
وعي مولود فرعون السياسي انتقل من الحوار مع الفرنسيين إلى إدانة النظام الاستعماري
يوم 15 مارس 1962، أي أربعة أيام قبل التوقيع على اتفاقيات 'إيفيان' التي طوت صفحة 132 سنة من الاستعمار، اغتالت منظمة الجيش السري الفرنسية الكاتب الجزائري مولود فرعون في ساحة مركز التدريس أين يعمل في الأبيار بالجزائر العاصمة.
كانت رواية 'ابن الفقير' التي نشرها عام 1950، وهي سيرة ذاتية، أول عمل روائي للكاتب، وحازت الرواية على 'الجائزة الأدبية لمدينة الجزائر'، ليصبح بذلك مولود فرعون أول كاتب جزائري ينال هذه الجائزة. وفي عام 1954 بعد إعادة طبعها، أصبحت الرواية المغاربية الأكثر قراءة آنذاك.
إلى جانب أعماله الروائية، مثل الأرض والدم عام 1953، والدروب الوعرة عام 1957، كتب فرعون مذكراته التي بدأ تدوينها في 1 نوفمبر 1955 واستمر فيها حتى عام 1962، والتي عكست تطور وعيه تجاه القضية الوطنية.
في هذا الحوار مع 'الشروق/الشروق أونلاين'، تسلط الباحثة الأكاديمية صفاء أولاد هدار الضوء على دور أدب مولود فرعون في مناهضة الاستعمار الفرنسي.
الباحثة، وهي أستاذة بقسم اللغة الفرنسية في جامعة البليدة '2'، قدمت كتاب 'مولود فرعون: 'القتلة'.. ونصوص أخرى'* الصادر عام 2020 عن دار النشر 'الكلمة'، وهو مجموعة نصوص غير منشورة سابقا للكاتب مولود فرعون، تضم قصة قصيرة بعنوان 'القتلة'، والتي يروي فيها اغتيال مدير مدرسة في الجزائر العاصمة على يد أعوان منظمة الجيش السري، بنفس الطريقة التي اغتيل بها هو نفسه بعد أسابيع قليلة من كتابتها.
كما يضم الكتاب الصفحة الأخيرة من يومياته، التي لم تُنشر لأسباب غير معروفة في الطبعة التي أصدرتها ' دار النشر لو سوي ' عام 1962، وتحمل عنوان: 'À Alger c'est la terreur !!!'.
الشروق/الشروق أونلاين: كيف جسّد مولود فرعون في أعماله الروائية واقع المجتمع الجزائري الخاضع للاستعمار، وهل يمكن اعتبار ذلك شكلا من أشكال المقاومة الأدبية للاستعمار؟
صفاء أولاد هدار: أكيد، بل هي المقاومة ذاتها. في رواياته الثلاثة وفي نصوص أخرى، حرص مولود فرعون على تجسيد واقع المجتمع الجزائري في القرى في منطقة القبائل وفي المدينة تحت ظروف الاستعمار المدمرة التي جعلت من الجزائري أنداك 'الفقير' في أرضه. كما حرص أيضا على تسليط الضوء على البنية الاجتماعية القوية للمجتمع القروي مبرزا مميزات التآزر والتضامن بين أفراد المجتمع رغم مرارة العيش التي فرضتها ظروف الاستعمار.
إقرأ أيضا – 'ما أشد إعجابي': هكذا تحدث طه حسين عن أدب مولود معمري
تمثلت المقاومة الأدبية في خمسينيات القرن الفارط، سواء عند مولود فرعون أو غيره من الكتاب الجزائريين باللغة الفرنسية كمحمد ديب أو كاتب ياسين على سبيل المثال، تمثلت في كتابة وتدوين الواقع الجزائري تحت وطأة الاستعمار بقلم الجزائري المستعمَر ليصل صوته إلى فرنسا المتروبولية أولا والعالم أجمع عن طريق النص الأدبي. لأن ما صوره وكتبه الفرنسيون في الأدب أو الصحافة أو غيرها في تلك الفترة لم يتعد الوصف السطحي في بعض الأحيان كما كان غالبا يساند صوت فرنسا 'المُحَضّرة' (Civilisatrice) ويتغاضى عن سياسات التجويع وجرائم الاستعمار.
لا أظن أنه كان لأصدقاء فرعون الفرنسيين الكتاّب تأثير على نظرته للاستعمار، بل بالأحرى تأثير على مساره الأدبي، خصوصا إيمانويل روبليس الذي جمعته بالكاتب الجزائري صداقة منذ أيام دراسته بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة حاليا، حيث كان هذا الأخير يحث فرعون دائما على ضرورة الكتابة، وضرورة تجسيد واقعه، لأنه يرى أن ارتباط الجزائري ببيئته وأرضه هو من يعطي للبنية الأدبية قوة إسماع صوت كل الجزائريين المستَعمَرين للعالم في الجزائر المستعمَرة وخارجها. وفعلا قرر مولود فرعون إبراز أرضه وأهله وماضيه وحاضره في أعمال أدبية، حيث تمكنه الكلمات من تصحيح ما كُتب عن مجتمعه، وإظهار صور لا يمكن لغير ذويه رؤيتها أو تجسيدها.
كما تجدر الاشارة إلى أن مولود فرعون ورغم أن النقد الأدبي في القرن العشرين صنف رواياته في إطار الكتابة الاثنوغرافية المحضة، كانت ولا زالت تعتبر مرجعا للباحثين والمهتمين بالأدب الجزائري في الفترة الاستعمارية. في الواقع، قرر مولود فرعون كتابة رواية 'ابن الفقير' بعد الريبورتاج الذي نشره ألبير كامو في Alger Républicain في سنة 1939 بعنوان Misère de la Kabylie حيث حز في نفسه ألا يرى الكاتب الفرنسي في منطقة القبائل غير شعب بائس، دون أن يرى تكوين المجتمع في هذه المنطقة والبنى الاجتماعية المسيرة له. رغم أن البؤس الذي كتب ألبير كامو عنه كان نتاج تواجد المستعمر طيلة قرن كامل دون ظهور بوادر الحضارة التي تغنت بها فرنسا المستعمِرة أنداك، والتي لا تزال تبرر بها ماضيها الاستعماري.
أما بخصوص إبعاد الجزائريين من النصوص الأدبية الفرنسية فقد نوه مولود فرعون نفسه في رسالة إلى ألبير كامو عام 1951 بعد قراءته لرواية ' الطاعون ' بعدمِ اهتمام الكاتب بالشخصيات الجزائرية في الرواية.
هل أثرت المكانة الإجتماعية التي بلغها فرعون الذي يصف نفسه بـ 'صاحب حظوة' (privilégié) بعد أن انتقل من عائلة فقيرة إلى مدرس وكاتب مكرس، في موقفه من الاستعمار في البداية؟
من خلال يومياته، التي نشرت بعد اغتياله، يظهر تطور وعي فرعون السياسي تجاه الاستعمار تدريجيا، إذ انتقل من محاولة الحوار مع الفرنسيين إلى إدانة النظام الإستعماري وقراره الاصطفاف مع ذويه من الجزائريين، وبالتالي كانت إدانة المستعْمِر واضحة لدى مولود فرعون بعد كتاباته الأولى منذ 'ابن الفقير' الذي نشر لأول مرة في 1950. وإن أبدى سياسة الحوار مع فرنسا كما يظهر في يومياته، فذلك من أجل الإجابة عن الادعاءات السياسة الاستعمارية 'للجزائر الفرنسية'، والذي كان موقف فرعون فيها واضحا في حواره بأنه على فرنسا معاملة الجزائريين بـ 'الند للند'، ولكن فرنسا اختارت خطاب 'المستعمِر المتفوق على المستعمَر'، كما يوضح ذلك في الصفحة 54 من يومياته.
كما اعتبر فرعون الدراسة سلاحا للجزائريين ضد الاستعمار، لهذا كان متفانيا في مهنته كمدرس أو حتى كمدير ومفتش ببذل أقصى الجهود لنشر الوعي في القرى خاصة، حاثا على تسجيل أبناء قريته والقرى الأخرى بمقاعد الدراسة رغم التكاليف التي كانت تثقل كاهل الأهالي أنذاك. ولهذا فإن إحساس كاتب ابن الفقير بكونه (Priviligié) بعد ما أتم دراسته وأصبح مدرسا، يرجع لتحصيل العلم الذي ينير درب المرء ويفتح له أبواب مستقبل أفضل ويمكنه من إثبات ذاته وهويته. ولهذا كان دائم الحرص على توعية الأجيال الصاعدة بضرورة طلب العلم والالتحاق بالمدارس المتاحة.
نعم، كان موقف الكتاب الجزائريين باللّغة الفرنسية واضحا ضد المستعمِر وإن ادُعي 'وقوفهم بين كرسسين' كما ذكرت، إذ يُعتبر الأدب الجزائري وليد الاستعمار نظرا لمحاربته له كأساس وجودي كما ساهم استعمال اللغة الفرنسية أولا في نشر هذه الأعمال الأدبية في دور نشر فرنسية لمقروئية أكبر، وثانيا في إيصال صوت المستعمَر نفسه بعدما تكلم عنه المستعْمِر من كتاب مستشرقين وعملاء عسكريين منذ القرن التاسع عشر، معتبرا إياه ملكية يحق له تجسيدها حسب أهوائه في الأدب وفي التاريخ. كما تجدر الإشارة، إلى أن طمس الهوية الجزائرية وثقافة الشعب الجزائري وتقاليده، كانت أول خطوات المشروع الاستعماري، كما يظهر جليا في كتابات الفرنسيين عن الجزائر في الفترة الاستعمارية، وعليه فإن الكتاب الجزائريين كان عليهم الرد على ذلك بالكتابة، وهذا مقاومة للاستعمار وتأكيدا لهويتهم الجزائرية بلغة المستعمِر نفسه.
*Mouloud Feraoun: Les Tueurs et autres inédits, El Kalima Editions, 2020.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الخبر
منذ 5 أيام
- الخبر
حوار مع فيراس الجهماني ابن لاجئ سوري ناشر اختص في الكتاب الأمازيغي
هو ناشر مزدوج الجنسية سوري جزائري مختص في الكتاب الأمازيغي افتك بفضلها ثمانية جوائز، هو فيراس الجهماني، ينحدر من مدينة " درعا" السورية التي تركها والده سنة 1973 هروبا من بطش عائلة حافظ الأسد بعد انقلابه على الرئيس نور الدين الأتاسي صديق الثورة الجزائرية، جزائر الاستقلال حفظت الجميل واحتضنت العائلة ومنحتها الأمن والآمان و اللجوء السياسي، مثلما فعلت سوريا الشام مع بعثات اللاجئين الجزائريين منذ الانتفاضات الشعبية لغاية حرب التحرير الوطني. كيف كانت بداياتك في عالم نشر الكتاب في الجزائر؟ الوالد ناشر ولاجئ سياسي في الجزائر منذ 1973 هربا من بطش نظام الأسد فيراس: أولا يجب التذكير بأنني من عائلة سورية من مدينة درعا بالتحديد واضطر الوالد محمد خير الجهماني اللجوء إلى الجزائر سنة 1973 إثر انقلاب حافظ الأسد على الرئيس السابق نور الدين الأتاسي المجاهد و صديق الثورة الجزائرية، و قام بزج رفاقه في السجن من حزب البعث و من بينهم الوالد اطال الله في عمره، وصلنا إلى الجزائر سنة 1974 ووجدنا حضنا دافئا أينما تنقلنا في مختلف المدن الجزائرية. الوالد قام بتأسيس دار النشر " دار الكتاب العربي" لكسب لقمة العيش و مع مرور الوقت تحول الكتاب و النشر بتأثير من الوالد إلى " بصمة جينية عائلية" من خلال امتهان غالبية أفراد العائلة لهذا النشاط فشقيقي الأكبر يشرف على" دار الكتاب العربي" و شقيقتي فتحت دار النشر " العطاء" و أنا اشرف على دارين للنشر في نفس الوقت هما " أطفالنا" المختصة في كتاب الطفل أسستها سنة 2006 ثم دار النشر " امتداد" سنة 2007. هل تفكرون في زيارة سوريا وخاصة الوالد بعد سقوط نظام الأسد؟ الإجابة: سكت هنيهة قبل أن يرد (من شدة التأثر) لقد اتفقنا مع الوالد رغم مرضه للقيام بزيارة لمدينة " درعا" و منزلنا العائلي الذي غادره منذ 53 سنة هاربا من بطش نظام الأسد، الأمر ليس سهلا عليه خاصة بعد وفاة الوالدة مؤخرا دون أن تتمكن من زيارة سوريا و تحقيق أمنيتها الأخيرة رفقة زوجها الذي لازمته لسنوات على آمل العودة. كيف كانت بداية النشاط في مجال نشر الكتاب الأمازيغي كناشر ذي أصول سورية؟ إجابة: الأمر عادي جدا بالنسبة لي، وجدت نفسي بصفة طبيعية وسط أهلي بحي القبة في الجزائر العاصمة و خاصة القادمين من منطقة القبائل و ترعرت وسطهم و تأثرت بتقاليدهم و عاداتهم و تزوجت بإحدى بناتهم و من هنا بدأت من خلال دار النشر " أطفالنا" في التفكير في سلسلة قصص بأربع لغات من بينها الأمازيغية و طبعت 100 قصة قصيرة و روايات و دراسات و أشعار و كانت أول رواية للكاتب حسان حلوان" أذرار ايوشان – الجبل يا ذئب". كللت التجربة بنجاح باهر واستنفدت كل الطبعات من السوق بالنظر لنقص الكتاب الأمازيغي في مجال أدب الطفل. كانت أول قصص الأطفال مع نادية كشير مناد بسلسلة " أحبكي يا يلغتي- حملاغكم اثوثلياث- اينو" بأربع لغات ثم كتاب حول الأعداد و قصص من التراث ثم مع راضية بوزيدي، بكميات لا تقل عن 3 ألاف نسخة للطبعة. إصدارات دار النشر " امتداد" حصدت 8 جوائز مخصصة للأدب الأمازيغي ما السر وراء الجوائز العديدة التي حصدتها دار النشر " امتداد" من خلال إصداراتها باللغة الأمازيغية؟ إجابة: السر في العمل الجاد و اقتناء الأعمال من طرف لجنة قراءة يشرف عليها المختص في اللغة الأمازيغية حميد بيلاك، بحيث تحصل الروئي جمال لاصب على جائزة آسيا جبار للأدب الأمازيغي سنة 2019، ثم محمد آكلي صالحي يرواية " ثيط ذيلاض- العين و الشحاذ" على نفس الجائزة 2022 و هي الرواية المترجمة للعربية بواسطة جلاوي أحمد. تلتها رواية زهرة عودية الفائزة بالجائزة الثانية لمحمد أكلي حدادو وجائزة أخرى للروائية ليزا سيريك. وفازت نفس الكاتبة مع طاهر ولد عمار بجائزة محمد ديب. افتكت دار النشر امتداد ثلاثة جوائز " ثيراقوا" بكندا من خلال أعمال حميد بيلاك وليزا سيريك و محمد آكلي صالحي سنة 2023. و من المنتظر حصد أعمال دار النشر لجوائز أخرى مثل جائزة " الرواية – أونقال" لقناة بربر- تي- في" للسنة الجارية. ماذا عن استراتيجية دار النشر بالنسبة للكتاب الرقمي و المنصات الرقمية؟ إجابة: نحن حاليا مشتركين في منصة رقمية بعنوان " أراب بوك" نضع فيها كل إصدارتنا البالغة 3 آلاف عنوان لدار النشر " أطفالنا" و 300 عنوان لدار النشر " امتداد" و عناوين أخرى لدار " الكتاب العربي و العطاء" و تتمتع بتطبيقة تسمح بشراء الكتب و تحميلها بأقل من 50 بالمائة من تكلفة الكتاب الورقي و كما اتفقنا مع بعض الكتاب على التنازل عن حقوقهم على غرار قاسمي عيسى لتحميل كتابه حول " توجة القرية الجميلة" مجانا، بالإضافة إلى مشروع مع المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية لطبع ثلاثة روايات بخط " البراي" لطبقة المكفوفين و تحميلها مجانيا. كما قامت دار النشر بترجمة و طبع روايات من الادب العالمي على غرار رواية " الأجنحة المنكسرة" لجبران خليل جبران" من طرف المترجم عاشوري يوسف و كتب أخرى. و بخصوص المتغيرات الأمازيغية تلقت لجنة القراءة مؤخرا نص بالمتغير الأمازيغي لكاتب من واحة " إيغلي" ببشار سيتم طبعه فور الانتهاء من دراسته.


الشروق
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- الشروق
آسيا ديب: 'محمد ديب كتب بالفرنسية.. ولغته الأم العربية'
أطلقت ابنة الأديب الجزائري، محمد ديب، (1920-2003)، آسيا ديب، مساء السبت، في الكلمة التي ألقتها بمناسبة الإعلان عن الفائزين في جائزة محمد ديب في طبعتها التاسعة، التي احتضنت فعالياتها قاعة المحاضرات بقصر الثقافة تلمسان 'رصاصة الرحمة' على بعض الأصوات الفكرية والأدبية التي عملت على ترسيخ فكرة أن اللغة الأم للأديب الجزائري محمد ديب هي 'الفرنسية'، حين قالت في معرض كلمتها 'إن محمد ديب كتب بالفرنسية، فيما تبقى اللغة العربية هي لغته الأم'، واضعة بذلك حدا للصراع الخفي ولجملة من التجاذبات الفكرية الذي وضعت المنجز الأدبي للأديب محمد ديب محل اختلاف وصل إلى حد ما إلى حالة خلاف، لعبت فيها بعض التصريحات خلال مناقشات فكرية في ندوات أدبية سابقة دورا في تمديد حالة هذا الصراع الخفي، أحادي الجانب. وتكون بذلك السيدة آسيا ديب، التي أعلنت أيضا، عن الفائز بجائزة 'محمد ديب أمل' المستحدثة مؤخرا في طبعتها الأولى، التي كان محورها وموضوعها الرئيس 'المدينة'، حيث تنافس عدد من المترشحين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 سنة وفق الشروط المنصوص عليها لقبول المرشحين لهذه الجائزة، على كتابة مجموعة من القصص تم تأطيرها في ورشات كتابة نظمت سلفا داخل مقر جمعية الدار الكبرى يتلمسان، قبل أن تسفر النتائج على فوز الكاتبة نسرين باسيد بالجائرة الأولى عن قصتها' أحمر القهوة'، أين أوضحت، آسيا ديب، أن موضوع الجائزة، يشكل أحد أهم الفضاءات التي اهتم بها الأديب محمد ديب في معظم كتابتها، لكون مدينة تلمسان، كانت تشكل مصدر إلهام في مؤلفاته. كلمة السيد آسيا ديب التي ألقتها أمام الحضور بالمناسية 'وأدت' الاختلاف الهواياتي الذي حاول البعض الاستثمار فيه، خاصة وأن محمد ديب نقل بكثير من الصدق منظوره للهوية الجزائرية الذي لم يخرج عن سياقات الموروث الشعبي من حكايات وقصص حاول بكثير من الإبداع والتميز إيصالها للمتلقي، خلال ثلاثية الدار الكبيرة، أين يصف الإرهاصات الأولى لاندلاع الثورة الجزائرية، وهو ما جسدته رواية الحريق الصادرة سنة 1954 التي تنبأ من خلالها باندلاع الثورة التحرير، وهو نفس الطرح الذي سبق وأن دعا إليه المترجم حكيم ميلود في أكثر من مناسبة عندما قال إنه 'حان الوقت لإعادة محمد ديب إلى بيته' من خلال ترجمة أعماله بطريقة تمكن المتلقي من الوقوف على شخصية هذا الأديب الذي عاش اليتم وهو لم يتجاوز بعد 10 سنوات من العمر، وكان شاهدا في مراحل تاريخية مهمة عن وحشية الاستعمار الفرنسي الذي تفنن في تجويع وتعذيب الجزائريين، وتمكن كما ذهب العديد من النقاد والمتابعين من 'إنقاذ' الإرث الثقافي الجزائري عبر كتابته. هذا ولم تخرج كلمة ضيفة شرف جائزة محمد ديب الكاتبة نجاة خدة، عن هذا السياق في كون أن محمد ديب كان هاجسه الأول هو 'الهوية الجزائرية ' وذلك ما ترسخ في سرديته الأدبية ومعظم كتاباته. وإن كان محمد ديب قد نقل هواجسه وأفكاره وآراءه عبر اللغة الفرنسية، فإنه بقي وفيا لأرض أجداده، وذلك ما نرصده في الكثير من قصائده الشعرية، إذ، يبقى هذا الكاتب من الآباء الأولين للأدب الجزائري. هذا، وقد عرفت احتفالية التتويج بحائزة محمد ديب الذي فاز فيها في فئة اللغة العربية عبد القادر برغوث عن روايته 'سيرة موتى لم يبكهم أحد' الصادرة عن دار النشر 'فهرنهايت 451″، وعادت فيها الجائزة فئة الرواية المكتوبة باللغة الأمازيغية، لطاهر ولد أعمر عن روايته Mordus الصادرة عن دار 'امتداد'. فيما كانت الجائزة في فئة الروايات المكتوبة باللغة الفرنسية، من أيمن ليهم عن روايته Taxis الصادرة عن منشورات 'البرزخ'، عرفت حضور السلطات المحلية.


حدث كم
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- حدث كم
'الحياة لها خيال أوسع منك' للوزيرة السابقة نجاة ڤالو بلقاسم.. في الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط
بهذا العنوان أصدرت الفاعلة السياسية و الوزيرة الإشتراكية السابقة نجاة ڤالو بلقاسم سيرتها الذاتية و ضمن الفعاليات الثقافية لمجلس الجالية المغربية بالخارج بالدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط ، قدمت بلقاسم مؤلفها الجديد الصادر في طبعته المغربية عن دار النشر ' ملتقى الطرق ' والذي يقع في 135 صفحة من الحجم المتوسط باللغة الفرنسية. في لقائها بالجمهور صبيحة يوم السبت 19 أبريل 2025 كشفت بلقاسم عن بعض محطات حياتها ، طفولتها الريفية و هجرتها مع الأسرة إلى فرنسا و صعوبات التأقلم و الإندماج و عوائق التواصل ، كما تطرقت أيضا إلى مسارها الدراسي و إنخراطها في العمل السياسي ، و كذا الصعوبات التي واجهتها ولاسيما الهجمات العنصرية من قبل قوى اليمين المتطرف بفرنسا . بلقاسم أبدت بوجهة نظرها بخصوص راهن الحياة الحزبية بفرنسا و التحالفات السياسية التي تشهدها و أنتقدت بعض مواقف قيادات الحزب الإشتراكي بخصوص تحفظاته على التحالف والتنسيق مع حزب فرنسا الأبية بقيادة زعيمه المخضرم جان ليك ميلانشو ، كما إنتقدت أيضا بعض مواقف هذا الأخير و بعض قيادات حزبه. وعن دواعي إصدار سيرتها الذاتية في طبعتها المغربية أوضحت بلقاسم في مقدمة الكتاب أن الفضل في ذلك يعود للناشر المرحوم عبدالقادر الرتناني ( صاحب دار النشر ملتقى الطرق) والذي إلتقى المؤلفة في أحد أيام سنة 2023 بطنجة و ' إستفزها' بسؤال مباشر :' لماذا إقتصر نشرك لسيرتك الذاتية على فرنسا حصريا رغم أنك مزدوجة الإنتماء الثقافي ( مغربية- فرنسية ) ؟ وقد حفزها هذا السؤال ' الإستفزازي ' على إصدار هذه الطبعة لجمهور بلدها الأصل ع.ح/ح