أحدث الأخبار مع #مهدىمصطفى


ساحة التحرير
٣٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
فيزياء ترامب السياسية!مهدى مصطفى
فيزياء ترامب السياسية! مهدى مصطفى شغف توحيد البشر تحت راية واحدة قديم، والرئيس الأمريكى دونالد ترامب يجد ضالته فى هذا الشغف. ينظر إلى الدنيا كأنها قبل اتفاقية ويستفاليا، إلى زمن لم تكن فيه الدولة الوطنية مرسومة بحدود، ولا السيادة مقيدة بخريطة، حيث القوة وحدها ترسم المساحات وترفع الرايات. تاريخ النظام الدولى مر بمنعطفات حادة، حاول نابليون بونابرت التهام أوروبا، اجتاح روسيا، حلم بإمبراطورية تلف العالم تحت ظله، تماما كما فعل الإسكندر من قبله. عاد الحلم مع هتلر، بقميص نازي ولغة فولاذية، فكانت أوروبا وقودا لحرب لا تنسى. هؤلاء الثلاثة ارتدوا ثياب القوة القاهرة، وفشلوا جميعا. قلدوا بعضهم، تشابهت الطرق وتكررت النهايات، من الإسكندر إلى القياصرة، من المغول إلى الفتوحات الإسلامية، من جنكيز خان إلى العثمانيين، ظل الحلم يتعثر كل مرة فى دماء البشر وحدود الجغرافيا. لم يكن المشروع الكونى سوى مرآة لعنف متكرر، يتخفى أحيانا فى ثوب الحضارة، ويطل أحيانا أخرى بعين الغزو والهيمنة. ترامب، القادم من رحم الميديا ورأس المال، لا يشبههم في المظهر، لكنه يتصل بهم فى الجوهر، لا يحمل سيفا، لكنه يطلق أفكاره كطلقات مدفع، يصدم النظام الدولى بتصريحات تحطم منطق الدبلوماسية، يجرده من رتابته. لا يخطو كمن يبحث عن توازن، بل كمن يعيد ترتيب قوانين الكتلة والسرعة والتصادم، يتحرك فى اتجاه ثم ينقلب فى اللحظة الحرجة، يربك خصومه، يفاجئ حلفاءه، يمارس السياسة كما يمارس الفيزيائى اختبار فرضياته فى معمل مضطرب. ترامب لا يفكر ضمن هندسة العقل السياسى التقليدى، وخطابه يأتى من مساحة فوضى محسوبة، تخلط الاقتصاد بالقوة، والحلم بالهيمنة، والهوية بالمصلحة، يفتح النار ثم يبتسم، يهدم البناء ثم يدعو إلى الشراكة، لا يراوغ، ويحرك الأشياء وفق قانون داخلى يشبه قوانين الطبيعة: ضغط ثم انفجار ثم إعادة تموضع. يرى فى الاقتصاد بوابة لإعادة تشكيل العالم، يمزج نظريات ماركس بنفعية آدم سميث، يخلط اليسار باليمين، ويعيد تعبئتهما في زجاجة واحدة، يطرح حلم الراية الواحدة من جديد، لا بالسلاح وحده، لكن بالتجارة، والعقوبات، بتحريك الدولار، كما لو كان جنديا فى ساحة الحرب. لا يخاطب العالم بوصفه كيانات، بل كمجالات طاقة، ويعامل الدول كمحاور دوران فى مدار السوق، يتحدث عن العظمة، وكأنها قانون حفظ الزخم، «حاصل ضرب الكتلة فى السرعة» حيث لا يمكن اكتساب القوة دون إزاحة خصم من الحلبة، كل خطوة له محسوبة في هندسة الهيمنة، حتى حين يبدو كأنه يرتجل أو يخطئ. ظاهرة ترامب تتجاوز شخصه، تعيد إنتاج فكرة السيطرة فى زمن التفكك، وتذكرنا بأن كل نظام يولد نقيضه. فى سلوكه نقرأ ملامح قياصرة وملوك وأباطرة، بوجه حديث، ولغة تواصل اجتماعى، وزمن رقمى. علينا ألا نخدع بسطحه الصاخب، فخلف صوته الغليظ حسابات دقيقة، يستخدم الفوضى لتثبيت المعادلة، ويحرك القوى، كما يتحكم المهندس بموصلات التيار، يحفظ قوانين اللعبة، لكنه يختبر حدودها. ترامب يقترب من حرب فيزيائية شاملة، تهز الثابت وتعيد ترتيب القوى. ربما لا يشبه من سبقوه، لكنه بالتأكيد يرث إرادتهم بطرق معاصرة. وقديما قالوا: من عرف الدرب وصل إلى الشجرة. ونحن كأمة قديمة مستمرة، محكوم علينا أن نفك الشفرة، ونعرف الدرب، ونصل إلى الشجرة، ونحميها من العواصف العاتية، ومن خيال الفيزياء. 2025-04-30


ساحة التحرير
٢٠-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
النظام الدولى.. محل خزف!مهدى مصطفى
النظام الدولى.. محل خزف! مهدى مصطفى النظام الدولى محل خزف، يقتحمه فيل جامح، تتصارع فيه القوى الكبرى، والتحالفات تتغير وتتمزق، والمبادئ تتلاشى تحت وطأة المصالح، لا ضابط يحكم العلاقات، ولا معيار يحدد الاتجاهات، تتفاقم الفوضى، والضعف ينهش النخب السياسية، بينما يعكس الخطاب الدولى عقمًا فى الخيال وقصورًا فى الرؤية. فى مؤتمر ميونخ الأخير، وجدت أوروبا نفسها فى عزلة، كأنها بيدق صغير على رقعة شطرنج، فالحليف الأمريكى ينصرف بعيدا، وتتفاوض روسيا وأمريكا حول أوكرانيا دون إشراكها، بينما تدور الحرب على حدودها، تتفرج كضيف غير مرغوب فيه، ترتفع الأصوات تطالب بجيش أوروبى موحد، كأنها تستدعى نابليون بونابرت من المتحف. هواجس الماضى تعود، بونابرت، بسمارك، هتلر، جميعهم سعوا إلى توحيد القارة، تتذكر أوروبا الحروب المحلية والعالمية التى أشعلتها فى الماضى، تؤرقها المسألة اليهودية التى شكّلت معضلتها، والتسويات التى جاءت على حساب العرب، لكن الديون التاريخية لا تسقط بالتقادم، والتحديات لا تحل بالذكريات. ترامب يظهر كقوة مباغتة لا تعترف بالأعراف، يتحرك كالفيل داخل محل الخزف، فيحطم توازن أوروبا، تسقط أيقوناتها السياسية، تتصدع ثوابتها، يدرك الجميع فجأة أن الزعيم الفرنسى شارل ديجول كان محقًا عندما دعا إلى جيش أوروبى واحد، وأن آباء الاتحاد الأوروبى لم يكونوا حالمين حين أسسوا قوة اقتصادية موحدة، والخوف من المستقبل يسيطر الآن على العواصم الأوروبية، فتتخذ القرارات وسط ارتباك عارم. فى واشنطن، يعيد ترامب تشكيل المؤسسات، يطيح بالسياسات القديمة، يعيد صياغة النظام الدولى وفق مقاييسه الخاصة، يفتح جبهات متعددة بلا تردد، يهدم التحالفات التقليدية، ويقول كريستوف هويسجن، رئيس مؤتمر ميونخ للأمن، ساخرًا: إن أمريكا فى عهد ترامب «تعيش على كوكب آخر»، إن ما يحدث ليس مجرد قطيعة دبلوماسية بين الحلفين، بل انقلاب على نظام عالمى ترسخ منذ الحرب العالمية الثانية. يعتقد البعض أن صدمة ترامب ستتلاشى مع الوقت، لكنه يثبت العكس يوما بعد آخر، يفرض قواعد جديدة، يكسر التوازنات القائمة، ويدفع العالم إلى فوضى غير محسوبة. تبدو الصين الوحيدة التى ترفض الرضوخ، لكنها تتحرك بحذر، وتتخذ قرارات مضادة، أما دول أخرى فتسارع إلى الاستجابة، بعضها يهرول نحو واشنطن، وبعضها يتوجس من التقلبات المفاجئة. القضية الفلسطينية تتلقى أخطر الضربات فى تاريخها الممتد لأكثر من قرن، فترامب يدعم إسرائيل بلا حدود، يسعى لتوسيعها، ويدفع نحو إفراغ غزة والضفة من سكانهما، لكنه يواجه رفضًا لم يتوقعه، من حلفائه قبل خصومه. ربما يظن ترامب أن العرب، بعد السابع من أكتوبر 2023، تحولوا إلى ورقة منسية، لكن التشابك الحضارى والثقافى والدينى للإقليم العربى يجعله عصيا على التصفية، فلسنا الهنود الحمر أو سكان أستراليا الأصليين! نتنياهو يبيع أوهامًا عن الإقليم العربى، وترامب يشتريها برضا، لكن الحقائق على الأرض لا تتغير ولا تمحى، فالقضية الفلسطينية تنهض تلقف أفاعى الأفكار المجنونة، فإذا كان نيقولا مكيافيلى ينصح الأمير السياسى بمحاكاة الجنون فى بعض الأحيان، فإننا لا نحاكيه فحسب، بل نستدعيه من مخزن التاريخ، وقد جرب الغرب فى حملات متتالية على العرب، وعاد من حيث أتى، لأن العرب ليسوا محل خزف مرة أخرى وليست أخيرة، بعد العدوان النازي على غزة اليوم.. الحمد لله على نعمة الموقف والبصيرة. نشرتُ هذا يوم 25 يوليو الماضي، منطلقًا من قناعة راسخة بأن تحرير فلسطين مسؤولية الفلسطينيين وحدهم، بوصفهم وطنيين، دون الاعتماد على قوى إقليمية كإيران أو تركيا، أو حتى على العرب. المشروع الصهيوني هشّ، ويمكن طمسه وإخراجه من التاريخ. واليوم، بعد أن وقفت فرنسا بقوة كراعٍ عتيق للبنان، ونجحت في فرض مبادرة لوقف الحرب بين إسرائيل ولبنان، وفصلها عن ساحة غزة، سيجد الفلسطينيون أنفسهم وحدهم في مواجهة المشروع النازي الصهيوني. خاصة أن ثلاث دول عربية—السعودية، وقطر، والإمارات—وقّعت على المبادرة الفرنسية-الأمريكية، ما منحها غطاءً شرعيًا، وأضفى شرعية على تجاهل ما يجري في غزة، مما يساعد نتنياهو في إنجاح مخططه التوسعي. ولا يمكن إغفال موقف إيران، التي تخلّت عن أذرعها من أجل تقاربها مع الغرب وسعيها للحصول على اعتراف دولي بإيران نووية. لقد استمعتُ بدقة إلى تصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، حيث ألقى بالكرة في ملعب الدول العربية والإسلامية، متملصًا من أي دور إيراني في اندلاع الحرب، ومبتعدًا عن الحليف الروسي، ومتخليًا عن جماعاته الموالية. المتمعن في الصورة الكلية يدرك بعمق: عمار يا مصر. فهي وحدها التي تحمل على عاتقها قضية فلسطين—شعبًا ودولة—بلا مآرب أو حسابات، ولم تُستخدم هذه القضية العادلة يومًا لأغراض سياسية أو غيرها. حان الوقت لرفع كل القوى المجاورة للعرب أيديها عن فلسطين. كما آن الأوان للفلسطينيين أن يوحّدوا صفوفهم، ويضعوا العصا في دولاب المشروع الإسرائيلي عبر تشكيل قيادة موحدة صغيرة، بعيدًا عن التبعية لأي قوة خارجية. كل من يرتبط بأي قوة غير فلسطينية خائن، وأي فصيل يستغل الدين كغطاء خائنٌ للتراث والتاريخ والمستقبل. ثمة حلٌّ نهائي للمسألة الفلسطينية: 1. سحب الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل. 2. إلغاء اتفاق أوسلو كأنه لم يكن. 3. تفكيك السلطة الفلسطينية. 4. تشكيل قيادة موحدة تعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني. 5. إبقاء الصراع مفتوحًا بكل السبل حتى تحرير الأرض. 6. تأكيد أن الصراع هو بين مستعمر وشعب يسعى لتحرير وطنه، وليس صراعًا دينيًا. 7. التخلي الكامل عن أي رؤية تستند إلى الكتب المقدسة كمبرر للصراع. 8. الوحدة الكاملة في الموقف الفلسطيني، سواء في الحرب أو السلام. 9. عدم الاعتماد على أي قوة عربية أو غير عربية، والابتعاد عن أي اتفاقات دينية كـ'الإبراهيمية'. 10. الامتناع عن الوقوع في فخ الدول الإقليمية مثل إيران أو تركيا. 11. التوجه إلى شعوب العالم لكشف الخرافات والعقائد التي تقوم عليها الجماعة الإسرائيلية، وفضح المشروع الاستعماري الإسرائيلي بوصفه امتدادًا للاستعمار القديم. 12. إعادة النظر في فكرة 'الدولة الموحدة لكل سكانها'، كآلية لتفكيك المستوطنة الاستعمارية دون حرب. 13. تنحّي جميع القيادات الفلسطينية القديمة عن المشهد، وإفساح المجال لجيل فلسطيني جديد غير فصائلي. إذا أقدم الفلسطينيون على تنفيذ بعض أو كل هذه الخطوات، فسيُعاد تشكيل وجه الشرق الأوسط بالكامل. بعد ثمانية عقود من الاحتلال الإجرامي، وبعد خطاب نتنياهو في الكونجرس، لم يعد أمام الفلسطينيين سوى الخروج من الصندوق الضيق، والانطلاق بجرأة في مسارات جديدة، بخيال خلاق، وإبداع يغير قواعد النظام الدولي 2025-03-20 The post النظام الدولى.. محل خزف!مهدى مصطفى first appeared on ساحة التحرير.


ساحة التحرير
١٧-٠٣-٢٠٢٥
- سياسة
- ساحة التحرير
رسالة إلى أوروبا فى الوقت الضائع!مهدى مصطفى
رسالة إلى أوروبا فى الوقت الضائع! مهدى مصطفى السيدة أوروبا.. أنتِ الآن تشعرين بانسحاقٍ لم تعهديه منذ قرون، تضيق عليكِ مساحة المناورة، لم تعودى غازيةً ولا مستعمرة، بل محاصرة، تتذوقين مرارة الخوف والانكسار، تحدّقين فى مستقبل يزداد قتامةً تحت وطأة دونالد ترامب، الرئيس الأمريكى المفاجئ. السيدة أوروبا.. بصماتكِ الوراثية محفورة فى قلب الأرض الفلسطينية، أنتِ المسئولة عن طرد اليهود من أراضيكِ إلى أراضينا، عن المذابح والمحارق التى طالتهم، عن صناعة عقدة الذنب التى حكمت سياساتك لعقود، وعن الثقافة التى زرعتها فى أطفالهم حتى كبروا بها، فكانت «المسألة اليهودية» كابوسًا، أردتِ التخلص منه بأى ثمن، ولو كان الثمن فلسطين. منذ أن وضع موشيه هس كتابه «روما والقدس» عام 1862، داعيًا إلى عودة اليهود إلى فلسطين، والأفكار الصهيونية تتسرّب إلى خطابك السياسي، متغذيةً على إرث العنصرية. لحق به مفكرون آخرون، مثل كارل ماركس وجان بول سارتر، وقبلهما موسى بن ميمون، الذى كان له أثر بالغ فى تشكيل العقلية اليهودية الفلسفية، وصولًا إلى تيودور هرتزل، الذى أرسى دعائم الصهيونية الحديثة، مستندًا إلى دعم القوى الكبرى، وعلى رأسها بريطانيا، التى قدمت للعالم وعد بلفور عام 1917، فى لحظة خيانة للتاريخ والجغرافيا معًا. لاحقًا، أبرمت إسرائيل صفقات سرية مع فرنسا، دعمت بها باريس طموحها النووي، ودفعت ألمانيا التعويضات عن فظائع النازية، فيما واصلت القوى الأوروبية، صراحةً أو ضمنًا، دعم المشروع الصهيونى على حساب شعب لم يكن له يد فى المسألة برمتها، ومع ذلك، وسط هذا الإجماع، كان لديكِ أصوات أوروبية شجاعة، مثل أيرلندا، التى رفضت أن تكون شريكةً فى جريمة تاريخية، بعد أن رأت فى مأساة فلسطين انعكاسًا لمأساتها الخاصة مع إنجلترا. ظهر دونالد ترامب، فوجدتِ نفسكِ محشورةً فى زاويةٍ خانقة، لا فكاك منها، رئيس أمريكى غريب عن النخبة السياسية، يفرض الضرائب، يرفع التعريفات الجمركية، يتوعد بتهشيم حلف الناتو، ويتملص من دور الحامى الذى اضطلعت به واشنطن منذ الحرب العالمية الثانية. من وجهة نظره، لم يعد هناك «حلف وارسو»، ولم يعد للمعسكر الشرقى وجود يبرر استمرار الدعم الأمريكى لأوروبا، ولا حاجة لاستمرار العولمة على النمط الغربي. إنها لحظة الحقيقة.. تجدين فيها نفسك مكشوفةً بلا حماية، ومع ذلك لا تزالين مترددةً فى الاعتراف بفعلتك الأصلية، الفعلة التى زرعت إسرائيل فى قلب الشرق الأوسط، على حساب شعب لم يكن فى أى يومٍ مسئولا عن اضطهاد اليهود فى أوروبا، بل كان ملجأً لهم فى فترات محنتهم الكبرى. عانى اليهود من عنصريتكِ، من خيالكِ الشعبى الذى شيطنهم، فصار اليهودى فى الأدب الأوروبى رمزًا للرعب والجشع، لم يكن مستغربًا، إذن، أن يُطارَدوا عبر العصور، أن يُحشروا فى معازل وأحياء فقيرة، أن يُعاملوا كمواطنين من الدرجة الثانية. حين قررتِ التخلص من إرثكِ القاتل، وجدتِ ضالتكِ فى فلسطين، أرضٌ لا تملكينها، فوهبتِها لمن لا يستحقها. فى البداية، انتدبت بريطانيا نفسها وصيةً على فلسطين بعد سقوط الخلافة العثمانية، ثم أطلقت وعد بلفور، وأوكلت إلى مؤرخيها ومثقفيها تزوير الرواية، بربط الأرض بالسماء، وصناعة «أرض الميعاد»، وحفروا فى الكتب المقدسة ليستخرجوا ما يبرر جريمتهم، فى محاولة يائسة لإلباس الاستعمار ثوب العقيدة. والأسوأ، أنهم نجحوا فى جرّ بعض العرب إلى فخ الرواية نفسها، حتى تبناها بعضهم عن جهلٍ أو تبعية. ربَّ ضارةٍ نافعة، فأنتِ كما كنتِ يومًا مهدا للتنوير والحداثة، وقائدة للثورات الصناعية، وصاحبة الكشوف الجغرافية الهائلة، وبانية المستعمرات وراء البحار، صرتِ اليوم فى قبضة الحصار، تتلمّسين طريقًا بين الركام، على أعتاب تهشيمٍ رهيب. ومع ذلك، لا تزالين عنيدة، تتشبثين بمواقفكِ البالية، تتجاهلين حقائق التاريخ والجغرافيا، ويعاندكِ القدر الآن، فتعانين الانسحاق السياسي، وتبحثين عن مخرجٍ من سطوة أمريكا الجديدة. لا تزال هناك فرصة، وإن كانت ضئيلة، العرب وحدهم قادرون على أن يفتحوا لكِ ممرًا للنجاة، أن يمنحوكِ شريانًا تتنفسين منه بعيدًا عن الاختناق الأمريكي، شرط أن تعترفى بخطاياكِ، وأن تتخذى خطوةً جريئة: الاعتراف الجماعي، الصريح، غير الموارب، بدولة فلسطينية حقيقية 2025-03-17