميزات التآزر والتضامن بين أفراد المجتمع رغم مرارة العيش التي فرضتها ظروف الاستعمار. إقرأ أيضا – 'ما أشد إعجابي': هكذا تحدث طه حسين عن أدب مولود معمري تمثلت المقاومة الأدبية في خمسينيات القرن الفارط، سواء عند مولود فرعون أو غيره من الكتاب الجزائريين باللغة الفرنسية كمحمد ديب أو كاتب ياسين على سبيل المثال، تمثلت في كتابة وتدوين الواقع الجزائري تحت وطأة الاستعمار بقلم الجزائري المستعمَر ليصل صوته إلى فرنسا المتروبولية أولا والعالم أجمع عن طريق النص الأدبي. لأن ما صوره وكتبه الفرنسيون في الأدب أو الصحافة أو غيرها في تلك الفترة لم يتعد الوصف السطحي في بعض الأحيان كما كان غالبا يساند صوت فرنسا 'المُحَضّرة' (Civilisatrice) ويتغاضى عن سياسات التجويع وجرائم الاستعمار. لا أظن أنه كان لأصدقاء فرعون الفرنسيين الكتاّب تأثير على نظرته للاستعمار، بل بالأحرى تأثير على مساره الأدبي، خصوصا إيمانويل روبليس الذي جمعته بالكاتب الجزائري صداقة منذ أيام دراسته بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة حاليا، حيث كان هذا الأخير يحث فرعون دائما على ضرورة الكتابة، وضرورة تجسيد واقعه، لأنه يرى أن ارتباط الجزائري ببيئته وأرضه هو من يعطي للبنية الأدبية قوة إسماع صوت كل الجزائريين المستَعمَرين للعالم في الجزائر المستعمَرة وخارجها. وفعلا قرر مولود فرعون إبراز أرضه وأهله وماضيه وحاضره في أعمال أدبية، حيث تمكنه الكلمات من تصحيح ما كُتب عن مجتمعه، وإظهار صور لا يمكن لغير ذويه رؤيتها أو تجسيدها. كما تجدر الاشارة إلى أن مولود فرعون ورغم أن النقد الأدبي في القرن العشرين صنف رواياته في إطار الكتابة الاثنوغرافية المحضة، كانت ولا زالت تعتبر مرجعا للباحثين والمهتمين بالأدب الجزائري في الفترة الاستعمارية. في الواقع، قرر مولود فرعون كتابة رواية 'ابن الفقير' بعد الريبورتاج الذي نشره ألبير كامو في Alger Républicain في سنة 1939 بعنوان Misère de la Kabylie حيث حز في نفسه ألا يرى الكاتب الفرنسي في منطقة القبائل غير شعب بائس، دون أن يرى تكوين المجتمع في هذه المنطقة والبنى الاجتماعية المسيرة له. رغم أن البؤس الذي كتب ألبير كامو عنه كان نتاج تواجد المستعمر طيلة قرن كامل دون ظهور بوادر الحضارة التي تغنت بها فرنسا المستعمِرة أنداك، والتي لا تزال تبرر بها ماضيها الاستعماري. أما بخصوص إبعاد الجزائريين من النصوص الأدبية الفرنسية فقد نوه مولود فرعون نفسه في رسالة إلى ألبير كامو عام 1951 بعد قراءته لرواية ' الطاعون ' بعدمِ اهتمام الكاتب بالشخصيات الجزائرية في الرواية. هل أثرت المكانة الإجتماعية التي بلغها فرعون الذي يصف نفسه بـ 'صاحب حظوة' (privilégié) بعد أن انتقل من عائلة فقيرة إلى مدرس وكاتب مكرس، في موقفه من الاستعمار في البداية؟ من خلال يومياته، التي نشرت بعد اغتياله، يظهر تطور وعي فرعون السياسي تجاه الاستعمار تدريجيا، إذ انتقل من محاولة الحوار مع الفرنسيين إلى إدانة النظام الإستعماري وقراره الاصطفاف مع ذويه من الجزائريين، وبالتالي كانت إدانة المستعْمِر واضحة لدى مولود فرعون بعد كتاباته الأولى منذ 'ابن الفقير' الذي نشر لأول مرة في 1950. وإن أبدى سياسة الحوار مع فرنسا كما يظهر في يومياته، فذلك من أجل الإجابة عن الادعاءات السياسة الاستعمارية 'للجزائر الفرنسية'، والذي كان موقف فرعون فيها واضحا في حواره بأنه على فرنسا معاملة الجزائريين بـ 'الند للند'، ولكن فرنسا اختارت خطاب 'المستعمِر المتفوق على المستعمَر'، كما يوضح ذلك في الصفحة 54 من يومياته. كما اعتبر فرعون الدراسة سلاحا للجزائريين ضد الاستعمار، لهذا كان متفانيا في مهنته كمدرس أو حتى كمدير ومفتش ببذل أقصى الجهود لنشر الوعي في القرى خاصة، حاثا على تسجيل أبناء قريته والقرى الأخرى بمقاعد الدراسة رغم التكاليف التي كانت تثقل كاهل الأهالي أنذاك. ولهذا فإن إحساس كاتب ابن الفقير بكونه (Priviligié) بعد ما أتم دراسته وأصبح مدرسا، يرجع لتحصيل العلم الذي ينير درب المرء ويفتح له أبواب مستقبل أفضل ويمكنه من إثبات ذاته وهويته. ولهذا كان دائم الحرص على توعية الأجيال الصاعدة بضرورة طلب العلم والالتحاق بالمدارس المتاحة. نعم، كان موقف الكتاب الجزائريين باللّغة الفرنسية واضحا ضد المستعمِر وإن ادُعي 'وقوفهم بين كرسسين' كما ذكرت، إذ يُعتبر الأدب الجزائري وليد الاستعمار نظرا لمحاربته له كأساس وجودي كما ساهم استعمال اللغة الفرنسية أولا في نشر هذه الأعمال الأدبية في دور نشر فرنسية لمقروئية أكبر، وثانيا في إيصال صوت المستعمَر نفسه بعدما تكلم عنه المستعْمِر من كتاب مستشرقين وعملاء عسكريين منذ القرن التاسع عشر، معتبرا إياه ملكية يحق له تجسيدها حسب أهوائه في الأدب وفي التاريخ. كما تجدر الإشارة، إلى أن طمس الهوية الجزائرية وثقافة الشعب الجزائري وتقاليده، كانت أول خطوات المشروع الاستعماري، كما يظهر جليا في كتابات الفرنسيين عن الجزائر في الفترة الاستعمارية، وعليه فإن الكتاب الجزائريين كان عليهم الرد على ذلك بالكتابة، وهذا مقاومة للاستعمار وتأكيدا لهويتهم الجزائرية بلغة المستعمِر نفسه. *Mouloud Feraoun: Les Tueurs et autres inédits, El Kalima Editions, 2020.


الشروق
١٨-٠٢-٢٠٢٥
- سياسة
- الشروق
أكاديميون فرنسيون يطالبون ماكرون بتكريم ضحايا منظمة الجيش السري
طالبت مجموعة من الأكاديميين والمؤرخين الفرنسيين، الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بتكريم ضحايا منظمة الجيش السري الفرنسية، والتي أسسها أصحاب أطروحة 'الجزائر الفرنسية' في 1961 ومارسوا عبرها عديد العمليات الإرهابية سواء في الجزائر وحتى فرنسا، ما أسقط آلاف الضحايا. في نص تحت عنوان ' يجب على الجمهورية أن تكرّم جميع ضحايا منظمة الجيش السري، في الجزائر وفرنسا '، نشر على صحيفة 'لوموند'، عاد مثقفون فرنسيون إلى تصريحات ماكرون في جانفي 2020 حين قال'إن القضايا المرتبطة بالذاكرة تقع في صميم حياة الأمم (…). حرب الجزائر هي ما يشكل الجمهورية الخامسة (…). لذلك، فهي أمرٌ يثقل الحياة المؤسسية والسياسية والعسكرية الفرنسية.' الموقعون، بينهم المؤرخين بنيامين ستورا و آلان روسيو ، والكاتبة والرياضية ميشيل أودان، وهي ابنة موريس أودان، ذكروا أنه لم يسبق لأي رئيس دولة قبل ماكرون أن منح هذا القدر من الأهمية لـ'الذاكرات المجروحة لحرب الجزائر'، حيث قام بـ19 فعلًا ذاكراتيًا، من بينها سبعة تصريحات رسمية. لكنهم نبهوا إلى صمت ماكرون 'بشأن ما يقارب 3000 ضحية سقطوا جراء عمليات منظمة الجيش السري في عامي 1961-1962، سواء في الجزائر (2551 ضحية) أو في فرنسا (71 ضحية).' وهو صمت يثير التساؤلات، يضيف موقعو النص 'لا سيما أن بين هؤلاء الضحايا 77 عسكريًا ودركيًا، من بينهم 15 ضابطًا مثل الجنرال فيليب جينيستيه، بالإضافة إلى 20 شرطيًا، من بينهم ستة مفوضين، فضلًا عن مدنيين، منتخبين، قضاة، وموظفين.' ليلفتوا أنه خصوصا وأن الأرشيف الفرنسي الذي أصبح متاحًا منذ المرسوم الصادر في 22 ديسمبر 2021 بمبادرة من إيمانويل ماكرون 'يثبت أن قتلة منظمة الجيش السري كانوا بعيدين عن أن يكونوا 'جيشًا من الوطنيين'، بل كانوا في الواقع أقرب إلى 'عصابة من المجرمين المأجورين'.' ويُعد اغتيال ستة معلمين من المراكز الاجتماعية التربوية في الجزائر في 15 مارس 1962 نموذجًا لهذا الإرهاب، يضيف موقعو النص، الذين دعوا ماكرون تكريم 'جميع ضحايا منظمة الجيش السري، وأن يعترف بهذه الصفحة من تاريخنا 'التي تثقل الحياة المؤسسية، السياسية والعسكرية الفرنسية'، كما كتب هو نفسه. فكل أمة تنسى ماضيها محكوم عليها بتكراره.' وارتكبت المنظمة السرية عديد الجرائم في سعيها لوقف تطور القضية الوطنية الجزائرية. فقام أعضاؤها بقتل المساجين في الزنزانات، وتنفيذ نحو 2293 تفجيرا بالعبوات البلاستيكية خلال الفترة الممتدة ما بين سبتمبر 1961 ومارس 1962. فصعدت المنظمة أعمالها الإرهابية بعد التوقيع على وقف إطلاق النار. فأطلقت عدة قذائف مدفعية على أحياء سكنية بالقصبة السفلى يوم 20 مارس 1962، كما فجرت سيارة ملغمة أمام ميناء الجزائر يوم 2 ماي 1962، ما خلف مئات الضحايا من العمال الجزائريين، إضافة إلى استهداف مختلف المؤسسات الموجودة في الجزائر آنذاك.