#أحدث الأخبار مع #مهديحجاوي،إيطاليا تلغراف١٠-٠٢-٢٠٢٥إيطاليا تلغرافمهدي حجاوي: بين وهم الأسرار وحقيقة الهروبإيطاليا تلغراف عبد القادر الفرساوي في دروب الظلال التي تسير فيها أجهزة الاستخبارات، هناك من يختار أن يكون جنديا مخلصا لوطنه، وهناك من يقرر أن يبيع أسراره في سوق الخيانة. وبين هذا وذاك، يظهر أشخاص كـ مهدي حجاوي، الرجل الذي لم يعد له مأوى سوى الأكاذيب، ولم يبقَ له رفيق سوى الهروب. أحس أنه كان يوما ما 'الرجل الثاني' في المديرية العامة للدراسات و المستندات (DGED)، لكنه الآن مجرد طريد، يفرّ من بلد إلى آخر، بحثا عن مأوى في عواصم لا ترحب إلا بمن يبيع نفسه بثمن بخس. بدأ رحلته في باريس، لكنه سرعان ما أقنع نفسه بأنه بطل في فيلم تجسس رديء، حيث العيون تتربص به في كل زاوية، والأنفاس الساخنة تلاحقه في الأزقة المعتمة. ربما ظن أن النوافذ تخفي خلفها عملاء سرّيين، وأن كل نادل في مقهى يرسل إشارات مشفرة إلى غرفة عمليات سرية. لكنه، في الحقيقة، لم يكن سوى رجلٍ يبحث عن دراما تُبرر هروبه، أو ربما تفرّج على أفلام هوليوودية أكثر مما ينبغي. ربما أحس بأن الهدوء الذي كان يحتمي به لم يعد سوى وهم. لم يكن الأمر مفاجئا، فقد تغيرت السياسة، وتجددت العلاقات بين الرباط وباريس، ولم يعد له مكان في هذه المعادلة. حينها، اختار طريق الهاربين، فركب أول سفينة نحو إسبانيا، معتقدا أن شواطئها ستكون أكثر أمانا أو أكثر سخاء. لكن النجاة ليست لمن يهرب، بل لمن يملك ما يقدّمه. وحين وصلت مطالبات المغرب بتسليمه، وجد نفسه بين خيارين: إما أن يعود، أو أن يتحول إلى بائع للوهم. الصحافة الإسبانية التي سارعت لنقل قصته لم تفوّت الفرصة لتقديمه على أنه 'الكنز الاستخباراتي'، الرجل الذي كان يدير كل الملفات، يعرف كل الأسرار، ويحرك السياسة كأنها قطع شطرنج. لكن، هل هذا ممكن؟ مهدي حجاوي ليس أكثر من ضابط كان يعمل في مجال محدد، مثل غيره من مئات الضباط الذين يملأون أجهزة الاستخبارات في العالم. لا يوجد جهاز أمني يمنح شخصا واحدا مفاتيح كل الملفات، ولا يسمح لضابط بأن يكون العارف بكل شيء، لأن الاستخبارات ليست فردا، بل منظومة معقدة، تتوزع فيها الأدوار بعناية دقيقة. فكيف لرجل مثل مهدي أن يكون مستودع أسرار الدولة كلها؟ كيف له أن يدّعي أنه كان يخطط لكل العمليات ويدير خيوط اللعبة وحده؟ ببساطة، لأنه الآن مضطر ليختلق بطولة زائفة تبرر وجوده في المنفى. عندما وجد نفسه مطاردا بالقانون، لم يكن أمامه سوى البحث عن مأوى جديد، لكن المخابئ ليست مجانية، والحماية تحتاج إلى ثمن. في عالم الاستخبارات، لا أحد يمنحك الأمان دون مقابل، ومن يهرب يعرف أنه بحاجة إلى ما يقدمه ليُبقي نفسه في اللعبة. بدأت الصحافة الإسبانية تتحدث عنه كأنه يحمل كنوز المغرب الاستخباراتية: حديث عن تجنيد الصحفيين ، عن التأثير السياسي، عن عمليات في أوروبا، عن صفقات مخابراتية كبرى… لكن، إذا كانت كل هذه المعلومات صحيحة، لماذا لم يكشفها إلا بعد هروبه؟ لأنه ببساطة لا يملك شيئا و لا رأس مال لديه سوى لسانه، ولسان الهارب دائما ما ينطق بالكذب أكثر مما ينطق بالحق. إسبانيا، التي تحاول الحفاظ على توازن حساس في علاقاتها مع المغرب، لم تجد في قصته أكثر من أداة ضغط استخباراتية وإعلامية مؤقتة. فهناك دائما من يبحث عن قصة تثير الجدل، خاصة حين يكون المغرب طرفا فيها. لكن الزمن كفيل بكشف الحقيقة، ففي عالم السياسة والاستخبارات، لا مكان لمن يتحدث بعد خروجه من اللعبة، ولا وزن لمن يبحث عن أمانه في صفحات الصحف بدل أن يصنعه بنفسه. مهدي، مثل غيره من الضباط السابقين في أجهزة العالم أجمع الذين اختاروا طريق الهروب بدل المواجهة، قد يجد اليوم من يستمع إليه، لكنه سيكتشف عاجلًا أم آجلًا أن الكلام وحده لا يصنع مستقبلا، وأن الأدوار العابرة سرعان ما تنتهي حين تفقد بريقها. إيطاليا تلغراف
إيطاليا تلغراف١٠-٠٢-٢٠٢٥إيطاليا تلغرافمهدي حجاوي: بين وهم الأسرار وحقيقة الهروبإيطاليا تلغراف عبد القادر الفرساوي في دروب الظلال التي تسير فيها أجهزة الاستخبارات، هناك من يختار أن يكون جنديا مخلصا لوطنه، وهناك من يقرر أن يبيع أسراره في سوق الخيانة. وبين هذا وذاك، يظهر أشخاص كـ مهدي حجاوي، الرجل الذي لم يعد له مأوى سوى الأكاذيب، ولم يبقَ له رفيق سوى الهروب. أحس أنه كان يوما ما 'الرجل الثاني' في المديرية العامة للدراسات و المستندات (DGED)، لكنه الآن مجرد طريد، يفرّ من بلد إلى آخر، بحثا عن مأوى في عواصم لا ترحب إلا بمن يبيع نفسه بثمن بخس. بدأ رحلته في باريس، لكنه سرعان ما أقنع نفسه بأنه بطل في فيلم تجسس رديء، حيث العيون تتربص به في كل زاوية، والأنفاس الساخنة تلاحقه في الأزقة المعتمة. ربما ظن أن النوافذ تخفي خلفها عملاء سرّيين، وأن كل نادل في مقهى يرسل إشارات مشفرة إلى غرفة عمليات سرية. لكنه، في الحقيقة، لم يكن سوى رجلٍ يبحث عن دراما تُبرر هروبه، أو ربما تفرّج على أفلام هوليوودية أكثر مما ينبغي. ربما أحس بأن الهدوء الذي كان يحتمي به لم يعد سوى وهم. لم يكن الأمر مفاجئا، فقد تغيرت السياسة، وتجددت العلاقات بين الرباط وباريس، ولم يعد له مكان في هذه المعادلة. حينها، اختار طريق الهاربين، فركب أول سفينة نحو إسبانيا، معتقدا أن شواطئها ستكون أكثر أمانا أو أكثر سخاء. لكن النجاة ليست لمن يهرب، بل لمن يملك ما يقدّمه. وحين وصلت مطالبات المغرب بتسليمه، وجد نفسه بين خيارين: إما أن يعود، أو أن يتحول إلى بائع للوهم. الصحافة الإسبانية التي سارعت لنقل قصته لم تفوّت الفرصة لتقديمه على أنه 'الكنز الاستخباراتي'، الرجل الذي كان يدير كل الملفات، يعرف كل الأسرار، ويحرك السياسة كأنها قطع شطرنج. لكن، هل هذا ممكن؟ مهدي حجاوي ليس أكثر من ضابط كان يعمل في مجال محدد، مثل غيره من مئات الضباط الذين يملأون أجهزة الاستخبارات في العالم. لا يوجد جهاز أمني يمنح شخصا واحدا مفاتيح كل الملفات، ولا يسمح لضابط بأن يكون العارف بكل شيء، لأن الاستخبارات ليست فردا، بل منظومة معقدة، تتوزع فيها الأدوار بعناية دقيقة. فكيف لرجل مثل مهدي أن يكون مستودع أسرار الدولة كلها؟ كيف له أن يدّعي أنه كان يخطط لكل العمليات ويدير خيوط اللعبة وحده؟ ببساطة، لأنه الآن مضطر ليختلق بطولة زائفة تبرر وجوده في المنفى. عندما وجد نفسه مطاردا بالقانون، لم يكن أمامه سوى البحث عن مأوى جديد، لكن المخابئ ليست مجانية، والحماية تحتاج إلى ثمن. في عالم الاستخبارات، لا أحد يمنحك الأمان دون مقابل، ومن يهرب يعرف أنه بحاجة إلى ما يقدمه ليُبقي نفسه في اللعبة. بدأت الصحافة الإسبانية تتحدث عنه كأنه يحمل كنوز المغرب الاستخباراتية: حديث عن تجنيد الصحفيين ، عن التأثير السياسي، عن عمليات في أوروبا، عن صفقات مخابراتية كبرى… لكن، إذا كانت كل هذه المعلومات صحيحة، لماذا لم يكشفها إلا بعد هروبه؟ لأنه ببساطة لا يملك شيئا و لا رأس مال لديه سوى لسانه، ولسان الهارب دائما ما ينطق بالكذب أكثر مما ينطق بالحق. إسبانيا، التي تحاول الحفاظ على توازن حساس في علاقاتها مع المغرب، لم تجد في قصته أكثر من أداة ضغط استخباراتية وإعلامية مؤقتة. فهناك دائما من يبحث عن قصة تثير الجدل، خاصة حين يكون المغرب طرفا فيها. لكن الزمن كفيل بكشف الحقيقة، ففي عالم السياسة والاستخبارات، لا مكان لمن يتحدث بعد خروجه من اللعبة، ولا وزن لمن يبحث عن أمانه في صفحات الصحف بدل أن يصنعه بنفسه. مهدي، مثل غيره من الضباط السابقين في أجهزة العالم أجمع الذين اختاروا طريق الهروب بدل المواجهة، قد يجد اليوم من يستمع إليه، لكنه سيكتشف عاجلًا أم آجلًا أن الكلام وحده لا يصنع مستقبلا، وأن الأدوار العابرة سرعان ما تنتهي حين تفقد بريقها. إيطاليا تلغراف